عرض مشاركة واحدة
قديم 20-06-2016, 02:59 PM   المشاركة رقم: 5
معلومات العضو
أحلى من العسل

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
أحلى من العسل غير متواجد حالياً

كاتب الموضوع : أحلى من العسل المنتدى : جنة أحباب الحسين الرمضانيه
افتراضي لنذق طعم حلاوة ضيافة الله 5

لنذق طعم حلاوة ضيافة الله ـ 3

سماحة الشيخ بناهيان: المدينة التي تتيح لنا إمكان رؤية حقيقة الدنيا، وذوق حلاوة الآخرة

كتاب «مدينة الله؛ شهر رمضان وأسرار الصيام» ـ باللغة الفارسية ـ لسماحة الشيخ بناهيان والذي قد نزلت إلى الأسواق الطبعة الثامنة منه، يشتمل على نقاط ورؤى جديدة وعمليّة للانتفاع الأكثر من شهر رمضان وقد كتب بلغة سهلة وبسيطة. فوددنا أن نستقبل أيام شهر رمضان ولياليه الجميلة بمقاطع ومقتطفات من هذا الكتاب. فإليكم القسم الثالث من هذه المقاطع

إن لله في هذا العالم مدينة

قال رسول الله(ص): «أَيهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ أَقْبَلَ إِلَيکُمْ شَهْرُ اللَّهِ بِالْبَرَکَةِ وَ الرَّحْمَةِ وَ الْمَغْفِرَةِ ...» [عيون أخبار الرضا(ع)، ج1، ص295، الباب 28، الحديث53]
المدن كلّها تقع في ظرف المكان، ولكن لله مدينةً في هذا العالم قد أنشأها في ظرف الزمان. إن مدينة الله التي تكون موطن ضيوف الله ومستقرّهم في كل عام، في وقت معلوم وبحَجْم غير معلوم، هي بيت الله الملكوتي ومضيفه الملكي الذي قد بني بشموخ رائع بلا نظير كالقلعة ذات الأبراج العالية على تلّ إحدى بساتين الجنّة. إنها المدينة التي يطوف فيها ملائكة الله حول ساكني البيت ويحرمون لضيافة ضيوف الرحمن.
إن هذه المدينة العتيقة التي يعود تاريخ إنشائها إلى بدء الخلق وتبدو في مختلف أرجائها مواطئ أقدام أولياء الله، كانت في ما مضى مضيف أنبياء الله وحسب، بيد أنها توسّعت حتى أصبحت تستوعب أمّة النبي الخاتم بأجمعهم. ثم تنتهي أفرع هذه المدينة العتيقة وأزقتها كلّها إلى الله سبحانه.
بالرغم من أن المدينة واسعة جدّا، غير أن طرقها قصيرة وتُقطع المسافات فيها بسرعة. إن الأفرع الممتدّة بين بساتين المدينة وإن كانت قديمة، ولكنها غير مهدّمة. لقد استعدت الأزقة لضيافة ضيوف الله، فهي مكنوسة ونظيفة وقد علت أطرافها أشجار باسقات خضراء قد خيّمت على المشاة بحنان ظلالها غير المظلم. في منعطف كل زقاق ترى بيتا من بيوت أولياء الله وقد علا منها صوت شجيّ يتلو القرآن ليلفتك إلى آية من آيات الرحمن.
آلاف من ملائكة الله الحسان مشغولون بالضيافة من دون أن يحدثوا ضجيجا أو يشغلوا حيّزا من المكان. فشفاههم تسبح بحمد ربّهم وأنظارهم تثني على ضيوف ربّهم.
كأن ضيوف هذه المدينة مقيمون فيها وأصبحوا من أهل البيت، ولذلك لا يستغربون ولا يستوحشون، فتراهم يعرفون مختلف أرجاء هذه المدينة حقّ المعرفة. لكلّ أحد منهم شأن ومقام، ولكلّ قصر وإيوان. لقد عُيّن محل إقامة الجميع من قبل، ولكلٍّ درجة ومنزلة معلومة. فكلّ بحسبه ومقامه كيوم القيامة، ولكن بشكل غير محسوس.
إن بعض الضيوف قريبون جدّا من الله وليس بينهم وبين الله فاصل كما هو المعتاد فيهم. بينما بعض الضيوف جيران الله عن بعد مسافة أفرع. وفي أي الأحوال يشعر الضيوف في جميع بيوت المدينة بوجود الله أكثر من جميع أوقات الدنيا. فهم يمدّون أيديهم إلى الله بالدعاء، ولكنّهم يجدونه أقرب من كل وقت فكأنه قد ضمّهم إليهم وعانقهم، فيظلّون في وله ودهشة من لقائه.
لقد زاد الجوع والعطش في جمال نظرات أولياء الله الملتمسة. النظر إلى مدى عشق الضيوف الذين لم يمدّوا أيديهم إلى طعام المائدة، وإلى ضعف رمق أجسامهم ممتع وجميل. يبدو أن جميع أهل المدينة عشّاق بحيث لم يطعموا الماء مع أنه في متناولهم، وكأنهم مفتونون بحيث يملكون الطعام ولا يلتفتون إليه. كلٌّ مطلع عن أحوال الآخر، ولكن وبالرغم من تحاببهم الشديد، يصبر بعضهم على جوع بعض في النهار ويتسابقون في إطعام بعضهم البعض في الليل.
إنما في هذه المدينة فقط يمكن مشاهدة حقيقة الدنيا وذوق حلاوة الآخرة. فقبل أن يدخل الإنسان في هذه المدينة لم يكن يصدّق كم أن الحياة المنزّهة عن أردان الدنيا تلصق بالفؤاد. وهناك يتسنّى إدراك أنك كلّما حظيت بملذّات الدنيا، يقلّ حظك من لذة الحياة. إن الإمساك عن الطعام والشراب يقويك ويحقّر الدنيا في عينك. وفي هذه المدينة يمكنك أن ترى كيف أن الدنيا أسيرة بيد الإنسان وليس لها أن تهيمن عليك.












عرض البوم صور أحلى من العسل   رد مع اقتباس