" الغدير غديره "
نقل الشيخ حسين الشاكري عن آية الله العلامة الورع المرحوم السيد محمد تقي الحكيم صاحب كتاب (الاصول العامة للفقه المقارن) - في النجف الأشرف ، بعد وفاة العلامة الأميني رضوان الله عليه قال : حدثني أحد علماء خوزستان الأجلاء قال : رأيت فيما يرى النائم ، كأن القيامة قد قامت ، والناس في المحشر يموج بعضهم في بعض ، وهم في هلع شديد ، وفي هرج ومرج ، كل واحد منهم مشغول بنفسه ، ذاهل عن أهله وأولاده ، ويصيح : إلهي نفسي نفسي النجاة ، وهم في أشد حالات العطش ، ورأيت جماعة من الناس يتدافعون على غدير كبير ، من الماء الزلال ، تطفح ضفتاه، وكل واحد منهم يريد أن يسبق الآخر لينال شربة من الماء ، كما رأيت رجلا نوراني الطلعة، مهيب الجانب يشرف على الغدير ، يقدم هذا ويسمح لذاك أن ينهل ويشرب ، ويذود آخرين ويمنعهم من الورود والنهل .
قال : عند ذلك علمت أن الواقف على الحوض والمشرف على الكوثر هو الإمام علي أمير المؤمنين (ع) ، فتقدمت وسلمت على الإمام (ع) فاستأذنت منه لأنهل من الغدير وأشرب ، فأذن لي فتناولت قدحاً مملوءا من الماء فشربته ، ونهلت . وبينما أنا كذلك إذ أقبل العلامة الأميني (قدس سره) فاستقبله الإمام بكل حفاوة وتكريم معانقا إياه ، وأخذ كأسا مملوءا بالماء وهم ان يسقيه بيده الشريفة ، فامتنع الأميني في بادئ الأمر ، تأدبا وهيبة ، ولكن الإمام (ع) أصرّ على أن يسقيه بيده الكريمة ، فامتثل الأميني للأمر وشرب . قال الشيخ : فلما رأيت ذلك تعجبت ، وقلت : يا سيدي يا أمير المؤمنين ، أراك رحبت بالشيخ الأميني ، وكرمته بما لم تفعله معنا ، وقد أفنينا أعمارنا في خدمتكم وتعظيم شعائركم ، واتباع أوامركم ونواهيكم ، وبث علومكم ؟ ! ! فالتفت إلي الإمام (ع) وقال : " الغدير غديره " فاستيقظت من نومي وقد عرفت - حينذاك - ما للعلامة الأميني من منزلة عند الله عز وجل وعند رسوله الكريم وعند أمير المؤمنين صلوات الله عليهم أجمعين.