تتعرض الأمة الإسلامية الى مؤامرة وهجمة معادية واسعة إذ لا زالت مقومات حضارتها هدفاً تاريخياً لأعدائها الذين لم يتركوا وسيلة تحط من شأن الأمة وقيمتها إلا وتوسلوا بها , سعياً الى تركيعها والقضاء عليها .
وقد سعي الإستعمار بكل ما أوتي من قوة الى تحريف وتخريب أهم حصونها المنيعة , وهو بناؤها العقائدي وكيانها الروحي . وإن كان أفلح يوما في إبعاد بعض الشباب من شرائح الأمة عن مسارهم الرائد الى متاهات الضياع والتيه , فإن تلك الجهود ستفشل وستتوقف لعدم الحصول على جدوى مشجعة , بل هي فشلت فعلاً وإن لم تتوقف .
إذ أننا نرى اليوم أن ظاهرة التدين بادية على جيل الشباب , و قد سكتت الأبواق التي كانت تهتف وتزعق أن الدين دين الطاعنين في السن , عندما رأوا الدين يعيش حالة شبابية لا تهرم في قلوب الناس وبخاصة منهم جيل الشباب .
إن المحاولات التي مارستها الحكومات المنحرفة عن خط الرسالة السماوية لإطفاء معالم الوعي ومحطات التوهج الفكري في الأمة , لم تفلح أبداً في إيجاد ثغرة حتى ولو في صفوف الشباب .
ومن أساليب أعداء الدين , أعداء الأمة الأسلامية , نشر وترويج كتب الضلال في اوساط المثـقـفـين ووضعها في متناول أيدي الشباب . لأنهم مستهدفون دائماً , وبعد أن أصبح الكتاب سهل المتناول وخير وسيلة للوصول الى أفكار الشباب تحت عناوين ومسميات كثيرة . وقد تكون القصة أقصر لزرق السموم في عقول الطليعة , أو الكتاب العقائدي الذي يحاول إيجاد ثلمة في عقائد الناس وخاصة الشباب . وما أكثر هذه الكتب التي سود صفحاتها أعداء التشيع أعداء الإسلام (( يرويدون ليطفئو نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون )) [SUP](1)[/SUP] .
وقد مرت القرون بعد القرون ونحن نسمع نفس النغمة المبحوحة التي تصدر عن خصوم التشيع بتكرار نفس الإشكالات على المذهب الحق , رغم أن علماءنا رحم الله الماضين منهم وحفظ الباقين لم يدخروا جهداً لرد تلك الإشكالات وتوضيح العقيدة الشيعية بالبراهين الساطعة والأدلة الدامغة .
وعلى سبيل المثال نذكر كتاب الألفين للعلامة الحلي الحسن بن يوسف بن المطهر الأسدي الذي ذكر فيه أكثر من ألفي دليل على وجوب عصمة الأمام و وجوب نصبه من الله ( عز وجل ) , ثم جاء بعده بستة قرون عالم آخر هو الشيخ محمد جرار حسين من بلاد الهند ليضيف إليها أكثر من ستمائة دليل في الموضوع نفسه . في كتاب سماه : ( مستدرك الألفين ) هذا فقط في عصمة الإمام (ع) ناهيك عن الموضوعات العقائدية الأخرى في التوحيد والنبوة والإمام و وغيرها .
وأما ما كتب حول الأمام الثاني عشر المهدي بن الحسن عجل الله فرجه فكثير جداً جداً .
ولكن مع كل هذا فإنـنا نطلع بين فترة وأخرى على كتاب يصدر من وراء الكواليس ويُفجر أمام الملأ بالوناً نتناً قديماً عفا عنه الزمن . لماذا ؟
لأن مؤلفه لا يقرأ ما كتب حول الشبهة , ولم يطلع على الردود الصريحة على ما أملته عليه نفسه المريضة .
ويبقى الهدف هو مجرد إلقاء الشبهة وإشاعتها . والذي نحذر منه هو وقوع مثل هذه الكتب بين أيدي أبناءنا الشباب , فينقادون وراء الأباطيل التي تغلف عادة بغلاف الحقائق . وقد تـنساب الشبهة الى عقولهم إنسياب الأفعى ــ لاسمح الله ــ . فإذا كان بعضهم غير محصن بثـقافة دينية كافية , أي لم يأخذ مصلاً وقائياً ضد السموم فأننا نخشى عليه الأصابة بها .
وما يطرح عادة في كتب الضلال إشكالات حول مايلي :
السجود على التربة , زيارة القبور , والتوسل بالنبي (ص) والآل (ع) , والنذر , وطول عمر الأمام المهدي عجل الله فرجه , وشُبهة القول بتحريف القرآن , وعصمة الأئمة (ع) , وكيفية الوضوء , والجمع بين الصلاتين و و . . .
وكل هذه الأمور قد بحثها علماء الشيعة ومفكريهم منذ قرون و حتى هذه اللحظة , حتى أصبح الكلام فيها من ناقل القول ومن المكررات . إلا أن الخصوم متصفون بالتحجر والأمية والتعصب الأعمى فلا يقرؤون كتب غيرهم . وهذا عيبٌ ونقصٌ فيهم لافي غيرهم . (( ومن كان في هذه اعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً )) [SUP](2)[/SUP] .
زرت ذات يوم وأنافي موسم الحج مكتية المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة , فوجدتها ــ على صغرها ــ منظمة حسب أبواب العلم . فكتب الفقه في جانب , والنحو في جانب , والبلاغة هنا والإقتصاد هناك , وهكذا , فقرأت العناونين المثبتة في كل باب لعلي أجد فيها كتاباً لمؤلف شيعي , فلم أجد في كل الأبواب حتى كتاب ( إقتصادنا ) للشهيد الصدر الأول (رض) الذي يعتبر مفخرة للأسلام وليس للتشيع فحسب , وهكذا في باب النحو مع كثرة علماء الشيعة , وباب الأصول مع طول باع علمائنا فيه , وتفسير القرآن كذلك . فماذا يعني هذا ؟ أترك الجواب لكم إخواني الشباب .