عرض مشاركة واحدة
قديم 19-06-2016, 10:41 AM   رقم المشاركة : 4
الكاتب

أحلى من العسل


الملف الشخصي









أحلى من العسل غير متواجد حالياً


افتراضي لنذق طعم حلاوة ضيافة الله 4

كالطفل المشغول باللعب، حينما يرى أمه فجأة

نحن كالطفل الحَرِك الذي وإن كان قد انشغل باللعب والمرح بعيدا عن حضن أمه، وما إن وقعت عينه على أمه، يتذكر عطشه إلى حنانها، فيسرع باكيا إلى حضنها، ولكن بعد أن اطمأن قليلا في دفئ حنان أمّه، سرعان ما يلتفت إلى حوله باحثا عن شيء جديد يلعب به، فيغادر حضن أمه الحنون إلى الملاعيب التي لا قيمة لها، وقد نسي أنه كان قد فرّ منها باكيا إلى أمه قبل لحظات.
مع هذا الفارق وهو أن الطفل يحتاج في مراحل نمائه إلى اللعب. والغفلة عن الأم نعمة لها لتستريح قليلا وتقوم ببعض شؤونها، ولكننا نستطيع أن نفهم هذه الحقيقة حتى لو كنّا في أوج البلاهة وهي أننا بحاجة إلى محبّة الله في كل لحظة، فلا ينبغي أن يكون كل حظنا من ذوق محبة الله محدودا بمجلس ضيافة رمضان، فليست أي غفلة عن حنان الله بنافعة لنا. وأي لعب يفصلنا عنه فهو لعب خطر ومدمّر ولابدّ من أخذ مضارّه على مأخذ الجدّ.
ترى بعض الناس ـ وللأسف ـ لا يستأنسون بلقاء أقربائهم وأصدقائهم القدامى إلا بعد فراق طويل. وعلى العكس، أصحاب القلوب السليمة يحنّون إلى أصدقائهم بسرعة. وكذلك ترى بعض الناس لا يرغبون في التصالح إلّا بعد مضيّ فترة مديدة من الزعل. بينما قلوب أولياء الله الرقيقة لا تطيق البعد والهجران ويحنّون إلى الحديث مع الله خمس مرّات على الأقل يوميّا، فكأنهم لا يقدرون على أي خطوة ما لم يتحدّثوا مع اللّه مليّا.

ألا يسأم أولياء الله من صحبتهم مع الله؟

طيّب، فلأسألكم سؤالا؛ ما هو شعور هؤلاء بحلول شهر رمضان والدخول في شهر الله؟ هل لأنهم مع الله دائما، فتصبح ضيافة شهر رمضان تكرارية لهم؟ وهل أن طراوة شهر رمضان هي خاصّة بالغرباء أو النائين عن جوار الله؟ أ وهل أنكم تزعمون مثل بعض العوام أنه إذا كنا مع الله دائما، فسوف نضجر منه؟ وهل أنكم تتساءلون كالغافلين أن ما هي نزهة أولياء الله الذين قضوا حياتهم كلها معه وأين التنويع في حياتهم؟!
إنه لخطأ شائع وتصوّر باطل وقد تورّط به الكثير من الناس، فهم يزعمون أن أولياء الله إنما تحمّلوا الثبات مع الله، لأنهم نفضوا أيديهم من التنزّه وأنواع اللذات والمسرّات التي يحتاجها الإنسان بطبيعته، أو لأنهم فارقوا الدنيا وطلّقوها. والأجر الذي سينالونه يوم القيامة إنما بسبب العذاب الذي تجرعّوه في بقائهم مع الله. فإن أمثال هؤلاء العديمي الخبرة في الدين يزعمون أن معرفة الله لا تزيد عن إدراكهم البدوي عن الله والمؤمنون إنما يعكفون في المساجد ويكرّرون نفس هذه المفاهيم البدائية بلا أن يحظوا بأي إدراك وشعور جديد عن الله.
لقد قال الإمام الصادق(ع) في حديث عميق وعرفاني: «لَوْ يعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي فَضْلِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَا مَدُّوا أَعْينَهُمْ إِلَي مَا مَتَّعَ اللَّهُ بِهِ الْأَعْدَاءَ مِنْ زَهْرَةِ الْحَياةِ الدُّنْيا وَ نَعِيمِهَا. وَ کَانَتْ دُنْياهُمْ أَقَلَّ عِنْدَهُمْ مِمَّا يطَئُونَهُ بِأَرْجُلِهِمْ وَ لَنُعِّمُوا بِمَعْرِفَةِ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ وَ تَلَذَّذُوا بِهَا تَلَذُّذَ مَنْ لَمْ يزَلْ فِي رَوْضَاتِ الْجِنَانِ مَعَ أَوْلِياءِ اللَّهِ. إِنَّ مَعْرِفَةَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ آنِسٌ مِنْ کُلِّ وَحْشَةٍ وَ صَاحِبٌ مِنْ کُلِّ وَحْدَةٍ وَ نُورٌ مِنْ کُلِّ ظُلْمَةٍ وَ قُوَّةٌ مِنْ کُلِّ ضَعْفٍ وَ شِفَاءٌ مِنْ کُلِّ سُقْمٍ» [الكافي/ج8/ص247/ کتاب الروضة، ح347]

3ـ عيد أولياء الله؛ فرصة لتلبية احتياجاتهم

حقيقة الأمر هي أن من بين جميع الناس إنّما الأولياء المتصلون بالله هم الذين يعيشون ضيافة عامرة في قلوبهم طوال أيام السنة في غير رمضان، وهم ضيوف الرحمان في الخلوة، ولا يذوق طعم الحضور في مجلس الضيافة أحد سواهم.
وأساسا قد أقيم مجلس الضيافة لهؤلاء، وأمّا باقي الناس فهم على هامش المجلس. إن السبب الرئيس هو أن تلبّي احتياجات هؤلاء الأولياء، ثم يتنعّم أهل العالم جميعا من فضائل هذه المائدة الزاخرة بالفيض.
إنّ تضاعف أجر أعمال شهر رمضان في الواقع من أجل ملء الوعاء المعنوي الواسع جدّا الذي يحظى به هؤلاء النيّرون العظام. فكأن رقّة قلبهم دفعت دعوات الجميع إلى مواطن الاستجابة في شهر رمضان. ولأنّ أجنحتهم أوسع من نطاق هذه الدنيا الضيّقة، ولا يتسنّى لهم الطيران والتحليق في الظروف العادية، فتحت لهم أبواب السماوات في هذا الشهر.
ولذلك سمّي شهر رمضان عيد أولياء الله كما جاء في دعاء الإمام زين العابدين(ع): «اَلسَّلامُ عَلَيكَ يا شَهرَالله الأکبَرِ وَ يا عِيدَ اَولِيائِه» [الصحيفة السجادية/ الدعاء 45]
هذا هو الدليل الثالث لبهجة شهر رمضان والذي هو مختصّ بأولياء الله، وقلّ من يعيش هذه التجربة. ولكن حسبنا أن يحلو لنا الاستماع عن بهجتهم، ممّا يشدّد أمنية النيل إلى هذا المقام وتجربة تلك الساعات في قلوبنا. فإنه علامة جيّدة.

دخول ضيوف الرحمن الخواصّ في مدينة الله

إن ضيوف الرحمن الخواصّ يبدأون هذا الشهر منذ اليوم الأول بحرارة مضاعفة ويدخلون مدينة الله بشوق وحماس أعلى. فهم يعرفون المدينة تماما، ويعلمون إلى أي أزقة يتجهون وفي أي بيوت يسكنون. فلا ينظرون إلى هنا وهناك مستطلعين، ولم يكن شوقهم وحماسهم ناجما من كون المناظر جديدةً تجلب الأنظار. يفتحون أجنحتهم وكأنهم يريدون أن يحتضنوا المدينة برمّتها ويقبّلوا طلعتها البيضاء كوجه القمر. وفي نفس الوقت إذا رأيتهم، سترى غبرة حزنهم من غروب آخر يوم من شهر رمضان، بيّنة في دموع شوقهم:
«السَّلَامُ عَلَيكَ مِنْ مَطْلُوبٍ قَبْلَ وَقْتِهِ، وَ مَحْزُونٍ عَلَيهِ قَبْلَ فَوْتِهِ» [المصدر نفسه]. فإنهم لا يغفلون عن مغادرة شهر رمضان اغترارا بالأيام الباقية من، فهم من اليوم الأول كمن يعيش آخر لحظات هذا الشهر وقد عقد أمله باللّه وحده في أن لا يخرج من هذا الشهر خائباً. فأملهم منذ اليوم الأول في ربّ اليوم الأخير ولم يباهوا بطاقتهم وقابليّتهم في العبادة.






من مواضيع أحلى من العسل » مقطع فلم لسماحة الشيخ بناهيان باسم"التديّن السارّ"
» مقطع فلم لسماحة الشيخ بناهيان باسم"شهر رمضان المهدوي"
» مقطع فلم لسماحة الشيخ بناهيان باسم"أزيلوا سوء الفهم هذا"
» مقطع فلم لسماحة الشيخ بناهيان باسم" كيف ننتفع من هذا الشهر الفضيل؟"
» مقطع فلم لسماحة الشيخ بناهيان باسم" لماذا يبلغ الصالحون مبلغاً في الفساد إذا فسدوا؟!"
رد مع اقتباس