تتفنن المراة في زينتها اينما وجدت لتكسب ميل الرجل واعجابه بها فهي بحكم انوثتها كوكب تابع يدور في فلكه، وحتى حينما تحررت وتساوت معه في الحقوق والواجبات – كما في بلاد الغرب – ما زالت تشدها الى هذه الناحية بواعث خفية من حيث لا تشعر.
وقد اتخذت المرأة طرقا عديدة في التجميل، بدت مظاهرها في البستها وحليها ووشم جسدها بمختلف النقوش والاصباغ، ولكل مجتمع نسائي في كل صقع من اصقاع العالم حتى الشعوب البدائية طريقته الخاصة في التجميل.
وكلما كان المجتمع منعزلا او منغلقا عن الطرق العالمية كان تاثره بالمجتمعات الاخرى اقل من غيره، اما اذا كان المجتمع مفتوحا وملتقى للاجناس والامم كمنطقة الخليج العربي في مختلف عصورها فهو يظل متاثرا بغيره في هذا المجال بصورة مستمرة.
وقد شهدت القطيف الوانا من عادات الزينة والتجميل استرفدتها من البلاد الاخرى كالهند وايران والعراق وغيرها، ثم ما لبثت ان تبدلت للاسباب التي ذكرناها انفا وحلت اخرى محلها واتخذ الكثير منها طريقه الى الانقراض لا سيما في هذا العصر الذي غزت فيه المدنية الحديثة مجتمعنا النسائي فتاثر بطرقها وتقليعاتها في (الاكسسوار والمكياج والكوافير).
فبينما كانت المراة فيما سبق تثقل عنقها وصدرها ويديها ورجليها بارطال من الذهب والفضة، حتى كانها معرض متنقل للمجوهرات وتصبغ اطرافها ووجهها بالوشم والنقوش والحناء اصبحت الان مشدودة الى الجديد من التقليعات الحديثة وكادت تلك الاساليب القديمة التي عرفتها امهاتنا وجداتنا تندثر، وتصبح اشياء اثرية فولكورية، وربما عفى عليها الزمن في وقت لاحق، وانمحت اثارها في جيل قادم، لذلك اقتضت الامانة التاريخية ان نتحدث عنها كغيرها من المظاهر الاجتماعية، لانها اصبحت جزءا من تاريخ بلادنا كما كانت تشكل عنصرا من اوضاع الحياة الاجتماعية عندنا.
لقد كانت وسائل التجميل عند المرأة متعددة ومتنوعة، اكثر مما هي عليه في وقتنا الحاضر وما دمنا في صدد الحديث عنها، فنحن سنتناولها بشيئ من التفصيل حسب ما يتيسر لنا من المعلومات.
اولا الحلي والمجوهرات:
وتاتي في المقدمة لاهميتها وغلاء ثمنها، ولانها كانت تستاثر بحصة الاسد من اهتمام المراة وكانت تتالف من قطع عديدة تفوق الحصر، وهي تنقسم الى عقود واساور وخواتم وغيرها، حسب المواضع التي تتحلى بها المراة، وهي كالتالي:
أ-العقود، وهي التي تزين العنق والصدر، وكانت تتالف من الاشكال التالية:
1. المرية: وهي مؤلفة من قطع ذهبية على شكل حبة الزيتون، تنظم في سلك وتاتي واسطة العقد على هيئة قرص بيضوي الشكل مطعم بالاحجار الكريمة.
2. القلادة: وهي كالمرية، الا انها تختلف عنها باضافة عدد من الرقائق الذهبية المطعمة باللؤلؤ والاحجار الكريمة، وتكون عادة واسطتها اكبر حجما من واسطة المرية.
3. الهيجل: او الهيكل او ما يسمى (بيت القرآن) ويصاغ من الذهب او الفضة غير انه اضخم مما هو متداول الان.
4. المرتعش: او المرتهش كما يسمى في الكويت، ويصاغ من الذهب الخالص ويطعم بالؤلؤ والاحجار الكريمة وهو اشبه ما يكون بطوق في العنق حيث تصف القطع الذهبية على وصلة قماش وتكون الواسطة اكبر من شقيقاتها.
5. الكردان: او الجردانة باللهجة الكويتية، وهو عبارة عن سلاسل لها واسطة تتدلى على الصدر ويصاغ من الذهب الخالص.
ب-الاساور: وهي التي تزين المعصم وهي كثيرة العدد متنوعة الاشكال، منها:
1. المعضد، وهو عبارة عن طوق مصمت واسع مستدير، يلبس بالمعصو من طرف اليد ويتخذ من الزجاج الملون او من الذهب وتلبس المراة منه عددا من الازواج.
2. البناجري، وهو كالمعضد الا انه اعرض، ويصاغ من الذهب، وله حبب هرمية الشكل باستدارته، وتلبس المراة زوجا منه.
3. سف الحصير، وهو يشبه البناجري ويختلف عنه بوجود نقشة خاصة بدلا من الحبب ووجود فتحة لاجل اللبس، وتلبس منه زوجا.
4. الحناجير، وهو عبارة عن طوق ذهبي مدبب الشكل، ومطعم بالاحجار الكريمة، وله فتحة كسف الحصير لاجل اللبس، وتلبس منه زوجا.
5. المفخ، وهو عبارة عن كرات صغيرة كحبة المشمش، مجوفة تصنع من الذهب وتنظم بسلك، وتلبس منه زوجا.
6. القهرب، وهو عبارة عن سوار مؤلف من حبات الكهرب بحجم حبة المشمش وتلبس منه زوجا.
7. الزند، وقد سمي باسم الموضع الذي يحلى به وهو على شكل ثعبان ملتف، ويصاغ من الذهب الخالص.
ويلحق بالاساور صنفان لتحلية رسغ الرجل، ويصاغان من الذهب او الفضة وهما:
1. الحجل، وهو عبارة عن طوق مصمت مستدير، وله حواشي من الاجراس كروية الشكل، وفتحة لاجل اللبس.
2. الخلخال، وهو كالحجل الا انه مجوف واجراسه في داخله كما يلحق بها الخواتم، وهي لتحلية الاصابع، واشكالها عديدة، وتزدان بتطعيمها بالاحجار الكريمة كالياقوت والزبرجد والفيروز واللؤلؤ وغيرها، وكانت المراة تسرف في التحلي بها، فتثقل جميع اصابع يديها واحيانا بعض اصابع رجليها بعدد كبير من الخواتم ذات الفصوص الكبيرة.
ج-حلي منطقة الوجه: وهي انواع:
1. الخزامة، وهي حلق ذهبية مطعمة بالالئ والاحجار الكريمة، وتعلقها المراة في فتحة من الجانب الايمن من انفها بعد خرقه.
2. القرنفلة، وهي شقيقة الخزامة، غير انها على شكل قرص صغير، يتوسطه فص من الاحجار الكريمة، وتثبت بسلك لولبي في فتحة الانف غلى الجانب الايسر.
3. الزمام، وهو كالقرنفلة، الا انه اصغر حجما وهذه الانواع الثلاثة ربما جائتنا من الهند، فهي ما زالت مستعملة هناك.
4. التراكي، او الاقراط، او ما يسمى (الحلق) وتصاغ عادة من الذهب، وتطعم بالالئ والاحجار الكريمة، وتعلق في فتحة تثقب في شحمة الاذنين، ولها اشكال عديدة متنوعة، وما زالت مستعملة حتى الان.
5. الماشة، وهي قطعة ذهبية يشد بها الشعر، ولم تكن معروفة قديما.
6. قحفية الوريقات، وهي عبارة عن قطع ذهبية مستديرة على شكل النقود وتثبت على الجهة الامامية من القحفية (الطاقية) بواسطة علااها السميكة باستدارة الوجه.
7. الشناشيل، وهي مجموعة من السلاسل الذهبية، وكانت تعلق كباقات على خصلات الشعر، وتتدلى على الصدر والى الخلف.
ثانيا: الوشم والنقوش والمكياج وهي كما يلي:
1. الوشم، وهو كما تعرفه القواميس العربية – عبارة عن غرز الابر في الجلد ثم در النيلج عليه، وهذه العادة قديمة جدا ومنتشرة بين الشعوب الا ان الطرقة المتبعة عندنا يبدو انها جائتنا من الهند، فمن اشكال الوشم (الدقة) وهي نقطة ترسم في الذقن، وبعضهن يرسمها بشكل مستطيل، ومنها (النخاسية) وهي نقطة ترسم في الجهة مما يلي الحاجبين والبعض منهن يضعن نقطتين على شكل متوازي وهناك من يضعن وشما في مؤخرة العينين او على الساعدين، او على ظهر الكفين او على جوزة القدم، وفي مناطق اخرى من الجسم.
2. المكياج، وهو انواع، منها (الكحل) وهو مادة سوداء مركبة تستعمل للزينة وكدواء لتقوية البصر، ومنها (التزجيج) وهو عبارة عن مادة سوداء كالخضاب يزجج بها الحاجبان، ويسمينها (التخطيط) ومنها (الديرم) وهو يتخذ من لحاء شجر خاص يلفظ مادة حمراء ضاربة الى السواد عند ملامسته الشفاه، ويستعمل عوضا عن قلم حمرة الشفاه المعروفة في وقتنا الحاضر.
ثالثا: الكوافير
وهي طريقة اصلاح الشعر والعناية به، وكانت المراة لا تعرف صالونات الحلاقة النسائية المعروفة الان، فكانت تلك العملية تقوم بها (الداية) وهي امراة متخصصة او متفرغة لتلك الاعمال، فهي تلازم الفتاة منذ صغرها، حتى بعد ان تتزوج، وتكاد مهمتها تقتصر على العناية بالشعرالذي يطول احيانا الى اخمص الفتاة.
ويبدا العمل بغسل شعر الراس وتنظيفه بخليط من الطين والبيض عند الاستحمام باحدى العيون تم تليه عملية التعجيف في المنزل (اى تصليح الشعر) فيوضع الدهان، ويسمى (الودك) وهو مستحضر من شحم الابل بعد خلطه بمادة حمراء تسمى (مجموع) ومواد اخرى للتعطير، ثم يوزع الشعر الى خصلتين (زلفين) من الامام، واعداد مستدقة من الخصل، تسمى (نخيلات) ثم يرش بمادة مركبة تسمى (الرشوش) مؤلفة من الحلبة والفروك ويستعمل الزعفران احيانا بعد حله بقليل من الماء فيوضع عند مفرق الراس.
هذه خلاصة طرق الزينة والتجميل عند المراة فيما سبق اما الان ، فقد اضمحلت كلها تقريبا او هجرت كالوشم والحناء وخرق الانف فاتجهت المراة الى التاثر بالتقليعات الاوربية الحديثة في الاكسسوار والمكياج والكوافير.
كل من يملك صور لبعض أنواع الذهب قديماً فليتفضل به هاهنا
المواضيع المتشابهه
زينة المرأة قديما في منطقة القطيف
العرض العادي
