الموضوع: بيعة الغدير
عرض مشاركة واحدة
قديم 31-08-2017, 05:19 PM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

الشيخ عباس محمد


الملف الشخصي









الشيخ عباس محمد غير متواجد حالياً


افتراضي

بسنده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه: شهد عليا رضي الله عنه في الرحبة، ‏قال أنشد الله رجلا سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشهده يوم غدير خم إلا ‏قام؟ ولا يقوم إلا من قد رآه.‏
فقام إثنا عشر رجلا فقالوا: قد رأيناه وسمعناه حيث أخذ بيده يقول: اللهم وال من ‏والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، فقام إلا ثلاثة لم يقوموا ‏فدعا عليهم فأصابتهم دعوته.‏
وأخرج ابن كثير في تاريخه: ج5/211 وج7/346 من طريق أبي يعلى وأحمد ‏بأسناديه ثم قال: وهكذا رواه أبو داود الطهوي... ورواه السيوطي في جمع الجوامع ‏والمتقي في كنز العمال: ج6/397 عن الدار قطني، ولفظه: خطب علي فقال: ‏أنشد الله امرء نشدة الإسلام سمع رسول (صلى الله عليه وآله) يوم غدير خم أخذ ‏بيدي ‏
<=

____________
=>
يقول: ألست أولى بكم يا معشر المسلمين من أنفسكم؟ قالوا بلى يا رسول الله! ‏قال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من ‏نصره، واخذل من خذله، إلا قام فشهد؟ فقام بضعة عشر رجلا فشهدوا، وكتم قوم ‏فما فنوا من الدنيا إلا عموا وبرصوا.‏
وأخرج الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء: ج5/26: بسنده عن عميرة بن سعد قال: ‏شهدت عليا ع على المنبر ناشد أصحاب رسول الله و فيهم أبو سعيد و أبو هريرة و ‏أنس بن مالك و هم حول المنبر و علي ع على المنبر و حول المنبر اثنا عشر هو ‏منهم فقال علي ع: نشدتكم بالله هل سمعتم رسول الله ص يقول من كنت مولاه ‏فعلي مولاه؟ فقاموا كلهم فقالوا: اللهم نعم. و قعد رجل. فقال: ما منعك أن تقوم؟ ‏قال كبرت و نسيت يا أمير المؤمنين: فقال: اللهم إن كان كاذبا فاضربه ببلاء حسن. ‏قال : فما مات حتى رأيت بين عينيه نكتة بيضاء لا تواريها العمامة.‏
اعلم أيها القارئ الكريم أن مصادر العامة في هذا الخبر وأمثاله أكثر مما ذكرت ولكن ‏رعاية للاختصار أعرضت عن ذكرها جميعا.‏
وإني أتعجب من هذا الأمر، فإن الاسلام يحكم لكل مدع يستند بشاهدين لإثبات ‏حقه ومدعاه، والإمام علي (عليه السلام) شهد له كما في بعض الروايات ثلاثون ‏رجلا، كما في رواية أحمد في مسنده: ج4/370 وأخرجه الحافظ الهيثمي في ‏مجمعه وصححه ، وأخرجه سبط بن الجوزي في التذكرة ص 17 والسيوطي في ‏تاريخ الخلفاء ص 65 والسيرة الحلبية: ج3/302.‏
وهو مع ذلك مغلوب على أمره! وإلى اليوم لا يعترف له كثير من المسلمين ‏ويرفضون حقه الثابت في إمامته وفي خلافته لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ‏مباشرة من غير فصل فهو الخليفة الأول، ومن تقدم عليه غاصب لحقه من غير شك ‏وريب.‏

فاحتجاج أمير المؤمنين ‏(عليه السلام) بحديث الغدير على خصومه لإثبات ‏خلافته وإمامته على الأمة، هو اكبر دليل على أن المقصود من كلمة المولى ‏في حديث النبي (صلى الله عليه وآله) الأولوية والتصرف في شئون الأمة ‏والدولة الإسلامية.‏
____________
=>
وأما الكلام في الروايات التي ذكرت عدد الشهود في مناشدة الإمام علي (عليه ‏السلام) المسلمين في حديث الغدير لأهميته.‏
أو نقول: أن كلا من الرواة ذكر من عرفه أو التفت إليه، أو أنه ذكر من كان في جانبي ‏المنبر أو من كان إلى جنبه ولم يلتفت إلى غيرهم كما نقل النسائي في كتابه ‏خصائص مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) 26/ طبع مطبعة التقدم ‏بالقاهرة أخرج بسنده عن سعد بن وهب قال: قال علي كرم الله وجهه في الرحبة: ‏أنشد بالله من سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم غدير خم يقول: إن الله ‏ورسوله ولي المؤمنين ومن كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ‏وانصر من نصره.‏
قال: فقال سعيد: قام إلى جنبي ستة، قال زيد بن منيع: قام عندي ستة. ‏فالشاهد في الخبر والمقصود، العبارة الأخيرة، أو لحساسية الموقف وأهميته وكثرة ‏الحاضرين ذهل بعض عن بعض فنقل كل راو من ضبطه من الشهود، إلى غير ذلك ‏من الاحتمالات.‏
وأود أن ألفت نظر القارئ الكريم إلى هذا الأمر وهو: أن المناشدة كانت بعدما يقارب ‏من خمسة وعشرين عاما منن يوم الغدير، وفي هذه المدة كان كثير من الصحابة ‏قد قضى نحبه وكثير منهم انتشروا في البلاد وكثير منهم يوم المناشدة في المدينة ‏المنورة بعيدين عن الكوفة، ثم إن المناشدة كانت من ولائد الساعة بالاتفاق ‏والصدفة من غير أية سابقة وإعلام وكان في الحاضرين من يكتم شهادته سفها أو ‏بغضا كما مرت الروايات فيها، ومع ذلك شهد للإمام علي (عليه السلام) جم غفير، ‏فكيف ما لو لم تكن الموانع؟ ‏
القرينة الرابعة
وأما القرينة الأخرى التي تدل على أن معنى المولى في كلام رسول الله ‏‏(صلى الله عليه وآله) يوم الغدير هو الأولية في التصرف في شئون الأمة ‏والدولة، قوله (صلى الله عليه وآله): ألست أولى بكم من أنفسكم؟، يشير ‏صلوات الله وسلامه عليه إلى الآية الشريفة: {النبي أولى بالمؤمنين من ‏أنفسهم}(1).‏
فقال الحاضرون كلهم: بلى يا رسول الله! فقال حينئذ: من كنت مولاه فهذا ‏علي مولاه، فسياق الكلام واضح والمرام أوضح وهو تثبيت ولاية علي ‏‏(عليه السلام) وأنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم كما أن النبي أولى بهم
شبهة.‏
: لقد ذكر هذه الجملة بعض المحدثين وهم قليل فأكثر المحدثين ‏وأعلامهم لم يذكروا بأن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: ألست أولى بكم ‏من أنفسكم!
الرد‏
. الذين ‏ذكروا هذه الجملة من حديث النبي (صلى الله عليه وآله) ‏
____________
1- سورة الأحزاب، الآية 6.‏

وخطبته يوم الغدير فكثير منهم:‏
1ـ سبط ابن الجوزي في تذكرة خواص الأمة: ص 18.‏
2ـ أحمد بن حنبل في / المسند.‏
3ـ ابن الصباغ المالكي في / الفصول المهمة.‏
4ـ الحافظ أبو بكر البيهقي في / تاريخه.‏
5ـ أبو الفتوح العجلي في / الموجز في فضائل الخلفاء الأربعة.‏
6ـ الخطيب الخوارزمي في / المناقب / الفصل 14.‏
7ـ والعلامة الكنجي الشافعي في / كفاية الطالب / الباب الأول.‏
8ـ والعلامة القندوزي الحنفي في / ينابيع المودة / الباب 4.‏
نقله من مسند الإمام أحمد ومشكوة المصابيح وسنن ابن ماجة وحلية الأولياء ‏للحافظ أبي نعيم ومناقب ابن المغازلي الشافعي وكتاب الموالات لابن عقدة، ‏وكثير من أعلامكم غير من ذكرنا أسماءهم، كلهم ذكروا فيما رووا عن ‏النبي (صلى الله عليه وآله) يوم الغدير أنه قال: ألست أولى بكم من أنفسكم؟
فقالوا: بلى! قال: من كنت مولاه فعلي مولاه... الخ.‏
واليك ما رواه إمام أصحاب الحديث أحمد ‏بن حنبل في مسنده ج4 ص 281.‏
أخرج بسنده عن البراء بن عازب قال: كنا مع رسول الله (صلى الله عليه ‏وآله) في سفره فنزلنا بغدير خم ونودي فينا بالصلاة جامعة فصلى الظهر ‏وأخذ بيد علي فقال: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: ‏بلى، قال: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، قال: ‏من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من ‏

عاداه، فلقيه عمر بن الخطاب بعد ذلك، فقال له: هنيئا لك يا ابن أبي طالب ‏أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة.‏
رواه المير علي الهمداني الشافعي في مودة القربى / المودة الخامسة.‏
ورواه الحافظ القندوزي في ينابيع المودة / الباب الرابع.‏
ورواه الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء.‏
رووه مع اختلاف يسير في ألفاظه والمعنى واحد.‏
وروى ابن الصباغ المالكي في كتابه الفصول المهمة عن الحافظ أبي الفتح ‏ما نصه، فقال (صلى الله عليه وآله): أيها الناس! إن الله تبارك وتعالى ‏مولاي وأنا أولى بكم من أنفسكم، ألا ومن كنت مولاه فعلي مولاه.‏
وروى ابن ماجة في سننه والنسائي في خصائصه في باب / ذكر قول ‏النبي: من كنت وليه فهذا وليه(1).‏
أخرج بسنده عن زيد بن أرقم انه (صلى الله عليه وآله).. فحمد الله وأثنى ‏عليه ثم قال: ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟
قال: بلى نشهد، لأنت أولى بكل مؤمن من نفسه.‏
قال: فإني من كنت مولاه فهذا مولاه، وأخذ بيد علي عليه السلام.‏
ونقل ابن حجر خطبة النبي في يوم الغدير وذكر فيها قول النبي (صلى الله ‏عليه وآله) أنه قال: أيها الناس! إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى ‏بهم من أنفسهم ، فمن كنت مولاه فهذا مولاه ـ يعني عليا ـ اللهم وال من ‏والاه وعاد من عاداه / الصواعق المحرقة 25 / ط/ المطبعة ‏
____________
1- خصائص مولانا علي بن أبي طالب (ع): ص 22 / ط مطبعة التقدم بالقاهرة. ‏
________________________________________
الميمنية بمصر.‏
وأخرج الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي المتوفي 463 هجرية في تاريخه: ‏ج8 / 290 / بسنده عن أبي هريرة أنه قال: من صام يوم ثمان عشر من ذي ‏الحجة كتب له صيام ستين شهرا، وهو يوم غدير خم لما أخذ النبي (صلى ‏الله عليه وآله) بيد علي بن أبي طالب فقال: ألست ولي المؤمنين؟
قالوا: بلى يا رسول الله.‏
قال: من كنت مولاه فعلي مولاه الخ(1).‏
____________
1- أرى نقل خبر أبي هريرة بكامله من تاريخ بغداد أتم للفائدة قال أبو هريرة بعد ‏ذكره حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) " من كنت مولاه فعلي مولاه " فقال ‏فقال عمر بن الخطاب: بخ بخ لك يا بن لأبي طالب: أصبحت مولاي ومولى كل ‏مسلم.‏
فأنزل الله: (اليوم أكملت لكم دينكم) الخ.‏
فيا ترى ما هذا الأمر الذي أكمل الله به الدين وأتم النعمة به على المسلمين، ومن ‏يرفضه فإن الله تعالى لا يقبل منه الإسلام ويحاسبه محاسبة الكفار والمنافقين؟
أليس ذلك ولاية علي بن أبي طالب (ع) وإمامته التي نقول إنها من أصول الدين؟ ‏وهي التي سوف نسأل عنها وتسألون يوم القيامة، كما يسأل عن التوحيد والنبوة ‏وسائر المعتقدات والفرائض.‏
وقد جاء في تفسير قوله تعالى: (وقفوهم إنهم مسؤولون) الصافات / 24 / روى عن ‏النبي (صلى الله عليه وآله) قال: أي مسؤولون عن ولاية علي سلام الله عليه، كما ‏رواه شيخ الاسلام الحمويني في فرائد السمطين. وابن حجر في الصواعق ‏المحرقة: ص89 / ط المطبعة الميمنية بمصر والحضرمي في رشفة الصادي / 24، ‏والعلامة الآلوسي في تفسيره روح المعاني روى عن ابن جبير وابن عباس وأبي ‏سعيد الخدري قال: يسئلون عن ولاية علي كرم الله وجهه وقال الآلوسي في ‏تفسيره: ج 23 / 74 في تفسيره للآية الشريفة ‏

وبعد أن عد الاقوال فيها: وأولى هذه الأقوال أن السؤال عن العقائد والأعمال ورأس ‏ذلك لا إله إلا الله ومن أجله ولاية علي كرم اله وجهه.‏
والكشفي الترمذي في (مناقب مرتضوي) وأحمد بن حنبل في المسند عن أبي ‏سعيد الخدري أنه يسئل في القيامة عن ولاية علي بن أبي طالب وروى الديلمي ‏في الفردوس عن ابن عباس وأبي سعيد الخدري قال في قوله تعالى: أي يسئلون ‏عن الاقرار بولاية علي بن أبي طالب.‏
وفي أرجح المطالب ص 63: يسئلون عن ولاية علي (عليه السلام)‏.‏
والحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء، روى بسنده عن الشعبي عن ابن عباس: أي ‏يسئلون عن ولاية علي بن أبي طالب. وقال الحافظ الواحدي في تفسير السبط ‏ونقل عنه ابن حجر في الصواعق المحرقة 89/ في الفصل الأول / الآية الرابعة أنه ‏قال: روي في قوله تعالى: (و قفوهم إنهم مسؤولون) أي عن ولاية علي و أهل ‏البيت ع لأن الله تعالى أمر نبيه ص أن يعرف الخلق أنه لا يسألهم عن تبليغ الرسالة ‏أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى و المعنى أنهم يسألون هل والوهم حق الموالاة كما ‏أوصاهم النبي ص أم أضاعوها و أهملوها فتكون عليهم المطالبة و التبعة انتهى.‏
والفرقة بين المحبة والمودة، ان المحبة مكنونة في القلب والمودة اظهار المحبة ‏المكنونة وذلك بإطاعة المحب للمحبوب وزيارته والسعي في مسرته وكسب ‏مرضاته، وقد قيل:..‏

ان كان حبك صادقا لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع

وروى الخطيب الخوارزمي الحنفي في المناقب / 222 / ط ايران سنة 1312 هجرية ‏وأخرجه أيضا في كتابه مقتل الحسين (ع): ج2 / 39 / ط النجف الأشرف سنة ‏‏1367 هجرية بسند آخر عن الحسن البصري عن عبد الله قال قال رسول الله ص إذا ‏
<=

____________
=>
كان يوم القيامة يقعد علي بن أبي طالب على الفردوس و هو جبل قد علا على ‏الجنة و فوقه عرش رب العالمين و من سفحه تنفجر أنهار الجنة و تتفرق في الجنان ‏و هو جالس على كرسي من نور تجري بين يديه التسنيم فلا يجوز أحد على ‏الصراط إلا و معه براءة بولايته و ولاية أهل بيته يشرف على الجنة فيدخل محبيه ‏الجنة و مبغضيه النار.‏
ومن طريق البيهقي عن الحاكم النيسابوري بإسناده عن رسول الله (صلى الله عليه ‏وآله): اذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة و نصب الصراط على جسر جهنم لم ‏يجزها أحد إلا من كانت معه كتاب ولاية علي بن أبي طالب ع، وأخرجه المحب ‏الطبري في الرياض النضرة: ج2 /172.‏
فيا ترى ما هذه الولاية التي لولاها لم يدخل احد الجنة ومن فقدها فمصيره جهنم ‏وبئس المصير؟!‏
ثم اعلم ايها القارئ الكريم! لقد فسر رسول الله (صلى الله عليه وآله) كلمة المولى ‏وأوضح مراده وكشف مقصده حينما سئل عن المعنى، ولفد أخرج القرشي علي بن ‏حميد في شمس الأخبار /38 نقلا عن " سلوة العارفين " للموفق بالله الحسين بن ‏اسماعيل الجرجاني والد المرشد بالله، باسناده عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه ‏لما سئل عن معنى قوله: من كنت مولاه فعلي مولاه؟ قال: الله مولاي أولى بي ‏من نفسي لا أمر لي معه و أنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم لا أمر لهم ‏معي و من كنت مولاه أولى به من نفسه لا أمر له معي فعلي بن أبي طالب مولاه ‏أولى به من نفسه لا أمر له معه.‏
وقد ذكرنا أن ابن حجر نقل في صواعقه صفحة 25 / خطبة النبي (صلى الله عليه ‏وآله) في غدير خم ومن جملة حديثه الشريف:‏
ايها الناس! ان الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم فمن كنت ‏مولاه فهذا علي مولاه... الخ.‏
ولا يخفى عليك أهمية فاء التفريع في قوله تعالى: ـ فمن كنت مولاه فهذا مولاه ـ.‏
<=

____________
=>
ولا يخفى عليك أهمية فاء التفريع في قوله: ـ فمن كنت مولاه فهذا مولاه ـ فيكون ‏معناه: أنه كلما يكون لي من الأولوية يكون لعلي (عليه السلام)‏.‏
وهناك بعض الأخبار التي ذكرها بعض أعلام السنة يصرح فيها عمر بن الخطاب بأن ‏عليا كان أولى من غيره بهذا الأمر.‏
ذكر الرغب في محاضراته: ج7 / 213: عن ابن عباس، قال كنت أسير مع عمر بن ‏الخطاب في ليلة و عمر على بغل و أنا على فرس، فقرأ آية فيها ذكر عليّ بن أبي ‏طالب عليه السلام، فقال: أما و اللّه يا بني عبد المطلب لقد كان علي فيكم أولى ‏بهذا الأمر منّي و من أبي بكر!! فقلت في نفسي لا أقالني اللّه إن أقلته.‏
فقلت: أنت تقول ذلك يا أمير المؤمنين؟ و أنت و صاحبك وثبتما و انتزعتم منّا الأمر ‏دون الناس. فقال إليكم يا بني عبد المطلب! أما إنّكم أصحاب عمر بن الخطاب، ‏فتأخّرت و تقدّم هنيئة، فقال: سر.. لا سرت، فقال: أعد عليّ كلامك. فقلت: إنّما ‏ذكرت شيئا فرددت جوابه، و لو سكت سكتنا. فقال: و اللّه إنّا ما فعلنا ما فعلنا ‏عداوة، و لكن استصغرناه و خشينا أن لا تجتمع عليه العرب و قريش لما قد وترها، ‏فأردت أن أقول: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يبعثه في الكتيبة فينطح ‏كبشها فلم يستصغره فتستصغره أنت و صاحبك؟ فقال: لا جرم، فكيف ترى؟ و اللّه ‏ما نقطع أمرا دونه، و لا نعمل شيئا حتّى نستأذنه.‏
وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج6/50 و51 / ط دار احياء التراث العربي ‏بيروت:‏
يروي عن عمر بن شبه بسنده عن ابن عباس أنه قال:... قال لي ـ أي عمر بن ‏الخطاب ـ يا ابن عباس أما و الله إن صاحبك هذا لأولى الناس بالأمر بعد رسول الله ‏ص إلا أنا خفناه على اثنين.‏
قال ابن عباس: فجاء بكلام لم أجد بدا من مسألته عنه.‏
<=

أظن أنه يكفي ما ذكرناه في خصوص قول رسول الله (صلى الله عليه ‏وآله): " ألست أولى بكم من أنفسكم "؟ فلما أقروا له قال: من كنت مولاه ‏فعلي مولاه، فهذه الجملة بعد ذلك الإقرار، دليل واضح على أن المراد من ‏المولى الأولوية الثابتة للنبي (صلى الله عليه وآله) بنص القرآن الحكيم.‏
القرينة الخامسة
لقد أثبت المؤرخون وسجل المحدثون أن حسان بن ثابت الأنصاري أنشأ ‏أبياتا في محضر رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم الغدير بعد أن نصب ‏عليا بالخلافة والإمامة وشرح ذلك الموقف الخطير في شعره الشهير ‏بمناسبة الغدير.‏
فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما ذكر سبط ابن الجوزي وغيره: ‏يا حسان لا تزال مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا أو نافحت عنا بلسانك.‏
وقد ذكر ذلك كثير من أعلام السنة منهم:‏
الحافظ ابن مردويه أحمد بن موسى المفسر والمحدث الشهير في القرن ‏الرابع الهجري المتوفي سنة 352 في كتابه المناقب.‏
وصدر الأئمة الموفق بن أحمد الخوارزمي وفي المناقب والفصل ‏
____________
=>
فقلت: ما هما يا أمير المؤمنين؟
قال: خفناه على حداثة سنه و حبه بني عبد المطلب!‏
كفى للمصنف هذه التصريحات في أولوية الإمام علي (عليه السلام) بالخلافة ‏والإمامة على الأمة، وأنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم كما كان رسول الله (صلى ‏الله عليه وآله). ‏

الرابع من كتابه مقتل الحسين عليه السلام.‏
وجلال الدين السيوطي في كتابه " رسالة الأزهار ".‏
والحافظ أبو سعيد الخركوشي في " شرف المصطفى ".‏
والحافظ ابو الفتح النطنزي في الخصائص العلوية.‏
والحافظ جمال الدين الزرندي في نظم درر السمطين.‏
والحافظ أبو نعيم في ما نزل من القرآن في علي.‏
وشيخ الإسلام الحمويني في فرائد السمطين / باب 12.‏
والحافظ أبو سعيد السجستاني في كتابه الولاية.‏
وسبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص /20.‏
والعلامة الكنجي الشافعي في كفاية الطالب / الباب الأول.‏
وغير هؤلاء الأعلام من علماء العامة ومؤرخيهم ذكروا عن أبي سعيد ‏الخدري انه قال: أن حسان بن ثابت قام بعدما فرغ رسول الله (صلى الله ‏عليه وآله) من خطابه يوم الغدير ، فقال: يا رسول الله! أتأذن لي أن أقول ‏أبياتا؟
فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): قل على بركة الله تعالى.‏
فصعد على مرتفع من الأرض وارتجل بهذه الأبيات:‏

يناديهم يوم الغدير نبيــهم بخـــم فاسمع بالرسول مناديا
وقال فمن مولاكم و وليكم فقالوا و لم يبدوا هناك التعاميا
إلهك مولانا و أنت ولينــا ولم تلف منا لك اليوم عاصـيا
فقال له قم يا علي فإننــي رضيتك من بعدي إماما و هاديا
من كنت مولاه فهذا وليـه فكونوا له أتباع صدق مـواليـا
هناك دعا اللهم وال وليـه و كن للذي عادى عليا معاديـا


فيتضح لكل منصف من هذه الأبيات: أن الأصحاب والحاضرين في يوم ‏الغدير فهموا من حديث النبي (صلى الله عليه وآله) وخطابه وعمله أنه ‏‏(صلى الله عليه وآله) نصب عليا (ع) إماما وخليفة على الناس، وأن رسول ‏الله لم يقصد من كلمة المولى سوى الولاية الأولوية والتصرف في شئون ‏العامة. فلذا صرح بذلك حسان في شعره بمسمع منه (صلى الله عليه وآله) ‏ومرأى:‏
فقال له قم يا علي فإننــي رضيتك من بعدي إماما و هاديا(1)‏
____________
1- نجد لغير حسان أيضا من الصحابة أبياتا تتضمن هذا المعنى منهم الصحابي ‏الجليل سيد الخزرج قيس بن سعد الخزرجي الأنصاري، كما ذكر أبيات شعره سبط ‏ابن الجوزي في كتابه تذكرة خواص الأمة / 20/ فقال: إن قيس أنشدها بين يدي ‏علي (عليه السلام) في صفين:‏

قلت لنا بغى العدو علينــا: حسبنا ربنا ونعم الوكيل
حسبنا ربنا الذي فتح البصرة بالأمس والحديث طويل

ويقول فيها:‏

وعلـــــــي إمامــــــنا وإمـــــام لســـوانا أتى به التنزيــل
يوم قال النبي: من كنت مولاه فهذا مولاه خطب جــــليل
إنما قاله النبـــي على الأمـــــة حتم ما فيـــه قـال وقيـــل

ومنهم عمرو بن العاص مع ما كان يحمله من البغضاء والعداء على أمير المؤمنين ‏‏(عليه السلام)‏، لكنه حينما تشاجر مع معاوية حول ولاية مصر وخراجه رد على ‏كتاب معاوية بقصيدة معروفة بالجلجلية، ولكي تعرف مصادرها من كتب العامة راجع ‏كتاب الغدير للعلامة الكبير والحبر الخبير الأميني قدس سره: ج2 ص114 وما بعد. ‏قال فيها:....‏

نصرناك من جهلنا يا ابن هند على النــبأ الأفضـــل الأعظم
وحيث رفعناك فوق الرؤوس نـــزلنا إلى أسفـــل الأســـفــل

<=

____________
=>

وكم قد سمعنا من المصطفى وصايا مخـــصصة في علي؟
وفي يوم ((خم)) رقى منـــبرا يـــبلغ والركـــب لم يرحــــل
وفــي كفّــهِ كَفّــــهُ معلنــــــا ينادي بأمر العزيـز العـــــلـــي
ألست بكم منكم في النفــوس بأولى؟ قالوا: بـلى فافعـــل
فأنحــلـــه إمــرة المؤمنيــــن من الله مستخـلــف المنحـــل
وقال: من كنت مولـــى لـــه فهــذا لـــه اليــوم نـعم الولي
فوال مواليـــه يـا ذا الجـــلال وعاد معادي أخ المـــرســـل
ولا تنقضوا العهد من عترتي فقاطِعُهــــم بــيَ لم يــوصـــل
وقــال وليــكم فاحفـــــظـــوه فمَدخلــــه فيكـــم مُدخـــــلـــي
فبخبـــخ شيخــــك لــمـا رأى عُـــرى عَقْدِ حـــيْدَرَ لم تحــلّل

إلى آخر قصيدته التي يقول فيها مخاطبا لمعاوية:‏

فأنـــك فــي إمــرة المؤمنيـــن ودعــوى الخلافــــة في معزل
ومـــا لـــك فـــيــهــــا ولا ذرة ولا لـــــجــــــــــــدودك بـــالأول
فـإن كـــان بينـــكـــم نسبـــــة فــــأيـن الحسام من المنجل؟!
وأين الحصى من نجوم السما؟ وأيــــن معاوية من علي؟!

أيها القارئ الكريم فكر في معنى البيتين وأنصف!‏

فأنحــلـــه إمــرة المؤمنيــــن من الله مستخـلــف المنحــل
وقــال وليــكم فاحفـــــظـــوه فـــمَدخلــــه فيكـــم مُدخــلـــي

هكذا فهم عمرو بن العاص حديث النبي وخطابه في الغدير. ‏

ولو كان النبي (صلى الله عليه وآله) يقصد غير ما قاله حسان لأمر بتغير ‏شعره ولكنه (صلى الله عليه وآله) أيد شعر حسان وقال له: لا تزال مؤيدا ‏بروح القدس. وفي بعض الأخبار: لقد نطق روح القدس على لسانك! وهذا ‏البيت يؤيد ويصدق ما رواه الطبري في كتابه الولاية من خطبة النبي (صلى ‏الله عليه وآله) في يوم الغدير فقال فيما قال (صلى الله عليه وآله):‏
اسمعوا وأطيعوا فإن الله مولاكم وعلي إمامكم ثم الإمامة في ولدي من صلبه ‏إلى يوم القيامة.‏
معاشر الناس هذا أخي ووصيي و واعي علمي وخليفتي على من آمن بي ‏وعلى تفسير كتاب ربي.‏
الذين نقضوا العهد
على أي تقدير، يا اهل السنة سواء تفسرون حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما ‏نفسره نحن الشيعة، أو بتفسيركم أنتم بأن النبي (صلى الله عليه وآله) أراد ‏من قوله: " من كنت مولاه فعلي مولاه " أي المحب والناصر، فمما لاشك ‏فيه أن الأصحاب خالفوا عليا (ع) بعد رسول الله في قضية الخلافة وخذلوه ‏ولم ينصروه، فنقضوا العهد الذي أخذه منه نبيهم في الإمام علي (عليه ‏السلام)‏، وهذا لا ينكره أحد من أهل العلم والاطلاع من الفريقين.‏
فعلى تقدير معنى المولى وتفسيره بالمحب والناصر، وأن النبي يوم الغدير ‏أمر أصحابه أن يحبوا عليا وينصروه. فهل هجومهم على باب داره وإتيانهم ‏النار ، وتهديدهم بحرق الدار ومن فيها، وترويعهم أهل البيت الشريف، ‏وإيذاؤهم فاطمة وأبناءها، وإخراجهم عليا من البيت ‏

كرها مصلتين سيوفهم عليه، يهددونه بالقتل إن لم يبايع أبا بكر، وضربهم ‏حبيبة رسول الله وبضعته الزهراء حتى أسقطوا جنينها المحسن!!‏
فهل هذه الجرائم والجنيات التي ارتكبها كثير من الصحابة كان امتثالا لأمر ‏النبي (صلى الله عليه وآله) يوم الغدير؟! أم كان خلافا له وهل كل ما فعلوه ‏من حين السقيفة وبعدها إلى السيدة فاطمة الزهراء (ع)، يوافق ما فسرتموه ‏من معنى المولى؟ أم انبعثت وكشفت عن البغضاء والشحناء؟!‏
وهل هذه الأعمال الوحشية، كانت المودة التي فرضها الله على المسلمين ‏لقربى رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ ومن أقرب إلى رسول الله (صلى ‏الله عليه وآله) من فاطمة؟!‏
والله سبحانه يقول: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى }(1).‏
وأمرهم النبي (صلى الله عليه وآله) بصلة أقربائه وأمرهم النبي (صلى الله ‏عليه وآله) أن يصلوا أقرباءه ولا يقطعوهم كما جاء في حلية الأولياء لأبي ‏نعيم، وذكره الحمويني أيضا عن عكرمة عن ابن عباس كما نقله عنهما ‏الحافظ سليمان القندوزي في ينابيع المودة / الباب الثالث والأربعون.‏
ونقله عن حلية الأولياء ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: ج9 / 170 / ‏الخبر الثاني عشر / ط. دار إحياء التراث العربي:‏
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سره أن يحيا حياتي، و يموت ‏مماتي، و يسكن جنة عدن التي غرسها ربي، فليوال عليا من بعدي و ليوال ‏وليه و ليقتد بالأئمة من بعدي، فإنهم عترتي، خلقوا من طينتي و رزقوا فهما ‏
____________
1- سورة الشورى، الآية 23.‏

و علما، فويل للمكذبين من أمتي القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله ‏شفاعتي.‏
وكلهم عاهدوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) على مودة أهل بيته ولكنهم ‏نقضوا العهد، وكأنهم ما سمعوا ولم يقرءوا كتاب الله العزيز حيث: {والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله أن يوصل ‏ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار


من مواضيع الشيخ عباس محمد » الشخصية الاستفزازية واسبابها
» الشخصية الطيبة
» الشّخصيّة في علم النّفس
» الإرشاد النفسي
» مفاهيم خاطئة عن الطب النفسي
رد مع اقتباس