لو كانوا [رِجال دَولة] وليسُوا [عِصابة حاكِمة] على غرار عصابة الطَّاغية.
لَو كانَ البديلُ قد نجحَ في بناءِ دَولةِ المُواطنة لنسِيَ العراقيُّون [رُبما] نيسان الأَحمر!.
لَو كانَ البديلُ قد نجحَ في بناءِ نظامٍ سياسيٍّ تشارُكيٍّ حقيقيٍّ القانُونُ فيهِ فوقَ الجميع، لا يتميَّزُ فيهِ مُواطنٌ عن آخر إِلَّا بالقُدرة على الخدمةِ والإِنجاز والنَّجاح بنزاهةٍ وبِلا مُحاصصةٍ، لنسِيَ العراقيُّون [رُبما] نيسان الأَسود!.
ولَو أَنَّ البديلَ قد نجحَ في تكريسِ مفاهيمِ الحريَّة والعدل والمُساواة والأَمن والعدالة الإِجتماعيَّة وتكافُؤ الفُرص لنسيَ العراقيُّون [رُبما] كلَّ مُعاناتهِم التي ذاقُوها على مدى ٣٥ عاماً عِجافاً هي فترة حُكم نظام الطَّاغية.
ولو أَنَّ البديل قد نجحَ في بناءِ دَولةٍ عصريَّةٍ وحضاريَّةٍ لا تحكمها الدَّولة العميقة ولا يُهدِّدها السِّلاح السِّياسي خارج سُلطة الدَّولة ولا تُرعِبُ مُواطنيها ميليشيات أَحزاب السُّلطة ولا تُشهِّر بالمُجتمع جيوشها الإِليكترونيَّة وجوكرها وأَبواقها وذيُول [العِجل السَّمين].
دَولةٌ وطنيَّةٌ مِعيارُها المُواطنة حصراً وليس مدى حجم الذَّيليَّة لـ [الغُرباء] والولاء للأَحزاب والكُتل والزَّعامات، ولا للمذهبيَّة والإِثنيَّة والمناطقيَّة والعشائريَّة والأُسرةِ والتَّقليد المرجعي والإِلتزام الدِّيني.
دولةٌ ذاتَ سيادةٍ تحترم قرارها الوطني وتحمي مصالحها الوطنيَّة العُليا وأَمنها الوطني والإِقليمي بعيداً عن تدخُّل [الغُرباء] ونفوذهُم وعبثهُم بشؤُونِها.
دَولةٌ لا تزجُّ أَو تُورِّطُ نفسها بمشاكلِ الآخرين حتَّى تحوَّلت إِلى ساحةٍ مُفضَّلةٍ وسهلةٍ في مُتناوَل اليدِ لتَصفيةِ [الغُرباء] حساباتهُم معَ بعضهِم متى أَرادُوا عِبرَ وكلائهِم!.
ولمَّا فشلَ البديلُ في كلِّ ذلكَ، استرجعَ العراقيُّون كلَّ الماضي وتلكَ الذِّكريات الأَليمة، فيما تطرَّف آخرُون [مِن ضحايا نظام الطَّاغية] عندما عبَّرُوا، بصَوتٍ عالٍ، عن أَمانيهِم ورغبتهِم بعَودةِ عقاربِ الزَّمن إِلى الوَراء.
وتطرَّف آخرُون [مِن الضَّحايا كذلكَ] عندما بدأُوا يُعيِّرُون ضحايا عمليَّة التَّهجير القسري كونهُم [مُسفَّرُون] لا يحقُّ لهُم المُشاركة في الشَّأن العام في البلادِ، وكأَنَّهُم يُمجِّدونَ الجريمة!.
كما اتَّسعت الفجوة بينَ مفهومَي [عراقيُّوا الخارِج والدَّاخل] بعد أَن كانت هِجرة [عراقيُّوا الخارج] دُرَّةً في جباههِم! بصفتِها [هجرةٌ في سبيلِ الله].
من الصَّعبِ جدّاً إِقناعُ جيلٍ لم يعِش زمن ما قبلَ ٢٠٠٣ كونهُ كان سيِّئاً، ونحنُ فشلنا في تقديمِ البديلِ السَّليم.
من الصَّعبِ جدّاً إِقناعهُ بأَنَّ الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين كانَ ظالماً وهوَ يرى كلَّ هذا الظُّلمِ مِن [البديل].
من الصَّعب جدّاً أَن نقنعهُ بالتطلُّع إِلى المُستقبل وقد تساوى يوماهُ؛ ما قبلَ وما بعدَ ٢٠٠٣.
الجيلُ الجديد لا يهمَّهُ الماضي بمقدار إِهتمامهِ بالحاضر والمُستقبل، فهو لم يصنع الماضي ولكنَّهُ يعيش الحاضر.
إِنَّهُ لا يعيشُ عُقدة الماضي كما نعيشها، ولذلك فمِنَ الصَّعبِ جدّاً أَن يعِيهُ كما نتصوَّرهُ في يقظتِنا ومنامِنا في ظلِّ بديلٍ جمعَ لهُ اللَّونَينِ [الأَحمر والأَسود].