عرض مشاركة واحدة
قديم 03-10-2015, 01:49 PM   رقم المشاركة : 6
الكاتب

أحلى من العسل


الملف الشخصي









أحلى من العسل غير متواجد حالياً


افتراضي ضرورة الوعي السياسي 2.2


من أهمّ برامج الله لتمهيد الإنسان للقائه هو التحلّي بالوعي السياسي/ التحلّي بالوعي السياسي جزء من العمليّة التربويّة للقاء الله

بعد هذه المقدّمة، نشير إلى أحد أهم برامج معسكر الحياة الدنيا لتربية الإنسان. من أهمّ البرامج التي تمهّد الإنسان للقاء الله والتي تعتبر أصعب مرحلة تعليميّة له هو التحلّي بالبصيرة السياسيّة. ففي هذه المرحلة ينبغي للإنسان أن يكون قد ابتعد كثيرا عن الجهل وحظي بمرتبة عالية من النور والمعنويّة لكي يعي هذا البرنامج وينجح فيه.
التحلّي بالوعي السياسي جزء من برنامج معكسر حياة الإنسان في هذه الدنيا. وإنه في ضمن العمليّة التربويّة المؤدّية إلى لقاء الله. كلّما جاهد النبي(ص) في هذا المجال، لم يبلغ هذا الوعي الديني العالي بعد وفاة النبي(ص) إلا أربعة. «قَالَ عَلِيٌّ ع إِنَّ النَّاسَ کُلَّهُمْ ارْتَدُّوا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص غَيرَ أَرْبَعَة»[رجال الكشي/11 و اختصاص المفيد/6 و سليم بن قيس/2/598]
ولا أقصد من الوعي الديني العالي، الوعي السياسي بل الوعي الديني نفسه، لأن سياستنا عين ديانتنا. إذن من لم يحظ بالوعي السياسي يفتقد الوعي الديني أيضا. إذ لا يعرف المطلوب منه بعد. فإن الله لا يريد منّا الصلاة والعبادة وحسب، وإلّا لكان قد رضي عن إبليس إذ كان يقوم بكل هذه الأعمال.
وأمّا أنّه ما العلاقة بين لقاء الله والوعي السياسي، فهذا ما يحتاج إلى بحث مفصّل ليس مجاله الآن، وبإمكانكم أن تفكّروا في هذه المسألة.

كان النبي(ص) بصدد إيصال الناس إلى قمّة عالية باسم «الوعي السياسي»/ ولكن لم يبلغ هذه القمّة إلا أربعة

بدأ النبي الأكرم(ص) في بداية تاريخ الإسلام بتربية الناس، ولعلّ من أسهل مراحل التربية هي تثقيفهم على القانون. طبعا لا يخفى على من درس التاريخ أن العرب يومئذ لم يكونوا بعيدين عن القانون والحضارة جدّا. فكان من أسهل أدوار النبي(ص) هو دعوة الناس إلى بعض الأعمال الصالحة كالصلاة والصدق وغيرها.
ولكن لابدّ أن نعرف أن نبيّ الإسلام(ص) بعظمته والذي كان الأنبياء جميعا مقدمة لظهوره، كان يريد أن يوصل الناس إلى أيّ قمّة؟ بإمكاننا أن نقول: إن هذه القمّة هي الوعي السياسي وإلّا فباقي القضايا أسهل منها. أفهل استطاع النبي(ص) أن يأخذ بأيد الناس إلى تلك القمّة؟ الجواب هو أن قد بلغها أربعة فقط.

ما هي قمّة الديانة التي لم تبلغها الأمّة؟ الوعي السياسي العالي

أيّ أقسام الإسلام قد تحقّق في زمن النبي وأيّ الأقسام لم يتحقّق؟ يبدو أن قد انحلّت بعض الأحكام مثل الصلاة والصوم والزكاة والجهاد والشهادة ولم يكن المجتمع يعاني من مشكلة يومئذ. إذن أيّ قسم بقي بلا عامل؟ أولم يكن هذا القسم يمثّل أعلى مراتب الدين؟ فلا يمكن أن نقول: لقد تحقّقت أعلى مراتب التديّن وإنما كانت قد بقيت مشكلة فرعية فقط! كيف يكون قد بلغوا القمّة في التديّن ولكنّهم لم يجتازوا سفح الجبل؟!
فما هي قمّة الدين التي لم تصل إليها الأمّة يومئذ؟ وما هي هذه القمّة التي إن لم يكن قد دعا إليها النبيّ، فكأنه لم يبلّغ رسالته (وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَه) [المائدة/67]؟ إنه الوعي السياسي الرفيع والعالي جدّا الذي لم تبلغه أمّة الإسلام يومئذ.

ينبغي للبرنامج التربوي أن يكوّن أركان شخصية الطفل، بحيث يميل عند كبره إلى الدين

أوقفوا هذا الموضوع في هذه النقطة. هنا نريد أن نطرح موضوعا آخر ثم نرجع إلى هذه النقطة. اعتقادي في القضايا التربوية هو أنه ينبغي للبرنامج التربوي أن يكوّن أركان شخصيّة الطفل، بحيث يميل عند كبره إلى الدين تلقائيّا. نحن لا نحتاج إلى ضخّ التعاليم الدينية في السنين السبع الأولى من عمر الطفل، وحتّى إن لم نعلّمه شيئا من الدين فلا بأس. فليست إسلاميّة المدرسة بهذه التعاليم.
حسبنا أن نمرّن الطفل على التفكير المنطقي والإبداع وأن نعزّز فيه بعض المفاهيم الإنسانيّة. عند ذلك سوف يصلّي هذا الطفل صلاة الليل تلقائيّا بلا حاجة إلى تأديبه بالتعاليم الدينية. فعلى سبيل المثال من مؤشرات الإبداع هو أن يكون الإنسان مستقلّا لا يقلّد الآخرين وحرّا غير مرهون بتحسينهم ولومهم. فإنه سوف يكون عبدا لله، لأن عبد الله هو من آمن بأن «لا إله إلا الله» واقعا.

إن توفّرت مقدّمات التديّن في شخصية الإنسان، يسهل عليه ذلك/ طرق إصلاح جذور شخصية الطفل في روضات الأطفال

إن توفّرت مقدّمات التديّن المعنويّة في شخصيّة الإنسان، يسهل عليه ذلك. فعلى سبيل المثال في موضوع الولاء، إن خضع الإنسان للنظام التسخيري، يستعدّ للولاء ولا يحتاج عندذلك إلى أن تقنعه بقوّة الأدلّة والبراهين.
فما الذي يجب أن نفعله في روضة الأطفال لكي يستعدّ الأطفال للولاء؟! في البداية يجب أن نصلح جذور شخصيتهم. فعلى سبيل المثال نعدّ لهم لعبة، بحيث يتعرّف كل طفل عبر هذه اللعبة على الفوارق الموجودة بينه وبين غيره، ثم يتقبّل هذه الحقيقة برحابة صدر وهي أنك تحظى بهذه المواهب وغيرك يحظى بمواهب أخرى. فلنوطّنه منذ الصغر والطفولة على معرفة الفوارق وتقبّلها. ولا نحاول أن نوحّد بين الجميع ونسعى لنجعلهم سواء في كلّ شيء.
تحاول أنظمة التربية والتعليم عادة أن توحّد بين الطلاب جميعا تحت عنوان العدالة، خلطا منهم بين العدالة والمساواة. مع أن في كثير من الأحيان ليس عملهم عدالة، بل توهمّ العدالة أو تفسيرا خاطئا عن العدالة. فعلى سبيل المثال، لا ينبغي أن يكون الثواب والعقاب بطريقة موحّدة للجميع. بل قد تقتضي العدالة أن يطرد أحد الطلّاب بثلاث غيابات، ولا يطرد الآخر حتى بعشر غيابات.
بمقتضى النظام التسخيري «أنا أعرف شيئا وأنت لا تعرفه، وأنت تعرف شيئا وأنا لا أعرفه»، فلابد أن أتواضع لك لما تعرفه أنت وأنا أجهله، وكذا العكس. لابدّ أن نطيل التمرين على هذا الأمر. فأولئك الذين يخضعون لهذه الحقيقة بسهولة، يستطيعون أن يتقبّلوا تفضيل الله بعض الناس على بعض برحابة صدر. ولكن المشكلة هي أن كثيرا من الناس لا يقدرون على تقبّل هذه الحقيقة. فعلى سبيل المثال، كثير من الناس لا يستطيعون أن يتقّبلوا أفضلية إنسان مثلهم وتفوّقه في تخصّصه ومهنته كتصليح بعض الأجهزة أو مهنة الكهربائية.
في بعض الأحيان يُحوِجُ الله بعض الشخصيات الكبار إلى أشخاص صغار غير مهمّين. مثلا قد احتاج النبي سليمان(ع) إلى هدهد ليعطيه خبرا كان يجهله. فليس لله مع أحد قرابة، فقد جعل الناس يحتاج بعضهم إلى بعض. فكيف يكون ولائيا من لم يخضع للنظام التسخيري، في حين أنه لم يحظ بالركائز الشخصية المحتاج إليها في الولاء؟

يتبع إن شاء الله...


من مواضيع أحلى من العسل » مقطع فلم لسماحة الشيخ بناهيان باسم"التديّن السارّ"
» مقطع فلم لسماحة الشيخ بناهيان باسم"شهر رمضان المهدوي"
» مقطع فلم لسماحة الشيخ بناهيان باسم"أزيلوا سوء الفهم هذا"
» مقطع فلم لسماحة الشيخ بناهيان باسم" كيف ننتفع من هذا الشهر الفضيل؟"
» مقطع فلم لسماحة الشيخ بناهيان باسم" لماذا يبلغ الصالحون مبلغاً في الفساد إذا فسدوا؟!"
رد مع اقتباس