العودة   منتديات احباب الحسين عليه السلام > القسم الاسلامي > منتدى أهل البيت (عليهم السلام)
منتدى أهل البيت (عليهم السلام) السجاد - الباقر - الصادق - الكاظم - الرضا - الجواد - الهادي - العسكري - عليهم السلام
روابط مفيدة مشاركات اليوم البحث


إستلهام الدروس من زينب الكبرى (عليها السلام)

منتدى أهل البيت (عليهم السلام)


إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-12-2008, 06:40 AM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

محـب الحسين

الصورة الرمزية محـب الحسين


الملف الشخصي









محـب الحسين غير متواجد حالياً


إستلهام الدروس من زينب الكبرى (عليها السلام)

محاضرة سماحة آية الله السّيد الحكيم (قدّس سرّه) مع أسر الشهداء والمعتقلين بمناسبة
أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) في حسينية الزهراء بمدينة
قم المقدسة بتأريخ: 20 / صفـر/ 1417 هـ. ق. الموافق: 7 / 7 / 1996م.

إستلهام الدروس من زينب الكبرى (عليها السلام)

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين.
والصلاة والسلام عليك يا مولاي ويا سيدي يا أبا عبد الله، وعلى الأرواح التي حلّت بفنائك، عليك منّي سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار، ولا جعله الله آخر العهد منّي لزيارتكم، السلام على الحسين، وعلى علي بن الحسين، وعلى أولاد الحسين، وعلى أصحاب الحسين.
والسلام على سيّدتنا ومولاتنا - العقيلة الكبرى - زينب بنت علي (عليهما السلام)، وعلى جدّها وأبيها وأُمّها وإخوتها.
والصلاة والسلام على سيّدنا ومولانا - بقية الله في أرضه - الحجّة بن الحسن (عَجَّلََ الله تعالى فَرَجَهُ الشريف).
والسلام على شهداء الإسلام في كل مكان، منذ الصدر الأول للإسلام وحتى شهداء هذا العصر.
والسلام على السيّدات الفاضلات، والأُسر الشريفة المنتمية للشهداء والمعتقلين والمعذّبين الحاضرين منهم والغائبين ورحمة الله وبركاته.
قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(1).
في هذا اليوم الشريف، يوم أربعينية سيّدنا ومولانا الإمام الحسين (عليه السلام)، نعقد مرة أُخرى هذا الاجتماع لأسر شهدائنا الأبرار ومعتقلينا ومعذّبينا الصابرين والصامدين. وهذا هو الاجتماع السنوي لهذه الأُسر الشريفة بهذه المناسبة المفعمة بالتضحيات والدماء الزاكيات، والآلام والمعاناة.


الدور المتميز لعيالات الحسين (عليه السلام)
إن هناك علاقة وثيقة بين هذا الاجتماع وبين هذه المناسبة الشريفة، فنحن نعرف من التاريخ الإسلامي ومن ذكرى الحسين (عليه السلام)، أن هناك دوراً متميّزاً وبارزاً في هذا التاريخ وهو دور عيالات الحسين (عليه السلام) وكانت الصديقة الثانية العقيلة الكبرى زينب بنت علي (عليها السلام) هي العنوان البارز في هذه العيالات والأُسر الشريفة في واقعة كربلاء، وإن كنّا عندما ننظر إلى قضية عيال الحسين (عليه السلام) وأُسرته، والأُسر التي تضامنت مع أُسرته نجد أن هذا لم يكن مختصّاً بزينب (عليها السلام)، بل إن هناك دوراً وموقفاً لفاطمة بنت الحسين (عليه السلام)، وكذلك لأطفال الإمام الصغار.
سواء كانت هذه المواقف في واقعة كربلاء نفسها، من قبيل موقف عبد الله بن الحسن (عليه السلام) ذلك الصبي الذي وقف ذلك الموقف من أجل أن يدافع عن عمّه الحسين (عليه السلام)، فقطعت يده وهو في حجر عمّه الإمام الحسين (عليه السلام)، ثم ذبح بسهم حرملة بن كاهل، أو كموقف عبد الله الرضيع، أم كانت هذه المواقف في الكوفة أو الطريق إلى الشام، وحتى في الشام نفسها، الأمر الذي يجعلنا أمام مدرسة من مدارس عوائل الشهداء، ويجعلنا أمام مسؤولية كبيرة تتحمَّلها هذه العوائل.
والمعروف أن قائد المسيرة من الناحية الواقعية هو الإمام زين العابدين، وكانت عمّته العقيلة زينب (عليها السلام) تلتجئ إليه في المهمات والمصائب الصعبة، وأصعبها التي واجهت عيالات الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء بعد مقتل الإمام (عليه السلام) وذلك عندما بدأ القوم بحرق الخيام، فوجدت العقيلة زينب (عليها السلام) نفسها أمام هذه القضية، إنه هل كُتب على هذه الأُسرة أن تضحي بنفسها فتقتل، وبالتالي فعلى زينب (عليها السلام) أن تصبر على هذا الموقف وتبقى في ا لخيام مع الأطفال، أو أنَّ لها واجباً آخر؟
وهنا تلتجئ زينب (عليها السلام) إلى إمامها زين العابدين (عليه السلام) وتسأله هذا السؤال: ماذا نصنع يا بن أخي، وأنت ترى أن القوم قد حرقوا خيامنا؟
وهنا يحدد الإمام زين العابدين (عليه السلام) هذا الموقف، ويقول لهم: هذه الصحراء أمامكم انتشروا فيها.
فخرج الأطفال والنساء من الخيام الملتهبة بالنيران وفرّوا في الصحراء، فلم يبق مأوى لآل الرسول (صلى الله عليه وآله) غير هذه الصحراء المحرقة.
وهكذا عندما نرجع إلى كل المواقف نجد أن الإمام زين العابدين (عليه السلام) كان هو الذي يحدد الموقف تجاه القضايا الصعبة، التّي تواجهها زينب (عليها السلام).
ومع كل ذلك نجد زينب (عليها السلام) قد تحمّلت مسؤولية القيادة الظاهرية، لعملية المواجهة مع عبيد الله بن زياد وأصحابه، ومع يزيد بن معاوية، وذلك لعدة أسباب:
أولاً: إنّ الإمام زين العابدين (عليه السلام) كان يشكو من مرض مبرح، ولم يكن قادراً على أن يمارس الدور القيادي خارجياً.
ثانياً: إنّ الله سبحانه وتعالى أراد أن يحمي الإمام زين العابدين (عليه السلام) ويبقيه لئلا يلتحق بركب الشهداء من أهل بيت الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه، ولذلك أراد الله أن تتصدّى زينب (عليها السلام) ظاهرياً، من أجل أن تكون هناك حماية لشخصية الإمام زين العابدين (عليه السلام) من القتل.
وقد وجدنا ذلك عندما تحدّث الإمام زين العابدين (عليه السلام) في مجلس عبيد الله بن زياد، وحاول عبيد الله أن يقتله، فكان لزينب (عليها السلام) دور الحماية، وتمكّنت أن تنجّيه من القتل.
هذا هو الدور البارز لعيالات أهل البيت (عليهم السلام) في كربلاء وما بعد كربلاء. ولذلك نحن نحتاج إلى أن نركّز على هذا الدور ونوضّح معالمه وخصوصياته.
نجد في هذا الدور عدَّة دروس:
<A name=a02>


دور العقيلة زينب (عليها السلام) في حماية أبناء الحسين (عليه السلام)
إنّ العقيلة زينب (عليها السلام) كانت تقف ذلك الموقف البطولي لحماية أبناء الحسين (عليه السلام)، ممن بقي من هذه الأُسرة الشريفة. حيث إن يزيد وعبيد الله كانا قد اتخذا قرار إبادة هذه الأُسرة إبادة كاملة، فلم يبق من رجال هذه الأُسرة ولا من فتيانها أحد بعد معركة كربلاء، إلاّ الحسن المثنى الذي أنجاه الله برعاية خاصة، حيث اشترك في المعركة وجرح فيها، وبقي في الميدان فجاء أخواله وأخرجوه سراً من ميدان المعركة، وبقي بعد ذلك حياً، حيث ينحدر نسب السادة الحسينيون منه.
والسادة الحسينيون كان لهم دور في تاريخ الإسلام، وقد تخرج من هذه الأُسرة الشريفة كبار علماء الإسلام، وعلى مختلف أدوار التاريخ وفي عصورنا الأخيرة، كالسادة: أُسرة آل بحر العلوم وآل البروجردي وآل الحكيم وآل الحجة والسادة الحيدرية، وغيرهم من الأُسر العلمية المعروفة التي تنتمي لهذا النسب المبارك، والذي حفظ بالحسن المثنى. كما حفظ نسل الإمام الحسين بولده السجاد(عليه السلام)، وإلاّ فقد كان قرار الإبادة قراراً شاملاً لاستئصال هذه الأُسرة الشريفة.
وهنا يأتي دور زينب (عليها السلام) في حفظ الأطفال والنساء والبقية الباقية من هذا البيت، ولولا زينب (عليها السلام) لكان من الممكن أن يقتل هؤلاء الأطفال، أمّا بسبب حرق الخيام، أو العطش في الصحراء، أو سحقاً تحت سنابك الخيل أو يقتلوا ويذبحوا بيد الطغاة، كما حصل إلى ولدَي مسلم بن عقيل.
ومن هنا يمكن أن نعرف أن المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتق أُسر الشهداء، هي المحافظة على البقية الباقية من هذه الأُسر.
وهذه الأُسر باعتبار انتمائها إلى خط الشهادة، وإلى هذه الدماء الزكية، وإلى هذا التاريخ الزاخر بالبطولات، فلا بد أن يكون لهذه البقية الباقية دور في تاريخ الإسلام، وفي تاريخ الحركة الإسلامية.
ولقد وجدنا هذا الدور في قضية الإمام الحسين (عليه السلام). وهذا ما نجده أيضاً في تقييم الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) لقضية الشهادة، حيث إنّ الإمام له تقييم لحركة التاريخ، ولحركة المواجهة مع الطغاة، فيقول: «بقية السيف أنمى»<A href="http://www.al-hakim.com/arabic/anwar/015/02.html#ha02" name=sh02>(2)، أي إنّ ما يتبقى مما يأخذه السيف من الأُمَّة، هو أنمى وأزكى وأذكى عطاء وأداءً في حركة البشرية.
فإن هذه البقية لها دور عظيم في مستقبل حركتنا وتاريخنا، وأول من يتحمل مسؤولية هذا الدور هم أُسر الشهداء ونساؤهم، تأسياً بالعقيلة زينب (عليها السلام) التي هي النموذج الواضح البارز في تحمل هذا الدور وهذه المسؤولية.


الصبر والصمود والاستقامة عند العقيلة زينب (عليها السلام)
إنّ زينب (عليها السلام) فجعت في يوم كربلاء بالإخوة والأبناء وأولاد الإخوة، وفجعت بالأُسرة، ثم أكبر وأعظم من ذلك كله أنها فجعت بابن أمها وأبيها، سيد الخلق وسيد شباب أهل الجنة، وهو أفضل إنسان على وجه الأرض في ذلك الزمان، فأي مصيبة أعظم من هذه المصيبة! ونحن كلما نظرنا إلى مصائبنا وآلامنا ومحننا فهي لا تكون شيئاً بإزاء مصيبة زينب (عليها السلام)، بل تهون كل هذه المصائب أمام مصيبتها.
وأعظم من ذلك كله عندما فجعت زينب (عليها السلام) بالأسر، فزينب (عليها السلام) التي لم يُر شخصها وشكلها; لأنها عندما تريد أن تخرج كانت تخرج ليلاً، وكانت تطفأ الأسرجة الموجودة في الطرقات لكي لا يرى ظلها، فكانت زينب (عليها السلام) بهذا الشكل، وإذا بالأيام تدور بها.
فزينب (عليها السلام) بنت علي (عليه السلام) (الخليفة والحاكم)، وابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، التّي كان لها هذا الموقع الاجتماعي، وإذا بالأيام تدور بها فتسبى على نياق عجاف، وتُنقل من بلد إلى بلد، «يتصفح وجوههن القريب والبعيد» <A href="http://www.al-hakim.com/arabic/anwar/015/02.html#ha03" name=sh03>(3).
لاحظوا هذه الفجيعة العظيمة، وأنا لا أُريد أن أُطيل على الأخوات بذكر هذه الفاجعة، ولكنها تسلية لنا جميعاً، ولكن مع كل ذلك كانت زينب (عليها السلام) كالجبل الأصم لا تزعزعه العواصف، وذلك بصبرها وصمودها وتحملها للمسؤولية، وباستقامتها على الطريق، فلم تتزعزع لحظة واحدة، ولم يبد عليها الضعف حتى في أشد حالات المصيبة، وحتى عندما مرت على المعركة، ورأت الأجساد الصرعى قد فصلت عنها الرؤوس.
هذه زينب العظيمة، وهذا درس عظيم في الصبر والصمود والاستقامة، لا بد أن نتعلمه في هذه المواجهة الشرسة مع الطغاة ومن ورائها قوى الاستكبار العالمي، المتمثلة بأمريكا وأوربا الغربية، وورائها كل الملحدين والمنحرفين والضالين، الذين وقفوا مع صدام في هذه المواجهة. فيجب علينا أن نأخذ هذا الدرس العظيم من العقيلة زينب (عليها السلام).


تحمل زينب (عليه السلام) لمسؤولية إبلاغ الرسالة
إن زينب (عليها السلام) قد تحملت مسؤولية إبلاغ الرسالة، وإبلاغ صوت الإمام الحسين (عليه السلام) إلى أسماع المسلمين جميعاً، ولم يكن في ذلك الوقت - راديو ولا إذاعة ولا تلفزيون ولا صحيفة - ولا الوسائل الإعلامية التي نستخدمها في هذا العصر، وإنما كانت الوسيلة الوحيدة التي يمكن من يريد أن يتحدث للناس، أن يقف ويخطب ويتحدث أمام الناس، ونجد أن زينب (عليها السلام) استغلت هذه الوسيلة واستفادت منها في أحرج الساعات والأيام وأحرج المجالس.
فإنها تحملت المسؤولية ووقفت تخطب في أهل الكوفة، ذلك الحديث الذي هز الكوفة وقلبها، وبدأت تتهلل الكوفة في وجه عبيد الله بن زياد، وبدأت الثورة منذ خطاب زينب (عليها السلام).
ثم إنها تدخل مجلس عبيد الله بن زياد، ذلك المجلس الذي اكتظ بالجند والطغاة والجبابرة، وبالأُبهة والعظمة، وبكل ما يملك عبيد الله بن زياد، حيث كان عبيد الله يريد أن يظهر بمظهر القوة والعزة والكرامة، هذه العزة والكرامة الزائلة الفاسدة، وكان يعتقد أو يحلم بأن تكون زينب (عليها السلام) ذليلة بين يديه، لكنها تقف في وجهه، وتقول له: «كد كيدك واسع سعيك»<A href="http://www.al-hakim.com/arabic/anwar/015/02.html#ha04" name=sh04>(4)، فمن أنت؟ أنت زائل، أنت كذا وكذا... وتتحدث معه بذلك الحديث الذي يهز أركان المجلس.
ثم تقف زينب (عليها السلام) بعد ذلك أمام يزيد، وتخطب تلك الخطبة العظيمة الرائعة، التّي جعلت يزيد هو المخزي والذليل المنهزم المتراجع، فلم يجد يزيد أمامه إلاّ أن يعتذر ويظهر الندم كذباً ونفاقاً، ثم يأتي بالأستار فيلقيها على زينب (عليها السلام) ويخرجها معززة مكرمة من مجلسه; لأنه خاف أن تنقلب عليه الدنيا بعد ذلك الموقف، هكذا كانت زينب (عليها السلام).
وكل هذه المواقف حرجة، وليست كموقفي الآن حيث أقف هنا ومعي الصلوات والتكريم والاعتزاز، إنما موقف كان المراد منه إذلال زينب (عليها السلام)، ولكنها وقفت عزيزة وفرضت رأيها وموقفها ورؤيتها، وأوضحت كل معالم الثورة الحسينية.
لاحظوا هذه الشجاعة والبطولة، وقوة الشخصية والمعرفة بالحقائق، والرؤية للهدف الكبير، والرؤية للدنيا الزائلة الحقيرة في نظر أهل البيت (عليهم السلام)، التي لا تساوي شيئاً عندهم، فهذا أبوها كان يقول عن الدنيا: «إنها أزهد عندي من عفطة عنز».(5) ولقد كانت زينب (عليها السلام) تنطق بمنطق أبيها، كانت تتحدث وكأن علياً هو المتحدث على منابر الكوفة، وعلي (عليه السلام) كان يتحدث وهو خليفة وأمير المؤمنين، وأما زينب (عليها السلام) فكانت تتحدث بمنطق أبيها وقدرته وقوته ولكنها أميرة مصابة مفجوعة، وهي محاصرة من الأعداء ليس لها ناصر ومعين.
هذا هو الموقف العظيم الذي وقفته زينب (عليها السلام) في قضية الحسين (عليه السلام)، وتمكنت من إبلاغ الرسالة وبيان وتوضيح أهداف حركة الإمام الحسين (عليه السلام).
مع أن يزيداً حاول أن يعتم على الأُمور، وحاول أن يجعل الناس في غموض وحيرة وشك من أهداف ثورة الحسين (عليه السلام)، ولكن زينب (عليها السلام) بقدرتها ومنطقها وفهمها وعلمها وحكمتها تمكنت أن تحقق ذلك الانقلاب الإسلامي السياسي.


تأكيد زينب (عليها السلام) على مظلومية الإمام الحسين (عليه السلام)
مظلومية الإمام (عليه السلام) كان لها دور عظيم في التأريخ الإسلامي. فزينب (عليها السلام) شهدت كربلاء وتعرف كل التفاصيل والأسرار، وكل ما يجري خلف الستار وفي هدوء الليل في الخيام، وحتى الأحاديث الخاصة بين الحسين (عليه السلام) وأصحابه، فضلاً عن الأحاديث والخطب العامة.
لقد كانت زينب (عليها السلام) تعرف هذه القضايا، وتعرف مقدار مظلومية الإمام الحسين (عليه السلام) ومعاناته، ورأت الإمام الحسين (عليه السلام) يتمشى في الليل بين الخيام، ويعبر عن محنته بينه وبين ربه، وعن خذلان الآخرين له بقوله:


يا دهر أف لك من خليلكم لك بالإشراق والأصيلمن صاحب وطالب قتيلوالـدهـر لا يقنع بالبديل


كانت ترى هذه الآلام وتتحسسها، فحملت هذا المشعل وهذه الراية.
والتأكيد على مظلومية أهل البيت (عليهم السلام) ومظلومية الإمام الحسين (عليه السلام) والآلام التّي مر بها، من المواضيع المهمة في عقيدتنا وفي حركتنا السياسية والاجتماعية.
لذلك نجد أن أئمتنا (عليهم السلام) تحدثوا عن مظلومية جدتهم الزهراء (عليها السلام)، وعمّا جرى عليها في دارها، وما جرى وراء الباب، من إسقاطها المحسن (عليه السلام)، ولما جرى عليها من ضربها بالسياط، وعمّا جرى عليها من لطمها على وجهها وخدها.
وقضية المظلومية تتحسس معها الأجيال والعواطف والمشاعر والفطرة الإنسانية التي أودعها الله تعالى في نفس الإنسان.
وكانت زينب (عليها السلام) هي التّي حملت هذه الراية، وحملها معها ابن أخيها الإمام زين العابدين (عليه السلام)، وهو إمام عظيم كان يملك مشاعره وعواطفه، ولكنه لم يقدم له طعام ولا شراب إلاّ ونزلت دموعه حتى بللت لحيته الشريفة<A href="http://www.al-hakim.com/arabic/anwar/015/02.html#ha06" name=sh06>(6)، فلماذا؟ أما كان يتمكن أن يملك عواطفه؟
الجواب: إنه (عليه السلام)كان يتمكن أن يملك عواطفه، ولكنه كل ذلك من أجل بيان هذه المظلومية، والآلام والمحنة التي مر بها أهل البيت (عليهم السلام)، فلا بد أن تبين هذه المظلومية لكل الأجيال حتى تتحسس مشاعره وعواطفه الطاهرة النبيلة، التي تتحسس الظلم والعدل، والمحن والآلام، وتجعل الإنسان متفاعلاً مع الحياة الإنسانية الراقية والعالية.
وهذه قضية إنسانية من القضايا المهمة، ولكن مع الأسف! أخذها الغربيون منّا عندما رفعوا شعار حقوق الإنسان، وحاولوا أن يوجدوا رأياً عاماً يتحسس مع آلام الإنسان.
وتحول الجفاة الطغاة الذين حكموا في التاريخ الإسلامي إلى قساة القلوب، إلى قلوب حجرية صخرية، بل هي أشد وأقسى من الحجر، كما يعبر القرآن الكريم عن ذلك(7).
أما قلوب شيعة أهل البيت (عليهم السلام) وأتباعهم فتجدها قلوباً عاطفية، تتحسس الآلام والمحن التي يمر بها الإنسان.
والآن نجد هذه الجمهورية الإسلامية ترفع شعار الإسلام، وتتحسس الآلام في فلسطين ولبنان والعراق وأفغانستان، والبوسنة والهرسك والبحرين، ومصر والجزائر وشمال أفريقيا، وفي مختلف أنحاء العالم الإسلامي... فلماذا هذا التحسس؟
الجواب: إن هذا الأمر ذاتي عند شيعة أهل البيت (عليهم السلام) ومواليهم.
ولقد كانت زينب (عليها السلام) مثالاً واضحاً ومدرسة في قضية التركيز على المظلومية، فنحن نريد أن نوجد قلوباً طاهرة زكية، متفاعلة مع آلام البشرية ومحنتها، ومع قضاياها وحقوقها الطبيعية، وهذه القلوب لا يمكن أن تنمو بمجرد الحديث، ما لم تُربَّ تربية حسينية زهرائية محمدية علوية، فلا بدّ أن تربى هذه القلوب بهذه التربية، حتى يمكن أن تتفاعل مع كل هذه القضايا، وزينب (عليها السلام)كان لها هذا الدور.
ولذلك فتأسيس مثل هذه المؤسسات التي تجمع نساءنا ورجالنا في مكان آخر، من أجل بيان مظلومية أهل البيت (عليهم السلام) وهذا من أفضل الأعمال التي يمكن أن نقوم بها.
ونحن بحمد الله نشاهد في هذا العام والمكان وهذا الصف المبارك المنتسب للزهراء (عليها السلام) من عوائلنا الشريفة وعوائل الشهداء.
وهذه الاجتماعات من أفضل الأعمال التي يمكن أن نقترب بها إلى الله تعالى; ذلك لأنها أعمال حسينية، خطها لنا الحسين (عليه السلام) والإمام زين العابدين (عليه السلام)، وأئمة أهل البيت (عليهم السلام) وزينب (عليها السلام)، وعرّفوا لنا هذه الحقائق.


ضرورة التأسي بزينب(عليها السلام)
ونحن في الوقت الذي نتحدث فيه عن الآلام والمحن، لا نريد من الناس أن يفقدوا صبرهم، أو يصلوا إلى حالة الجزع - نعوذ باللّه - بل لا بد أن نتأسى بزينب (عليها السلام)، فنصبر ونصمد ونتحمل مسؤلياتنا أمام التاريخ، ونهتم بتربية أولادنا وأُسرنا من أجل أنهم بقية السيف. ونتحدث بقضيتنا ونوضح أهدافنا ورؤيتنا، ونقول ذلك للعالم أجمع وفي كل مكان، كما قالت ذلك زينب (عليها السلام) في مجلس عبيد الله بن زياد وفي مجلس يزيد، ونحن نقوله في مجالس الغرب والشرق، ونقوله في كل مكان; لأن لنا قضية، وفي الوقت نفسه نتحدث عن مظلوميتنا وعن آلامنا ومحنتنا، ونبكي على هذه الآلام والمحن حتى تكون قلوبنا طاهرة نظيفة متطابقة مع شعاراتنا، ومع رؤيتنا ومع حديثنا، وهذا هو التكامل في حركة الإنسان.
فالتكامل الإنساني لا يكون بمجرد أن يبكي الإنسان وينسى قضيته، أو يتحدث عن قضيته ولكن لا يتحسس ولا يبكي لها، وإنما التكامل أن يجمع الإنسان بين كل هذه العناصر، حتى يمكن أن تصل القضية والمسيرة إلى مراحلها التكاملية.
ونحن - والحمد لله - وجدنا لهذا الصبر والصمود من هذه العوائل الشريفة أثراً عظيماً في عراقنا الجريح، فهذا التحول الكبير الذي حصل للعام عن الأوضاع في داخل العراق كان بسبب صبركم وصمودكم.
أنتم تعرفون أن صداماً مجرم وحاقد ولا يغير شيء، وهو يعشق الكرسي، ولا يعرف شيئاً غيره، ولا يمكن أن يتغير، فما هو الذي غير الأوضاع السياسية في العراق؟
الذي غير ذلك هو صبركم وصمودكم. هو صبر المجاهدين وصمودهم واستمرارهم في هذا الطريق.
ووجدنا كيف أصبحت في هذه السنة شعائر الحسين (عليه السلام) تطبق في مختلف أنحاء العراق، ففي بعض الأماكن كانت هناك مواكب حسينية، وفي أُخرى كانت هناك تعزية، وأماكن أُخرى تحتفي بالسواد إذ لا مناص لها غير ذلك، وبعض الأماكن كانت تشارك في الزيارة والتجمع في مرقد الإمام الحسين (عليه السلام)، وفي مرقد الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ومراقد بقية الأئمة (عليهم السلام) كالكاظمين (عليهما السلام).
فقضية الشعائر أصبحت واضحة في العراق، وكل ذلك بسبب الصبر والصمود،وهكذا نجد المساجد تمتلئ بالمصلين في العراق، وكل ذلك بسبب الصبر والصمود والعمل المتواصل، حيث نجد أن المجاهدين يصمدون في مناطق جنوب العراق، بالرغم من أن النظام قام بسبع حملات كبيرة وواسعة في الأشهر الثلاثة الماضية، حيث اشترك فيها عشرات الدبابات والمدرعات والمدافع البعيدة المدى، من أجل القضاء على الحركة الجهادية، ولكن المجاهدين صبروا وصمدوا في هذا الطريق; لأن قضية الصبر والصمود والاستقامة هي شعارهم.
وما يواجهه المجاهدون من مشقات وأتعاب وآلام فهو كثير جداً، حتى إنهم قد لا يحصلون على قطرة ماء أو لقمة خبز; لأن النظام يحاصرهم من كل مكان، ومع كل ذلك نجد عندهم الصبر والصمود العظيم، الذي أرغم نظام صدام على أن يتنازل ويغير سياسته في داخل العراق.
ونحن لا بد أن نعرف بأن صبركم وصمودكم ومواصلتكم لهذا الطريق سوف يحقق النصر الكامل في العراق إن شاء الله تعالى.
وكونوا على ثقة بأن النصر تحقق بالفعل، فهناك نصر في العراق، والحديث عنه طويل جداً، ولكن نأمل من الله أن يرينا النصر الكامل عندما يسقط هذا الطاغية ويهلك إن شاء الله تعالى.
ولا بد أن نرفع أيدينا دائماً بالدعاء لله في أن ينتقم من هذا الطاغية انتقاماً عاجلاً سريعاً... وإن شاء الله يتحقق هذا النصر الكامل، كما انتقم الله من الطاغية يزيد.
أسأل الله أن يحقق لكم ذلك، وأن يحفظكم ويرعاكم.
وفي الختام أشكر كل السيدات، وكل هذه العوائل الشريفة التي نعتز بالانتساب إليها; لأن فخرنا وكرامتنا عند الله هي الشهادة، كما أخص بالشكر الأخوات المتصديات لإدارة هذه الحسينية المباركة على إتاحتهن لي هذه الفرصة.
أسأل الله لكم السداد والتوفيق والأجر وحسن العاقبة والفرج العاجل إن شاء الله. أسأل الله أن يحفظكم ويرعاكم، ويرعى أبناءكم وذويكم.
ونسأله سبحانه وتعالى أن يحفظ هذه الدولة المباركة، وأن يقوي أركانها ويثبت دعائمها، وأن يسدد ويوفق ويؤيد ولي أمر المسلمين، آية الله العظمى السيد الخامنئي (حفظه الله)، نسأل الله أن يسدده بالقول والعمل والرأي، وأن يبارك في جهوده، وأن يعزه بعزه، وينصره بنصره.
وأسأله سبحانه وتعالى أن ينصر المسلمين في كل مواقعهم، وأن يحفظكم ويرعاكم، وأن يتغمد شهداءكم برحمته الواسعة، وأن يتغمد جميع الشهداء برحمته الواسعة، لا سيما الشهيد الصدر وإمام الأُمَّة ومراجعنا العظام، وأن يتغمد سلفنا الصالح برحمته الواسعة.
نسأله تعالى أن يفرج عن أسرانا ومعتقلينا ومفقودينا، وأن يعرفنا حالهم، فإن الألم بفقدهم ومفارقتهم عظيم، أسأل الله أن يفرج عنا وعنكم، وأن يحفظكم ويرعاكم ويبارك فيكم.
وإلى أرواح الشهداء جميعا، وإلى روحي إمام الأُمَّة والشهيد الصدر، رحم الله من قرأ الفاتحة قبلها الصلاة على محمد وآل محمد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

____________
<A href="http://www.al-hakim.com/arabic/anwar/015/02.html#sh01" name=ha01>1- آل عمران: 200.
2- شرح نهج البلاغة: 18، ص234.







التوقيع :
من مواضيع محـب الحسين » الفرق بين الصوم والصيام
» قصيدة موسى بن جعفر على الجسر قوموا نشيعه
» زيارة الإمام الحسين عليه السلام في النصف من رجب مكتوبة
» قصيدة في رثاء الشهيد ابي مهدي المهندس(( جمال العراقيين ))
» سقراط والنوم المتأخر
رد مع اقتباس
قديم 26-12-2008, 07:20 AM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

تراب البقيع


الملف الشخصي









تراب البقيع غير متواجد حالياً


افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
السلام عليك يا ابا عبدلله
السلام عليك يا بطلة كربلاء
السلام عليك يا عقيلة بني هاشم
ولعنة الابديه على اعدائهم الى يوم الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشكركِ اخي محب الحسين (ع)على الموضوع القيم
جعله الله في ميزان حسناتك
موفقين للخير
اخوكِ تراب البقيع

دمتم بحب الزهراء عليها السلام


من مواضيع تراب البقيع » عدم التسرع قبل ثبوت اللعن وعدم التوقف بعد ثبوته
» حرمة التفكر في ذات الله
» مَنْ عَرَفَ فَاطِمَةَ حَقَّ مَعْرِفَتِهَا فَقَدْ أَدْرَكَ لَيْلَةَ القَدْرِ.
» أنََا شَهْرُ رَمَضَانَ، أََنا لَيْلَةُ الْقَدْرِ...
» الأسرار الباطنية للصيام
رد مع اقتباس
قديم 26-12-2008, 06:03 PM   رقم المشاركة : 3
الكاتب

خادم الباقرع


الملف الشخصي









خادم الباقرع غير متواجد حالياً


افتراضي

بارك الله فيك اخي الكريم وجعلة الله في ميزان اعمالك


من مواضيع خادم الباقرع » انتر ويونايتد يسعيان للتعويض وريال للفوز
» متى يكون التواضع قيمة أخلاقية ؟
» موت القلب
» عجبا لك يابن ادم
» ابداع تجاوز الجنون
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
من, الدروس, السلام, الكبرى, زينب, عليها, إستلهام

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
السرالعظيم لاسم السيدة زينب الكبري عليها السلام الـدمـع حـبـر العـيـون منتدى السيدة زينب (سلام الله عليها) 16 26-06-2013 01:45 AM
خصائص السيده زينب الكبرى عليها السلام عاشقة النور منتدى أهل البيت (عليهم السلام) 3 03-04-2012 12:47 AM
بيت الصديقة الكبرى (عليها السلام) ناعية الحسين منتدى الزهراء البتول (سلام الله عليها) 4 07-03-2012 11:12 AM
كتبوا في زينب الكبرى عليها السلام دمعة الكرار منتدى أهل البيت (عليهم السلام) 9 07-01-2012 06:52 PM



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات احباب الحسين