العودة   منتديات احباب الحسين عليه السلام > القسم الاسلامي > منتدى النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)
منتدى النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) سنة الرسول - اخلاق الرسول - صفات الرسول - أعمال الرسول - افعال الرسول - غزوات الرسول - فتوحات الرسول - احاديث الرسول - زوجات الرسول - صلى الله عليه وآله


ملَكَة الزهد بين المظهر والجوهر

منتدى النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)


إضافة رد
قديم 24-12-2014, 12:55 AM   المشاركة رقم: 1
معلومات العضو
العلوية ام موسى الاعرجي
 
الصورة الرمزية العلوية ام موسى الاعرجي

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
العلوية ام موسى الاعرجي غير متواجد حالياً

المنتدى : منتدى النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)
ملَكَة الزهد بين المظهر والجوهر

للزهد وجهان، أحدهما ظاهر للعيان، والآخر يكمن في الجوهر، وهو غير مرئي، يكتشفه الناس بالشعور وليس بالرؤية البصرية كما تتم رؤية المظهر، وهذان الوجهان يتعاونان ويتعاضدان، حتى يكتمل الزهد في شخصية الانسان، ويصبح ملَكة مغروسة في روحيه وقلبه، لتنعكس على اقواله وسلوكه معا، وعندما تتحقق الدرجة القصوى من الزهد للانسان، عند ذاك تصبح مَلَكة وليست صفة، بمعنى أن الانسان في هذه الحالة لا يفتعل الزهد في سلوكه واقواله، إنما ينبع الزهد بصورة آلية من أعماقه من دون أن يقصد، لأن الزهد عندما يكون ملًكة، فإن الانسان سوف يكون زاهدا حقيقيا وليس ظاهريا.
ويعد الزهد من أهم ملكات المرجع الديني، حيث تكتمل شخصيته الفعلية بهذه الملكة، فيكون بذلك نموذجا للاخرين، وفي هذا المجال يقول الامام الراحل، آية الله العظمى، السيد محمد الحسيني الشيرازي (رحمه الله)، في كتابه القيّم الموسوم بـ (المرجعية الاسلامية): (ينبغي على المرجع أن يكون زاهداً في الحياة راغباً في الآخرة، ويكون القبر والموت نصب عينيه).
ولعل الجانب الأكثر أهمية في الزهد، يكمن في كونه يمثل عاملا تربويا مهما للناس، لأن الانسان الزاهد هو الاكثر صبرا من غيره على تحمل مصاعب الحياة، كما أنه هو الذي يتحكم بنفسه وشهواته، على خلاف من لا يتحلى بالزهد، كذلك يكون الانسان الزاهد متوازنا لا تستطيع مزايا السلطة والقوة والنفوذ والمال من دفعه الى التعلق بالحياة ومن ثم ظلم الناس والتجاوز على حقوقهم.
لذلك كلما كان الانسان زاهدا، كلما كان اكثر حبا للخير، واكثر قدرة على العمل الصالح من غيره، بسبب سيطرته على اهوائه وشهواته ورغباته، وعندما يتمكن الانسان من تحقيق التحكم بنفسه، فإنه لا ريب سوف يزهد بكل مزايا ومظاهر الحياة التي تتأسس على ظلم الآخرين والتجاوز على حقوقهم، كما هو الحال مع بعض الحكام والحكومات القائمة على الاستبداد والتجاوز على حقوق الشعب، لذلك عندما يكون الحاكم زاهدا بالسلطة، فإنه سيكون عادلا رحوما انسانيا في ادارته للدولة والشعب، على العكس من الحاكم المولع بالماديات، فهو سيكون اسير رغباته وشهواته ومطالب نفسه التي تدفعه الى حب المال والجاه والقوة حتى لو تم ذلك على حساب حقوق الآخرين، لذل يساعد الزهد الحكام وعموم الناس على فعل الخير، كما نلاحظ ذلك في قول الامام الشيرازي عن هذا الجانب بالكتاب المذكور نفسه: (إن الزهد من أكبر العوامل التربوية الدافعة إلى العمل الصالح، والتي تجعل الإنسان في دروب الحق وعاملاً في سبيل الله سبحانه وتعالى) .
الزهد ينبع من القلب
لا يرى سماحة اامام الشيرازي ضرورة للزهد، إذا لم يكن نابعا من القلب، بمعنى اذا كان ظاهريا، من اجل أن يأخذ الناس نظرة على الانسان المرجع او الحاكم او المسؤول، بأنه زاهد، فهذا الامر في حقيقته نوع من الخداع او الرياء، لأن الزهد ليس مظهريا، بل ملَكة تترسخ في قلب الانسان واعماقه، عندها يكون الزهد جزءا من مكونات شخصيته، وليس رداءً خارجيه يرتيده أو ينزعه متى يشاء، فالزهد في هذه الحالة، لا يتعلق بما تراه عين الناس في الانسان الزاهد من ملبس ومأكل ومظهر خارجي، إنما الزهد هو الفكر والسلوك الذي ينبع من قلب الانسان.
كما يؤكد ذلك الامام الشيرازي في قوله بكتابه (المرجعية الاسلامية)، إذ يؤكد سماحته على أن: (الزهد المطلوب ليس هو الزهد الظاهري فقط، أي التقليل من الأكل والشرب والملبس، بل الزهد الذي ينبع من القلب) .وعندما يكون الزهد بهذه الصورة، فإنه سيكون فاعلا في الاتجاه الصحيح، وسوف يكون الانسان الزاهد بهذه الطريقة الجوهرية، نموذجا لغيره من الناس، فما بالك عندما يكون مرجعا أو حاكما او مسؤولا كبيرا، لإنه في هذه الحالة سيكون ذا تأثير كبير ومباشر على الاخرين، لسببين:
الأول: لأنه صاحب مركز ديني سياسي اجتماعي كبير في الدولة والمجتمع، وهذا يجعله محط اهتمام الناس، والتأثّر به وبخصاله وشخصيته الزاهدة.
الثاني: يكمن في كون الزهد هنا بمثابة ملَكَة نابعة من اعماق الانسان، وليس لباسا خارجيا يلبسه الانسان عندما يكون بين الناس، ويخلعه عندما يكون بعيدا عنهم.
ولكن هذا لا يعني عدم أهمية المظهر لدى الانسان الزاهد، لأن البذخ والترف فوق العادة، والبحث عن العيش الرغيد لا يمكن أن ينسجم مع الشخصية الزاهدة، أي أن الزهد يعتمد على الوجهين، الظاهري (بساطة الملبس والمأكل والسلوك عموما) والجوهري الداخلي، حيث ينبع الزهد من قلب الانسان الزاهد فينعكس في اقواله وافكاره وسلوكه معا.
لذل يقول الامام الشيرازي في هذا المجال بالكتاب المذكور نفسه: (من الممكن تقوية ملكة الزهد في النفس كما ذكروا في كتب الأخلاق، وإذا كان المرجع زاهداً يصبح مظهره سبباً لهداية الناس، لأن رؤيته ستذكر الناس بالأنبياء والصالحين، وسينعكس أثر ذلك بصورة مباشرة في إيمان الناس وعقيدتهم) .
الزهد وعدم التعلق بالحياة
هناك خيط رفيع بين الانغماس في الملذَات، وبين حق الانسان في التنعّم بها، بمعنى ان الله سبحانه وتعالى، لم يمنع الانسان من التمتع بما تتيحه له الحياة من مزايا وطيبات، ولك هذا لا يعني ان يلقي الانسان بنفسه في مستنقع اللذة، وينسى الحدود التي ترفضها الاخلاق والاديان والاعراف، فالزهد بهذا المعنى لا يعني منع الانسان من التنعّم بالحياة، كما يؤكد ذلك الامام الشيرازي في قوله حول هذا الجانب: إن (الزهد ليس عدم التنعّم بالحياة، فقد قال سبحانه وتعالى: * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ*).
ويضيف سماحة الامام قائلا: (بل الزهد هو عدم التعلق بالحياة الدنيا، وعدم انغماس النفس في الشهوات البهيمية، والاحتياط في ارتكاب المشتبهات)، هذا يعني ان الانسان غير ممنوع من الحصول على ما هو مشروع ومقبول ومتاح، شرعيا وعرفيا واخلاقيا له، . ولكن عليه ان يحذر من الانغماس والوقوع في مصيدة الغرائز، وعليه أن يحتاط من السقوط في هذه البئر العميقة من المعاصي والتجاوزات.
لذلك فإن شخصية المرجع الديني ينبغي ان تكون محط قبول الناس وقناعتهم، وهذا يمكن ان يتحقق عندما تجتمع في شخصية المرجع والممثل الديني للناس، ملكة الزهد بحالتيه، الظاهرية (المأكل والملبس البسيط المتوازن)، والباطنية (أي عندما يكون جوهر المرجع زاهدا)، وهو في هذه الحالة سوف يتشابه مع الفقراء في الملبس والمأكل، فضلا عن الايمان النابع من القلب، لذلك سوف يكون نموذجا للاخرين.
كما نقرأ ذلك في ما يقوله الامام الشيرازي بكتابه المذكور نفسه، في هذا المجال: (إن فائدة الزهد تكمن في صقل النفس وتقوية الوجدان، فإنه سيقنع الكثير من الناس بالالتفاف حول الدين لأنهم سيرون ممثله إنساناً صادقاً في دعواه وإنه يتساوى في حياته مع الفقراء ، بل يعيش عيشة أقل من الفقير مع أنه يمتلك الأموال الكثيرة) .ولعل مصدر قوة المرجع هنا أنه مع قدرته الكبيرة لا سيما المادية منها، على أن يعيش عيشا مرفّها رغيدا، لكنه يأبى ذلك ويزهد فيه، ويفضّل أن يعيش كما الفقراء، منتميا إليهم، في المظهر، ونموذجا لهم في الجوهر، وهذه هذه الشخصية الدينية المؤثرة في الناس والقادرة على التأثير فيهم، بصدق وقناعة تامة.












عرض البوم صور العلوية ام موسى الاعرجي   رد مع اقتباس
قديم 23-07-2015, 04:31 PM   المشاركة رقم: 2
معلومات العضو
عاشقة ام الحسنين

مراقـــبة عـــــامة

 
الصورة الرمزية عاشقة ام الحسنين

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
عاشقة ام الحسنين غير متواجد حالياً

كاتب الموضوع : العلوية ام موسى الاعرجي المنتدى : منتدى النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)
افتراضي

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم ياكريم

يسلمووووؤا على الموضوع القيم


يعطيك الله العافية على الطرح المميز












توقيع : عاشقة ام الحسنين

عرض البوم صور عاشقة ام الحسنين   رد مع اقتباس
إضافة رد


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
بين المظهر والجوهر نلتقي دمعة الكرار احباب الحسين العام 4 11-03-2012 06:08 AM
الزهد والرغبة عاشقة النور المنتدى الاسلامي العام 4 06-05-2011 05:09 PM
الزهد في الدنيا لبيك داعي الله المنتدى الاسلامي العام 4 24-02-2011 05:25 PM
الزهد من الدنيا @ميقات المنتدى الاسلامي العام 3 06-10-2010 06:25 PM
الزهد بين كلمتين عاشقة النور المنتدى الاسلامي العام 8 20-07-2010 11:20 PM


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات احباب الحسين