ولو كانت في تجريح علي وأهل البيت، وفي التقريظ والتقديس لعبد الرحمن بن ملجم.
هذه المرويات يجب قبولها ولا يجوز ردها لأن رواتها من العدول، والعادل لا يتعمد
الكذب، والذين اتبعوا معاوية وسايروه طيلة ثلاثين عاما من حكمه، هؤلاء كلهم
على الحق والهدى، وحتى الذين سموا الحسن بن علي وقتلوا الحسين وأصحابه،
وفعلوا ما فعلوا من الجرائم في الكوفة وغيرها كانوا محقين ومن المهتدين بحجة أن
النبي (صلى الله عليه وآله) قد قال بزعمهم: أصحابي كالنجوم بأيهم اهتديتم
اقتديتم وهذا الحديث ضعفه أئمة أهل الحديث فلا حجة فيه وطعن فيه ابن
تيمية ذاته
ما هو جزاء من لا يعتقد بهذا الرأي؟
بأقل أقوال أهل السنة: إذا رأيت الرجل ينقص أحدا من أصحاب رسول الله
فاعلم أنه زنديق. والذين ينقصون أحدا على الإطلاق من أصحاب رسول الله هم
زنادقة والجرح أولى بهم ومن عابهم أو انتقصهم فلا تواكلوه ولا تشاربوه ولا تصلوا عليه
ما هو سر هذا التشدد والصرامة عند أهل السنة؟
ذلك أن الرسول حق، والقرآن حق، وما جاء به حق، وإنما أدى إلينا ذلك
كله الصحابة. وهؤلاء الذين ينقصون أحدا من الصحابة يريدون أن يخرجوا شهودنا
.( ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح أولى بهم وهم زنادقة
ما قصده ابن حجر عند تعريفه للصحابي بدءا من
خديجة وعلي وزيد بن حارثة وأبي بكر وانتهاء بآخر طفل رأى الرسول أو رآه
الرسول
محاولة للتخفيف من هذا الغلو
قال المارزي في شرح البرهان: " لسنا نعني بقولنا الصحابة عدول كل من رآه
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوما أو زاره لماما، أو اجتمع به لغرض وانصرف عن
كثب، وإنما نعني به الذين لازموه وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك
. هم المفلحون
الآثار المترتبة على هذا التعميم
فالصحابة حسب رأي أهل السنة متساوون بالعدالة،
فجميعهم عدول، فالقاعد كالمجاهد، والعالم كالجاهل، ومن أسلم عن اقتناع
تماما كمن أسلم لينجو بروحه، والسابق كاللاحق، والمنفق كالمقتر، والعاصي
كالمطيع، والطفل المميز تماما كالراشد، ومن قاتل الإسلام في كل المعارك تماما
كمن قاتل مع الإسلام كل معاركه. فعلي عليه السلام الذي قاتل مع الإسلام كل
معاركه هو تماما كأبي سفيان الذي قاد كل الحروب ضد الإسلام، وهو تماما كمعاوية
ابن أبي سفيان وحمزة عليه السلام وهو المقتول وسيد الشهداء تماما مثل قاتله
(وحشي) وعثمان بن عفان المبشر بالجنة هو تماما مثل عمه الحكم بن العاص والد
خلفاء بني أمية، وهو طريد رسول الله وطريد صاحبيه. وقد لعنه الرسول ولعن
ولده و عبد الله بن أبي سرح الذي افترى على الله الكذب وارتد عن الإسلام
وأباح الرسول دمه ولو تعلق بأستار هو تماما كأبي بكر، و عبد الله بن أبي
زعيم المنافقين تماما كعمار بن ياسر...... الخ.
كيف لا؟ فكلهم صحابة وكلهم عدول وكلهم في الجنة ولا يدخل أحد منهم
هل يعقل أن يكون العالم كالجاهل والقاعد كالمجاهد ومن أسلم عن اقتناع
كمن أسلم خوفا؟ هل من المعقول أن يتساوى القاتل والمقتول؟ وهل يتساوى
السابق باللاحق، والمنفق بالمقتر والعاصي بالمطيع وصادق الإيمان بالمتظاهر؟ وأن
يتساوى المؤمن والمنافق.... الخ هل يعقل أن يكون معاوية مثل علي؟
لا الشرع يقبل هذه المساواة ولا العقل ولا المنطق وهي ظلم صارخ وخلط
.( فظيع ينفر منه العقل وتأباها الفطرة الإنسانية السليمة
التفاضل سنة إلهية، ومنهج من مناهج الحياة،
تقتضيه طبيعة الحياة ويقتضيه التباين بين الخلق في القدرة والقوة والفهم، وتحقيق
العدل السياسي والوظيفي من حيث وضع الشخص المناسب في المكان المناسب
المؤدي لتحقيق الغاية الشرعية ووسيلة ذلك كله هو نظام التفاضل الشرعي في الإسلام
على اعتبار أن التفضيل مكافأة وحافز إلهي وأن التفاضل وسيلة شرعية الدليل الشرعي للتفاضل
وسيلة التفاضل مكرسة بالشريعة الإسلامية وبروحها العامة. قال تعالى:
· (فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين)
· (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض)
والتفضيل وارد حتى على مستوى الأسر والأقوام، فها هو
سبحانه وتعالى يخاطب بني إسرائيل:
(أني فضلتكم على العالمين)
(ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبورا)
(وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا)
· (وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا)
· (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح
وقاتل أولئك أعظم درجة). الخ.
والتفضيل ضرورة لمعرفة الأفضل ومن هو المستحق لملء الوظائف العامة عملا
بقوله (صلى الله عليه وآله): من ولي على عصابة رجلا وهو يجد من هو
أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله