الحمد لله ب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الصدق مع الله سبحانه وتعالى أم إتباع الهوى
إن فينا من يطلب الله سبحانه وتعالى صادقا نيته وقلبه , مؤمنا وموقنا به تعالى .
ومن أراد الله سبحانه وتعالى وهو صادق معه فأن الله سبحانه وتعالى سيستجيب له فالله سبحانه وتعالى لا يرد من يطلبه .
ولكننا نرى كما هو الواقع أن هناك الكثير من الخلق ممن يدعي هذه الدعوى ودائما ما يردد أنه يطلب الباري عز وجل , ولكن هل يدرك هذا الطلب في وجدانه وهل يعلم أنه صادق مع الله سبحانه وتعالى .
فمثلا يطلب الإنسان ربه ويرجوه وهو في نفس الوقت يطلب الدنيا , فكيف يجتمع حب الله سبحانه وتعالى مع حبه للدنيا ؟!
كيف وقد ذم الله سبحانه وتعالى طالبها ومن فضلها على الآخرة قال تعالى :
ومع هذا فلا يعني ترك الدنيا العزوف عن ما فيها من خيرات سخرها الله سبحانه وتعالى لعباده وأحلها لهم بفضله وكرمه .
بل المطلوب هو ان لا تكون الدنيا غاية مطلبنا وهدفنا حتى تشغلنا عن طلب الله سبحانه والتقرب إليه .
ومن هنا بدأت المشكلة فالكثير ممن يظن انه لا يطلب الدنيا وهي تشغله في حياته وفكره وأعماله وتصرفاته حتى أنه يوجد المبررات العديدة في محاولة منه لأقناع نفسه أنه ليس من اهل الدنيا .
ولكن الحقيقة هي أننا يجب أن نفرق بين التعلق بالدنيا وبين عدم طلبها فالزهد عنها وطلب الآخرة ليس بتركها وترك ما أحل الله لنا فيها من خيرات كثيرة ولكن المسألة كما قال أمير المؤمنين عليه السلام :
"ليس الزهد أن لا تملك الشيء ولكن الزهد أن لا يملكك الشيء "
فللعبد أن يملك الدنيا ولكن أن لا يتعلق بها ويكون عبدا لها بل يكون فيها من الزاهدين فليست هي أمله ولا غاية مراده ومنتهى طلبه .
وحتى يدرك المرء أنه هل يطلب الدنيا في واقعه أم انه يريد الله سبحانه وتعالى فعليه أولا ان يهذب نفسه ويربيها ولما تبلغ مراتب الرقي له بعد ذلك ان يدرك أنه من اهل الدنيا ام ممن يريد الله سبحانه وتعالى وإلا فأن النفس كثيرا ما توهم الإنسان وتطمئنه بالفاسد وتقنعه بقناعات كثيرة هي في الواقع أوهام تسيطر عليه , ولهذا فهو يحتاج أولا ان يريقي نفسه ويرفع من مستواها , لا أقل ان تكون لوامة فضلا عن كونها مطمئنة .