العودة   منتديات احباب الحسين عليه السلام > القسم العام > احباب الحسين للتاريخ والحضارات > قسم الشخصيات اللامعه
قسم الشخصيات اللامعه يختص بالسير الذاتيه للشخصيات اللامعه القديمه والحديثه وبكل أصنافها
روابط مفيدة مشاركات اليوم البحث


ماذا تعرف عن المرجع الكبير السيد محسن الحكيم “قدس سره”؟

قسم الشخصيات اللامعه


إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-11-2020, 06:27 PM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

سيد فاضل

الصورة الرمزية سيد فاضل


الملف الشخصي









سيد فاضل غير متواجد حالياً


افتراضي ماذا تعرف عن المرجع الكبير السيد محسن الحكيم “قدس سره”؟



ماذا تعرف عن المرجع الكبير السيد محسن الحكيم “قدس سره”؟
السيد محسن الحكيم


الاجتهاد: هو السيد أبو يوسف محسن بن السيد مهدي بن السيد صالح بن السيد أحمد الطباطبائي الحكيم النجفي. كان أحد أجداده – وهو السيد علي – طبيباً مشهوراً، ومنذ ذلك الزمان إكتسبت العائلة لقب( الحكيم ) بمعنى الطبيب، وأصبح لقباً مشهوراً لها.

وُلِد السيد بمدينة النجف الأشرف في غرة شهر شوال من عام 1306هـ.

السيد محسن الطباطبائي الحكيم؛ (1306 – 1390 هـ) من كبار فقهاء ومجاهدي العراق ومن أبرز مراجع التقليد في الحوزة العلمية في النجف الأشرف في القرن الرابع عشر الهجري. كان له الدور البارز في نشر المكتبات العلمية في مدن العراق وسائر البلاد الاسلامية.

للسيد محسن دورا مؤثرا في إصلاح النظام الحوزوي، ويعتبر كتاب مستمسك العروة الوثقى أهم تأليفاته الفقهية، كما له مجموعة من النشاطات الثقافية والاجتماعية كبناء المساجد والحسينيات، ودعم شيعة.

ولادته و نسبه:

ولد السيد محسن الحكيم يومعيد الفطر من سنة 1306. في وسط أسرة معروفة، أبوه العالم الديني السيد مهدي بن صالح الطباطبائي النجفي المشهور بالسيد مهدي الحكيم. توفي والده وهو في سن السادسة من العمر فتكفله أخوه الأكبر السيد محمود.

أولاده:

كان للسيد الحكيم عشرة ابناء وأربع بنات. أبناؤه هم: يوسف، محمدرضا، محمدمهدي، كاظم، محمدباقر، عبدالهادي، عبدالصاحب، علاءالدين، عبدالعزيز، ومحمدحسين.

دراسته و أساتذته:

تعلم القراءة والكتابة وهو في السابعة من عمره، وفي سن التاسعة دخل السلك الحوزوي لينهل من نمير العلوم والمعارف الدينية، فدرس المقدمات كعلوم اللغة العربيةوالمنطق وبعض كتب اصول الفقه كالقوانين والمعالم فضلاً عن بعض الكتب الفقهية كـشرائع الاسلام واللمعة الدمشقية، حيث تلمذ فيها على يد أخيه السيد محمود، ودرس المراحل اللاحقة على يد كبار العلماء منهم الشيخ صادق الجواهري وصادق البهبهاني.

وبعد أن طوى المراحل التي تؤهل الطالب لحضور أبحاث الخارج شرع سنة 1327 هـ بحضور ابحاث كبار المراجع والفقهاء منهم: الآخوند محمد كاظم الخراساني،وضياء الدين العراقي والشيخ علي الجواهري والميرزا حسين النائيني والسيد أبو تراب الخوانساري، فنهل من نمير علمهم في الفقه والاصول والرجال حتى نال درجةالاجتهاد التي تمثل أرفع درجة علمية ينالها طلاب العلوم الدينية.

كذلك أخذ الاخلاق عن كل من السيد محمد سعيد الحبوبي وباقر القاموسي والسيد علي القاضي والشيخ علي القمي.

تدريسه و تلامذته:

بعد أن عاد السيد محسن الحكيم من الجهاد شرع وبالتحديد سنة 1333هـ بإلقاء الدروس لمرحلة السطوح، وفي سنة 1337هـ، شرع بالقاء محاضراته في البحث الخارج لمادتي الفقه والاصول والتي استمرت ما يقارب من نصف قرن تخرج خلالها الكثير من العلماء والمحققين، منهم:

السيد إسماعيل الصدر ، السيد يوسف الحكيم ،السيد محمد تقي بحرالعلوم ،السيد الشهيد محمد باقر الصدر ، محمد علي قاضي طباطبائي ، السيد علي الحسيني السيستاني ،السيد أسد اللّه مدني، الشيخ محمد مهدي شمس‌ الدين ، السيد محمد حسين فضل ‌اللّه ، الشيخ حسين وحيد خراساني، السيد موسى الصدر، السيد حسن الخرسان ، السيد حسين مكي العاملي ، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، الشيخ محمد تقي الجعفري ، السيد مصطفي الخميني ، الشيخ محمد جواد مغنية ، الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ، أحمد الكافي ، الشيخ محمد هادي معرفة ، السيد هاشم رسولي محلاتي.

أثاره العلمية:

صنّف السيد محسن الحكيم أكثر من أربعين كتابا توزعت بين التأليف والشرح لمصنفات غيره من الأعلام،منها:

(1)مستمسك العروة الوثقي: وهو أوّل شرح استدلالي لكتاب العروة الوثقى ؛ (2)حقائق ‌الاصول: شرح لكتاب كفاية الاصول للآخوند الخراساني؛ (3)نهج ‌الفقاهة: شرح وحاشيه‌ لكتاب المكاسب للشيخ الانصاري؛(4) منهاج ‌الناسكين؛ مناسك وأحكام الحج تفصيلا؛(5) شرح استدلالي لتبصرة المتعلمين للعلامة الحلي؛ (6) شرح تشريح الافلاك للشيخ البهائي في الهيئة؛(7) شرح المختصر النافعِ للمحقق الحلّي؛ وهو أوّل أثر فقهي صدر للسيد الحكيم؛(8) المسائل الدينية؛(9) رسالة في إرث الزوجة؛ منهاج ‌الصالحين؛ رسالته العملية التي اشتملت على جميع فتاواه وفي شتّى أبواب الفقه.

مرجعيته:

بعد رحيل آية الله الشيخ محمد حسين النائيني (1355هـ ق) رجع بعض مقلدية الى السيد محسن الحكيم، وتعززت مرجعيته بعد رحيل السيد أبو الحسن الاصفهاني(1365هـ ق) وبعد رحيل السيد حسين البروجردي (1380هـ ق) أصبح السيد الحكيم المرجع الاعلى للشيعة في العالم.

دوره في إصلاح النظام الحوزوي:

قام السيد الحكيم بمجموعة من الأعمال والنشاطات لإصلاح النظام الحوزوي، منها:

1-بذل جهوداً كبيرة لتعزيز الوجود الحوزوي من خلال جذب الطلاب للالتحاق بالدرس الحوزوي، حتى بلغ عدد الطلاب الحوزويين في زمانه ثمانية آلاف طالب بعد أن كان العدد لا يتجاوز أكثر من 1200 طالب.

2-تأسيس مدرسة العلوم الإسلامية والسعي لإغناء الدرس الحوزوي من خلال إضافة مجموعة من العلوم كالفلسفة والكلام والتفسير والإقتصاد الى الدرس الحوزوي.

3-رسم برنامج ثقافي يمكّن الطلاب من التعرّف على الافكار الإحادية كالشيوعية وتحذير كبار العلماء من الخطر المحدق بالعالم الاسلامي؛

4-التصدي لحالة إنحصار الدرس الحوزوي في النجف الأشرف وتوسيعه الى أماكن أخرى من خلال بناء وتأسيس حوزات علمية في كل من الباكستان والسعوديةوبعض البلدان الإفريقية؛

5-تسهيل مقدمات الاقامة ومستلزمات الدراسة للطلاب الاجانب كتخصيص مدرسة الطلاب الهنود وأخرى للافغان وثالثه لطلاب التبت.

الإشتراك في الجهاد:

عندما إندلعت الحرب العالمية الأولى والتي خلفت حرقة شديدة في قلوب الناس، ورغم الجفاء والحيف الذي لحق بالشيعة جراء السياسة العثمانية، الا أن ذلك لم يمنع من تساميهم على الخلافات الداخلية والعضّ على الجراج لمواجهة العدو الذي إجتاج العالم الاسلامي، حيث أصدر مراجع التقليد في العراق حكما بوجوب الجهاد أمام المد البريطاني، ولم يكتفوا بذلك بل شاركوا مباشرة بتلك المعارك.

وكان للسيد الحكيم دور بارز في هذه المعارك ، حيث تصدى و بأمر من السيد محمد سعيد الحبوبي لقيادة الجانب الأيمن في معركة الشعيبة، وتحت هذا العنوان كانت المساعدات الشعبية وتلك التي تأتي من قبل الدولة العثمانية لإمداد الجيوش ، تجتمع عنده ليقوم بتوزيعها على المجاهدين. إلا أن معركة الشعيبة إنتهت بتقهقر المجاهدين في الشعيبة وسقوط مدينة الناصرية.

التصدي للمد الشيوعي:

بعد سقوط الحكم الملكي في العراقي وتصدّي عبد الكريم قاسم للحكم سنة 1958م سنحت الفرصة للشيوعية في التمدد وتشريع بعض القوانين المخالفة للشريعة، فتصدى السيد الحكيم لتلك المخالفات وحث الخطباء والعلماء على تحذير الناس من تلك المخالفات، واصدر عام 1960 م فتواه بتحريم الانتماء الى الحزب الشيوعي وحكم بكفر والحاد الشيوعية أو ترويج الالحاد. وقد تبعه الكثير من علماء النجف في دعم الفتوى فأصدروا فتاوى مماثلة مما اضطر عبد الكريم قاسم الى الاعتذار.

أخلاقه:

نقل أنه لما أتمّ تأليف موسوعة «مستمسك العروة الوثقى» بعد جهد جهيد جاءه أحد المدرسين المغرورين في الحوزة العلمية في النجف الأشرف ـ ولم يكن رأيه حينذاك بالسيد الحكيم إيجابياً ـ فقال له: سيدنا! إن الشيخ الأنصاري رحمه الله قد رفع المستوى العلمي في النجف الأشرف بكتبه القيمة، وأنت قد أخفضته بكتابك (المستمسك) هذا!

وكان بإمكان السيد الحكيم رحمه الله أن يطرد هذا الرجل وينهره ويهينه ـ من خلال استفادته من مكانته المرجعية ـ أو مواجهته مواجهة علمية يبطل فيها كذبه في ادعائه الخطير. إلا أنه لم يختر لا هذا ولا تلك، بل قال له بكل أدب وتواضع وخفض جناح: وكيف تقارنني بالشيخ الأنصاري؟أين أنا من الشيخ؟ حبّذا لو تدوّن ملاحظاتك على الكتاب، لأكون شاكراً لك.

فلم يسع الرجل حينها سوى الإعتذار إلى السيد الحكيم بعد سماعه لردّه هذا، والإقرار بعظمته والاعتذار له بما بدر منه من تحامله عليه، بالإضافة إلى أن موقف السيد الحكيم هذا وما تحلّى به من التواضع وخفض الجناح أحدث فيه تغييراً كلياً تجاهه.فإعتبروا يا اُولي الأبصار.

يذكر أن تأليف هذا الكتاب إستغرق سنوات طويلة اضطر خلالها السيد الحكيم رحمه الله إلى مراجعة أحد مصادره ـ وهو كتاب جواهر الكلام ـ في ظروف بالغة الصعوبة بسبب احتياجه لهذا الكتاب الذي يستعرض آراء العلماء في كل مسألة مع بيان أدلّتها، وحيث إن صاحب النسخة اليتيمة في ذلك الوقت لم يكن على استعداد ـ لأسباب تخصّه ـ لأن يعيرها ليأخذها إلى بيته، كما لم يكن بمقدور السيد الدخول إلى بيت الرجل تحاشياً للإحراج ، الأمر الذي اضطرّهُ إلى التوافق معه على الاستفادة من الكتاب عند باب البيت داخل الزقاق، رغم الإحراج والتعب الكبيرين اللذين كانا يتسببان له)

وفاته :

أصيب السيد الحكيم (قدس سره) بالمرض الخبيث وذلك في عام (1970 م)، وقد أشرف على علاجه طبيب خاص في لندن في مستشفى (سنت بيل)، وأثمرت المتابعة وتماثل للشفاء نسبياً، ويبدو أن الأطباء هناك أدركوا أن حالته لا يمكن أن تصبح أفضل من ذلك وبالإمكان متابعة شفائه في بغداد.

وعاد السيد الحكيم (قدس سره) إلى العراق في آذار عام (1970 م) وأدخل مستشفى (إبن سينا) وأصبحت ساحات المستشفى وحدائقها ميداناً للأعداد الكبيرة من زوار السيد الحكيم (قدس سره) الا أن رؤيته كانت تقتصر على بعض الإعلاميين والمستشارين الخاصيين لظروفه الصحية الحرجة.

وعلى الرغم من وضعه الصحي المتردي الا أن ذلك لم يؤثر على عمل ذاكرته، كما أكد ذلك أحد الأطباء عند زيارته لسماحة المرجع (قدس سره).

إن استقرار حالته المتدهورة دفعت عائلته لنقله الى داره الواقعة قرب المستشفى؛ لكن في الساعة العاشرة من مساء يوم الثلاثاء المصادف الأول من حزيران عام (1970) انتقل الى جوار ربه صابراً محتسباً.

شيّع جثمانه الطاهر في اليوم التالي من الكاظمية مروراً بالأعظمية فشارع الرشيد وجسر الأحرار بأعداد غفيرة . ثم مدينة كربلاء المقدسة و من كربلاء المقدسة حتى (خان الخيلة) و من هناك إلى النجف الأشرف. ادخل الجثمان الى مرقد أمير المؤمنين (عليه السلام) لأداء مراسيم الزيارة، ثم اتجهت الناس نحو مكتبته، حيث أعد السيد الحكيم (قدس سره) لنفسه مقبرة فيها.

ثم اقيمت مجالس الفاتحة على روحه الطاهرة في النجف الأشرف في مسجد الهندي ولمدة أربعين يوماً من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الحادية عشر مساءاً، إذ ألقيت فيها القصائد والكلمات التي تؤبن الفقيد الراحل .


التوقيع :
من مواضيع سيد فاضل » ان الميت ليفرح
» المرتد سلمان رشدي يتعرض للطعن في نيويورك
» عزاء ركضة طويريج.. كيف نشأ ولماذا منع؟!
» مسجد الحنانة.. موضع رأس الإمام الحسين عليه السلام
» مختارات من رثاء لقتيل كربلاء الامام الحسين (عليه السلام) 2
رد مع اقتباس
قديم 13-11-2020, 06:29 PM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

سيد فاضل

الصورة الرمزية سيد فاضل


الملف الشخصي









سيد فاضل غير متواجد حالياً


افتراضي

الأمة وحركة المرجعية في ضوء رؤية الإمام السيد محسن الحكيم “ره”

الاجتهاد: تمثل الأمة في اطار حركة المرجعية ونظريتها عنصرا مهما يعبر عن مجال عملها ونشاطها من ناحية، وعن الهدف الأساسي لها في التحرك من ناحية أخرى، حيث ان المرجعية ليست دولة أو حكومة، وانما هي نظام للعمل في الأمة في ظل حكومة قائمة.

ولكنها أيضا تمارس بعض الأدوار والنشاطات التي تشبه دور النظام السياسي، وذلك لملأ الفراغ الديني والشرعي، عند ما تتخلى الدولة عن واجباتها أو تعجز عن القيام بها أو تنحرف وتتعدى حدودها المرسومة لها في نظر الشرع المبين. فالأمة اذن هي ساحة وميدان عمل المرجعية.

كما ان الأمة في نفس الوقت هي هدف المرجعية، لأنها تستهدف بالأصل هداية الناس إلى اللّه تعالى وإيجاد الوعي في صفوفهم للحقائق الإلهية والحياتية و دعوتهم للالتزام بها و تربيتهم و الدفاع عن حقوقهم و كرامتهم و حريتهم.

و من خلال هذين البعدين تنظر المرجعية إلى الأمة و تتحرك باتجاهها.

وكما رأينا فان المرجعية تعتمد بالأصل في وجودها وقدرتها على الأمة بعد اللّه تعالى، وكلما كانت علاقة المرجعية بالأمة قوية و حميمة، كلما كانت المرجعية مقتدرة ومؤثرة والعكس بالعكس أيضا.

ومن هنا نجد الإمام الحكيم يهتم اهتماما بالغا بهذا الجانب والبعد في حركة المرجعية، وتحقيق انجازات كبيرة سواء على مستوى فهم دور الأمة ومسؤولية المرجعية تجاهها، أو على مستوى سعة النشاطات وشموليتها، أو على مستوى الأهداف المنشودة في أوساط الأمة.

و يمكن أن نلاحظ ذلك في النقاط التالية:

الاولى: الاهتمام البالغ بأبناء الأمة من خلال بناء العلاقات ومد الجسور معهم، سواء على المستوي الشخصي، حيث كان يجلس لاستقبال الناس في اليوم ثلاث مرات، بالإضافة إلى أيام الأعياد والمناسبات العامة، وبعد ازدياد حجم الأعمال والمسؤوليات أصبح مرتين.

وكذلك كان يجيب على الرسائل و على بطاقات ورسائل التهاني و التعازي، ويؤم صلاة الجماعة التي يلتقي فيها بالناس عادة بعد انقضائها، ويحضر المجالس العامة، والزيارات المخصوصة في كربلاء، حيث يكون اللقاء شاملا ويزدحم الناس لزيارته وعرض قضاياهم ومشاكلهم و حوائجهم. إلى غير ذلك من الأساليب.

بالإضافة إلى الزيارات التي كان يقوم بها إلى بعض البلاد المهمة كبغداد والكاظميين والحلة، أو زيارته إلى لبنان وغيرها مما يفسح المجال للقائه من ناحية، و التعرف على أوضاع الناس من ناحية أخرى.

و بالرغم من ان هذه الزيارات كانت محدودة نسبيا، و لكن هذا الأسلوب على مستوى المرجعية العامة كان أول من مارسه هو الإمام الحكيم خصوصا إذا أخذنا بنظر الاعتبار قلة الوسائل و الامكانات و صعوبة الاتصالات و عدم تعبيد الطرق أو وجود وسائط النقل المناسبة، حيث لم يكن يملك الإمام الحكيم، وسيلة نقل خاصة إلا في أواخر أيامه.

و كذلك عمل الإمام الحكيم على مد الجسور و الاتصالات مع الأمة من خلال شبكة الوكلاء و الممثلين و المبلغين و المكتبات العامة و الفعاليات الجماهيرية الواسعة كالاحتفالات الضخمة السنوية و الموسمية أو الندوات الفكرية و الثقافية، التي كانت تقيمها هذه المؤسسات أو القيام بتقديم الخدمات الدينية في موسم الحج من خلال تأسيس بعثة دينية على شكل هيئة لأول مرة في تاريخ المرجعية، حتى أصبحت سنة متبعة بعد ذلك للمراجع الدينيين.

و كذلك القيام بتقديم الخدمات العامة على مستوى الإصلاح بين العشائر العراقية في النزاعات و الخلافات التي كانت تحدث بينها، أو القيام بإرسال وفود لافتتاح الحسينيات والمساجد والمؤسسات، أو إرسال المساعدات في الحوادث الطبيعية كالزلازل أو الفيضانات [1] و غير ذلك من المساهمات التي كانت تشعر الأمة من خلالها بالاهتمام و الارتباط و الحضور للمرجعية كمؤسسة تهتم بشؤون الأمة و قضاياها.

كما ان الإمام الحكيم اهتم في هذا المجال بالأوساط المحرومة دينيا و اجتماعيا، أو التي تعرضت إلى العزلة و الانقطاع عن المرجعية الدينية- لأسباب سياسية و اجتماعية- مثل الموظفين و طلاب الجامعات و المهاجرين و كذلك أوساط العشائر العراقية و الأرياف.

كما ان الإمام الحكيم قام بإنجاز عظيم في هذا المجال من خلال إيجاد العلاقات الدينية القوية مع أوساط كانت معزولة تماما عن المرجعية، بحيث تعرضت لأخطار الانحراف أو الضياع، مثل بعض مناطق الشمال الغربي في العراق، و العلويين في سوريا، و الشيعة في تركيا و إفريقيا.

لقد كانت هذه النقطة من المزايا الواضحة التي كانت تلفت النظر في مرجعية الإمام الحكيم (قدّس سرّه)، و قد أدركتها الأمة بوجدانها و عقلها، و لا زالت تشعر بآثارها النفسية و الروحية.

الثانية: الاهتمام البالغ بالشعائر الإسلامية والعمل على تطويرها والاستفادة من الفرصة التي كانت تهيؤها لتحقيق أغراض المرجعية المقدسة.

و هذه الشعائر:

مثل: صلاة الجماعة التي كان يمارسها شخصيا بشكل عام في اليوم مرتين أو ثلاث مرات، و حتى في الاسفار، و الحث على إقامتها من قبل العلماء، و الوكلاء، و المبلغين.

ومثل: موسم شهر رمضان في الوعظ والإرشاد، وتعليم الأحكام الشرعية والأخلاق الإسلامية، وتربية الناس على الصلاح والتقوى.

ومثل: المجالس الحسينية في شهري محرم وصفر، والمناسبات الأخرى للنبي (صلّى اللّه عليه و آله) و الأئمة الأطهار (عليهم السّلام) من وفياتهم، و مواليدهم، أو الأعياد الإسلامية و المذهبية، و اقامة الاحتفالات، و الحرص على أن تكون هذه المجالس و الاحتفالات ذات مضمون ثقافي، و فكري، و أخلاقي، و سياسي، يرتبط بشؤون الأمة.

ومثل المواكب الحسينية، التي كانت تمثل عملا جماهيريا مهما في الأمة، سواء المحلية منها، أم الموسمية التي ترد لزيارة الأربعين، و عاشوراء، و وفاة النبي الأعظم (صلّى اللّه عليه و آله) و وفاة أخيه و وصيه الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام)، حيث تحولت هذه المواكب إلى عمل اجتماعي و سياسي ضخم سواء من حيث الإخراج أم المضمون أم الانسجام أم الكثافة العددية و الاهتمام. و أصبحت مدرسة جماهيرية واعية للأمة، و مؤسسة تعبوية روحية، و ثقافية، و سياسية.

ومثل مواسم الحج والزيارات المخصوصة للأئمة الأطهار (عليهم السّلام) والتي كانت توفر فرصة لاجتماع الناس والحديث إليهم و توجيههم حتى انه استفاد من هذه المواسم لعقد لقاءات سياسية أو اجتماعية أو دينية.

الثالثة: تشجيع إيجاد المؤسسات، و اقامة المشاريع الخيرية، و الجمعيات الدينية و الاجتماعية التي يقيمها الإفراد أو الجماعات، و تأسيس قنوات التخاطب مع الأمة كالمجلات الإسلامية، أو المنشورات، أو المراكز الثقافية كالمكتبات و المدارس، و تشجيع حركة التأليف و النشر، و غيرها.

وتوسعة دائرة بناء العتبات المقدسة للأئمة الأطهار (عليهم السّلام) وأولادهم، أو زعماء وعلماء اتباع أهل البيت (عليهم السّلام) و كذلك بناء المساجد، و الحسينيات و المساكن التي تؤمن للعالم الديني نوعا من الاستقرار و الثبات.

وإذا أردنا أن نلقي نظرة عامة على فترة الخمسة عشر سنة التي أصبحت فيها مرجعية الإمام الحكيم (قدّس سرّه) مرجعية عامة من سنة (1375- 1390 هق) لوجدنا تطورا نوعيّا، وكميا ملحوظا وهاما في جميع هذه المجالات المشار إليها، والذي يشكل ظاهرة و خطا عمليا في الرؤية العملية لهذه المرجعية [2].

الرابعة: تنظيم العلاقات و الموارد المالية التي تعتمد على الأمة بشكل رئيسي.

إذ من الواضح كما أشرنا سابقا ان المرجعية تعتمد في نفقاتها على الحقوق الشرعية كالأخماس، والزكوات و غيرها التي تشكل في واقعها مصدرا ماليا كبيرا و مهما.

إلا أن المشكلة في هذا المصدر المالي هو انه مصدر قد أوجبه الشارع المقدس على الإنسان المسلم، ولكن في ظروف المرجعية لا يوجد عامل اجرائي يلزم المكلّف بالدفع ومن هنا تحول الدفع إلى حالة تطوعية ترتبط بمقدار تدين الإنسان والتزامه من ناحية، ووعيه للأمور والحاجات الإسلامية والدينية من ناحية أخرى. وأخذ هذا المصدر يتأثر بقضية الوعي في حجمه وفاعليته.

و قد عمل الإمام الحكيم (قدّس سرّه) على تحقيق الأمور التالية في هذا المجال:

1- تعليم الناس و توعيتهم على هذا الواجب الشرعي و تنبيههم إلى أهميته من خلال المبلغين أو غير ذلك من أساليب التوعية.

2- العمل على تنظيم الدفع و الالتزام به، حيث كان أغلب الأفراد في العراق، و بعض البلدان الأخرى، من دافعي الحقوق الشرعية يدفعونها بدون برنامج معين للدفع، بل عند المناسبات و الحوادث كالذهاب لحج بيت اللّه الحرام، أو مناسبة تصفية تركة الميت، أو عند ورود عالم أو مبلّغ إلى البلد أو المنطقة، أو وجود مشروع خيري و ديني واضح، أو ضرورة من ضرورات المؤمنين،

ولكن الإمام الحكيم (قدّس سرّه) اهتم في تنظيم هذه الحقوق، مستغلا هذه المناسبات المذكورة، فعندما يأتيه شخص يريد أن يذهب للحج لا يكتفي منه بخمس نفقة الحج بل ينظم وضعه المالي من خلال حساب رأس السنة، وتعيين مقدار الخمس في جميع أمواله، ويترك له الفرصة في تقسيط الدفع، أو تأخيره من دون احراج و مضايقة ولو عادية، مع توضيح الحكم الشرعي له.

كما كان يوصي وكلاءه و مبعوثيه، أن يهتموا بهذا الأمر، و لا يقبضوا الأموال إلا بعد توضيح هذا الحكم و تعيين هذا المنهج.

وكان يثقف أبناء الأمة على هذا الحكم الشرعي من خلال الإلزام باستلام وصولات الدفع، حتى عند ما يكون الدفع له مباشرة، ويبين لهم ان هذا الوصل له أثر معنوي لديهم ولدي ذويهم ومتعلقيهم، بالإضافة إلى أثره في تنظيم الدفع، وتمركز الأموال وعدم ضياعها.

3- تشجيع المؤمنين من أصحاب الحقوق أن يقيموا مشاريع دينية في بلادهم، و أحيانا مساعدتهم ماليا من أجل تخليص ذممهم من الحقوق الشرعية.

والديون الإلهية من ناحية، وتشجيع الآخرين واثارة روح التنافس والتسابق للخيرات في نفوسهم.

كما كان يشجع أن تصرف الأموال على الوكلاء و المبلغين و الأعمال الدينية في المناطق، خصوصا الفقيرة منها، ليكون ذلك سببا لتشجيع الطلبة و العلماء للاهتمام بتلك البلدان والتردد عليها، أو الإقامة فيها بعد أن تحقق أسباب الاستقرار النفسي.

لقد كان لهذه السياسة أثر كبير في الأمة، ليس في الحصول على المزيد من الموارد المالية فحسب، بل في تحقيق الوعي و المشاركة الفعلية للأمة في الأعمال الدينية، و الشعور بالمسؤولية تجاهها و الالتزام بها و الدفاع عنها.

الخامسة: تنمية الخط الجهادي والسياسي في الأمة، حيث كانت الأمة في العراق- كما أشرنا سابقا- قد أصيبت بمرض الاستكانة والاستسلام للأوضاع القائمة، خصوصا وان الأكثرية الساحقة لأبناء الأمة كانت معزولة عن القرار السياسي، وهم الشيعة الذين يشكلون الأكثرية في العراق، خصوصا المنتمين إلى الشعب العربي، وكذلك الأكراد الذين يمثلون أكثرية أهل السنة في العراق.

وكانت الأوضاع في العراق تدار من قبل طبقة من السياسيين النفعيين والموظفين الاداريين، الذين ورثوا السلطة من العهد العثماني حيث بادروا إلى التعاون و الاتفاق مع الغزاة الانكليز، للقيام بدور النيابة عنهم في هذا المجال.

وقد حاولت الأمة في بعض الأدوار الانتفاضة على هذه الأوضاع، الا انها سرعان ما كانت تتعرض للقمع أو الخداع، الأمر الذي ادى إلى أن تصاب بهذا المرض النفسي السياسي.

كما ان الأحزاب السياسية الدخيلة حاولت أن تعبئ الأمة في العراق على مفاهيمها و مبادئها المستوردة و أهدافها السياسية، و لكنها فشلت أيضا في نهاية المطاف.

و لذا كان الدور الذي قام به الإمام الحكيم (قدّس سرّه) في تعبئة الأمة على الجهاد و التضحية، و المواجهة، و توعيتها سياسيا على حقوقها المشروعة عملا عظيما في هذه الفترة الزمنية الحساسة [3].

وقد حقق الإمام الحكيم (قدّس سرّه) ذلك من خلال الخطوط السياسية والعملية التالية:

الأول: تربية الأمة على الشعور بالمسؤولية الاجتماعية، و تحسيسها بضرورة تحملها لهذه المسؤولية، و المساهمة في تكوين الأوضاع العامة، و المشاركة في القرار السياسي، و الرقابة على نشاطات الحكم.

الثاني: إخراج الأمة عن عزلتها السياسية، من خلال الممارسة للنشاطات السياسية، وتعبئتها عمليا في هذا المجال، وتصدي المرجعية بنفسها للعمل السياسي، و منحه الصفة الشرعية بعد محاولات الاستعمار لفصل الدين عن السياسة.

الثالث: إعطاء المرجعية دورها، وقيمتها الحقيقية، وموقعها الطبيعي القيادي من خلال التصدي لتحمل مسؤولية هموم الأمة و قضاياها المصيرية، والعمل على تحقيق المصالح العامة الأساسية للناس، والمطالبة بحقوقهم، وتحمل الآلام، و المعاناة، والصبر من أجل التصدي لهذه النشاطات، والوقوف بوجه الظالمين و الطغاة.

و عدم التخلي في نفس الوقت عن ممارسة الأعمال الدينية كالفتوى، و القضاء، و الولاية للأمور، أو ممارسة النشاطات الإسلامية كالتعليم، و التربية، و التبليغ للمفاهيم و الأحكام و الوعظ و الإرشاد و النصيحة.

الرابع: دعم النشاطات السياسية النظيفة، والحركات الإسلامية في الأوساط (الشيعية)و(السنية)، وكذلك دعم أعمال التصدي للظالمين من قبل المظلومين، و الدفاع عنهم و تبني قضاياهم.

الخامس: الانفتاح على الجماعات و الأوساط المختلفة، سواء الأوساط الشعبية أو السياسية أو الدينية.

وبهذا الصدد نشير إلى الانفتاح الذي حققه الإمام الحكيم (قدّس سرّه) على الجماعات الكردية، و العلماء من أهل السنة، و بعض أوساطهم الاجتماعية، بل و الانفتاح حتى على الطوائف الدينية الأخرى، مثل المسيحيين.

هذا الانفتاح الذي أكد الوحدة الإسلامية بين المسلمين، و وحدة أبناء الوطن الواحد، وضرورة أن يعيشوا فيما بينهم بطمأنينة و استقرار، و يعملوا على تحقيق العدل و الرفاه و حكم اللّه في الأرض، و يتحملوا مسؤولية المصير الواحد المشترك.



الهوامش

[1] لكل واحد من هذه العناوين توجد شواهد و أمثلة تشكل بمجموعها سبقا لمرجعية الإمام الحكيم و قد أعرضنا عن ذكرها اختصارا للوقت.
[2] هناك أرقام و أمثلة كثيرة تشهد بذلك أعرضنا عن ذكرها خوفا من الإطالة.

[3] الحديث عن موضوع الجهاد السياسي للإمام الحكيم و الأعمال التي قام بها في هذا المجال و كذلك معالم جهوده و تضحياته تحتاج إلى حديث مستقل واسع لم نتناوله في هذه المقدمة و لذا اكتفينا بالإشارة إلى جانب منه يرتبط بالمرجعية و نظرتها إلى مفردة الأمة.




المصدر: تقديم آية الله السيد محمد باقر الحكيم “ره” لكتاب دليل الناسك تألغŒف آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم وهي وجيزة على مناسك الحج، الذي ألّفه استاذه المعظّم المرحوم الميرزا حسين الغروي النائيني، قدّس اللّه روحهم.


التوقيع :
من مواضيع سيد فاضل » ان الميت ليفرح
» المرتد سلمان رشدي يتعرض للطعن في نيويورك
» عزاء ركضة طويريج.. كيف نشأ ولماذا منع؟!
» مسجد الحنانة.. موضع رأس الإمام الحسين عليه السلام
» مختارات من رثاء لقتيل كربلاء الامام الحسين (عليه السلام) 2
رد مع اقتباس
قديم 13-11-2020, 06:30 PM   رقم المشاركة : 3
الكاتب

سيد فاضل

الصورة الرمزية سيد فاضل


الملف الشخصي









سيد فاضل غير متواجد حالياً


افتراضي

المرجعية الدينية وملامحها العامة عند المرجع الكبير السيد محسن الحكيم “ره”

الاجتهاد: بالرغم من أن المرجعية الدينية – كما أشرنا- تمثل في بعدها النظري امتدادا لحركة النبوة والإمامة. ولكن من الناحية الواقعية في الفترة الزمنية التي عاصرها الإمام الحكيم، كانت قد انطوت على نفسها، وأصبحت تعيش عزلة عسيرة في مجمل أوضاعها العامة.

بعد رحيل آية الله الشيخ محمد حسين النائيني (1355هـ ق) رجع بعض مقلدية إلى آية الله السيد محسن الحكيم، وتعززت مرجعيته بعد رحيل السيد أبو الحسن الاصفهاني(1365هـ ق) وبعد رحيل السيد حسين البروجردي (1380هـ ق) أصبح الإمام الحكيم المرجع الاعلى للشيعة في العالم.(قدس سرهم)

الحديث عن المرجعية الدينية ومرجعية الإمام الحكيم حديث واسع، وسوف أحاول أن أشير إلى بعض الخطوط العريضة العامة، وبعض الملامح الرئيسية، و اترك التفاصيل إلى حديث آخر.

نظرة عامة للمرجعية

المرجعية الدينية بمفهومها الواسع، قد تعني قيام المجتهد الجامع للشرائط مقام الإمام (عليه السّلام) في مهماته الأساسية الثلاث الولاية، والفتيا، والقضاء.

وباعتبار ان المجتهدين كانوا يقومون بالدورين الآخرين، كما دلت عليه النصوص المتظافرة، لم يشك أحد من العلماء في ان المجتهد هو (المرجع) للأمة في هذين المقامين. بل كان العلماء و المجتهدون يقومون بهذين العملين لدى المسلمين حتى في زمن الخلافة الإسلامية، و يرجع إليهم المسلمون في الفتيا و القضاء.

وكان يتولى الخلفاء و السلاطين الولاية، و ادارة الحكم، بطريقة أو أخرى، و تحت مبررات مختلفة لا مجال للحديث عنها هنا.

و يأتي السؤال عن دور المجتهد في ولاية أمور الأمة في زمن غيبة الإمام المهدي (عجّل اللّه فرجه).

و لا يكاد يوجد شك لدى الفقهاء الإماميين في ان المجتهد له هذا الدور، و ان كانوا يختلفون في سعة دائرة هذه الولاية، و انها على مستوى (الحسبة) و الضرورات الشرعية التي يقطع بأن الشارع لا يرضى بإهمالها و تركها، أو أنها أوسع من ذلك؟ و ما هي حدود هذه السعة؟

كما انهم قد يختلفون في الدليل الشرعي الذي يدل على هذه الولاية للمجتهد، و انه هل هو النصوص الشرعية الخاصة من الآيات و الروايات مثل قوله (عليه السّلام): «أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا» أو غيره؟ أو ان العلماء يمثلون القدر المتيقن للحاكم الشرعي للحكومة الإسلامية الذي دل الدليل على وجوب إقامتها؟ أو دليل الحسبة؟ مع فرض ان المجتهد هو القدر المتيقن له أو غير ذلك من أساليب الاستدلال.

هذا على صعيد الخلفية النظرية و الفقهية، و أما على صعيد الواقع العملي للأمة، خصوصا اتباع أهل البيت (عليهم السّلام)، فقد كان المجتهدون يقومون بالفعل بهذه المهمات و المسؤوليات الشرعية الثلاث، و ان كان بشكل محدود بسبب الظروف السياسية و الاجتماعية، شأنهم في ذلك شأن أئمة أهل البيت (عليهم السّلام) في بعض الأدوار. و كان العلماء يتعرضون للأذى و المطاردة و التضييق بل الشهادة أحيانا بسبب هذا النوع من التصدي للمسؤوليات.

ولكن المرجعية الدينية ازدادت أهميتها و دورها في أوساط اتباع أهل البيت (عليهم السّلام)، عند ما أخذت البلاد الإسلامية تتعرض للنفوذ و الغزو الأجنبي، و تعرض الكيان السياسي الإسلامي لخطر الانحراف، ثم تعرض بعد ذلك لخطر الانهيار و الزوال و سقطت الدولة الإسلامية، الأمر الذي جعل المراجع و المجتهدين امام مسؤولية جديدة، و هي الدفاع عن الوجود الإسلامي، و من ثم العودة إلى الإسلام بعد انحسار النظام الإسلامي عن المجتمع في مجال التطبيق الاجتماعي و حتى الفردي.

ويبرز سؤال كبير عن الإطار السياسي والمنهج الذي لا بد للأمة أن تتحرك ضمنه في الدعوة للعودة إلى الإسلام أو الدفاع عنه.

فهل هو الأحزاب الإسلامية؟ والتنظيمات السياسية السرية أو العلنية؟ أو هو مناهج التربية والتعليم وتأسيس الجمعيات والمدارس؟، أو أسلوب استخدام القوة والثورة الشعبية، وشن حروب التحرير والمقاومة للغزو الأجنبي؟ أو الاكتفاء بالنداءات والنصائح و الاستغاثات؟

هذا كله إلى جانب ظاهرة استفادة القوى السياسية المعادية للإسلام من كل هذه الأساليب، و لكن الأسلوب الأشمل الذي كانت تعتمده هذه القوى هو أسلوب الحزب السياسي.

وكان على المرجعية الدينية أن تختار طريقها و منهجها الذي ينسجم مع خلفيتها الفكرية و الحضارية و الشرعية من ناحية، و مع أهدافها في تحصين الأمة و هدايتها و في العودة إلى الحياة الإسلامية من ناحية أخرى.

وقد عاش الإمام الحكيم- كما ذكرنا آنفا- هذه الفترة الحساسة من الأوضاع السياسية والاجتماعية، وقد كان تكوين الرؤية النظرية لديه بعد الحرب العالمية الاولى ونتائجها من سقوط الدولة الإسلامية، وقيام الحكومات الوطنية المرتبطة بعجلة الاستعمار العسكري، أو السياسي، أو الثقافي

وكانت بدايات مرجعيته العامة بعد الحرب العالمية الثانية وانقسام العالم إلى المعسكر الغربي و الشرقي، وظهور الحرب الباردة واشتداد أوارها من الانقلابات العسكرية والاضطرابات العامة والتيارات الفكرية والثقافية المتطرفة والهدامة، و ظهور التيارات الماركسية و الاشتراكية و القومية و الوطنية. إلخ.

وكان على الإمام الحكيم أن يختار طريقه و منهجه و أسلوبه في خضم هذا التلاطم السياسي و الثقافي و الاجتماعي.

و قد اختار الإمام الحكيم أن يكون هذا الإطار هو المرجعية الدينية الذي يجب أن يتحرك ضمنه، سواء على المستوي السياسي أو الثقافي و الاجتماعي.

وقد كان هذا الخيار صعبا للغاية، لأنه جاء بعد سلسلة من الانتكاسات في العمل الإسلامي المرجعي في العراق و إيران، البلدين المهمين المركزيين لدى أوساط اتباع أهل البيت.

سواء في حركة العلماء الدستورية المعروفة بحركة (المشروطة) في إيران، أم في حركة التحرر من الهيمنة الأجنبية في الحركة المعروفة ب(ثورة العشرين) سنة (1920 ميلادية) في العراق، للخلاص من الحكم الأجنبي الانكليزي. و ما تبع هاتين الحركتين من قتل و تشريد و مطاردة للعلماء و المراجع.

و كذلك جاء هذا الخيار بعد تنفيذ المخطط الرهيب لعزل الإسلام وجميع مؤسساته، و منها الحوزة العلمية و العلماء عن المجتمع و الحياة، بحيث تحول الإسلام إلى مجرد تراث في المجتمع يحضى بشيء من التقدير و التقديس و التكريم من خلال المراسيم و الأعياد و الشعائر العامة.

وتحولت المرجعية على أفضل صورها إلى جزء من هذا التراث يكاد ينحصر في الرجوع إليها في العبادات و قضايا الأموات و بعض الأحوال الشخصية، بل كانت بعض الأوساط العامة تنظر إليها على انها شيء متخلف من هذا التراث [1].

و بالرغم من أن المرجعية- كما أشرنا- تمثل في بعدها النظري امتدادا لحركة النبوة و الإمامة. و لكن من الناحية الواقعية في الفترة الزمنية التي عاصرها الإمام الحكيم، كانت قد انطوت على نفسها للأسباب السابقة، و أصبحت تعيش عزلة عسيرة في مجمل أوضاعها العامة.

وسوف أتناول هنا خيار الإمام الحكيم هذا من خلال رؤيته للمرجعية والحديث عن التطورات المهمة التي حققها على مستوى العناصر الرئيسية في هذه الرؤية. واختار الساحة العراقية كنموذج لتطبيق هذه الرؤية، علما بأن مساحات واسعة من العالم الإسلامي الذي يعيش فيه اتباع أهل البيت (عليهم السّلام)، والذين ارتبطوا بمرجعية الإمام الحكيم، و حوزة النجف الأشرف، قد تأثرت بهذه الرؤية و التطورات كما سوف أشير إلى ذلك عرضا.

1- رؤية الإمام الحكيم للمرجعية

لقد كان الإمام الحكيم ينظر إلى اطار المرجعية الدينية من خلال إيجاد التكامل بين مجموعة من العناصر، يمكن تلخيصها في الأمور الثلاثة التالية: المرجع، و الحوزة، و الأمة، مع الفهم الإسلامي لكل واحد منها، و تصور صحيح لدورها في التكامل و العلاقة بينها في الارتباط و الأداء و بذلك يمكن من خلالها تحقيق الأهداف المطلوبة.

أولا: المرجع، وجهازه

يمثل المرجع في نظر الإمام الحكيم أهم عنصر و موقع في اطار النظرية التي يؤمن بها في مجال العمل و التحرك، و هو الموقع القيادي و كان يتصور في شخصية المرجع بعدين مهمين رأسيين:

أحدهما: الجانب الذاتي الحقيقي الذي تحدثنا عن نموذج له من خلال السيرة الذاتية للإمام الحكيم، و الذي يمكن أن نلخصه في أبعاد: العلم، والعدالة العالية [2]، و القدوة في المواصفات الشخصية، و التصدي للعمل المرجعي من موقع الإحساس بالمسؤولية الشرعية تجاه الموقع و الأمة.

ثانيهما: الجانب الاجتماعي الحقوقي والذي يتمثل بالايمان بأن المرجعية هي عبارة عن منصب ديني قيادي يتسم بالنقاء والطهارة و الأصالة، و يقوم بواجبات و يتحمل مسؤوليات تجاه الأمة و الإسلام، سواء في الاهتمام بقضاياها الكبرى أو الدفاع عن حقوقها أو توعيتها على واجباتها أو تربيتها أو تثقيفها و تعليمها أو تقديم الخدمات المختلفة لها.

وهكذا الأمر تجاه الإسلام و الشريعة الإسلامية، حيث تتحمل المرجعية الدعوة إلى الإسلام في السر والعلن و الدفاع عنه، سواء في مجال العقيدة أو الشعائر أو الأحكام، و العمل على تطبيقه، و تحمل الآلام، و المعاناة، و الجهاد في سبيل اللّه من أجله.

و لا بد للمرجع من التصدي لهذه المسؤوليات، و العمل على توفير الشروط الموضوعية و التشكيلات و المؤسسات المناسبة في الأجهزة الخاصة بالمرجعية أو في الحوزة أو في أوساط الأمة، حتى يمكنه أن يؤدى دوره الكامل.

و في مراجعة عامة لمرجعية الإمام الحكيم، يمكن أن نشاهد هذه الرؤية في مجمل مسار عمل و نشاطات مرجعيته في مختلف المجالات السياسية و الثقافية و الاجتماعية، و حتى في العلاقات الشخصية، فضلا عن العلاقات العامة.

و على مستوى موقع (المرجع)، يمكن أن نشير إلى بعض المفردات ذات الأهمية و الأبعاد الخاصة، و التي توحي بهذا الفهم للمرجع.

المفردة الاولى:

اعتماد الإمام الحكيم على إعطاء دور مهم للدواوين النظيفة (البراني) في عمل و نشاط المرجع، فبالرغم من وجود هذه الدواوين في المجتمع بشكل عام و في الحوزة بشكل خاص، و لكنها كانت مكان للتشريفات أو لإتلاف الوقت أو التندر أو على أفضل تقدير كانت مجرد نادى أدبي و اجتماعي، يقوم بمبادرات فردية في بعض الأحيان.

و أما من خلال التطور الذي أحدثه الإمام الحكيم من خلال رؤيته للمرجعية و المرجع، فقد أصبحت هذه الدواوين كديوان آل بحر العلوم، و آل الشيخ راضي، و آل الحكيم [3] و غيرها، تقوم بدور مهم في مختلف المجالات السياسية و الاجتماعية و العلمية، و تتحمل مسؤوليات و أدوار ضمن هذا الإطار العام.

والمفردة الثانية:

جماعة العلماء و التي كانت تضم نخبة مهمة من الطبقة الثانية و الثالثة من المجتهدين، حيث كان لها دور سياسي و فكري قيادي مهم، سواء من خلال تصديها و بياناتها أو من خلال مجلة الإضواء الإسلامية.

و كانت تمثل فتحا مهما في هذا المجال الإسلامي، و اقتدت بها الأوساط الإسلامية في العراق و إيران [4].

و المفردة الثالثة:

الوكلاء والعلماء القياديون الذين كان الإمام الحكيم يطلب منهم التصدي بشكل خاص للعمل السياسي و الاجتماعي و الثقافي من هذا الموقع كممثلين في هذا المجال، و كان يعينهم و يدعمهم و يشجعهم و يحاسبهم على القيام بهذه المسؤوليات، حيث أوجد الإمام الحكيم تطورا ملحوظا في هذا المجال كان له تأثير كبير على مختلف المستويات.

والمفردة الرابعة:

تأسيس و تبني المؤسسات ذات الأبعاد المختلفة، و لعل أبرز عمل في هذا المجال هو تأسيسه لشبكه واسعة من المكتبات العامة الإسلامية، و إسناده للعمل الإسلامي المنظم في اطار و تصور مميز.

وكذلك تبنيه لبعض المؤسسات التي تحولت من خلال هذا الالتزام إلى عمل ثقافي واجتماعي ضخم، مثل جمعية الصندوق الإسلامي الخيري، أو إسناده لجمعية (جامعة الكوفة).

ان هذه المفردات وغيرها كان يراها الإمام الحكيم مؤسسات وأجهزه لموقع المرجعية، تكتسب أهميتها وفاعليتها وقدرتها ضمن اطار عملها و إدراكها لمسؤولياتها و التزامها بأهداف المرجعية الدينية.

والمفردة الخامسة:

هي مفردة الحاشية أو المستشارين أو المساعدين، حيث أعطاها الإمام الحكيم روحا جديدا ليس على مستوى الأداء و التوجه والوعي فحسب، بل على مستوى الالتزامات و التقوى و الرقابة من ناحية.

و على مستوى النوعية في انتخاب الأفراد، الذين كان يهتم أن يكونوا من ذوي الفضل و الاجتهاد، أو من الأسر العلمية العريقة في الشرف، و النبل، و الابتعاد عن حالة الاحتراف الوظيفي.

فبالإضافة إلى أولاده الذين كانوا يقومون بدور في هذا المجال مع اهتمامهم بالدرس والتدريس، نجد أن الأكثرية الساحقة لمساعديه، كانت لهم فعاليات ثقافية و اجتماعية مباشرة، و شخصيات معروفة في الأوساط العلمية.

وعلى مستوى الانتماء الحوزوي و الاقليمي، حيث كان يولى أهمية لتعدد هذه الانتماءات، حيث كان فيهم بالإضافة إلى العراقيين، اللبنانيين، و الايرانيين و الأفغانيين و الباكستانيين و الهنود و الخلجيين و غيرهم.

و قد أشرنا سابقا في السيرة الذاتية، ان الحاشية كان يعطيها الإمام الحكيم دور المستشارين من أصحاب الرأي، و دور الاداريين التنفيذيين، دون أن يفقد من خلال وجودهم استقلاله في القرار و توجيه الأمور.

ان هنا رؤية اخرى مهمة للإمام الحكيم للحاشية، هو انه كان يرى ان من الواجب فيها أن لا تتحول إلى دور وظيفي مهين، بل لا بد أن تبقى تعيش في صميم أوضاع الحوزة و علاقاتها العلمية و الاجتماعية لتحتفظ بحياتها و تفاعلها الروحي و النفسي و اندفاعها الذاتي. لذا كنا نجد الأغلبية الساحقة لحاشيته تمارس الدرس و التدريس و العلاقات الاجتماعية العادية و حتى في وسط أولاده الصلبيين.



الهوامش

[1] لقد كان يصف الإمام الحكيم النتائج و الآثار لهذا المخطط الرهيب حيث كان يقول ان الأوضاع السياسة و الاجتماعية أصبحت على هذه الصورة: (ان أحدهم إذا أراد أن يحصل على وظيفة في أجهزة الدولة أو يتقرب إليها فعليه أن ينظم بيتين من الشعر يتناول فيها الدين أو المقدسات بالنقد أو الإنكار ليكون ذلك له شافعا في تحقيق هدفه). أو (ان الإنسان إذا أصبح موظفا لدى الدولة فيعني ذلك انه قد انقطعت صلته مع الإسلام اجتماعيا و حتى روحيا و سلوكيا.)

[2] لم يكن الإمام الحكيم يكتفي في المرجع بالعدالة بمستوي الشهود أو إمام الجماعة بل لا بد من مستوى عال لذلك.

[3] كان المسؤول عن الديوان الأول هو العلامة السيد علي بحر العلوم، و من بعده ولده السيد محمد بحر العلوم. و عن الثاني الحجة الشيخ محمد كاظم آل راضي، و من بعده أخوه الحجة الشيخ محمد جواد آل الشيخ راضي. و كان المسؤول عن الثالث الحجة السيد محمد سعيد الحكيم، و من بعده ولده آية اللّه السيد محمد حسين الحكيم.

[4] لقد كان لجماعة العلماء المجاهدين (جامعه روحانيت مبارز) في إيران دور عظيم في تنضيج ظروف الثورة و إسنادها و الدفاع عنها إلى جانب مرجعية الإمام الخميني (قدّس سرّه). حيث كان تأسيسها بعد تأسيس جماعة العلماء في النجف الأشرف.


التوقيع :
من مواضيع سيد فاضل » ان الميت ليفرح
» المرتد سلمان رشدي يتعرض للطعن في نيويورك
» عزاء ركضة طويريج.. كيف نشأ ولماذا منع؟!
» مسجد الحنانة.. موضع رأس الإمام الحسين عليه السلام
» مختارات من رثاء لقتيل كربلاء الامام الحسين (عليه السلام) 2
رد مع اقتباس
قديم 13-11-2020, 06:31 PM   رقم المشاركة : 4
الكاتب

سيد فاضل

الصورة الرمزية سيد فاضل


الملف الشخصي









سيد فاضل غير متواجد حالياً


افتراضي

من الرسائل المتبادلة بين الإمام الحكيم وشيخ الأزهر حول اعتراف إيران بالكيان الصهيوني
الإمام الحكيم


الاجتهاد: كانت إيران في زمن الشاه، ثاني دولة ذات غالبية مسلمة تعترف بإسرائيل باعتبارها دولة ذات سيادة بعد تركيا. بعد انقلاب عام 1953، الذي أعاد تعيين محمد رضا بهلوي المؤيد للغرب في السلطة، تحسنت العلاقات بين البلدين بشكل ملحوظ.

وحول اعتراف الحكومة الإيرانية آنذاك بالكيان الإسرائيلي، رفض الشيخ شلتوت أي شكل من أشكال اعتراف الدول الإسلامية بهذا الكيان. مديناً في الوقت ذاته خطوة الحكومة الإيرانية في هذا الاتجاه. فيما أبرق برسالة إلى آية الله العظمى البروجردي في قم حول هذا الأمر.

إلا أنّ السيد البروجردي كان قد وافته المنية قبل وصول هذه الرسالة إليه. وفي أعقاب هذا الحادث أرسل الشيخ شلتوت رسالة إلى آية الله الإمام الحكيم “ره”.

نص برقية فضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ محمود شلتوت شغŒخ الجامع الأزهر إلى المرجع الأعلى آية الله العظمى السيد محسن الطباطبائي الحكيم.

أخي في الله صاحب السعادة الأستاذ العلامة السيد محسن الحكيم – النجف العراق

سلام الله عليكم ورحمته وعلى جميع اخواننا واخوانكم علماء العراق الشقيق وكل من ينهض مدافعاً من الحق ومحافظاً على الوحدة والألفة بين المسلمين

اما بعد

فإن سماحتكم وجميع إخوانكم الأجلاء تعلمون نبأ الحادث المحزن الذي حدث في هذه الأيام وذاك هو اعتراف جلالة شاه إيران بعصابة اسرائيل التي اعتدت على فلسطين، وشتتت اهلها واغتصبت حقوقهم، هذا الاعتراف اقلقنا جميعاً كما اقلق كل مسلم في مشارق الأرض ومغاربها، إذ كيف يقدم ملك مسلم لشعب مسلم على تأغŒغŒد أعداء المسلمين وموالاتهم

ولقد ابرقنا لجلالة الشاه مرتين، وأبرقنا لسماحة السيد البروجردي “قم” منبهين الى خطورة هذا الامر وما قد يؤدي اليه من فتنة جامحة، ولا سيما وقد صدر من شخص الشاه الذي هو شيعي من اخواننا الإمامية مما قد ييسر للذين يحبون أن يصيدوا في المياه العكرة وهمسة التشويش ومحاولة فصم الروابط التي عملنا على تقويتها، هذا فضلا عن منافاة ذلك للدين منافاة صراحة لا تحتمل التأويل

ولا شك أنكم اسفتم لذلك كما اسفنا، وانكم أنتم وسائر اخواننا واخوانكم علماء العراق الكرام ستبذلون كل ما في وسعكم من السعي لاستنكار هذا القرار بقوة، والعمل على أن يرجع الشاه عنه، كما رجعت حكومة الدكتور مصدق في ايران عن مثله عام غ±غ¹غµغ±م.

إن صدور هذا المسعى منكم له تأثيره البعيد في علماء اغŒران وشعب اغŒران نفسه، كما سيكون له تأثير حميد عندنا إذ تبين للناس جميعاً أنّنا وايّاكم زملاء في الجهاد، والعمل على رفع راية الإسلام وتثبيت الوحدة بين أهله، وانا لما تبعثون به الينا من بيان سعيكم الموفق وعملكم الصالح لمنتظرون،

والله المسؤل أن يكلأكم برعايته، وان ينفع المسلمين ببركاتكم وصالح سعيكم والسلام عليكم ورحمة الله .

أخوكم محمود شلتوت. شيخ الجامع الأزهر



نص جواب المرجع الأعلى آية الله العظمى السيد محسن الحكيم الى فضيلة الاستاذ الأكبر الشيخ محمود شلتوت شيخ الجامع الأزهر

بسم الله وله الحمد

فضيلة العلاّمة الجليل الشيخ محمود شلتوت شيخ جامع الأزهر ــ القاهرة، تلقّينا برقيتكم الكريمة تستنكرون فيها اعتراف ايران باسرائيل فشكرنا لكم اهتمامكم بأمور المسلمين، وحرصكم على تقوية الرابطة الإسلامية بينهم

واننا منذ بلغنا نبأ هذا الاعتراف بادرنا الى ابلاغ استنكارنا الشديد الى المسؤولين في ايران بواسطة بعض اخواننا العلماء في طهران واوضحنا لهم خطورة الموقف واستياء الأمة الإسلامية ونصحناهم بالاحتفاظ بواجبهم الإسلامي ورعاية شعور المسلمين

وتلقينا الجواب موضّحاً عدم صدور أي اعتراف من ايران باسرائيل وانه ليس في نية الحكومة ذلك لا في الوقت الحاضر ولا في المستقبل، ومظهراً للعطف على قضايا المسلمين في كل مكان.

واننا اذ نستنكر كل خطوة تتخذ لتعزيز كيان اسرائيل من أي جهة كانت نلفت انظار المسلمين كافة الى الظرف العصيب الذي يحيط بهم وندعوهم جميعاً الى رصّ صفوفهم وتوحيد كلمتهم ليقفوا جبهة موحدة امام التيارات العاتية من قوى الظلم والكفر والطغيان والتي جعلت همها الاول محاربة الاسلام وابعاده عن واقع المسلمين وما أقامة اسرائيل في فلسطين الا مثل من الأمثلة الكثيرة على محاولة ضرب الاسلام والوقوف في طريقه.

ومن هنا كان لزاماً على المسلمين عامة والحكومات القائمة في بلاد المسلمين خاصة ان يرجعوا الى حظيرة الاسلام ويلتفوا حول لوائه الظافر الذي هو عنوان نصرهم وعزّتهم ويستمدوا تشريعاتهم من ينبوعه الثر ومنهله الصافي ليستعيدوا مجدهم وكرامتهم ويحللوا ما حلل الاسلام ويحرموا ما حرمه.

وما هذه المآسي التي ضجّت بها حياة المسلمين الا أثر من آثار تهاونهم في الاسلام وابعاده عن ادارة شؤون الامة الامر الذي ينذرهم بالخطر، ويهددهم بالخذلان.

وختاماً نبتهل الى العلي القدير أن يجمع كلمة المسلمين على التقوى والهدى ويأخذ بايديهم الى ما فيه صلاحهم ونجاحهم انه سميع مجيب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

محسن الطباطبائي الحكيم.



في هذه الكلمات النيرة لـ الإمام الحكيم ايقاظ ان نكبة الأمة والحكومات الإسلامية عامة ليست إلا عدم تمسكهم بالقرآن وعدم أخذهم بتعاليمه المقدّسة وقد نبذوا احكام الإسلام وقوانينه على ورائهم ظِهريّاً فوقعوا في الانحطاط والخزي والعار ورزايا الذّل والاستعمار.


التوقيع :
من مواضيع سيد فاضل » ان الميت ليفرح
» المرتد سلمان رشدي يتعرض للطعن في نيويورك
» عزاء ركضة طويريج.. كيف نشأ ولماذا منع؟!
» مسجد الحنانة.. موضع رأس الإمام الحسين عليه السلام
» مختارات من رثاء لقتيل كربلاء الامام الحسين (عليه السلام) 2
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
ماذا, أحسن, المرجع, الحكيم, السيد, الكبير, تعرف, سره”؟, “قدس

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المرجع الحكيم يصلي على جثمان العلامة السيد محمد حسين الحكيم، وتعزيات رئاسية بوفاته سيد فاضل قسم الشخصيات اللامعه 2 27-09-2020 12:09 PM
سماحة المرجع الكبير السيد موسى الزنجاني [دامت بركاته] سيد فاضل قسم الشخصيات اللامعه 2 15-04-2020 04:13 PM
تعزية سماحة المرجع السيد الحكيم برحيل آية الله الموسوي الخلخالي(قدس سره) سيد فاضل قسم الشخصيات اللامعه 2 24-12-2019 08:29 AM
آية الله العظمى السيد محسن الطباطبائي الحكيم قدس سره دمعة الكرار قسم الشخصيات اللامعه 5 05-04-2012 10:18 AM
قصة قتل السيد عبد المجيد ابن المرجع الكبير ابو القاسم الخوئي عاشق كربلاء قسم الشخصيات اللامعه 0 07-09-2009 02:13 AM



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات احباب الحسين