الموضوع: بيعة الغدير
عرض مشاركة واحدة
قديم 31-08-2017, 05:18 PM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

الشيخ عباس محمد


الملف الشخصي









الشيخ عباس محمد غير متواجد حالياً


افتراضي بيعة الغدير

بيعة الغدير
يوم الإنذار
أول مناسبة صرح فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بخلافة الإمام علي ‏في أوان رسالته والإسلام بعد لم ينتشر، بل كان لا يزال في مهده ولم يخرج ‏من مكة المكرمة، لما نزلت الآية الكريمة: {وأنذر عشيرتك ‏الأقربين...} (1).‏
روى الإمام أحمد، في مسنده 1/111 و 159 و333.‏
والثعلبي في تفسيره عند آية الإنذار.‏
والعلامة الكنجي الشافعي، في " كفاية الطالب " أفرد لها الباب الحادي و ‏الخمسين.‏
والخطيب موفق بن أحمد الخوارزمي، في المناقب.‏
ومحمد بن جرير الطبري، في تفسيره عند آية الإنذار، وفي ‏
____________
1- سورة الشعراء، الآية: 214.‏

تاريخه 2/217 بطرق كثيرة.‏
وابن أبي الحديد، في شرح " نهج البلاغة ".‏
وابن الأثير، في تاريخه، الكامل 2/22.‏
والحافظ أبو نعيم، في " حلية الأولياء ".‏
والحميدي، في " الجمع بين الصحيحين ".‏
والبيهقي، في " السنن والدلائل ".‏
وأبو الفداء، في تاريخه 1/116.‏
والحلبي، في السيرة 1/381.‏
والإمام النسائي، في الخصائص، حديث رقم 65.‏
والحاكم في المستدرك 3/132.‏
والشيخ سليمان الحنفي، في الينابيع، أفرد لها الباب الحادي والثلاثين.‏
وغيرهم من كبار علمائكم ومحدثيكم ومفسريكم، رووا ـ مع اختلاف يسير ‏في العبارات ـ:‏
إنه لما نزلت الآية الشريفة: (وأنذر عشيرتك الأقربين) جمع رسول الله ‏‏(صلى الله عليه وآله) بني عبد المطلب، وكانوا أربعين رجلا، منهم من يأكل ‏الجذعة(1) ويشرب العس(2).، فصنع لهم مدا من طعام، فأكلوا حتى شبعوا، ‏وبقي كما هو!‏
ثم دعا بعس، فشربوا حتى رووا، وبقي كأنه لم يُشرب!‏
____________
1- الجَذَعة: الشاة الصغيرة السن ومن الابل من كان سنها أربع سنين إلى خمس.‏
وقيل سميت بذلك لأنها تجذع مقدم أسنانها أين تسقطه.‏
2- العَسّ: القدح الضخم يروي الثلاثة والأربعة.‏

ثم خاطبهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) قائلا:‏
يا بني عبد المطلب! إن الله بعثني للخلق كافة وإليكم خاصة، وقد رأيتم ما ‏رأيتم، وأنا أدعوكم إلى كلمتين خفيفتين على اللسان وثقيلتين في الميزان، ‏تملكون بها العرب والعجم، وتنقاد لكم الأمم، وتدخلون بهما الجنة، وتنجون ‏بهما من النار، وهما شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله.‏
فمن منكم يجبني إلى هذا الأمر ويؤازرني على القيام به يكن أخي ووزيري ‏ووارثي وخليفتي من بعدي؟
وفي بعض الأخبار: يكون أخي وصاحبي في الجنة. وفي بعض الأخبار : ‏يكون خليفتي في أهلي.‏
فلم يجبه أحد إلا علي بن أبي طالب، وهو أصغر القوم.‏
فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): اجلس، وكرر النبي (صلى الله عليه ‏وآله) مقالته ثلاث مرات ولم يجبه أحد، إلا علي بن أبي طالب (ع).‏
وفي المرة الثالثة، أخذ بيده وقال للقوم: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، ‏فاسمعوا له وأطيعوا.‏
هذا الخبر الهام الذي اتفق على صحته علماء الفريقين من الشيعة والسنة.‏
تصريحات أخرى في خلافة علي (عليه السلام)‏
وهناك تصريحات أخرى من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في شأن ‏خلافة ‏

1ـ الإمام أحمد في " المسند " والمير السيد علي الهمداني الشافعي في كتابه ‏‏" مودة القربى " في آخر المودة الرابعة، عن النبي (صلى الله عليه وآله) ‏قال: يا علي! أنت تبرئ ذمتي، وأنت خليفتي على أمتي.‏
2ـ الإمام أحمد في " المسند " بطرق شتى، وابن المغازلي الشافعي في ‏المناقب، والثعلبي في تفسيره، عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال لعلي ‏‏(عليه السلام)‏: أنت أخي، ووصيي، وخليفتي، وقاضي ديني.‏
3ـ العلامة الراغب الأصبهاني، في كتابه محاضرات الأدباء 2/213 ط. ‏المطبعة الشرفية سنة 1326 هجرية، عن أنس بن مالك، عن النبي (صلى الله ‏عليه وآله) أنه قال: إن خليلي ووزيري وخليفتي وخير من أترك بعدي، ‏يقضي ديني، وينجز موعدي، علي بن أبي طالب.‏
4ـ المير السيد علي الهمداني الشافعي في كتابه " مودة القربى " في أوائل ‏المودة السادسة، روى عن عمر بن الخطاب، قال: إن رسول الله (صلى الله ‏عليه وآله) لما آخى بين أصحابه قال (صلى الله عليه وآله): هذا علي أخي ‏في الدنيا والآخرة، وخليفتي في أهلي، ووصيي في أمتي، ووارث علمي، ‏وقاضي ديني، ماله مني مالي منه، نفعه نفعي، وضره ضري، من أحبه فقد ‏أحبني، ومن أبغضه فقد أبغضني.‏

وفي رواية أخرى ـ في المودة السادسة ـ قال (صلى الله عليه وآله) ‏مشيرا لعلي (عليه السلام)‏: وهو خليفتي ووزيري.‏
5ـ العلامة محمد بن يوسف الكنجي الشافعي، في كتابه " كفاية الطالب " في ‏الباب الرابع والأربعين، روى بسنده عن ابن عباس، قال:‏
ستكون فتنة، فمن أدركها منكم فعليه بخصلة من كتاب الله تعالى وعلي بن ‏أبي طالب (ع).‏
فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقول: هذا أول من آمن ‏بي، وأول من يصافحني، وهو فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل، ‏وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظلمة، وهو الصديق الأكبر، وهو ‏بابي الذي أوتي منه، وهو خليفتي من بعدي.‏
قال العلامة الكنجي: هكذا أخرجه محدث الشام في فضائل علي (عليه ‏السلام)‏، في الجزء التاسع والأربعين بعد الثلاثمائة من كتابه بطرق شتى.‏
6ـ أخرج البيهقي والخطيب الخوارزمي وابن المغازلي الشافعي في " ‏المناقب ":‏
عن النبي ‏(صلى الله عليه وآله)‏ أنه قال (صل? الله عليه ] وآله [ ‏وسلم) لعلي (عليه السلام)‏: إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي، وأنت ‏أولى بالمؤمنين من بعدي.‏
7ـ الإمام النسائي، وهو أحد أئمة الحديث وصاحب أحد ‏

الصحاح الستة عند اهل السنة اخرج في كتابه (الخصائص) في ضمن الحديث 23:‏
عن ابن عباس، أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي: أنت خليفتي في ‏كل مؤمن من بعدي.‏
فالنبي ‏(صلى الله عليه وآله)‏ يؤكد في هذا الحديث أن عليا (ع) ‏خليفته من بعده، أي مباشرة وبلا فصل، فلا اعتبار لإدعاء أي مدع خلافة ‏النبي ‏(صلى الله عليه وآله)‏ من الذين نازعوا عليا (ع) وغصبوا ‏منصبه ومقامه(1) لوجود حرف: " من " في الحديث، فهي إما أن تكون ‏بيانية أو ابتدائية، وعلى التقديرين يتعين علي (عليه السلام) بعد النبي (صل? ‏الله عليه ] وآله [ وسلم) بأنه خليفته بلا فصل.‏
8ـ المير السيد علي الهمداني: أخرج في كتابه " مودة القربى " في الحديث ‏الثاني من المودة السادسة، بسنده عن أنس، رفعه عن النبي ‏(صلى الله عليه وآله)‏ قال: إن الله اصطفاني على الأنبياء فاختارني واختار لي ‏وصيا، واخترت ابن عمي وصيي، يشد عضدي كما يشد عضد موسى بأخيه ‏هارون، وهو خليفتي، ووزيري، ولو كان بعدي نبيا لكان علي نبيا، ولكن لا ‏نبوة بعدي.‏
____________
1- يفيدنا هذا الحديث الشريف: أن النبي (صلى الله عليه وآله) جعل الرضا بخلافة ‏الإمام علي (عليه السلام) من بعده، من علائم الإيمان، والفرق بين الإسلام ‏والإيمان واضح لقوله تعالى: (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ‏ولما يدخل الإيمان في قلوبكم...) سورة الحجرات، الآية 14.‏

9ـ أخرج الطبري في كتابه " الولاية " خطبة الغدير، عن النبي (صل? الله ‏عليه ] وآله [ وسلم) يقول فيها: قد أمرني جبرئيل عن ربي أن أقوم في هذا ‏المشهد، واعلم كل أبيض وأسود: أن علي بن أبي طالب أخي، ووصيي، و ‏خليفتي، والإمام بعدي.‏
ثم قال: معاشر الناس! فإن الله قد نصبه لكم وليا وإماما وفرض طاعته على ‏كل أحد، ماض حكمه، جائز قوله، ملعون من خالفه، مرحوم من صدقه.‏
10ـ أخرج أبو المؤيد بن أحمد الخوارزمي في كتابه " فضائل أمير ‏المؤمنين ‏(عليه السلام) " الفضل 19، بإسناده عن النبي (صلى الله عليه ‏وآله) أنه قال: لما وصلت في المعراج إلى سدرة المنتهى، خاطبني الجليل ‏قائلا: يا محمد! أي خلقي وجدته أطوع لك؟
فقلت: يا رب، علي أطوع خلقك إلي.‏
قال عز وجل: صدقت يا محمد.‏
ثم قال: فهل اتخذت لنفسك خليفة يؤدي عنك، ويعلم عبادي من كتابي ما لا ‏يعلمون.‏
قال (صلى الله عليه وآله): قلت: يا رب اختر لي، فإن خيرتك خيرتي.‏
قال: اخترت لك عليا (ع)، فاتخذه لنفسك خليفة ووصية، ونحلته علمي ‏وحلمي، وهو أمير المؤمنين حقا، لم ينلها أحد قبله، وليست لأحد بعده (1).‏
____________
1- أقول: وقد وردت أخبار كثيرة في كتب العامة عن النبي (ع) يشير فيها إلى ‏فضائل <=

____________
=>
الإمام علي (عليه السلام)‏، ويصرح (صلى الله عليه وآله) بأنه: الإمام الوصي، ‏والولي، وأمير المؤمنين، وهذه الألقاب والصفات ما جاءت إلا بمعنى الخلافة، فغير ‏صحيح أن يؤخر الإمام والمأموم، أو يخلف النبي (صلى الله عليه وآله) غير وصيه...‏
وإليك بعض تلك الأخبار:‏
1ـ أخرج الشيخ سليمان الحنفي في كتابه: " ينابيع المودة " 1/156 في الباب ‏الرابع والأربعين: قال:‏
وفي المناقب: عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما: قال: قال رسول ‏الله (صلى الله عليه وآله): يا علي! أنت صاحب حوضي، وصاحب لوائي، وحبيب ‏قلبي، ووصيي ووارث علمي، وأنت مستودع مواريث الأنبياء من قبلي، وأنت أمين ‏الله في أرضه ، وحجة الله على بريته، وأنت ركن الايمان وعمود الاسلام، وأنت ‏مصباح الدجى، ومنار الهدى، والعلم المرفوع لأهل الدنيا.‏
يا علي! من اتبعك نجا، ومن تخلف عنك هلك، وأنت الطريق الواضح ، والصراط ‏المستقيم، وأنت قائد الغر المحجلين، ويعسوب المؤمنين، وأنت مولى من أنا مولاه، ‏وأنا مولى كل مؤمن ومؤمنة، لا يحبك إلا طاهر الولادة، وما عرجني ربي عز وجل ‏إلى السماء وكلمني ربي إلا قال: يا محمد اقرأ عليا مني السلام، وعرفه أنه إمام ‏أوليائي، ونور أهل طاعتي، وهنيئا لك هذه الكرامة.‏
2ـ وأخرج ابن المغازلي الشافعي في كتابه " المناقب " والديلمي في كتابه " ‏الفردوس " كما نقل عنهما الشيخ سليمان الحنفي في كتابه ينابيع المودة 1/11، ‏الباب الأول، عن سلمان، قال: سمعت حبيبي محمدا (صلى الله عليه وآله) يقول: ‏كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله عز وجل، يسبح الله ذلك النور ويقدسه قبل أن ‏يخلق الله آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق آدم أودع ذلك النور في صلبه، فلم ‏
<=

____________
=>
يزل أنا وعلي شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، ففيّ النبوة وفي ‏علي الامامة.‏
3ـ وأخرجه المير السيد علي الهمداني،ن في المودة الثامنة من كتابه " مودة ‏القربى " قال: عثمان) رفعه عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: خلقت أنا ‏وعلي من نور واحد ـ إلى أن قال (صلى الله عليه وآله): ـ ففي النبوة والرسالة، ‏وفيك الوصية والإمامة.‏
4ـ وأخرج أيضا عن علي (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يا ‏علي! خلقني الله وخلقك من نوره ـ إلى أن قال (صلى الله عليه وآله):ـ ففي النبوة ‏والرسالة، وفيك الوصية والإمامة.‏
5ـ وأخرج العلامة الكنجي الشافعي في كتابه: " كفاية الطالب " في الباب ‏السادس والخمسين، في تخصيص علي (عليه السلام) بكونه إمام الأولياء، روى ‏بسنده المتصل عن أنس بن مالك، قاال: بعثني النبي (صلى الله عليه وآله) إلى ‏أبي برزة الأسلمي، فقال (صلى الله عليه وآله) له ـ وأنا أسمع ـ: يا أبا برزة! إن الله ‏عهد إلي عهدا في علي بن أبي طالب.‏
فقال: إنه راية الهدى، منار الإيمان، وإمام أوليائي، ونور جميع من أطاعني.‏
يا أبا برزة! علي بن أبي طالب أميني غدا في القيامة، وصاحب رايتي في القيامة، ‏وأميني على مفاتيح خزائن رحمة ربي عز وجل.‏
قال العلامة الكنجي: هذا حديث حسن، أخرجه صاحب " حلية الأولياء " كما ‏أخرجناه.‏
6ـ وأخرج العلامة الكنجي، في الباب الرابع والخمسين، بسنده المتصل عن انس، ‏قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أنس! اسكب لي وضوء يغنيني.‏
فتوضأ ثم قام وصلى ركعتين، ثم قال: يا أنس! أول من يدخل عليك من هذا الباب ‏أمير المؤمنين، وسيد المرسلين، وقائد الغر المحجلين، وخاتم الوصيين.‏
<=
____________
حديث الولاية في غدير خم
لقد اعترف جمهور علماء المسلمين من الفريقين: بأن النبي (صلى الله عليه ‏وآله) في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة الحرام في العام العاشر من ‏الهجرة النبوية عند رجوعه من حجة الوداع إلى المدينة المنورة، نزل عند ‏غدير في أرض تسمى " خم " وأمر برجوع من تقدم عليه وانتظر وصول ‏من تخلف عنه، حتى اجتمع كل من كان معه (صلى الله عليه وآله) وكان ‏عددهم سبعين ألفا أو أكثر، ففي تفسير الثعلبي وتذكرة سبط ابن الجوزي ‏وغيرهما: كان عددهم يومئذ مائة وعشرين ألفا وكلهم حضروا عند غدير ‏خم.‏
فصعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) منبرا من أحداج الابل، وخطب فيهم ‏خطب عظيمة ، ذكرها أكثر علماء المسلمين والمحدثين من الفريقين في ‏مسانيدهم وكتبهم الجامعة، وذكر في شطر منها بعض الآيات القرآنية التي ‏نزلت في شأن أخيه علي بن أبي طالب (ع)، وبين فضله ومقامه على ‏الأمة، ثم قال:‏
معاشر الناس! ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى.‏
قال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه.‏

ثم رفع يده نحو السماء ودعا له ولمن ينصره ويتولاه فقال: اللهم وال من ‏والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله.‏
ثم أمر (صلى الله عليه وآله)، فنصبوا خيمة وأجلس عليا (ع) فيها وأمر ‏جميع من كان معه أن يحضروا عنده جماعات وأفرادا ليسلموا عليه بإمرة ‏المؤمنين ويبايعوه، وقال (صلى الله عليه وآله): لقد أمرني ربي بذلك، ‏وأمركم بالبيعة لعلي (عليه السلام)‏.‏
ولقد بايع في من بايع أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير، فأقام ثلاثة ‏أيام في ذلك المكان، حتى أتمت البيعة لعلي (عليه السلام)‏، حيث بايعه جميع ‏من كان مع النبي (صلى الله عليه وآله) في حجة الوداع، ثم ارتحل من خم ‏وتابع سفره إلى المدينة المنورة.‏

الفخر الرازي في تفسيره الكبير مفاتيح الغيب.‏

الثعلبي في تفسيره كشف البيان.‏
جلال الدين السيوطي / في تفسيره الدر المنثور.‏
الحافظ أبو نعيم في كتاب ما نزل من القرآن في علي (عليه السلام) ـ و حلية الأولياء ـ.‏
أبو الحسن الواحدي النيسابوري في تفسير غرائب القرآن.‏
الطبري في تفسيره الكبير.‏
نظام الدين النيسابوري في تفسيره غرائب القرآن.‏
" كلهم ذكروا الحديث في تفسير الآية الكريمة: {يا أيها الرسول بلغ ما ‏أنزل من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته}(1).‏
محمد بن اسماعيل البخاري في تاريخه ج1 / 375.‏
مسلم بن الحجاج في صحيحه ج2 / 325.‏
أبو داود السجستاني في سننه.‏
محمد بن عيسى الترمذي في سننه.‏
ابن كثير الدمشقي في تاريخه.‏
الإمام أحمد بن حنبل في مسنده ج4/281 و 371.‏
أبو حامد الغزالي في كتابه سر العالمين.‏
ابن عبد البر في الاستيعاب.‏
محمد بن طلحة في مطالب السؤل.‏
ابن المغازلي في " المناقب ".‏
ابن الصباغ المالكي في كتابه الفصول المهمة: ص 24.‏
البغوي في مصابيح السنة.‏
____________
1- سورة المائدة، الآية 67.‏

الخطيب الخوارزمي في المناقب.‏
ابن الأثير الشيباني في جامع الأصول.‏
الحافظ النسائي في الخصائص وفي سنته.‏
الحافظ الشيخ سليمان الحنفي القندوزي في ينابيع المودة.‏
ابن حجر في الصواعق المحرقة، بعدما ذكر الحديث في الباب الأول ص25 ‏ط الميمنية بمصر، قال ـ على تعصبه الشديد الذي اشتهر به ـ: إنه حديث ‏صحيح لا مرية فيه وقد أخرجه جماعة كالترمذي والنسائي وأحمد، وطرقه ‏كثيرة جدا.‏
الحافظ محمد بن يزيد المشهور بابن ماجة القزويني في سننه.‏
الحاكم النيسابوري في مستدركه.‏
الحافظ سليمان بن أحمد الطبراني في الأوسط.‏
ابن الأثير الجزري في كتابه أسد الغابة.‏
سبط ابن الجوزي في كتابه تذكرة خواص الأمة: 17.‏
ابن عبد ربه في العقد الفريد.‏
العلامة السمهودي في جواهر العقدين.‏
ابن تيمية في كتابه منهاج السنة.‏
ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب وفي فتح الباري.‏
جار الله الزمخشري في ربيع الأبرار.‏
أبو سعيد السجستاني في كتاب الدراية في حديث الولاية.‏
عبيد الله الحسكاني في كتاب دعاة الهدى إلى أداء حق المولى.‏

العلامة العبدري في كتاب الجمع بين الصحاح الستة.‏
الفخر الرازي في كتاب الأربعين، قال: أجمعت الأمة على هذا الحديث ‏الشريف.‏
العلامة المقبلي في كتاب الأحاديث المتواترة.‏
السيوطي في تاريخ الخلفاء.‏
المير علي الهمداني في كتاب مودة القربى.‏
أبو الفتح النطنزي في كتابه الخصائص العلوية.‏
خواجة بارسا البخاري في كتابه فصل الخطاب.‏
جمال الدين الشيرازي في كتابه الأربعين.‏
المناوي في فيض الغدير في شرح الجامع الصغير.‏
العلامة الكنجي في كتابه كفاية الطالب / الباب الأول.‏
العلامة النووي في كتابه تهذيب الأسماء واللغات.‏
شيخ الإسلام الحمويني في فرائد السمطين.‏
القاضي ابن روزبهان في كتاب إبطال الباطل.‏
شمس الدين الشربيني في السراج المنير.‏
أبو الفتح الشهرستاني الشافعي في الملل والنحل.‏
الحافظ الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد.‏
ابن عساكر في تاريخه الكبير.‏
ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة.‏
علاء الدين السمناني في العروة لأهل الخلوة.‏
ابن خلدون في مقدمته.‏
المتقي الهندي في كنز العمال.‏

شمس الدين الدمشقي في كتاب أسنى المطالب.‏
الشريف الجرجاني الحنفي في شرح المواقف.‏
الحافظ ابن عقدة في كتاب الولاية.‏

والحافظ ابن عقدة أيضا من أعلام القرن الثالث والرابع الهجري ألف كتابا ‏في الموضوع، أسماه " الولاية " جمع فيه مائة وخمس وعشرين طريقا نقلا ‏عن مائة وخمسة وعشرين صحابيا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه ‏وآله) مع تحقيقات وتعليقات قيمة.‏
والحافظ بن حداد الحسكاني من أعلام القرن الخامس الهجري ألف كتابا ‏أسماه: " الولاية " تطرق فيه إلى الحديث وإلى واقعة الغدير بالتفصيل.‏
وذكر كثير من محدثيكم الأعلام: أن عمر بن الخطاب كان يظهر أو يتظاهر ‏بالفرح ذلك اليوم فصافح عليا عليه السلام وقال: بخ بخ لك يا علي أصبحت ‏مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.‏

تأكيد جبرئيل (ع) بالبيعة لعلي عليه السلام
ذكر المير علي الهمداني (وهو فقيه شافعي من أعلام القرن الثامن الهجري) ‏في كتابه مودة القربى / المودة الخامسة / روى عن عمر بن الخطاب أنه ‏قال: نصب رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا فقال: من كنت مولاه فعلي ‏مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه واخذل من خذله وانصر من ‏نصره، اللهم أنت شهيدي عليهم.‏
قال عمر بن الخطاب: يا رسول الله! وكان في جنبي شاب حسن الوجه ‏طيب الريح، قال لي: يا عمر لقد عقد رسول الله عقدا لا يحله إلا منافق.‏
فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيدي فقال: يا عمر! إنه ليس من ولد ‏آدم، لكنه جبرئيل أراد أن يؤكد عليكم ما قلته في علي عليه السلام!!‏
ما معنى كلمة مولى؟
شبهة
،

معنى المولى كما ثبت في اللغة بمعنى ‏المحب والناصر والصديق الحميم، وحيث كان النبي (صلى الله عليه وآله) يعلم بأن ابن عمه عليا له أعداء كثيرون فأراد أن يوصي به الأمة فقال: من ‏كنت مولاه فهذا علي مولاه، أي من كان يحبني فليحبب عليا، ومن كان ‏ينصرني فلينصر عليا " كرم الله وجهه " وقد قام النبي (صلى الله عليه وآله) ‏بهذا العمل حتى لا يتأذى علي من بعده من الأعداء.وليس كما تقول الشيعة بمعنى الأولى بالتصرف
‏ الرد معنى المولى هو الاولى بالتصرف واليك البيان
: القرينة الأولى: نزول الآية الكريمة: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل ‏إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}(1).‏

1ـ جلال الدين السيوطي في تفسير الدر المنثور: ج2 ص298.‏
2ـ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في كتابه الولاية.‏
3ـ الحافظ أبو عبد الله المحاملي في أماليه.‏
4ـ الحافظ أبو بكر الشيرازي في " ما أنزل من القرآن في علي عليه السلام ‏‏".‏
5ـ الحافظ أبو سعيد السجستاني في كتابه الولاية.‏
____________
1- سورة المائدة، الآية 67.‏

6ـ الحافظ ابن مردويه في تفسيره الآية الكريمة.‏
7ـ الحافظ ابن أبي حاتم في تفسير الغدير.‏
8ـ الحافظ أبو القاسم الحسكاني في شواهد التنزيل.‏
9ـ أبو الفتح التطنزي في الخصائص العلوية.‏
10ـ معين الدين المبيدي في شرح الديوان.‏
11ـ القاضي الشوكاني في فتح القدير:ج3 ص75.‏
12ـ جمال الدين الشيرازي في الأربعين.‏
13ـ بدر الدين الحنفي في عمدة القاري في شرح صحيح البخاري ج8 ‏ص584.‏
14ـ الإمام الثعلبي في تفسير كشف البيان.‏
15ـ الإمام الفخر الرازي في التفسير الكبير: ج3 ص636.‏
16ـ الحافظ أبو نعيم في " ما نزل من القرآن في علي (عليه السلام) ".‏
17 ـ شيخ الإسلام الحمويني في فرائد السمطين.‏
18ـ نظام الدين النيسابوري في تفسيره: ج6 ص170.‏
19ـ شهاب الدين الآلوسي البغدادي في روح المعاني: ج2 ص348.‏
20 ـ نور الدين المالكي في الفصول المهمة: ص 27.‏
21ـ الواحدي في أسباب النزول: ص 150.‏
22ـ محمد بن طلحة في مطالب السؤل.‏
23ـ المير سيد علي الهمداني في مودة القربى / المودة الخامسة.‏
24ـ القندوزي في ينابيع المودة / الباب 39.‏
وغير هؤلاء المذكورين قد كتبوا ونشروا ‏

بأن هذه الآية نزلت يوم الغدير، حتى أن القاضي فضل بن روزبهان ‏المشهور بالتعصب والعناد، كتب عن الآية: فقد ثبت هذا في الصحاح أن ‏هذه الآية لما نزلت أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بكف علي بن أبي ‏طالب وقال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه.‏
وأعجب من هذا الكلام أنه قال وروى ـ كما في كشف الغمة ـ عن رزين ‏بن عبد الله أنه قال: كنا نقرأ هذه الآية على عهد رسول الله (صلى الله عليه ‏وآله) هكذا:‏
(يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) أن عليا مولى المؤمنين (وإن لم ‏تفعل فما بلغت رسالته)!‏
ورواه السيوطي في الدر المنثور عن ابن مردويه.‏
وابن عساكر وابن ابي حاتم عن أبي سعيد الخدري وعن عبد الله ابن مسعود ‏وهو أحد كتاب الوحي.‏
ورواه القاضي الشوكاني في تفسير فتح القدير كذلك.‏
والحاصل: إن تأكيد الله سبحانه لنبيه بالتبليغ وتهديده على أنه إن لم يفعل ما ‏أمره تلك الساعة، فكأنه لم يبلغ شيئا من الرسالة، هذه قرينة واضحة على ‏أن ذلك الأمر كان على أهمية كالرسالة فمقام الخلافة والولاية تالية لمقام ‏النبوة والرسالة.‏


القرينة الثانية
وأما القرينة الثانية: الذي يؤيد ويوضح قولنا … أن نزول آية إكمال الدين ‏كانت بعد ما بلغ رسول الله (صلى الله عليه وآله) رسالته وأمر ربه في ‏

ولاية الإمام علي عليه السلام.‏
: اتفق علماء السنة أن آية إكمال الدين نزلت يوم عرفة.‏
وبعض العلماء جمعوا بين القولين وقالوا بأن الآية نزلت مرتين منهم سبط ‏ابن الجوزي في تذكرة خواص الأمة / آخر الصفحة 18 حيث قال: احتمل ‏أن الآية نزلت مرتين مرة بعرفة ومرة يوم الغدير كما نزلت (بسم الله ‏الرحمن الرحيم) مرتين مرة بمكة ومرة بالمدينة.‏
وأما الذين وافقوا الشيعة من أعلام السنة وقالوا بأن آية إكمال الدين نزلت في الغدير ‏بعد نصب رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا وليا من بعده. كثيرون ‏منهم:‏
1ـ جلال الدين السيوطي في الدر المنثور: ج2 ص256، وفي الإتقان: ج1 ‏ص31.‏
2ـ الإمام الثعلبي في كشف البيان.‏
3ـ الحافظ أبو نعيم في ما نزل من القرآن في علي عليه السلام.‏
4ـ أبو الفتح النطنزي في الخصائص العلوية.‏
5ـ ابن كثير في تفسيره: ج2 ص14.‏
6ـ المؤرخ والمفسر الشهير محمد بن جرير الطبري في كتابه الولاية.‏
7ـ الحافظ أبو القاسم الحسكاني في شواهد التنزيل.‏
8ـ سبط ابن الجوزي في تذكرة خواص الأمة: ص18.‏

9ـ أبو اسحاق الحمويني في فرائد السمطين / الباب الثاني عشر.‏
10ـ أبو سعيد السجستاني في كتابه الولاية.‏
11ـ الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: ج8 ص290.‏
12ـ ابن المغازلي في المناقب.‏
13ـ الخطيب أبو مؤيد موفق بن أحمد الخوارزمي في المناقب / فصل 14، ‏وفي مقتل الحسين / الفصل الرابع.‏
وكثير من أعلامكم غير من ذكرنا أيضا قالوا: بأن رسول الله (صلى الله ‏عليه وآله) بعدما نصب عليا وليا من بعده وعرفه للمسلمين فأمرهم وقال:‏
سلموا على علي بإمرة المؤمنين، فأطاعوا وسلموا على علي بن أبي طالب ‏بإمرة المؤمنين وقبل أن يتفرقوا من المكان نزل جبريل على رسول الله ‏‏(صلى الله عليه وآله) بقوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم ‏نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} (1).‏
فصاح النبي (صلى الله عليه وآله): الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ‏ورضا الرب برسالتي والولاية لعلي بن أبي طالب بعدي.
وانظر‏
مسند أحمد بن حنبل ‏وشواهد التنزيل للحافظ الحسكاني فإنهما شرحا الموضوع أبسط من ‏غيرهما. فلو أمعنتم النظر ودققتم الفكر في الخبر لعلمتم و لأيقنتم أن النبي ‏‏(صلى الله عليه وآله) ما قصد من كلمة المولى إلا الإمامة والخلافة ‏والأولوية وذلك بالقرائن التي ذكرتها وبقرينة كلمة " بعدي " في الجملة.‏
ثم فكروا وأنصفوا... هل الأمر بالمحبة والنصرة كان هاما إلى ‏
____________
1- سورة المائدة، الآية 3.‏

ذلك الحد بأن يأمر النبي (صلى الله عليه وآله) الركب والقافلة وهم مائة ‏ألف أو أقل أو أزيد، فينزلوا في ذلك المكان القاحل وفي ذلك الحر الشديد، ‏ثم يأمر برجوع من سبق ولحوق من تأخر وينتظر حتى يجتمع كل من كان ‏معه وتحت حرارة الشمس حتى أن كثيرا من الناس مد رداءه على الأرض ‏تحت قدميه ليتقي حر الرمضاء وجلس في ناقته ليتقي أشعة الشمس، ثم ‏يصعد النبي (صلى الله عليه وآله) المنبر الذي صنعوه له من أحداج الإبل ‏ويخطب فيهم ويبين فضائل ومناقب ابن عمه علي بن أبي طالب كما ذكرها ‏الخوارزمي وابن مردويه في المناقب والطبري في كتاب الولاية وغيرهم، ‏ثم يبقى (صلى الله عليه وآله) ثلاثة أيام في المكان الذي كان معهودا بنزول ‏القوافل وما كان قبل ذلك اليوم منزلا للمسافر، ويتحمل هو والمسلمون الذين ‏معه مشاقا كثيرة ، حتى بايع كلهم عليا (ع) بأمر رسول الله.. فهل كان من ‏المعقول أنه (صلى الله عليه وآله) كان يريد من كل ذلك ليبين للناس أن ‏يحبوا عليا ويكونوا ناصريه!!‏
مع العلم أنه (صلى الله عليه وآله) قبل ذلك كان يبين للمسلمين كرارا ‏ومرارا أن حب علي من الإيمان وبغضه نفاق، وكان يأمرهم بنصرته ‏وملازمته، فأي حاجة إلى تحمل تلك المشاق ليبين ما كان مبينا ويوضح ما ‏كان واضحا للمسلمين!! فإذا في تلك الظروف الصعبة التي كانت في قضية ‏الغدير لم نقل بتبليغ الولاية والخلافة من بعده ونقول بما تقوله الشبهة ‏وبعض العلماء من أهل السنة والجماعة، لكان عمل النبي (صلى الله عليه ‏وآله) مع تلك الظروف سفها ولغوا ـ والعياذ بالله من هذا القول ـ بل النبي ‏منزه من اللغو والسفاهة وأعماله كلها تكون على أساس العقل والحكمة.‏

فنزول هذه الآيات التي ذكرناها في الغدير وتلك التشريفات الأرضية ‏والسماوية، كلها قرائن دالة عند العقلاء والعلماء بأن الأمر الذي بلغه خاتم ‏الأنبياء هو أهم من أمر النصرة والمحبة، بل هو أمر يساوي في الأهمية ‏أمر الرسالة بحيث إذا لم يبلغه رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأمته في ‏تلك الساعة فكأنه لم يبلغ شيئا من رسالة الله عز وجل. فهذا الأمر ليس إلا ‏الإمامة على الأمة بعد النبي (صلى الله عليه وآله) وتعيين رسول الله خليفته ‏المؤيد من عند الله والمنصوب بأمر من السماء، وتعريفه للناس، لكي لا ‏تبقى الأمة بلا راعي بعده ولا تذهب أتعابه أدراج الرياح.‏
ولقد وافقنا بعض أعلام أهل السنة والجماعة في معنى كلمة المولى وأن ‏المقصود منها ـ يوم الغدير ـ الأوْلى.‏
منهم سبط ابن الجوزي في كتابه تذكرة خواص الأمة / الباب الثاني / ‏ص20 فذكر لكلمة المولى عشر معاني وبعدها قال: لا يطابق أي واحد من ‏هذه المعاني كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) والمراد من الحديث ‏الطاعة المحضة المخصوصة فتعين الوجه العاشر وهو الأوْلى ومعناه: من ‏كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به... ودل عليه أيضا قوله (صلى الله ‏عليه وآله): ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟
وهذا نص صريح في إثبات إمامته وقبول طاعته انتهى كلامه ويوافقنا في ‏هذا المعنى أيضا... الحافظ أبو الفرج الإصفهاني يحيى بن سعيد الثقفي في ‏كتابه مرج البحرين، حيث يروي باسناده عن مشايخه: أن النبي (صلى الله ‏عليه وآله) أخذ بكف علي (عليه السلام) وقال: من كنت وليه وأولى به من ‏نفسه فعلي وليه.‏

ويوافقنا في أن المولى بمعنى الأولى... العلامة أبو سالم كمال الدين محمد ‏بن طلحة القرشي العدوي، إذ قال في كتابه مطالب السؤول / في أواسط ‏الفصل الخامس من الباب الأول / قال بعد ذكره حديث " من كنت مولاه ‏فهذا علي مولاه ": أثبت رسول الله (صلى الله عليه وآله) لنفس علي (عليه ‏السلام) بهذا الحديث ما هو ثابت لنفسه (صلى الله عليه وآله) على المؤمنين ‏عموما فإنه (صلى الله عليه وآله) أولى بالمؤمنين وناصر المؤمنين وسيد ‏المؤمنين وكل معنى أمكن إثباته مما دل عليه لفظ المولى لرسول الله (صلى ‏الله عليه وآله) فقد جعله لعلي (عليه السلام) وهي مرتبة سامية ومنزلة ‏سامقة ودرجة علّية ومكانة رفيعة خصصه بها دون غيره، فلهذا صار ذلك ‏اليوم عيدا وموسم سرور لأوليائه... إلخ.
شبهة ‏
: لاشك أن لكلمة المولى معاني متعددة وأنتم تعترفون بهذه الحقيقة، ‏فلماذا تخصصون معنى الأولوية للمولى؟ وهذا تخصيص من غير ‏مخصص
الرد.‏
: لقد اتفق العلماء في علم الأصول بأن الكلمة التي يفهم منها أكثر من ‏معنى، وكان أحد المعاني حقيقيا فالمعاني الأخر تكون مجازية. والمعنى ‏الحقيقي مقدم على المجاز إلا أن يتضح بالقرائن أن المراد من الكلمة معناها ‏المجازي.‏
أو كان للكلمة معاني مجازية متعددة، فنعين المراد منها بالقرينة.‏
ونحن نعلم أن المعنى الحقيقي لكلمة المولى إنما هو الأولى في التصرف، ‏والمعاني الأخرى تكون مجازية.‏
فمعنى ولــي النكـاح = الأولى في أمر النكاح.‏
وولي المرأة زوجها = أي الأولى بها.‏
وولي الطـفـل أبــوه = أي هو الأولى بالتصرف في شأن الطفل.‏

وولي العهد = هو المتصرف في شؤون الدولة بعد ‏الملك ، أي في غيابه، وأكثر استعمال كلمة الولي جاء في هذا المعنى في ‏اللغة العربية في الكتابات والخطابات.‏
ثم هذا الاشكال يرد عليكم حيث إن لكلمة المولى معان متعددة، فلماذا ‏تخصصونها في معنى المحب والناصر وهذا تخصيص بلا مخصص على ‏حد زعمكم، فالتزامكم بهذا المعنى يكون باطلا من غير دليل.‏
وأما نحن إذا خصصنا كلمة المولى بالمتصرف والأولى بالتصرف، فإنما ‏خصصناها للقرائن الدالة على ذلك من الآيات والروايات وأقوال كبار ‏علمائكم مثل سبط ابن الجوزي ومحمد بن طلحة الشافعي، كما مر.‏
وقد ذكروا في تفسير الآية الكريمة: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ‏ربك) أي في ولاية علي وإمامة أمير المؤمنين، وقد ذكر أحاديث كثيرة بهذا ‏المعنى والتفسير ، العلامة جلال الدين السيوطي في ذيل الآية الشريفة في ‏تفسيره المشهور، الدر المنثور في تفسير القرآن بالمأثور.‏
احتجاج علي (عليه السلام) بحديث الغدير‏
لقد ذكر المؤرخون والمحدثون بأن الإمام علي (عليه السلام) احتج على ‏خصمائه بحديث الغدير في مواطن متعددة، يريد بذلك إثبات خلافته للنبي ‏‏(صلى الله عليه وآله) مباشرة، ويستدل على إمامته على الأمة بعد رسول ‏الله. فنفهم من احتجاجه (ع) بجملة " من كنت مولاه فعلي ‏

مولاه " أن المستفاد والمفهوم من المولى، الإمامة والخلافة وهي التصرف ‏في شئون الأمة والدولة الإسلامية.‏
ذكر كثير من أعلامكم احتجاجه (ع) بحديث الغدير في مجلس الشورى ‏السداسي الذي شكّله عمر بن الخطاب لتعيين خليفته وكان يريد باحتجاجه ‏على القوم إثبات أولويته بمقام الخلافة والإمامة، وأنه أولى من غيره بإمرة ‏المؤمنين وإمامة المسلمين.‏
منهم: الخطيب الخوارزمي في كتابه المناقب: ص 217.‏
وشيخ الإسلام الحمويني في كتابه فرائد السمطين / باب 58.‏
والحافظ ابن عقدة في كتابه الولاية.‏
وابن حاتم الدمشقي في كتابه الدر النظيم.‏
وابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة: 6 ص 168، ط. دار إحياء ‏التراث العربي.‏
وقد ناشد (ع) مرة أخرى أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ‏رحبة مسجد الكوفة فقال: أنشدكم الله! من سمع رسول الله (صلى الله عليه ‏وآله) يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه فليشهد!‏
فشهد قوم، وفي بعض الأخبار فشهد له ثلاثون نفرا من الصحابة، وفي ‏رواية بضعة عشر رجلا من الصحابة.‏
روى خبر مناشدته في الرحبة: أحمد بن حنبل في مسنده: ج1 ص 119 وج4 ‏ص 370.‏
وابن الأثير الجزري في أسد الغابة: ج3 ص 307 وج5 ص 205 و 276.‏
وابن قتيبة في معارفه: ص 194.‏

والعلامة الكنجي الشافعي في كفاية الطالب.‏
وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: ج4 ص 74 ط. إحياء التراث ‏العربي.‏
والحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء: ج5 ص 26.‏
وابن حجر العسقلاني في الاصابة: ج2 ص 408.‏
والمحب الطبري في ذخائر العقبي: ص 67.‏
والنسائي في الخصائص: ص 26.‏
والعلامة السمهودي في جواهر العقدين.‏
وشمس الدين الجزري في أسنى المطالب: ص3.‏
والعلامة القندوزي الحنفي في ينابيع المودة / الباب 4.‏
والحافظ ابن عقدة في كتابه الولاية أو الموالاة.‏
وغير هؤلاء الأعلام الأكابر رووا خبر احتجاج الإمام علي (عليه السلام) ‏ـ في رحبة مسجد الكوفة ـ بحديث الغدير وناشد الحاضرين قائلا:‏
أنشدكم الله! من سمع منكم رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم الغدير ‏يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، فليقم وليشهد!‏
فقام ثلاثون رجلا وشهدوا، وكان إثنا عشر نفرا منهم ممن حضر بدرا، كلهم ‏شهدوا لعلي (عليه السلام) وقالوا: نحن رأينا النبي (صلى الله عليه وآله) ‏يوم غدير خم وسمعناه يقول للناس: أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ ‏قالوا: نعم، قال (صلى الله عليه وآله): من كنت مولاه فعلي مولاه إلخ.‏
ولم يشهد بعضهم وكتم منهم أنس بن مالك وزيد بن أرقم. فدعا عليهما ‏الإمام علي (عليه السلام) فعمي زيد وأصيب أنس بالبرص في جبهته ‏

بين عينه لأن عليا (ع) قال: اللهم ارمه بيضاء لا تواريها العمامة(1).‏
____________
1- لقد نقل كثير من أعلام أهل السنة خبر دعاء الإمام علي (عليه السلام) على ‏من كتم شهادته لحديث الغدير ولأهميته ننقله بالنصوص التي ذكروها، منها: ابن ‏أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: ج4 ص 74 ط. إحياء التراث العربي بيروت، تحت ‏عنوان [ فصل في ذكر المنحرفين عن علي ] قال:‏
و ذكر جماعة من شيوخنا البغداديين أن عدة من الصحابة و التابعين و المحدثين ‏كانوا منحرفين عن علي (عليه السلام) قائلين فيه السوء و منهم من كتم مناقبه و ‏أعان أعداءه ميلا مع الدنيا و إيثارا للعاجلة فمنهم أنس بن مالك.‏
ناشد علي ع الناس في رحبة القصر ـ أو قال رحبة الجامع بالكوفة ـ : أيكم سمع ‏رسول الله ص يقول: " من كنت مولاه فعلي مولاه "؟
فقام اثنا عشر رجلا فشهدوا بها و أنس بن مالك في القوم لم يقم، فقال له يا أنس ‏ما يمنعك أن تقوم فتشهد و لقد حضرتها! فقال: يا أمير المؤمنين كبرت و نسيت.‏
فقال: اللهم إن كان كاذبا فارمه بها بيضاء لا تواريها العمامة.‏
قال:طلحة بن عمير: فو الله لقد رأيت الوضح به بعد ذلك أبيض بين عينيه. [ أي ‏أصيب بالبرص ].‏
و روى عثمان بن مطرف أن رجلا سأل أنس بن مالك في آخر عمره عن علي بن ‏أبي طالب فقال: إني آليت ألا أكتم حديثا سئلت عنه في علي بعد يوم الرحبة ذاك ‏رأس المتقين يوم القيامة سمعته و الله من نبيكم ـ وقال ابن أبي الحديد ـ: روى أبو ‏إسرائيل عن الحكم عن أبي سليمان المؤذن أن عليا ع نشد الناس من سمع ‏رسول الله ص يقول من كنت مولاه فعلي مولاه فشهد له قوم و أمسك زيد بن أرقم ‏فلم يشهد و كان يعلمها فدعا علي ع عليه بذهاب البصر فعمي، فكان يحدث الناس ‏بالحديث بعد ما كف بصره. انتهى كلام ابن أبي الحديث.‏
<=

____________
=>
أقول: وروى ابن الأثير في أسد الغابة: ج3 ص321 عن ابن عقدة بسنده عن هاني ‏بن هاني عن أبي اسحاق أنه قال: حدثني من لا أحصي، أن عليا نشد الناس في ‏الرحبة: من سمع قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) " من كنت مولاه فعلي ‏مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه "؟
فقام نفر فشهدوا أنهم سمعوا ذلك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكتم قوم، ‏فما خرجوا من الدنيا حتى عموا وأصابتهم آفة.‏
منهم: يزيد بن وديعة، وعبد الرحمن بن مدلج.‏
روى هذا الخبر جمع من أعلم القوم منهم:‏
الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد: ج9 ص 104.‏
وابن كثير في تاريخه: ج5 ص209 وج7 ص 347.‏
والموفق بن أحمد الخوارزمي في المناقب: ص 94. ‏
أقول: وروى احمد بن حنبل في مسنده: ج1 ص119


يتبع


من مواضيع الشيخ عباس محمد » الشخصية الاستفزازية واسبابها
» الشخصية الطيبة
» الشّخصيّة في علم النّفس
» الإرشاد النفسي
» مفاهيم خاطئة عن الطب النفسي
رد مع اقتباس