عرض مشاركة واحدة
قديم 10-09-2017, 05:24 PM   المشاركة رقم: 5
معلومات العضو
الشيخ عباس محمد

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
الشيخ عباس محمد غير متواجد حالياً

كاتب الموضوع : الشيخ عباس محمد المنتدى : منتدى أهل البيت (عليهم السلام)
افتراضي

لسؤال: تعليل بسيط للتطبير والضرب بالسلاسل ا

أُريد تعليل واضح ومقنع على التطبير والضرب بالسلاسل والتجريح في المواكب الحسينية الطاهرة، لأنّي محتاج لتفسير مقنع للمخالفين على هذه الأعمال المباركة.
الجواب:

نستطيع أن نذكر لك تعليلاً بسيطاً لا بدّ أن يكون مقبولاً عندك وعند الآخرين، وهو: عند السؤال عن الأعمال المستجدّة التي يعملها المكلّف ولم تكن في عصر التشريع، كركوب الطائرة والسيارة وغيرها.. ما هو نظر المشرع لها؟ سيكون الجواب: إنّ الأصل في الأشياء الإباحة.
فالذي لم يرد نصّ على تحريمه يكون مباحاً، كذلك الحال في هذه الأعمال فإنّه لما لم يرد النصّ بتحريمها تكون مباحة.
نعم, قد يقال: إنّه ورد نصّ على حرمة إضرار المكلّف نفسه.
قلنا: إنّه ليس مطلق الضرر هو المنهي عنه, بل الضرر الكبير غير المحتمل, فالذي يتناول طعاماً كثيراً قد يسبّب له آلاماً، وقد يؤدّي إلى أعراض أُخرى مؤذية على المدى البعيد, إنّ مثل هكذا ضرر لا يعتبر محرّماًً، فكذلك الحال بالضرب بالسلاسل والتطبير، فإنّها لا تسبب ضرراً كبيراً، بل مجرّد جروح بسيطة لا تتجاوز في آلامها عن الحجامة التي هي من الأعمال المحبّذة.
ولو فرض أنّ شخصاً تجاوز الحدّ وضرب نفسه بقوة بحيث أدّى ذلك إلى التأثير على الجمجمة والرأس والدماغ، فإنّ عمله هذا يعدّ محرّماً، ولا يحصل هذا عادةً في التطبير.

السؤال: لماذا تطبير الأطفال؟
ماذا تقولون في ممارس التطبير على الأطفال(دون الـ 10 سنوات)؟ لماذا?
الجواب:

إنّ إجبار الأطفال على هكذا أعمال أمر مرفوض، أمّا إذا كان لهم رغبة واستعداد لذلك، كما نشاهده عند بعض الأطفال، فهو أمر عائد لهم ولأوليائهم، وليس فيه أيّ محذور؛ فإنّ الطفل الراغب بالتطبير مستعدّ لتحمّل الألم، وبالتالي تكون له خطوة في بناء شخصيته، ونحن لا ننكر تأثير العائلة والبيئة والجوّ العام في التأثير على الطفل، وليكن كذلك، فإنّ مثل هذه الممارسات في بناء الأطفال الذكور معروفة في كلّ المجتمعات قديمة وحديثة، وما تعلّمهم لأنواع القتال والرياضات منذ نعومة أظفارهم، والتي لا تخلو من الألم، إلاّ نوع من هذا البناء الاستعدادي..
ولا يفرق بين الأمرين بأنّ تعلّم الأطفال مثل هذه الرياضات يجعل منهم عند مجتمعهم أبطالاً رياضيين؛ فإنّ الأمر كذلك بالنسبة لمجتمع الطائفة الشيعية، فإنّ الهدف من تعليم الأطفال التطبير هو زرع الاستعداد لديهم، ولكن نوع الاستعداد يختلف، والمناط واحد.

السؤال: الضرب بالسلاسل والتطبير
وردت في إحدى الروايات: (شيعتنا منّا...ويحزنون لحزننا)..
هناك أساليب كثيرة لإظهار الحزن على مصاب أهل البيت(عليهم السلام)، منها أن تتعلّم علومهم وتعلّمها للناس، أو أن يحييها كما أحياها الأئمّة، من قبيل التجمّع والرثاء، وشدّة البكاء والحزن.
لماذا يتمّ التركيز على تعذيب النفس من قبيل (التطبير، والضرب بالسلاسل، أو اللطم بشكل عنيف)، مع العلم أن مثل هذه الأفعال (بشكلها الحالي) لم تكن موجودة في عصر الأئمّة؟
الجواب:

إنّ هؤلاء الذين يفعلون مثل هذه الأمور يختلفون في نواياهم، فقسم لشدّة حزنه وتفاعله مع المصيبة ينفعل بالمقدار الذي يؤذي به جسده، كما هو الحال عند الجازع على أيّة مصيبة أُخرى، فأنت لا تستطيع أن تتكلّم مع هذا الجازع، وتقول له: لماذا تفعل بنفسك هكذا؟ لأنّه قد تكون تلك الأفعال أشبه بالأفعال اللا إرادية.
نعم، أنت تستطيع أن تبيّن له أنّ جزعه هذا على مصائبه الدنيوية غير صحيح، فإذا خرج من حالة الجزع توقّف عن تلك الأفعال..
وكذلك مع مصيبة الإمام الحسين(عليه السلام)، إلاّ أنّ الفرق هنا أنّك لا تستطيع أن تقول له: لا تجزع لهذه المصيبة؛ لأنّ الجزع هنا غير مكروه، وإذا حصلت حالة الجزع فما عليك إلاّ أن ترى آثار ذلك الجزع، كاللطم والبكاء والعويل، والضرب بالسلاسل، والتطبير، وغيرها من الأمور المؤذية للجسد، التي هي آثار لذلك الجزع.
وقسم آخر ينظر إلى التطبير والضرب بالسلاسل واللطم بأنّه حالة من المواساة لإظهار الاستعداد والولاء للحسين(عليه السلام) من خلال تحمل المشاقّ والآلام والمتاعب، وفرق كبير بين من يظهر الولاء بالكلام مثلاً، وبين من يظهر الولاء بأُمور صعبة على النفس ومؤذية، فتحمّل هذه الصعاب معناه: صدق الولاء وصدق الاستعداد.
ولعلّ قسماً ثالثاً ينظر لهذه الأُمور على أنّها وسيلة للإبكاء وإثارة المشاعر.
ثمّ إنّه لا يضرّ هذه الأُمور أن تكون غير موجودة في عصر الأئمّة(عليهم السلام) بعد كونها من مظاهر الجزع الجائز في الشريعة، فاختلاف مظاهر الجزع من عصر إلى عصر، وجواز ذلك الجزع لا يعني أنّه ليس لها مشروعية، بل مشروعيتها من مشروعية جواز ذلك الجزع، أو قل: ما دامت تلك الأًمور من مظاهر الإبكاء، والإبكاء على الحسين(عليه السلام) محبّذ بالشريعة، ووردت فيه نصوص، فدخلت تلك الأُمور تحت ذلك العنوان، أو قل: أنّها أصبحت من شعائر الله، وتعظيم شعائر الله جائز ومحبّذ في الشريعة.


تعليق على الجواب (1)

هذه الأجوبة عمومية وإسنادها غير واضح!!
اللطم والزناجيل والتطبير لم يفعله الأئمّة(عليهم السلام)، فلماذا نفعله نحن؟ لماذا لا تكون مجالس العزاء كمجالس المرحوم الشيخ الوائلي؟
الجواب:

الفقهاء لا يتوصّلون إلى الحكم الشرعي فقط عن طريق الروايات، بل لو لم يكن لفعل من الأفعال أيّة رواية فإنّهم يستطيعون الحكم على تلك الأفعال بالجواز وعدم الجواز، بل بالوجوب، أو الاستحباب، أو الكراهة، أو الإباحة، أو الحرمة.
فلو لم يرد عندنا دليل من السنّة على التطبير أو الضرب بالسلاسل، فهل معناه أنّ هذا الفعل حرام؟!
كلاّ إنّ الفقهاء لا يقولون بذلك، بل على العكس من ذلك يقولون: إنّ الأصل في الأشياء: الإباحة والجواز، لا الحرمة.
ثمّ إنّ تعظيم الشعائر يكون بطرق مختلفة، فنحن كما نشجّع على مجالس الوعظ والإرشاد، فإنّنا أيضاً لا بدّ من أن نحافظ على الشعائر الحسينية، وعلى ديمومتها وانتشارها، لِما في ذلك من رفعة للدين الحقّ، ونصرة للمذهب، ولا مجال في الأحكام الشرعية للاستحسانات، وإنّما تخضع للقواعد المقنّنة في علم الأُصول.
ثمّ إنّ الأحكام لم ترد كلّها بصورة جزئية حتّى نطالب بالروايات الخاصّة، وإنّما قسم من الأحكام جاء على شكل قواعد كلّية، وعلى الفقيه أن يفرّع عليها الفروع والجزئيات؛ فلاحظ!



تعليق على الجواب (2)

أنا من مؤيّدي الشعائر الحسينية؛ لأنّها من شعائر الله، ولكن ليس بالتطبير والضرب بالسلاسل للأسباب التالية:
1- ينتج عنها ضرر بالبدن، والأئمّة(عليهم السلام) لم يوصونا بإيذاء أنفسنا.
2- أنّها ليست مبررة لإظهار الحزن.
3- أنّها لا تعكس ثقافة الشارع الشيعي، بل تؤثّر سلباً على تراث أهل البيت(عليهم السلام).
فالذي أرجوه منكم هو توعية شبابنا على اجتناب هذه الظاهرة. وأسال الله أن يحشرنا وإيّاكم مع محمّد وآل محمّد.
الجواب:

إنّ البحث في الضرب بالسلاسل والتطبير يكون من جهتين:
1- من جهة الحلّية والحرمة، وهذا مبحوث عند العلماء، وقد أفتوا بالجواز، وأنّ الحكم الأوّلي هو الحلّية، وإن حكم بعضهم بعدم الجواز بالحكم الثانوي.
2- من جهة مناسبته الآن في هذا العصر للوضع العام للشيعة، وهذه الجهة هي مورد الأخذ والردّ في هذا الوقت. وللكلام فيها مجال بين المؤيّد والمخالف.
وأخيراً... إنّ ما ذكرت من نقاط يمكن المناقشة فيها، وقد تختلف المناقشة إذا أخذناها كأدلّة على أحد الجهتين؛ فلاحظ!


تعليق على الجواب (3)
الغريب أنّنا لا نجد من المراجع، أو أساتذة الحوزة الكبار، أو الشخصيات الدينية الكبيرة، سواء رجالات المنبر، أو غيرهم من رجال الدين المعممين من شيوخ وسادة، يقومون بتلك الأفعال، من ضرب الزنجيل والتطبير، وحتى اللطم تراه يفعله بعضهم بطريقة كلاسيكية، ربّما كما يفعل بعض الخطباء بشهقتهِ لأثارة العواطف والحزن والمشاعر الجيّاشة..
بل إنّي سمعت مرّة من أحد المعمّمين بأنّ تعلّم، أو تعليم، مسألة دينية معيّنة وضبطها يعادل كلّ تلك الأُمور الأُخرى، لذا كيف تُترك العامّة يفعلون ما يفعلون تحت عنوان: (ومن يعظّم شعائر...)؟
يعني: شيخنا! ربّما، والله العالم، لو أنّ المكلّف وتحديثاً للشعائر، ومن باب آخر عمل طريقة لمعايشة الألم والمرارة بدل التطبير والزنجيل وعرّض نفسه للرطوبة وعرّض نفسه لصعقة كهربائية إلى حد تشعره بالألم ولا تؤدّي إلى فقد وعيه أو قتله... الله العالم، ربّما ستدخل تحت العنوان: ومن يعظّم؟!
(على فكرة! هذا المثل ليس بقصد السخرية، يشهد الله وصاحب العصر والزمان عجّل الله فرجه).
شيوخنا الكرام أساتذتنا العظام في المركز العقائدي، وأنا لا أعرف اللجنة المجيبة، ولكن خطر في بالي الأُستاذ الكبير الشيخ الجليل محمّد السند أعزّه الله، وأمّا الشيوخ الكرام الذين لم أتشرّف بأسمائهم، فحفظهم الله بحقّ وجه صاحب الزمان أرواحنا وأرواح العالمين لمقدمه الفداء... عندي تعليق أو سؤال إضافة إلى ما طرحته أعلاه:
هل يجوز التطوير في الشعائر، كما تفضلّتم أنّها تناسب كلّ زمان؟
ونحن في العراق الجريح ولا سيّما البصرة، وفي مناطق بائسة، وسخة، بشرها مسحوق، شبابها عاطل، أليس من الأجدر بدل هذه المصاريف أن يحدث تطوير في الشعائر: من خلال تنظيف المناطق، إدخالهم دورات تعليمية متنوعة، افهام ما هي الثقافة الحسينية، أو أي صورة أُخرى تخدم المواطن العاشق للحسين(صلوات الله عليه)؟!
طرح فكرة: ممنوع طبخ أي طعام حتى بثواب الإمام(صلوات الله عليه) كسراً لأُنوف محتكري الغاز والرز وغيرها من الأغذية!
نعم، هناك أمور من مسؤولية الدولة، ولكن ماذا نفعل مع تجاهل الدولة، إذاً نستثمر الحبّ الحسيني للتطوّر وإنشاء إنسان عالمي حسيني، خاصّة وأنّنا نرى هناك مصاريف في محرّم والأربعينية مصاريف كبيرة وعجيبة...
حينما ظهر ذلك الرجل في أمريكا في صبيحة العاشر من محرّم، وهو يرتدي بدلة عمل زرقاء وأخذ بتنظيف الشارع بصورة جنونية، الناس تعرفه موظّف محترم، ماذا يفعل هذا؟ لم يصبروا...؟ فسألوه: ماذا يحدث؟! أنت عامل في البلدية أم موظّف رسمي محترم؟
كان هذا الإنسان الحسيني الرائع قال: إنّ اليوم يصادف استشهاد إمامنا الحسين(عليه السلام)، الذي علّمنا كلّ شيء، الشهادة، والتضحية، والعلم، والعدالة، والتطوّر، والنظافة، وأنا احترت ماذا أفعل! فاخترت هذا العمل..
النتيجة تأقلم الجميع وتناوبوا بلبس بدلاتهم لمساندته بالعمل؛ احتراماً لذلك العظيم الذي زرع هذه البذور في محبّيه بعد مئات السنين، فكانت صورة حيّة تواكب التطوّر والحداثة والعولمة...
مجدّداً ليس القصد إلغاء صور الحزن والمرارة والألم، وإنّما تحديثها وتقديمها بصورة عالمية، تعطي الإنسان الكرامة في الحياة وفي الممات...
اعتذر ألف مرّة على الإطالة والإزعاج..
الجواب:

ما يقوله الفقهاء تجاه هذه الأعمال هو: القول بإباحة تلك الأعمال، وبعض يقول باستحبابها من جهة دخولها في شعائر الله، والأعمال المباحة والمستحبّة غير ملزم المكلّف بالعمل بها، بل قد يرى بعض المكلّفين أنّ هناك عملاً أكثر ثواباً، فلذا يقدّمونه على تلك الأعمال، وهذا يرجع إلى تشخيص ذلك المكلّف؛ فقد يرى بعض العلماء أنّ الاشتغال بالوعظ والإرشاد والبكاء والإبكاء ذو ثواب عظيم، كما ورد في الأخبار، ولذا يرى الاشتغال به مقدّم على التطبير والضرب بالزنجيل؛ ولكن هذا لا يعني عدم القبول بتلك الأعمال، فعدم العمل بها أعمّ من القبول أو الرفض.
ثمّ إنّه لا بدّ من معرفة أنّ سرّ تعريض المحبّين للإمام الحسين(عليه السلام) أنفسهم لأصناف الآلام، من الإدماء واللطم والضرب هو: القول بلسان الفعل: أنّهم على استعداد لتحمّل الآلام من أجل الإمام الحسين(عليه السلام) والسير على نهجه، وما الإدماء والضرب وغيرها إلاّ نموذج من تلك النماذج، وإلاّ فهم على استعداد لأكثر من ذلك..
وشاهدنا في العراق أيام النظام البائد كيف أنّ محبّي الحسين(عليه السلام) سطّروا أروع لوحات الصبر من صمودهم تحت وطأة التعذيب بالكهرباء، وصمودهم تحت سياط الجلادين، دون أن يكون ذلك رادع لهم عن محبّتهم للإمام الحسين(عليه السلام) ونهجه، فالظالمون ابتدعوا طرقاً جديدة لإخافة الحسينيين، لكن الحسينيون سطّروا وسيسطّرون لوحات من الصبر ترهب الظالمين، وتظهر لهم عدم خوفهم من أشدّ أنواع العذاب.
وأمّا ما تطرحه من أفكار من أجل تطوير الشعائر الحسينية، فقد ينظر إليها على أنّها حَرفٌ للشعائر الحسينية عن المسار الذي سارت به من إظهار مظلومية الإمام الحسين(عليه السلام)، والاستعداد للنصرة على يد حفيده الإمام المهدي(عجّل الله فرجه)، الذي سوف يظهر يوم عاشوراء، فإذا كان هناك تطوير للشعائر الحسينية فلا بدّ أن يكون بإبدال آلات الحرب القديمة بأُخرى حديثة وعرضها يوم عاشوراء؛ استعداداً لظهور صاحب العصر والزمان(عجّل الله فرجه) الذي سيجابه الأعداء بالوسائل الحديثة.
وأمّا وجود أعمال أُخرى، مثل: الخيرات العامّة، كما ذكرت أنت بعض الأمثلة فهي تصبّ في صالح الجماعة المؤمنة، فلا نمنع حصول من فعلها على الثواب الجزيل، الذي ربّما يكون أكثر من ثواب بعض أعمال العزاء والتشبيه، ولكن يجب أن تلاحظ أنّ كلّ ذلك مربوط بالنيّة ومدى إخلاصها بعلاقة طردية.



تعليق على الجواب (4)
...
ولكن هذه الشعائر، من ضرب وإدماء، ليس لها تأصيل، وإنّما جاءت حديثة، التأصيل الوارد هو فقط كان في البكاء، وما جاء بعد ذلك من إباحة، طُرح من العلماء الأبرار وليس من القرآن أو الأئمّة(عليهم السلام)، إنّني العبد الحقير أتعجّب من إباحة التطبير وغيرها، رغم عدم وروده في القرآن والسُنّة والعقل والإجماع، بينما لا يجوز الإفطار في الطائرة التي توصلني بساعات بقمّة الراحة في بعض الجوانب، أو رؤية الهلال المحرّمة بالمرصاد، وأنا أقول: إنّ الإسلام هو العلم، إنّ الثورة الحسينية أرادت صنع إنسان أراده الله خليفة على الأرض، بالله عليكم! ما الجدوى من إدماء الرأس؟!
لدينا هنا في البصرة، وهم يسيرون في منطقة ملئت بالقذارة، والحسين العظيم الذي هو في الجنّة، وخلوده كما يذكرون سرمدي، ماذا يقول؟ وكيف ينظر لي، وليس لدينا شيء مطلقاً؟
العلماء الأجلاء سيقولون: نعم مأجور، لمواساة الحسين الشهيد. ولكن المعروف أنّ الشهيد ليس ميت بطريقة مذلّة، وإنّما بمفخرة، الحسين العظيم وأصحابه الكرام وأهله النجباء، أكيد لم يستشهدوا لأجل الشيعة أو السُنّة، ولا لأجل الهريس، أو الزيارة، أو الطبخ، أو غيرها من هذه العناوين، الاستشهاد كان بعنوان قضية عالمية تتوافق مع كلّ الأزمنة والأمكنة، فربّما لو أنّ هناك شعوب في أوربا تغلّبت على الظلم وقدّمت لإنسانها الخدمات التي تذكره بأنّه إنسان، مع وجود العقيدة الصحيحة، لربّما شمتله النفحة الحسينية.
نحن نردّد دوماً قول غاندي، الذي لم يضرب زنجيل أو غيره: ((تعلّمت من الحسين أن أكون مظلوماً فانتصر))، وقدّم هذه الثورة بمقاطعة الأقمشة البريطانية، فانظر ماذا حصل؟
لدينا تجّار يصرفون مصاريف هائلة لو أصبحت بشكل مشاريع لدعم الشباب العاطل وجعل الثورة الحسينية ثورة على غياب الصناعة الوطنية، بدل من الصناعة الكويتية والسعودية والأردنية، الله أعلم ماذا سيصنعون وفق العقيدة الحسينية الصحيحة، الله العالم ماذا سيقول الإمام الحسين(عليه السلام)..
أرجو إجابتكم، وأرجو فهم قصدي.
مع امتناني الكبير وشكري.
الجواب:

أوّلاً: لم نفهم ماذا تقصد بالتأصيل، ولعلك تريد منه وجهان:
أحدهما: أنّه لم يرد فعل هذه الأُمور من الأئمّة(عليهم السلام)، على طريقة استدلال من يدّعون اتّباع السلف؛ فإنّ هذا الإشكال يطرح منهم لردّ هذه الأُمور، وهو مبني على ما هو سائد عندهم من اتّجاه فكري، فيطرحون مقايسة في أذهانهم ويسألون: لمَ تفعلون هذه الأُمور ولم ترد من قبل الأئمّة (عليهم السلام)على اعتبار أنّهم سلف لنا؟
والجواب سيتّضح من الوجه الثاني.
ثانيهما: أنّك تريد أنّه لم ترد روايات تأمر أو تجوّز هذه الأُمور، ولذا فلا مدرك شرعي لها استند إليه العلماء في إباحتها.
والجواب عليه: الأحكام في الشريعة جاءت بطرق مختلفة.. منها: ما يبيّن الحكم الشرعي الجزئي لأغراض ودواعٍ مختلفة؛ كسؤال بعض المعاصرين للإمام عن الحكم، فيأتي الجواب، وتنقل لنا الرواية بهذا الحكم.
ومنها: ما جاء على شكل أحكام كلّية يترك تطبيقها للمكلّفين، وأكثر ما جاء من هذه الروايات من قبل أصحاب الأئمّة الفقهاء، اضافة للقواعد الكلّية الموجودة في القرآن، أو التي صدرت من الأئمّة(عليهم السلام) لدوافع مختلفة.
ومنها: ما جاءت لبيان بعض القواعد الكلّية في عملية استنباط الحكم الشرعي، وهي أيضاً لتعليم أصحاب الأئمّة من الفقهاء ومن يأتي بعدهم كيفية الاستنباط، وقد جمع بعض علمائنا هذه القواعد في كتب خاصّة، وأكثر ما تبحث في علم أُصول الفقه، ولك أن تراجع ذلك.
ومثل هذه الطرق في كيفية إلقاء الحكم الشرعي موجود حتى في القوانين الوضعية.
ومن ضمن هذه القواعد الكلّية المستخدمة في الاستنباط، هناك بعض القواعد تبيّن وظيفة المكلّف فيما لو لم يصل إليه حكم شرعي، أي: تُعيّن له ماذا يعمل، وتسمّى هذه القواعد بالأُصول العملية، فهي لا تعطي حكماً شرعيّاً، وإنّما تعطي وظيفة تعيّن له مساره في العمل والفعل الخارجي.
والفقهاء(رضوان الله عليهم) يعتمدون في استنباطهم للأحكام على كلّ هذه الطرق الواردة في الأحكام الشرعية؛ فحكمهم بالإباحة يستند في جانب من أدلّته إلى الأُصول العملية، وهي قواعد، كما قدّمنا، علّمنا إيّاها الأئمّة، وثبتت حجّيتها في الشريعة..
وإذ لا حكم جزئي في الروايات في مثل هذه الأُمور، كالضرب بالسلاسل والتطبير، حدّد العلماء الموقف العملي منها بأنّها: مباحة، كما هو الأمر في حكمهم بإباحة التدخين مثلاً، ومن ناحية أُخرى استندوا إلى قاعدة كلّية أُخرى واردة في القرآن، وهي: إحياء شعائر الله والحثّ عليها، فما يشخّص من مفردات وسلوك عملي للمكلّفين على أنّه من إحياء الشعائر، سوف يدخل في حكم الاستحباب؛ لهذه القاعدة.
ومن هنا يظهر ما في قولك: ((رغم عدم وروده في القرآن والسُنّة والعقل والإجماع)) من خطأ واستعجال! وعدم اطّلاع على بحوث العلماء! وقد ذكرنا في أجوبتنا ضمن العنوان العام لإحياء الشعائر بعض وجوه الاستدلال؛ فراجع!
ثانياً: إنّنا لم نعرف ماذا تقصد بـ((بينما لا يجوز الإفطار في الطائرة التي توصلني بساعات بقمّة الراحة في بعض الجوانب))!
وأمّا رؤية الهلال وكونها غير المعتبرة بالمرصاد، فهو ناتج عمّا استنبطه العلماء من ظاهر الروايات بحسب القواعد المقرّرة عندهم للاستنباط؛ فراجع تلك البحوث!
ثالثاً: ونحن أيضاً نؤكّد على أنّ الثورة الحسينية أرادت صنع الإنسان، وأنّها من ضمن التخطيط الإلهي، وكذلك نوافق على أنّ الإسلام يحثّ على العلم ولا يستدلّ إلاّ بالعلم، ولكن حسب الموازين الثابتة في العلم، لا حسب الذوقيات والاستحسانات؛ فإنّ اختلاف وجهات النظر لا يعدّ علماً.
ولم نعرف ما هي الملازمة العلمية بين جواز إدماء الرأس وبين قذارة الأزقة في البصرة! فأي علاقة بين الحكم الشرعي بما هو حكم شرعي وبين تقصير أفراد أو مسؤولين من المجتمع، أو حتى ضعف الوعي الثقافي للمجتمع ككلّ؟!
ونحن لا نوافق على استمرار الإهمال بحجّة إقامة الشعائر الحسينية، ولكن لا نلغي ذلك بسبب هذه، ولا ندّعي أنّ الحسين(عليه السلام) يوافق على ابقاء التخلّف والقذارة والتقصير من جانبنا, ولكن أيّ ربط بين هذه وهذهِ؟!!
رابعاً: والعلماء الأجلاء يقولون: إنّ من يواسي الحسين(عليه السلام) ويحيي الشعائر مأجور عند الله سبحانه، ولا يقولون: أنّ من قصّر أو تخلّف مأجور، ولكن من أين نثبت ما تحاول أن تدّعيه: أنّ هذه الشعائر هي سبب التخلّف؟! إنّ هذا الرأي عليه ألف علامة استفهام واستفهام!! والأمر لا يتأتّى بالذوقيات والاستحسانات.
خامساً: نعم، إنّ الحسين(عليه السلام) قتل بكرامة وعزّة وشرف، ولكن هل معنى ذلك أن ننصب له مجلس فرح وسرور، أم أنّ الواجب علينا المواساة لهذه المصيبة؟!
وهو (عليه السلام) لم يستشهد من أجل الهريس والطبخ، وإنّما الهريس والطبخ من أجل الحسين(عليه السلام)، وهي داخلة في سياق عام وسلوك شرعي وإجتماعي لإدامة مسيرة الحسين(عليه السلام) وإبقاء ذكراه وإعلاء شأنه، كيف وممارسة النذر لله شعيرة شرعية ثابتة في كلّ الديانات، مع أنّ الذهن لا يحتمل احتياج الله إليها؟! أو أنّ الشريعة قرّرت من أجل ذبح النذر وتقديم القرابين، ولكن لكلّ ذلك غايات يدركها المتأمّل.
سادساً: نحن لا نعترض على أنّ الحسين(عليه السلام) استشهد من أجل الإنسانية، بل نؤكّد عليه، كما نعتقد أنّه ثار ضدّ الجهل والانحراف والظلم، ومن أجل إقامة حكومة عادلة في جميع المجالات، ومنها: رفاه الناس، ولكن أيّ تلازم موجود بين إقامة الشعائر، وبين حصول التخلّف كما تصرّ عليه في سؤالك؟! فهل تقصد أنّ إقامة هذه الشعائر هو الذي أدّى إلى التخلّف وعدم وجود الخدمات؟ إنّ مثل هذه الشعار كان يروّج له أزلام صدام حسين المقبور.
ثمّ من قال من العلماء أو الفضلاء بوجوب الالتزام بالشعائر وترك خدمة الناس وإقامة العدل؟! بل إنّهم يصرّحون بأنّ إقامة العدل أفضل من إقامة الشعائر، وربّما تكون خدمة الناس والتبرّع في مجالات خيرية أفضل من التبرّع للطبخ وأمثاله، وربّما يكون الأمر في بعض الأحيان بالعكس.
إنّ مثل هذه الأُمور لا يمكن أن تنضبط تحت إطار واحد، فلكلّ عمل ميزانه ومقوماته وظروفه الخاصّة.
ومن قال لك أنّنا نرفض قول غاندي لأنّه لم يضرب بزنجيل؟!
بل نقول: إنّ الالتقاء بثورة الحسين(عليه السلام) لا يحدّه طريق أو وسيلة معيّنة، مع وجود التفاضل بين هذه الوسائل، فليس لأنّه لم يظهر لنا قائدٌ مثل غاندي (مع أنّ هذا الفرق غير صحيح، بل عندنا أفضل من غاندي بعدّة مراتب) فرضاً، فإنّه يجب أن نمنع الناس من العزاء على الحسين(عليه السلام)!
أو إنّ عدم وجود صناعة وطنية عندنا هو بسبب خروج مواكب العزاء والزنجيل!
فهل تعتقد حقّاً أنّه إذا منعنا مواكب العزاء سوف ينهض العراق إلى مصاف الدول الأُخرى؟!!
وما المانع من أن نقاطع البضائع الأجنبية ونخرج للعزاء في نفس الوقت؟!
ألم يعلّمنا الحسين(عليه السلام)، الذي نخرج لأجله، الإباء والحرّية والكرامة؟!
ونحن لا نقول: أنّ كلّ ما يصرف في المواكب الحسينية من قبل التجّار هو أفضل مورد لها، ولكن الناس تقبل على السهل اليسير، والمقطوع بالقبول في نظرها، وهم أحرار في أموالهم، ولو طرحنا المشكلة بصورة موضوعية وارتفع الوعي، لربّما كان الأمر بالاتجاه الأفضل والأحسن لخدمة الحسين(عليه السلام) وأهله، وتقدّم المجتمع بالمشاريع الخيرية.
ولكن هذا لا يعني أنّ ما يتبرّعون به للمواكب لا يوافق العقيدة الحسينية الصحيحة، فعليك أن لا تنسى أنّ هذه المواكب وهذه الشعائر هي التي أدّت إلى بقاء واستمرار جذوة الثورة الحسينية في قلوب أبناء شعبنا، وبقيت متواصلة مستمرة عبر الأجيال من الأجداد الى الأبناء؛ فتأمّل!

السؤال: الضرر في التطبير
البعض يقولون: كيف نتطبّر مع أنّ التطبير مضر؟
وإن لم يكن مضرّاً، فهو ممّا لا يعقل دخوله ضمن الدين وشعائره؟
الجواب:

إنّ موضوع التطبير له بحث خاصّ من الناحية الشرعية، ولا نريد أن ندخل فعلاً في هذا الباب، ولكن الذي نودّ أن نذكّر به في مورد السؤال هو: أنّه لا دليل على حرمة مطلق الضرر، وإلاّ لكان أكثر المباح حراماً، وهو كما ترى لا يمكن الالتزام به.
وأمّا دخوله ضمن الشعائر فهو يتبع مشروعية العمل أوّلاً، وتأثيره الإيجابي عند الناس ثانياً.
ولا نقول حينئذ انّه من صميم الدين، بل هو من مصاديق الشعائر الحسينية، التي تشدّ المؤمنين بواقعة كربلاء، وتحثّهم على التضحية والفداء في سبيل عقيدتهم.


تعقيب على الجواب (1)
ا
السؤال هو: عن التطبير والقول الصحيح فيه؟ والجواب عن هذه الشبهة: من يقول بجواز التطبير فإنّه يقول: إنّ التطبير من الحجامة؛ فلا إشكال فيه، كذلك إنّ الأصل في الأشياء الحلّ، ولم يأتِ دليل بالتحريم، والتطبير كذلك..
وكذلك العقيلة زينب(سلام الله عليها) حين ضربت برأسها مقدّم المحمل أمام الإمام زين العابدين(سلام الله عليه) ولم ينكر عليها.. وكذلك إنّ الفاطميات خمشن وجوههنّ..
وإنّ التطبير لا يوهن المذهب، مثله مثل رمي الجمرات في الحجّ مثلاً..
وإنّ قضية الضرر وما يترتّب عليها يجاب عليها: بما ورد عن النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) والأئمّة من بعده(عليهم السلام)؛ فقد ورد عن بعضهم القيام في الليل حتّى تتشقّق أقدامهم، وما ورد من أنّ بعض الأئمّة(عليهم السلام) حجّ ماشياً، كالإمام الحسن والسجّاد(عليهما السلام) حتّى تورمت قدماه.. ألا يكون هذا فعل جائز مع وقوع الضرر في فعله، فيكون كذلك التطبير فيه ضرر، ولكن جائز الفعل، مثله مثل القيام في الليل حتّى تتفطر القدم ويحصل الضرر؟!! وورد في زيارة الناحية المقدّسة: (ولأبكينّ عليك بدل الدموع دماً).
كما ورد في الروايات أنّ كلّ جزع منهي عنه إلاّ الجزع على الإمام الحسين(عليه السلام)، فيكون هنا خصوصية لجواز فعل التطبير، بل واستحبابه، مثل:
ما ورد عن الإمام الصادق(عليه السلام): (فأحيوا أمرنا يا فضيل، رحم الله من أحيا أمرنا).
ما ورد عن الإمام الرضا(عليه السلام): (انّ يوم الحسين أقرح جفوننا).
ما ورد عن الإمام السجّاد(عليه السلام) أنّه كان يبكي حتّى يمتزج في الإناء دموعه مع دم خارج من عينه.
ما ورد عن الإمام السجّاد(عليه السلام) من أنّه يقوم الليل حتّى تتفطر قدماه، وهذا فيه ضرر، ومع ذلك لم يترك هذا الأمر؛ إذ ليس كلّ أمر فيه ضرر يكون محرّماً.

تعقيب على الجواب (2)
عظّم الله لكم الأجر بمصاب الإمام الحسين(عليه السلام)، وجعلكم الله من الطالبين بثأره مع إمام منصور من أهل بيت النبوّة(عليهم السلام).
أمّا بالنسبة إلى مسألة التطبير، فإنّها من الأُمور التي جعلها العلماء من المستحبّات، هذا من الناحية الفقهية، فإنّنا نجد البعض - ومنهم بعض الشيعة - ينتقدوننا على هذا العمل، وذلك لجهلهم الفائدة المتوخّاة من ذلك، من جهة، ولِما يؤثّره الإعلام الوهّابي ومن كان على شاكلتهم من جهة أُخرى.
فأقول إلى أخوتي الشيعة: لا تتسرّعوا بالحكم على شيء لا تعرفون أبعاده.
وأمّا بالنسبة إلى صحّته، فنقول:
1- ضرب السيّدة زينب(عليها السلام) رأسها بمحمل الرحل، وسيل الدماء من تحت القناع أمام الإمام زين العابدين(عليه السلام)، عندما رأت أهل الكوفة خرجوا ينظرون إليهم، ولم يمنعها الإمام(عليه السلام) من ذلك.
2- ذكر الأئمّة(عليهم السلام): (إنّ يوم الحسين(عليه السلام) أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا...)(1)، وأنّ في القرح ألم للناس، فلو كان الحرمة في ذلك لنهوا الناس.
3- قول الإمام الحجّة المنتظر(عليه السلام) في زيارة الناحية: (لأبكينّ عليك بدل الدموع دماً)(2)، فلو كان الإدماء حراماً فلماذا يفعل ذلك الإمام(عليه السلام)؟
4- إنّه ليس كلّ ما يؤلم الإنسان حرام، وإلاّ لحرم الختان للصبيان، وثقب الأذن والأنف.
5- إنّ في التطبير تأسّي بالإمام الحسين(عليه السلام) الذي ضحّى بالغالي والنفيس من أجلنا، والذي لم يبقَ مكان في جسده إلاّ وقد أُدمي، وهو ينادي: (وأقلّه ناصراه)، فلو خرج من قبره لوجد هذه الحشود التي تلبس الأكفان، ومخضّبة بالدماء جنوداً مجنّدة تحت رايته، فهذه الدماء أسوة بدماء الحسين(عليه السلام)، وما أجمل هذه الأسوة من أجل رجل قدّم كلّ ما يملك من أجل رضا الله.
واعلموا أنّ في التطبير رضاً لله تعالى، ولرسوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وللإمام(عليه السلام)، كما قال أحد المراجع.
وهناك أسباب عديدة أخرى للتطبير، يطول المقام بذكرها، وعظّم الله لكم الأجر.
(1) الأمالي للشيخ الصدوق: 190 المجلس(27) حديث (199).
(2) المزار الكبير: 501 الباب (18).

تعليق على الجواب (1)
:
قرأت تعليقكم: ضرب السيّدة زينب(عليها السلام) برأسها بمحمل الرحل, وسيل الدماء من تحت القناع, أمام الإمام زين العابدين(عليه السلام) عندما رأت أهل الكوفة خرجوا ينظرون إليهم...الخ.
ولكنّي أتساءل: أين مصادرك عن كلامك؟ حيث لم تذكر المصدر, رغم إنّني أًؤيد المجالس الحسينية، ولكنّني لا أُؤيد التطبير وضرب الزنجيل.
الجواب:

1- لقد ذكر ضرب زينب لرأسها بمقدّم المحمل، كما ذكر صاحب (بحارالأنوار)(1).
2- لقد ورد في (الأمالي) عن الإمام الرضا(عليه السلام): (إنّ يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا، وأذلّ عزيزنا بأرض كرب وبلاء، وأورثنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون، فإنّ البكاء يحطّ الذنوب العظام)(2).
3- ورد في كتاب (المزار) للمشهدي زيارة خرجت من الناحية المقدّسة(عليه السلام)، قال في فقراتها: (ولأبكينّ عليك بدل الدموع دماً...)(3).
هذه هي مصادر ما ذكره عصام الحسيني في تعليقه على سؤال: الضرر من التطبير.

(1) بحار الأنوار 45: 115.
(2) أمالي الصدوق: 190 المجلس(27) حديث (199).
(3) المزار: 501 الباب (18).

السؤال: حكم التطبير
عرفت أنّ بعض العلماء يحرّمون التطبير، فكيف يمكن أن يتردّد الأمر بين الحرمة وبين الاستحباب، فهناك تفاوت كبير؟!
الجواب:

كلّ عمل لم يرد فيه نهي أو حرمة من الشريعة يكون الأصل فيه الإباحة، فالتطبير بالعنوان الأوّلي مباح عند جمهور الفقهاء، فإنّه وإن كان فيه ضرر, فإنّ هذا الضرر لا يوصله إلى مرحلة الحرمة, نعم لو كان في التطبير إزهاق نفس أو تلف عضو وما شابه ذلك فإنّه يدخل تحت عنوان الحرمة.
وأمّا الذين يقولون بحرمة التطبير، فإنّهم يقولون بحرمته بالعنوان الثانوي من جهة أنّ هذا العمل يولّد في هذا العصر نفوراً من المذهب أو الدين الإسلامي. والذي يقول باستحبابه يقول باستحبابه لدخوله تحت عنوان الشعائر.
فلا تناقض إذاً في الأحكام؛ فالفقهاء جميعاً متّفقون على أنّه إذا ولـّد هذا العمل نفوراً، أو ضرراً يُعتدّ به، أو إذا كان العمل يخالف مصلحة المذهب أوجب القول بحرمته، أو كراهته حسب الحكم الثانوي، وإذا دخل تحت عنوان الشعائر يقال باستحبابه. ويجب على كلّ مكلّف اتّباع المرجع الذي يقلّده في هذه المسألة، مثل جميع المسائل الفقهية.

السؤال: أدلّة جواز تحمّل الأذى حزناً على أولياء الله
هل يوجد دليل على جواز تحمّل الأذى حزناً على أولياء الله؟
الجواب:

هناك نصوص كثيرة تدلّ على مشروعية تحمّل الأذى حزناً على أولياء الله وأصفيائه، نذكر منها ما يلي:
1- إنّ النبيّ يعقوب(عليه السلام)، بكى على ولده النبيّ يوسف(عليه السلام) - على الرغم من علمه أنّه على قيد الحياة - حتـّى ابيضّت عيناه من الحزن، وقد قال له أبناؤه أيضاً: (( قَالُوا تَالله تَفتَأُ تَذكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَو تَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ )) (يوسف:85).
2- لقد بكى الإمام السجّاد(عليه السلام) على أبيه، حتـّى خيف على عينيه(1), بل خيف عليه أن يكون من الهالكين أيضاً(2).
3- كما أنّ الإمام السجّاد(عليه السلام) حين رأى الشهداء صرعى، كادت نفسه الشريفة تخرج، فقالت له عمّته السيّدة زينب(عليها السلام): (ما لي أراك تجود بنفسك...)(3).
4- وفي زيارة الناحية المقدّسة: (ولأبكينّ عليك بدل الدموع دماً، حسرة عليك، وتأسّفاً على ما دهاك وتلهّفاً، حتـّى أموت بلوعة المصاب، وغصّة الاكتئاب)(4).
5- وعن الإمام الرضا(عليه السلام): (إنّ يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا)(5).
6- روي أنّ الإمام السجّاد(عليه السلام)، كان يبكي عند شرب الماء، حتـّى يجري الدمع في الإناء(6).
7- يذكرون أنّ السيّدة زينب(عليها السلام) قد ضربت جبينها بمقدّم المحمل، حتـّى سال الدم من تحت قناعها(7).
8- حين عاد السبايا إلى المدينة، ((فما بقيت في المدينة مخّدرة ولا محجّبة إلاّ برزن من خدورهنّ مكشوفة شعورهنّ، مخمشة وجوههنّ، ضاربات خدودهنّ))(8).
وهكذا جرى في الكوفة أيضاً، حين وصل السبايا إليها؛ إذ خطب حينئذ الإمام السجّاد(عليه السلام)، وأُمّ كلثوم، وفاطمة بنت الحسين(عليه السلام)(9).
9- روي عن الإمام الصادق(عليه السلام): أنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم يعترض على نساء الأنصار في ما فعلن في أنفسهنّ بعد قضية أُحد؛ حيث إنّهنّ قد خدشن الوجوه، ونشرن الشعور، وجززن النواصي، وخرقن الجيوب، وحرمن البطون على النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم), فلمّا رأينه قال لهنّ خيراً، وأمرهنّ أن يستترن، ويدخلن منازلهنّ(10).

(1) مناقب آل أبي طالب 3: 303، بحار الأنوار 46: 108 حياة الإمام السجّاد(عليه السلام).
(2) كامل الزيارات: 213 الباب(35) حديث (306)، أمالي الصدوق: 204 المجلس(29) حديث (221)، الخصال: 273 باب الخمسة، بحار الأنوار 12: 264.
(3) كامل الزيارات: 444 الهامش (ملحق كامل الزيارات قسم الزيادات)، بحار الأنوار 28: 58 كتاب الفتن.
(4) المزار: 15 الباب (18) زيارة الناحية المقدّسة، بحار الأنوار 98: 238 و241 و317 و320.
(5) أمالي الصدوق: 190 المجلس(27) حديث (199)، بحار الأنوار 44: 284.
(6) تاريخ النياحة 6: 146، عن جلاء العيون للسيّد عبد الله شبّر، وعن أعيان الشيعة.
(7) بحار الأنوار 45: 115، الفردوس الأعلى: 19 - 22، المجالس الفاخرة: 298.
(8) اللهوف: 114، بحار الأنوار 45: 147، دعوة الحسينية: 117.
(9) انظر: اللهوف: 88، بحار الأنوار 45: 112.
(10) الكافي 8: 318، بحار الأنوار 20: 107 - 109، تفسير الصافي 1: 387، تفسير نور الثقلين 1: 398.

يتبع












عرض البوم صور الشيخ عباس محمد   رد مع اقتباس