منتدى الوصي المرتضى (سلام الله عليه) أمير المؤمنين - وصي الرسول - سيد البلغاء - قائد الغر المحجلين - امام الانس والجان - أبو الحسن - أبو الحسنين - امام المتقين - عليه السلام
من الموضوعات المهمة التي حفل بها نهج البلاغة هي التوحيد والعبادة والصلة بين الخالق والمخلوق وما يجب عليه أن تكون هذه الصلة بأرفع صورها الروحية. فقد زخرت خطب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ورسائله وكلماته القصار بوصاياه بتقوى الله، وطاعته في السر والعلانية، وإقامة الفروض الواجبة.
كان (عليه السلام) يهدف منها إحياء الفطرة الإنسانية المستقيمة الصافية التي يهتدي بها الإنسان إلى الإيمان بالله ومنها يدرك كونه مخلوقاً يترتب عليه إطاعة أوامر الخالق وتجنب معصيته، ومن خلال ذلك تكوين مجتمع إيماني صادق يؤمن بالحق والعدل والخير وهذه هي الغاية التي جاء بها الأنبياء، والكتب السماوية، كما أكد عليها النبي الأكرم، والقرآن الكريم.
كان علي (عليه السلام) أعلم الناس ــ بعد رسول الله ــ بالقرآن من حيث الظاهر والباطن، والمحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ والأهداف والمقاصد حيث قال:
(إن القرآن أنزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلا له ظاهر وباطن، وإن علي بن أبي طالب عنده علم الظاهر والباطن). والأحاديث في ذلك كثيرة.
لقد علم علي (عليه السلام) بكل ما في القرآن الكريم، وعمل بكل ما فيه، فكان كما أراد الله والقرآن من الإنسان، وكانت عبادته كأسمى وأعلى وأزكى ما يتقرب به الإنسان إلى ربه:
(إلهِي ما عَبَدتُكَ طَمَعًا في جَنَّتِكَ، ولا خَوفًا مِن نارِكَ، ولكِن وَجَدتُكَ أهلاً لِلعِبادَةِ فَعَبَدتُكَ).
هذه كانت عبادة علي، وهي أرقى أصناف العبادة حين صنفها (عليه السلام) في نهج البلاغة إلى ثلاثة أصناف كما في قوله:
(إن قوماً عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار، وإن قوماً عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد، وإن قوماً عبدوا الله شكراً فتلك عبادة الأحرار).
إن عالم العبادة في نهج البلاغة، لهو عالم السمو الروحي الذي تسبح فيه القلوب والأرواح في لذة رضوان الخالق، فعندما يصل الإنسان إلى هذه الدرجة يكون محصّناً من كل ما يغضب الله في سلوكه من غير زاجر: