الزهراءعليها السلام المنهاج المتكامل للحياة الحرة الكريمة
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم ياكريم
الزهراء عليها السلام حجة الله البالغة وعصمته وطهارته وهي مشكاة الانوار ، لانها الجامعة لصفات ومزايا سيد الانبياء والمرسلين النبي محمد(صلى الله عليه واله)، حجة الله على الحجج والوعاء الذي اختاره الله ليتدفق منه الامتداد الحي والصادق لمرضاته ونعمه السابغة والصراط الواضح ونور تستنير منه الخلائق طريق الحق وبلوغ رحمة الله.
من سفرها الخالد
عاشت(عليها السلام) محن تبليغ الرسالة الإلهية وتأذت وهي صغيرة مع أبيها وأمها وسائر بني هاشم عندما حوصروا في الشعب وعمرها سنتين وبعد الحصار أي بعد ثلاث سنوات مرت عجاف، أصبح عمرها الشريف ست سنوات، فأصيبت بوفاة أمها خديجة بنت خويلد أم المؤمنين فضلا عن شيخ البطحاء والمحامي عن رسول الله ابي طالب، فصارت سلوة أبيها في تحمل الأعباء والشدائد، تؤازره وتؤنس وحدته على ما يرد عليه من أشرار قريش وطغاتها.
وفي الثامنة من عمرها هاجرت هي والفواطم مع ابن عمها إلى المدينة المنورة وبقيت إلى جنب أبيها حتى تزوجت بسيد الوصيين أمير المؤمنين(عليه السلام) لتؤسس أشرف بيت في الإسلام بعد بيت النبي (صلى الله عليه واله) فكانت الافق الطاهر الذي طلعت منه الشموس السواطع.. سلالة النبوة العترة الطاهرة فهي الكوثر المعطاء في الدنيا والآخرة.
جسدت وليدة النهضة الإلهية فاطمة الزهراء(عليها السلام) أروع مثل للزوجة والأم والمربية وأعطت (عليها السلام) بسلوكها الفردي والزوجي أمثلة حقيقية وعملية تجسيد مفاهيم الرسالة وقيمها تجسيداً واقعياً مثبتة للعالم أجمع على امتداده.
إنها الإنسان المتكامل الذي استطاع أن يحمل طابع الأنوثة فيكون آية إلهية كبرى على قدرة الله تعالى البالغة وإبداعه. مقامها (عليها السلام) عند الله تعالى:
خصت فاطمة الزهراء (عليها السلام) بمقام الرضا ـ من اعلى المقامات الالهيةـ لان الله تعالى يرضى لرضاها ويغضب لغضبها، وجاءت كثير من الروايات الشريفة المأثورة عن الرسول وأهل بيته (عليهم السلام) تأكيدا للشأن العظيم للصديقة الطاهرة.
فاطمة الزهراء عليها السلام كريمة عند الله تعالى لعلو شأنها ومنزلتها عنده لذلك يرضى لرضاها ويغضب لغضبها، فعن النبي(صلى الله عليه وآله) قال: (يا فاطمة إن الله ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك). وكذلك قوله: (يا فاطمة أبشري فلك عند الله مقام محمود تشفعين فيه لمحبيك وشيعتك فتشفعين).
ويتبين مقامها أيضا عند الباري عز وجل من خلال الحديث الطويل الذي يروى عن أهل بيت العصمة عن الله تعالى إذ يقول الباري عز وجل: (يا فاطمة وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لقد آليت على نفسي من قبل أن أخلق السماوات والأرض بألفي عام أن لا أعذب محبيك ومحبي عترتك بالنار).
لقد اقسم تعالى بعزته وجلاله أن لا يعذب بالنار شيعة الزهراء ومحبيها، ومن المقامات الأخرى لها (عليها السلام) هو علة الايجاد أي أنها كانت علة الموجودات التي خلقها الباري عز وجل وكما ورد في الحديث الذي يقول فيه الباري عز وجل: (يا أحمد لولاك لم خلقت الأفلاك، ولولا علي لم خلقتك ولولا فاطمة لما خلقتكما)، وغيرها من المناقب.. فاطمة الزهراء في القرآن الكريم
أشادت كثير من الآيات القرآنية الكريمة بفضائلها وخصالها الحميدة .
جاء عن أنس ابن مالك أن الرسول (صلى الله عليه واله) فسّر قوله تعالى: (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) فقال: (أما النبيون فأنا، وأما الصديقون فعلي بن أبي طالب، وأما الشهداء فعمي الحمزة، وأما الصالحون فأبنتي فاطمة وولداها الحسن والحسين (عليهما السلام))
كان رسول الله (صلى الله عليه واله) بعد نزول آية التطهير، يمر ببيت فاطمة (عليها السلام) فيقول (صلى الله عليه واله): يا أهل البيت :(إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)
وقد بقي رسول الله (صلى الله عليه واله) مستمراً على هذه السيرة كلما مر على بيت فاطمة الزهراء (عليها السلام) ستة أو ثمانية أشهر .
وهذه الآية هي في مقام اللطف بهم والامتنان عليهم وحصر الطهارة بهم .. والزهراء (عليها السلام) ممن افترض الله مودتهم على الامة وجعلها اجراً لرسالة ابيها (صلى الله عليه وآله).
ومما يؤكد ذلك قول النبي (صلى الله عليه وآله) المتواتر فيها: (يا فاطمة ان الله ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك).. إضافة إلى ذلك انها بضعته المشتق نورها من نوره وهي الحوراء الانسية وهي أم الابرار الذين قال الله تعالى عنهم: (ان الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا، عيناً يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيراً، يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً، ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً، انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً). مرآة الإسلام ومنهاج الدين العملي
كل سيرتها الشريفة هي مواقف مشرفة يستدل بقولها وفعلها على الحكم الشرعي وفي مختلف مجالات الحياة.. فهي المعلمة التي تعلم الاجيال معاني الحياة الحقيقية في كل زمان ومكان على الرغم من ان لكل زمان ظروفه وحيثياته المختلفة.. فبالنسبة الى عصر النبوة كان دور الزهراء عليها السلام بارزا في تعليم النساء معاني القرآن السامية وتثقيفهن بالأحكام الشرعية وكذلك بالعلوم والمعارف الالهية الضرورية بالإضافة الى مشاركتها المؤثرة والفاعلة في الدعوة الى الله تبارك وتعالى في المواقع المختلفة، حتى في المباهلة مع النصارى وكذا دورها الرائد في القضايا المصيرية ومنها قضية الامامة، والفعل المؤثر لخطبتها في المسجد ووقعها في النفوس لتصبح معاني هذه الخطبة الغراء نبعا صادقا ينهل منه المسلمون في كل العصور حكما ومواعظا وعبرا.
فقد استطاعت سلام الله عليها بأفعالها واقوالها المؤثرة ان تقوّم الاعوجاج الذي مني به المسلمون بعد وفاة النبي صلى الله عليه واله وسلم وسد الثغرات التي احدثها من غرتهم الحياة الدنيا من الذين اسلموا ولمّا يدخل الايمان في قلوبهم فهم في شقاق بعيد وبئس الورد المورود
ظلمت سلام الله عليها كثيرا وخاصة بعد رحيل المصطفى صلى الله عليه واله وسلم كما نبانا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم مسبقا: كأني بها وقد دخل الذل بيتها، وانتهكت حرمتها وغصبت حقها ومنعت إرثها وكسر جنبها وأسقطت جنينها، وهي تنادي : يا محمداه فلا تجاب وتستغيث فلا تغاث .. إلى أن يقول : فيلحقها الله بي، فتكون أول من يلحقني من أهل بيتي، فتقدم علي محزونة مكروبة مغمومة مغصوبة مقتولة، فأقول عند ذلك: اللهم العن من ظلمها وعاقب من غصبها وذلل من أذلها وخلد في نارك من ضرب جنبها حتى ألقت ولدها، فتقول الملائكة عند ذلك: آمين..) وعليه جرت الامور تتوالى عليها الاحداث المريعة من الخط الثاني ممن سموا اصحاب النبي.. ليوغلوا في جرائمهم مستغلين ما حرفت أيديهم من وصية رسول الله صلى الله عليه واله بالامام علي عليه السلام.
على الرغم من قصر الحياة التي عاشتها والضغوطات والماسي التي تحملتها من الذين (لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً) لكن انجازاتها على الاصعدة كافة كان لها الاثر البالغ في حماية الدين والحفاظ عليه فان ما قد حققته عليها السلام لا يوازيه عمل امراة من ادم عليه السلام الى الان، فقد قامت عليها السلام بمهامها في بقاء هذا الدين ولولاها لطمست معالمه فهي عليها السلام دليل الحق وسبيل العلوم والمعارف. الاستشهاد
بعد وفاة أبيها المختار (صلى الله عليه واله) كانت أول اللاحقين به بعد جهاد مرير مع المشركين والمنافقين والقضاء على مخططاتهم ومؤتمراتهم الدنيئة، وما أسهمت به من تثقيف نساء المسلمين.
روي عن الإمام الرضا (عليه السلام) انه قال: (إن فاطمة صديقة شهيدة)، توفيت بعد أبيها بمدة قصيرة، وكان سبب وفاتها كما جاء في روايات عدة إن قنفذاً مولى عمر لكزها بنعل السيف بأمر مولاه فأسقطت جنينها، ومرضت بعد ذلك مرضاً شديداً، ولم تدع من آذاها يدخل عليها، وكان الرجلان من أصحاب النبي (صلى الله عليه واله) سألا أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يشفع لهما إليها، فسألها أمير المؤمنين (عليه السلام) فأجابت، فلما دخلا عليها قالا لها: كيف أنت يا بنت رسول الله؟ قالت: بخير بحمد الله.
ثم قالت: أما سمعتما النبي (صلى الله عليه واله) يقول: (فاطمة بضعة مني، من آذاها فقد آذاني)؟ قالا بلى، قالت: فو الله، لقد آذيتماني، فخرجا من عندها وهي ساخطة عليهما.
هذه الحادثة هي خلاصة ما عقدت عليه الأمة الإسلامية حينها جزاء ومثوبة لما قدم إليهم رسول الله الأعظم (صلى الله عليه واله) من خير وصلاح.. فجزاهم الله بما فعلوا ببضعته الطاهرة التي من آذاها فقد آذى رسول الله.
سيدتي لتعجز الكلمات عن وصفك ومعرفتك إلا قول الله تعالى في محكم كتابه الكريم مخاطباً نبيه الأكرم ص : (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ) .
المواضيع المتشابهه
الزهراءعليها السلام المنهاج المتكامل للحياة الحرة الكريمة
العرض العادي
