زينب.. وحيثُ ما كان الصبرُ تراهُ من أنفاسها يستمدّ لجدبه عذبهُ ، ومن على التلّ الزينبي سرّ بقاءه ليُنثرَ باقات من أزاهي عطائها والإيثار من على درب الصابرين والمحرومين والمضطهديــــــــن ..
سيدتي.. من كانت مواقفها نهجا من نسج عليّ "ع" ، ولم يكن بإستطاعة إبن مرجانة ولا إبن هند ولا الأحفاد اليوم أن يُطفئوا نورهُ و العطاء للعشق الزينبي ـ ولا أن يُقطّعوا خيطا من نسيجه من متانة الغزله الفاطمي ..بوجود أنفاسك مخدّرة هاشم .. لم تسقط لنا راية بالأمس ولن تسقط اليوم .. راية من بهاء السبطين "ع" وآيات عليّ "ع" .. بل معك إمتدّت لترفع بظلالها عن كاهلنا حجايا من منكر لذوي نفوس العتمة ومنطق البٌُله .. وكان لنا الفتح حيثُ كان ذكرك في مبازغ الشرق متّصلا بمهابط الغرب .. حيثُ تحتّم من محكمة التّاريخ أن ترفعَ عن صروحنا راية البغاة وسحر الكهنة ، ويكون البديل قُماشة من كفن الأقصى ومدادها من نحر الرّضيع ، تحمل زينة النهج الحسيني الزّاهر .. وقد خُطّت بأنامل من صبية الحسين "ع" على منسج العاشر ، وألوان صبغة عطاء من كفيّ أبي الفضل "ع" .. مدادٌ يُغالب الزّمن لا يفنى ولا يحول ..ترفعها اليوم عُصبةٌ من الموالين والرّافضين لصُحُف المحنّطة من عرق النذالة والمهانة .. خفّاقة تدافع السّحاب من عبق المولى "ع" وعطر الولاية . وحيثُ ما طاف بك الفكر تبتغي شبيهة للحور العين ، تشدُّك المطاوف لمن كانت في اليوم العاشر لصّبر ملجأ وملاذا من بعد ما أعياه الطلب والإستجداء .. وكان لها يوما بطول الدّهر بأسا وعطاء ، وحيثُ ما ولّيت بصيرتك تبحثُ عن مكامن العزّ والعزّة والفخار ، فعند مجلس إبن مرجان خبرُ اليقين .. حيث إحتساب البتول وبلاغة عليّ وسماحة المجتبى وبأس الحسين "ع" ، وحيثُ ذاب النّزيل في الأصيل ، وضاع القصدُ من الدّخيل بين أحرف تصوغها آية من صُلب عليّ "ع" رجوما للشياطيـــــن ..":.. فكد كيدك ، واسع سعيك ، وناصب جهدك ، فو الله لا تمحو ذكرنا ، ولا تميت وحينا ، ولا يرحض عنك عارها ، وهل رأيك الا فند وأيامك الا عدد ، وجمعك إلا بدد يوم ينادى المنادي ألا لعنة الله على الظالمين..:" ..
وهنا وعند هذا المشهد الخالد حيثُ تبلور الحقّ الصحيح وسمت الفضلية فكان الإنسياب على لسان حفيدة المصطفى "ص" منطقا بمعدلّ صمّامات الصبر تارة تُفيضهُ ، وطورا يغور في صدرها على إتفاق .. نسجا من بلاغة عليّ "ع" ، إذ الوجهُ السافرُ تفضحُ شمسُ هاشم مساحيقهُ ، وإذا بالغدر الأمويّ يُصرعُ صاغرا تحت وطأة الوصيّة على الحقّ المحمّدي ، تسكبُه بين راحتيها سخاء من وهج الرسالة الخاتمة ..
فإذا زينب "ع" تعبير صادق عن حقيقة العترة "ع".. صفاء خالص بلون العفّة والنزاهة ونفسية عالية تدفعها سجايا الحقّ والعدل ، وفكر عبقريّ تنتفي معه المساومة عن الحقّ نصٌّا ومعنى .. وإذا بها قبلةٌ لعشّاق الكمال والجمال في أسمى معالمه ، والعابرين بإتزان ، ولمن يحدوهم الشوق العفيف للمسعى النظيف .
.. وكم لزينب "ع" من مواقف ومقام يتبعه مقال .. وكم لها من فضل على الأيّام والأجيال وهي تعزفُ الطيبَ من زين شمائلها بأريج التّقوى وشهيّةُ الإيمان والفصل في الحقّ والعدل في التنفيد والإيثار على مذبح الشهادة .. حتّى أصبح لعطائها واحة يهفو إليها شغفُ المحرومين ، وتلهثُ نحو طيفها عقول المريدين تجوالا عبر العصور .. حتّى جعلوا لها في كلّ أرض صومعة وضريح ..
ولا غروى يا بنت الزّّهراء "ع" .. فأنت من الوجود قضيبُ نور أخذَ بفاقتيـــــــــن : البتول "ع" إحداها وأنت طرفهُ الثاني بعد أن أيقنَ بأنّ الربح لن يكون بالمصرع .. ولكن للحقّ الذي لا يُصرع ، وأنت سنامهُ والرسالة التي لن تكون فُسحة العُمر مداها ولا حتّى فُسحة العصر..
فسلام على العقيلة يوم ولدت وسلام عليها يوم عرجت والسلام يوم الضمانة ...
والسلام في البدء والختام ممن سيبقى على العهد مقيما
المواضيع المتشابهه
العرض العادي
