العودة   منتديات احباب الحسين عليه السلام > القسم الاسلامي > منتدى النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)
منتدى النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) سنة الرسول - اخلاق الرسول - صفات الرسول - أعمال الرسول - افعال الرسول - غزوات الرسول - فتوحات الرسول - احاديث الرسول - زوجات الرسول - صلى الله عليه وآله
روابط مفيدة مشاركات اليوم البحث


حالة المجتمعات العربية قبل الاسلام‏

منتدى النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)


إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-11-2011, 12:15 AM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

دمعة الكرار


الملف الشخصي









دمعة الكرار غير متواجد حالياً


حالة المجتمعات العربية قبل الاسلام‏

حالة المجتمعات العربية قبل الاسلام‏
البداية الطبيعية للحديث عن رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم تفرض علينا إعطاء لمحة عن تاريخ ما قبل البعثة وما اتصل بها من أحداث ووقائع، لنتعرف الى الظروف والأوضاع التي كانت تحكم المجتمعات العربية انذاك والمنطقة التي انطلقت فيها دعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الى الاسلام.
وسوف نستعرض في حديثنا هنا الظروف والأوضاع الدينية والسياسية والاجتماعية والأخلاقية التي كانت سائدة في منطقة شبه الجزيرة العربية في العصر الجاهلي.
1- الوضع الديني:
على المستوى الديني: كانت الوثنية هي الديانة الكبرى في شبه الجزيرة العربية وكانت عقيدة الشرك، وعبادة الأصنام متفشية بين سكان هذه المنطقة.
ويكفي أن نذكر أن عبادتهم كانت ملونة باللون القبلي فلكلّ قبيلة، بل لكل بيتٍ أحياناً وثنٌ وطريقةٌ في العبادة، وبالرغم من أن الكثيرين منهم كانوا يعتقدون بوجود الله وخالقيته، إلاّ أنهم كانوا يعتبرون أن عبادتهم للأصنام تقرِّبهم الى الله زلفى، وقد أشار القران الكريم الى ذلك بقوله تعالى: ﴿... وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ...﴾1.


أضف الى ذلك أنهم ما كانوا يعتقدون بالمعاد والحياة بعد الموت، وقد أشار القران الى ذلك في كثير من الايات.
هذه حال الوثنية، أما اليهودية والنصرانية فلم تستطيعا بسبب عملية التحريف الكبرى التي تعرضتا لها بعد موسى وعيسى‏ عليه السلام أن تقدما إنموذجاً إيجابياً بنّاءاً للإنسان العربي ولم تحدث في صفاته الذميمة وعاداته السيئة أي تغيير أو تبديل حتى أن بعض النصارى من العرب كقبيلة تغلب لم يكونوا يعرفون من النصرانية إلا شرب الخمر..
إلا أن اليهودية والنصرانية ساهمتا مع ذلك في تحضير الإنسان العربي للفجر الجديد، وذلك بالتبشير بقرب ظهور نبي عربي، فكان اليهود يتوعدون العرب الوثنيين ويقولون لهم: (ليخرجنّ نبي فيسكرنّ‏َ أصنامكم”وقد سمى جماعة منهم أبناءهم (محمدا) رجاء أن يكون هو النبي المنتظر.. كل ذلك هيأ الأجواء معنوياً لتقبل ظهور النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبسبب وزن أهل الكتاب علمياً عند العرب في الجاهلية فقد اكتسبت هذه التنبؤات بُعداً حقيقياً انعكس قبولاً للدعوة واستجابة لها.
2- الوضع السياسي:
وأما على المستوى السياسي: فإن سكان شبه الجزيرة العربية انذاك، لم يخضعوا لأيّ نظام أو سلطة مركزية غير سلطة القبيلة.
وبسبب أن معظم سكان هذه المنطقة كانوا من البدو الرحّل الذين يُمسون في مكان ويصبحون في اخر من جهة، وبسبب رفضهم لجميع أنواع التسلُّط الذي يحدُّ من حرية الأفراد والقبيلة من جهةٍ ثانية، وبسبب بعض العوامل الاقتصادية نظراً لكون طبيعة المنطقة صحراوية لا تصلح للزراعة والعمل، ولا تساعد على الاستقرار وتنظيم الحياة والانتاج من جهة ثالثة، لأجل كل ذلك نجد أن هذه المنطقة بقيت بعيدةً عن سيطرة ونفوذ الدول الكبرى انذاك كدولة الفرس ودولة الرومان، فلم تخضع المنطقة لحكم أي من الرومان والفرس والأحباش، ولم تتأثّر بمفاهيمهم وأديانهم كثيراً.
ومن هنا فقد نشأت عن هذا الوضع ظاهرةُ الدويلات القبلية، فكان لكل قبيلة حاكم، ولكل صاحب قوة سلطان، ولم يكن يجمعهم نظام مركزي واحد، أو سلطة سياسية مركزية، وإنما كانوا يعيشون فراغاً سياسياً في هذا الجانب.


3- الوضع الاجتماعي:
أما الوضع الاجتماعي: فإن الحياة الصعبة التي كان يعيشها الانسان العربي في البادية، والحكم القبلي، وعدم وجود روادع دينية أو وجدانية قوية، دفعت بالقبائل الى ممارسة الحرب والاعتداء على بعضها البعض كوسيلة من وسائل تأمين العيش أحياناً، وأحياناً لفرض السيطرة، وأحياناً أخرى للثأر والاقتصاص، فكانت تُغيرُ هذه القبيلة على تلك وتستولي على أموالها وتسبي نساءها وأطفالها وتقتلُ أو تأسر من تقدر عليه من رجالها، ثم تعود القبيلة المنكوبة تتربّص بالقبيلة التي غلبتها وهكذا.
ولذلك فإن من يطالع كتب التاريخ يرى بوضوح الى أيّ حد كانت الحالة الاجتماعية متردِّية في ذلك العصر، فالسلْب والنهب والاغارة والتعصُّب القبلي كان من مميزات ذلك المجتمع، حتى إذا لم تجد القبيلة مَنْ تُغير عليه من أعدائها أغارت على أصدقائها وحتى على أبناء عمّها.
وكانت لأتفه الأسباب تحدث بينهم حروب طاحنة ومُدمِّرة يذهب ضحيتها الاف الناس وتستمر لسنين طويلة. ولعلّ‏َ من أبرز الأمثلة على ذلك ما عُرف ) بحرب داحس والغبراء( وهما فرسان يملكُ أحدهما قيس بن زُهير ويملك الاخر حذيفة بن فزارة، فقد استبقا واختلفا حول السابق منهما، وقد أدّى اختلافهما بسبب هذا الأمر التافه الى التنازع ونشوب الحرب بين قبيلتيهما حيث استمرّت الحرب بينهما أربعين سنة من سنة 568م وحتى سنة 608 م.
وأفضل مرجع للتعرّف الى ملامح الوضع الاجتماعي في العهد الجاهلي هو كلماتُ أمير المؤمنين عليه السلام التي يصف فيها حال العرب قبل بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث يقول في بعض كلماته: "إنّ الله بعث محمداً صلى الله عليه وآله وسلم نذيراً للعالمين وأميناً على التنزيل، وأنتم معشر العرب على شرّ دين وفي شرّ دار، منيخونأي مقيمونبين حجارة خُشنٍ وحيّات صُمّ، تشربون الكدر، وتأكلون الجشب، وتسفكون دماءكم، وتقطعون أرحامكم، الأصنام فيكم منصوبة، والاثام بكم معصوبة"2.
ويقول جعفر بن أبي طالب رضوان الله عليه وهو يصف الوضع الجاهلي لما دخل


على النجاشي وقد سألهم عن أحوالهم، قال: "كنا قوماً أهل جاهليةٍ، نعبدُ الأصنام، ونأكلُ الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطعُ الأرحام، ونسي‏ءُ الجوار، ويأكلُ القويّ منّا الضعيف".
4- الوضع الأخلاقي:
وأما الوضع الاخلاقي العام: فقد كانت القسوة والفاحشة وتعاطي الخمر والربا ووأد البنات والأبناء خشية العار والفقر هي السمات العامة للأخلاق المتفشية في المجتمع الجاهلي.
ويكفي أن نشير الى بعض النماذج من العادات والتقاليد اللاّأخلاقية التي كانت سائدة انذاك لمعرفة مدى شيوع الفاحشة وظاهرة انعدام الغيرة والتحلل الأخلاقي في تلك المجتمعات.
فقد أشار النص الذي ذكرناه انفاً عن أمير المؤمنين عليه السلام وعن أخيه جعفر إلى بعض الموبقات التي كانت معروفة بينهم وإلى بعض حالاتهم وأوضاعهم السيئة. وقد أدان القران حياتهم الجاهلية ونعى عليهم كثيراً من حالاتها فأشار على سبيل المثال إلى أن الزواج من الخالة زوجة الأب كان من جملة سلوكهم الجاهلي البغيض، وقد أشار القران الى تحريم هذا السلوك بقوله تعالى: ﴿ولا تَنْكَحُوا مَا نَكَحَ ابَاؤُكُمُ مِنَ النِّساءِ إلاّ مَا قَدْ سَلفَ إنَّهُ كانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وسَاءَ سَبِيلاً﴾3.
وكانوا يُكرهون الجواري والإماء والخدم على البغاء والزنا من أجل كسب المال، وقد أشار القران الى ذلك بقوله: ﴿... وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ...﴾4.
ويقال: إنه كانت لعبد الله بن أبيّ (رئيس المنافقين) ست جوارٍ وكان يُكرههنّ‏َ على البغاء للحصول على المال.
ومن عاداتهم القبيحة أيضاً الطواف حول الكعبة وهم عراة سواء الرجال والنساء.
وكان الرجل إذا هدده الإفلاس وشعر بأنه سيُصاب بالفقر كان يبادر الى قتل أولاده


خوفاً من أن يراهم أذلاء جائعين، وقد أشار القران الى ذلك بقوله تعالى: ﴿ولا تَقْتلُوا أولادَكُمْ مِنْ إملاقٍ نَحنُ نَرْزُقُكُمْ وإيَّاهُم﴾5.
كما أننا نستطيعُ معرفة مدى شيوع ظاهرة وأد البنات ودفنهنّ‏َ وهنّ‏َ أحياء من تعرض القران الكريم لهذه العادة، وإدانته لهذه الجريمة، وتعنيفه لتلك المجتمعات على هذا السلوك الوحشي البشع، فقد قال تعالى: ﴿وإذا المَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بأيّ‏ِ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾6، وقال أيضاً: ﴿وإذا بُشِّرَ أحدَهُمْ بالأُنْثَى ظَلّ وجهُهُ مُسْودَّاً وَهُو كظِيمٌ * يَتَوارَى مِنَ القومِ مِنَ سُوءِ مَا بُشِّر بِه، أيُمسِكُهُ على هُونٍ أمْ يَدُسُّه في التُّرابِ ألا ساءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾7.
هذه هي بعض أوضاع وأحوال المجتمع في شبه الجزيرة العربية انذاك.
ومن قلب هذا المجتمع، ومن قلب هذا الجوّ القبلي المعقد والمشرذم الذي توافرت فيه كلّ أنواع الفساد والبعد عن القيم والأخلاق، الذي يتطلب عملية تغيير شاملة، خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليكون قائد عملية التغيير هذه بالوحي الإلهي وبالرعاية الربانية وعلى أساس الحق والصدق والطهر، وقد استطاع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في فترةٍ وجيزةٍ جداً أن ينقل هذه الأمة من حضيض الذل والمهانة الى أوج العظمة والعزّة والكرامة، وأن يغرس فيها شجرة الايمان التي من شأنها أن تغيّر فيها كلّ عاداتها ومفاهيمها الجاهلية وأن تقضي على كل أسباب شقائها والامها.
لقد استطاع الاسلام في فترةٍ لا تتجاوز سنواتها عدد أصابع اليدين أن يحقق أعظم انجاز في منطقة كانت لها تلك الصفات والمميزات، وأن يحدث انقلاباً حقيقياً وجذرياً في عقلية ومواقف وسلوك وأخلاق تلك الأمة وفي مفاهيمها، وأن ينقلها من العدم الى الوجود، ومن الموت الى الحياة.
وقد عبّر عن ذلك جعفر بن أبي طالب لملك الحبشة بعدما بيّن له الأوضاع المتردية التي كانوا يعيشونها قبل مبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ".. فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه وصدقهُ وأمانته وعفافه، فدعانا الى الله لنوحّده ونعبده، ونخلع ما كنّا نعبد نحن واباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء


الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكفّ عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور، وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة..".
العوامل المساعدة على انتصار الإسلام8:
ولعل أهم العوامل التي ساعدت على انتصار الإسلام وانتشاره في سرعة قياسية هي:
أولاً- نوع معجزة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: وهي هذا القران الكريم الذي حيّر العرب ليس بما يتضمنه من قيم وعلوم ومعارف وقوانين عامة وشاملة فحسب، وإنما بما اشتمل عليه من بلاغة وفصاحة وبيان، حيث استطاع بذلك أن يقهر العرب ويبهرهم فيما كانوا يعتبرون أنفسهم ويعتبرهم العالم بأسره قمة فيه.
ثانياً- خصائص شخصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ومميزاته الذاتية والأخلاقية والقيادية، أي سيرته، وأخلاقه، وسلوكه، وقيادته، وإدارته، وأسلوبه في نشر الدعوة، وإصراره وتحمله لكل المشاق والالام والأذى، ورفضه لكل المساومات، وصبره وثباته في مواقع التحدي، فقد كانت هذه المميزات عامل استقطاب وجذب.. وكان لها الأثر الكبير في ظهور دعوته وسرعة انتصار وانتشار رسالته.
قال تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ...﴾.
وقد أشار جعفر بن أبي طالب الى بعض هذه الخصائص والمميزات في شخصية الرسول بقوله: .. حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه..
ثالثاً- الحالة الاجتماعية والأخلاقية المتردية: التي كانت سائدة في المجتمع العربي انذاك مما أشرنا إليه فيما تقدم، فإن هذه الأوضاع القاسية التي كانت تهيمن على الأمة، وذلك الضياع الذي كان يسيطر عليها، قد هيأ الانسان الجاهلي المسحوق نفسياً لقبول الحق والتفاعل معه، وجعله يتطلع إلى الدعوة على أنها الأمل الوحيد الذي يستطيع أن يخفف من شقائه والامه، وينقذه من واقعه المزري والمهين ذاك.


رابعاً- بشائر أهل الكتاب (اليهود والنصارى): بقرب ظهور نبي في المنطقة العربية، فإن تلك البشارات قد سهلت هي الأخرى قبول دعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وانتشار رسالته بين الناس من ذوي الفطرة السليمة كما تقدم.
خامساً- الفراغ العقائدي والسياسي: التي كانت تعيشه المنطقة انذاك.
سادساً- صمود أصحابه صلى الله عليه وآله وسلم: وثباتهم في مواجهة الضغوط النفسية والاقتصادية والاجتماعية، وتحملهم لالام، وصبرهم على التعذيب والجوع والاضطهاد بمختلف أنواعه، ثم اندفاعهم للجهاد والتضحية والشهادة بكل قوة وشجاعة وشوق من أجل الدفاع عن العقيدة والرسالة، وطاعتهم المطلقة لرسول الله، وانضباطهم التام في إطار قيادته والتكاليف التي كان يحددها لهم.
قال تعالى: ﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ ...﴾9.




للمطالعة: وإِنَكّ لعَلَى خُلُق عَظِيم
منزلته الأخلاقية صلى الله عليه وآله وسلم في العهد الجاهلي‏
إنّ الصيغة القرانية لمواصفات الشخصية المؤمنة بنماذجها المختلفة قد أخذت طريقها للتجسيد العملي في شخصية رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم.
فشخصية رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم قد مثّلت قمة التسلسل بالنسبة لدرجات الشخصية الإسلامية التي توجد عادة في دنيا الإسلام فكان صلى الله عليه وآله وسلمعظيماً في فكره ووعيه، قمة في عبادته وتعلّقه بربّه الأعلى، رائداً في أساليب تعامله مع أسرته والناس جميعاً، مثالياً في حسم الموقف، والصدق في المواطن، ومواجهة المحن، فما من فضيلة إلاّ ورسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم سابق إليها، وما من مكرمة إلاّ وهو متقلّد لها.
ومهما قيل من ثناء على أخلاقيته السامية قديماً وحديثاً، فإن ثناء اللَّه تعالى عليه في كتابه العزيز يظل أدق تعبير وأصدق وصف لمواصفات شخصيته العظيمة دون سواء.
فقول اللَّه تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾10 عجز كل قلم وكل تصوّر وبيان عن تحديد عظمته، فهو شهادة من اللَّه سبحانه وتعالى على عظمة أخلاق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وسمو سجاياه وعلو شأنه من مضمار التعامل مع ربّه ونفسه ومجتمعه، بناء على أنّ الأخلاق مفهوم شامل لجميع مظاهر السلوك الإنساني.
وقبل أن يتحدث القران عن عظمة أخلاقه فقد نطق الكفار والمشركون بهذه الحقيقة، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يبعث بعد، فاتصاف النبي صلى الله عليه وآله وسلمبالخلق العظيم لم يكن وليد الفترة التي بعث فيها، أو من افرازات تلك المرحلة تمشياً مع أهمية الدور الملقى على عاتقه، لا بل التاريخ يذكر ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان ذا منزلة أخلاقية عظيمة في العهد الجاهلي، وكان محل اعجاب وتقدير قومه ومجتمعه بل ومضرب المثل في ذلك. وقد شهد الكفار أنفسهم لرسول اللَّه‏ صلى الله عليه وآله وسلم يصدق اللهجة والأمانة والعفاف ونزاهة الذات.
فقد روي ان الأحنس بن شريق لقي أبا جهل يوم بدر فقال له: يا أبا الحكم، ليس هنا غيري وغيرك يسمع كلامنا، تخبرني عن محمد صادق أم كاذب؟ فقال أبو جهل: واللَّه إن محمداً لصادق وما كذب قط.
وقال النضر بن الحارث لقريش: قد كان محمد فيكم غلاماً حدثاً أرضاكم فيكم،


وأصدقكم حديثاً، وأعظمكم أمانة حتى إذا رأيتم في صدغيه الشَّيب وجاءكم بما جاءكم به قلتم ساحر؟! لا واللَّه ما هو بساحر.
ولما بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام، أحضر قيصر أبا سفيان وسأله بعض الأسئلة مستفسراً عن النبي، ومما سأله، قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل ان يقول ما قال؟ فقلت والكلام لسفيان: لا، قال: فهل يغدر؟ قلت: لا، قال: كيف عقله ورأيه؟ قلت: لم نعب له عقلاً ولا رأياً قط.
وروى الطبري: كانت قريش تسمى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم قبل ان ينزل عليه الوحي (الأمين).
وروي عن أبي طالب رضوان اللَّه عليه في حديث عن سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الجاهلية قال: "لقد كنت اسمع منه إذا ذهب من الليل كلاماً يعجبني، وكنا لا نسمي على الطَّعام والشَّراب حتى سمعته يقول: بسم اللَّه الأحد، ثم يأكل فإذا فرغ من طعامه قال: الحمد للَّه كثيراً، فتعجبت منه وكنت ربما أتيت غفلة فأرى من لدن رأسه نوراً محدوداً قد بلغ السماء، ثم لم أرى منه كذبة قط ولا جاهلية قط، ولا رأيته يضحك في غير موضع الضحك، ولا وقف مع صبيان في لعب، ولا التفت إليهم، وكانت الوحدة أحب إليه والتواضع" .



هوامش
1- الزمر:3.
2- نهج البلاغة: خ‏26.
3- النساء:22.
4- النور:33.
5- الانعام:151.
6- التكوير:91.
7- النحل:58-59.
8- راجع الصحيح من سيرة النبي الأعظم عليه السلام: ج‏2 ص‏210 إلى 236.
9- الفتح:29.
10- القلم4.





من كتاب دروس من سيرة الرسول الأكرم


من مواضيع دمعة الكرار » معالم الشخصية السماوية للزهراء (عليها السلام)
» ثلاث دعواتٍ مستجابات لا شكّ فيهنّ
» عَلى قَدر عَطآئكْ يَفتقدك الـ آخرون ..!
» أثمرت وروديوقتلتني جروحها
» عبادة الامام الحسين علية السلام
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
المجتمعات, الاسلام‏, العربية, حالة, قبل

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
نعم جاءت سقيفتهم بهذا عمار جبار خضير منتدى شعراء أحباب الحسين 5 11-04-2012 01:12 PM
هذه اللفظة .. من أين جاءت ؟ :: بحر :: احباب الحسين للغة العربيه واللغات الاجنبيه 7 27-03-2010 09:01 PM
عشر مفاجآت في كل حالة زواج :: بحر :: احباب الحسين للأسرة المسلمة 6 08-01-2010 07:34 PM
حالة بلع اللسان‎ ** خـادم العبـاس ** احباب الحسين للطب والصحة العامه 4 09-08-2009 12:02 PM
حالة حزن سكون الليل من مداد قلمي 2 09-07-2009 06:35 PM



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات احباب الحسين