إنّ القرآن الكريم يبيّن للأسماء الإلظ°هيّة أحكاماً ومواصفات من قبيل انّها منزّهة ومقدّسة كذاته المقدّسة وكذلك هي منشأ ومصدر لبركات كثيرة، وعليه فإنّها تعرِّف الإنسان بتكليفين يجب عليه القيام بهما في مقابل الأسماء الإلظ°هيّة وهما:
1. تسبيح اسم الله:ï´؟فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمï´¾[1]، ï´؟سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَىظ°ï´¾[2] وتسبيح وتقديس وتنزيه اسم الله يتمّ بأن لا يستعمل في شؤون الباطل ولا يُغفل عنه في عمل الحقّ ولا يذكر في جنبه اسم آخر. كما انّ مقتضىظ° تسبيح وتقديس الذات الإلظ°هيّة المقدّسة هو أن يُنفىظ° عنها كلّ نقص وأن تُعدّ تلك الذات مبدأً مستقلاًّ لكلّ أثر وانّها المُنتهىظ° بالذات لكلّ صيرورة وأن لايُجعل في جنب ذاتها أيّ ذات مستقلّة.
فكما انّه يجب تنزيه الله سبحانه في مقام الذات من كلّ نقص وعيب فكذلك في مقام (الإسم) الّذي هو علامة ذاته المقدّسة يجب التقديس والتنزيه أيضاً، وإحدىظ° مراتب تنزيه الإسم الإلظ°هيّ هي أن لايذكر في عرض إسمه إسم آخر ولا في طوله. وعليه فإنّ مايقوله بعض المنحرفين: (باسم الله وباسم الشعب) غير جائز وكذا ما يقوله بعض الجهلة (باسم الله أولاً ثمّ باسم...) فهو غير صحيح، لانّ مثل هذا الذكر لإسم الله هو إهانة وليس تنزيهاً.
وبعد نزول الآية الكريمة ï´؟فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِï´¾ قال النبيّ (صلى الله عليه وآله): «اجعلوها في ركوعكم»، وبعد نزول الآية الكريمة ï´؟سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَىظ°ï´¾ قال: «اجعلوها في سجودكم»[3] ولذلك شُرِّع في ركوع الصلاة ذكر «سبحان ربّي العظيم وبحمده» وفي سجود الصلاة «سبحان ربّي الأعلىظ° وبحمده» وهذا دليل علىظ° أهميّة تقديس اسم الله سبحانه.
2. التكليف الثاني أن يعتقد الناس بأنّ اسم الله مبارك وأن يتبرّكوا بهï´؟تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامï´¾.[4] فالقرآن الكريم يعتبر اسم الله مصدراً للبركات وهو علامة الوجود المحض الّذي تفيض منه جميع البركات الوجوديّة. والّذي يصل الىظ° حقيقة اسم الله وينطق به فإنّه يستطيع أن يفعل (باسم الله) مايفعله الله سبحانه نفسه بـ(كُن) ولذلك قال أهل المعرفة انّ: (بسم الله الرحمظ°ن الرحيم) من العبد هي بمنزلة (كن) من مولاه.
الله سبحانه يحقّق كلّ مايريد بأمر (كن): ï´؟إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونï´¾[5]، كما انّ النبيّ نوحاً (عليه السلام) سيطر علىظ° ذلك الطوفان المرعب وسكَّن تلك الأمواج الشبيهة بالجبال بواسطة اسم الله وكان يحرِّك سفينته المشهورة ويوقفها باسم الله: ï´؟بِسْمِ اللهِ مَجْريظ°ها[6] وَمُرْسَاهَï´¾.[7]
والسرُّ في انّ العبد الكامل يخلق من ألسنةِ النار روضةً أو يسيّرُ سفينته ويسكّنها في الطوفان الهائل المرعب وعلىظ° أمواج كالجبال، هو انّ رغباته واراداته فانية في المشيئة الإلظ°هيّة الحكيمة، وعلامة هذا الفناء هي انّه لايريد شيئاً سوىظ° ارادة الله. طبعاً مثل هذا الأمر يصدر من خواصّ عباد الله وأوليائه لا من كلّ ناطق (بسم الله).
وهذا النحو من الآثار قد جاء في الروايات انّها (الإسم الأعظم) أيضاً، ولاينبغي التوهّم انّ الإسم الأعظم هو من سنخ اللفظ أو المفهوم حتّىظ° يمكن التأثير في التكوين بواسطة اللفظ أو المفهوم حيث يتمّ احياء الميّت به أو يبدِّل النار المضطرمة إلىظ° حديقة غنّاء، لأنّ الخلق التكويني يتحقّق بواسطة المقام الإنساني لا باللفظ والمفهوم. وعليه فإنّ البحث بين الالفاظ والمفاهيم عن الإسم الأعظم لأجل التأثير به علىظ° العالم العينيّ عمل اُسطوري تافه ومصيره الفشل، لانّ عالم الوجود يُدار بالحقائق لا بالأساطير. وبسم الله إذا كانت صادرة من قلب الموحّد الكامل فانّها تؤثّر علىظ° العالم العينيّ بإذن خالق الوجود، ولذلك يقول الإمام الرضا (عليه السلام): «انّ بسم الله الرحمظ°ن الرحيم أقرب الىظ° اسم الله الأعظم من سواد العين الىظ° بياضها».[8]
فإذا استطاع أحد أن يصل كالأنبياء والأئمّة (عليهم السلام) إلىظ° مقام الولاية الشامخ ونطق باسم الله في أعمال الخير مع مراعاة نظام العلّة والمعلول، ولم يركن أبداً إلىظ° قدرته وقوّته ولا علىظ° سائر الأسباب المعتادة بل رأىظ° انّ الله وحده هو المؤثّر المطلق في العالم فعندها ستظهر آثار الإسم الأعظم في جنب قوله بسم الله، كما فعلت عصا موسىظ° وخاتم سليمان باليد الموسويّة والإصبع السليمانيّ: أنـت أمـسـكـت العـصـا بـيد اليمين
هذه يدك فمن أين لك بيدي موسىظ°؟[9]
إذا لم يـكـن الاصـبـع اصبع سليمان
فـأيّ تـأثـير لنقـوش فـصّ الخـاتم
وعندما اُبعد ابو ذر (رضياللهعنه) إلىظ° الربذة، ومع انّ الحكومة آنذاك قد منعت من توديعه، فإنّ أمير المؤمنين والحسنين (عليهم السلام) وبعض خواصّ الصحابة كعقيل وعمّار قد حضروا لتوديعه. وفي ذلك الجمع تكلّم أمير المؤمنين مع أبي ذر بكلام جاء فيه: «والله لو كانت السماوات والأرض علىظ° عبد رتقاً ثمّ اتّقىظ° الله عزّ وجلّ جعل منها مخرجاً فلا يؤنسنّك الاّ الحقّ ولايوحشنّك إلاّ الباطل»[10] إذن لاينبغي أن يركن الإنسان إلىظ° الوسائط والأسباب العاديّة الّتي هي مجاري الفيض الإلظ°هيّ. وهذا النحو من الاعتماد علىظ° رزاقية الله سبحانه علامة التوجّه والتوكّل الكامل علىظ° الله والّذي يبلغ هذه المرتبة من المقام الإنساني فسوف يتذوّق طعم حلاوة الإسم الأعظم في حدود ما لديه من قدرة.
والملاحظة الأساسيّة هي انّه علىظ° الرغم من انّ نظام الوجود يسير وفقاً لنظام العلّة والمعلول لا علىظ° مسألة (عادة الله) فحسب، مع هذا فإنّ العلل المعروفة للمعاليل المعيّنة ليست عللاً منحصرة أبداً حتّىظ° يكون فقدان بعض شروطها مؤدّياً إلىظ° امتناع تحقّق المعلول، إذ يمكن أن يكون تحقّقها مستنداً إلىظ° شروط وظروف غير عاديّة أي يستند إلىظ° الكرامة (خرق العادة)، لا (خرق العليّة) والفرق بين هذا المعنىظ° وبين ماينقل عن الاشاعرة يتمّ بيانه في الموضع المناسب.
آية الله الشيخ جوادي آملي
[1] . سورة الواقعة، الآيتان 74 و96.
[2] . سورة الأعلىظ°، الآية 1.
[3] . وسائل الشيعة، ج6، ص328.
[4] . سورة الرحمظ°ن، الآية 78. والفيض الكاشاني ينقل قراءة (ذو الجلال والإكرام) أيضاً، وفي هذه الحالة فانّ (ذو الجلال) سوف يكون نعتاً مقطوعاً للإسم أي انّ اسم الله يتّصف بالجلال والإكرام (تفسير الصافي، ج5، ص117).
[5] . سورة يس، الآية 82.
[6] . تقديم (بسم الله) علىظ° (مجريظ°ها) و(مرسيظ°ها) هو من قبيل تقديم (ايّاك) علىظ° (نعبد) و(نستعين) يفيد الحصر فلم يقل نوح مجريظ°ها ومرسيظ°ها باسم الله بل جعل بسم الله مقدّماً لإفادة الحصر.
[7] . سورة هود، الآية 41.
[8] . نور الثقلين، ج1، ص8.
[9] . المثنوي، الدفتر الثاني، البيت 147، باللغة الفارسيّة.
[10] . روضة الكافي، ص170، ح251.
قدسيّة وبركة اسم الله
العرض العادي
