ابن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين ابن علي بن أبي طالب عليهمالسلام ثامن أئمة أهل البيت الطاهرين عليهمالسلام
مولده و وفاته و مدة عمره و مدفنه
ولد بالمدينة يوم الجمعة أو يوم الخميس 11 ذي الحجة أو ذي القعدة أو ربيع الأول سنة 153 أو 148 للهجرة سنة وفاة جده الصادق عليهالسلامأو بعدها بخمس سنين
و توفي يوم الجمعة أو الإثنين آخر صفر أو 17 أو 21 من شهر رمضان أو 18 جمادى الأولىأو 23 من ذي القعدة أو آخره سنة203 أو 206 أو 202 قال الصدوق في العيون : الصحيح أنه توفي في شهر رمضان لتسع بقين منه يوم الجمعة سنة 203 و كانت وفاته بطوس من أرض خراسان في قرية يقال لها سناآباد من رستاق نوقان من نوقان على دعوة
و عمره«48» أو«47» أو«50» أو«51» أو «57 سنة و 49 يوما أو 79 يوما أو بزيادة 9 أشهر عليها أو 6 أشهر و 10 أيام« على حسب الاختلاف في تأريخ المولد و الوفاة و ما يقال في عمره الشريف أنه«55» أو«52» أو «49 سنة« لا يكاد ينطبق على شيء من الأقوال و الروايات و الظاهر أن منشأ بعضه التسامح بعد السنة الناقصة سنة كاملة.و من الغريب ما ذكره الصدوق في العيون من أن ولادته في 11 ربيع الأول سنة 153 و وفاته لتسع بقين من رمضان سنة203 و عمره «49 سنة و 6 أشهر« مع أنه على هذا يكون عمره «50 سنة و 6 أشهر و 10 أيام« و منشأه عدم التدقيق في الحساب و قد وقع نظيره من الشيخ المفيد في غير المقام كما نبهنا عليه في حواشي المجالس السنية
أقام منها مع أبيه «24 سنة و أشهرا« كما في مطالب السؤول و «25 سنة إلا شهرين« في قول ابن الخشاب و المطابق لما مر أن يكون عمره يوم وفاة أبيه «35 سنة« أو «29 سنة و شهرين« و بعد أبيه 25 سنة كما في مطالب السؤول و المطابق لما تقدم أن يكون بقاؤه بعده 20 سنة كما في الإرشاد أو بنقيصة شهرين أو ثلاثة أو 20 سنة و 4 أشهر أو 22 سنة إلا شهرا و هي مدة إمامته و خلافته و هي بقية ملك الرشيد عشر سنين و خمسة و عشرين يوما ثم خلع الأمين و أجلس عمه إبراهيم بن المهدي أربعة و عشرين يوما ثم أخرج محمد ثانية و بويع له و بقي سنة و سبعة أشهر و قتله طاهر بن الحسين ثم ملك المأمون عبد الله بن هارون بعده عشرين سنة و استشهد عليهالسلام بعد مضي خمس سنين أو ثمان سنين من ملك المأمون
أمه
في مطالب السؤول : أمه أم ولد تسمى الخيزران المرسية و قيل شقراء النوبية و اسمها أروى و شقراء لقب لها
قال الطبرسي في إعلام الورى : أمه أم ولد يقال لها أم البنين و اسمها نجمة و يقال سكن النوبية و يقال تكتم ، قال الحاكم أبو علي قال الصولي و الدليل على أن اسمها تكتم قول الشاعر يمدح الرضا عليهالسلام :
ألا أن خير الناس نفسا و والدا و رهطا و أجدادا علي المعظمأتتنا به للعلم و الحلم ثامنا إماما يؤدي حجة الله تكتم
قال أبو بكر : و قد نسب قوم هذا الشعر إلى عم أبي إبراهيم بن العباس و لم أروه و ما لم يقع لي رواية و سماعا فإني لا أحققه و لا أبطله، قال و تكتم من أسماء نساء العرب قد جاءت في الأشعار كثيرا منها في قول الشاعر:
طاف الخيالان فزادا سقما خيال تكنى و خيال تكتما
)اه(
و صحح الفيروزآبادي تكنى و تكتم على بناء المجهول و قال كل منهما اسم لامرأة
كنيته
أبو الحسن و يقال أبو الحسن الثاني .و روى أبو الفرج في مقاتل الطالبيين ما يدل على أنه يكنى بأبي بكر فروى بسنده عن عيسى بن مهران عن أبي الصلت الهروي قال: سألني المأمون يوما عن مسألة فقلت قال فيها أبو بكر كذا و كذا فقال من أبو بكر أبو بكرنا أو أبو بكر العامة قلت بل أبو بكرنا فقال عيسى لأبي الصلت من أبو بكركم فقال علي بن موسى الرضا كان يكنى به
لقبه
في مطالب السؤول : ألقابه الرضا و الصابر و الرضي و الوفي و أشهرها الرضا ، و مثله في الفصول المهمة مع إبدال الرضي و الوفي بالزكي و الولي ، و في مناقب ابن شهرآشوب قال أحمد البزنطي إنما سمي الرضا لأنه كان رضا لله تعالى في سمائه و رضا لرسوله و الأئمة عليهالسلام بعده في أرضه و قيل لأنه رضي به المخالف و المؤالف و قيل لأنه رضي به المأمون .
نقش خاتمه
في الفصول المهمة : حسبي الله ، و في الكافي بسنده عن الرضا عليهالسلام : نقش خاتمي ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، و في العيون : نقش خاتمه وليي الله.
شاعره
دعبل الخزاعي و أبو نواس و إبراهيم بن العباس الصولي
أولاده
قال كمال الدين محمد بن طلحة في مطالب السؤول : أما أولاده فكانوا ستة: خمسة ذكور و بنت واحدة و أسماء أولاده: محمد القانع ، الحسن ، جعفر ، إبراهيم ، الحسن ، عائشة )اه( و نحوه ذكر عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي في معالم العترة الطاهرة و ابن الخشاب في مواليد أهل البيت و أبو نعيم في الحلية . و في تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي : أولاده محمد الإمام أبو جعفر الثاني و جعفر و أبو محمد الحسن و إبراهيم و ابنة واحدة
و قال المفيد في الإرشاد :
مضى الرضا عليهالسلام و لم يترك ولدا نعلمه إلا ابنه الإمام بعده أبا جعفر محمد بن علي عليهالسلام و قال ابن شهرآشوب في المناقب : أولاده محمد الإمام فقط. و قال الطبرسي في إعلام الورى : كان للرضا من الولد ابنه أبو جعفر محمد بن علي الجواد لا غير ، و عن العدد القوية : كان له ولدان محمد و موسى لم يترك غيرهما ، و عن قرب الإسناد أن البزنطي قال للرضا عليهالسلام إني أسألك منذ سنين عن الخليفة بعدك و أنت تقول ابني و لم يكن لك يومئذ ولد ]و[ اليوم قد وهب الله لك ولدين فأيهما هو؟ و نقل المجلسي في البحار في باب حسن الخلق عن عيون أخبار الرضا عليهالسلام حديثا عن فاطمة بنت الرضا عن أبيها الخ
في إعلام الورى : في ذكر طرف من خصائصه و مناقبه و أخلاقه الكريمة قال إبراهيم بن العباس )يعني الصولي ( : ما رأيت الرضا عليهالسلام سئل عن شيء إلا علمه و لا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان إلى وقته و عصره و كان المأمون يمتحنه بالسؤال عن كل شيء فيجيب عنه و كان حوابه ]جوابه[ كله و تمثله انتزاعات من القرآن المجيد و كان يختمه في كل ثلاث و كان يقول لو أني أردت أن أختمه في أقرب من ثلاث لختمت و لكنني ما مررت بآية قط إلا فكرت فيها و في أي شيء أنزلت )و عنه( قال: ما رأيت و لا سمعت بأحد أفضل من أبي الحسن الرضا و شهدت منه ما لم أشاهد من أحد و ما رأيته جفا أحدا بكلام قط و لا رأيته قطع على أحد كلامه حتى يفرغ منه و ما رد أحدا عن حاجة قدر عليها و لا مد رجليه بين يدي جليس له قط و لا اتكى بين يدي جليس له قط و لا رأيته يشتم أحدا من مواليه و مماليكه و لا رأيته تفل قط و لا رأيته يقهقه في ضحكه بل كان ضحكه التبسم و كان إذا خلا و نصبت الموائد أجلس على مائدته مماليكه و مواليه حتى البواب و السائس و كان قليل النوم بالليل كثير الصوم لا يفوته صيام ثلاثة أيام في الشهر و يقول أن ذلك يعدل صيام الدهر و كان كثير المعروف و الصدقة في السر و أكثر ذلك منه لا يكون إلا في الليالي المظلمة فمن زعم أنه رأى مثله في فضله فلا تصدقوه
قال: و عن محمد بن أبي عياد : كان جلوس الرضا عليهالسلام على حصير في الصيف و على مسح في الشتاء و لبسه الغليظ من الثياب حتى إذا برز للناس تزين لهم ، و قال الصدوق في العيون : كان عليهالسلام خفيف الأكل قليل الطعام )اه( و في خلاصة تذهيب الكمال عن سنن ابن ماجة : كان سيد بني هاشم و كان المأمون يعظمه و يجله و عهد له بالخلافة و أخذ له العهد )اه( و قال الحاكم في تأريخ نيسابور كان يفتي في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله و هو ابن»نيف و عشرين سنة« )اه( و في تهذيب التهذيب : كان الرضا من أهل العلم و الفضل مع شرف النسب
و روى الصدوق في عيون أخبار الرضا بسنده عن رجاء بن أبي الضحاك و كان بعثه المأمون لأشخاص الرضا عليهالسلام قال: و الله ما رأيت رجلا كان أتقى لله منه و لا أكثر ذكراً له في جميع أوقاته منه و لا أشد خوفا لله عزل و جل )إلى أن قال( : و كان لا ينزل بلدا إلا قصده الناس يستفتونه في معالم دينهم فيجيبهم و يحدثهم الكثير عن أبيه عن آبائه عن علي عليهالسلامعن رسول الله صلىاللهعليهوآله فلما وردت به على المأمون سألني عن حاله في طريقه فأخبرته بما شاهدت منه في ليله و نهاره و ظعنه و إقامته فقال بلى يا ابن أبي الضحاك هذا خير أهل الأرض و أعلمهم و أعبدهم»الحديث«
و في أنساب السمعاني : قال أبو حاتم بن حبان البستي يروي عن أبيه العجائب روى عنه أبو الصلت و غيره كان يهم و يخطئ قلت و الرضا كان من أهل العلم و الفضل مع شرف النسب، و الخلل في روايته من رواته فإنه ما روى عنه ثقة إلا متروك، و المشهور من رواياته الصحيفة و راويها عليه مطعون فيه
الأنساب :
و كتب بعض من كانت عنده نسخة الأنساب على هامشها كما في النسخة المطبوعة بالتصوير الشمسي ما صورته: أنظر إلى هذه الجرأة العظيمة من هذا المغرور كيف يوهم و يخطئ ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله و وارث علمه أحد علماء العترة النبوية و إمامهم المجمع على غزارة علمه و شرفه و ليت شعري كيف ظهر لهذا الناصبي الذي أفنى عمره في علم الرسوم لأجل الدنيا حتى نال بها قضاء بلخ و غيرها وهم علي بن موسى الرضا و خطاؤه و بينهما نحو مائة و خمسين عاما لو لا بغض القربى النبوية التي أمر الله بحبها و مودتها و أمر رسوله صلىاللهعليهوآله بالتمسك بها قاتلهم الله أنى يؤفكون )اه( و يظهر أن بعض قارئيها ممن لم ترق في عينه ضرب بيده عليها بقصد طمسها لكنها بقيت واضحة جلية
فضائله و مناقبه
و هي كثيرة و قد تكلفت بها كتب الأخبار و التأريخ . قال اليافعي في مرآة الجنان : فيها )أي سنة 203) توفي الإمام الجليل المعظم سلالة السادة الأكارم أبو الحسن علي بن موسى الكاظم أحد الأئمة الاثني عشر ولي المناقب الذين انتسبت الإمامية إليهم و قصروا بناء مذهبهم عليهم )اه( و لا بد من ملاحظة ما مر في سيرة الصادق عليهالسلام من اشتراك الكل في أنهم أكمل أهل زمانهم و نحن نذكر هنا طرفا من مناقبه و فضائله لتعسر استقصائها
)أحدها(
العلم مر عن إبراهيم بن العباس الصولي أنه قال: ما رأيت الرضا عليهالسلام سئل عن شيء إلا علمه و لا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان إلى وقته و عصره و أن المأمون كان يمتحنه بالسؤال عن كل شيء فيجيب عنه و أن جوابه كله كان انتزاعات من القرآن المجيد .و في إعلام الورى عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال ما رأيت أعلم من علي بن موسى الرضا و لا رآه عالم إلا شهد له بمثل شهادتي و لقد جمع المأمون في مجلس له عددا من علماء الأديان و فقهاء الشريعة و المتكلمين فغلبهم عن آخرهم
حتى ما بقي منهم أحد إلا أقر له بالفضل و أقر على نفسه بالقصور و لقد سمعته يقول كنت أجلس في الروضة و العلماء بالمدينة متوافرون فإذا أعيا الواحد منهم عن مسألة أشاروا إلي بأجمعهم و بعثوا إلي المسائل فأجبت عنها قال أبو الصلت و لقد حدثني محمد بن إسحاق بن موسى بن جعفر عن أبيه أن موسى بن جعفر كان يقول لبنيه هذا أخوكم علي بن موسى عالم آل محمد فسلوه عن أديانكم و احفظوا ما يقول لكم
و في مناقب ابن شهرآشوب عن كتاب الجلاء و الشفاء قال محمد بن عيسى اليقطيني : لما اختلف الناس في أمر أبي الحسن الرضا عليهالسلام جمعت من مسائله مما سئل عنه و أجاب فيه ثمانية عشر ألف مسألة.و روى الشيخ في كتاب الغيبة عن الحميري عن اليقطيني مثله إلا أنه قال خمسة عشر ألف مسألة، و في المناقب ذكر أبو جعفر القمي في عيون أخبار الرضا أن المأمون جمع علماء سائر الملل مثل الجاثليق و رأس الجالوت و رؤساء الصابئين منهم عمران الصابي و الهربذ الأكبر و أصحاب زردشت و نطاس الرومي و المتكلمين منهم سليمان المروزي ثم أحضر الرضا عليهالسلام فسألوه فقطع الرضا واحدا بعد واحد و كان المأمون أعلم خلفاء بني العباس و هو مع ذلك كله انقاد له اضطرارا حتى جعله ولي عهده و زوج ابنته
و كفى في حلمه تشفعه إلى المأمون في الجلودي الذي كان ذهب إلى المدينة بأمر الرشيد ليسلب نساء آل أبي طالب و لا يدع على واحدة منهن إلا ثوبا واحدا و نقم بيعة الرضا عليهالسلام فحبسه المأمون ثم دعا به من الحبس بعد ما قتل اثنين قبله فقال الرضا يا أمير المؤمنين هب لي هذا الشيخ فظن الجلودي أنه يعين عليه فأقسم على المأمون أن لا يقبل قوله فيه فقال و الله لا أقبل قوله فيك و أمر بضرب عنقه، و سيأتي ذلك مفصلا في خبر عزم المأمون على الخروج من مرو
)ثالثها( التواضع
مر في صفته عليهالسلام عن إبراهيم بن العباس أنه كان إذا خلا و نصبت الموائد أجلس على مائدته مماليكه و مواليه حتى البواب و السائس.و عن ياسر الخادم : كان الرضا عليهالسلام إذا خلا جمع حشمه كلهم عنده الصغير و الكبير فيحدثهم و يأنس بهم و يؤنسهم، و روى الكليني في الكافي بسنده عن رجل من أهل بلخ قال: كنت مع الرضا عليهالسلام في سفره إلى خراسان فدعا يوما بمائدة له فجمع عليها مواليه من السودان و غيرهم فقال له بعض أصحابه جعلت فداك لو عزلت لهؤلاء مائدة فقال عليهالسلام : إن الرب تبارك و تعالى واحد و الأم واحدة و الأب واحد و الجزاء بالأعمال
)رابعها( مكارم الأخلاق
مر في صفته عليهالسلام عن إبراهيم بن العباس أنه عليهالسلام ما جفا أحدا بكلام قط و لا قطع على أحد كلامه حتى يفرغ منه و ما رد أحدا عن حاجة قدر عليها و لا مد رجليه و لا اتكأ بين يدي جليس له قط و لا شتم أحدا من مواليه و مماليكه و لا تفل قط و لا قهقه في ضحكه بل يتبسم.و روى الكليني في الكافي بسنده أنه نزل بأبي الحسن الرضا عليهالسلام ضيف و كان جالسا عنده يحدثه في بعض الليل فتغير السراج فمد الرجل يده ليصلحه فزبره أبو الحسن عليهالسلام ثم بادره بنفسه فأصلحه ثم قال إنا قوم لا نستخدم أضيافنا.و بسنده عن ياسر و نادر خادمي الرضا عليهالسلام أنهم ]أنهما[ قالا: قال لنا أبو الحسن عليهالسلام إن قمت على رءوسكم و أنتم تأكلون فلا تقوموا حتى تفرغوا و لربما دعا بعضنا فيقال هم يأكلون فيقول دعوهم حتى يفرغوا
)خامسها( الكرم و السخاء
سيأتي عند ذكر ولايته للعهد أنه وفد عليه من الشعراء إبراهيم بن العباس الصولي فوهب له عشرة آلاف من الدراهم التي ضربت باسمه، و أجاز أبا نواس بثلاثمائة دينار لم يكن عنده غيرها و ساق إليه البغلة، و أجاز دعبلا الخزاعي بستمائة دينار و اعتذر إليه
و في المناقب عن يعقوب بن إسحاق النوبختي قال: مر رجل بأبي الحسن الرضا عليهالسلام فقال له أعطني على قدر مروءتك قال لا يسعني ذلك فقال على قدر مروءتي قال أما هذا فنعم.ثم قال يا غلام أعطه مائتي دينار. قال و فرق عليهالسلام بخراسان ماله كله في يوم عرفة فقال له الفضل بن سهل أن هذا لمغرم فقال بل هو المغنم لا تعدن مغرما ما ابتعت به أجرا و كرما
و روى الكليني في الكافي بسنده عن اليسع بن حمزة : كنت في مجلس أبي الحسن الرضا عليهالسلام و قد اجتمع اليه خلق كثير يسألونه عن الحلال و الحرام إذ دخل عليه رجل طوال آدم فقال السلام عليك يا ابن رسول اللهرجل من محبيك و محبي آبائك و أجدادك مصدري من الحج و قد افتقدت نفقتي و ما معي ما أبلغ به مرحلة فإن رأيت أن تنهضني إلى بلدي و لله علي نعمة فإذا بلغت بلدي تصدقت بالذي توليني عنك فلست موضع صدقة فقال له اجلس رحمك الله و أقبل على الناس يحدثهم حتى تفرقوا و بقي هو و سليمان الجعفري و خيثمة و أنا فقال أ تأذنون لي في الدخول فقال له سليمان قدم الله أمرك فقام فدخل الحجرة و بقي ساعة ثم خرج و رد الباب و أخرج يده من أعلى الباب و قال أين الخراساني فقال ها أنا ذا فقال خذ هذه المائتي دينار و استعن بها في مئونتك و نفقتك و تبرك بها و لا تتصدق بها عني و اخرج فلا أراك و لا تراني ثم خرج فقال سليمان جعلت فداك لقد أجزلت و رحمت فلما ذا سترت وجهك عنه فقال مخافة أن أرى ذل السؤال في وجهه لقضائي حاجته، أ ما سمعت حديث رسول الله صلىاللهعليهوآله المستتر بالحسنة تعدل سبعين حجة و المذيع بالسيئة مخذول و المستتر بها مغفور له أ ما سمعت قول الأول
)سادسها( كثرة الصدقات
مر عن إبراهيم بن العباس أنه عليهالسلام كان كثير المعروف و الصدقة في السر و أكثر ذلك منه لا يكون إلا في الليالي المظلمة
)سابعها( الهيبة في قلوب الناس
فسيأتي أنه لما خرج للصلاة في مرو و رآه القواد و العسكر رموا بنفوسهم عن دوابهم و نزعوا خفافهم و قطعوها بالسكاكين طلبا للسرعة لما روأه ]رأوه[ راجلا حافيا، و أنه لما هجم الجند على دار المأمون بسرخس بعد قتل الفضل بن سهل و جاءوا بنار ليحرقوا الباب و طلب منه المأمون أن يخرج إليهم فلما خرج و أشار إليهم أن يتفرقوا تفرقوا مسرعين
سبب طلب المأمون الرضا عليهالسلام إلى خراسان ليجعله ولي عهده
قيل إن السبب في ذلك أن الرشيد كان قد بايع لابنه محمد الأمين بن زبيدة و بعده لأخيه المأمون و بعدهما لأخيهما القاسم المؤتمن و جعل أمر عزله و إبقائه بيد المأمون و كتب بذلك صحيفة و أودعها في جوف الكعبة و قسم البلاد بين الأمين و المأمون فجعل شرقيها للمأمون و أمره بسكنى مرو و غربيها للأمين و أمره بسكنى بغداد فكان المأمون في حياة أبيه في مرو ثم إن الأمين بعد موت أبيه في خراسان خلع أخاه المأمون من ولاية العهد و بايع لولد له صغير فوقعت الحرب بينهما فنذر المأمون حين ضاق به الأمر إن أظفره الله بالأمين أن يجعل الخلافة في أفضل آل أبي طالب فلما قتل أخاه الأمين و استقل بالسلطنة و جرى حكمه في شرق الأرض و غربها كتب إلى الرضا عليهالسلام يستقدمه إلى خراسان ليفي بنذره
و هذا الوجه اختاره الصدوق في عيون الأخبار -فروى بسنده عن الريان بن الصلت أن الناس أكثروا في بيعة الرضا من القواد و العامة و من لا يحب ذلك و قالوا هذا من تدبير الفضل بن سهل فأرسل إلي المأمون فقال بلغني أن الناس يقولون أن بيعة الرضا كانت من تدبير الفضل بن سهل قلت نعم قال ويحك يا ريان أ يجسر أحد أن يجيء إلى خليفة قد استقامت له الرعية فيقول له ادفع الخلافة من يدك إلى غيرك أ يجوز هذا في العقل قلت لا و الله قال سأخبرك بسبب ذلك: أنه لما كتب إلي محمد أخي يأمرني بالقدوم عليه فأبيت عليه عقد لعلي بن موسى بن ماهان و أمره أن يقيدني بقيد و يجعل الجامعة في عنقي و بعثت هرثمة بن أعين إلى سجستان و كرمان فانهزم و خرج صاحب السرير
و غلب على كور خراسان من ناحيته فورد علي هذا كله في أسبوع و لم يكن لي قوة بذلك و لا مال أتقوى به و رأيت من قوادي و رجالي الفشل و الجبن فأردت أن ألحق بملك كابل فقلت في نفسي رجل كافر و يبذل محمد له الأموال فيدفعني إلى يده فلم أجد وجها أفضل من أن أتوب إلى الله من ذنوبي و أستعين به على هذه الأمور و أستجير بالله عز و جل فأمرت ببيت فكنس و صببت علي الماء و لبست ثوبين أبيضين و صليت أربع ركعات و دعوت الله و استجرت به و عاهدته عهدا وثيقا بنية صادقة
إن أفضى الله بهذا الأمر إلي و كفاني عاديته أن أضع هذا الأمر في موضعه الذي وضعه الله عز و جل فيه فلم يزل أمري يقوى حتى كان من أمر محمد ما كان و أفضى الله إلي بهذا الأمر فأحببت أن أفي بما عاهدته فلم أر أحدا أحق بهذا الأمر من أبي الحسن الرضا فوضعتها فيه فلم يقبلها إلا على ما قد علمت فهذا كان سببها )الحديث(
و يأتي في حديث أبي الفرج و المفيد أن الحسن بن سهل لما جعل يعظم على المأمون إخراج الأمر من أهله و يعرفه ما في ذلك عليه قال له المأمون إني عاهدت الله على أني إن ظفرت بالمخلوع أخرجت الخلافة إلى أفضل آل أبي طالب و ما أعلم أحدا أفضل من هذا الرجل على وجه الأرض
حديث سلسلة الذهب
في كتاب الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي قال حدث المولى السعيد إمام الدنيا عماد الدين محمد بن أبي سعيد بن عبد الكريم الوازن في محرم سنة ست و تسعين و خمسمائة أورد صاحب كتاب تأريخ نيشابور في كتابه أن علي بن موسى الرضا عليهماالسلام لما دخل إلى نيشابور في السفرة التي خص فيها بفضيلة الشهادة كان في قبة مستورة بالسقلاط على بغلة شهباء و قد شق نيسابور فعرض له الإمامان الحافظان للأحاديث النبوية و المثابران على السنة المحمدية أبو زرعة الرازي و محمد بن أسلم الطوسي و معهما خلائق لا يحصون من طلبة العلم و أهل الأحاديث و أهل الرواية و الدراية فقالا
أيها السيد الجليل ابن السادة الأئمة بحق آبائك الأطهرين و أسلافك الأكرمين إلا ما أريتنا وجهك الميمون المبارك و رويت لنا حديثا عن آبائك عن جدك محمد صلىاللهعليهوآله نذكرك به فاستوقف البغلة و أمر غلمانه بكشف المظلة عن القبة و أقر عيون تلك الخلائق برؤية طلعته المباركة فكانت له ذؤابتان على عاتقه و الناس كلهم قيام على طبقاتهم ينظرون إليه و هم ما بين صارخ و باك و متمرغ في التراب و مقبل لحافر بغلته و علا الضجيج فصاح الأئمة و العلماء و الفقهاء
معاشر الناس أسمعوا و عوا و أنصتوا لسماع ما ينفعكم و لا تؤذونا بكثرة صراخكم و بكائكم و كان المستملي أبو زرعة و محمد بن أسلم الطوسي فقال علي بن موسى الرضا عليهماالسلام حدثني أبي موسى الكاظم عن أبيه جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر عن أبيه علي زين العابدين عن أبيه الحسين شهيد كربلاء عن أبيه علي بن أبي طالب أنه قال حدثني حبيبي و قرة عيني رسول الله صلىاللهعليهوآله قال حدثني جبرائيل قال سمعت رب العزة سبحانه تعالى يقول كلمة لا إله إلا الله حصني فمن قالها دخل حصني و من دخل حصني أمن عذابي ثم أرخى الستر على القبة و سار.فعدوا أهل المحابر و الدوي الذين كانوا يكتبون فأنافوا على عشرين ألفا»و في رواية«عد من المحابر أربعة و عشرون ألفا سوى الدوي
وصول الرضا عليهالسلام إلى مرو
قال أبو الفرج و المفيد في تتمة كلامهما السابق: فقدم بهم أي بالجماعة من آل أبي طالب الجلودي على المأمون فأنزلهم دارا و أنزل الرضا علي بن موسى عليهماالسلام دارا قال المفيد و أكرمه و عظم أمره
البيعة للرضا عليهالسلام بولاية العهد
روى الصدوق في العيون بسنده في حديث أن الرضا عليهالسلام لما ورد مرو عرض عليه المأمون أن يتقلد الإمرة و الخلافة فأبى الرضا عليهالسلام ذلك و جرت في هذا مخاطبات كثيرة و بقوا في ذلك نحوا من شهرين كل ذلك يأبى عليه أبو الحسن علي بن موسى أن يقبل ما يعرض عليه
قال المفيد في تتمة كلامه السابق: ثم إن المأمون أنفذ إلى الرضا عليهالسلام إني أريد أن أخلع نفسي من الخلافة و أقلدك إياها فما رأيك في ذلك فأنكر الرضا عليهالسلام هذا الأمر و قال له أعيذك بالله يا أمير المؤمنين من هذا الكلام و أن يسمع به أحد فرد عليه الرسالة و قال فإذا أبيت ما عرضت عليك فلا بد من ولاية العهد من بعدي فأبى عليه الرضا عليهالسلام إباء شديدا فاستدعاه إليه و خلا به و معه الفضل بن سهل ذو الرياستين ليس في المجلس غيرهم و قال
إني قد رأيت أن أقلدك أمر المسلمين و أفسخ ما في رقبتي و أضعه في رقبتك فقال له الرضا عليهالسلام الله الله يا أمير المؤمنين أنه لا طاقة لي بذلك و لا قوة لي عليه قال له فإني موليك العهد من بعدي فقال له أعفني من ذلك يا أمير المؤمنين فقال له المأمون كلاما فيه كالتهديد له على الامتناع عليه و قال في كلامه أن عمر بن الخطاب جعل الشورى في ستة أحدهم جدك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و شرط فيمن خالف منهم أن يضرب عنقه و لا بد من قبولك ما أريده منك فإنني لا أجد محيصا عنه فقال له الرضا عليهالسلام فإني أجيبك إلى ما تريد من ولاية العهد على أنني لا آمر و لا أنهى و لا أفتي و لا أقضي و لا أولي و لا أعزل و لا أغير شيئا مما هو قائم فأجابه المأمون إلى ذلك كله
بسم الله الرحمن الرحيم.الحمد لله الفعال لما يشاء لا معقب لحكمه و لا راد لقضائه يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور و صلاته على نبيه محمدخاتم النبيين و آله الطيبين الطاهرين أقول و أنا علي الرضا بن موسى بن جعفر أن أمير المؤمنين عضده الله بالسداد و وفقه للرشاد عرف من حقنا ما جهله غيره فوصل أرحاما قطعت و أمن نفوسا فزعت بل أحياها و قد تلفت و أغناها إذا افتقرت مبتغيا رضى رب العالمين لا يريد جزاء من غيره و سيجزي الله الشاكرين و لا يضيع أجر المحسنين
و أنه جعل إلى عهده و الإمرة الكبرى إن بقيت بعده فمن حل عقدة أمر الله بشدها و فصم عروة أحب الله إيثاقها فقد أباح حريمه و أحل محرمه إذا كان بذلك زاريا على الإمام منتهكا حرمة الإسلام بذلك جرى السالف فصبر منه على الفلتات و لم يعترض بعدها على العزمات خوفا من شتات الدين و اضطراب حبل المسلمين و لقرب أمر الجاهلية و رصد فرصة تنتهز و بائقة تبتدر و قد جعلت الله على نفسي إذ استرعاني أمر المسلمين و قلدني خلافته العمل فيهم عامة و في بني العباس بن عبد المطلب خاصة بطاعته و طاعة رسوله صلىاللهعليه وآله
و أن لا أسفك دما حراما و لا أبيح فرجا و لا مالا إلا ما سفكته حدود الله و أباحته فرايضه و أن أتخير الكفاة جهدي و طاقتي و جعلت بذلك على نفسي عهدا مؤكدا يسألني الله عنه فإنه عز و جل يقول و أوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا و إن أحدثت أو غيرت أو بدلت كنت للغير مستحقا و للنكال متعرضا و أعوذ بالله من سخطه و إليه أرغب في التوفيق لطاعته و الحئول بيني و بين معصيته في عافية لي و للمسلمين
و ما أدري ما يفعل بي و لا بكم إن الحكم إلا لله يقضي بالحق و هو خير الفاصلين( لكني امتثلت أمر أمير المؤمنين و آثرت رضاه و الله يعصمني و إياه و أشهدت الله على نفسي بذلك و كفى بالله شهيدا و كتبت بخطي بحضرة أمير المؤمنين أطال الله بقاءه و الفضل بن سهل و سهل بن الفضل و يحيى بن أكثم و عبد الله بن طاهر و ثمامة بن أشرس و بشر بن المعتمر و حماد بن النعمان في شهر رمضان سنة إحدى و مائتين
صورة الدرهم الذي ضرب في عهد
الرضا عليهالسلام بأمر المأمون
كما أورده صاحب كتاب مطلع الشمس و استشهد على ذلك جماعة من العلماء و المجتهدين و وضعوا خطوطهم و خواتيمهم و أصل الصورة بالخط الكوفي و نقشت أيضا بالخط النسخ و هذه صورة الخط النسخ.كتب على أحد الجانبين في الوسط في سبعة سطور هكذا:
الله محمد رسول الله المأمون خليفة الله مما أمر به الأمير الرضا ولي عهد المسلمين علي بن موسى ابن علي بن أبي طالب ذو الرياستين و كتب عن الجانب الآخر في الوسط في أربعة سطور هكذا:
لا إله الا الله وحده لا شريك له المشرق و كتب على أحد جانبي الدرهم بشكل دائرة هكذا: محمد رسول الله أرسله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون
و على الجانب الآخر بشكل دائرتين داخلة و خارجة فعلى الداخلة هكذا: باسم الله ضرب هذا الدرهم بمدينة إصبهان سنة أربع و مائتين
و على الخارجة هكذا: في بضع سنين لله الأمر من قبل و من بعد و يومئذ يفرح المؤمنون.
و مما ينبغي التنبه له أن كتابة هذا الدرهم إذا صحت تؤيد أن وفاة الرضا عليهالسلام سنة 206 و توهن ما قيل أن وفاته سنة 203 أو أقل كما مر إلا أن يكون هذا الدرهم طبع بعد وفاته عليهالسلامتبركا و ليس مما طبع بأمر المأمون
خروج الرضا عليهالسلام لصلاة العيد
بمرو و عوده قبل الصلاة
في إرشاد المفيد : روى علي بن إبراهيم عن ياسر الخادم و الريان بن الصلت جميعا قال لما حضر العيد و كان قد عقد للرضا عليهالسلام الأمر بولاية العهد بعث المأمون إليه في الركوب إلى العيد و الصلاة بالناس و الخطبة بهم فبعث إليه الرضا عليهالسلام قد علمت ما كان بيني و بينك من الشروط في دخول هذا الأمر فاعفني من الصلاة بالناس فقال له المأمون إنما أريد بذلك أن تطمئن قلوب الناس و يعرفوا فضلك و لم تزل الرسل تتردد بينهما في ذلك فلما ألح عليه المأمون أرسل إليه إن اعفيتني فهو أحب إلي و إن لم تعفني خرجت كما خرج رسول الله صلىاللهعليهوآله و أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام فقال له المأمون اخرج كيف شئت و أمر القواد و الحجاب و الناس أن يبكروا إلى باب الرضا عليهالسلام قال فقعد الناس لأبي الحسن عليهالسلام في الطرقات و السطوح و اجتمع النساء و الصبيان ينتظرون خروجه و صار جميع القواد و الجند إلى بابه فوقفوا على دوابهم حتى طلعت الشمس فاغتسل أبو الحسن عليهالسلام و لبس ثيابه و تعمم بعمامة بيضاء من قطن ألقى طرفا منها على صدره و طرفا بين كتفيه و مس شيئا من الطيب و أخذ بيده عكازا و قال لمواليه افعلوا مثل ما فعلت فخرجوا بين يديه و هو حاف قد شمر سراويله إلى نصف الساق و عليه ثياب مشمرة فمشى قليلا و رفع رأسه إلى السماء و كبر و كبر مواليه معه ثم مشى حتى وقف على الباب فلما رآه القواد و الجند على تلك الصورة سقطوا كلهم عن الدواب إلى الأرض و كان أحسنهم حالا من كان معه سكين فقطع بها شرابة جاجيلته و نزعها و تحفى.و كبر الرضا عليهالسلام على الباب الأكبر و كبر الناس معه فخيل إلينا أن السماء و الحيطان تجاوبه و تزعزعت مرو بالبكاء و الضجيج لما رأوا أبا الحسن عليهالسلام و سمعوا تكبيره و بلغ المأمون ذلك فقال له الفضل بن سهل ذو الرياستين يا أمير المؤمنين إن بلغ الرضا المصلى على هذا السبيل افتتن به الناس و خفنا كلنا على دمائنا فأنفذ إليه أن يرجع فبعث إليه المأمون قد كلفناك شططا و اتعبناك و لسنا نحب أن تلحقك مشقة فارجع و ليصل بالناس من كان يصلي بهم على رسمه، فدعا أبو الحسن عليهالسلام بخفه فلبسه و ركب و رجع و اختلف أمر الناس في ذلك اليوم و لم ينتظم في صلاتهم
روى الصدوق في العيون أن المأمون بعد ما جعل الرضا عليهالسلام ولي عهده زوجه ابنته أم حبيب أو أم حبيبة في أول سنة 201 ، 102و في رواية أنه زوجه ابنته أم حبيبة و سمى للجواد ابنته أم الفضل و تزوج هو ببوران بنت الحسن بن سهل كل هذا في يوم واحد. و قال علي بن الحسين المسعودي في كتاب إثبات الوصية لعلي بن أبي طالب عليهالسلام : زوجه المأمون ابنته و قيل أخته المكناة أم أبيها قال و الرواية الصحيحة أخته أم حبيبة و سأله أن يخطب لنفسه فلما اجتمع الناس للأملاك خطب خطبة قال في آخرها و التي تذكر أم حبيبة أخت أمير المؤمنين عبد الله المأمون صلة للرحم و إمشاج الشبيكة و قد بذلت لها من الصداق خمسمائة درهم تزوجني يا أمير المؤمنين فقال المأمون نعم قد زوجتك فقال قد قبلت و رضيت
خروج المأمون و الرضا عليهالسلام من مرو
روى المفيد في الإرشاد بسنده عن ياسر الخادم قال: لما عزم المأمون على الخروج من خراسان إلى بغداد خرج و خرج معه الفضل بن سهل ذو الرياستين و خرجنا مع أبي الحسن الرضا عليهالسلام
سبب وفاته و كيفيتها
روى الصدوق في العيون بسنده عن ياسر الخادم : قال لما كان بيننا و بين طوس سبعة منازل اعتل أبو الحسن عليهالسلام فدخلنا طوس و قد اشتدت به العلة فبقينا بطوس أياما فكان المأمون يأتيه في كل يوم مرتين »الحديث«
أقول
و يظهر من عدة أخبار أن علته كانت الحمى، قال المجلسي في البحار : أعلم أن أصحابنا و غيرهم اختلفوا في أن الرضا عليهالسلام هل مات حتف أنفه او مضى شهيدا بالسم و هل سمه المأمون أو غيره و الأشهر بيننا أنه مضى شهيدا بسم المأمون »اه«. و روى الصدوق في العيون عدة روايات في أنه سمه المأمون و كذلك روى المفيد في الإرشاد
و في خلاصة تذهيب الكمال في أسماء الرجال عن سنن ابن ماجة القزويني كلاهما من علماء أهل السنة أنه مات مسموما بطوس . و في مقاتل الطالبيين : كان المأمون عقد له على العهد من بعده و دس له فيما ذكر بعد ذلك سما فمات منه
»آه«
و في تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر عن الحاكم في تأريخ نيسابور أنه قال استشهد علي بن موسى بسناآباد .و فيه عن أبي حاتم بن حبان أنه عليهالسلاممات آخر يوم من صفر و قد سم في ماء الرمان و سقي
»آه«
و قال الطبري أنه أكل عنبا فأكثر منه فمات فجأة
سبب سم المأمون الرضا عليهالسلام
قال المفيد في الإرشاد : كان الرضا علي بن موسى يكثر وعظ المأمون إذا خلا به و يخوفه الله و يقبح له ما يرتكب من خلافه فكان المأمون يظهر قبول ذلك منه و يبطن كراهته و استثقاله قال المفيد و أبو الفرج و دخل الرضا عليهالسلام يوما عليه فرآه يتوضأ للصلاة و الغلام يصب على يده الماء فقال عليهالسلام يا أمير المؤمنين لا تشرك بعبادة ربك أحدا قال المفيد فصرف المأمون الغلام و تولى تمام وضوئه بنفسه و زاد ذلك في غيظه و وجده و كان الرضا يزري على الحسن و الفضل ابني سهل عند المأمون إذا ذكرهما و يصف له مساويهما و ينهاه عن الإصغاء إلى قولهما و عرفا ذلك منه فجعلا يحطبان عليه عند المأمون و يذكران له عنه ما يبعده منه و يخوفانه من حمل الناس عليه فلم يزالا كذلك حتى قلبا رأيه فيه و عمل على قتله و قال أبو الفرج اعتل الرضا علته التي مات فيها و كان قبل ذلك يذكر ابني سهل عند المأمون فيزري عليهما و ينهى المأمون عنهما و يذكر له مساويهما
أما الكليني فليس في كتابه رواية تدل على أنه مات مسموما كما أنه لم يذكر في أبيه موسى بن جعفر أنه مات مسموما مع اشتهار أمره بذلك بل اقتصر على أنه مات في حبس السندي بن شاهك
و في كشف الغمة : بلغني ممن آثق به أن السيد رضي الدين علي بن طاوس كان لا يوافق على أن المأمون سم الرضا و لا يعتقده و كان كثير المطالعة و التنقيب و التفتيش على مثل ذلك و الذي كان يظهر من المأمون من حنوه عليه و ميله إليه و اختياره له دون أهله و أولاده مما يؤيد ذلك و يقرره»ا
قال سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص و ظاهره أنه نقله عن أبي بكر الصولي في كتاب الأوراق : و زعم قوم أن المأمون سمه و ليس بصحيح فإنه لما مات علي توجع له المأمون و أظهر الحزن عليه و بقي أياما لا يأكل طعاما و لا يشرب شرابا و هجر اللذات»اه« و يأتي تفصيل الحال في ذلك
قال المفيد : بعد ما ذكر أن المأمون عمل على قتل الرضا عليهالسلام فاتفق أنه أكل هو و المأمون طعاما فاعتل منه الرضا عليهالسلام و أظهر المأمون تمارضا و قال أبو الفرج اعتل الرضا فجعل المأمون يدخل إليه فلما ثقل تعلل المأمون و أظهر أنهما أكلا عنده طعاما ضارا فمرضا»
أقول
كلام المفيد يدل على أنه كان قد سمه في ذلك الطعام فتمارض المأمون ليوهم الناس أن مرض الرضا من الطعام الضار لا من السم و لكن عبارة أبي الفرج تدل على أن الطعام لم يكن مسموما و إنما كان السم في غيره مما يأتي لكن المأمون أظهر أن المرض من أكل الطعام الضار و لعل ذلك أقرب إلى الصواب. قال أبو الفرج : و لم يزل الرضا عليلا حتى مات ، و اختلف في أمر وفاته و كيف كان سبب السم الذي سقيه، ثم قال المفيد و نحوه أبو الفرج فذكر محمد بن علي بن حمزة عن منصور بن بشير عن أخيه عبد الله بن بشير قال أمرني المأمون أن أطول أظفاري على العادة و لا أظهر لأحد ذلك ففعلت ثم استدعاني فأخرج لي شيئا يشبه التمر الهندي و قال لي اعجن هذا ليديك جميعا ففعلت ثم قام و تركني و دخل على الرضا عليهالسلام فقال ما خبرك قال له أرجو أن أكون صالحا قال له و أنا اليوم بحمد الله صالح فهل جاءك أحد من المترفقين في هذا اليوم قال لا فغضب المأمون و صاح على غلمانه و قال للرضا فخذ ماء الرمان الساعة فإنه مما لا يستغنى عنه ثم دعاني فقال ائتنا برمان فأتيته به فقال لي أعصره بيديك ففعلت و سقاه المأمون الرضا بيديه فشربه فكان ذلك سبب وفاته و لم يلبث إلا يومين حتى مات عليهالسلام قال محمد بن علي بن حمزة عن أبي الصلت الهروي قال دخلت على الرضا عليهالسلام و قد خرج المأمون من عنده فقال لي يا أبا الصلت قد فعلوها أي سقوني السم و جعل يوحد الله و يمجده قال محمد بن علي و سمعت محمد بن الجهم يقول كان الرضا عليهالسلام يعجبه العنب فأخذ له منه شيء فجعل في مواضع أقماعه الإبر أياما ثم نزعت منه و جيء به إليه فأكل منه و هو في علته التي ذكرناها فقتله و ذكر أن ذلك من لطيف السموم
قال المؤلف فيكون قد سمه المأمون في أثناء علته.و الذي يقتضيه ظاهر الحال أن المأمون لما رأى اختلال أمر السلطنة عليه ببيعة أهل بغداد لإبراهيم بن المهدي و كان سبب ذلك بيعته للرضا بولاية العهد و كان الناس ينسبون ذلك إلى الفضل بن سهل و كان الفضل يخفي اضطراب المملكة عن المأمون خوفا من هذه النسبة و لأغراض أخر سواء كانت النسبة صحيحة أو باطلة فخاف المأمون ذهاب الملك من يده و رأى أنه لا يكف عنه سوء رأي الناقمين فيه إلا قتل الفضل و الرضا فبعث إلى الفضل من قتله في حمام سرخس و دس السم إلى الرضا فقتله
و سواء قلنا أن بيعة المأمون للرضا كانت من أول أمرها على وجه الحيلة كما مر عن المجلسي أو قلنا إنها كانت عن حسن نية لا يستبعد منه سم الرضا فإن النيات يطرأ عليها ما يغيرها من خوف ذهاب الملك الذي قتل الملوك أبناءهم و إخوانهم لأجله و السبب الذي دعا المأمون إلى قتل الفضل هو الذي دعاه إلى سم الرضا فقتله للفضل الذي لا شك فيه يرفع الاستبعاد عن سمه الرضا بعد ورود الروايات به و نقل المؤرخين له و اشتهاره حتى ذكرته الشعراء قال أبو فراس الحمداني :
باءوا بقتل الرضا من بعد بيعته و أبصروا بعض يوم رشدهم فعمواعصابة شقيت من بعد ما سعدت و معشر هلكوا من بعد ما سلموا
و قال دعبل في رثاء الرضا عليهالسلام :
شككت فما أدري أ مسقي شربة فأبكيك أم ريب الردى فيهونأيا عجبا منهم يسمونك الرضا و تلقاك
منهم كلحة و غضون
و قوله شككت و إن كان ظاهره عدم العلم إلا أن قوله و تلقاك منهم كلحة و غضون كالمحقق لذلك.و غضون الجبهة ما يحدث فيها عند العبوس الطي
يا حسرة تتردد و عبرة ليس تنفدعلى علي بن موسى بن جعفر بن محمد
و روى الشيخ في المجالس بسنده عن محمد بن يحيى بن أكثم القاضي عن أبيه قال أقدم المأمون دعبل بن علي الخزاعي و أمنه على نفسه و استنشده قصيدته الكبيرة فجحدها فقال لك الأمان عليها كما أمنتك على نفسك فقال )و هذا منتخبها(
يا أمة السوء ما جازيت أحمد في حسن البلاء على التنزيل و السورلم يبق حي من الأحياء نعلمه من ذي يمان و لا بكر و لا مضر ألا و هم شركاء في دمائهم كما تشارك أيسار على جزرقتلا و أسرا و تخويفا و منهبة فعل الغزاة بأهل الروم و الخزر أرى أمية معذورين إن قتلوا و لا أرى لبني العباس من عذرقوم قتلتم على الإسلام أولهم حتى إذا استمكنوا جازوا على الكفرإربع بطوس على قبر الزكي بها إن كنت تربع من دين على وطرقبران في طوس خير الناس كلهم و قبر شرهم هذا من العبرما ينفع الرجس من قرب الزكي و ما على الزكي بقرب الرجس من ضررهيهات كل امرئ رهن بما كسبت له يداه فخذ ما شئت أو فذر
تذهيب قبة الرضا عليهالسلام
جاء الشاه عباس الأول ماشيا على قدميه من أصفهان إلى خراسان و أمر بتذهيبها من خالص ماله في 10 سنة 1010 و تم في 10 سنة 1016 . و روي عنه ع في قصار هذه المعاني
قال الرضا ع لا يكون المؤمن مؤمنا حتى تكون فيه ثلاث خصال سنة من ربه و سنة من نبيه ص و سنة من وليه ع فأما السنة من ربه فكتمان السر و أما السنة من نبيه ص فمداراة الناس و أما السنة من وليه ع فالصبر في البأساء و الضراء
و قال ع صاحب النعمة يجب أن يوسع على عياله
و قال ع ليست العبادة كثرة الصيام و الصلاة و إنما العبادة كثرة التفكر في أمر الله
و قال ع من أخلاق الأنبياء التنظف
و قال ع ثلاث من سنن المرسلين العطر و إحفاء الشعر و كثرة الطروقة
و قال ع لم يخنك الأمين و لكن ائتمنت الخائن
و قال ع إذا أراد الله أمرا سلب العباد عقولهم فأنفذ أمره و تمت إرادته فإذا أنفذ أمره رد إلى كل ذي عقل عقله فيقول كيف ذا و من أين ذا
و قال ع الصمت باب من أبواب الحكمة إن الصمت يكسب المحبة إنه دليل على كل خير
و قال ع ما من شيء من الفضول إلا و هو يحتاج إلى الفضول من الكلام
و قال ع الأخ الأكبر بمنزلة الأب
و سئل ع عن السفلة فقال من كان له شيء يلهيه عن الله
و كان ع يترب الكتاب و يقول لا بأس به و كان إذا أراد أن يكتب تذكرات حوائجه كتب بسم الله الرحمن الرحيم أذكر أن شاء الله ثم يكتب ما يريد
و قال ع إذا ذكرت الرجل و هو حاضر فكنه و إذا كان غائبا فسمه
و قال ع صديق كل امرئ عقله و عدوه جهله
و قال ع التودد إلى الناس نصف العقل
و قال ع إن الله يبغض القيل و القال و إضاعة المال و كثرة السؤال
و قال ع لا يتم عقل امرئ مسلم حتى تكون فيه عشر خصال الخير منه مأمول و الشر منه مأمون يستكثر قليل الخير من غيره و يستقل كثير الخير من نفسه لا يسأم من طلب الحوائج إليه و لا يمل من طلب العلم طول دهره الفقر في الله أحب إليه من الغنى و الذل في الله أحب إليه من العز في عدوه و الخمول أشهى إليه من الشهرة ثم قال ع العاشرة و ما العاشرة قيل له ما هي قال ع لا يرى أحدا إلا قال هو خير مني و أتقى إنما الناس رجلان رجل خير منه و أتقى و رجل شر منه و أدنى فإذا لقي الذي شر منه و أدنى قال لعل خير هذا باطن و هو خير له و خيري ظاهر و هو شر لي و إذا رأى الذي هو خير منه و أتقى تواضع له ليلحق به فإذا فعل ذلك فقد علا مجده و طاب خيره و حسن ذكره و ساد أهل زمانه
و سأله رجل عن قول الله وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ فقال ع التوكل درجات منها أن تثق به في أمرك كله فيما فعل بك فما فعل بك كنت راضيا و تعلم أنه لم يألك خيرا و نظرا و تعلم أن الحكم في ذلك له فتتوكل عليه بتفويض ذلك إليه و من ذلك الإيمان بغيوب الله التي لم يحط علمك بها فوكلت علمها إليه و إلى أمنائه عليها و وثقت به فيها و في غيرها
و سأله أحمد بن نجم عن العجب الذي يفسد العمل فقال ع العجب درجات منها أن يزين للعبد سوء عمله فيراه حسنا فيعجبه و يحسب أنه يحسن صنعا و منها أن يؤمن العبد بربه فيمن على الله و لله المنة عليه فيه
قال الفضل قلت لأبي الحسن الرضا ع يونس بن عبد الرحمن يزعم أن المعرفة إنما هي اكتساب قال ع لا ما أصاب إن الله يعطي من يشاء فمنهم من يجعله مستقرا فيه و منهم من يجعله مستودعا عنده فأما المستقر فالذي لا يسلب الله ذلك أبدا و أما المستودع فالذي يعطاه الرجل ثم يسلبه إياه
و قال صفوان بن يحيى سألت الرضا ع عن المعرفة هل للعباد فيها صنع قال ع لا قلت لهم فيها أجر قال ع نعم تطول عليهم بالمعرفة و تطول عليهم بالصواب
و قال الفضيل بن يسار سألت الرضا ع عن أفاعيل العباد مخلوقة هي أم غير مخلوقة قال ع هي و الله مخلوقة أراد خلق تقدير لا خلق تكوين ثم قال ع إن الإيمان أفضل من الإسلام بدرجة و التقوى أفضل من الإيمان بدرجة و لم يعط بنو آدم أفضل من اليقين
و سئل عن خيار العباد فقال ع الذين إذا أحسنوا استبشروا و إذا أساءوا استغفروا و إذا أعطوا شكروا و إذا ابتلوا صبروا و إذا غضبوا عفوا
و سئل ع عن حد التوكل فقال ع أن لا تخاف أحدا إلا الله
و قال ع من السنة إطعام الطعام عند التزويج
و قال ع الإيمان أربعة أركان التوكل على الله و الرضا بقضاء الله و التسليم لأمر الله و التفويض إلى الله قال العبد الصالح وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا
و قال ع صل رحمك و لو بشربة من ماء و أفضل ما توصل به الرحم كف الأذى عنها و قال في كتاب الله لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذى
و قال ع إن من علامات الفقه الحلم و العلم و الصمت باب من أبواب الحكمة إن الصمت يكسب المحبة إنه دليل على كل خير
و قال ع إن الذي يطلب من فضل يكف به عياله أعظم أجرا من المجاهد في سبيل الله
و قيل له كيف أصبحت فقال ع أصبحت بأجل منقوص و عمل محفوظ و الموت في رقابنا و النار من ورائنا و لا ندري ما يفعل بنا
و قال ع خمس من لم تكن فيه فلا ترجوه لشيء من الدنيا و الآخرة من لم تعرف الوثاقة في أرومته و الكرم في طباعه و الرصانة في خلقه و النبل في نفسه و المخافة لربه
و قال ع ما التقت فئتان قط إلا نصر أعظمهما عفوا
و قال ع السخي يأكل من طعام الناس ليأكلوا من طعامه و البخيل لا يأكل من طعام الناس لئلا يأكلوا من طعامه
و قال ع إنا أهل بيت نرى وعدنا علينا دينا كما صنع رسول الله ص
و قال ع يأتي على الناس زمان تكون العافية فيه عشرة أجزاء تسعة منها في اعتزال الناس و واحد في الصمت
و قال له معمر بن خلاد عجل الله فرجك فقال ع يا معمر ذاك فرجكم أنتم فأما أنا فو الله ما هو إلا مزود فيه كف سويق مختوم بخاتم
و قال ع عونك للضعيف من أفضل الصدقة
و قال ع لا يستكمل عبد حقيقة الإيمان حتى تكون فيه خصال ثلاث التفقه في الدين و حسن التقدير في المعيشة و الصبر على الرزايا
و قال ع لأبي هاشم داود بن القاسم الجعفري يا داود إن لنا عليكم حقا برسول الله ص و إن لكم علينا حقا فمن عرف حقنا وجب حقه و من لم يعرف حقنا فلا حق له
و حضر ع يوما مجلس المأمون و ذو الرئاستين حاضر فتذاكروا الليل و النهار و أيهما خلق قبل صاحبه فسأل ذو الرئاستين الرضا ع عن ذلك فقال ع له تحب أن أعطيك الجواب من كتاب الله أم حسابك فقال أريده أولا من الحساب فقال ع أ ليس تقولون إن طالع الدنيا السرطان و إن الكواكب كانت في أشرافها قال نعم قال فزحل في الميزان و المشتري في السرطان و المريخ في الجدي و الزهرة في الحوت و القمر في الثور و الشمس في وسط السماء في الحمل و هذا لا يكون إلا نهارا قال نعم قال فمن كتاب الله قال ع قوله لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَ لَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ أي إن النهار سبقه
قال علي بن شعيب دخلت على أبي الحسن الرضا ع فقال لي يا علي من أحسن الناس معاشا قلت أنت يا سيدي أعلم به مني فقال ع يا علي من حسن معاش غيره في معاشه يا علي من أسوأ الناس معاشا قلت أنت أعلم قال من لم يعش غيره في معاشه يا علي أحسنوا جوار النعم فإنها وحشية ما نأت عن قوم فعادت إليهم يا علي إن شر الناس من منع رفده و أكل وحده و جلد عبده
و قال له ع رجل في يوم الفطر إني أفطرت اليوم على تمر و طين القبر فقال ع جمعت السنة و البركة
و قال ع لأبي هاشم الجعفري يا أبا هاشم العقل حباء من الله و الأدب كلفة فمن تكلف الأدب قدر عليه و من تكلف العقل لم يزدد بذلك إلا جهلا
و قال أحمد بن عمر و الحسين بن يزيد دخلنا على الرضا ع فقلنا إنا كنا في سعة من الرزق و غضارة من العيش فتغيرت الحال بعض التغير فادع الله أن يرد ذلك إلينا فقال ع أي شيء تريدون تكونون ملوكا أ يسركم أن تكونوا مثل طاهر و هرثمة و إنكم على خلاف ما أنتم عليه فقلت لا و الله ما سرني أن لي الدنيا بما فيها ذهبا و فضة و إني على خلاف ما أنا عليه فقال ع إن الله يقول اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ أحسن الظن بالله فإن من حسن ظنه بالله كان الله عند ظنه و من رضي بالقليل من الرزق قبل منه اليسير من العمل و من رضي باليسير من الحلال خفت مئونته و نعم أهله و بصره الله داء الدنيا و دواءها و أخرجه منها سالما إلى دار السلام
و قال له ابن السكيت ما الحجة على الخلق اليوم فقال ع العقل يعرف به الصادق على الله فيصدقه و الكاذب على الله فيكذبه فقال ابن السكيت هذا و الله هو الجواب
و قال ع لا يقبل الرجل يد الرجل فإن قبلة يده كالصلاة له
و قال ع قبلة الأم على الفم و قبلة الأخت على الخد و قبلة الإمام بين عينيه
و قال ع ليس لبخيل راحة و لا لحسود لذة و لا لملول وفاء و لا لكذوب مروة
سلك أئمة أهل البيت (عليهم السلام) جميع السبل في اصلاح المجتمع، وتوجيه الامة نحو الحق، فمضافاً إلى دروسهم التي كانوا يلقونها على تلاميذهم، وتعاليمهم التي كانوا ينشرونها على الملأ الإسلامي، كانوا يوصون بعض شيعتهم، ومن يأخذ بأقوالهم، بوصاياهم الحميدة، ويلزمونهم بالعمل بتوجيهاتهم القيمة
ولو رجع المسلمون إلى تلك التعاليم التي بينها الائمة (عليهم السلام) في وصاياهم، واحاديثهم لحققوا ما يصبون اليه من خير وسعادة
نقدم في هذا الباب بعض ما ورد من وصايا الإمام الرضا (عليه السلام)
1- من وصية له (عليه السلام)
صل رحمك ولو بشربة من ماء، وأفضل ما توصل به الرحم كف الأذى عنها
ولا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى
2- من وصية له (عليه السلام) إلى علي بن شعيب
قال علي بن شعيب: دخلت على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فقال لي:
يا علي من أحسن الناس معاشاً؟
قلت: يا سيدي أنت أعلم به مني
فقال: يا علي من حسن معاش غيره في معاشه
يا علي من أسوأ الناس معاشاً؟
قلت: أنت أعلم
قال: من لم يعش غيره في معاشه
يا علي أحسنوا جوار النعم فإنها وحشية، ما نأت عن قوم فعادت إليهم
يا علي إن شر الناس من منع رفده، وأكل وحده، وجلد عبده
أحسن الظن بالله فإن من حسن ظنه بالله كان الله عند ظنه، ومن رضي بالقليل من الرزق قبل منه باليسير من العمل. ومن رضي باليسير من الحلال خفت مؤونته، ونعم أهله، وبصره الله داء الدنيا ودواءها، وأخرجه منها سالماً إلى دار السلام
ليس لبخيل راحة، ولا لحسود لذة، ولا لملول وفاء،ولا لكذوب مروءة