بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
تفسير أمير المومنين عليه السلام صوت الناقوس
روي صاحب كتاب « مصباح الواعظ » وجمهور أصحابنا عن الحارث الاعور، وزيد بن صُوحان، وصَعْصَعَة بن صُوحان، والبراءبن سيرة، والاصبـغبن نبـاتة، وجـابـر بن شَـرَحْبيـل، ومحمـود بن الكـوّاء أنّ أميرالمؤمنين عليه السلام قال: يَقُولُ الناقوس: سُبْحَانَ اللَهِ حَقَّاً حَقَّاً، إنَ المَوْلَي صَمَدٌ يَبْقَي، يَحْلُمُ عَنَّا رِفْقَاً رِفْقَاً، لَوْلاَ حِلْمُهُ كُنَّا نَشْقَي.
حَقَّاً حَقَّاً صِدْقَاً صِدْقَاً، إنَّ المَوْلَي يُسَائِلُنَا، وَيُوَافِقُنَا وَيُحَاسِبُنَا، يَا مَوْلاَنَا لاَ تُهْلِكُنَا، وَتَدَارَكْنَا وَاسْتَخْدِمْنَا، وَاسْتَخْلَصَنَا حِلْمُكَ عَنَّا، قَدْ جَرَّانَا عَفْوُكَ عَنَّا، إنَّ الدُّنْيَـا قَدْ غَرَّتْنَـا وَاشْـتَغَلَتْنَا، وَاسْـتَلَهتْنَا وَاسْـتَغْوَتْنَا، يَا بْنَ الدُّنْيَا جَمْعَاً جَمْعَاً، يَابْنَ الدُّنْيَا مَهْلاً مَهْلاً.
يَا بْنَ الدُّنْيَا دَقَّاً دَقَّاً، تُفْنِي الدُّنْيَا قَرْناً قَرْناً، مَا مِنْ يَوْمٍ يَمْضِي عَنَّا، إلاَّ يَهْوِي مِنَّا رَكْنَاً، قَدْ ضَيَّعْنَا دَارَاً تَبْقَي، وَاسْتَوْطَنَّا دَارَاً تَفْنَي، تُفْنِي الدُّنْيَا قَرْنَاً قَرْنَاً، كُلاَّ مَوْتَاً كُلاَّ مَوْتَاً، كُلاَّ مَوْتَاً كُلاَّ دَفْنَاً، كُلاَّ فِيهَا مَوْتَاً كُلاَّ فَنَاءً كُلاَّ فِيهَا مَوْتَاً، نَقْلاً نَقْلاً دَفْنَاً دَفْنَاً، يَابْنَ الدُّنْيَا مَهْلاً مَهْلاً، زِنْ مَا يَأْتِي وَزْنَاً وَزْنَاً، لَوْلاَ جَهْلِي مَا إنْ كَانَتْ عِنْدِي الدُّنْيَا إلاَّ سِـجْنَاً، خَيْرَاً خَيْرَاً شَـرَّاً شَرَّاً، شَـيئاً شَـيئاً حُزْنَاً حُزْنَاً، مَاذَا مَنْ ذَاكَمْ ذَا أَمْ ذَا، هَذَا أَسْـنَا، تَرْجُو تَنْجُو، تَخْشَي تَرْدَي، عَجِّلْ قَبْلَ المَوْتِ الوَزْنَا، مَا مِنْ يَوْمٍ يَمْضِي عَنَّا، إلاَّ أَوْهَنَ مِنَّا رُكْنَاً، إنَّ المَوْلَي قَدْ أَنْذَرَنَا إنَّا نُحْشَرُ غُرْلاً بُهْمَاً.
قال الراونديّ: ثمّ انقطع صوت الناقوس،[1] فسمع الديرانيّ ذلك وأسلم وقال: إنّي وجدتُ في الكتاب أنّ في آخر الانبياء من يفسّر ما يقول الناقوس. [2]
أجمعوا: أنّ خِيَرَة الله من خلقه هم المتّقون لقوله: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَهِ أَتقَـ'كُمْ [3]ثمّ أجمعوا علي أنّ خيرة المتّقين الخاشعون، لقوله تعالى: وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِّلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ، إلي قوله: مُّنِيبٍ . [4]
ثمّ أجمعوا علي أنّ أعظم الناس خشية العلماء لقوله: إِنَّمَا يَخْشَي اللَهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَآءُ. [5]
وأجمعوا علي أنّ أعلم الناس أهداهم إلي الحقّ وأحقّهم أن يكون متّبعاً ولايكون تابعاً لقوله: أَفَمَنْ يَهدِي إلي الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّي إِلاَّ أَن يُهْدَي. [6]
وأجمعوا علي أنّ أعلم الناس بالعدل أدلّهم عليه وأحقّهم أن يكون مُتَّبَعاً ولايكون تابعاً لقوله: يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنكُمْ. [7 ]
فدلّ كتاب الله وسنّة نبيّه وإجماع الاُ مّة علي أنّ أفضل هذه الاُ مّة بعد نبيّها علي عليه السلام. [8]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
[1] ـ يستفاد هنا أنّ تفسير الإمام عليه السلام كان متزامناً مع صوت الناقوس. وطفق يفسّره منذ بدأ صوته، وختم تفسيره بانقطاعه.
[2] ـ ذكر ابن شهرآشوب في الطبعة الحجريّة من مناقبه، ج 1، ص 426 قصّة إسلام الاُسقُف النصرانيّ علي أثر تفسير الناقوس بطريق آخر. وقال: روي زيد وصعصعة ابنا صوحان، والبراءبن سبرة، والاصبغ بن نباته، وجابر بن شرحبيل، ومحمود بن الكوّاء أ نّهذُكر بدَير الديلم من أرض فارس لاُسقُف قد أتت عليه عشرون ومائة سنة أنّ رجلاً قد فسّر الناقوس، يعنون عليّاً عليه السلام. فقال: سيروا بي إليه فإنّي أجده أنزعَ بطيناً (من انحسر الشعر عن رأسه ونَتَأَت بطنُه) فلمّا وافي أمير المؤمنين عليه السلام، قال: قد عرفتُ صفته في الإنجيل، وأنا أشـهد أ نّه وصيّ ابن عمّه، فقال له الإمام: جئتَ لتؤمن أزيدك رغبة في إيمانك. قال: نعم. قال عليه السلام: انزع مدرعتك (جبّة من الكتّان كان يلبسها الرهبان الكبار) فَأَرِ أصحابك الشامة التي بين كتفيك. فقال الاُسقُف: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ . وشهق شهقة فمات. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: عَاشَ فِي الإسْلاَمِ قَلِيلاَ، وَنَعِمَ فِي جِوَارِ اللَهِ كَثِيراً.
[3] ـ الآية 13، من السورة 49: الحجرات.
[4] ـ الآيات 31 إلي 33، من السورة 50: ق: وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِّلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ* هَـ'ذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَـ'نَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ.
[5] ـ النصف الثاني من الآية 28، من السورة 35: فاطر.
[6] ـ الآية 35، من السورة 10: يونس.
[7] ـ قسم من الآية 95، من السورة 5: المائدة.
[8] ـ «المناقب» لابن شهرآشوب، ج 1، ص 266 و 267 من الطبعة الحجريّة؛ وج 2، ص 56 و 57 من الطبعة الحروفيّة طبعة المطبعة العلميّةـ قم.
المصدر:
كتاب معرفة الامام
من مواضيع الـدمـع حـبـر العـيـون
» حتى تشرق شمس الله في قلوبنا : الحديقة الرمضانية الثامنة » الأسد في القرآن الكريم.. » أسباب نزول البسملة.. » ورود واشجار لأركان المنزل » ازرق في ازرق ... أثاث عصري