العودة   منتديات احباب الحسين عليه السلام > القسم العام > اخبار العراق والعالم
روابط مفيدة مشاركات اليوم البحث


المجتمعات الشيعية وظواهر التمايز والتكامل والاندماج (1)

اخبار العراق والعالم


إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-11-2020, 12:28 PM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

سيد فاضل

الصورة الرمزية سيد فاضل


الملف الشخصي









سيد فاضل غير متواجد حالياً


افتراضي المجتمعات الشيعية وظواهر التمايز والتكامل والاندماج (1)

المجتمعات الشيعية وظواهر التمايز والتكامل والاندماج (1)

شفقنا العراق-عالمية النظام الاجتماعي الديني الشيعي ووحدته الاجتماعية وتماسك مكوناته البشرية؛ تعني أن الشيعة يشكلون وحدة سوسيولوجية دينية وليست سوسيولوجية محضة أو أنثروبولوجية.

فكل مجتمع شيعي يتمايز في لغته وقوميته وثقافته المحلية وجغرافياه الوطنية عن غيره من المجتمعات الشيعية؛ فإنه لزاماً يتمايز في خصوصياته العقلية والنفسية والاجتماعية والإنسانية، أي أن له هويته الأنثروبولوجية والاجتماعية المستقلة.

إلّا أن هذه الخصوصيات لا تعيق تماسك مكونات النظام الاجتماعي الديني الشيعي ووحدة الاحتماع الديني لعموم الشيعة، بل تضفي عليه هذه الهويات المتعددة قوة التنوع الثقافي والعقلي، خاصة وأن طبيعة النظام الاجتماعي الديني الشيعي وتراكم خبراته تجعله يمتلك القدرة الذاتية على تقارب هذه الهويات وتكاملها في إطار هوية اجتماعية دينية واحدة، وبالتالي فإن تنوع الهويات الأنثروبولوجية والاجتماعية للشيعة هو عنصر شد وليس فرقة.

ولا يتوقف تعدد الهويات الاجتماعية والإنسانية للشيعة على تعدد بلدان الحضور الشيعي، بل يتسع للخصوصيات اللغوية والقومية والقبلية والمناطقية في البلد الواحد وفي الجغرافيا الواحدة. ففي العراق ـــ مثلاً ـــ هناك الشيعة العرب والفيليين والإيرانيين والكرد والتركمان والشبك، ولكل منهم لغته وثقافته الاجتماعية الخاصة، وهكذا في أفغانستان؛ هناك الشيعة الهزارة والتاجيك والقزلباش والبشتون والفرس والبلوش والسادة (العرب)، وفي ايران؛ توجد مجموعات عرقية وثقافية ولغوية شيعية كثيرة، كالفرس والآذريين والتركمان واللر والكرد والبلوش والعرب، وفي آذربيجان، هناك الشيعة الآذريين والطالشيين والكرد والداغستانيين والتتار والروس.

وبالتالي؛ فإن الجامع المشترك لكل هذه العرقيات والثقافات الوطنية والمحلية، هو الاجتماع الديني أو المذهبي الشيعي، وهو جامع مشترك قوي وعميق، ويتفوق ـــ غالباً ـــ على العنصر القومي واللغوي والمناطقي. فلذلك؛ نرى أن الأواصر المذهبية التي تشد الشيعة ببعضهم أقوى من الأواصر الأخرى. وهذه الحقيقة تتجلى اكثر في المنعطفات والمحن والتحديات المشتركة، رغم الرفض النظري لها والشعارات الظاهرية التي تتعالى عليها. وتزداد هذه الحقيقة وضوحاً، كلما ازداد مستوى التدين والتمذهب لدى الأفراد والمجتمع. لكن هذه الآصرة المذهبية لا تنتقص من الانتماءات الوطنية للشيعة؛ لأن الانتماءات الوطنية هي انتماءات سياسية وقانونية، بينما الانتماء الشيعي هو انتماء اجتماعي ديني، وبالتالي؛ لا تعارض بين الانتماءين، كما فصّلنا في فقرات سابقة.

وللتعرف على طبيعة التنوع العقلي والنفسي والاجتماعي والثقافي للمجتمعات الشيعية المتعددة قومياً ووطنياً ومناطقياً، وأثره في التمايز بين كل مجتمع وآخر، وعلى التكامل بينها، وعلى الاندماج بمجتمعات الدول المختلفة دينياُ ومذهبياً؛ نستعرض هنا نماذج منتقاة من المجتمعات الشيعية، وهي ستة مجتمعات متميزة، يشكل مجموع سكانها حوالي (270) مليون نسمة، من مجموع (400) مليون شيعي، أي ما نسبته 70 بالمائة من عدد شيعة العالم، وهي: المجتمعات الشيعية الخليجية والعراقية والإيرانية واللبنانية والآذربيجانية والهندية.

المجتمع الشيعي الخليجي

يعد المجتمع الشيعي الجزيري والخليجي مجتمعاً واحداً إلى حد كبير، من الناحيتين الاجتماعية والإنسانية، وتبلغ نسبته 30 بالمائة من عدد سكان دول مجلس التعاون الخليجي (السعودية، الكويت، عمان، الإمارات العربية المتحدة، البحرين وقطر)، وهو الأقدم تاريخياً في الولاء لآل البيت، وأرضه هي جغرافيا تأسيس التشيع، وتحديداً أرض الحجاز، والأكثر تحديداً المدينة المنورة. إلّا أن خضوع ولايات الجزيرة إلى الحكومات المناهضة للشيعة منذ عصر صدر الإسلام، مروراُ بالحكومات الزبيرية والأموية والعباسية، وصولاً إلى الحكم السعودي الوهابي الذي يكفِّر الشيعة ويستحل دمائهم، حوّل شيعة الجزيرة والخليج إلى أقلية مذهبية مضطهدة ومهمشة اجتماعياً وسياسياً.

وتعزز هذا الواقع، بعد سيطرة الأسر المتفرعة عن قبائل العتوب النجدية، على أغلب مشيخات الخليج، منذ القرن الثامن عشر الميلادي. وربما كان الاستثناء الوحيد هو اليمن الزيدي حتى سقوط نظام الإمامة فيه.

ويمكن القول أن أوضاع الشيعة في شبه الجزيرة العربية والمنطقة الخليجية كانت تشبه غيرها من المجتمعات الشيعية العربية، بل كان أغلب المشيخات الخليجية تحظى بحماية الدولة الإيرانية، وخاصة البحرين، وبالتالي حماية شيعتها، حتى ظهور الوهابية في نجد وهجرة قبائل العتوب وسيطرة الأسر الحاكمة الحالية على البلدان الخليجية. كما كان جزيرة البحرين حاضرة علمية وثقافية وسياسية شيعية مهمة حتى احتلالها من الأسرة الحالية، وقد ساهم علماء الدين البحرانيين مساهمة علمية وتبليغية مهمة في دعم الحكام الصفويين، من أجل استتباب المذهب الشيعي في إيران، شأنهم شان علماء العراق ولبنان.

ولعل المجتمع الشيعي الخليجي هو أحد أكثر المجتمعات الشيعية تعرضاً للتهميش، لكنه ــ في الوقت نفسه ــ الأكثر نزوعاً نحو المسالمة والهدوء والحذر. صحيح أن شيعة العراق أكثر منهم تعرضاً للظلم والقمع والقتل بأضعاف مضاعفة، لكن الاختلاف هو أن شيعة العراق ظلت لهم سطوات وجولات وثورات وانتفاضات ضد محتليهم وظالميهم، بسبب ما يتمتعون به من عناصر القوة العددية السكانية والديموغرافية، ووجود الحوزة النجفية والمرجعية العليا، والقدرة المالية النسبية، بينما ظل الشيعة الخليجيون، يتعرضون للاضطهاد والقتل بصمت، كونهم أقلية عددية حضرية، وسط واقع قبلي طائفي مناهض شرس. وربما يكون المجتمع الشيعي البحراني هو الاستثناء بين المجتمعات الخليجية الأخرى في الإعلان الدائم للرفض والمقاومة ضد سياسات التهميش والقمع، كونه يمثل الأكثرية العددية السكانية في البحرين، ووجود التنظيمات الاجتماعية والثقافية والسياسية التي تمثله، فضلاً عن عدد نوعي وكمي من الفقهاء وعلماء الدين، وهي بمجموعها مقومات لا يتمتع بها شيعة البلدان الحليجية الأخرى.

ويتناسب الاستقرار المجتمعي الشيعي في البلدان الخليجية مع طبيعة النظام السياسي في كل بلد، فكلما كان هذا النظام قريباً من سياسة المواطنة وحرية التمذهب والحقوق العامة، كان المجتمع الشيعي أكثر استقراراً واندماجاً بمجتمع الدولة وانتماءً لنظامها السياسي، وهو ما تتميز به عمان والكويت، بينما يحدث العكس تماماً في ظل الأنظمة الطائفية التمييزية القمعية، وهو ما عليه السعودية والبحرين.

والذي ميّز المجتمع الشيعي الخليجي بعد الطفرة المالية النفطية في خمسينات القرن الماضي، هو تحوّله إلى داعم مالي رئيس للمؤسسة الدينية ولعموم النظام الاجتماعي الديني الشيعي، وخاصة في مجالات التبليغ الديني والنشاطات الوقفية والخيرية والثقافية. ولذلك؛ ظلت مساهمة المجتمعات الشيعية الخليجية، مؤثرة في تنمية وإعمار المؤسسات الدينية والثقافية والخدمية الشيعية في العراق ولبنان وسوريا وأفريقيا وأوربا.

د. علي المؤمن


التوقيع :
من مواضيع سيد فاضل » ان الميت ليفرح
» المرتد سلمان رشدي يتعرض للطعن في نيويورك
» عزاء ركضة طويريج.. كيف نشأ ولماذا منع؟!
» مسجد الحنانة.. موضع رأس الإمام الحسين عليه السلام
» مختارات من رثاء لقتيل كربلاء الامام الحسين (عليه السلام) 2
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
والاندماج, والتكامل, وظواهر, المجتمعات, التمايز, الشيعية

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المرأة في المجتمعات الإسلامية الشيخ عباس محمد احباب الحسين للمرأة الزينبية 2 04-09-2019 12:35 AM
بعد زلزال نيبال.. كيف تعيد المجتمعات بناء نفسها؟ مراسلنا السياسي اخبار العراق والعالم 0 22-07-2018 03:28 PM
"حب التمايز والاختلاف عن الآخرين"؛* لسماحة الأستاذ بناهيان أحلى من العسل احباب الحسين العام 6 16-03-2013 02:02 PM
حالة المجتمعات العربية قبل الاسلام‏ دمعة الكرار منتدى النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) 4 25-11-2011 12:11 AM
العلاقة بين الزواج والتكامل الروحي‎ قوس السماءM2 احباب الحسين للأسرة المسلمة 2 04-05-2010 09:16 PM



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات احباب الحسين