وباء الدفتيريا المخيف الذي يهدد حياة الملايين في طريقه إلى الاختفاء
ما حققه الطب من انجازات وتقدم في المئة عام الاخيرة يعادل كل ما انجزته البشرية في تاريخها.
فمع بداية القرن العشرين نستطيع ان نقول ان وباء الدفتيريا المخيف الذي يهدد حياة الملايين في طريقه إلى الاختفاء بسبب اهتمام الدول والمجتمعات وزيادة الوعي الصحي بالتطعيم والالتزام بالمواعيد المحددة له.
في الخمسينات والستينات من القرن العشرين كانت حالات كثيرة تصاب بالمرض خصوصا في فصل الخريف ولم يكن هناك ذلك الوعي الصحي المطلوب بين الافراد للاقبال على تحصين الاطفال والالتزام بمواعيد التطعيم.
فالمرض يهاجم الاطفال والكبار واذا اصاب الاطفال فهو مرض وبائي شديد العدوى سريع الانتشار ينتج عن الاصابة بميكروب الدفتيريا.
تسعون في المئة من الحالات كانت بين سن عام إلى عشرة اعوام من عمر الطفل ولا يعرف المرض قبل ستة اشهر من عمر الطفل نتيجة المناعة التي تكتسبها الام نتيجة تطعيمها منذ طفولتها والتي تنتقل إلى الطفل لتكسبه المناعة.
وتصيب الدفتيريا اجزاء الجهاز التنفسي العلوي والانف والبلعوم والحنجرة ولكن اكثرها انتشارا دفتيريا الحلق.
اما المضاعفات فهي شديدة تؤثر في جميع اجهزة الجسم الحيوية والمهمة مثل القلب والاعصاب والغدد الصماء.
واخطر هذه المضاعفات هو الاصابة بشلل الدفتيريا الذي يؤدي إلى اصابة المريض بالاختناق وهو السبب الذي اطلق على مرض الدفتيريا اسم «الخناق».
ونتناول في هذه الدراسة انواع مرض الدفتيريا المختلفة واعراض كل نوع وخطورته.
كذلك نتناول طرق علاج الدفتيريا ووسائل الوقاية من الاصابة من هذا المرض او هذا الوباء الخطير.
ويجب ان نؤكد على ان التطعيم والتحصين ضد مرض الدفتيريا قادر على منح الطفل المناعة الكافية.
كما ان استخدام الامصال الغنية بالاجسام المناعية قادرة على ابطال مفعول السموم التي تطول انسجة الجسم الحيوية.
اوضحت الدراسات السابقة والحالية ان جهود العلماء والاطباء والقائمين على الرعاية الصحية ان امراض الخريف في طريقها إلى الاختفاء في الدول التي تهتم بتطوير الرعاية الصحية الاولية.
لكن مازالت هذه الامراض تهدد حياة كثير من الناس في الدول النامية وتحتاج للمساعدة من منظمات الامم المتحدة والمنظمات الدولية واهتمام المسؤولين في هذه الدول بالتصدي لهذه الامراض الخريفية.
طريقة انتشار العدوى
الدفتيريا مرض معد وبائي خطير يصيب الاطفال حتى سن الخامسة عشرة من عمرهم.
ويولد الطفل ولديه مناعة مكتسبة من الام ضد الاصابة بالدفتيريا حتى سن ستة اشهر بعد ذلك يزداد الاستعداد للاصابة بالمرض.
وتنتشر العدوى بميكروب الدفتيريا عن طريق الرذاذ المتطاير من فم وحلق وانف المريض اثناء العطس والسعال واثناء الكلام.
كذلك تنتشر العدوى عن طريق حامل المرض الذي لا تظهر عليه الاعراض.
وتنتقل العدوى ايضا عن طرق تلوث ادوات ولعب الاطفال ويمكن الاصابة بالدفتيريا عن طريق تلوث الحليب.
فترة حضانة المرض
فترة حضانة المرض هي الفترة ما بين دخول الميكروب إلى جسم الانسان وظهور اول اعراض وعلامات المرض.
وفترة الحضانة في مرض الدفتيريا تتراوح ما بين يومين إلى ثمانية ايام.
ويصيب الميكروب البلعوم والحنجرة والانف واكثرها انتشار دفتيريا الحلق.
دفتيريا الحلق
تستقر الجرثومة في اللوزتين والغشاء المخاطي المحيط بها وتكوّن غشاء لونه ابيض مائل للرمادي وملتصق بالطبقات التي تحتها.
ويصاحب ذلك التهاب في الحلق وارتفاع في درجة الحرارة مع الشعور بالاجهاد والتعب وألم عند البلع وانبعاث رائحة كريهة من الفم.
ويبدو الطفل شديد الشحوب وقد تتورم الغدد الليمفاوية اسفل الفك وبجانبه وتكون مؤلمة.
ومع تطور المرض تزداد حالة الطفل خطورة فتنخفض المؤشرات والانعكاسات العصبية لديه وتسوء حالة الدورة الدموية والقلب. وقد يؤدي ذلك إلى الوفاة في الحالات الشديدة والتي لم تعط العلاج اللازم.
دفتيريا الأنف
الاصابة بدفتيريا الانف تظهر على شكل غشاء يصيب الجزء الامامي من الانف وقد يمتد إلى الشفة العليا ويؤدي إلى نزول مخاط صديدي مدمم من فتحتي الانف ذي رائحة كريهة.
والاصابة بدفتيريا الانف تكون اقل خطورة لان الغشاء يكون اقل التصاقا بجدار الانف. وعلى هذا يكون امتصاص السموم التي تصل إلى الدورة الدموية اقل وهي التي ينتج عنها الاصابة بالمضاعفات.
ولكن دفتيريا الانف مرض شديد العدوى وسريع الانتشار.
دفتيريا الحنجرة
الاصابة بدفتيريا الحنجرة تحدث بسبب انتشار دفتيريا الحلق إلى الحنجرة ويمتد الغشاء الذي يتكون على الحنجرة إلى القصبة الهوائية والقصبات الرئيسية.
واعراض دفتيريا الحنجرة تغير في الصوت وخشونته وسعال جاف خشن واختناق فتحة اقفال الاحبال الصوتية وهو ما يعرف بـ «stridor» ويصبح لون الطفل ازرق.
وقد يؤدي الامر إلى الوفاة من الاختناق ويجب نقل الطفل بسرعة إلى اقرب مركز صحي او مستشفى لاعطائه الاوكسجين والكوريتزون لعلاج الاختناق.
مضاعفات مرض الدفتيريا
تعود المضاعفات إلى افراز البكتريا سموما قوية والتي تأخذ طريقها إلى الدورة الدموية حيث تظل في الدم لمدة 3 - 4 ايام ثم بعد ذلك تتحد مع انسجة الجسم ولها قابلية خاصة وميل شديد إلى الالتصاق بأنسجة القلب والكلى والغدة الكظرية فوق الكلى والاعصاب.
وتتنوع المضاعفات التي تسببها الدفتيريا نتيجة اصابة الاعصاب الطرفية في الاسبوع الثاني او الثالث من بداية المرض.
وقد يؤثر شكل الدفتيريا على عضلات العين وحركة العين فيحدث زغللة في العين شديدة او يصيب عضلات البلعوم «فيحدث صعوبة شديدة في البلع»، او عضلات الحنجرة والاصابة بالاختناق والحجاب الحاجز وعضلات بين الاضلع فيحدث الاختناق وعدم القدرة على التنفس.
والتهاب عضلة القلب من المضاعفات الخطيرة الذي قد يصعب تشخيصه ويكون مصحوبا بزيادة ضربات القلب والشعور بالخفقان وعدم انتظام النبض الذي يكون سريعا وضعيفا.
ويجب ان يخلد الطفل للراحة التامة حتى تختفي اعراض المرض لانه لو تم علاجه جيدا لا يترك اثارا دائمة او اضرارا مستديمة.
طرق علاج الدفتيريا
الاصابة بمرض الدفتيريا في سبيله إلى الاختفاء في دول العالم المتقدم نتيجة التحصينات والتطعيمات ضد المرض وزيادة الوعي الصحي بالالتزام بمواعيد التطعيم.
ومن المهم جدا في علاج مرض الدفتيريا استخدام مصل المناعة الغني بالاجسام المناعية «الاجسام المضادة» القادرة على ابطال مفعول السموم المفرزة من جرثومة الدفتيريا مع استعمال المضادات الحيوية وذلك لتجنب حدوث المضاعفات الخطيرة.
ويجب ان يترك للطبيب تحديد جرعات المصل والمضادات الحيوية حسب حالة المريض.
وفي حال الحصول على العلاج السليم والكافي في الوقت المناسب تكون نسبة الشفاء الكامل اعلى من 95 في المئة بعد الاسبوع الاول من العلاج.
وفي حالة الطوارئ مثل الاختناق او ضيق التنفس يجب حمل الطفل ونقله بسرعة إلى المركز الصحي او المستشفى.
وذلك لسرعة تنظيف وفتح المسالك والممرات الهوائية وتفادي حدوث الاختناق ونقص الاوكسجين.
حتى نحمي اطفالنا الصغار من هذا المرض الخطير علينا الالتزام بمواعيد التطعيمات الخاصة بالدفتيريا.
والتطعيم ضد الدفتيريا اجباري في كل دول العالم ويعطى مع الطعم الخماسي الذي يشمل «الدفتيريا - السعال الديكي - تيتانوس - الكبد الفيروسي «ب» - هيموفلس انفلونزا».
ويعطى عند نهاية الشهر الثاني ونهاية الشهر الرابع ونهاية الشهر السادس.
ويعطى عند استكمال 8 اشهر ويعطى طعم الدفتيريا مع طعم السعال الديكي ومع طعم التيتانوس عند استكمال ثلاث سنوات ونصف السنة من العمر.
ويعطى الطعم الثنائي «الدفتيريا والتيتانوس» عند بلوغ 16 - 18 سنة من العمر.
ويجب عزل الطفل المريض عن اخوته في البيت او زملائه في المدرسة، ويجب على الام الاهتمام بنظافة طفلها الشخصية وعدم استعمال ادوات الاخرين وخاصة المناشف والفوط او المناديل او اللعب.
كما يجب تهوية فصول المدارس وحجرات المنزل وتجنب الاماكن المزدحمة سيئة التهوية.
المواضيع المتشابهه
العرض العادي
