العودة   منتديات احباب الحسين عليه السلام > القسم الاسلامي > منتدى رد الشبهات > حقائق تحت المجهر
روابط مفيدة مشاركات اليوم البحث


صلاة التراويح بين السنة والبدعة –ج 4

حقائق تحت المجهر


إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-09-2009, 11:49 PM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

محـب الحسين

الصورة الرمزية محـب الحسين


الملف الشخصي









محـب الحسين غير متواجد حالياً


صلاة التراويح بين السنة والبدعة –ج 4

. قوله: «فتوفّي رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) والأمر على ذلك، ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر».
فقد فسّـره الشرّاح بقولهم: أي على ترك الجماعة في التراويح، ولم يكن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) جمع الناس على القيام.( [57]).
وقال بدر الدين العيني: والناس على ذلك (أي على ترك الجماعة) ثم قال: فإن قلت: روى ابن وهب عن أبي هريرة: خرج رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) وإذا الناس في رمضان يصلّون في ناحية المسجد، فقال: «ما هذا» فقيل: ناس يصلّـي بهم أُبيّ بن كعب، فقال: «أصابوا ونِعمَ ما صنعوا»، ذكره ابن عبد البر. ثم أجاب بقوله، قلت: فيه مسلم بن خالد وهو ضعيف، والمحفوظ أنّ عمر ـ رضي اللّه عنه ـ هو الذي جمع الناس على أُبيّ بن كعب ـ رضي اللّه عنه ـ.( [58])
وقال القسطلاني: والأمر على ذلك (أي على ترك الجماعة في التراويح) ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر ، إلى آخر ما ذكره.( [59])
وقال النووي: في شرح قوله«فتوفّي رسول اللّه والأمر على ذلك» معناه: استمر الأمر هذه المدة على أنّ كلّ واحد يقوم رمضان في بيته منفرداً حتّى انقضى صدر من خلافة عمر ثمّ جمعهم عمر على أُبي بن كعب فصلّى بهم جماعة، واستمر العمل على فعلها جماعة.( [60])
وأخرج أيضاً عن عبد الرحمن بن عبد القاري انّه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلّـي الرجل لنفسه ويصلّي الرجل فيصلّي بصلاته الرهط ( [61])، فقال عمر: إنّي أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثمّ عزم فجمعهم على أُبيّ بن كعب، ثمّ خرجت معه ليلة أُخرى والناس يصلّون بصلاة قارئهم ، قال عمر: نعم البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون، يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوّله.( [62])
قوله: «نِعمَ البدعة»:
إنّ الظاهر من قوله: «نِعمَ البدعة هذه» أنّها من سُنن نفس الخليفة ولا صلة لها بالشرع، وقد صرّح بذلك لفيف من العلماء.
قال القسطلاني: سمّاها (عمر) بدعة، لأنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يسنّ لهم الاجتماع لها، ولا كانت في زمن الصديق، ولا أوّل الليل ولا كلّ ليلة ولا هذا العدد ـ إلى أن قال: ـ وقيام رمضان ليس بدعة، لأنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «اقتدوا باللّذين من بعدي أبي بكر وعمر»، وإذا اجتمع الصحابة مع عمر على ذلك زال عنه اسم البدعة.
وقال العيني: وإنّما دعاها بدعة، لأنّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يسنّها لهم، ولا كانت في زمن أبي بكر ـرضي اللّه عنهـ ولا رغب رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) فيها.( [63])
وهناك من نقل أنّ عمر أوّل من سنّ الجماعة، نذكر منهم:
1. قـال ابن سعد في ترجمـة عمـر: هو أوّل من سنّ قيـام شهر رمضان بالتراويح، وجمع الناس على ذلك، وكتب به إلى البلدان، وذلك في شهر رمضان سنة أربع عشرة.( [64])
2. وقال ابن عبد البر في ترجمة عمر: وهو الذي نوّر شهر الصوم بصلاة الاشفاع فيه.( [65])
قال الوليد بن الشحنة عند ذكر وفاة عمر في حوادث سنة 23هـ: وهو أوّل من نهى عن بيع أُمهات الأولاد ...وأوّل من جمع الناس على إمام يصلّـي بهم التراويح.( [66])
إذا كان المفروض أنّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يسنّ الجماعة فيها، وإنّما سنَّها عمر، فهل يكفي تسنين الخليفة في مشروعيتها؟ مع أنّه ليس لإنسان ـ حتى الرسول ـ حقّ التسنين والتشريع، وإنّما هو (صلى الله عليه وآله وسلم) مبلغ عن اللّه سبحانه.
إنّ الوحي يحمل التشريع إلى النبي الأكرم وهو (صلى الله عليه وآله وسلم) الموحى إليه وبموته انقطع الوحي وسدّ باب التشريع والتسنين، فليس للأُمة إلاّ الاجتهاد في ضوء الكتاب والسنّة، ولا يحقّ لها التشريع والتسنين، ومن رأى أنّ لغير اللّه سبحانه حقّ التسنين فمعنى ذلك عدم انقطاع الوحي.
قال ابن الأثير في نهايته، قال: ومن هذا النوع قول عمر : نِعمَ البدعة هذه (التراويح) لما كانت من أفعال الخير وداخلة في حيز المدح سماها بدعة ومدحها، إلاّ أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يسنّها لهم وإنّما صلاّها ليالي ثم تركها، ولم يحافظ عليها، ولا جمعَ الناس لها، ولا كانت في زمن أبي بكر وإنّما عمر جمع الناس عليها وندبهم إليها، فبهذا سمّاها بدعة وهي في الحقيقة سنّة، لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين من بعدي»، وقوله: «اقتدوا باللّذين من بعدي أبي بكر وعمر».( [67])
وكلامه وكلام كلّ من برّر كون الجماعة سنّة، دالّ على أنّ للخلفاء حقّ التشريع والتسنين، أو للخليفتين فقط.
التشريع مختص باللّه سبحانه
إنّ هؤلاء الأكابر مع اعترافهم بأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يسنّ الاجتماع، برّروا إقامتها جماعة بعمل الخليفة، ومعناه أنّ له حقّ التسنين والتشريع، وهذا يضاد إجمـاع الأُمّة، إذ لا حـقّ لإنسان أن يتـدخّل في أمـر الشريعة بعـد إكمالهـا، لقوله تعـالى: ( اليَوْمَأَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً ) ( [68]) وكلامه يصادم الكتاب والسنّة، فانّ التشريع حقّ اللّه سبحانه لم يفوّضه لأحد والنبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) مبلّغ عنه.
أضف إلى ذلك: أنّه لو أُعطي للخليفة الضوء الأخضر في مجال التشريع والتسنين، فلم لا يعطى مثل ذلك الضوء لسائر الصحابة مع كون بعضهم أقرأ منه كأُبي بن كعب، وأفرض كزيد بن ثابت، وأعلم كعليّ بن أبي طالب(عليه السلام) ؟! وإذا كان الأمر كذلك، وحصل الجميع على ذلك الضوء، لانتشر الفساد وعمّت الفوضى أمرَ الدين، ويكون الدين أُلعوبة بأيدي غير المعصومين.
وأمّا التمسّك بالحديثين، فلو صحّ سندهما فإنّهما لا يهدفان إلى أنّ لهما حقّ التشريع،بل يفيدان لزوم الاقتداء بهما لأجل أنّهما يعتمدان على سنّة النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) ، لا أنّ لهما حقّ التسنين.
نعم يظهر ممّا رواه السيوطي عن عمر بن عبد العزيز أنّه كان يعتقد أنّ للخلفاء حقّ التسنين، قال: قال حاجب بن خليفة: شهدتُ عمر بن عبد العزيز يخطب وهو خليفة، فقال في خطبته: ألا أنّ ما سنّ رسول اللّه وصاحباه فهو دين نأخذ به وننتهي إليه، وما سنّ سواهما فإنّا نرجئه.( [69])
وعلى كل تقدير، فنحن لسنا بمؤمنين بأنّه سبحانه فوّض أمر دينه في التشريع والتقنين إلى غير الوحي، وفي ذلك يقول الشوكاني: والحقّ أنّ قول الصحابي ليس بحجة، فإنّ اللّه سبحانه وتعالى لم يبعث إلى هذه الأُمّة إلاّ نبيّنا محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) وليس لنا إلاّ رسول واحد، والصحابة ومن بعدهم مكلّفون على السواء باتّباع شرعه والكتاب والسنّة، فمن قال إنّه تقوم الحجّة في دين اللّه بغيرهما، فقد قال في دين اللّه بما لا يثبت، وأثبت شرعاً لم يأمر به اللّه.( [70])
استنباط مشروعيتها من تقرير النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
نقل القسطلاني عن ابن التين وغيره: إنّ عمر استنبط مشروعيتها من تقرير النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن صلّـى معه في تلك الليالي وإن كان كره ذلك لهم فإنّما كرهه خشية أن يفرض عليهم. فلمّا مات النبيّ حصل الأمن من ذلك ورجح عند عمر ذلك لما في الاختلاف من افتراق الكلمة، ولأنّ الاجتماع على واحد أنشط لكثير من المصلّين.( [71])
يلاحظ عليه: أنّه لو كانت صلاة التراويح أمراً مشروعاً ومما سنّها اللّه سبحانه فلماذا كرهه النبي؟! ولو كانت الكراهة لأجل الخشية من الفرض، يكفي في دفعها، أقامتها حيناً بعد حين، فدخوله البيت وعدم حضوره في المسجد، طيلة عمره دالّ على أنّها لم تكن مشروعة، إذ لو كانت مسنونة لما تركها النبي بتاتاً، ونحن نعرف انّ التشريع المجرّد عن التطبيق على الصعيد العملي لغو لا يصدر من اللّه سبحانه.
روى أبو يوسف قال: سألت أبا حنيفة عن التراويح وما فعله عمر، قال: التراويح سنّة مؤكّدة، ولم يتخرص عمر من تلقاء نفسه ولم يكن فيه مبتدعاً ولم يأمر به إلاّ عن أصل لديه وعهد من رسول اللّه. ولقد سنّ عمر هذا وجمع الناس على أبي بن كعب فصلاها جماعة والصحابة متوافرون من المهاجرين والأنصار وما رد عليه واحد منهم بل وافقوه وأمروا بذلك.( [72])
لقد برر أبو يوسف عمل الخليفة بالوجوه التالية، التي نناقشها تباعاً:
1. أصل لديه ، 2. عهد من رسول اللّه، 3. لم يعترض عليه أحد من الصحابة.
يلاحظ على الأوّل ماذا يريد من الأصل الموجود لدى الخليفة، وهل كان هذا الأصل يختص بالخليفة أو يعمّ غيره؟
وعلى الثاني ما هو العهد الذي كان عهده إليه رسول اللّه سوى انّ رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) امتنع من إقامتها جماعة وأمر بإقامتها في البيوت؟
وعلى الثالث أنّ الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) اعترض عليه ووصفها بالبدعة ولم تكن له يومذاك آذان صاغية، كما أن روايات سائر أئمة أهل البيت تكشف عن مخالفتهم لهذه البدعة.
وختاماً نقول: إنّ ما ثبت عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يتجاوز عن انّه صلّى صلاة الليل ليلة أو ليلتين إلى أربع ليالي جماعة ثمّ دخل بيته ولم يخرج، فلو قلنا بأنّ عمل النبي هذا في هذه الظروف المحدقة بالإبهام حجّة، وغضضنا النظر عمّا حوله من ردود من النبي على إقامتها جماعة، فلا يصحّ لنا إلاّ هذا المقدار(ثماني ركعات) بشرط أن تكون الصلاة صلاة الليل لا مطلق النوافل.


خاتمة المطاف
وفيها أُمور:
1 إقامة التراويح جماعة
غفلة عن حكمة اللّه
لو كانت إقامة التراويح جماعة، سنّة مؤكدة، كان على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يوصي بإقامتها بعد رحيله، لارتفاع خوف الفرض على المسلمين برحيله. ومع ذلك لم ينبس (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك ببنت شفة، بل دخل بيته مغضباً، ولم يُقمها جماعة إلاّ مرّة أو مرّتين أو ثلاث، كلّها على مضاضة.
وذلك يشير إلى أنّ الحكمة تكمن في إقامتها فرادى في البيوت لا في المساجد، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) أعرف بمصالح ذلك العمل، الذي يُعطي للبيوت حظاً من البركة.
إنّ لتشريعات الإسلام وشعائره أسراراً وحكماً تدركها العقول تارة، و تخفى عليها تارة أُخرى، تغيب عن أذهان بعضهم آونة، وتنكشف لآخرين آونة أُخرى، تُجهل في مقطع زمني معيّن، وتُعلم في مقطع آخر.
وممّا لا شكّ فيه أنّ من وراء سنّة الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) (الذي لا ينطق عن الهوى) في عدم إقامة صلاة التراويح جماعة، حكمةً سامية، قد تتجلى في الآثار الإيجابية التي تترتّب على إقامتها في البيوت فرادى، حيث يقف المصلّي بين يدي ربّه عزّ وجلّ خاشعاً خائفاً راجياً، يبثّه همومه وأحزانه، ويستمطر رحمته وعفوه وغفرانه، ينقطع إليه تعالى بكلّه لا يشغله عن ذلك شاغل، ولا تكدّر موقفه شائبة من شوائب العجب والتباهي والرياء.
ثمّ إنّ إقامتها في البيوت يشيع عليها جواً من الإيمان والطهر والبركة والصفاء، حيث لا يخلو البيت من ذكر وتسبيح وصلوات. ولا ريب أنّ من يقطن في البيت (من زوجة وأولاد وغيرهم) سوف يعيش في رحاب هذه الأجواء، ويتنسَّم أريجها الفوّاح، وذلك لعمري من العوامل التربوية المهمة في الأخذ بأيديهم إلى حيث الهدى والصلاح والاستقامة والسلوك القويم.
يقول السيد شرف الدين: إنّ فائدة إقامتها في البيت فرادى، وهي إنّ المصلّي حين يؤديها ينفرد بربه عزّ وعلا يشكو إليه بثّه وحزنه ويناجيه بمهماته مهمة مهمة حتى يأتي على آخرها ملحّاً عليه، متوسّلاً بسعة رحمته إليه، راجياً لاجئاً، راهباً راغباً، منيباً تائباً، معترفاً لائذاً عائذاً، لا يجد ملجأً من اللّه تعالى إلاّ إليه، ولا منجي منه إلاّ به.
لهذا ترك اللّه السنن حرة من قيد الجماعة ليتزوّدوا فيها من الانفراد باللّه ما أقبلت قلوبهم عليه، ونشطت أعضاؤهم له، يستقلّ منهم من يستقل، ويستكثر من يستكثر، فإنّها خير موضوع، كما جاء في الأثر عن سيّد البشر. إمّا ربطها بالجماعة فيحدّ من هذا النفع، ويقلّل من جدواه.
أضف إلى هذا أنّ إعفاء النافلة من الجماعة يمسك على البيوت حظّها من البركة والشرف بالصلاة فيها، ويمسك عليها حظّها من تربية الناشئة على حبّها والنشاط لها، ذلك لمكان القدوة في عمل الآباء والأُمهات والأجداد والجدّات، وتأثيره في شد الأبناء إليها شدّاً يرسخها في عقولهم وقلوبهم، وقد سأل عبد اللّه بن مسعود رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) : أيّما أفضل، الصلاة في بيتي، أو الصلاة في المسجد؟ فقال(صلى الله عليه وآله وسلم) «ألا ترى إلى بيتي ما أقربه من المسجد، فلأن أُصلّـي في بيتي أحب إليّ من أن أُصلّـي في المسجد إلاّ أن تكون صلاة مكتوبة» رواه أحمد وابن ماجة وابن خزيمة في صحيحه كما في باب الترغيب في صلاة النافلة من كتاب الترغيب والترهيب للإمام زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري. وعن زيد بن ثابت أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «صلّوا أيّها الناس في بيوتكم فانّ أفضل صلاة المرء في بيته إلاّ الصلاة المكتوبة» رواه النسائي وابن خزيمة في صحيحه.( [73])
وحصيلة الكلام: قد روي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) انّه قال: «فصلّوا أيّها الناس في بيوتكم فانّ أفضل صلاة المرء في بيته إلاّ الصلاة المكتوبة».( [74])
وأمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأداء النوافل في البيوت ابتعاداً عن الرياء والسمعة مطلقاً وليس مقيّداً بزمانه، وهذا يدلّ على مرجوحيّة أداء النوافل في المساجد.
فلو كانت الجماعة مشروعة في النوافل لكان الإتيان بها في المساجد جماعة أفضل من الإتيان بها في البيوت، إلاّ أنَّ تصريح النبي بأنّ الإتيان بها في البيوت أفضل كما في الحديث، فهذا ممّا يلوّح ـ على الأقلّ ـ بعدم مشروعيّة الجماعة فيها.
2 تقديم المصلحة على النصّ
إنّ عمل الخليفة لم يكن إلاّ من قبيل تقديم المصلحة ـ حسب تشخيصه ـ على النص وليس هذا المورد وحيداً في حياته بل له نظائر في عهده نظير:
1. تنفيذ الطلاق ثلاثاً بعد ما كان في عهد الرسول وبعده وسنين من عهده طلاقاً واحداً.
2. تحريم متعة الحجّ وقد تمتع الصحابة في عصر النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) .
3. تحريم متعة النساء.
يقول أحمد أمين المصري: ظهر لي أنّ عمر بن الخطاب كان يستعمل الرأي في أوسع من المعنى الذي ذكرناه، وذلك أنّ ما ذكرناه هو استعمال الرأي حيث لا نصّ من كتاب ولا سنّة، ولكنّا نرى الخليفة سار أبعد من ذلك، فكان يجتهد في تعرّف المصلحة التي لأجلها نزلت الآية أو ورد الحديث، ثمّ يسترشد بتلك المصلحة في أحكامه، وهو أقرب شيء إلى ما يعبّـر عنه الآن بالاسترشاد بروح القانون لا بحرفيّته.( [75])
إنّ الاسترشاد بروح القانون الذي أشار إليه أحمد أمين أمر، ونبذ النص والعمل بالرأي أمر آخر، ولكن الطائفة الثانية كانت تنبذ النص وتعمل بالرأي، وما روي عن الخليفة في هذه المسألة ونظائرها من هذا القبيل.
3 تقسيم البدعة إلى الحسنة والسيئة بدعة
قد سمعت من أنّ الخليفة سمّى عمله بدعة حسنة، أو سمّى اجتماع الناس على إمامة أُبيّ بن كعب، بدعة حسنة، فإذا كانت البدعة عبارة عن التدخل في أمر الشريعة، فليس له إلاّ قسم واحد لا يثنّى ولا يكرر.
إنّ إقامة صلاة التراويح جماعة لا تخلو من صورتين:
الأُولى: إذا كان لها أصل في الكتاب والسنّة، فعندئد يكون عمل الخليفة إحياءً لسنّة متروكة، سواء أراد إقامتها جماعة أو جمعهم على قارئ واحد، فلا يصحّ قوله: «نعمت البدعة هذه» إذ ليس عمله تدخّلاً في الشريعة .
الثانية: إذا لم يكن هناك أصل في المصدرين الرئيسين، لا لإقامتها جماعة أو لجمعهم على قارئ واحد، وإنّما كره الخليفة تفرّق الناس، ولأجل ذلك أمرهم بإقامتها جماعة، أو بقارئ واحد، وعندئذ تكون هذه بدعة قبيحة محرّمة.
4 بين السنة والبدعة
البدعة في الدين من كبائر المعاصي وعظائم المحرمات، لأنّ المبتدع ينازع سلطان اللّه تبارك و تعالى في مجالي العقيدة والشريعة ويتدخّل في دينه فيزيد فيه وينقص منه افتراء على اللّه سبحانه.
فإذا دار أمر العبادة بين كونها سنّة أو بدعة فاللازم تركها، لأنّ روح العبادة هو قصد التقرّب بإتيانها ولا يتمشّى قصد القربة بصلاة يحتمل كونها بدعة.
نحن نفترض أنّ ما سردناه من الأدلّة على عدم مشروعية التراويح جماعة، لم يفد اليقين بأنّ صلاة التراويح بدعة لكنّها تورث الشك في مشروعيتها، ومجرّد الشكّ فيها كاف في إلزام العقل بتركها، إذ لا يجوز التعبّد بعمل مشكوك.
فاللازم على المسلم المحتاط إقامة نوافل شهر رمضان بين الأهل والعيال في البيوت فرادى عسى أن يقيض اللّه رجالاً متحررين عن قيد التقليد، يستنبطون الأحكام من الكتاب والسنّة من جديد، وذلك ببناء نهضة علمية وثّابة تعالج الخلافات الفقهية من جذورها، انّه خير مأمول وخير مجيب.


والسلام في البدء والختام

أبومرتضى عليّ
الفهـــــــــــــــــــرس :


[57] - فتح الباري: 4/ 203.
[58] -عمدة القاري في شرح صحيح البخاري: 6/125، وجاء نفس السؤال والجواب في فتح الباري.
[59] -إرشاد الساري: 3/ 425.
[60] -شرح صحيح مسلم للنووي:6/ 287.
[61] -الرهط بين الثلاثة إلى العشرة.
[62] -صحيح البخاري:3/44، باب فضل من قام رمضان من كتاب الصوم
[63] -عمدة القاري: 6/126 ـ وقد سقط لفظة « لا » من قوله و « رغب » كما أنّ كلمة « بقوله » بعد هذه الجملة في النسخة مصحّف « قوله » فلاحظ.
[64] -الطبقات الكبرى: 3/ 281.
[65] -الاستيعاب: 3/1145 برقم 1878.
[71] - فتح الباري: 4/ 204.
[72] -الموسوعة الفقهية الكويتية:13827 نقلاً عن فتح القدير:1/ 333.
[73] -النص والاجتهاد:151ـ 152.
[74] - سنن النسائي:3/161
[75] - فجر الإسلام : 238، نشر دار الكتاب.


التوقيع :
من مواضيع محـب الحسين » الفرق بين الصوم والصيام
» قصيدة موسى بن جعفر على الجسر قوموا نشيعه
» زيارة الإمام الحسين عليه السلام في النصف من رجب مكتوبة
» قصيدة في رثاء الشهيد ابي مهدي المهندس(( جمال العراقيين ))
» سقراط والنوم المتأخر
رد مع اقتباس
قديم 08-10-2009, 12:07 AM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

ابوجعفرالديواني


الملف الشخصي









ابوجعفرالديواني غير متواجد حالياً


افتراضي

وفقك الله اخي على هذا الايضاح
وعلى هذه الادله القاطعه لكل بدعه


من مواضيع ابوجعفرالديواني » على اعتابكم وقفت مرحب
» احذر 3 دقائق الاولى من الأستيقاظ
» الفن على جذوع الاشجار
» انواع الاصدقاء
» الفيل و العُـميان
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
التراويح, السنة, بين, صلاة, والبدعة, –ج

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
صلاة اهل السنة هل هي نفس صلاة النبي (ص) ؟؟؟ ام لم يبقى منها شيء؟؟؟ وفاء للحسين منتدى رد الشبهات 4 01-06-2010 10:00 PM
صلاة التراويح بين السنة والبدعة –ج 1 محـب الحسين حقائق تحت المجهر 5 08-09-2009 02:14 AM
صلاة التراويح بين السنة والبدعة –ج 3 محـب الحسين حقائق تحت المجهر 0 06-09-2009 06:26 AM
صلاة التراويح بين السنة والبدعة –ج 2 محـب الحسين حقائق تحت المجهر 0 06-09-2009 06:24 AM
هل كان المصطفى يصلي التراويح ابوجعفرالديواني حقائق تحت المجهر 9 18-03-2009 01:34 PM



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات احباب الحسين