غزوة حنين (١٥)

[الأستاذ عدنان داخل]

( ١٥ )
غزوة حنين
معززات مكرمات .في هذه الأثناء تحرك الإسلام في قلب رجل غير متوقع وهو مالك بن عوف سيد بني هوازن وهو في حصن اللية فقال : إنما أنا جزيرة في بحر
فطلب الأمان من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فأعطاه الأمان وجاء وأسلم وأراد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أن يختبره فأمَّره على مجموعة من الفرسان ليهاجم حصون الطائف وأخذ يهاجمها مرة بعد أخرى ثم أمره أن يتركهم.
وكان أهل الطائف يعبدون اللات ويسمونها (الربه )
وأحرم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وهو في الجعرانة في ست بقين من ذي القعدة بعد شهر ونصف من خروجه وسميت بعمرة الجعرانة .
ووقع من بني تميم شيء من التمرد وتعد قبيلة تميم من كبريات القبائل العربية . فأرسل إليهم مجموعة من الفرسان وأدبوهم وغنم المسلمون حوالي عشرين إمرأة وثلاثين صبية وغنائم أخرى.
فأرسلت بني تميم مسرعة وفد رفيع المستوى من ساداتهم فأتوا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وطلبوا منه المباهاة ( وهي نوع من التحدي ) أي نحن نخرج خطيبنا وشاعرنا وأنتم بالمثل فإن غلبتم أسلمنا فرضي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فتكلم خطيبهم عطارد بن حاجم خطبة صماء فأجابه ثابت بن قيس خطيب المسلمين فأسكته ثم تقدم شاعرهم الزبرقان بن بدر فقابله شاعر الرسول صلى الله عليه واله وسلم حسان بن ثابت فغلبه فأسلم بني تميم جميعهم فرد عليهم سباياهم وما غنم منهم .
وفي شهر ربيع الآخر سنة ٩ هجرية أرسل رسول الله صلى الله عليه واله وسلم علي بن أبي طالب عليه السلام في مئة وخمسين رجل على مئة بعير وخمسين فرس ليهدم صنم طي ( شمر ) وكان معروف بأسم ( فَلَسْ ) فجاءهم علي بن أبي طالب عليه السلام مع رايات سود وهدم صنمهم ثم وقعت مناوشات في ديارهم وهي ديار حاتم الطائي المعروف بكرمه في الجاهلية ففر إبنه عَدي بن حاتم إلى الشام ووقعت سبايا في أيدي المسلمين ومنهم سُفانة بنت حاتم الطائي وذهب بها علي عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه واله وسلم فما كان منه إلا مَنَّ عليها وأطلقها من غير فدية وكساها وأركبها وأعطاها راحلة معززة مكرمة إكراما لأبيها . وإنطلقت إلى أخيها عدي في الشام وأخبرته بتكريم الرسول صلى الله عليه واله وسلم لها وأن النبي صلى الله عليه واله وسلم فعل فعلة ما كان أبوك يفعلها وأخبرته بأن الرسول صلى الله عليه واله وسلم قال لي : ليأتيني راغبا. فدخل عدي على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ودعاه إلى الإسلام فأسلم.
وفي أوائل ذي الحجة رجع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من مكة إلى المدينة ولم يحج وأمَّر على الحج الشاب عتاب بن أسيد في السنة الثامنة للهجرة وأمَّر ابو بكر في السنة التاسعة للهجرة وحج رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بنفسه في السنة العاشرة للهجرة.
وعند رجوع النبي صلى الله عليه واله وسلم حدث حادث كبير في الإسلام وهو عودة عروة بن مسعود الثقفي سيد ثقيف وهو الرجل الذي عناه المشركون في القرآن الكريم حيث قال تعالى : ( لولا أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ) وهما الوليد بن المغيرة في مكة وعروة بن مسعود في الطائف .
ولما علم عروة ما حدث لهوازن والطائف دخل الإسلام في قلبه فذهب إلى المدينة وأعلن إسلامه وسر به النبي صلى الله عليه واله وسلم سرورا عظيما لأنه كان أحد سادات العرب المعروفين وإستأذن عروة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أن يذهب إلى قومه يدعوهم للإسلام فخاف عليه النبي صلى الله عليه واله وسلم أن يقتلوه قومه إذا علموا بإسلامه . فأصر بالذهاب إلى قومه. فأذن له وهم لا يعلمون أنه أسلم ولما وصل عروة الطائف إستقبلوه بالإحتفالات والغناء والرقص، وكان عادة ثقيف إنه إذا وصلوا الطائف يذهبون إلى اللات ويسجدون لها للتبرك بها ولكن عروة لم يذهب إلى الربه( اللات ) بل ذهب إلى بيته مباشرة فإستغرب الناس ولكن أعذروه لعله مرهق من السفر وبعد أن جلبوا له الطعام جمع سادة ثفيف وأخذ يدعوهم إلى الإسلام، فقاموا يشتمونه ويسبونه وتركوه لمكانته بين قومه.
ولما حان وقت الصلاة صعد فوق بيته وأخذ يؤذن بأذان المسلمين، فجاءه سادة ثفيف وخافوا الفتنة فضربوه بالنبال فقتلوه.

من مواضيع الأستاذ عدنان داخل

» غزوة حنين (١٦)
» غزوة حنين (١٥)
» غزوة حنين (١٤)
» قيل عن المرأة (٥)
» غزوة حنين (١٣)