هل أن الله سبحانه يحاسب الإنسان على عقد نية السوء قبل أن يفعل ذلك السوء؟
السؤال: جاء في (سورة القلم) (الآيات: 17 ـ 26) قوله تعالى: (إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلا يَسْتَثْنُونَ * فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ * فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ * أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ * فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ * أََن لّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ *وََغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ * فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ). الظاهر من هذه الآيات الكريمة أن الله تعالى عاقبهم بنيتهم السيئة قبل أن يحققوها فعلاً، فهل أن الله سبحانه يحاسب الإنسان على عقد نية السوء قبل أن يفعل ذلك السوء؟
المجيب: موقع آية الله العلامة السيد كمال الحيدري
الجواب: سلوك الإنسان له مستويان:
ـ تارة تقوم به الجوارح فيسمى: (فعل جوارحي).
ـ وتارة تقوم الجوانح، أي يكون مما ينعقد عليه باطن الإنسان فيسمى: (فعل جوانحي).
ونحن وإن كنا نُطلق (الفعل) على القسم الأول فقط إلا أن اعتقاد الإنسان ونيته هو في النهاية الأمر (فعل) للنفس الإنسانية وإن لم يتخذ شكل (الممارسة) (والتحقق الخارجي) نتيجة لطبيعته الذهنية النفسية. فـ (سوء الظن) بالآخرين وإن لم يكتسب وجوداً خارجياً ولكنه سوءة أخلاقية طالما أن الأخلاق تتعلق بالأعم مما له متعلق خارجي، أي حتى ولو كان من أعمال القلب والشعور فحسب.
ومن هنا فلو عدنا إلى محل البحث لوجدنا أمامنا سوءة أخلاقية زاولها البعض المشار إليه في تلك الآيات الكريمة، وهي عبارة عن اعتقاد النفس بالاستقلال عن الله سبحانه اتكالاً على ظاهر الأسباب. فتعليق الوارد في قوله تعالى: (وَلا يَسْتَثْنُونَ) بعد قولهم: (إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ) يبين أنهم لم يعلِّقوا قسَمهم على مشيئة الله (عَزَّ وجَلَّ) فيقولوا: (إلا أن يشاء الله)، فجاء الرد الإلهي أنكم لا تستطيعون فعلاً دون مشيئته سبحانه؛ ولذا سوف نبلوكم ليتضح لكم حقيقة وأهمية هذا الموضوع فأنزل الله العذاب على حرثهم (فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ).
إن الفكر الإسلامي تعامل مع الفعل البشري على مستويين:
ـ مستوى الفعل الخارجي، وهو ما تكفلته الشريعة الإسلامية التي تتعامل (قانونياً) في نظام عقوباتها مع الفعل البشري حين يتحقق، دون أن تعنى بدوافع الإنسان ونواياه إلا في الإطار البين جداً كما في حالات الخطأ المحض حيث رفعت عنه بعض العقوبات.
ـ مستوى الفعل (إذا جاز التعبير) القلبي، الذي تعاملت معه ـ ومع المستوى الأول أيضاً ـ الفلسفة الأخلاقية الإسلامية. واكتسب في بعض الأحيان في الطرح القرآني صيغة السنن الإلهية التي تؤدي وظيفة النظام الكوني لسيرورة هذا العالم طبقاً لفلسفة الإرادة الإلهية في خلق النظام الأحسن، كما حدث في هذه الآيات محل البحث.
__________________
قال الإمام المهدي (ع):
أنا وحيد!!! ولا أحد يريدني ! والكل مشغول بحياته الخاصة وناسيني!!!
آية الله زاهدي:
الإمام صاحب زمان(عليه السلام) رأسه يألمه من قلة الآوادم