شهرة البخاري

حقائق تحت المجهر


إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-02-2011, 05:09 PM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

لبيك داعي الله


الملف الشخصي









لبيك داعي الله غير متواجد حالياً


شهرة البخاري

شهرة البخاري
قطع صحيح البخاري(164) شوطاً بعيداً من الشهرة، ونال قبولاً دون غيره من كتب الحديث، فأصبحت له منزلة لا يشاركه بها غيره، ومن العسير مؤاخذته بشيء، لأنّ ذلك يدعو إلى الرمي بالبدعة والخروج عن سبيل المؤمنين(165).
ولهذا تهيّب أكثر الحفاظ نقده ، ووقفوا أمامه موقف خضوع وتسليم.
يقول الذهبي في ذكره لبعض الأحاديث: ولولا هيبة الصحيح لقلت إنّها موضوعة. وذهب ابن حزم إلى تكذيب بعض أحاديثه(166) فعنّف، لأنّ التسليم بجميع ما في كتاب البخاري أصبح سُنة، وصحيحه أصبح معمولاً به، فلا يمكن لأحد أن يعمل بحرية الرأي، ومع هذا فإنّ بعض الحفاظ من كبار المحدثين تناولوه بالنقد بصراحة وحريّة في الرأي من وجوه أهمها:
1 ـ ترتيب الكتاب والعلاقة بينه وبين الترجمة وما تحتها.
2 ـ إنّه يقطّع الحديث فيذكر بعضه في باب وبعضه في آخر، وقد تختلف الرواية في الأجزاء المختلفة، وقد يذكر بعضها متصل السند وبعضها منقطعه، وقد أخذ عليه في هذا الباب بعض مآخذ لم يستطع المنتصرون له أن يجيبوا عنها(167).
3 ـ انتقده الحفاظ في بعض أحاديث بلغت 110 منها 32 حديثاً اتفق فيها هو ومسلم ومنها ما انفرد بتخريجه وهو 78.
4 ـ إنّ بعض الرجال الذين روى لهم غير ثقات وقد ضعّف الحفاظ من رجال البخاري نحو الثمانين.
وعلى كلّ حال فإنّ صحيح البخاري كان محلاً للوثوق والاعتماد عند أكثر المحدثين فهم يقبلون روايته بدون نقاش تهيّباً لمكانته، وحذراً من المؤاخذات القاسية والتهجم المر، لأنّ أكثر الناس يزعمون أنّه أعظم كتاب على وجه الأرض، أو أنّه: «هو عدل القرآن وأنّه إذا قرئ في بيت أيام الطاعون حفظ أهله منه، وأنّ من ختمه على أيّ نية حصل ما نواه، وأنه ما قرأ في شدة إلاّ فرجت، ولا ركب به في مركب فغرقت»(168).
وقد جرى على العمل بذلك كثير من رؤساء العلم، ومقدمي الأعيان إذا ألمّ بالبلاد نازلة، يوزّعون أجزاءه على العلماء والطلبة لكشف الخطوب وتفريج الكروب، فهو يقوم عندهم في الحرب مقام المدافع والصارم والاسل، وفي الحريق مقام المضخة والماء، وفي الهيضة مقام الحيطة الصحيحة وعقاقير الأطباء، وفي البيوت مقام الخفراء والشرطة، وعلى كلّ حال هو مستنزل الرحمات ومستقرّ البركات(169).
والحاصل أنّ صحيح البخاري قد اُحيط بهالة من التقديس والإكبار، فهو عدل القرآن وهو أصحّ كتاب على وجه الأرض ـ كما يقال ـ ولهذا فقد تهيّب أكثر الحفاظ عن نقد احاديثه ومن أقدم على ذلك عنّف.
ومن أظرف الأشياء: أنّ مجلس (المبعوثان) في عهد الأتراك بالعراق قد قرر مبلغاً جسيماً لوزارة الحربية جعلوه لقراءة البخاري في الاسطول، فقال الزهاوي ـ وكان عضواً في المجلس ـ: أنا أفهم أنّ هذا المبلغ في ميزانية الأوقاف، أمّا الحربية فالمفهوم أنّ الاُسطول يمشي بالبخار لا بالبخاري، فثار عليه المجلس وشغب عليه العامة(170).
ونحن لا ننكر عظمة حديث النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وبركة آثاره، ولكن لنا أن نتساءل لأيّ شيء اختصّ صحيح البخاري دون غيره بهذه الخصوصية من كتب الحديث؟ ولماذا كانت له هذه المنزلة دونها؟! ونتساءل لِمَ لم يقرأ القرآن وفيه شفاء للناس ودفع لما يكرهون؟! ولماذا كان صحيح البخاري عدلاً للقرآن، وأصبح التوسل به من العقائد الراسخة يتلى لدفع المجاعة ويوزّع أحزاباً في المساجد والبيوت كما حدث في مجاعة سنة (798 هـ ) في مصر؟ فإن كان لصحة أحاديثه، فلماذا لم تكن هذه الخصوصية لموطأ مالك الذي قيل فيه أنه أصحّ كتاب بعد كتاب اللّه؟ !! وصحيح مسلم الذي قالوا فيه: ماتحت أديم السماء أصحّ من كتاب مسلم(171)، ويقول ابن حجر: حصل لمسلم في كتابه حظ عظيم مفرط لم يحصل لأحد مثله بحيث إن بعض الناس كان يفضله على صحيح محمد بن إسماعيل، وذلك لما اختص به من جمع الطرق وجودة السياق والمحافظة على أداء الألفاظ من دون تقطيع ولا رواية بمعنى(172)، وقال الحاكم: سمعت أبا الوليد يقول: قال لي أبي: أيّ كتاب تجمع؟ قلت اخرّج على كتاب البخاري، قال: عليك بكتاب مسلم فإنّه أكثر بركة(173).
وهذا صحيح الترمذي بحسن ترتيبه وتنميقه وتتبعه للصحيح من غيره لم يكن بمنزلة البخاري؟! وقد قالوا: إنّ كتاب الترمذي أنور من كتاب البخاري. فإن كانت تلك العظمة التي أحرزها صحيح البخاري لما حواه، فالقرآن أولى بأن يتخذ لدفع تلك المشاكل، أو كان لعظمة البخاري نفسه؟ فإنّ مالك بن أنس صاحب الموطأ أعظم منزلة وأعلا كعباً، واعرق نسباً، وأغزر علماً.
ولا نريد أن نقسو على البخاري بالحكم، أو نجحف بحقّه ونقول بمقالة جمال الدين الحنفي: «من نظر في كتاب البخاري تزندق»(174).
ولا نذهب بعيداً عن الواقع فنقول: إنّ كلّ مافيه صحيح يلزم الاعتقاد به والتصديق له، وإنّ عدم التصديق بدعة، أو كفر باللّه وتكذيب لأحاديث الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، كما ذهب إلى ذلك كثير من المقلّدين الذين لا يعقلون.
إنّ كتاب البخاري لا يخلو من أحاديث لا تتصف بالصحة كما لا يخلو من أحاديث عليها علامة الوضع كحديث «إنّ النبيّ كان مسحوراً ..»(175) وغيره من الأحاديث التي لا يمكن القول بصحتها، لتناقضها أو تعارضها مع غيرها ممّا يصعب الجمع بينها. ولا ننكر أنّ الرجل كان همّه خدمة الدين، ولكنّه كان جمّاعة يتلقى كلّ ما يسمع بالقبول رغم أنّه كان يتنقل من مصر الى مصر، ويتحول من اُفق الى اُفق، وقد جاب العالم الإسلامي من موطنه الأصلي ومحل إقامته حتى الحرمين، ومن السهولة عليه التمييز في النظم والسياق والغرض لكنّه صرف همّه الى الرواية فحسب، ففتح أوعية آذانه ولم يفتح أوعية أفهامه، لأنّ أمر تدقيق الطرق وفحص الروايات يحتاج الى خصائص لا تتوفر إلاّ بعد جهد، ومن الناس من جُبل على خصلة أو فُطر على شيء لا يستطيع تجاوزه، فكان البخاري مقبلاً على الجمع، ولم يحذر إلاّ من أمر واحد ستجدنا مضطرين الى اثباته وهو خوف الملوك الذين يعادون أهل البيت، وليس عليه من خوف إن أخذ الحديث بطريق الخوارج والمارقين والوضّاع والضعفاء. وكلّ ما يسمعه البخاري يراه مادة حتى نجد أنّ بعض الأبواب التي تخصّ السيرة النبويّة تضم من الأحاديث التي تتعلق بحياة الرسول الأعظم التفصيلية فيها توغل لا مبرر له ولا حاجة، بل إنّ عدم ذكرها أولى صيانة للنبيّ الأعظم ومكانته من تسويته بباقي الخلق، ولكنّه الوضع والكذب اللذين جعلا أصحابهما يتناولون كلّ ناحية ليكذبوا على الرسول الكريم وهم تتحكم فيهم أغراض شتّى نفسيّة وسياسيّة واقتصاديّة. والهالة التي أحاط بها الحفّاظ شخصية البخاري، والقدسية التي رفع إليها بتضافر أوساط وجهات مختلفة لم تمنع بعض علماء السنّة (حفاظاً ومحدثين) من التوقف عن الأخذ بكلّ ما جاء به البخاري، وعدم تقليد ما جرى عليه ذوو الشأن في الحديث والسياسة، بل تركوا البخاري في بعض ما لا يصحّ من رواية أو قول كأبي حاتم وابنه عبدالرحمن، وكأبي زرعة، كما ضعّف الحافظ أبو الحسن الدارقطني طائفة كبيرة من أحاديثه.
والعلماء الذين أنكروا صحة بعض أحاديثه لم ينكروها إلاّ بأدلّة قامت عندهم، ولا ندري كيف يعدّ ذلك طعناً في دين الإسلام، وهدماً للسنّة، كما يذهب بعضهم.
وقد انتقد العلماء من أحاديث البخاري أكثر من مائة حديث، كما انتقدوا رجاله وطعنوا في كثير منهم لأ نّهم اُناس لا قيمة لهم في ميزان الصدق والعدالة، ومنهم ضعفاء لا يتصف حديثهم بالصحة.
ولقد ترك البخاري الرواية عن كثير من علماء الاُمة وأعلام الحديث، ومن هم أدرى بحديث الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، وأشدّ عناية فيه وإحاطة له، وفي طليعتهم الإمام الصادق(عليه السلام)فلم يقدح ذلك فيهم أو يحطّ من مقامهم.
وقد خرّج أحاديث اُناس لم يسلموا من الطعن، سواء في العقيدة أو العدالة، أو الوثاقة، فإنّ منهم من اتُهم بالكذب، ووصف بوضع الحديث، وللمثال نذكر منهم:
إسماعيل بن عبد اللّه بن اويس بن مالك المتوفى سنة (226 هـ).
قال يحيى بن معين: إنّ اسماعيل مخلط كذّاب، وقد تكلّم فيه النسائي كما أنّه عرف بوضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا فيما بينهم(176).
وزياد بن عبد اللّه العامري المتوفى سنة (282 هـ ).
فإنّه متّهم بالكذب; قال الترمذي عن وكيع: إنّ زياد بن عبد اللّه على شرفه كان يكذب في الحديث(177).
والحسن بن مدرك السدوسي الطحان. رماه أبو داود بالكذب(178)، وتلقين المشايخ وغير هؤلاء ممن لا نحبّ اطالة الحديث عنهم وبسط القول فيهم.
أما الضعفاء فقد ذكروا منهم عدداً لا يقلّ عن الثمانين أمثال: الحسن بن ذكوان البصري، فقد كان قدريّاً يدلّس، وعُرف بالخطأ، وضعّفه أحمد وابن معين، والنسائي، والترمذي، وابن المديني(179).
ومنهم أحمد بن أبي الطيب البغدادي، وسلمة بن رجاء التميمي، وبسر بن آدم الضرير، وغيرهم ممن نصّ الحفّاظ على ضعفهم.
أمّا القدرية، فهم عدد كثير كعبد اللّه بن أبي لبيد المدني، وعبد اللّه بن أبي نجيح المكّي، وكهمس بن منهال السدوسي، وهارون بن موسى الأزدي وسفيان بن سليمان، وعبد الوارث بن سعيد، وغيرهم.
والقول: بأنّ تخريج البخاري هو دليل الوثاقة، وشاهد العدالة، وأنّ من يروي له البخاري «فقد جاز القنطرة» كما يقول بعضهم بمعنى أنّه لا يتلفت إلى ما قيل فيه. فهذا مجرّد افتراض لا يدعمه دليل، وتخالفه القرائن والشواهد، فليس قول البخاري في الشخص هو الحكم العدل والقول الفصل، فالخلاف في الجرح والتعديل لم ينته إلى حدّ أو يقف عند قول أحد، على أنّهم قد احصوا على البخاري أخطاء في معرفة الرجال وأسمائهم، كجعله اسم الرجل الواحد اسمين أو ثلاثة، كالوليد بن أبي الوليد مولى عبد اللّه بن عمر، وهارون بن سعد مولى قريش، وكثير بن خنيس وغيرهم، فقد جعل اسمين لكلّ واحد منهم، وكذلك جعل محمد بن أيوب اليمامي ثلاثة أسامي وهو واحد، كما نسب عبد الملك بن أخي القعقاع إلى القعقاع، وذكر في باب النون اسم ناسح الحضرمي، وهو عبداللّه بن ناسح الذي يروي عنه شرحبيل بن شفيعة، إلى غير ذلك من المؤاخذات عليه(180).
وهناك ناحية ذات أهميّة في الموضوع، وهي تخريجه لاُناس عرفوا بالنصب والعداء لعلي(عليه السلام)وبغضهم لآل محمد من خوارج وغيرهم أمثال:
عمران بن حطّان السدوسي البصري المتوفى سنة (84 هـ ) .
كان من رؤوس الخوارج والمعلنين عداء الإمام علي(عليه السلام)، وهو الذي مدح عبد الرحمن بن ملجم المرادي بقوله:
يا ضربة من تقيّ ما أراد بها *** إلاّ ليبلغ من ذي العرش رضوانا(181)
فهذا الرجل قد تحدّى مقام النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) فسمّى من وسمه النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بأنه أشقى الأولين والآخرين، بأنه تقيّ، وقد صح عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) بأنّه قال:
«ياعلي أتدري من أشقى الأولين؟ فقال علي(عليه السلام): اللّه ورسوله اعلم فقال(صلى الله عليه وآله وسلم): عاقر الناقة. قال(صلى الله عليه وآله وسلم): ياعلي أتدري من أشقى الآخرين؟ فقال علي(عليه السلام) اللّه ورسوله أعلم. قال(صلى الله عليه وآله وسلم): قاتلك ياعلي».
أخرجه أحمد بن حنبل وابن الضحاك ورواه الطبري(182).
وروى صهيب عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) مثله وكان عليّ(عليه السلام) يقول لأهله: واللّه وددت لو انبعث اشقاها. أخرجه أبو حاتم(183).
فأيّ ثقة وأيّ عدالة لمن يخالف قول النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) ويتجرأ على مقامه، فيسمّي من سماه(صلى الله عليه وآله وسلم)شقياً تقياً ويعلن مدحه والثناء عليه. وقد انبرى للردّ عليه كثير من علماء الإسلام نظماً ونثراً مما لا يتسع المجال لذكرهم.
وأبو الأحمر السائب بن فروخ المتوفى سنة (136 هـ ) وكان شاعراً هجّاءً خبيثاً فاسقاً مبغضاً لآل محمد، وهو القائل لأبي عامر بن واثلة الصحابي المعروف بأبي الطفيل(184).
لعمرك إنني وأبا طفيل *** لمختلفان واللّه الشهيد
لقد ضلّوا بحبّ أبي تراب *** كما ضلّت عن الحقّ اليهود(185)
فهذا الرجل كسابقه أيضاً، قد تحدى ما روي عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «علي مع الحق والحق مع علي» وقوله(صلى الله عليه وآله وسلم) : «علي مع القرآن والقرآن مع علي» إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة عنه(صلى الله عليه وآله وسلم)، بأنّ الهدى في اتّباع علي(عليه السلام) والضلالة في خلافه. ولكن هذا الشاعر الاُموي قد ردّ أقوال النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وتحدى مقامه، فأيّ عدالة يتصف بها، وأيّ ثقة تدعو إلى الاطمئنان بقوله؟ !
وحريز بن عثمان الحمصي(186) المتوفى سنة (163هـ) ». كان من المشهورين بالنصب والمعلنين العداء لعلي(عليه السلام)، وكان ينال منه ويقول: لا اُحب علياً قتل آبائي. ويقول: لنا إمامنا (يعني معاوية) ولكم إمامكم (يعني عليّاً)(187).
وغير هؤلاء من رجال صحيح البخاري الذين عرفوا بالنصب أمثال إسحاق ابن سويد التميمي المتوفى سنة (131 هـ ) ، وعبد اللّه بن سالم الأشعري المتوفى سنة ( 179هـ )، وزياد بن علاقة أبو مالك الكوفي المتوفى سنة (129 هـ )، وغيرهم من النواصب والخوارج الذين أعلنوا العداء لعلي وتظاهروا بالتحامل عليه، وقد قال(صلى الله عليه وآله وسلم): «ياعلي لا يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق»(188). وإنّ االمنافقين لفي الدرك الأسفل من النار.
فكيف تصدّق أخبارهم ويؤخذ بأحاديثهم: (واللّه يشهد إنّ المنافقين لكاذبون)(189).
فمن الحقّ وواجب العلم أن نستنكر على البخاري تخريج حديث اُناس خالفوا أحايث الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) في وجوب حبّ آله لحبّه(صلى الله عليه وآله وسلم) ، وأعلنوا العداء لهم وعرفوا بالنصب، ولعلّ هناك أمراً خفي علينا وكان هو الداعي له على اقدامه لروايته عنهم واحتجاجه بهم، ولست أدري أخفي على البخاري قول النبيّ لعلي: لا يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلا منافق، حتى اشتهر في عصر الصحابة أنّهم كانوا لا يعرفون المنافقين إلاّ ببغضهم علي بن أبي طالب. وبغض علي بغض رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم)؟!.
أم خفي على البخاري قوله(صلى الله عليه وآله): ياعلي حربك حربي وسلمك سلمي. أليس عليّ هو من النبيّ بمنزلة هارون من موسى، كما يحدّثنا البخاري نفسه في صحيحه ج2 ص199؟!!.
وهناك آلاف من الأحاديث في فضل علي(عليه السلام)وأهل بيته، وقد خرّجها الحفاظ من طرق عديدة، ولكنّ البخاري لم يخرّج إلاّ ثلاثة أحاديث أو أربعة منها(190)، وليس من المعقول أنّ عدم تخريجه لأكثر من هذا كان لعدم وثوقه بصحتها، ولكنّ هناك شيئاً غير هذا، ولعلّه كان يفقد الشجاعة والجرأة الأدبية، كما لاحظ ذلك منه بعض الكتّاب، فقال مامضمونه: إنّ كتاب البخاري لا تتجلى فيه الشجاعة وعدم الخوف من العباسيين كمسند أحمد لأنّه ـ أي مسند أحمد ـ لم يتحرّج من ذكر أحاديث كثيرة في ذكر مناقب علي وشيعته، وعكسه البخاري(191).
وللإيضاح نذكر بعض ما ورد في أهل البيت مما خرّجه حفّاظ الحديث، وعلماء الاُمّة من طرق صحيحة ليتضّح لنا مدى تحفظ البخاري وإعراضه عن ذكر فضائل آل محمد.


من مواضيع لبيك داعي الله » مفتاح قلوب الناس
» شخصيّة الإمام الصادق(عليه السلام)
» معرفة الله تعالى وصفاته الثبوتية والسلبية
» كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة
» بحوث قرآنية في التوحيد والشرك
رد مع اقتباس
قديم 26-02-2011, 05:11 PM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

لبيك داعي الله


الملف الشخصي









لبيك داعي الله غير متواجد حالياً


افتراضي

آية التطهير
وأنّها نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام)
تخريج الحفاظ لآية التطهير
1 ـ قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(192).
أخرج مسلم في صحيحه عن طريق عائشة: خرج النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وعليه مرط مرجل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي(عليه السلام) فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء عليّ فأدخله، ثم قال: (إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً)»(193).
وأخرج الترمذي من طريق عمرو بن أبي سلمة ربيب النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: نزلت هذه الآية على النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) في بيت اُمّ سلمة فدعا النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة وعلياً وحسناً وحسيناً فجلّلهم بكساء، ثم قال: «اللّهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرّهم تطهيراً» قالت اُمّ سلمة: يا رسول اللّه وأنا معهم؟ قال: أنت على مكانك وأنت على خير(194).
وأخرج الحافظ أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي المتوفى سنة (303 هـ ) من طريق سعد بن أبي وقاص قال: لما نزلت : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) دعا رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: اللّهم هؤلاء أهل بيتي(195).
وأخرج الخطيب من طريق أبي سعيد عن اُمّ سلمة قالت: نزلت هذه الآية وكان في البيت علي وفاطمة والحسن والحسين، قالت: وكنت على باب البيت، فقلت: أين أنا يا رسول اللّه؟ قال: أنت في خير وإلى خير(196).
وأخرج أيضاً من طريق أبي سعيد عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) في نزول هذه الآية قال: جمع رسول اللّه عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً ثم أدار عليهم الكساء، فقال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي...الخ.
وأخرج ابن عبد البر(197) قال: لما نزلت : (إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) دعا رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة وعلياً وحسناً وحسيناً في بيت اُمّ سلمة وقال: «اللهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً» وأخرجه ابن الأثير من طريق اُم سلمة(198).
وأخرج ابن جرير الطبري في تفسيره عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم): نزلت هذه الآية في خمسة : فيّ، وفي عليّ، وحسن وحسين وفاطمة: (إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً).
وأخرج عن اُم سلمة أنّ هذه الآية نزلت في بيتها، وأنّ في البيت رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم)وعلياً وفاطمة والحسن والحسين.
وعن أبي سعيد الخدري عن اُمّ سلمة أنّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي، اللّهمّ أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
وأخرج أيضاً من طريق أبي هريرة عن اُمّ سلمة مثله، وكذلك أخرجه عن شهر بن حوشب عن اُمّ سلمة.
وأخرج عن واثلة بن الأسقع(199) عن عليّ(عليه السلام) أنها نزلت في رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم)وعلي وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام).
وعن أنس بن مالك أنّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) كان يمرّ ببيت فاطمة ستة أشهر، كلّما خرج إلى الصلاة فيقول: الصلاة أهل البيت(عليهم السلام) (إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً)وعن أبي الحمراء مثله(200).
وقال السيوطي من طريق اُم سلمة: أخرج ابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن اُمّ سلمة أنّ رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) كان في بيتها على منام له وعليه كساء خيبري، فجاءت فاطمة فقال(صلى الله عليه وآله وسلم): أدعي لي زوجك وابنيك حسناً وحسيناً، فدعتهم، فبينما هم يأكلون إذ نزلت على رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم): (إنّما يريد اللّه... ) فأخذ النبيّ بفضلة إزاره فغشّاهم، ثم أخرج يده من الكساء وأومأ بها إلى السماء، وقال: «اللهمّ هؤلاء أهل بيتي وخاصتي ». الخبر(201).
وقال محمد بن أحمد المالكي: روى الواحدي في كتابه المسمّى أسباب النزول يرفعه بسنده إلى اُم سلمة، أنّها قالت: كان النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) في بيتها يوماً فأتته فاطمة ببرمة فيها عصيدة فدخلت بها عليه، فقال لها: ادعي لي زوجك وابنيك. فجاء علي(عليه السلام) والحسن والحسين(عليهما السلام) فدخلوا يأكلون والنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) جالس على دكة وتحته كساء خيبري، قالت: وأنا في الحجرة قريب منهم، فأخذ النبيّ الكساء فغشاهم به، ثم قال: «اللهمّ هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً» فأدخلت رأسي وقلت: وأنا معكم يا رسول اللّه؟ قال(صلى الله عليه وآله وسلم): إنّكِ على خير، فانزل اللّه عزّ وجلّ: (إنّما يريد اللّه...)(202).
وأخرجه محبّ الدين الطبري قال: في بيان أنّ فاطمة وعليّاً وحسناً وحسيناً هم أهل البيت المشار إليهم في قوله تعالى: (إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) إلى آخر ما ذكر.
ورواه من طريق اُمّ سلمة، ومن طريق عمر بن أبي سلمة ربيب رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم)، ومن طريق زينب بنت أبي سلمة، ومن طريق واثلة بن الأسقع، ومن طريق عائشة(203).
وعن أبي سعيد الخدري أنّها نزلت في خمسة : رسول اللّه، وعليّ، وفاطمة، والحسن، والحسين، أخرجه أحمد في المناقب والطبراني(204).
وأخرجه الخطيب البغدادي عن سعد بن أبي عوف عن أبي سعيد عن اُمّ سلمة، وعن أبي سعيد الخدري أنّها نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين(205) وأخرجه البغوي من طريق عائشة(206).
وأخرجه الحاكم في المستدرك عن عطاء بن يسار عن اُمّ سلمة(207).
وقال عبد الملك الثعالبي النيسابوري: جمع النبيّ عليّاً وفاطمة والحسن والحسين، ثم قال: (إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً)قال: ويُروى أنّ جبرائيل انضمّ إليهم واندسّ فيهم تقرّباً إلى اللّه تعالى بمداخلتهم، وقال: كساء آل محمد يضافون إليه، فيقال: آل الكساء كما قال ديك الجن في مدحهم:
والخمسة الغرّ أصحاب الكساء معاً *** خير البريّة من عجم ومن عرب(208)
وقال ابن تيمية في جواب من سأله عن دخول علي(عليه السلام)في أهل البيت: ممّا لا خلاف فيه بين المسلمين، وهو أظهر عندهم من أن يحتاج إلى دليل، بل هو أفضل أهل البيت وأفضل بني هاشم بعد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد ثبت عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)أنّه أدار كساه على عليّ وفاطمة وحسن وحسين فقال: «اللّهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً»(209).
وقال ابن حجر الهيثمي في شرح همزية البوصيري ص 319 عند قوله:
وباُمّ السبطين زوج عليّ *** وبنيها ومن حوته العباء
وهم: النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وفاطمة وعليّ وابناهما الحسن والحسين.
وقال: وصح أ نّه(صلى الله عليه وآله وسلم) جعل على علي وفاطمة وابنيهما كساء، قال: «اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وخاصّتي، اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً»، فقالت اُم سلمة: وأنا منهم؟ قال: إنك على خير; وفي رواية ألقى عليهم، كساء ووضع يده عليهم وقال: «اللهمّ إنّ هؤلاء آل محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد انك حميد مجيد».
وقال الشيخ عبد القادر الرافعي: عند ذكر بيت البوصيري ومن حوته العباء هم : النبيّ وعليّ وفاطمة وابناهما(210).
وذكر ابن كثير في تفسيره طرق نزول هذه الآية في الخمسة فقط، وهم: محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)وعليّ وفاطمة والحسن والحسين في خمسة عشر مورداً، ونودّ الإشارة إليها زيادة في التوضيح وتأكيداً للبيان:
1 ـ حديث أبي الحمراء أنّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا طلع الفجر جاء إلى باب علي(عليه السلام)وفاطمة وقال: الصلاة الصلاة يا أهل البيت، إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً.
2 ـ حديث شداد بن عمار عن واثلة، قال ابن عمار: إنّي جالس عند واثلة بن الأسقع إذ ذكروا علياً فشتموه، فلما قاموا قال: اجلس حتى اُخبرك عن هذا الذي شتموه، كنت عند رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم)إذ جاء علي وفاطمة وحسن وحسين رضي اللّه عنهم فألقى عليهم كساء له، ثم قال: اللّهم هؤلاء أهل بيتي اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً .
3 ـ حديث أبي رياح عمّن حدّثه عن اُمّ سلمة انّها نزلت في الخمسة.
4 ـ من طريق أبي هريرة عن اُم سلمة أيضاً.
5 ـ عن حكيم بن سعد. ذكرنا عليّ بن أبي طالب عند اُم سلمة، فقالت في بيتي نزلت : (إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).
6 ـ عن عطية عن أبيه عن اُم سلمة.
7 ـ عن أبي سعيد عن اُم سلمة.
8 ـ عن شهر بن حوشب عن اُم سلمة.
9 ـ عن عمر بن أبي سلمة عن اُم سلمة.
10 ـ عن صفية بنت شيبة قالت: قالت عائشة: خرج النبيّ، ذات غداة وعليه مرط مرجل من شعر أسود، فجاء الحسن فأدخله معه، ثم جاء الحسين فأدخله معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها معه، ثم جاء علي فأدخله معه، ثم قال(صلى الله عليه وآله وسلم): (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).
11 ـ وعن العوام بن حوشب، عن ابن عمّ له قال: دخلت مع أبي على اُمّ المؤمنين عائشة فسألتها عن علي، فقالت: تسألني عن رجل كان أحبّ الناس إلى رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم)وكانت ابنته تحته، رأيت رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) دعا عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فألقى عليهم ثوباً، فقال: «اللّهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً» قالت: فدنوت منهم فقلت: يا رسول اللّه وأنا من أهل بيتك ؟ فقال: تنحي إنك على خير(211).
12 ـ عن أبي سعيد رضي اللّه عنه عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): أنّها نزلت في خمسة، فيّ وفي علي وفاطمة وحسن وحسين.
13 ـ عن عامر بن سعد عن سعد قال: إنّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) حين نزلت عليه فأخذ عليّاً وابنيه وفاطمة فأدخلهم تحت ثوب، ثم قال: ربي هؤلاء أهلي وأهل بيتي.
14 ـ عن أبي جميلة عن الحسن بن علي(عليه السلام).
15 ـ عن السدي عن أبي ديلم عن علي بن الحسين(عليه السلام).
هذا ما ذكره ابن كثير في تفسيره(212) سلكنا في نقله طريق الاختصار، وأعتقد أن المنصف يكتفي بما ذكرنا ولا نحتاج إلى ذكر تفاصيل اُخرى حول تخصيص نزول هذه الآية في أهل البيت خاصة، فالأمر أجلى من الشمس.
وكان(صلى الله عليه وآله وسلم) يؤكّد بعمله أمام أصحابه بهذه المنزلة، لذلك كان يمرّ على باب فاطمة يرفع صوته بالسلام عليهم ويتلو هذه الآية.
روى الترمذي في (صحيحه) عن أنس بن مالك: قال: إنّ رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم)كان يمرّ بباب فاطمة ستة أشهر كلّما خرج إلى صلاة الفجر ويقول: الصلاة يا أهل البيت : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(213).
وفي رواية أبي الحمراء: أنّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) كان يمرّ ببيت فاطمة وعليّ(عليه السلام)فيقول: السلام عليكم أهل البيت : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).
رواه السيوطي عن أبي الحمراء أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) كان يمرّ على باب بيت فاطمة ثمانية أشهر بالمدينة ليس من مرة يخرج إلى الصلاة الغداة إلاّ وأتى باب فاطمة ويقول: السلام عليكم أهل البيت (إنّما يريد اللّه...)(214).
ورواه ابن الأثير في (أسد الغابة) في ترجمة أبي الحمراء قال رواه الثلاثة(215).
وعن ابن عباس شهدنا رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) تسعة أشهر يأتي كلّ يوم باب علي(عليه السلام) عند وقت كل صلاة فيقول: السلام عليكم أهل البيت (إنّما يريد اللّه...)الآية خمس مرات.
وهذا البيان منه(صلى الله عليه وآله وسلم) زيادة في البيان لاُمّته، وتأكيداً لهم في إبراز أهله بتلك المنزلة العظيمة، وبديهي أنّه ماكان قصدة أن يوقظهم للصلاة فهم الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً.
ولكن لشدّة اهتمامه بآله وبإظهار فضلهم للاُمة كان يعمل هذا ليطبقه تطبيقاً عمليّاً. وقال الشيخ عبد المجيد الشرنوبي الأزهري(216).
ثمّ إنّه يختلف تفسير آله(صلى الله عليه وآله وسلم) باختلاف المقامات، ففي مقام الزكاة هم الذين تحرم عليهم الصدقة كبني هاشم، وفي مقام المدح هم أهل بيته الكرام الذين بحبّهم وبزيارتهم يبلغ العبد المرام. وفي الحديث: من مات على حبّ آل محمد مات مغفوراً له. وللّه در القائل:
أرى حبّ آل البيت عندي فريضة *** على رغم أهل البعد يورثني القربى
فما اختار خير الخلق منا جزاءه *** على هديه إلاّ المودة في القربى
وهم أهل العبا جمعهم النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) تحت الكساء، وقال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، فأنزل اللّه عزّ وجلّ:
(إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ ... الآية). وهم الحسن والحسين واُمّهما وأبوهما، كما قال بعضهم:
إن النبيّ محمداً ووصيّه *** وابنيه وابنته البتول الطاهرة
أهل العباء وإنّني بولائهم *** أرجو السلامة والنجا في الآخرة
ورواه الشيخ عبد اللّه الشبراوي(217). وأخرجه ابن عساكر في تاريخه وأطال البحث في تحقيقه(218) . ومحمد بن يوسف الشافعي في كفاية الطالب(219).
والشيخ أبو بكر بن ملا الحنفي في كتاب (قرة العيون)(220). وابن عبد ربه في (العقد الفريد)(221).
والشيخ نعمان الآلوسي في (غالية المواعظ)، قال: اخرجه الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري أنّ الآية نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين، وأخرج البيهقي والترمذي وابن المنذر عن اُمّ سلمة...(222).
وأخرجه الواحدي في أسباب النزول عن أبي سعيد عن اُم سلمة(223).
ويطول بنا البحث، في تتبّع إيضاح هذه الآية وذكر رواتها، وبيان اختصاصها بآل محمد، ولا يشاركهم بتلك المنزلة أحد، فنقتصر على هذا البيان الموجز بالنسبة لما تقتضيه من إيضاح يستدعي إلى وضع مجلدات كثيرة للخوض في نتاجات روح التعصب والطائفية التي رعتها وغذتها سياسات الملوك والاُمراء الذين صبّوا جام حقدهم على أهل البيت الأطهار وشيعتهم، وراحوا يجنّدون علماء السوء وعبدة السلطان للتأثير على أفهام الناس والتحكّم فيهم حتى اختلط على الناس ماهم فيه، وجازت عليهم البدع والضلالات التي يروّجها هؤلاء، فما بين شتم الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) على سنة معاوية وبين إرهاب أهل البيت(عليهم السلام) على سنة أولاد عمّ النبي(صلى الله عليه وآله) من العباسيين الذين كانوا يقسمون بلا خجل بهذه القرابة وأيديهم ملطخة بدماء أبنائه، كان الناس يحنون الرقاب لأصحاب السلطان والملك ويذعنون (لاُولي الأمر)، وليس اُولو الأمر غير أئمّة الحقّ والدين وورثة علم النبيّ المصطفى وحملة رسالته من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، وإنّها لرزية أن يتكلّف مسلم مناقشة اُمور هي من أنصع الحقائق.


من مواضيع لبيك داعي الله » مفتاح قلوب الناس
» شخصيّة الإمام الصادق(عليه السلام)
» معرفة الله تعالى وصفاته الثبوتية والسلبية
» كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة
» بحوث قرآنية في التوحيد والشرك
رد مع اقتباس
قديم 26-02-2011, 05:13 PM   رقم المشاركة : 3
الكاتب

لبيك داعي الله


الملف الشخصي









لبيك داعي الله غير متواجد حالياً


افتراضي

حديث الغدير
رواة حديث الغدير من الصحابة
رواه جماعة من الصحابة، ينوف عددهم على المائة، وفي طليعتهم أبو ذر جندب بن جنادة الغفاري المتوفى سنة (21 هـ ) الذي قال فيه رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم): «ما أضلّت الخضراء، ولا أقلّت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر»، رواه عنه جماعة من الأعلام.
وحذيقة اليماني المتوفى سنة (29 هـ ) والبراء بن عازب، وجابر بن عبد اللّه الأنصاري، وأبو أيوب خالد بن زيد الأنصاري المتوفى بغزوة الروم سنة (50 هـ )، وسعد بن أبي وقاص، وسلمان الفارسي المتوفى سنة (36 هـ ) وطلحة ابن عبيد التيمي، وعائشة زوجة النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) أخرج حديثها ابن عقدة(224) في كتاب حديث الولاية.
وعبد اللّه بن عباس المتوفى سنة (68 هـ ) والعباس بن عبد المطلب عمّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)وعثمان بن عفان، وأبو اليقظان عمار بن ياسر العنسي شهيد صفين سنة (37 هـ )، والصّدّيقة فاطمة بنت النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)وغيرهم إلى عدد يتجاوز المائة.
ورواه من التابعين عدد ينوف على الثمانين، وكانت عناية الجميع بهذا الحديث ظاهرة، وقد خرّجه جماعة من العلماء في كتبهم المعتبرة كمسلم في صحيحه، والترمذي والحاكم، وعدد لا يمكننا حصره بهذه العجالة، وقد ألّف فيه جماعة كتباً خاصة يربو عددهم على الثلاثين.
وشهد به لأمير المؤمنين عدد من الصحابة، يوم ناشدهم بحديث الغدير في مواطن عديدة كيوم الشورى، وأيام عثمان، ويوم الرحبة، وقام له في ذلك اليوم من الصحابة عدد ليس بالقليل وفي طليعتهم: أبو الهيثم بن التيهان وأبوهريرة الدوسي; وأبو سعيد الخدري، وغيرهم عدد لا يقلّ عن العشرين، وتواتر النقل بتعدّد مناشدة أمير المؤمنين أصحاب محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) بإظهارهم للمـلأ هذا الحديث الشريف، كما ورد أنّه ناشدهم يوم الجمل. ويوم الركبان في الكوفة، وشهد له بذلك جماعة من الصحابة منهم عمار بن ياسر وهو من البدريين، وأبو الهيثم بن التيهان، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، وقيس بن سعد بن عبادة، وهم ممّن شهدوا بدراً، وقد اخفى ذلك الحديث جماعة من القوم لمؤثّرات العاطفة وعوامل التعصب، فدعا عليهم أمير المؤمنين(عليه السلام)بقوله: اللّهمّ من كتم هذه الشهادة وهو يعرفها فلا تخرجه من الدنيا حتى تجعل به آية يعرف بها، فبرص أنس، وعُميَ البَراء بن عازب، ورجع جرير اعرابيّاً بعد هجرته وهم ممّن كتموا شهادتهم ولم يؤدوا ما حملوا، ومنه زيد بن أرقم، ويزيد بن وديعة(225).
وكذلك ناشد أمير المؤمنين(عليه السلام) أصحاب محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) يوم صفين، واحتجت به فاطمة(عليها السلام) والإمام السبط الحسين بن علي(عليه السلام) وعبد اللّه بن جعفر وغيرهم، ولزيادة البيان نورد طرفاً من خطبة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الغدير.
خطبة النبي يوم الغدير
أخرج ابن جرير الطبري المتوفى سنة (210هـ ) في كتاب (الولاية) بسنده عن زيد بن أرقم قال: لمّا نزل النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) بغدير خمّ في رجوعه من حجة الوداع وكان في وقت الضحى وحر شديد، فأمر بالدوحات فقمن، ونادى الصلاة جامعة فجمعنا، فخطب خطبة بالغة، ثم قال:
«إن اللّه تعالى أنزل إليّ: (بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ وَإِنْ لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)(226) وقد أمرني جبرئيل عن ربّي أن أقوم في هذا المشهد واُعلم كلّ أبيض وأسود أنّ علي بن أبي طالب أخي ووصيي وخليفتي والإمام بعدي، فسألت جبرئيل أن يستعفي لي ربيّ، لعلمي بقلة المتقين وكثرة المؤذين لي واللائمين لكثرة ملازمتي لعلي، وشدّة اقبالي عليه حتى سمّوني اُذُناً، فقال تعالى: (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْر لَّكُمْ)(227)ولو شئت أن اُسمّيهم وأدل عليهم لفعلت، ولكني بسترهم قد تكرمت، معاشر الناس فإنّ اللّه قد نصبه لكم ولياً وإماماً وفرض طاعته على كلّ أحد ماض حكمه جائز قوله، ملعون من خالفه، مرحوم من صدّقه، اسمعوا وأطيعوا فإنّ اللّه مولاكم وعليّ إمامكم، ثم الإمامة من صلبه إلى القيامة» ومنها:
«افهموا كتاب اللّه، ولا تـتّبعوا متشابهه ولن يفسر ذلك لكم إلاّ من أنا آخذ بيده شائل بعضده ومُعلمكم: إنّ من كنت مولاه فعلي مولاه، وموالاته من اللّه عزَّ وجلَّ أنزلها عَليّ: ألا وقد أديت، ألا وقد أسمعت، ألا وقد أوضحت»، إلى آخر خطبته(صلى الله عليه وآله وسلم) التي رواها الثقات من رجال الاُمّة.
ومن أراد الاطلاع وسعة البيان فيراجع ما كتبه الحجّة المتتبّع فقيه التأريخ، شيخنا العلاّمة الأمين الشيخ عبد الحسين الأميني في كتابه «الغدير» ففيه نجعة الرائد وبغية الطالب.
فهذا بيان موجز عن حديث الغدير، الذي تحرّج البخاري عن اخراجه وتنكّر له كما تنكّر لكثير من فضائل أهل البيت(عليهم السلام)، وحادثة الغدير أهمّ الحوادث الإسلامية التي سجّلها التاريخ بصورة لا مجال لأحد انكارها، ومن المؤسف انكار بعض المسلمين لهذه الحادثة المهمة، مكابرة منهم بعد وضوح الحجة والدليل القاطع يوم قام النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) في ذلك الحفل الرهيب، والجمع الحاشد، وفي ذلك الهجير المضطرم، في غدير خمّ حيث مفترق المدنيين والمصريين والعراقيين، وعدد الجمع لا يقلّ عن مائة ألف، وبلّغ ما أمره به ربّه بأن ينصّ على عليّ(عليه السلام) وينصبه علماً للناس من بعده ، وكان النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) يعلم أنّ ذلك سوف يثقل على الناس وقد يحملونه على المحاباة والمحبة لابن عمّه وصهره، ومن المعلوم أنّ الناس ذلك اليوم وإلى اليوم ليسوا في مستوى واحد من الإيمان واليقين بنزاهة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وعصمته عن الهوى والغرض، ولكنّ اللّه سبحانه لم يعذره في ذلك فأوحى إليه: (يا أيّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِنْ لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ)(228) فلم يجد بداً من الأمتثال بعد هذا الانذار الشديد، فخطب الناس عند منصرفه من حجة الوداع في غدير خم فنادى وجلّهم يسمعون: «ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ فقالوا: اللّهم نعم، فقال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه» إلى آخر ما قال. ثم أكدّ ذلك في مواطن اُخرى تلويحاً وتصريحاً واشارة ونصاً حتى ادّى الوظيفة، وبلغ عند اللّه المعذرة، ولكن كبار المسلمين بعد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) تأولوا تلك النصوص نظراً منهم لصالح الإسلام حسب اجتهادهم فقدّموا وأخّروا وقالوا: «الأمر يحدث بعده الأمر»(229).
عناية الشيعة بعيد الغدير
وكان عيد الغدير محلّ عناية أهل البيت وشيعتهم على ممر العصور، يقيمون شعائره حسب مناسبات الظروف، وفي عهد آل بويه اُقيم في بغداد سنين متطاولة بصورة علنية نظراً لرفع الرقابة وعدم الحذر، وقد عظم ذلك على خصوم الشيعة فثاروا ضد اعلان هذا العيد، وحدثت ثورات دموية بين السنة والشيعة على فترات من الزمن، والشيعة متمسكة بإظهار هذا العيد لا تقف تلك المحاولات في طريق إقامة شعائره، ولمّا رأى خصوم الشيعة أنّ وسائلهم التي قاموا بها ضدّ هذه الشعائر كان نصيبها الفشل، التجأوا إلى المغالطات العلميّة فقاموه في احداث عيد يقابلون فيه عيد يوم الغدير الزاهر. وهو يوم الغار وجعلوه عيداً وأقاموا الزينة ونصبوا القباب في اليوم السادس والعشرين من ذي الحجّة، وزعموا أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وأبا بكر اختفيا في الغار، وهذا من الجهل والغلط البيّن، فإنّ أيام الغار إنّما كان في آخر صفر أو أول شهر ربيع الأوّل(230) واستمروا على ذلك مدة ثمّ كان مصير هذا العيد إلى الإهمال والنسيان.
أمّا الشيعة فقد استمروا على إحياء عيد الغدير وإقامة المآتم يوم عاشوراء فضاق بأعدائهم ذرعاً ففي سنة (363 هـ ) عمدوا إلى مقابلة الشيعة وأركبوا امرأة وسمّوها عائشة، وتسمّى بعضهم بطلحة وبعضهم بالزبير، وقالوا: نقاتل أصحاب علي فقتل بسبب ذلك من الفريقين خلق كثير(231).
واستمرّت الفتن بين الطرفين بسبب إقامة هذه العشائر، وبلغت مبلغاً شديداً حتى التجأ خصوم الشيعة إلى الاستعانة بالجند والسودان، وذلك في سنة (350هـ 961م ) وكان الجنود يسألون من يجدونه في الطريق من خالك؟ فإن لم يقل معاوية ضربوه.
وطاف أحد السودان المتهجّمين بالطرقات وهو يصيح بين الناس: معاوية خال علي فتابعه العامة، وأصبحت هذه هي صيحة أهل السنة بمصر حينما يريدون قتال الشيعة(232).
ويحكى عن بعض الشيعة في تلك المحنة قيل له: معاوية خالك فقال: لا أدري أكانت اُمي نصرانية. كلّ ذلك محاولة منهم لإرغام الشيعة على ترك إقامة هذه الشعائر، ولكنّها مرّت على ذلك غير مبالية بتلك المقابلات الفاشلة.
كما أنّهم قابلوا يوم عاشورا بيوم مصرع مصعب بن الزبير، وأقاموا عليه النياحة وزاروا قبره يومئذ بمسكن(233) ونظّروه بالحسين(عليه السلام) لكونه صبر وقاتل حتى قتل، ولأن أباه ابن عمة رسول اللّه وحواريه، كما أنّ أبا الحسين(عليه السلام)ابن عمّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وفارس الإسلام، فنعوذ باللّه من الهوى والفتن(234).
وناهيك ما جرى في بغداد من حروب دامية مبعثها الجهل والتعصّب التي يقف القلم عند وصفها، وأعظمها محنة وقعة الكرخ التي تجلّت فيها نفسية قوم اُشرب قلوبهم بغض آل محمد والقضاء على من يواليهم، فقد هجمت طوائف يبعثهم صلف الولاة وميلهم للنزعات، حتى أحرقوا دور شيعة آل محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)وقتلوا الرجال والأطفال، فكانت عاقبة الدولة إلى الدمار والانهيار بعد تلك الحادثة بقليل، وليس في وسعنا التعرّض لذكر تلك الفجائع السود، ولا نودّ نبش تلك الدفائن التي مرّت في تلك العصور المظلمة، ونحن في عصر ما أحوجنا فيه إلى الأخوّة والاتحاد لنقابل من يكيد الإسلام ويحاول القضاء على تعاليمه، ولا يروق له اتحاد المسلمين; لأنّ في اتّحادهم يكون القضاء على المستبدين باُمور الاُمة، وكلّنا أمل بالوعي المتعاظم بوجوب تطبيق نظام الإسلام، ومن اللّه نسأل تحقيق ذلك.

حديث الثقلين
تخريج الحفاظ لحديث الثقلين
أخرج مسلم في صحيحه من طريق زيد بن أرقم خطبة النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الغدير، وقوله(صلى الله عليه وآله وسلم) فيها: «وأنا تارك فيكم الثَقَلين كتاب اللّه فيه الهُدى والنور فخذوا بكتاب اللّه واستمسكوا به، فحثّ على كتاب اللّه ورغب فيه، ثم قال وأهل بيتي اُذكركم اللّه في أهل بيتي»(235).
وأخرجه الترمذي عن زيد بن أرقم قال، قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب اللّه ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما»(236).
وأخرجه أحمد عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي وأنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض»(237).
وعن أبي سعيد أيضاً عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إنيّ اُوشك أن اُدعى فاُجيب وإنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي، كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإنّ اللطيف الخبير أخبرني أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض، فانظروا بم تخلّفوني فيهما(238)؟
ورواه البغوي في مصابيح السنة(239) والقاضي عياض في الشفاء(240).
وأخرج الخطيب البغدادي من طريق حذيفة بن اُسيد أنّ رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم)قال: يا أيّها الناس إنّي فرط لكم وانتم واردون عليّ الحوض، وإنّي سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما، الثقل الأكبر كتاب اللّه سبب طرفه بيد اللّه وطرفه بأيدكم واستمسكوا به(241).
وأخرجه الحاكم من طريق زيد بن أرقم في (المستدرك)(242) ورواه السيوطي من ثلاث طرق: من طريق زيد بن أرقم، وزيد بن ثابت وأبي سعيد الخدري(243).
وأخرجه فقيه الحرمين محمد بن يوسف الشافعي في كتابه (كفاية الطالب)(244)، وأخرجه الطبري في (الذخائر)(245) من طريق زيد بن أرقم.
وأخرجه ابن حجر في (الصواعق المحرقة) ثم ذكره بطرق مختلفة، وقال: ولهذا الحديث طرق كثيرة عن بضع وعشرين صحابياً(246). وذكره الشيخ عبد اللّه بن محمد الشبراوي في كتاب (الاتحاف بحبّ الاشراف)(247) والسيوطي في كتاب (احياء الميت بفضائل أهل البيت)(248) المطبوع على هامش الاتحاف، وذكره الشيخ العدوي في (مشارق الأنوار) عند ذكره لفضائل أهل البيت(249)، والعلاّمة السيد خير الدين أبي البركات نعمان افندي الآلوسي في (غالية المواعظ)(250) .
وقال ابن حجر الهيثمي في (شرح الهمزية) عند ذكر آل محمد(صلى الله عليه وآله وسلم): وفي الحديث: والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد بي حتى يحبّني ولا يحبّني حتى يحبّ ذوي قرابتي، أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم وعدو لمن عاداهم، ألا ومن آذى قرابتي فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى اللّه، ثمّ ذكر حديث الثقلين واختصاصه بآل محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)(251).
ورواه ابن كثير في تفسيره، من طريق زيد بن أرقم قال: قام فينا رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) يوماً خطيباً بماء يدعى خماً بين مكة والمدينة فحمد اللّه واثنى عليه ووعظ وذكر، ثم قال: أمّا بعد، ألا أيّها الناس فإنّما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربّي فاُجيب، وأنا تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب اللّه واستمسكوا به. فحث على كتاب اللّه عزّ وجلّ ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي اُذكركم اللّه في أهل بيتي اذكركم اللّه في أهل بيتي اذكركم اللّه في أهل بيتي(252).
وقال الشيخ عبد الرحمن النقشبندي في كتابه (العقد الوحيد) بعد ذكره أهل البيت: كيف وهم أنجم ديننا ومصدر شرعنا وعمدة أصحابنا؟ فيهم ظهر الإسلام وفشى، وبهم تأيدت أركانه ونشأ، ومن ثم صحّ أنه(صلى الله عليه وآله) قال: إنّي تارك فيكم ما أن اخذتم به لن تضلّوا كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني. وصحّ عنه(صلى الله عليه وآله) قال: من سرّه أن يكتال بالمكيال إلاّ وفى إذا صلى علينا أهل البيت فليقل، اللّهم صلِّ على محمد وآله، وروي عن الشافعي أنّه قال بوجوب الصلاة على الآل في التشهد الأخير، وروي له قوله:
يا آل بيت رسول اللّه حبّكم *** فرض من اللّه في القرآن أنزلـه
كفاكم من عظيمِ القدر أنّكم *** من لم يصلِّ عليكم لا صلاة له(253)
وجاء في مجلة المسلم: أهل البيت حرّاس هذا الدين وورثة هذا المجد إلى أن يقول: وكان أهل البيت هدفاً للطعن والأذى المنوع، بل وللإبادة في كلّ عصور التاريخ من عهد الإمام علي رضي اللّه عنه، وقد اتخذ اعداؤهم محاربتهم ديناً نسبوه ظلماً لجدّهم(صلى الله عليه وآله وسلم) ولعبت أطوار التاريخ في ذلك أدواراً مريرة، حتى جرّدوهم من أنسابهم وأملاكهم وأوقافهم; بعد أن أفاءوا عليهم صنوف المهانات وألوان العذاب باسم الدين المظلوم مالا يعلمه إلاّ اللّه، ولم يكفهم أن ينالوا منهم حتّى دفعهم سوء الطبع وسوء الأدب(254) وسوء الإيمان والغل الدفين إلى تأليف الكتب في اضطهاد آل الرسول وسبّهم باسم احياء السنة واجتهاد الرسول والعياذ باللّه. انتهى(255).
وقال في القاموس في مادة ثقل: الثقل كعنب، ضد الخفة، والثقل محركة متاع المسافر وحشمته، وكلّ شيء نفيس مصون، ومنه الحديث: «إني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي»(256).
وقال محب الدين في (التاج) في مادة ثقل عند ذكر الحديث: جعلهما ثقلين إعظاماً لقدرهما وتفخيماً لهما ، قال ثعلب: سمّاهما ثقلين، لأنّ الأخذ بهما ثقيل والعمل بهما ثقيل(257). قال الزهري: وروى شريك عن الركين عن القاسم عن حسان عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) إنّي تارك فيكم الثقلين خلفي: كتاب الله وعترتي فإنّهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض. قال محمد بن إسحاق: وهذا حديث حسن صحيح، ورفعه نحوه زيد بن أرقم وأبو سعيد الخدري وفي بعضها: إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي. فجعل العترة أهل البيت، وروى أبو العبّاس عن ابن الاعرابي أنه قال: العترة ولد الرجل وذرّيته وعقبه من صلبه. قال: فعترة النبي(صلى الله عليه وآله): ولد فاطمة البتول(عليها السلام).(258)
وقال ابن أبي منظور في لسان العرب: روي عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال في آخر عمره: «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي» ثم ذكر قول ثعلب وقال: وأصل الثقل أنّ العرب تقول: لكلّ شيء نفيس مصون خطير ثقل، فسمّاهما ثقلين إعظاماً لقدرهما وتفخيماً لشأنهما، ويقال للسيد العزيز ثقل، إلى آخره(259).
وقال ابن الأثير في النهاية بعد أن ذكر قوله(صلى الله عليه وآله وسلم): «إني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي سمّاهما ثقلين لأن الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل، ويقال لكلّ خطير ثقل(260)، وقال في المصباح: العترة نسل الإنسان، قال الزهري: وروى ثعلب عن ابن الاعرابي: إنّ العترة ولد الرجل وذرّيته وعقبه من صلبه، ولا تعرف العرب من العترة غير هذا(261).
وقال السيد محمد صديق حسن البخاري في كتاب (الدين الخالص) بعد ذكره لهذا الحديث من طريق زيد بن أرقم:
هذا الحديث فيه فضيلة أهل البيت وبيان عظم حقّهم في الإسلام، وأنّهم قرين القرآن في التعظيم والاكرام، وليس بعد هذا البيان من رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم)بيان، ولا قرية بعد عبادان.
وقال: وعندي أنّ المراد بهم: «أي بأهل البيت» هم الموجودون في عصر النبوة أولاً بالذات، ولكن يدخل فيهم أيضاً من وجد بعدهم من السادة القادة إلى العلم والعبادة، كالأئمة الاثني عشر من العترة.
إلى أن يقول: والمراد بأهل البيت ـ هنا ـ العترة الطاهرة، والذرية المطهرة خاصة دون أزواج النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)(262).
ويطول بنا الحديث إذا حاولنا تتبع مخارج هذا الحديث وبسط القول فيه، وقد اقتصرنا على هذا القدر من طرقه، وقد ألّف الحافظ محمد بن طاهر بن علي المعروف بالقيصراني كتاباً خاصاً جمع فيه طرق هذا الحديث، وقد خرّجه عن 27 صحابياً.
وهناك أمر يستدعي الانتباه وهو أنّ يد التحريف التي لا زالت تبعث على الاُمة عوامل التفرقة قد جنت جناية عظيمة، فحرفته مخالفة للّه ولرسوله، فإنّ الحديث يقول: كتاب اللّه وعترتي، وهم يقولون كتاب اللّه وسنتي وهم يقصدون من وراء ذلك تغيير الواقع والتمويه لما يتضمنه هذا الحديث الشريف الذي قرن العترة بالكتاب، وجعلهما كتوأمين يلزم التمسك بهما، وإيثار حقّهما، وأنّ العترة باقية إلى يوم القيامة.
قال الشريف السمهودي: هذا الخبر يفهم منه وجود من يكون أهلاً للتمسك به من عترته(صلى الله عليه وآله وسلم)في كلّ زمن إلى قيام الساعة حتى يتوجه الحثّ المذكور على التمسّك به، كما أنّ الكتاب كذلك، ولذا كانوا أماناً لأهل الأرض، فإذا ذهبوا ذهب أهل الأرض(263).
وقال الشيخ الزرقاني ـ بعد شرحه لهذا الحديث ـ : أمّا الكتاب فلأنه معدن العلوم الدينية، والاسرار والحكم الشرعية، وكنوز الحقائق، وخفايا الدقائق.
وأما العترة فلأنّ العنصر إذا طاب أعان على فهم الدين، فطيب العنصر يؤدي إلى حسن الأخلاق، ومحاسنها يؤدي إلى صفاء القلب ونزاهته وطهارته، وأكّد(صلى الله عليه وآله وسلم) تلك الوصية وقواها بقوله: «فانظروا بماذا تخلفوني فيهما» هل تتبعوني فتسروني، أو لا فتسيئوني؟(264).
وهو(صلى الله عليه وآله وسلم) أعرف بالمصالح العامة، ورأى أنّ مصلحة اُمته في التمسّك بهذين الثقلين من باب رعاية المصلحة لهم، وتحصيلاً لسعادتهم، فأكّد(صلى الله عليه وآله وسلم)في عدّة مواطن على لزوم اتباع أهل بيته وأنّهم أولى الناس برعاية شؤون الاُمة، ولذا جعل مثلهم كمثل سفينة نوح.
حدث أبو ذر الغفاري عن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) ـ وهو آخذ بباب الكعبة ـ أنّه قال: «مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق».
أخرجه أحمد بن حنبل(265) والحاكم في المستدرك(266)، وغيرهما من المحدثين.
وأخرج الطبراني عن أبي سعيد الخدري، أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «إنّما أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له»(267).
وغير هذه الأحاديث الواردة بالطرق الصحيحة ممّا ملأ سمع الدنيا ورددتها الأجيال وأوردها العلماء، فهي تقضي بوجوب التمسك بأهل البيت واتباعهم وحبّهم ومناصرتهم، فهم دعاة الحقّ وهداة الخلق، واعلام الرشاد وقادة العباد.
ونحن نقطع بأنّ المسلمين لو توفّرت لهم حرية الرأي توافراً تاماً ليعلنوا غير خائفين فيمن يجب ان يرشحوه خليفة عليهم، ويؤهّلوه لرعاية اُمورهم وولاية أمرهم لتحقيق المصالح العامة وسعادة المجتمع الإسلامي من جميع الوجوه، لما عدلوا عن أهل بيت النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) رعاية لوصاياه(صلى الله عليه وآله وسلم)وامتثالاً لأمره، وأنّ أهله المرشحين للخلافة قد اجتمعت فيهم خصال الكمال وأهليّة الرعاية وولاية الأمر، ولم يستطع أحد أن يلصق بهم عيباً، وإن كان خصماً لهم، وحرباً عليهم .
ولكنّ الأمر أصبح وراثياً في اُسرة معينة، ينتقل من واحد لواحد بالوصاية وولاية العهد، كما رأينا من فعل معاوية ببيعة يزيد بالسيف وقوة السلطان، وهكذا من بعده في ولاية الحكم ولا رأي للاُمة في ذلك. ولننظر الى ما عليه الحكام وما ارتكبوه بحقّ الاُمة والدين وكيف كانت العلاقات. يقول السيوطي: وأخرج البخاري والنسائي وابن حاتم في تفسيره ـ واللفظ من طرق ـ إنّ مروان خطب بالمدينة وهو على الحجاز من قِبَل معاوية فقال: إنّ الله قد أرى أمير المؤمنين في ولده يزيد رأياً حسناً وإن يستخلفه فقد استخلف أبوبكر وعمر ـ وفي لفظ ـ : سنة أبي بكر وعمر. فقال عبدالرحمن بن أبي بكر: سنّة هرقل وقيصر، إن أبا بكر والله ما جعلها في أحد من ولده ولا أحد من أهل بيته، ولا جعلها معاوية إلاّ رحمة وكرامة لولده. فقال مروان: ألستَ الذي قال لوالديه أف لكما. فقال عبدالرحمن: الست من اللعين الذي لعن أباك رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ فقالت عائشة رضي الله عنها: كذب مروان، ما فيه نزلت، ولكن نزلت في فلان ابن فلان، ولكن رسول الله(صلى الله عليه وآله) لعن أبا مروان ومروان في صلبه فمروان بعض من لعنه الله(268).
وعلى أيّ حال فإنّ أهل البيت هم هداة الاُمة، وكانت الانظار تتجه إليهم في جميع الأدوار، وسنوضّح فيما بعد التفاف الناس حول الإمام الصادق وترشيحه لولاية الأمر، لأنّه زعيم أهل البيت وسيدهم في عصره.
ونعود إلى القول: بأنّ عدم تخريج الشيخ البخاري أحاديث الإمام الصادق هو شيء يعود إلى البخاري نفسه ولا يقدح بشخصية الإمام الصادق(عليه السلام) ، فهو الذي اجمعت الاُمة على صدقه فلقّبوه بالصادق، وقد خرّج البخاري أحاديث تلامذة الإمام الصادق(عليه السلام) ، ولكنه تجنّب الروايات التي يروونها عنه(عليه السلام).
وليس بغريب أن تقضي الظروف القاسية بأن يبتعد الناس عن أهل البيت حبّاً للسلامة أو استسلاماً لعوامل اُخرى.
ولا بدّ لنا أن نشير هنا الى أنّ البخاري لم يجمع الأحاديث الصحيحة عنده كلّها فإنّه قد ترك الكثير منها.
حدّث الإسماعيلي عنه أنّه قال: لم اُخرّج في هذا الكتاب إلاّ صحيحاً وما تركت من الصحيح أكثر(269).
وقد نُقل عنه أنّه يحفظ مائة ألف حديث صحيح(270)، وليس في كتابه بالنسبة لذلك إلاّ القليل، فإنّ جميع ما فيه أربعة آلاف والمكرر ألفان، فيكون المجموع ستة آلاف.
ومع هذا فلا يمكن القطع بصحة كلّ مايرويه أو أنّها أصح الأحاديث .
قال المحقّق ابن همام في شرح الهداية: وقول من قال: أصحّ الأحاديث ما في الصحيحين، ثمّ ما انفرد به البخاري، ثم ما انفرد به مسلم، ثم ما اشتمل على شرطهما، ثم ما اشتمل على شرط أحدهما تحكّم لا يجوز التقليد فيه، إذ الأصحيّة ليست إلاّ لاشتمال رواتها على الشروط التي اعتبراها، فإن فرض وجود تلك الشروط في رواة حديث في غير الكتابين أفلا يكون الحكم بأصحيّة ما في الكتابين عين التحكم؟!(271)
وبعد هذا نقول: لعلّ ترك البخاري للأحاديث الصحاح في فضائل أهل البيت(عليهم السلام) لم يكن لعدم وثوقه في صحتها، أو توقفه عن قبولها، ولكنّه مع ذلك تركها عمداً اختصاراً لكتابه، أو تهيّباً مما وراء ذلك من اتهام.
كما أنّ عدم تخريج أحاديث الإمام(عليه السلام) لا يعود بالتأثير السلبي على شخصية الإمام الصادق أو أنّه يشكل غضّاً من مكانته، يُعتدّ به، فإنّ ذلك ما عجز عنه ملوك العصر بكلّ ما اُوتوه من إمكانات، وفشل أذنابهم فيه أيضاً. كذلك لم يستطع البخاري ولا غيره أن يجرحوا الإمام الصادق(عليه السلام) بشيء أبداً.
والاُمّة الإسلامية قد تقبّلت رواياته وأخذت بأقواله(عليه السلام)، حتى لقّب بالصادق، وكان المرجع الوحيد لإيضاح المبهم وحلّ ما اُشكل عليهم; وقد ملأ رواة حديثه الأقطار الإسلامية، وكان في الكوفة الف شيخ محدّث، كلّ يقول: حدّثني جعفر بن محمد.

دمتم في رعاية الله


من مواضيع لبيك داعي الله » مفتاح قلوب الناس
» شخصيّة الإمام الصادق(عليه السلام)
» معرفة الله تعالى وصفاته الثبوتية والسلبية
» كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة
» بحوث قرآنية في التوحيد والشرك
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
البخاري, زهرة

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ألم تتباهون بصحيح البخاري هذا هو البخاري أضعه بين يديكم ياوهابية copraa.aliraq حقائق تحت المجهر 3 12-06-2012 08:00 PM
قنبلة عائشة تدمّر صحيح البخاري لبيك داعي الله منتدى رد الشبهات 7 23-10-2010 08:27 PM
كشف المتواري في صحيح البخاري محـب الحسين احباب الحسين للكتب الإسلاميه 5 03-07-2010 11:11 PM
أبو بكر في النار بشهادة البخاري اريج الجنه حقائق تحت المجهر 5 04-06-2010 05:31 PM
الأرز بالدجاج البخاري moonlight مطبخ احباب الحسين 3 11-09-2009 03:30 PM


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات احباب الحسين