العودة   منتديات احباب الحسين عليه السلام > القسم الاسلامي > منتدى النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)
منتدى النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) سنة الرسول - اخلاق الرسول - صفات الرسول - أعمال الرسول - افعال الرسول - غزوات الرسول - فتوحات الرسول - احاديث الرسول - زوجات الرسول - صلى الله عليه وآله


اغتيال النبي محمد ص واله من مصادر اهل السنة والشيعة 1

منتدى النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)


إضافة رد
قديم 06-05-2016, 09:30 PM   المشاركة رقم: 1
معلومات العضو
الشيخ عباس محمد

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
الشيخ عباس محمد غير متواجد حالياً

المنتدى : منتدى النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)
افتراضي اغتيال النبي محمد ص واله من مصادر اهل السنة والشيعة 1

اغتيال النبي محمد ص واله
نسب النبي (صلى الله عليه وآله)
خرج النبي محمد (صلى الله عليه وآله) من آباء وأجداد مؤمنين بدلالة الحديث والقرآن قال النبي (صلى الله عليه وآله): خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم . وقال (صلى الله عليه وآله): لم يزل ينقلني الله تعالى من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهرات حتى أخرجني في عالمكم هذا، لم يدنسني بدنس الجاهلية . بينما قال الله تعالى عن المشركين: إنما المشركون نجس (1). والدليل القرآني قوله تعالى: { الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين } (2).
(هامش)
(1) راجع بحار الأنوار 15 / 117 - 122، دلائل النبوة، أبو نعيم في نسب النبي (صلى الله عليه وآله)، دلائل النبوة، البيهقي، الدرج المنيفة في الآباء الشريفة، السيوطي، المقامة السندسية في النسبة المصطفوية، السيوطي. (2) الشعراء: 218، 219. (*)
وكان عبد المطلب قد حرم في الجاهلية نساء الآباء على الأبناء (1). هل اغتالت اليهود عبد الله بن عبد المطلب؟ 1 - حاول الكهنة والأحبار قتل عبد الله فقال كبيرهم، ويسمى ربيان: اعملوا طعاما وضعوا فيه سما، ثم ابعثوا به إلى عبد المطلب. فصنعوا طعاما ووضعوا فيه سما، وأرسلوه مع نساء متبرقعات إلى بيت عبد المطلب. ولما خرجت إليهم فاطمة ورحبت بهن قلن: نحن من قرابتك من بني عبد مناف. فقال عبد المطلب: هلموا إلى ما خصكم به قرابتكم، فقاموا وأرادوا الأكل منه، وإذا بالطعام قد نطق بلسان فصيح وقال: لا تأكلوا مني فإني مسموم. وكان هذا من دلائل نور رسول الله (صلى الله عليه وآله) فامتنعوا من أكله وخرجوا يقتفون أثر النساء فلم يروا لهن أثرا! (2) 2 - وحاول الأحبار قتل عبد الله بن عبد المطلب مرة أخرى فجاءوا من الشام إلى مكة بصفة تجار، ومعهم سيوف مسمومة، وفي مكة تحينوا الفرصة لقتل عبد الله فحصلوا على فرصتهم أثناء ذهاب عبد الله إلى الصيد خارج مكة. ولما حاصروا وأوشكوا على قتله أنجاه الله تعالى منهم بمساعدة بني هاشم، فقتل بعض الأحبار وأسر الآخرون! (3)
(هامش)
(1) بحار الأنوار 15 / 127. (2) بحار الأنوار 15 / 90، 91. (3) بحار الأنوار 15 / 91 - 98. (*)
وقد مات عبد الله بن المطلب وعمره 17 سنة في ظروف مشكوكة قال الكازروني في كتاب المنتقى: ولد عبد الله لأربع وعشرين سنة مضت من ملك كسرى أنوشروان فبلغ سبع عشرة سنة، ثم تزوج آمنة، فلما حملت برسول الله (صلى الله عليه وآله) توفي (1). وقد مات بعد عودته من تجارة الشام إلى مكة فمات في المدينة. ويحتمل أن اليهود سموه في الشام بعد فشلهم في قتله في مكة، رغبة في قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو في صلبه، لكن الله سبحانه أفشل مسعاهم، ما دام محمد (صلى الله عليه وآله) في صلب عبد الله. ثم أفشل الله تعالى المحاولات لقتل النبي (صلى الله عليه وآله)، وبعدما أتم (صلى الله عليه وآله) تبليغ الرسالة والوصية إلى علي (عليه السلام) تمكن المنافقون من اغتياله.
اهتمام سيف بن ذي يزن بحياة الرسول (صلى الله عليه وآله)
اهتم الكثير من الناس بعمليات الاغتيال واجتهدوا في وسائل إخفائها وسترها وأول من اغتال في هذه الدنيا هو قابيل يوم قتل هابيل متسببا في مصرع ربع العالم بعملية اغتيال واحدة. ووصلت عمليات الاغتيال في عصرنا الحاضر مرحلة خطيرة تتمثل في زرق الضحايا بفيروسات أمراض قاتلة، وبطرق فنية ماهرة.
(هامش)
(1) البحار 15 / 124، 125، المنتقى، الكازروني، الفصل الخامس. (*)
وكان عبد المطلب قد وفد على سيف بن ذي يزن مع جلة قومه لما غلب على اليمن، فقدمه سيف عليهم جميعا وآثره. ثم خلا به فبشره برسول الله ووصف له صفته. فكبر عبد المطلب، وعرف صدق ما قاله سيف، ثم خر ساجدا، فقال له سيف: هل أحسست لما قلت نبأ؟ فقال له: نعم! ولد لابني غلام على مثال ما وصفت أيها الملك. قال: فاحذر عليه اليهود وقومك، وقومك أشد من اليهود، والله متم أمره ومعل دعوته. وكان أصحاب الكتاب لا يزالون يقولون لعبد المطلب في رسول الله منذ ولد، فيعظم بذلك ابتهاج عبد المطلب (1). فازداد اهتمام عبد المطلب بمحمد (صلى الله عليه وآله). قال اليعقوبي: كان يفرش لعبد المطلب بفناء الكعبة، فلا يقرب فراشه حتى يأتي رسول الله، وهو غلام، فيتخطى رقاب عمومته، فيقول لهم عبد المطلب: دعو ابني، إن لابني هذا شأنا (2).
اعتقاد أبي طالب باغتيال قريش للنبي (صلى الله عليه وآله)
كان أبو طالب يهتم اهتماما بالغا بحياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويحاول جاهدا التضحية بحياة أولاده وأولاد إخوانه في سبيل الحفاظ على حياته.
(هامش)
(1) تاريخ اليعقوبي 2 / 12، طبعة ليدن. (2) سيرة ابن هشام 1 / 109. (*)
قال الواقدي في إسناده: كلم وجوه قريش - وهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبي بن خلف وأبو جهل والعاص بن وائل ومطعم وطعيمة ابنا عدي ومنبه ونبيه ابنا الحجاج والأخنس بن شريق الثقفي - أبا طالب في أن يدفع إليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويدفعوا إليه عمارة بن الوليد المخزومي. فأبى ذلك وقال: أتقتلون ابن أخي وأغذو لكم ابنكم، إن هذا لعجب! فقالوا: ما لنا خير من أن نغتال (كذا) محمدا، فلما كان المساء فقد أبو طالب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فخاف أن يكونوا قد اغتالوه فجمع فتية من بني عبد مناف وبني زهرة وغيرهم وأمر كل فتى منهم أن يأخذ معه حديدة ويتبعه، ومضى. فرأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له: أين كنت يا بن أخي؟ أكنت في خير؟ قال: نعم والحمد لله. فلما أصبح أبو طالب دار على أندية قريش والفتيان معه، وقال: بلغني كذا وكذا، والله لو خدشتموه خدشا ما أبقيت منكم أحدا إلا أن أقتل قبل ذلك. وجاء: طلب أبو طالب من ولده ومواليه أن يقفوا صباحا في المسجد، فإن أصبح ولم ير للنبي (صلى الله عليه وآله) خبرا أو سمع فيه سوءا أومأ إليهم بقتل القوم، ففعلوا ذلك. فلما أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) استبشر ثم قال لولده ومواليه: أخرجوا أيديكم من تحت ثيابكم، فلما رأت قريش ذلك انزعجت. ورجعت إلى أبي طالب بالعتب والاستعطاف فلم يحفل بهم (1).
(هامش)
(1) طبقات ابن سعد 1 / 186، الحجة على الذاهب ص 61. (*)
فاعتذروا إليه وقالوا: أنت سيدنا وأفضلنا في أنفسنا (1). قال المؤرخون: وكان أبو طالب في طول مدتهم في الشعب يأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيأتي فراشه كل ليلة حتى يراه من أراد به شرا أو غائلة، فإذا نام الناس أمر أحد بنيه أو أخوته أو بني عمه فاضطجع على فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يأتي بعض فرشهم فيرقد عليها، فلم يزالوا في ذلك إلى تمام ثلاث سنين (2). وقال أبو طالب: ألم تعلموا أن ابننا لا مكذب * لدينا ولم يعبأ بقول الأباطيل وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * شمال اليتامى عصمة للأرامل وقال (صلى الله عليه وآله) عند وفاة أبي طالب: وصلتك رحم وجزيت خيرا فلقد ربيت وكفلت صغيرا وآزرت ونصرت كبيرا، ثم أقبل على الناس فقال: أما والله لاشفعن لعمي شفاعة يعجب منها أهل الثقلين (3). وقال (صلى الله عليه وآله): عندما سئل عن أبي طالب: أرجو له كل خير من ربي (4). وهكذا بقي أبو طالب محافظا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومدافعا عنه حتى
(هامش)
(1) أنساب الأشراف، البلاذري 2 / 31. (2) عيون الأثر، ابن سيد الناس 1 / 166، السيرة النبوية، ابن كثير 2 / 44. (3) الحجة على الذاهب ص 67، الدرجات الرفيعة ص 61. (4) شرح نهج البلاغة 3 / 311، الدرجات الرفيعة ص 49، أسنى المطالب ص 24. (*)
لحق بربه بعد خروجهم من الشعب وقد مات أبو طالب مسلما مجاهدا في سبيل الله، مضحيا بحياة أفراد قبيلته في سبيل الإبقاء على حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله).
محاولة قتل النبي (صلى الله عليه وآله) في مكة
ومن ضمن المحاولات الرامية لقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مكة كانت محاولة عمر بن الخطاب إذ جاء: عن أنس بن مالك جاء بأن عمر خرج متقلد السيف فلقيه رجل من بني زهرة، فقال: أين تعمد يا عمر؟ فقال: أريد أن أقتل محمدا. قال: وكيف تأمن في بني هاشم، وبني زهرة، وقد قتلت محمدا؟ قال: فقال عمر: ما أراك إلا صبوت وتركت دينك الذي أنت عليه. قال: أفلا أدلك على العجب يا عمر؟ إن ختنك (1) وأختك قد صبوا وتركوا دينك الذي أنت عليه. وعن ابن عباس: قال عمر: فأتيت الدار (دار أرقم بن أبي الأرقم) وحمزة وأصحابه جلوس في الدار، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) في البيت، فضربت الباب، فاستجمع القوم، فقال لهم حمزة: ما لكم؟ قالوا: عمر بن الخطاب.
(هامش)
(1) زوج أخته. (*)
قال: وعمر بن الخطاب؟ افتحوا له الباب، فإن أقبل قبلنا منه، وإن أدبر قتلناه. قال: فسمع ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: ما لكم؟ قالوا: عمر بن الخطاب. فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخذ بمجامع ثيابه، ثم نتره نترة، فما تمالك أن وقع على ركبتيه في الأرض. فقال: ما أنت بمنته يا عمر؟ قلت: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (1). أي أن عمر خرج متقلد السيف وقائلا: أريد أن أقتل محمدا، وبعد ضربه لأخته لم ينزع سيفه، بل ذهب إلى رسول الله بسيفه ليقتله إذ جاء: حتى أتى (صلى الله عليه وآله) عمر فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف، فقال: أما أنت منته يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة (2). وواضح من النص أن النبي (صلى الله عليه وآله) وحمزة كانا متيقنين من قدوم عمر للاغتيال، إذ جاء متقلدا سيفه. وذكر ابن إسحاق: وقد بلغ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن عمر يطلبه ليقتله (3). وكان عمر كثير الأذى لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في مكة لذا قال النبي (صلى الله عليه وآله) له: يا
(هامش)
(1) مختصر تاريخ دمشق، ابن عساكر 18 / 269 طبع دار الفكر، سيرة ابن إسحاق 2 / 181 طبع دار الفكر. (2) الطبقات، ابن سعد 3 / 268، 269، طبع دار صادر - بيروت، صفوة الصفوة، ابن الجوزي 1 / 269. (3) سيرة ابن إسحاق ص 183 طبع دار الفكر. (*)
عمر ما تتركني ليلا ولا نهارا (1). وقال له أيضا: ما أنت بمنته يا عمر (2). ولكن من بعث عمر لاغتيال رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ ذكر محمد بن إسحاق أن قريشا بعثت عمر بن الخطاب لقتل النبي محمد (صلى الله عليه وآله) فتقلد سيفه (3). وقال ابن عساكر: ولقد حاول عمر بن الخطاب في مكة أيام الجاهلية قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأمر قريش، لكنه فشل في ذلك (4).
محاولة ممثلي قبائل قريش اغتيال النبي (صلى الله عليه وآله) في مكة
وبعد محاولة عمر الفاشلة استمرت قريش في خططها لاغتيال النبي (صلى الله عليه وآله) فجاء: وأجمعت قريش على قتل رسول الله، وقالوا: ليس له اليوم أحد ينصره، وقد مات أبو طالب، فأجمعوا جميعا على أن يأتوا من كل قبيلة بغلام نهد فيجتمعوا عليه فيضربوه بأسيافهم ضربة رجل واحد، فلا يكون لبني
(هامش)
(1) حلية الأولياء 1 / 40. (2) حلية الأولياء 1 / 40. (3) سيرة ابن إسحاق ص 160، طبع دار الفكر. (4) مختصر تاريخ دمشق، ابن عساكر 18 / 269، طبع دار الفكر، الطبقات، ابن سعد 3 / 191، صفوة الصفوة، ابن الجوزي 1 / 269. (*)
هاشم قوة بمعاداة جميع قريش، فلما بلغ رسول الله أنهم أجمعوا على أن يأتوه في الليلة التي أتحدوا فيها، خرج رسول الله لما اختلط الظلام ومعه أبو بكر، وإن الله عز وجل، أوحى في تلك الليلة إلى جبريل وميكائيل أني قضيت على أحدكما بالموت فأيكما يواسي صاحبه؟ فاختار الحياة كلاهما. فأوحى الله إليهما: هلا كنتما كعلي بن أبي طالب، آخيت بينه وبين محمد، وجعلت عمر أحدهما أكثر من الآخر، فاختار علي الموت وآثر محمدا بالبقاء وقام في مضجعه، اهبطا فاحفظاه من عدوه. فهبط جبريل وميكائيل فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه يحرسانه من عدوه ويصرفان عنه الحجارة، وجبريل يقول: بخ بخ لك يا بن أبي طالب من مثلك يباهي الله بك ملائكة سبع سماوات! وخلف عليا لرد الودائع التي كانت عنده وصار إلى الغار فكمن فيه وأتت قريش فراشه فوجدوا عليا فقالوا: أين ابن عمك؟ قال: قلتم له أخرج عنا، فخرج عنكم. فطلبوا الأثر فلم يقعوا عليه، وأعمى الله عليهم المواضع فوقفوا على باب الغار وقد عششت عليه حمامة. فقالوا: ما في هذا الغار أحد، وانصرفوا. وخرج رسول الله متوجها إلى المدينة، ومر بأم معبد الخزاعية فنزل عندها. ثم نفذ لوجهه حتى قدم المدينة، وكان جميع مقامه بمكة حتى خرج منها إلى المدينة ثلاث عشرة سنة من مبعثه. وروى بعضهم أنه قال: ما علمت
قريش أين توجه رسول الله حتى سمعوا هاتفا من بعض جبال مكة يقول: فإن يسلم السعدان يصبح محمد * بمكة لا يخشى خلاف المخالف وقال أبو سفيان: من السعود سعد هذيم وسعد تميم وسعد بكر، فسمعوا قائلا يقول: فيا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرا * ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف أنيبا إلى داعي الهدى وتمنيا * على الله في الفردوس منية عارف فعلمت قريش أنه قد مضى إلى يثرب. واتبعه سراقة بن جشعم المدلجي لما صار إلى ماء بني مدلج. فلما لحقه قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اللهم اكفنا سراقة. فساخت قوائم فرسه، فصاح: يا بن أبي قحافة، قل لصاحبك أن يدعو الله بإطلاق فرسي، فلعمري لئن لم يصبه مني خير لا يصبه مني شر. فلما رجع إلى مكة خبرهم الخبر فكذبوه، وكان أشدهم له تكذيبا أبو جهل، فقال سراقة: أبا حكم والله لو كنت شاهدا * لأمر جوادي حيث ساخت قوائمه علمت ولم تشكك بأن محمدا * رسول وبرهان فمن ذا يكاتمه (1) ولم تقف قريش عن التخطيط لمحاولات أخرى لقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله)،
(هامش)
(1) تاريخ اليعقوبي 2 / 40 طبعة لندن، أسد الغابة، ابن الأثير 4 / 19، تاريخ ابن خلدون 3 / 15. (*)
وواصلت البحث عن أطروحات جديدة لاغتيال نبي البشرية (صلى الله عليه وآله)، لأنها لا تتمكن من مواجهة رسالته الخالدة بأساليبها العقيمة. ومن عادة رجال الجهل والانحراف والظلم على طول التاريخ التوسل بوسائل القهر لتنفيذ أهدافها وتحقيق مآربها. ووسيلة الاغتيال أسهل طريقة ظالمة لوصول المجرمين إلى غاياتهم، وأسرع طريقة للقضاء على صوت الحق والعدالة. فكان مشروع قريش للقضاء على حياة الرسول (صلى الله عليه وآله) مشابه لمشروع اليهود في القضاء على حياة عيسى (عليه السلام)، وهو ذات المشروع الغادر ليهود جزيرة العرب.
محاولة اغتيال النبي (صلى الله عليه وآله) في المدينة
محاولة أبي سفيان اغتيال النبي (صلى الله عليه وآله)
وكان أبو سفيان على رأس الرجال الظلمة الكفرة الساعين لاطفاء نور الإسلام قبل فتح مكة وبعده ولكن وسائله وطرقه لقتل الناس وإشاعة الكفر قد تغيرت بعد إعلانه الإسلام، إذا أصبح متوسلا بالسرية والكتمان بعد أن كان متوسلا بالصراحة والإعلان. ومحاولته قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو في مكة، واغتياله وهو في المدينة يؤيد ضلوع أبي سفيان في المحاولات اللاحقة لقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في العقبة والمدينة، وضلوعه في عملية اغتيال أبي بكر لصالح عثمان.
وفعلا نجح المشروع الأموي في اغتيال أبي بكر وإيصال عثمان بن عفان إلى الخلافة على حساب أبي عبيدة بن الجراح المرشح لها بعد خلافة عمر بن الخطاب (1). ذكر البيهقي: كان أبو سفيان بن حرب قد قال لنفر من قريش بمكة: ما أحد يغتال محمدا، فإنه يمشي في الأسواق فندرك ثأرنا، فأتاه رجل من العرب فدخل عليه منزله، وقال له: إن أنت قويتني (2) خرجت إليه حتى اغتاله، فإني هاد بالطريق خريت، ومعي خنجر مثل خافية النسر. قال: أنت صاحبنا، فأعطاه بعيرا ونفقة، وقال: اطو أمرك، فإني لا آمن أن يسمع هذا أحد فينمه إلى محمد. قال الأعرابي: لا يعلم به أحد. فخرج ليلا على راحلته فسار خمسا وصبح ظهر الحرة، صبح (3) سادسة، ثم أقبل يسأل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى أتى المصلى، فقال له قائل: قد توجه إلى بني عبد الأشهل، فخرج يقود راحلته حتى انتهى إلى بني عبد الأشهل، فعقل راحلته، ثم أقبل يؤم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فوجده في جماعة من أصحابه يحدث في مسجدهم. فدخل، فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لأصحابه: إن هذا الرجل يريد غدرا، والله حائل بينه وبين ما يريد.
(هامش)
(1) راجع كتاب اغتيال الخليفة أبي بكر والسيدة عائشة، للمؤلف. (2) في البداية والنهاية لابن كثير إن وفيتني . (3) في البداية والنهاية يوم سادسه. (*)
فوقف، فقال: أيكم ابن عبد المطلب؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا ابن عبد المطلب، فذهب ينحني على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كأنه يساره، فجبذه أسيد بن الحضير، وقال له: تنح عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وجبذ بداخلة إزاره، فإذا الخنجر. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هذا غادر، وسقط في يدي الأعرابي، وقال: دمي دمي يا محمد، وأخذ أسيد يلبب. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) أصدقني: ما أنت؟ وما أقدمك؟ فإن صدقتني نفعك الصدق، وإن كذبتني فقد أطلعت على ما هممت به. قال الأعرابي: فأنا آمن؟ قال: فأنت آمن. فأخبره بخبر أبي سفيان وما جعل له. فأمر به فحبس عند أسيد، ثم دعا به من الغد فقال: قد أمنتك فاذهب حيث شئت، أو خير لك من ذلك. قال: وما هو؟ قال (صلى الله عليه وآله): أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله. قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، والله يا محمد ما كنت أفرق الرجال، فما هو إلا أن رأيتك فذهب عقلي، وضعفت نفسي، ثم اطلعت على ما هممت به مما سبقت به الركبان، ولم يعلمه أحد، فعرفت أنك ممنوع، وأنك على حق، وأن حزب أبي سفيان حزب الشيطان، فجعل النبي (صلى الله عليه وآله) يتبسم. ثم أقام أياما ثم استأذن النبي (صلى الله عليه وآله) فخرج من عنده فلم يسمع له بذكر. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعمرو بن أمية الضمري ولسلمة بن أسلم بن
حريش: أخرجا حتى تأتيا أبا سفيان بن حرب، فإن أصبتما منه غرة فاقتلاه، قال عمرو: فخرجنا أنا وصاحبي حتى أتينا بطن (يأجج) (1). فقيدنا بعيرنا، فقال لي صاحبي: يا عمرو هل لك في أن نأتي مكة ونطوف بالبيت سبعا، ونصلي ركعتين؟ فقلت: إني أعرف بمكة من الفرس الأبلق، وأنهم إن رأوني عرفوني، وأنا أعرف أهل مكة أنهم إذا أمسوا انفجعوا بأفنيتهم، فأبى أن يطيعني، فأتينا مكة فطفنا سبعا، وصلينا ركعتين، فلما خرجت لقيني معاوية بن أبي سفيان فعرفني وقال: عمرو بن أمية (وا حزناه) (2) فأخبر أباه فنيد بنا أهل مكة. فقالوا: ما جاء عمرو في خير - وكان عمرو رجلا فاتكا في الجاهلية - فحشد أهل مكة وتجمعوا، وهرب عمرو وسلمة. وخرجوا في طلبهما، واشتدوا في الجبل قال عمرو: فدخلت غارا، فتغيبت عنهم، حتى أصبحت، وباتوا يطلبون في الجبل، وعمى الله (سبحانه) عليهم طريق المدينة أن يهتدوا لراحلتنا. فلما كان الغد ضحوة أقبل عثمان بن مالك بن عبيد الله التيمي يختلي لفرسه حشيشا، فقلت لسلمة بن أسلم: إن أبصرنا أشعر بنا أهل مكة، وقد أقصروا عنا، فلم يزل يدنو من باب الغار حتى أشرف علينا وخرجت فطعنته طعنة تحت الثدي، فسقط وصاح، وأسمع أهل مكة فأقبلوا بعد تفرقهم، ودخلت الغار فقلت لصاحبي: لا تحرك وأقبلوا حتى أتوا عثمان بن مالك،
(هامش)
(1) الزيادة من البداية والنهاية. (2) الزيادة من البداية والنهاية. (*)
فقالوا: من قتلك؟ قال: عمرو بن أمية، قال أبو سفيان: قد علمنا أنه لم يأت بعمرو خير، ولم يستطع أن يخبرهم بمكاننا، كان بآخر رمق ومات، وشغلوا عن طلبنا بصاحبهم يحملونه (1).
محاولة صفوان بن أمية اغتيال النبي (صلى الله عليه وآله)
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن أهل البيت: لا يحبهم إلا سعيد الجد طيب المولد، ولا يبغضهم إلا شقي الجد ردئ الولادة (2). وهذا القول الإلهي يصدق فيمن حاول اغتيال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته. واستمرت مؤامرات قريش ضد خاتم الأنبياء كما كان عليه الحال في مكة وكما كان الحال قبل حرب بدر، واشترك في تلك المؤامرات طغاة قريش جميعا. وقال ابن إسحاق: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير. قال: جلس عمير بن وهب الجمحي مع صفوان بن أمية بعد مصاب أهل بدر من قريش في الحجر بيسير. وكان عمير بن وهب شيطانا من شياطين قريش، وممن كان يؤذي
(هامش)
(1) دلائل النبوة، البيهقي 3 / 333 - 337 طبع دار الكتب العلمية، بيروت، تاريخ الطبري 2 / 217، طبع مؤسسة الأعلمي - بيروت، البداية والنهاية 4 / 79 - 81، طبع مؤسسة التاريخ العربي - بيروت. (2) مقتل الحسين 2 / 16. (*)
رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأصحابه، ويلقون منه عناء وهو بمكة، وكان ابنه وهب بن عمير في أسارى بدر. قال ابن هشام: أسره رفاعة بن رافع أحد بني زريق. فذكر (عمير) أصحاب القليب ومصابهم. فقال صفوان (1): والله لا خير في العيش بعدهم. قال له عمير: صدقت والله، أما والله لولا دين علي ليس له عندي قضاء، وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي، لركبت إلى محمد حتى أقتله، فإن لي قبلهم علة، ابني أسير في أيديهم. قال: فاغتنمها صفوان وقال: علي دينك، أنا أقضيه عنك، وعيالك مع عيالي أواسيهم ما بقوا، لا يسعني شيء ويعجز عنهم. فقال له عمير: فاكتم (عني) شأني وشأنك، قال: أفعل. قال: ثم أمر عمير بسيفه، فشحذ له وسم، ثم انطلق حتى قدم المدينة. فدنا (من النبي (صلى الله عليه وآله)) ثم قال: أنعموا صباحا، وكانت تحية أهل الجاهلية بينهم. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير، بالسلام تحية أهل الجنة. فقال: أما والله يا محمد إن كنت بها لحديث عهد.
(هامش)
(1) كان صفوان بن أمية من أعمدة الكفر في مكة وهو نظير أبي سفيان. (*)
قال (صلى الله عليه وآله): فما جاء بك يا عمير؟ قال: جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه. قال (صلى الله عليه وآله): فما بال السيف في عنقك؟ قال: قبحها الله من سيوف! وهل اغنت عنا شيئا! قال (صلى الله عليه وآله): أصدقني، ما الذي جئت له؟ قال: ما جئت إلا لذلك. قال (صلى الله عليه وآله): بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر، فذكرتما أصحاب القليب من قريش، ثم قلت: لولا دين علي وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمدا، فتحمل لك صفوان بدينك وعيالك، على أن تقتلني له، والله حائل بينك وبين ذلك. قال عمير: أشهد أنك رسول الله، قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء، وما ينزل عليك من الوحي، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان، فوالله إني لا أعلم ما أتاك به إلا الله، فالحمد لله الذي هداني للإسلام، وساقني هذا المساق، ثم شهد شهادة الحق. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فقهوا أخاكم في دينه، وأقرئوه القرآن، وأطلقوا له أسيره، ففعلوا. ثم قال: يا رسول الله، إني كنت جاهدا على إطفاء نور الله، شديد الأذى لمن كان على دين الله عز وجل، وأنا أحب أن تأذن، فأقدم مكة، فأدعوهم إلى الله تعالى، وإلى رسوله (صلى الله عليه وآله)، وإلى الإسلام، لعل الله يهديهم، وإلا آذيتهم في دينهم كما كنت أوذي أصحابك في دينهم.
قال: فأذن له رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلحق بمكة. وكان صفوان بن أمية - حين خرج عمير بن وهب - يقول: أبشروا بوقعة تأتيكم الآن في أيام، تنسيكم وقعة بدر، وكان صفوان يسأل عنه الركبان، حتى قدم راكب فأخبره عن إسلامه، فحلف أن لا يكلمه أبدا، ولا ينفعه بنفع أبدا. قال ابن إسحاق: فلما قدم عمير مكة، أقام بها يدعو إلى الإسلام، ويؤذي من خالفه أذى شديدا، فأسلم على يديه ناس كثير. قال ابن إسحاق: وعمير بن وهب، أو الحارث بن هشام، قد ذكر لي أحدهما، الذي رأى إبليس حين نكص على عقبيه يوم بدر، فقال: أين أي سراق؟ ومثل عدو الله فذهب، فأنزل الله تعالى فيه: { وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال: لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم } (1) فذكر استدراج إبليس إياهم، وتشبهه بسراقة بن مالك (2). وبقي صفوان بن أمية محاربا لله ولرسوله إلى أن أسلم كرها في فتح مكة مثل أبي سفيان ومعاوية وحكيم بن حزام وغيرهم. وقد سعى الأمويون إلى إضفاء الفضائل على قادة الحزب القرشي الكفرة وتفضيلهم على المسلمين المهاجرين فذكروا روايات عديدة في فضائلهم لا أساس لها من الصحة، وقد قال تعالى: { إن الله لا يهدي القوم
(هامش)
(1) الأنفال: 48. (2) سيرة ابن هشام 2 / 316 - 319، مطبعة الحلبي، التبيان في تفسير القرآن، الطوسي 3 / 463، حلية الأبرار، البحراني 1 / 113. (*)
الظالمين } (1). وهؤلاء أقدموا بعد إسلامهم على جر المسلمين إلى الهزيمة في معركة حنين! (2) محاولة أخرى لقتل النبي (صلى الله عليه وآله) جاء في القرآن الكريم: { وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما } (3). قال أبو بكر الأصم في سبب النزول: إن قوما اصطلحوا على كيد في حق الرسول (صلى الله عليه وآله)، ثم دخلوا عليه لأجل ذلك الغرض، فأتاه جبريل (عليه السلام) فأخبره به. فقال (صلى الله عليه وآله): إن قوما دخلوا يريدون أمرا لا ينالونه فليقوموا وليستغفروا الله حتى أستغفر لهم، فلم يقوموا. فقال (صلى الله عليه وآله): ألا تقومون، فلم يفعلوا. فقال (صلى الله عليه وآله): قم يا فلان، قم يا فلان حتى عد اثني عشر رجلا منهم. فقاموا وقالوا: كنا عزمنا على ما قلت، ونحن نتوب إلى الله من ظلمنا
(هامش)
(1) الأنعام: 144. (2) تاريخ اليعقوبي 2 / 62 ط. ليدن. (3) النساء: 64. (*)
أنفسنا فاستغفر لنا. فقال: الآن أخرجوا أنا كنت في بدء الأمر أقرب إلى الاستغفار: وكان الله أقرب إلى الإجابة، أخرجوا عني (1). الواضح من هذا النص أن الذين اشتركوا في محاولة قتل النبي (صلى الله عليه وآله) هنا من أعمدة الحزب القرشي، بحيث أبدل الراوي أو الناشر اسمهم إلى فلان وفلان. بدل اسم أبي بكر وعمر وعثمان. وهذه المجموعة قد كررت محاولاتها لقتل الرسول (صلى الله عليه وآله). محاولة شيبة بن عثمان اغتيال النبي (صلى الله عليه وآله) وفي معركة حنين أراد البعض من الطلقاء اغتيال النبي (صلى الله عليه وآله) فلم يفلحوا منهم شيبة بن عثمان بن أبي طلحة أخو بني عبد الدار، وكان أبوه قد قتله علي (عليه السلام) في معركة أحد (2). فقد كاد كفار قريش الإسلام مرة أخرى رغم إعلانهم الإسلام إذ قال اليعقوبي: وأبدى بعض قريش ما كان في نفسه. فقال أبو سفيان: لا تنتهي والله هزيمتهم دون البحر، وقال كلدة بن حنبل: اليوم بطل السحر، وقال شيبة بن عثمان: اليوم أقتل محمدا.
(هامش)
(1) تفسير الفخر الرازي 4 / 126، طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت. (2) تاريخ الخميس 2 / 103، 104، تهذيب الكمال، المزي 12 / 604، طبقات ابن سعد 5 / 448. (*)
فأراد رسول الله أن يقتله فأخذ الحربة منه فأشعرها فؤاده. فقال رسول الله للعباس: صح يا للأنصار، وصح يا أهل بيعة الرضوان، صح يا أصحاب سورة البقرة، يا أصحاب السمرة. ثم انفض الناس وفتح الله على نبيه وأيده بجنود من الملائكة، ومضى علي بن أبي طالب إلى صاحب راية هوازن فقتله، وكانت الهزيمة (1). والظاهر هنا أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد أخذ الراية من شيبة بن عثمان بالقوة وأن شيبة قد هجم عليه بالفعل، فاضطر النبي (صلى الله عليه وآله) إلى أخذها منه ثم خط بها قلبه. محاولة اليهود قتل الرسول (صلى الله عليه وآله) في الشام قال بحيرى لأبي طالب: أرجع بابن أخيك إلى بلده، واحذر عليه اليهود، فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبيغنه شرا، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم فأسرع به إلى بلاده. فخرج به عمه أبو طالب سريعا حتى أقدمه مكة حين فرغ من تجارته بالشام فزعموا فيما روى الناس. أن زريرا وتماما ودريسا، وهم نفر من أهل الكتاب قد كانوا رأوا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) مثلما رآه بحيرى في ذلك السفر الذي كان فيه مع عمه أبي طالب. فأرادوه فردهم عنه بحيرى وذكرهم الله وما يجدون في الكتاب من ذكره وصفته، وأنهم إن أجمعوا لما أرادوا به لم يخلصوا إليه.
(هامش)
(1) تاريخ اليعقوبي 2 / 62، 63، طبعة ليدن. (*)
ولم يزل بهم حتى عرفوا ما قال لهم، وصدقوه بما قال فتركوه وانصرفوا عنه (1). ينبهر الإنسان ويندهش عند سماعه بهذه المحاولات المختلفة والكثيرة لقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله). أريد حياته ويريد قتلي * عذيرك من خليلك مراد وقال النبي (صلى الله عليه وآله): ما خلا يهودي بمسلم قط إلا هم بقتله (2). واهتم اليهود بعمليات الاغتيال اهتماما بالغا إلى درجة اتهامهم النبي موسى (عليه السلام) بقتل هارون بالسم (3). وإليك بعض هذه المحاولات:


يتبع












عرض البوم صور الشيخ عباس محمد   رد مع اقتباس
قديم 06-05-2016, 09:31 PM   المشاركة رقم: 2
معلومات العضو
الشيخ عباس محمد

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
الشيخ عباس محمد غير متواجد حالياً

كاتب الموضوع : الشيخ عباس محمد المنتدى : منتدى النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)
افتراضي

محاولة يهود بني النضير قتل النبي (صلى الله عليه وآله)
عند وصول النبي محمد (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة، حاولت طوائف اليهود المختلفة اغتياله، فخطط يهود بني النضير لإلقاء صخرة عليه أثناء زيارته لهم، فأخبره الله تعالى بذلك قبل الجريمة في السنة الرابعة للهجرة (4)، إذ جاء: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى بني النضير يستعينهم في الدية، قالوا: نعم يا أبا
(هامش)
(1) سيرة ابن هشام 1 / 194 طبعة الحلبي - مصر. (2) البيان والتبيين، الجاحظ ص 231. (3) السيرة الحلبية 2 / 187، 3 / 122. (4) دلائل النبوة، البيهقي 3 / 354، طبعة دار الكتب العلمية، سنن البخاري، كتاب المغازي، باب حديث بني النضير، فتح الباري 7 / 329، وأخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب إجلاء اليهود من الحجاز ص 1387 - 1388، ح 62. (*)
القاسم نعينك على ما أحببت، ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا: إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى جانب جدار من بيوتهم قاعد. فقالوا: من رجل يعلو هذا البيت فيلقي عليه صخرة فيقتله بها فيريحنا منه، فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب فقال: أنا لذلك، فصعد ليلقي عليه صخرة كما قال ورسول الله (صلى الله عليه وآله) في نفر من أصحابه (فيهم): أبو بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم. فأتاه الخبر من السماء بما أراد القوم، فقام وقال لأصحابه: لا تبرحوا، فخرج راجعا إلى المدينة. فلما استبطأ النبي (صلى الله عليه وآله) أصحابه قاموا في طلبه، فلقوا رجلا مقبلا من المدينة فسألوه عنه فقال: رأيته داخلا المدينة. فأقبل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى انتهوا إليه فأخبرهم الخبر بما أرادت يهود من الغدر، وأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بحربهم والسير إليهم، فسار بالناس حتى نزل بهم فتحصنوا منه في الحصون. وعن ابن عباس: كان النبي (صلى الله عليه وآله) قد حاصرهم حتى بلغ منهم كل مبلغ، فأعطوه ما أراد منهم فصالحهم على أن يحقن لهم دماءهم وأن يخرجهم من أرضيهم وأوطانهم، وأن يسيرهم إلى أذرعات الشام (1). وأنا استبعد أمر الرسول (صلى الله عليه وآله) بذلك وخروجهم إلى أذرعات لأنها كانت
(هامش)
(1) دلائل النبوة، البيهقي 3 / 354 - 359، طبعة دار الكتب العلمية - بيروت، تاريخ الطبري 2 / 223، 224 طبعة الأعلمي - بيروت. (*)
بيد الروم المعارضين لتواجد اليهود في الشام (1). وقد بدأت هجرة اليهود إلى الشام في زمن عمر بعد إسلام كعب الأحبار وطلبه ذلك (2).
محاولة يهود خيبر قتل النبي (صلى الله عليه وآله)
واستمر اليهود في محاولاتهم لقتل الرسول (صلى الله عليه وآله) إذ جاء: وفي السنة السابعة وبعد معركة خيبر أهدت زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم (3) للنبي (صلى الله عليه وآله) شاة مصلية وكانت قد سألت أي عضو من الشاة أحب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقيل لها الذراع فأكثرت فيها السم، وسمت سائر الشاة ثم جاءت بها، فلما وضعتها بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) تناول الذراع فأخذها فلاك منها مضغة فلم يسغها، ومعه بشر بن البراء بن معرور، وقد أخذ منها كما أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأما بشر فأساغها، وأما رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلفظها ثم قال: إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم (4)، ثم دعا بها فاعترفت... فمات بشر بن البراء من أكلته التي أكل في ذلك الزمن. أي أن بشر أكل السم. ولم يأكل رسول الله (صلى الله عليه وآله) من ذلك السم شيئا.
(هامش)
(1) راجع كتاب نظريات الخليفتين 2 / 383 - 400 للمؤلف. (2) راجع كتاب نظريات الخليفتين، المؤلف 2 / 387. (3) وكانت زينب بنت الحارث (أخي مرحب) قد عمدت إلى سم لا يطني، وقد شاورت يهود في سموم، فأجمعوا لها على هذا السم بعينه فسمت الشاة * الطبقات 2 / 201، 202. والمتخصص بالسموم كان لبيد بن الأعصم اليهودي، فهو أعلمهم بالسحر وبالسموم * الطبقات 2 / 197. (4) تاريخ الطبري 2 / 303، طبعة الأعلمي - بيروت. (*)
وقال البيهقي عن أبي هريرة: لما فتحت خيبر أهديت لرسول الله (صلى الله عليه وآله) شاة فيها سم. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أجمعوا من كان ها هنا من اليهود، فجمعوا له. فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني سائلكم عن شيء أنتم صادقي عنه؟ قالوا: نعم. يا أبا القاسم. فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أبوكم؟ قالوا: أبونا فلان، قال: كذبتم بل أبوكم فلان. قالوا: صدقت وبرزت. قال لهم: هل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه قالوا: نعم يا أبا القاسم وإن كذبناك عرفت كذبنا كما عرفته في آبائنا. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أهل النار؟ فقالوا نكون فيها يسيرا ثم تخلفوننا فيها. فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) اخسئوا فيها أبدا. ثم قال: هل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه؟ قالوا: نعم. قال: أجعلتم في هذه الشاة سما؟ قالوا: نعم. قال: فما حملكم على ذلك؟ قالوا: أردنا إن كنت كاذبا أن نستريح منك، وإن كنت نبيا لم يضرك .
ولفظ حديث شعيب رواه البخاري في الصحيح عن قتيبة وغيره (1).
(هامش)
(1) فتح الباري (7: 497) مختصرا لما فتحت خيبر أهديت لرسول الله (صلى الله عليه وآله) شاة فيها سم كما أخرجه البخاري مطولا في: 58 - كتاب الجزية (7) باب إذا غدر المشركون بالمسلمين هل يعفى عنهم، فتح الباري (6: 272)، من حديث أبي هريرة (رضي الله عنه). قال البدر العيني: قوله أهديت للنبي (صلى الله عليه وآله) شاة وكان الذي أتى بها امرأة يهودية صرح بذلك في صحيح مسلم وقال النووي في شرح مسلم وهذه المرأة اليهودية الفاعلة للسم، اسمها زينب بنت الحارث أخت مرحب اليهودي قلت كذا رواه الواقدي عن الزهري، وأنه (صلى الله عليه وآله) قال لها ما حملك على هذا؟ قالت: قتلت أبي وعمي وزوجي وأخي، قال محمد: فسألت إبراهيم بن جعفر عن هذا فقال أبوها الحارث وعمها بشار وكان أجبن الناس وهو الذي أنزل من الرف وأخوها زبير وزوجها سلام بن مشكم. قال القاضي عياض: واختلفت الآثار والعلماء هل قتلها النبي (صلى الله عليه وآله) أم لا فوقع في مسلم أنهم قالوا ألا نقتلها؟ قال لا ومثله عن أبي هريرة وجابر وعن جابر من رواية أبي سلمة أنه (صلى الله عليه وآله) قتلها وفي رواية ابن عباس أنه (صلى الله عليه وآله) دفعها إلى أولياء بشر بن البراء بن معرور وكان أكل منها فمات بها فقتلوها وفي لفظ قتلها وصلتها وفي جامع معمر عن الزهري لما أسلمت تركها قال معمر كذا قال الزهري أسلمت والناس يقولون قتلها وأنها لم تسلم وقال السهيلي قيل إنه صفح عنها قال القاضي وجه الجمع بين هذه الروايات والأقاويل أنه لم يقتلها إلا حين اطلع على سحرها وقيل له اقتلها؟ فقال: لا فلما مات بشر بن البراء من ذلك سلمها لأوليائه فقتلوها قصاصا فصح قولهم لم يقتلها أي في الحال ويصح قولهم قتلها أي بعد ذلك والله أعلم وفيه أن الإمام مالكا احتج به على أن القتل بالسم كالقتل بالسلاح الذي يوجب القصاص وقال الكوفيون لا قصاص فيه وفيه الدية العاقلة قالوا ولو دسه في طعام وشراب لم يكن عليه شيء ولا على عاقلته وقال الشافعي: قولان في وجوب القود أصحهما لا. قال الدكتور قلعجي: وفي المجلة العربية السنة الثالثة العدد الثالث كشف رئيس تحرير المجلة العربية الغراء الأستاذ الدكتور منير العجلاني عن مخطوطة أرمنية قديمة تثبت أن تسميم النبي كان بقرار من رؤوساء اليهود. ظفر رئيس تحرير هذه المجلة - خلال مطالعته في دار الكتب الوطنية في باريس - بوثيقة - أرمنية، مخطوطة، قديمة جدا، تتحدث في ظهور النبي محمد (صلى الله عليه وآله) في جزيرة العرب، وما وقع من أحداث في عهده وأكثر ما جاء فيها يشبه الأساطير، ولا يعتد به ولكننا وجدنا في مطلع هذه الوثيقة - التي قام بترجمتها إلى الفرنسية مسيو ماكلر - إشارة إلى حادثة تسميم النبي، وهي من تدبير رؤوساء اليهود في المدينة وبقرار منهم! وليس ذلك بمستغرب منهم، فقد تآمروا على قتل الرسول وقتاله غير مرة. ترجمة مطلع الوثيقة: (يقال إن الأمة اليهودية تحسد أمة النصارى، ولما جاء محمد وعظم أمره اجتمع رؤساء اليهود وقالوا في أنفسهم. لنضمه إلينا، بأن نزوده بأحكام ديننا فينشرها بين الناس وبذلك نتغلب على النصارى وأناجيلهم. ولكن المسلمين الذين انتصروا على أعدائهم وفتحوا الفتوحات العظيمة لم يكترثوا لليهود ولم يقيموا لهم وزنا، بل اضطروا أحيانا إلى قتالهم! فعاد رؤوساء اليهود إلى الاجتماع والتفكير في أسلوب يتخلصون به من محمد... فاختاروا من نسائهم فتاة جميلة، وقالوا لها: يجب عليك أن تدعي محمدا إلى وليمة وتقتليه! ففعلت المرأة ما أمرها الرؤساء به). هذه الوثيقة تلقي أضواء جديدة على حادثة تسميم النبي فقد كان يظن أنها من صنع امرأة حمقاء أو مهووسة، فإذا هي بأمر من الرؤساء. ومن يدري... فقد يكون مقتل عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) صنع متآمرين لا صنع رجل واحد أيضا. (*)
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا [أبو] (1) العباس: محمد بن يعقوب، قال: حدثنا العباس بن محمد، قال: حدثنا سعيد بن سليمان، قال: حدثنا عباد هو ابن العوام، عن سفيان يعني ابن حسين، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة أن امرأة من اليهود أهدت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) شاة مسمومة، فقال لأصحابه: أمسكوا فإنها مسمومة، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قالت: أردت أن أعلم إن كنت نبيا فسيطلعك الله عليه، وإن كنت كاذبا أريح الناس منك، قال: فما عرض لها
(هامش)
(1) سقطت من (أ). (*)
رسول الله (صلى الله عليه وآله) (1). وحدثنا الإمام أبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان - رحمه الله -، قال: أخبرنا أبو حامد أحمد بن الحسين الهمداني، قال: حدثنا محمد بن رزام المروزي، قال: حدثنا خلف بن عبد العزيز، قال: أخبرني أبي عبد العزيز بن عثمان، عن جدي: عثمان بن أبي جبلة، قال: كما أخبرني عبد الملك بن أبي نضرة، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، أن يهودية أهدت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) إما شاة مسمومة، وإما برقا مسموطا مسموما، فلما قربته إليه وبسط القوم أيديهم، قال: أمسكوا، فإن عضوا من أعضائها يخبرني أنها مسمومة فدعا صاحبتها، فقال: أسممت هذا؟ قالت: نعم، قال: ما حملك عليه؟ قالت: أحببت إن كنت كاذبا أن أريح الناس منك، وإن كنت رسولا أنك ستطلع عليه، فلم يعاقبها (2). هذه الروايات تثبت أن الرسول (صلى الله عليه وآله) لم يأكل من ذلك الطعام المسموم، وكان الحادث في سنة 7 هجرية، والرسول (صلى الله عليه وآله) قتل في سنة 11 هجرية، إذن لم يمت الرسول (صلى الله عليه وآله) بفعل سم خيبر قطعا. ابن مسعود: لم يأكل النبي طعام خيبر المسموم ولقد جاءت عدة روايات في مسمومية رسول الله (صلى الله عليه وآله) منها: أحب العراق إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذراع، ذراع الشاة، وقد كان سم فيها
(هامش)
(1) نقله ابن كثير في تاريخه 4 / 209. (2) راجع الحاشية (2)، ونقله الصالحي في السيرة الشامية (5: 208). (*)
وكان يرى أن اليهود سموه (1). وجاء قول أبي هريرة: إن امرأة من اليهود أهدت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) شاة مسمومة، فقال لأصحابه: أمسكوا فإنها مسمومة (2). ولا علاقة لموت النبي (صلى الله عليه وآله) في سنة 11 هجرية بسم خيبر في سنة 7 هجرية، إذ الفارق الزمني كان طويلا، هذا أولا، وثانيا إن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يأكل الطعام المسموم. لأن الذراع المسمومة أخبرته بذلك. بينما حاول إعلام السلطة القاء المسؤولية في شهادة الرسول (صلى الله عليه وآله) على أكلة خيبر، إذ رووا عن النبي (صلى الله عليه وآله) حديثا كاذبا هو: ما زالت أكلة خيبر تعاودني كل عام (3). ومن طبيعة مفعول السموم قتلها للضحايا في أيام معدودة ولا تعطي فرصة أكثر من ذلك، وهذا مأخوذ من تجارب السموم في التاريخ، والعلم الحديث يؤيد ذلك. وجاء عن عبد الله بن مسعود قوله: لقد كنا نسمع تسبيح الطعام - يعني بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) - وكلمه ذراع الشاة المسمومة، وأعلمه بما فيه من
(هامش)
(1) أخرجه أبو داود ص 3781، في الأطعمة باب في أكل اللحم، شمائل الترمذي ص 163، باب ما جاء في صفة إدام رسول الله (صلى الله عليه وآله)، المصنف لابن أبي شيبة ص 13 رقم 15382، وطبقات خليفة ص 96، وتاريخه ص 71، 198، 239، 271، ومسند أحمد 3 / 2، والمحبر ص 291، 429. (2) تاريخ ابن كثير 4 / 209. (3) كنز العمال 11 / 32189. (*)
السم (1). إذن كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعلم بالطعام المسموم من قبل الله سبحانه وتعالى مثلما كلمه الذراع المسموم، فلم يأكل منه، ولم يمضغه، وهذا من دلائل النبوة. وإخبار الله سبحانه لنبيه (صلى الله عليه وآله) يستوجب عدم أكله من ذلك الطعام. فنفهم بأن الرواية الصحيحة من قبل عبد الله بن مسعود تقول بأنه (صلى الله عليه وآله) لم يأكل طعام خيبر المسموم، وذكر البخاري رواية صحيحة في عدم أكل النبي (صلى الله عليه وآله) من طعام خيبر (2).
الفتنة والغدر
حذر الرسول (صلى الله عليه وآله) من الفتنة وخطرها وأنذر الناس بذلك. وقد أخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بارتداد المسلمين قائلا: لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب لدخلتموه! قالوا: فاليهود والنصارى يا رسول الله؟ قال: فمن إذن؟! (3) وحذر الرسول (صلى الله عليه وآله) الناس بهذه الآية: { واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا
(هامش)
(1) البداية والنهاية، ابن كثير 6 / 317، 322. (2) صحيح البخاري 4 / 66 دار الفكر - بيروت. (3) الشافي، المرتضى 3 / 132، أضواء على السنة المحمدية، محمود أبو رية ص 38. (*)
منكم خاصة } (1). وقد ذكرت فاطمة (عليها السلام) هذه الآية الكريمة أمام الناس بعد سلب أبي بكر لفدك إذ قالت: { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا } (2). وقالت: إيها بني قيلة أأهضم تراث أبي وأنتم بمرأى مني ومسمع ومنتدى ومجمع (3). وقرأ الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) آية: { أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم } ثم قال عن نفسه وخاصته من المؤمنين والمؤمنات والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله، والله لئن مات، أو قتل لأقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت، والله إني لأخوه ووليه وابن عمه ووارثه، فمن أحق به مني (4). وجاء في حوار بين حذيفة وعمر قال حذيفة: أنا سمعته (صلى الله عليه وآله) يقول: فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة والصيام والصدقة. قال (عمر): ليس أسأل عن هذه إنما أسأل عن التي تموج كما يموج
(هامش)
(1) الأنفال: 25. (2) آل عمران: 144. (3) بلاغات النساء، ابن طيفور ص 12، شرح النهج، المعتزلي 16 / 212 - 213، النهاية في غريب الحديث، ابن الأثير 4 / 273، مروج الذهب، المسعودي 2 / 311، الشافي، المرتضى 4 / 69 - 72، الأمالي، المفيد 4 / 8. (4) تفسير ابن كثير 1 / 643. (*)
البحر؟ قال حذيفة: وإن دون ذلك بابا مغلقا. قال (عمر): فيفتح أو يكسر؟ قال (حذيفة): يكسر. قال (عمر): ذلك أجدر أن لا يغلق إلى يوم القيامة (1). وكانت عمليات الغدر في التاريخ كثيرة ومثيرة ولم يكتشف البشر من عمليات الغدر والقتل إلا القليل، إذ حاول القتلة الستر عليها وإخفاءها. وقد وقف الله تعالى موقفا معارضا من الغدر، وقد ذكر رسوله (صلى الله عليه وآله) ذلك. والغدر جزء من الفتنة وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم (2). وقال الرسول (صلى الله عليه وآله): من أمن رجلا على نفسه فقتله أعطي لواء غدر يوم القيامة، وقال (صلى الله عليه وآله): من إئتمنه رجل على دم فقتله، فأنا منه برئ، وإن كان المقتول كافرا (3). وأوصى النبي (صلى الله عليه وآله) جنوده في الحروب: لا تغلوا ولا تغدروا (4). وقال علي (عليه السلام): كل غادر فاجر وكل فاجر كافر (5).
(هامش)
(1) صحيح البخاري 4 / 46. (2) البدء والتاريخ 1 / 108. (3) أنساب الأشراف 5 / 233. (4) العقد الفريد 1 / 128. (5) شرح نهج البلاغة 10 / 211. (*)
وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): كل غدرة فجرة وكل فجرة كفرة (1). وقال علي (عليه السلام): لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة (2). والغدر ارتداد عن الدين وانقلاب عن الحق إذ قال رجل من اليهود لعلي (عليه السلام): ما أتى عليكم بعد نبيكم إلا نيف وعشرون سنة حتى ضرب بعضكم بعضا بالسيف (أي غدرا وظلما). فقال (عليه السلام): فأنتم ما جفت أقدامكم من البحر حتى قلتم: { يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة } (3). وقال علي (عليه السلام) للأشتر: إياك والدماء وسفكها بغير حلها فإنه ليس شيء أدعى لنقمة ولا أعظم تبعة ولا أحرى بزوال نعمة وانقطاع مدة من سفك الدماء بغير حقها، فلا تقوين سلطانك بسفك دم حرام، فإن ذلك مما يضعفه ويوهنه، بل يزيله وينقله (4).
(هامش)
(1) نهج البلاغة، الخطبة 200. (2) نهج البلاغة، الخطبة 200. (3) الأعراف: 138. (4) نهاية الأرب 6 / 31. (*)
السم
السم: هو كل مادة إذا دخلت إلى الجسم الحيواني بمقادير قليلة قلبت نظامه أو أبطلت وظائفه الحيوية، ويعم هذا الاسم عددا عظيما من المعادن والنباتات والحيوانات، بعضها جامد والبعض الآخر منها سائل أو غازي. وسم الحيات يؤثر في المجموع العصبي فيجمد الدم. ويختلف تأثير السموم بحسب أحوال كثيرة فيزداد بارتفاع درجة الحرارة وقوة الحيوان المسمم. ويتسمم الجسم بالرصاص والزئبق والزرنيخ والأفيون (ومعتادو الأفيون يبتلعون منه جرعات كبيرة لو ابتلعها غير متعود عليه قتلته) والكبريت وسلفات النحاس، والزنجار (1). وإليك أنواع من السم ذكرها العلماء والمختصون في كتبهم وبعض أسماء من السم: سم ناقع: أي قاتل، والنقع موضع قرب مكة في جنبات الطائف (2). وقال الجاحظ: لو عمل بعض السم في العصب، وبعض في
(هامش)
(1) دائرة المعارف، بطرس البستاني 10 / 680. (2) معجم البلدان 5 / 300. (*)
الدم، وبعضه فيهما جميعا، ولو كان بعضه سم نجاز وبعضه سم جهاز (1). السلع: نبات، يقال: هو سم، قال العجاج: فظل يسقيها السمام إلا سلعا. أي السم الأشد (2). والعنقز: السم الذعاف الذي لا يناظر أي يقتل في ساعته (3). الضبح والضباح: لغة نبات من السم في الفارسي سعن (4). الهلهل: السم القاتل والهلال: الحية الذكر (5). وكأنه مأخوذ من الحية الذكر. الذيفان: السم القاتل (6).
(هامش)
(1) رسالة التربيع والتدوير، الجاحظ ص 48. (2) كتاب العين، الفراهيدي 1 / 335. (3) كتاب العين، الفراهيدي 3 / 293. (4) المصدر السابق 3 / 203. (5) كتاب العين 3 / 354. (6) الصحاح 4 / 362. (*)
الذعاف بالضم: السم ومنه طعام مذعوف (1). الضريع: نبت يقال له الشبرق تسميه أهل الحجاز الضريع إذا يبس هو سم (2). سم الذراريح: كما جاء في لسان العرب مادة ذرح. الذرحة: واحدة من الذراريح. ويقال ذريحة الواحدة، ويقال: طعام مذروح، وهو شيء أعظم من الذباب قليلا مجزع مبرقش بحمرة وسواد. لها جناحان تطير بهما، وسمها قاتل (3). ولم يسلم البشر قديما ولا حديثا من الموت بالسم ولم يسلم الأطباء ولا الزعماء منه فقد مات جالينوس الحكيم بالسم (4). تذريب السيف: أي ينقع في السم فإذا أنعم سقيه أخرج فشحذ (5).
(هامش)
(1) مجمع البحرين 2 / 94. (2) سنن البخاري 6 / 83. (3) كتاب العين، الفراهيدي 3 / 200. (4) تاريخ اليعقوبي 1 / 119. (5) العين 8 / 184. (*)
كتب السموم
وكتبوا في السموم كتبا كثيرة منها: منقذ المسموم، للحكيم جالينوس من الكتب الخطية في مكتبة السيد الگلبايگاني في مدينة قم (1). وكتاب السموم لجابر بن حيان، موجود في الخزانة التيمورية بالقاهرة كما في معجم البلدان 1513 سموئيل جانسون. وكتاب معرفة السموم لأبي علي سينا. وكتب محمد بن زكريا الرازي المتوفى سنة 311 هجرية في السموم. ووفق ما قرأنا نجد بأن الكثير من الحكماء والعلماء قد كتبوا عن السموم، ولم يكن ذلك إلا لمواجهة حالة القتل بالسم التي قادتها الحكومات السالفة للقضاء على معارضيها. وكيف لا يكتبون في هذا الموضوع وقد هزت تلك الموجة المجتمعات المختلفة وفي أزمان متعاقبة، وقد شجع الملوك العلماء على الكتابة في هذا الموضوع لأنهم أنفسهم أصبحوا ضحية للاغتيال بالسم. وكيف لا يهتم الملوك والعلماء والحكماء بالسم وقد ذهب رسول البشرية محمد (صلى الله عليه وآله) ضحية القتل بالسم، وكذلك أبو بكر! (2)
(هامش)
(1) كتاب المسموم، جالينوس 3 / 133. (2) راجع كتاب اغتيال الخليفة أبي بكر والسيدة عائشة، المؤلف. (*)
من حوادث الغدر
كثرت حوادث الغدر في التاريخ من قبل الظالمين فتعرض الكثير من الناس لعمليات الغدر تحت ظروف شتى وفي أماكن مختلفة. وكانت بعض تلك العمليات تحت عذر وبعضها لا عذر لها ولا عنوان! وفي زمن النبي داود (صلى الله عليه وآله) استعدى رجل على رجل، فادعى عليه أنه أخذ منه بقرا فأنكر المدعى عليه، فسأل داود (عليه السلام) المدعي البينة فلم يقمها فرأى داود في منامه أن الله عز وجل يأمره أن يقتل المدعى عليه، فتثبت داود (عليه السلام)، وقال: هو المنام، فأتاه الوحي بعد ذلك أن يقتله فأحضره ثم أعلمه أن الله يأمر بقتله، فقال المدعى عليه: إن الله ما أخذني بهذا الذنب، وإني قتلت أبا هذا غيلة، فقتله داود (1). وقد سم عمرو بن جفنة ملك العرب في الشام عثمان بن جفنة وقيل ألبسه قميصا مسموما فمات (2). وفي سنة 31 هجرية قتل ملك الفرس يزدجرد بن شهريار، وكان قد فر والتجأ إلى بيت نقار رحى، فطمع النقار فيما معه، وفي ثيابه، فقتله غيلة وهو نائم (3).
(هامش)
(1) لسان العرب، ابن منظور 3 / 233. (2) تاريخ ابن خلدون 3 / 327. (3) تاريخ ابن الأثير 3 / 119 - 123. (*)
واغتيال الخوارج الإمام علي (عليه السلام) وكان النبي (صلى الله عليه وآله) قد قال له: ستغدر بك الأمة من بعدي. وقتل معاوية أصحاب الإمام علي (عليه السلام) غيلة (1). ومن حوادث الغدر اغتيال أبي بكر وعمر لسعد بن عبادة واغتيال الحزب القرشي لأبي بكر. واغتيال عمر بن الخطاب، واغتيال عثمان بن عفان لعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن مسعود وأبي ذر وأبي بن كعب والمقداد بن الأسود. وغدر زياد بن أبيه بعمير بن قيس الكندي بعد أن أعطاه أمانا (2). وقتل الحجاج في معركة دير الجماجم ضد عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث أحد عشر ألفا غدرا بعد أن خدعهم بالأمان (3). وغدر عبد الملك بعمرو بن سعيد الأشدق (4)، وغدر عمرو بن العاص بمحمد بن حذيفة سنة 36 هجرية إذ أوهمه بأن في نيته مبايعة علي واتعد معه على الاجتماع بالعريش من أرض مصر، فقدم عليه وكان عمرو قد جعل له كمينا فأخذه وثلاثين من أصحابه فقتلهم (5). ولما قتل عمرو بن العاص مع معاوية بن حديج محمد بن أبي بكر
(هامش)
(1) العقد الفريد 3 / 234. (2) تاريخ الطبري 5 / 263، 264. (3) تاريخ الطبري 6 / 322 - 359. (4) الكامل في التاريخ 4 / 297. (5) تاريخ ابن الأثير 3 / 267، تاريخ الطبري 4 / 546. (*)
وأحرقاه بالنار وجئ برأس محمد إلى دار عثمان أعلن الأمويون في المدينة الفرح بذلك، فكان أول رأس حمل في الإسلام، وعندها أمرت أم حبيبة بنت أبي سفيان بكبش مشوي وبعثت به إلى عائشة تقول لها: هذا شوى أخيك، ولما قدم معاوية بن حديج المدينة قامت إليه نائلة (1) امرأة عثمان، وقبلت رجله وقالت له: بك أدركت ثاري من ابن الخثعمية تعني محمد بن أبي بكر (2). فقالت عائشة: قاتل الله ابنة العاهرة (3). وقد قتل معظم رجال الاغتيال إذ قتل سليمان بن عبد الملك أفراد عائلة الحجاج بعد أن عذبهم (4). واغتيل موسى بن نصير (فاتح الأندلس) سنة 97 هجرية (5).
(هامش)
(1) وكان معاوية بن حديج يهوديا ونائلة نصرانية! الكامل 3 / 357. (2) مروج الذهب 1 / 406، والولاة للكندي ص 30، 31، تاريخ ابن الأثير 3 / 357. (3) تذكرة خواص الأمة ص 144 ط. النجف، التمهيد والبيان ص 209. (4) ابن الأثير 4 / 588، والطبري 6 / 506. (5) تاريخ ابن الأثير 5 / 22، وكان الحجاج يطعم المسجونين في سجنه الشعير مخلوطا بالرماد، محاضرات الأدباء 3 / 195. ومن ظلم الغدرة: ودق المنصور الأوتاد في العيون، ودفن الناس وهم أحياء وسمر المعذبين في الحيطان، اليعقوبي 2 / 38. وهدم البيوت على المعارضين، الطبري 8 / 7 - 9، والعيون والحدائق 3 / 227. ونبش المتوكل القبور، مقاتل الطالبيين ص 597، تاريخ الخلفاء ص 347، الطبري 9 / 85، وفوات الوفاة 1 / 203. فقتل الناس وهلكوا في زمن العباسيين بينما ازداد عدد العباسيين ففي سنة 200 هجرية كان عدد العباسيين ثلاثة وثلاثين ألفا!، مروج الذهب 2 / 347، والعيون والحدائق 3 / 351. (*)
غضب الحزب القرشي لمدح النبي (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) في الحديبية
غضبت عصبة قريش في الحديبية لقول النبي (صلى الله عليه وآله) في علي (عليه السلام): هذا أمير البررة، قاتل الفجرة منصور من نصره، مخذول من خذله (1). فعارض الحزب القرشي ذلك وحزنوا وغضبوا، فحاول عمر تحطيم معاهدة الحديبية بطلبه قتل سفير قريش سهيل بن عمرو بن عبد ود العامري. وفر عثمان من بيعة الحديبية (الرضوان) (2)، فلم يبايع النبي (صلى الله عليه وآله)، مما حدا بعبد الرحمن بن عوف إلى فضحه في أيام حكمه (3). وفي الطائف لما أطال الرسول (صلى الله عليه وآله) مناجاة علي (عليه السلام) رأى الكراهية في وجوه رجال، فقالوا: قد أطال مناجاته منذ اليوم (4). فقال (صلى الله عليه وآله): ما أنا بالذي انتجيته بل الله انتجاه.
(هامش)
(1) مختصر تاريخ دمشق، ابن عساكر 17 / 356. (2) السيرة الحلبية 2 / 19، السيرة النبوية، دحلان المرفقة بسيرة الحلبي 2 / 165 - 183، البداية والنهاية، ابن كثير 4 / 200، تفسير ابن كثير 1 / 657. (3) راجع المصدر السابق. (4) مختصر تاريخ دمشق، ابن عساكر 17 / 378، 379. (*)
استخلاف النبي (صلى الله عليه وآله) قبل وفاته
لقد ذكر النبي (صلى الله عليه وآله) في حجة الوداع وفي غدير خم في السنة الحادية عشرة موضوعين مهمين: الأول وفاته القريبة. والثاني خلافة علي بن أبي طالب (عليه السلام) له. ولقد ذكرنا في هذا الكتاب النصوص المؤيدة لقوله (صلى الله عليه وآله) في وفاته الوشيكة، وذكرنا الأدلة الصريحة في ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) للخلافة مثل قوله (صلى الله عليه وآله): إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله، وعترتي أهل بيتي (1). وقوله (صلى الله عليه وآله): من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله (2). ونزلت قبل ذلك آية: { بلغ ما أنزل إليك من ربك، وإن لم تفعل فما بلغت رسالته } (3). كانت سورة المائدة آخر سورة في القرآن الكريم، إذ نزلت آية البلاغ في غدير خم بعد عودة الرسول (صلى الله عليه وآله) من حجة الوداع وقد أيد ذلك أحمد بن حنبل والترمذي وابن مردويه والبيهقي والحاكم.
(هامش)
(1) صحيح مسلم 4 / 1873 حديث 36 / 2408 طبع دار إحياء التراث العربي - بيروت، 5 / 22 ح 2408، مسند أحمد 5 / 492 ح 18780، كنز العمال 1 / 178 ح 898. (2) سنن الترمذي 2 / 298، سنن ابن ماجة 1 / 26 ح 94 - 116 طبع مكتب التربية لدول الخليج، مستدرك الصحيحين 3 / 109، 533. (3) المائدة: 67، الدر المنثور، السيوطي 2 / 252. (*)
ذكر البيهقي في سننه عن جبير بن نفير قائلا: حججت فدخلت على عائشة فقالت لي: يا جبير تقرأ المائدة؟ فقلت: نعم. فقالت: أما إنها آخر سورة نزلت فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه، وما وجدتم من حرام فحرموه (1). وقال ابن جرير عن الربيع بن أنس: نزلت سورة المائدة على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المسير في حجة الوداع وهو راكب على راحلته فبركت به راحلته من ثقلها (2). ونزلت بعد ذلك آية: { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } (3). وبعد عودته إلى المدينة دعا الصحابة للالتحاق بحملة أسامة بن زيد إلى الشام. وجعل في ذلك الجيش أبا بكر وعمر وابن الجراح وباقي رجال قريش والأنصار، واستثنى من ذلك البعث علي بن أبي طالب (عليه السلام) (4). وهنا طار صواب رجال الحزب القرشي لأن مسيرهم في حملة الشام الطويلة المسافة، يتزامن مع أمور:
(هامش)
(1) الدر المنثور في التفسير بالمأثور، السيوطي 2 / 352. (2) المصدر السابق 2 / 252. (3) المائدة: 3، تاريخ بغداد 8 / 289، مسند أحمد 4 / 281، الصواعق المحرقة ص 43. (4) الطبقات، ابن سعد 2 / 190. (*)
الأول: خبر النبي (صلى الله عليه وآله) بوفاته الوشيكة. الثاني: إعلانه في غدير خم عن خلافة علي (عليه السلام) له. الثالث: محاربة الروم، وكيف يحاربون الروم وقد هربوا في أحد وخيبر وحنين! فاعتقد رجال الحزب القرشي بأن ذهابهم في تلك الحملة يعني تحول الحكم إلى علي (عليه السلام) وهزيمة اطروحتهم المتمثلة في تناوب الخلافة بين قبائل قريش. واحتمال مقتلهم بيد الروم. فامتنعوا من المسير في تلك الحملة، وقتلوا النبي (صلى الله عليه وآله)، واغتصبوا الخلافة!
منزلته مثل هارون من موسى (عليه السلام)
لما خلف النبي (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) على المدينة قال له علي (عليه السلام): أتخلفني في النساء والأطفال؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى. إلا أنه لا نبي من بعدي (1). وكان البعض يخاف أشد الخوف من وصول الإمام علي (عليه السلام) إلى خلافة النبي (صلى الله عليه وآله)، لأن ذلك يعني سيطرة بني هاشم على الحكم، وحرمان قريش من الخلافة، وعرفت خلافة علي (عليه السلام) الإلهية أكثر عندما تركه الرسول (صلى الله عليه وآله) على
(هامش)
(1) الكامل في التاريخ 2 / 278. (*)
المدينة المنورة خليفة له ليحفظها واصفا إياه بهارون من موسى. والملاحظ لحركة المنافقين يجد أن بعض المسلمين قد تحرك تحركا جديدا يختلف عن الأساليب السابقة متمثلا في إنشاء مسجد يكون قلعة لضرب الإسلام المحمدي. ولأول مرة في تاريخ المسلمين هدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) مسجدا لأنه مسجد ضرار. وتحرك آخرون لقتل النبي (صلى الله عليه وآله) قبل انتقال الحكم إلى علي (عليه السلام). والذي يفهم تاريخ السيرة جيدا يجد أن المنافس القوي لبني هاشم على السلطة هم قريش وليس الأنصار. لذلك دعا النبي (صلى الله عليه وآله) في مكة على قريش ولم يدع على الأنصار بل دعا لهم. ودعا الإمام علي (عليه السلام) على قريش ودعا للأنصار. وهناك نتيجة مفادها: إن دهاة قريش قد فعلوا عدة أمور قد خفيت على كثير من العلماء والمحققين إلى يومنا هذا تبين حرصهم على السلطة منها: حرفوا حديث الخلفاء من بعدي اثنا عشر أولهم علي (عليه السلام) إلى صالحهم، فجعلوا الحكم إلى يوم القيامة في قبائل قريش. وأبعدوا الأنصار وغيرهم عن الخلافة بلا سند إلهي وعقلي. وأرادوا قتل النبي (صلى الله عليه وآله) في أثناء عودته من تبوك، يوم كان الإمام علي (عليه السلام)
في المدينة. ولم يكتفوا بذلك بل ألقوا بتبعة الأمر على الأنصار (1). وكانت عصبة قريش قد ألقت بتبعة لدهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) على العباس (2). فهم يتهمون الآخرين بعمليات الاغتيال التي يخططونها وينفذونها هم. وجاء عن نافع بن جبير بن مطعم: لم يخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأسماء المنافقين الذين بخسوا به ليلة العقبة بتبوك وهم اثنا عشر رجلا. وزادوا في الحديث قولهم: ليس فيهم قرشي وكلهم من الأنصار أو من حلفائهم! (3). وفي قضية السقيفة فعل رجال قريش نفس الشيء، فهم قد تركوا مراسم دفن النبي (صلى الله عليه وآله) وبايعوا أبا بكر في السقيفة، ولم يكتفوا بذلك، بل حاولوا القضاء على منافسيهم (الأنصار) قضاء تاما. وتمثل ذلك باتهام الأنصار بمحاولة بيعة سعد بن عبادة في السقيفة واغتصاب الحكم من قريش؟! في حين لم يجتمع الأنصار لمبايعة سعد، ولم يبايعوه، ولم يكن
(هامش)
(1) مختصر تاريخ دمشق 6 / 253. (2) معجم ما استعجم، عبد الله الأندلسي ص 142. (3) مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 6 / 253. (*)
عندهم خطة لذلك، وما تلك الأخبار الكاذبة إلا هجمة لتحطيم الأنصار (1)، وإيجاد العذر اللازم لسقيفتهم. وقد جاء: لما رجع رسول الله قافلا من تبوك إلى المدينة، حتى إذا كان ببعض الطريق، مكر به ناس من أصحابه، وتآمروا أن يطرحوه في العقبة (2) وأرادوا أن يسلكوها معه لهذه الغاية، فأخبر رسول الله خبرهم، فقال لأصحابه من شاء منكم أن يأخذ بطن الوادي فإنه أوسع لكم. فأخذ النبي (صلى الله عليه وآله) العقبة، وأخذ الناس بطن الوادي إلا النفر الذين أرادوا المكر به، فقد استعدوا وتلثموا، وأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) حذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر فمشيا معه مشيا، وأمر عمارا أن يأخذ بزمام الناقة، وحذيفة يسوقها، فبينما هم يسيرون، إذ سمعوا وكزة القوم من ورائهم، قد غشوهم. فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأمر حذيفة أن يراهم، ويتعرف عليهم، فرجع ومعه محجن، فاستقبل وجوه رواحلهم، وضربها بالمحجن، وأبصر القوم وهم متلثمون، فأرعبوا حين أبصروا حذيفة، وظنوا أن مكرهم قد ظهر، فاسرعوا حتى خالطوا الناس. وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول الله، فلما أدركه، قال (صلى الله عليه وآله): اضرب الناقة يا حذيفة، وامش أنت يا عمار، فاسرعوا وخرجوا من العقبة، ينتظرون
(هامش)
(1) أنظر كتاب السقيفة، لعبد الفتاح، والسقيفة للمؤلف. (2) العقبة: مرقى صعب من الجبال، والطريق في أعلاها، والجمع عقاب وعقبات وواحدة العقب. أقرب الموارد 2 / 807. (*)
الناس. فقال النبي (صلى الله عليه وآله) يا حذيفة هل عرفت أحدا منهم؟ فقال: عرفت راحلة فلان وفلان، وكانت ظلمة الليل قد غشيتهم وهم متلثمون. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هل عرفت ما شأنهم وما يريدون؟ قال: لا يا رسول الله. قال (صلى الله عليه وآله): فإنهم فكروا أن يسيروا معي، حتى إذا صرت في العقبة طرحوني فيها! فقال: أفلا ترأف بهم إذا جاءك الناس. قال: أكره أن يتحدث الناس، ويقولوا: إن محمدا قتل أصحابه، ثم سماهم بأسمائهم (1). وفي كتاب أبان بن عثمان بن عفان، قال الأعمش: وكانوا اثني عشر، سبعة من قريش. وقال أبو البختري، قال حذيفة: لو حدثتكم بحديث لكذبني ثلاثة أثلاثكم. فقال: ففطن له شاب، فقال: من يصدقك إذا كذبك ثلاثة أثلاثنا! فقال: إن أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) كانوا يسألون رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الخير، وكنت
(هامش)
(1) السيرة الحلبية 3 / 143 طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت، ودلائل النبوة لأبي بكر أحمد البيهقي * 5 / 260 - 262 طبع دار الكتب العلمية - بيروت، وأخرجه مسلم في ص 50 كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، كتاب أبان بن عثمان. (*)
أسأله عن الشر. قال: فقيل له: ما حملك على ذلك؟ فقال: إنه من اعترف بالشر، وقع في الخير (1). وقال الحسن بن علي (عليه السلام): يوم أوقفوا الرسول (صلى الله عليه وآله) في العقبة ليستنفروا ناقته كانوا اثني عشر رجلا منهم أبو سفيان (2). وذكر ابن عبد البر الأندلسي في كتابه الاستيعاب: كان أبو سفيان كهفا للمنافقين منذ أسلم (3). وجاء أيضا: لدى العودة تآمر 12 منافقا ثمانية منهم من قريش، والباقي من أهل المدينة، لاغتيال الرسول (صلى الله عليه وآله) في أثناء الطريق، وقبل أن يصل إلى المدينة، وذلك بتنفير ناقة النبي (صلى الله عليه وآله) في عقبة بين المدينة والشام، ليطرحوه في واد كان هناك. وعندما وصل الجيش الإسلامي إلى بداية تلك المنطقة (العقبة) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من شاء منكم أن يأخذ بطن الوادي، فإنه أوسع لكم. فأخذ الناس بطن الوادي. ولكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخذ بطريق العقبة، فيما يسوق حذيفة بن اليمان ناقة النبي (صلى الله عليه وآله)، ويقودها عمار بن ياسر، فبينما هم يسيرون إذ التفت رسول
(هامش)
(1) مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر، ابن منظور 6 / 259. (2) كتاب المفاخرات، الزبير بن بكار، شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد 2 / 103 ط. دار الفكر 1388 ه‍. (3) الاستيعاب 2 / 690. (*)

يتبع












عرض البوم صور الشيخ عباس محمد   رد مع اقتباس
قديم 06-05-2016, 09:31 PM   المشاركة رقم: 3
معلومات العضو
الشيخ عباس محمد

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
الشيخ عباس محمد غير متواجد حالياً

كاتب الموضوع : الشيخ عباس محمد المنتدى : منتدى النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)
افتراضي

الله (صلى الله عليه وآله) إلى خلفه، فرأى في ضوء ليلة مقمرة فرسانا متلثمين، لحقوا به من ورائه، لينفروا به ناقته، وهم يتخافتون، فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصاح بهم، وأمر حذيفة أن يضرب وجوه رواحلهم. قائلا: اضرب وجوه رواحلهم. فأرعبهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بصياحه بهم إرعابا شديدا، وعرفوا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) علم بمكرهم ومؤامرتهم، فاسرعوا تاركين العقبة حتى خالطوا الناس. يقول حذيفة فعرفتهم برواحلهم وذكرتهم لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وقلت: يا رسول الله ألا تبعث إليهم لتقتلهم؟ فأجابه رسول الله في لحن ملؤه الحنان والعاطفة: إن الله أمرني أن أعرض عنهم، وأكره أن يقول الناس: إنه دعا أناسا من قومه وأصحابه إلى دينه، فاستجابوا له، فقاتل بهم، حتى ظهر على عدوه، ثم أقبل فقتلهم، ولكن دعهم يا حذيفة فإن الله لهم بالمرصاد (1). ولما جمعهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخبرهم بما قالوه وأجمعوا له فحلفوا بالله ما قالوا. فأنزل الله تعالى: { يحلفون بالله ما قالوا، ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم
(هامش)
(1) المغازي النبوية 3 / 1042 - 1045، مجمع البيان 3 / 46، إمتاع الأسماع 1 / 477. (*)
ينالوا... } (1). وروى مسلم في صحيحه عن الوليد بن جميع عن أبي الطفيل: قال: كان بين رجل من أهل العقبة وبين حذيفة بعض ما يكون بين الناس، فقال: أنشدك بالله، كم كان أصحاب العقبة؟ قال: فقال له القوم أخبره إذ سألك؟ فقال: كنا نخبر أنهم أربعة عشر، فإن كنت منهم فقد كان القوم خمسة عشر (2). لقد أخفى مسلم ذكر اسم ذلك الرجل والظاهر أنه أبو موسى الأشعري، ولو كان من الأنصار لذكر اسمه! ووفق رواية حذيفة بن اليمان كان في هؤلاء الرجال أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة وسعد بن أبي وقاص (3).
روايات في محاولة اغتيال النبي (صلى الله عليه وآله) في العقبة
لقد حدثت غزوة تبوك في السنة التاسعة للهجرة. وقد ذكرها الواقدي
(هامش)
(1) التوبة: 74، تفسير ابن كثير 2 / 604، 605، طبع دار إحياء التراث العربي - بيروت. (2) تفسير ابن كثير 2 / 605. (3) المحلى، ابن حزم الأندلسي 11 / 225 طبع دار الفكر، وابن حزم قد توفي سنة 456 هجرية. (*)
في مغازيه (1) قائلا: إنما كانت أخبار الشام عند المسلمين كل يوم لكثرة من يقدم عليهم من الأنباط، فقدمت قادمة فذكروا أن الروم قد جمعت جموعا كثيرة بالشام، وأن هرقل قد رزق أصحابه لسنة، وأجلبت معه لخم وجذام وغسان وعاملة. وزحفوا وقدموا مقدماتهم إلى البلقاء وعسكروا بها، وتخلف هرقل بحمص. ولم يكن ذلك، إنما ذلك شيء قيل لهم فقالوه. ولم يكن عدو أخوف عند المسلمين منهم، وذلك لما عاينوا منهم (إذ كانوا يقدمون عليهم تجارا) من العدد والعدة والكراع. وكان رسول الله لا يغزو غزوة إلا ورى بغيرها، لئلا تذهب الأخبار بأنه يريد كذا وكذا، حتى كانت غزوة تبوك فغزاها رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حر شديد . وقال الجلاس بن سويد: والله لئن كان محمد صادقا لنحن شر من الحمير! والله لوددت أني أقاضي على أن يضرب كل رجل منا مائة جلدة وأنا ننفلت من أن ينزل فيها القرآن بمقالتكم. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعمار بن ياسر: أدرك القوم فإنهم قد احترقوا، فسلهم عما قالوا، فإن أنكروا فقل: بلى قلتم كذا وكذا. فذهب إليهم عمار فقال لهم. فأتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعتذرون إليه..
(هامش)
(1) المغازي 2 / 989. (*)
فأنزل الله { ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب } إلى قوله { بأنهم كانوا مجرمين } (1). ولما أحتاج المسلمون إلى الماء في تلك الصحراء بصيفها الحار، دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسقط المطر. فقال أوس بن قيظي المنافق: سحابة مارة (2). وكانت غزوة تبوك بعد انتصار المسلمين على المشركين، وسيطرتهم على جزيرة العرب، فوجد المنافقون أن ملك المسلمين أصبح عظيما، وبلادهم واسعة، فسعوا لقتل النبي (صلى الله عليه وآله) للسيطرة على خلافته. وقد نزلت آيات كثيرة في تبوك في المنافقين وأفعالهم منها: { وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون } (3). و{ والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين } (4). وذكر البيهقي عن عروة، قال: ورجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) قافلا من تبوك إلى المدينة، حتى إذا كان ببعض الطريق مكر برسول الله (صلى الله عليه وآله) ناس من أصحابه فتآمروا [عليه] (5) أن يطرحوه في عقبة في الطريق، فلما بلغوا العقبة أرادوا أن يسلكوها معه، فلما غشيهم
(هامش)
(1) سورة التوبة 65، 66. (2) المغازي للواقدي 2 / 1009. (3) التوبة 81، 82. (4) التوبة 107. (5) الزيادة من (أ) فقط. (*)
رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخبر خبرهم (1)، فقال: من شاء منكم أن يأخذ بطن الوادي فإنه أوسع لكم، وأخذ النبي (صلى الله عليه وآله) العقبة، وأخذ الناس بطن الوادي إلا النفر الذين مكروا برسول الله (صلى الله عليه وآله) لما سمعوا بذلك استعدوا وتلثموا، وقد هموا بأمر عظيم، وأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) حذيفة بن اليمان، وعمار بن ياسر، فمشيا معه مشيا، وأمر عمارا أن يأخذ بزمام الناقة، وأمر حذيفة أن يسوقها فبينا هم يسيرون إذ سمعوا بالقوم من ورائهم قد غشوهم فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأمر حذيفة أن يردهم، وأبصر حذيفة غضب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فرجع ومعه محجن، فاستقبل وجوه رواحلهم، فضربها ضربا بالمحجن، وأبصر القوم وهم متلثمون، لا يشعر إنما ذلك فعل المسافر، فرعبهم الله عز وجل حين أبصروا حذيفة، وظنوا أن مكرهم قد ظهر عليه، فأسرعوا حتى خالطوا الناس، وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما أدركه، قال: اضرب الراحلة يا حذيفة، وامش أنت يا عمار، فأسرعوا حتى استوى بأعلاها فخرجوا من العقبة ينتظرون الناس، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) لحذيفة: هل عرفت من هؤلاء الرهط أو الركب، أو أحدا منهم؟ قال حذيفة: عرفت راحلة فلان وفلان، وقال: كانت ظلمة الليل، وغشيتهم وهم متلثمون، فقال (صلى الله عليه وآله): هل علمتم ما كان شأن الركب وما أرادوا؟ قالوا: لا والله يا رسول الله، قال: فإنهم مكروا ليسيروا معي حتى إذا أظلمت في العقبة طرحوني منها، قالوا: أفلا
(هامش)
(1) في (ح): أخبرهم خبره . (*)
تأمر بهم يا رسول الله إذا جاءك الناس فتضرب أعناقهم؟ قال: أكره أن يتحدث الناس ويقولوا إن محمدا قد وضع يده في أصحابه، فسماهم لهما، وقال: اكتماهم (1). إذن كان حذيفة وعمار يعرفان أسماء المنافقين. وقد عودنا الناشرون وبعض الرواة على وضع كلمتي فلان بدل أبي بكر وعمر. وقد ذكر ابن أبي الحديد المعتزلي عمر وعثمان بدل فلان عند ذكر المنهزمين من معركة أحد (2). وأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس، عن ابن إسحاق، قال: فلما بلغ رسول الله (صلى الله عليه وآله) الثنية نادى منادي رسول الله (صلى الله عليه وآله): أن خذوا بطن الوادي فهو أوسع عليكم، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أخذ الثنية، فذكر الحديث في مكر المنافقين بنحو مما ذكرنا في رواية عروة إلى قوله لحذيفة: هل عرفت من القوم أحدا؟ فقال: لا ولكني أعرف رواحلهم، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله قد أخبرني بأسمائهم وأسماء آبائهم، وسأخبرك بهم إن شاء الله عند وجه الصبح، فانطلق إذا أصبحت فأجمعهم، فلما أصبح، قال: ادع عبد الله أظنه
(هامش)
(1) نقله الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (5: 19)، عن المصنف، وقد روى الخبر الإمام أحمد عن أبي الطفيل، وابن سعد عن جبير بن مطعم. دلائل النبوة، البيهقي 5 / 256، 257 طبعة دار الكتب العلمية - بيروت. (2) نظريات الخليفتين، المؤلف 2 / 266، شرح النهج، المعتزلي 3 / 390 طبع دار الكتب العلمية - مصر. (*)
ابن سعد بن أبي سرح (1)، وفي الأصل عبد الله بن أبي، وسعد بن أبي سرح إلا أن ابن إسحاق ذكر قبل هذا أن ابن أبي تخلف في غزوة تبوك ولا أدري كيف هذا (2). وأخبرنا أبو علي: الحسين بن محمد الروذباري، أخبرنا أبو العباس: عبد الله بن عبد الرحمن بن حماد العسكري [ببغداد]، قالا: حدثنا أحمد بن الوليد الفحام، أخبرنا شاذان، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن قيس بن عباد، قال: قلت لعمار: أرأيتم صنيعكم هذا فيما كان من أمر علي، أرأيا رأيتموه أو شيئا عهده إليكم رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فقال: ما عهد إلينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئا لم يعهده إلى الناس كافة، ولكن حذيفة أخبرني عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: في أصحابي اثنا عشر منافقا، منهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط (3). رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن الأسود بن عامر شاذان (4). أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ [قال]: حدثنا أبو الفضل بن إبراهيم، قال: حدثنا أحمد بن سلمة، [قال]: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن
(هامش)
(1) وقال ابن قيم الجوزية في زاد المعاد: عبد الله بن أبي سعد بن أبي سرح، ولم يعرف له إسلام . (2) دلائل النبوة، البيهقي 5 / 257، 258، طبعة دار الكتب العلمية - بيروت. (3) المصدر السابق. (4) أخرجه مسلم في: 50 - كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، الحديث (9)، ص (4: 2143) عن أبي بكر بن أبي شيبة. (*)
جعفر، حدثنا شعبة، قال: سمعت قتادة يحدث عن أبي نضرة عن قيس بن عباد، قال: قلنا لعمار بن ياسر أرأيت قتالكم هذا أرأيا رأيتموه، فإن الرأي يخطئ ويصيب، أم عهدا عهده إليكم رسول الله (صلى الله عليه وآله) - شيئا لم يعهده في الناس كافة - وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن في أمتي ، قال شعبة: وأحسبه قال حدثني حذيفة أنه قال إن في أمتي اثني عشر منافقا لا يدخلون الجنة ولا يجدون ريحها حتى يلج الجمل في سم الخياط، ثمانية منهم تكفيهم الدبيلة شراج من النار تظهر بين أكتافهم حتى تنجم من صدورهم. رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن بشار (1). وروينا عن حذيفة أنهم كانوا أربعة عشر، أو خمسة عشر، وأشهد بالله أن اثني عشر منهم حرب لله ورسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، وعذر ثلاثة، قالوا: ما سمعنا المنادي، ولا علمنا ما أراد القوم (2). رواية حذيفة في كتاب المحلى ذكر حذيفة بن اليمان العبسي (صاحب سر النبي (صلى الله عليه وآله) كما وصفه الخليفة عمر) (3) محاولة بعض الصحابة قتل النبي (صلى الله عليه وآله) في غزوة تبوك،
(هامش)
(1) أخرجه مسلم في الموضع السابق، الحديث (10) عن محمد بن بشار، ومحمد بن المثنى. (2) دلائل النبوة، البيهقي 5 / 257، 258 طبعة دار الكتب العلمية - بيروت. (3) أسد الغابة، ابن الأثير، ترجمة حذيفة 1 / 468، طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت. (*)
وذلك بإلقائه من العقبة (1) في الوادي. وقد ذكر ابن حزم الأندلسي المتوفى سنة 456 ه‍ هذه الحادثة في كتابه المحلى قائلا: وأما حديث حذيفة فساقط، لأنه من طريق الوليد بن جميع، وهو هالك، ولا نراه يعلم من وضع الحديث، فإنه قد روى أخبارا فيها أن أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة وسعد بن أبي وقاص (رضي الله عنه) أرادوا قتل النبي (صلى الله عليه وآله)، وإلقائه من العقبة في تبوك، ولو صحت لكانت بلا شك على ما بينا من أنهم صح نفاقهم، وعاذوا بالتوبة، ولم يقطع حذيفة ولا غيره على باطن أمرهم، فتورع عن الصلاة عليهم (2). والوليد بن جميع هو الوليد بن عبد الله بن جميع. جاء في كتاب ميزان الاعتدال للذهبي (3): الوليد بن جميع وثقه ابن معين، والعجلي، وقال أحمد، وأبو زرعة ليس به بأس، وقال أبو حاتم: صالح الحديث. وجاء في كتاب الجرح والتعديل للرازي (4): عن إسحاق بن منصور، عن يحيى بن معين، أنه قال: الوليد بن جميع ثقة.
(هامش)
(1) العقبة: الجبل الطويل يعرض للطريق فيأخذ فيه وهو طويل صعب شديد، لسان العرب لابن منظور 1 / 621. (2) المحلى، ابن حزم الأندلسي 11 / 225. (3) ميزان الاعتدال 4 / 337 رقم 9362 طبع دار المعرفة - بيروت. (4) الجرح والتعديل ج 9 / 8 طبع دار الكتب العلمية - بيروت. (*)
وذكره ابن حجر العسقلاني في الإصابة في جملة رواته (1). وذكره ابن كثير في جملة رواته الثقات (2). وذكره مسلم في صحيحه في جملة رواته (3). ولما كان الحاكم قد اطلع على حديث حذيفة المذكور بواسطة الوليد بن عبد الله بن جميع، فقد قال: لو لم يذكره مسلم في صحيحه لكان أولى (4). وهذا يعني أن الوليد بن جميع ثقة في نظر الحاكم ولكنه منزعج منه لذكره الحديث المذكور. فالحاكم يريد منه أن يذكر بعض الأحاديث ويكتم البعض الآخر! إذن وفق رأي مسلم، والذهبي، وابن معين، والعجلي، وأبي زرعة، وأبي حاتم، والرازي وابن حجر يكون سند الحديث صحيحا، فهؤلاء يوثقون حذيفة بن اليمان، والوليد بن جميع. وقطع ابن حزم الأندلسي بعدم صلاة حذيفة على أبي بكر وعمر وعثمان إذ قال: ولم يقطع حذيفة ولا غيره على باطن أمرهم فتورع عن الصلاة
(هامش)
(1) الإصابة ج 1 / 454. (2) البداية والنهاية 4 / 362، 5 / 310، 6 / 225. (3) صحيح مسلم 3 / 1414 حديث 98 - 1787 طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت. (4) المحلى لابن حزم 11 / 225. (*)
عليهم (1). وكما ذكرنا أن حذيفة صاحب سر النبي (صلى الله عليه وآله)، وكان عمر يسأل عن حذيفة إذا مات ميت، فإن حضر الصلاة عليه صلى عليه عمر، وإن لم يحضر حذيفة الصلاة عليه لم يحضر عمر (2). لتحريم الصلاة على المنافقين { ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره } (3). ويذكر أن الذي مات في زمن عمر وحذيفة هو أبو بكر. وقطع ابن حزم الأندلسي بعدم صلاة حذيفة عليه. ثم ذكر ابن عساكر صاحب تاريخ دمشق أيضا، أن حذيفة لم يصل على فلان (4) أي أبي بكر. وهذه عادة معروفة مع الشيخين أبي بكر وعمر. فقد تقدم عمر نفسه إلى حذيفة بطلب الصلاة عليه، فلما رأى عدم صلاة حذيفة عليه اندهش وتقدمت عيناه، ثم سأل حذيفة: أمن القوم أنا؟ يعني المنافقين؟ (5) وقد صرح النبي (صلى الله عليه وآله) (6) وعلي (عليه السلام) وعمر (7) بمعرفة حذيفة بن اليمان
(هامش)
(1) المحلى، ابن حزم الأندلسي 11 / 255. (2) الاستيعاب، ابن عبد البر 1 / 278 بهامش الإصابة وأسد الغابة، ابن الأثير 1 / 468، السيرة الحلبية 3 / 143، 144. (3) التوبة: 84. (4) مختصر تاريخ دمشق، ابن عساكر 6 / 253، طبعة دار الفكر الأولى - دمشق. (5) مختصر تاريخ دمشق 6 / 253، فلم يخبره حذيفة خوفا من القتل، ولقد أراد عمر أن يفهم هل عرفه حذيفة في ليلة العقبة أم لا؟ (6) مختصر تاريخ دمشق 6 / 253، المستدرك، الحاكم 3 / 381. (7) المصدر السابق. (*)
بأسماء المنافقين، فقد قال علي (عليه السلام): ذاك امرؤ علم المعضلات والمفصلات، وعلم أسماء المنافقين، إن تسألوه عنها تجدوه بها عالما (1). وحذيفة لم يخبر أحدا بأسماء المنافقين، لكنه لم يصل عليهم! والمقصود بهم هنا مجموعة المهاجمين له (صلى الله عليه وآله) في العقبة. قال حذيفة: مر بي عمر بن الخطاب وأنا جالس في المسجد فقال لي: يا حذيفة إن فلانا (2) قد مات فاشهده. قال: ثم مضى، إذ كاد أن يخرج من المسجد، التفت إلي فرآني وأنا جالس فعرف، فرجع إلي فقال: يا حذيفة أنشدك الله أمن القوم أنا؟ قال: قلت: اللهم لا ولن أبرئ أحدا بعدك. قال: فرأيت عيني عمر جاءتا (3). أي عرف عمر عدم رغبة حذيفة بالصلاة على جثمان أبي بكر. وروى ابن عساكر: دخل عبد الرحمن على أم سلمة رضي الله عنها، فقالت: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: إن من أصحابي لمن لا يراني بعد أن أموت
(هامش)
(1) مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر، ابن منظور 6 / 252، أسد الغابة، ابن الأثير ترجمة حذيفة 1 / 468 طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت، تاريخ دول الإسلام، شمس الدين الذهبي ص 22. (2) أي أبا بكر. (3) مختصر تاريخ ابن عساكر 6 / 253، طبعة دار الفكر الأولى 1404 ه‍ - 1984 م، وكان عمر إذا مات ميت سأل عن حذيفة، فإن حضر الصلاة عليه صلى عليه عمر، وإن لم يحضر حذيفة الصلاة عليه لم يحضر عمر، الاستيعاب، ابن عبد البر الأندلسي 1 / 278 بهامش الإصابة، أسد الغابة، ابن الأثير 1 / 468، السيرة الحلبية 3 / 143. (*)
أبدا، فخرج عبد الرحمن من عندها مذعورا، حتى دخل على عمر، فقال له: اسمع ما تقول أمك. فقام عمر حتى دخل عليها، فسألها، ثم قال أنشدك الله أمنهم أنا؟ قالت: لا ولن أبرئ بعدك أحدا (1). وكان ابن عوف وعمر من رجال العقبة (2). والظاهر أن عمر كان خائفا جدا من هذا الموضوع بحيث سأل عنه حذيفة وأم سلمة! ولقد وقع حذيفة وأم سلمة في حرج شديد من سؤال عمر الخطير لهما وبان هذا الحرج من قولهما: لن أبرئ بعدك أحدا. وقال نافع بن جبير بن مطعم: لم يخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأسماء المنافقين، الذين بخسوا به ليلة العقبة بتبوك غير حذيفة، وهم اثنا عشر رجلا (3). ولقد أضافوا إلى حديث ابن عساكر شيئا لم يكن موجودا في أصله، وهو: ليس فيهم قرشي، وكلهم من الأنصار أو من حلفائهم؟! ليبعدوا الشبهة عن قريش، ويضعوها على عاتق الأنصار، كما فعلوا ذلك في حوادث عديدة! ومنها السقيفة! إذ اتهموا زورا سعد بن عبادة بمحاولة اغتصاب السلطة، وادعوا قيام العباس بن أبي طالب بسقي النبي (صلى الله عليه وآله) شرابا، في حين قاموا هم باغتصاب السلطة وسقي النبي (صلى الله عليه وآله) الشراب القاتل (4).
(هامش)
(1) مختصر تاريخ دمشق 19 / 334. (2) منتخب التواريخ ص 63. (3) مختصر تاريخ ابن عساكر 6 / 253، المستدرك الحاكم 3 / 381. (4) صحيح البخاري 7 / 17، صحيح مسلم 7 / 24، 198، معجم ما استعجم، عبد الله الأندلسي ص 142. (*)
وقال حذيفة: لو كنت على شاطئ نهر، وقد مددت يدي لأغرف، فحدثتكم بكل ما أعلم، ما وصلت يدي إلى فمي، حتى أقتل (1). أي لو أخبر حذيفة بأسماء المنافقين الأحياء منهم والأموات، لقتلوه بسرعة، لذلك لم يخبر بأسمائهم في زمن حكم أبي بكر وعمر ولكنه كان لا يصلي عليهم وهذه إشارة ذلك، وفي زمن حكم عثمان وعلي (عليه السلام) صرح بأسمائهم فقتلوه، كما توقع هو! وعن حذيفة أنه قال: خذوا عنا فإنا لكم ثقة، ثم خذوا عن الذين يأخذون عنا، فأنهم لكم ثقة، ولا تأخذوا عن الذين يلونهم. قالوا: لم؟ قال: لأنهم يأخذون حلو الحديث ويدعون مره، ولا يصلح حلوه إلا بمره (2). وقال حذيفة: لقد حدثني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما يكون حتى تقوم الساعة، غير أني لم أسأله ما يخرج أهل المدينة منها (3). هل كان أبو موسى الأشعري من المنافقين؟ كانت سيرة أبي موسى الأشعري غير مرضية بالعمل والقول وقد
(هامش)
(1) مختصر تاريخ ابن عساكر 6 / 259. (2) مختصر تاريخ ابن عساكر 6 / 259. (3) مختصر تاريخ ابن عساكر 6 / 249. (*)
اتهمه أعاظم الصحابة بالنفاق. فقد ذكره حذيفة في جملة منافقي ليلة العقبة: إذ جاء في الرواية: أن عمارا سئل عن أبي موسى فقال: سمعت فيه من حذيفة قولا عظيما، سمعته يقول: صاحب البرنس (1) الأسود، ثم كلح كلوحا علمت منه أنه كان ليلة العقبة بين ذلك الرهط. جاء في مسند حذيفة بن اليمان عن أبي الطفيل قال: كان بين حذيفة، وبين رجل من أهل العقبة بعض ما يكون بين الناس فقال (حذيفة): أنشدك الله كم كان أصحاب العقبة؟ فقال أبو موسى الأشعري: قد كنا نخبر أنهم أربعة عشر. فقال حذيفة: فإن كنت فيهم فقد كانوا خمسة عشر، أشهد بالله أن اثني عشر منهم حرب لله ورسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد (2). وفي كل كتب السيرة ذكروا بأن المنافقين المذكورين كانوا حربا لله ورسوله (3). ولكن أحد الناشرين امتعض من ذلك وذكر بأنهم حزب الله ورسوله!! وأخرج ابن عدي في الكامل وابن عساكر في التاريخ على ما في منتخب كنز العمال بالإسناد عن أبي نجاء حكيم قال: كنت جالسا مع عمار فجاء أبو موسى فقال: ما لي ولك؟ ألست أخاك؟
(هامش)
(1) البرنس: قلنسوة طويلة وكان النساك يلبسونها في صدر الإسلام قال الجوهري: هو كل ثوب رأسه منه ملتزق به من دراعة أو جبة * المختار 37 ب. (2) كنز العمال، المتقي الهندي المتوفى سنة 975 هجرية 14 / 86 طبع مؤسسة الرسالة - بيروت. (3) تفسير ابن كثير 2 / 605 طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت. (*)
قال (عمار): فما أدري ولكن سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يلعنك ليلة الجبل (العقبة). قال: إنه استغفر لي. قال عمار: قد شهدت اللعن ولم أشهد الاستغفار (1). وذكر حذيفة بن اليمان أبا موسى الأشعري في جملة المنافقين في رواية أخرى، إذ كتب العالم الأندلسي ابن عبد البر في الاستيعاب قائلا: فقد روي فيه لحذيفة كلام، كرهت ذكره، والله يغفر له (2). وفي رواية أخرى: روى جرير بن عبد الحميد الضبي عن الأعمش عن شقيق أبي وائل قال: قال حذيفة بن اليمان: والله ما في أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحد أعرف بالمنافقين مني، وأنا أشهد أن أبا موسى الأشعري منافق (3). وقد سمع عبد الله بن عمر ذلك لكنه قال لأبي بردة بن أبي موسى الأشعري: إن أباك كان خيرا من أبي (4). وقال حذيفة والأشتر عن أبي موسى الأشعري: إنه من المنافقين (5).
(هامش)
(1) منتخب كنز العمال 5 / 234. (2) الاستيعاب بهامش الإصابة، ابن عبد البر الأندلسي ص 372 طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت. (3) الإيضاح، الفضل بن شاذان ص 30 مؤسسة الأعلمي - بيروت. (4) رواه في المشكاة ص 458، وقال: رواه البخاري وأخرجه ابن الأثير في الجامع 9 / 363 عن البخاري، صحيح البخاري باب مناقب الأنصار ص 45. (5) الاستيعاب بهامش الإصابة، ابن عبد البر ص 372، تاريخ الطبري 3 / 501، العقد الفريد، ابن عبد ربة الأندلسي 4 / 325. (*)
أي من المهاجمين للنبي (صلى الله عليه وآله) ليلة العقبة! وعن شقيق كنا مع حذيفة جلوسا فدخل عبد الله (بن عباس) وأبو موسى المسجد فقال: أحدهما منافق ثم قال: إن أشبه الناس هديا وذلا وسمتا برسول الله (صلى الله عليه وآله) عبد الله (بن عباس) (1). وقال عقيل بن أبي طالب عالم الأنساب عنه: ابن المراقة (أي ابن زنا) (2). وقد مات الأشعري في سنة اثنتين وأربعين (3). فيكون من جملة المهاجمين للرسول (صلى الله عليه وآله) في العقبة أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة وسعد بن أبي وقاص وأبو سفيان وأبو موسى الأشعري. وأضاف إليهم صاحب كتاب منتخب التواريخ ابن عوف وابن الجراح ومعاوية وابن العاص والمغيرة وأوس بن حدثان وأبا هريرة وأبا طلحة الأنصاري (4). وكان أبو موسى الأشعري من جناح عمر في الحزب القرشي لذلك أوصى به عمر كثيرا إذ جاء عن مجاهد عن الشعبي: كتب عمر في وصيته: لا يقر لي عامل أكثر من سنة، وأقر الأشعري على البصرة
(هامش)
(1) أعلام النبلاء، الذهبي 2 / 394، تاريخ الفسوي 2 / 771 واقتبسه ابن عساكر ص 538. (2) شرح نهج البلاغة، المعتزلي 2 / 125. (3) الطبقات 6 / 16، أعلام النبلاء 2 / 38. (4) منتخب التواريخ، محمد هاشم خراساني ص 63. (*)
أربع سنين (1). ومقابل ذلك استمر أبو موسى الأشعري في دعم عمر وأولاده، ومعاديا لأهل البيت (عليهم السلام) ففي معركة الجمل ثبط الناس عن الحرب مع علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وفي قضية التحكيم في معركة صفين خلع علي بن أبي طالب (عليه السلام) من الخلافة ودعا لخلافة عبد الله بن عمر! وقد جاء في الحديث الصحيح: يا علي لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق (2). ولأنه من جناح عمر بن الخطاب لم يوله أبو بكر منصبا من المناصب، ولأجل ذلك عزلة عثمان بن عفان من ولاية البصرة وولاها عبد الله بن عامر بن كريز الأموي (3).
محاولة قتل النبي في عقبة الهريش
ذكر في كتاب الديلمي بأن الرسول (صلى الله عليه وآله) أخبر عائشة بانقضاء عمره وقرب تنصيبه عليا (عليه السلام) خليفة للمسلمين. ووقعت هذه الحادثة قبل حادثة الغدير وجاء: فلم تلبث أن أخبرت حفصة، وأخبرت كل واحدة منها أباها، فاجتمعا
(هامش)
(1) الإصابة، ابن حجر 2 / 360 طبعة دار إحياء التراث - بيروت، الطبقات، ابن سعد 5 / 45. (2) صحيح مسلم، كتاب الإيمان 1 / 120. (3) الاستيعاب بهامش الإصابة، ابن عبد البر 1 / 278 طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت. (*)
فأرسلا إلى جماعة الطلقاء والمنافقين فخبراهم بالأمر فأقبل بعضهم على بعض وقالوا: إن محمدا يريد أن يجعل هذا الأمر في أهل بيته كسنة كسرى وقيصر إلى آخر الدهر، لا والله ما لكم في الحياة من حظ إن أفضي هذا الأمر إلى علي بن أبي طالب، وأن محمدا عاملكم على ظاهركم، وأن عليا يعاملكم على ما يجد في نفسه منكم، فأحسنوا النظر لأنفسكم في ذلك وقدموا آراءكم فيه. ودار الكلام فيما بينهم وأعادوا الخطاب وأجالوا الرأي فاتفقوا على أن ينفروا بالنبي (صلى الله عليه وآله) ناقته على عقبة الهريش، وقد كانوا صنعوا مثل ذلك في غزاة تبوك، فصرف الله الشر عن نبيه (صلى الله عليه وآله) فاجتمعوا في أمر رسول الله من القتل والاغتيال واستقاء السم على غير وجه، وقد كان اجتمع أعداء رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الطلقاء من قريش والمنافقين من الأنصار، ومن كان في قلبه الارتداد من العرب في المدينة وما حولها، فتعاقدوا وتحالفوا على أن ينفروا به ناقته، وكانوا أربعة عشر رجلا، وكان من عزم رسول الله أن يقيم عليا (عليه السلام) وينصبه للناس بالمدينة إذا أقدم، فسار رسول الله يومين وليلتين، فلما كان في اليوم الثالث أتاه جبرائيل (عليه السلام) بآخر سورة الحجر فقال: إقرأ ولنسألهم أجمعين عما كانوا يعملون، فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين. قال: ورحل رسول الله وأغدق السير مسرعا على دخول المدينة لينصب عليا (عليه السلام) علما للناس، فلما كانت الليلة الرابعة هبط جبرائيل (عليه السلام) في آخر الليل فقرأ عليه:
{ يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين } (1)، فقال (صلى الله عليه وآله): أما تراني يا جبرائيل أغدق السير مجدا فيه لأدخل المدينة فأعرض ولاية علي على الشاهد والغائب. فقال له جبرائيل (عليه السلام): الله يأمرك أن تفرض ولاية علي غدا إذا نزلت منزلك. فقال رسول الله: نعم يا جبرائيل غدا أفعل ذلك إن شاء الله، وأمر رسول الله بالرحيل من وقته، وسار الناس معه حتى نزل بغدير خم، وصلى بالناس وأمرهم أن يجتمعوا إليه، ودعا عليا (عليه السلام) ورفع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يد علي اليسرى بيده اليمنى ورفع صوته بالولاء لعلي على الناس أجمعين، وفرض طاعته عليهم، وأمرهم أن لا يختلفوا عليه بعده، وخبرهم أن ذلك عن الله عز وجل، وقال لهم: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم. قالوا: بلى يا رسول الله. قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله، ثم أمر الناس أن يبايعوه فبايعه الناس جميعا ولم يتكلم منهم أحد. وقد كان أبو بكر وعمر تقدما إلى الجحفة فبعث وردهما، ثم قال لهما النبي (صلى الله عليه وآله) متهجما: يا بن أبي قحافة ويا عمر بايعا عليا
(هامش)
(1) المائدة: 67. (*)
بالولاية من بعدي فقالا: أمر من الله ورسوله. فقال: وهل يكون مثل هذا من غير أمر الله ومن رسوله، نعم أمر من الله ومن رسوله فبايعا ثم انصرفا، وسايرا رسول الله (صلى الله عليه وآله) باقي يومه وليلته، حتى إذا دنوا من العقبة تقدمه القوم فتواروا في ثنية العقبة، وقد حملوا معهم دبابا (1) وطرحوا فيها الحصى. قال حذيفة: ودعاني رسول الله ودعا عمار بن ياسر وأمره أن يسوقها وأنا أقودها، حتى إذا صرنا في رأس العقبة ثار القوم من ورائنا، ودحرجوا الدباب بين قوائم الناقة فذعرت وكادت أن تنفر برسول الله، فصاح بها النبي: أن اسكني وليس عليك بأس، فأنطقها الله تعالى بقول عربي فصيح، فقالت: والله يا رسول الله ما أزلت يدا عن مستقر يد ولا رجل عن موضع رجل وأنت على ظهري، فتقدم القوم إلى الناقة ليدفعوها، فأقبلت أنا وعمار نضرب وجوههم بأسيافنا، وكانت ليلة مظلمة فزالوا عنا وأيسوا مما ظنوا ودبروا، فقلت: يا رسول الله من هؤلاء القوم وما يريدون، فقال: يا حذيفة هؤلاء المنافقون في الدنيا والآخرة، فقلت: ألا تبعث إليهم يا رسول الله رهطا فيأتوا برؤوسهم. فقال (صلى الله عليه وآله): إن الله أمرني أن أعرض عنهم وأكره أن يقول الناس إنه دعا أناسا من قومه وأصحابه إلى دينه فاستجابوا له فقاتل بهم حتى ظهر على عدوه، ثم أقبل عليهم فقتلهم، ولكن دعهم يا حذيفة فإن الله لهم بالمرصاد
(هامش)
(1) الدبة: التي يجعل فيها الزيت والبزر والدهن والجمع دباب، لسان العرب مادة دبب. (*)
وسيمهلهم قليلا ثم يضطرهم إلى عذاب غليظ، فقلت ومن هؤلاء المنافقون يا رسول الله أمن المهاجرين أمن من الأنصار؟ فسماهم لي رجلا رجلا حتى فرغ منهم وقد كان فيهم أناس أكره أن يكونوا منهم فأمسكت عن ذلك. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا حذيفة كأنك شاك في بعض من سميت لك ارفع رأسك إليهم، فرفعت طرفي إلى القوم وهم وقوف على الثنية، فبرقت برقة فأضاءت جميع ما حولنا وثبتت البرقة حتى خلتها شمسا طالعة، فنظرت والله إلى القوم فعرفتهم رجلا رجلا وإذا هم كما قال رسول الله، وعدد القوم أربعة عشر رجلا، تسعة من قريش، وخمسة من سائر الناس، فقال له سمهم لنا يرحمك الله فقال حذيفة: هم والله أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وأبو عبيدة بن الجراح ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص، هؤلاء من قريش وأما الخمسة فأبو موسى الأشعري والمغيرة بن شعبة الثقفي وأوس بن الحدثان البصري وأبو هريرة وأبو طلحة الأنصاري. قال حذيفة ثم انحدرنا من العقبة وقد طلع الفجر، فنزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فتوضأ وانتظر أصحابه حتى انحدروا من العقبة واجتمعوا فرأيت القوم بأجمعهم، وقد دخلوا مع الناس، وصلوا خلف رسول الله، فلما انصرف من صلاته (صلى الله عليه وآله) التفت فنظر إلى أبي بكر وعمر وأبي عبيدة يتناجون فأمر مناديا فنادى في الناس: لا يجتمع ثلاثة نفر من الناس يتناجون فيما بينهم بسر. وارتحل رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالناس من منزل العقبة فلما نزل المنزل الآخر
رأى سالم مولى أبي حذيفة أبا بكر وعمر وأبا عبيدة يسار بعضهم بعضا فوقف عليهم وقال: أليس قد أمر رسول الله أن لا يجتمع ثلاثة نفر من الناس على سر، والله لتخبروني عما أنتم وإلا أتيت رسول الله حتى أخبره بذلك منكم، فقال أبو بكر يا سالم عليك عهد الله وميثاقه ولئن نحن خبرناك بالذي نحن فيه وإنما اجتمعنا له فأن أحببت أن تدخل معنا فيه دخلت وكنت رجلا منا وإن كرهت ذلك كتمته علينا، فقال سالم: ذلك لكم مني وأعطاهم بذلك عهده وميثاقه وكان سالم شديد البغض والعداوة لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، وعرفوا ذلك منه فقالوا له: إنا قد اجتمعنا على أن نتحالف ونتعاقد على أن لا نطيع محمدا فيما فرض علينا من ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) بعده. فقال لهم سالم: عليكم عهد الله وميثاقه، إن في هذا الأمر كنتم تخوضون وتتناجون. قالوا: أجل علينا عهد الله وميثاقه إنما كان في هذا الأمر بعينه لا في شيء سواه. قال سالم: وأنا والله أول من يعاقدكم على هذا الأمر ولا يخالفكم عليه، إنه والله ما طلعت الشمس على أهل بيت أبغض إلي من بني هاشم، ولا في بني هاشم أبغض إلي ولا أمقت من علي بن أبي طالب (عليه السلام) فاصنعوا في هذا الأمر ما بدا لكم، فإني واحد منكم، فتعاقدوا من وقتهم على هذا الأمر ثم تفرقوا (1).
(هامش)
(1) إرشاد القلوب، الديلمي ص 330 - 333، منشورات الشريف الرضي. (*)












عرض البوم صور الشيخ عباس محمد   رد مع اقتباس
إضافة رد


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
( علي (ع) خير البشر بعد النبي (ص) )من مصادر اهل السنة الشيخ عباس محمد منتدى الوصي المرتضى (سلام الله عليه) 1 27-05-2016 12:33 AM
( علي (ع) أخو النبي (ص) ) من مصادر اهل السنة الشيخ عباس محمد منتدى الوصي المرتضى (سلام الله عليه) 0 06-05-2016 09:19 PM
( قول النبي (ص) : فمن أدركه منكم فلينصره )من مصادر اهل السنة الشيخ عباس محمد منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه) 0 02-08-2015 06:54 PM
( تدليل النبي (ص) للإمام الحسين (ع) ) من مصادر اهل السنة الشيخ عباس محمد منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه) 0 02-08-2015 06:50 PM
(( حب النبي (ص) للإمام الحسن (ع) )من مصادر اهل السنة الشيخ عباس محمد منتدى الامام الحسن المجتبى (سلام الله عليه) 0 02-08-2015 04:38 PM


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات احباب الحسين