﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾

قسم القرآن الكريم


إضافة رد
قديم 20-08-2019, 10:20 AM   المشاركة رقم: 1
معلومات العضو
سيد فاضل
 
الصورة الرمزية سيد فاضل

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
سيد فاضل غير متواجد حالياً

المنتدى : قسم القرآن الكريم
افتراضي ﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾

﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾

كمال الدين وتمام النعمة بالولاية

ــــــــــــــــــــــــــــــــ العلّامة السيّد محمّد حسين الطباطبائي رحمه الله ــــــــــــــــــــــــــــــــ

تتضمّن الآية الثالثة من سورة المائدة التي تبيّن أحكاماً تتعلّق ببعض المحرمات فقرة بالغة الدلالة تفترق في مضمونها عن موضوع الآية، وهي قوله تعالى: ﴿..الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ..﴾.

يقول العلامة الطباطبائي عن القسم الأوّل منها بعد بحث طويل: «..من جميع ما تقدّم يظهر أنّ تمام يأس الكفار إنّما كان يتحقّق عند الاعتبار الصحيح بأن يَنصِبَ اللهُ لهذا الدين من يقوم مقام النبي صلّى الله عليه وآله وسلم في حفظه وتدبير أمره، وإرشاد الأمّة القائمة به، فيتعقّب ذلك يأسُ الذين كفروا من دين المسلمين لمّا شاهدوا خروجَ الدين عن مرحلة القيام بالحامل الشخصي إلى مرحلة القيام بالحامل النوعي، ويكون ذلك إكمالاً للدين بتحويله من صفة الحدوث إلى صفة البقاء، وإتماماً لهذه النعمة..».

فيما يلي تفسيره رحمه الله للقسم الثاني من الآية، وذلك في المجلّد الثاني من تفسيره النوعي «الميزان في تفسير القرآن».

«شعائر»



قوله تعالى: ﴿.. الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا..﴾ الإكمال والإتمام متقاربا المعنى. قال الراغب: «كمالُ الشيء حصولُ ما هو الغرضُ منه».

وقال: «تمام الشيء انتهاؤه إلى حدّ لا يحتاج إلى شيء خارجٍ عنه، والناقص ما يحتاج إلى شيء خارج عنه».

ولكَ أن تحصل على تشخيص معنى اللفظَين من طريق آخر، وهو: أنّ آثار الأشياء التي لها آثار على ضربين:

فضرْبٌ منها ما يترتّب على الشيء عند وجود جميع أجزائه - إن كان له أجزاء - بحيث لو فقد شيئاً من أجزائه أو شرائطه لم يترتّب عليه ذلك الأمر، كالصوم، فإنّه يَفسد إذا أخلّ بالإمساك في بعض النهار، ويسمّى كون الشيء على هذا الوصف بالتمام، قال تعالى: ﴿..ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ..﴾ البقرة:187.

وضربٌ آخر: الأثر الذي يترتّب على الشيء من غير توقّف على حصول جميع أجزائه، بل أثر المجموع كمجموع آثار الأجزاء، فكلّما وُجد جزءٌ ترتّب عليه من الأثر ما هو بحسبه، ولو وُجد الجميع ترتّب عليه كلّ الأثر المطلوب منه، قال تعالى: ﴿..فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ..﴾ البقرة:196، وقال: ﴿..وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ..﴾ البقرة:185، فإنّ هذا العدد يترتّب الأثرُ على بعضه كما يترتّب على كلّه، ويقال: تمّ لفلان أمره وكمُل عقله، ولا يقال: تمّ عقله وكمُل أمره.

النعمة هي الولاية

ويُنتج ما تقدّم أنّ قوله تعالى: ﴿أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾ يُفيد: أنّ المراد بـ«الدّين» هو مجموع المعارف والأحكام المُشرّعة، وقد أضيف إلى عددها اليوم شيءٌ، وأنّ «النعمة» أيّاً ما كانت أمرٌ معنويّ واحد، كأنّه كان ناقصاً غير ذي أثر فتُمّم وترتّب عليه الأثر المتوقّع منه. والنعمة بناءُ نوع، وهي ما يلائم طبع الشيء من غير امتناعه منه، والأشياء وإن كانت بحسب وقوعها في نظام التدبير متّصلةً مرتبطة متلائماً بعضُها مع بعض، وأكثرها أو جميعها نِعَمٌ إذا أُضيفت إلى بعض آخر مفروضٍ كما قال تعالى: ﴿..وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا..﴾ إبراهيم:34، وقال: ﴿..وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً..﴾ لقمان:20؛ إلّا أّنه تعالى وصف بعضها بالشرّ والخسّة واللعب واللهو وأوصاف أُخَر غيرِ ممدوحة كما قال: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ آل عمران:178، وقال: ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ..﴾ العنكبوت:64، وقال: ﴿لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ*مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ آل عمران:196-197، إلى غير ذلك.

والآيات تدلّ على أنّ هذه الأشياء المعدودة نِعماً إنّما تكون نعمةً إذا وافقت الغرض الإلهيّ من خِلقتها لأجل الإنسان، فإنّها إنّما خُلقت لتكونَ إمداداً إلهياً للإنسان، يتصرّف فيها في سبيل سعادته الحقيقية، وهي القربُ منه سبحانه بالعبودية والخضوع للربوبية، قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ الذاريات:56. فكلّ ما تصرّف فيه الإنسان للسلوك به إلى حضرة القرب من الله وابتغاء مرضاته فهو نعمة، وإن انعكس الأمر عاد نِقمة في حقّه، فالأشياء في نفسها عُزَّلٌ، وإنّما هي نعمة لاشتمالها على روح العبودية، ودخولها من حيث التصرّف المذكور تحت ولاية الله التي هي تدبير الربوبية لشؤون العبد، ولازمه أنّ النعمة بالحقيقة هي الولاية الإلهية، وأنّ الشيء إنّما يصير نعمة إذا كان مشتملاً على شيء منها، قال تعالى: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ..﴾ البقرة:257.

وقال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ﴾ محمد:11.

وقال في حقّ رسوله: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ النساء:65، إلى غير ذلك.

تمام الولاية بنصب وليّ الأمر

فالإسلام -وهو مجموع ما نزل من عند الله سبحانه لِيعبُدَه به عبادُه- «دين»، وهو من جهة اشتماله -من حيث العمل به- على ولاية الله وولاية رسوله وأولياء الأمر بعده «نعمة»، ولا تتمّ ولاية الله سبحانه -أي تدبيره بالدين لأمور عباده- إلّا بولاية رسوله، ولا ولاية رسوله إلّا بولاية أولي الأمر من بعده، وهي تدبيرُهم لأمور الأمّة الدينية بإذنٍ من الله، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ..﴾ النساء:59.

فمحصّل معنى الآية: اليوم -وهو اليوم الذي يئس فيه الذين كفروا من دينكم - أكملتُ لكم مجموعَ المعارف الدينية التي أنزلتُها إليكم بفرض الولاية، وأتممتُ عليكم نعمتي، وهي الولاية التي هي إدارة أمور الدين وتدبيرها تدبيراً إلهياً، فإنّها كانت إلى اليوم ولاية الله ورسوله، وهي إنّما تكفي ما دام الوحي ينزِل، ولا تكفي لما بعد ذلك من زمان انقطاع الوحي، ولا رسول بين الناس يحمي دينَ الله ويذبّ عنه، بل من الواجب أن يُنْصَبَ من يقوم بذلك، وهو وليّ الأمر بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، القيّم على أمور الدين والأمّة.

فالولاية مشروعة واحدة، كانت ناقصة غير تامّة، حتّى تمّت بنَصب وليّ الأمر بعد النبيّ. وإذا كمُل الدين في تشريعه، وتمّت نعمة الولاية فقد رضيتُ لكم -من حيث الدين- الإسلام، الذي هو دين التوحيد، الذي لا يُعبَدُ فيه إلّا الله ولا يطاع فيه -والطاعة عبادة- إلّا الله ومَن أمَر بطاعته، من رسولٍ أو وليّ.

فالآية تُنبئ عن أنّ المؤمنين اليومَ في أمْنٍ بعد خوفهم، وأنّ الله رضيَ لهم أن يدينوا بالإسلام الذي هو دين التوحيد، فعليهم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً بطاعة غير الله أو مَن أمر بطاعته. وإذا تدبّرتَ قوله تعالى: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ النور:55، ثمّ طبّقتَ فِقرات الآية على فِقرات قوله تعالى: ﴿..الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ..﴾، وجدتَ آية سورة المائدة من مصاديق إنجاز الوعد الذي تشتمل عليه آيةُ سورة النور، على أن يكون قوله: ﴿يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾ مَسوقاً سَوق الغاية كما ربما يُشعر به قوله: ﴿وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾. وسورة النور قبل المائدة نزولاً كما يدلّ عليه اشتمالها على قصّة الإفك، وآية الحدّ، وآية الحجاب، وغير ذلك.












عرض البوم صور سيد فاضل   رد مع اقتباس
قديم 20-08-2019, 12:48 PM   المشاركة رقم: 2
معلومات العضو
عاشقة ام الحسنين

مراقـــبة عـــــامة

 
الصورة الرمزية عاشقة ام الحسنين

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
عاشقة ام الحسنين غير متواجد حالياً

كاتب الموضوع : سيد فاضل المنتدى : قسم القرآن الكريم
افتراضي

اللهم صل عل محمد وآل محمد وعجل فرجهم ياكريم
يعطيك العافية

بارك الله فيك












عرض البوم صور عاشقة ام الحسنين   رد مع اقتباس
قديم 20-08-2019, 01:15 PM   المشاركة رقم: 3
معلومات العضو
سيد فاضل
 
الصورة الرمزية سيد فاضل

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
سيد فاضل غير متواجد حالياً

كاتب الموضوع : سيد فاضل المنتدى : قسم القرآن الكريم
افتراضي

الله يعافيك أختي












عرض البوم صور سيد فاضل   رد مع اقتباس
قديم 20-08-2019, 01:16 PM   المشاركة رقم: 4
معلومات العضو
محـب الحسين
 
الصورة الرمزية محـب الحسين

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
محـب الحسين غير متواجد حالياً

كاتب الموضوع : سيد فاضل المنتدى : قسم القرآن الكريم
افتراضي

أحسنت اخي العزيز
جزاك الله خير الجزاء












توقيع : محـب الحسين

عرض البوم صور محـب الحسين   رد مع اقتباس
قديم 20-08-2019, 02:02 PM   المشاركة رقم: 5
معلومات العضو
سيد فاضل
 
الصورة الرمزية سيد فاضل

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
سيد فاضل غير متواجد حالياً

كاتب الموضوع : سيد فاضل المنتدى : قسم القرآن الكريم
افتراضي

وأنتم من المحسنين












عرض البوم صور سيد فاضل   رد مع اقتباس
قديم 21-08-2019, 09:02 AM   المشاركة رقم: 6
معلومات العضو
صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

 
الصورة الرمزية صدى المهدي

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
صدى المهدي غير متواجد حالياً

كاتب الموضوع : سيد فاضل المنتدى : قسم القرآن الكريم
افتراضي

جزاكم الله خيرا
احسنتم
ويبارك الله فيكم












عرض البوم صور صدى المهدي   رد مع اقتباس
قديم 21-08-2019, 12:16 PM   المشاركة رقم: 7
معلومات العضو
سيد فاضل
 
الصورة الرمزية سيد فاضل

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
سيد فاضل غير متواجد حالياً

كاتب الموضوع : سيد فاضل المنتدى : قسم القرآن الكريم
افتراضي

شكراً أختي الكريمة












عرض البوم صور سيد فاضل   رد مع اقتباس
إضافة رد


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات احباب الحسين