وَأَعْطَاه الْسَّلْسَبِيْل، وَأَعْطَانِي الْوَحْي وَأَعْطَاه الْإِلْهَام، وَأَسْرَى بِي إِلَيْه
وَفَتَّح لَه أَبْوَاب الْسَّمَاوَات وَالْحُجُب حَتَّى نَظَر إِلَي وَنَظَرْت إِلَيْه).
ثُم بَكَى رَسُوْل الْلَّه (صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه) فَقُلْت لَه:
مَا يُبْكِيْك يَا رَسُوْل الْلَّه، فِدَاك أَبِي وَأُمِّي؟قَال (صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه):
( يَا بْن عَبَّاس، إِن أَوَّل مَا كَلَّمَنِي بِه رَبِّي قَال: يَا مُحَمَّد، انْظُر تَحْتَك).
فَنَظَرْت إِلَى الْحُجُب قَد انْحَرَقْت، وَإِلَى أَبْوَاب الْسَّمَاء قَد انْفَتَحَت،
وَنَظَرْت إِلَى عِلِيِّ وَهُو رَافِع رَأْسَه إِلَي، فَكَلَّمَنِي وَكَلَّمْتُه وَكَلَّمَنِي رَبِّي عَز وَجَل ).
فَقُلْت: يَا رَسُوْل الْلَّه، بِمَا كَلَّمَك رَبِّك.
قَال (صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه): ( قَال لِي: يَا مُحَمَّد، إِنِّي جَعَلْت عَلَيَّا
وَصِيَّك، وَوَزِيْرُك، وَخَليَفَتك مِن بَعْدِك، فَأَعْلِمْه فَهَا هُو يَسْمَع كَلَامَك،
فَأَعْلَمْتُه وَأَنَا بَيْن يَدَي رَبِّي عَز وَجَل.
فَقَال لِي: قَد قَبِلْت وَأَطَعْت.
فَأَمَر الْلَّه تَعَالَى الْمَلَائِكَة يَتَبَاشَرُوْن بِه، وَمَا مَرَرْت بِمَلْأ مِن مَلَائِكَة
الْسَّمَاوَات إِلَا هَنِّئُوْنِي وَقَالُوْا: يَا مُحَمَّد، وَالَّذِي بَعَثَك بِالْحَق نَبِيّا، لَقَد
دَخَل الْسُّرُوْر عَلَى جَمِيْع الْمَلَائِكَة بِاسْتِخْلَاف الْلَّه عَز وَجَل ابْن عَمِّك.
وَرَأَيْت حَمَلَة الْعَرْش قَد نَكَّسُوا رُؤُوْسَهُم إِلَى الْأَرْض، فَقُلْت: يَا جِبْرَائِيْل، لَم نَكَّس حَمَلَة الْعَرْش رُؤُوْسَهُم.
قَال: يَا مُحَمَّد، مَا مِن مَلَك مِن المَلَائِكَة إِلَا وَقَد نَظَر إِلَى وَجْه عَلِي بْن
أَبِي طَالِب اسْتِبْشَارَا بِه، مَا خَلَا حَمَلَة الْعَرْش، فَإِنَّهُم اسْتَأْذَنُوا الْلَّه عَز
وَجَل فِي هَذِه الْسَّاعَة، فَأَذِن لَهُم، فَنَظَرُوْا إِلَى عَلَى بْن أَبَيْ طَالِب.
فَلَمَّا هَبَطْت جَعَلْت أُخْبِرُه بِذَلِك وَهُو يُخْبِرُنِي بِه، فَعَلِمْت أَنِّي لَم أَطَأ
مَوْطِئَا إِلَا وَقَد كُشِف لَعَلِّي عَنْه حَتَّى نَظَر إِلَيْه ).
فَقُلْت: يَا رَسُوْل الْلَّه، أَوْصِنِي.
فَقَال (صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه): ( عَلَيْك بِمَوَدَّة عَلَي بْن أَبِي طَالِب، وَالَّذِي
بَعَثَنِي بِالْحَق نَبِيّا، لَا يَقْبَل الْلَّه تَعَالَى مِن عَبْد حَسَنَة حَتَّى يَسْأَلَه عَن
حُب عَلَي بْن أَبِي طَالِب ).
ثُم قَال (صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه): ( اعْلَم، فَمَن مَات عَلَى وِلَايَتِه قُبِل
عَمَلُه مَا كَان مِنْه، وَإِن لَم يَأْت بِوِلَايَتِه لَا يُقَبَل مِن عَمَلِه شَيْء، ثُم
يُؤْمَر بِه إِلَى الْنَّار.
يَا بْن عَبَّاس، وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَق نَبِيّا، إِن الْنَّار لَأَشُد غَضَبَا عَلَى
مُبْغِض عَلَي مِنْهَا عَلَى مَن زَعِم أَن لِلَّه وَلَدَا.
يَا بْن عَبَّاس، لَو أَن الْمَلَائِكَة الْمُقَرَّبِيْن، وَالْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسَلِيْن، اجْتَمَعُوْا
عَلَى بُغْض عَلِي بْن أَبِي طَالِب مَع مَا يَقَع مِن عِبَادَتِهِم فِي الْسَّمَاوَات
لَعَذَّبَهُم الّلَه تَعَالَى فِي الْنَّار ).
قُلْت: يَا رَسُوْل الْلَّه، وَهَل يُبْغِضُه أَحَد ؟قَال (صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه):
( يَابْن عَبَّاس، نَعَم، يُبْغِضُه قَوْم يُذْكَر أَنَّهُم مِن أُمَّتِي، لَم يَجْعَل الْلَّه لَهُم فِي الْإِسْلَام نَصِيْبَا.
يَا ابْن عَبَّاس، إِن مِن عَلَامَة بُغْضِهِم لَه تَفْضِيلُهُم لِمَن هُو دُوْنَه عَلَيْه،
وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَق نَبِيّا مَا بَعَث الْلَّه نَبِيّا أُكْرَم عَلَيْه مِنِّي، وَلَا وَصِيَّا أُكْرَم عَلَيْه مِن وَصِيّي عَلَي ).
ثُم قَال ابْن عَبَّاس: فَلَم أَزَل لَه – لَعَلِّي ( عَلَيْه الْسَّلَام ) – كَمَا أَمَرَنِي
رَسُوْل الْلَّه (صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه) وَّأَوْصَانِي بِمَوَدَّتِه، وَإِنَّه لِأَكْبَر عَمَلِي عِنْدِي
يَاعَلِي
....