وتجيء الأشرعة تشق أمواج الذاكرة..
مساء مضرج برذاذ المطر.. وأمسية مضرجة بالشعر لملتقى "حرف"، عزف فيها الشعراء الثلاثة (يوسف آل ابريه) و(ياسر المطوع) و(حسين المحاسنة)، والنهام (محمد السنونة) على نغمات الفنون الشعرية الشعبية مقطوعات بنكهة عراقية وبرائحة البحر..
عرّف الأمسية التي أقيمت مساء الخميس 23/ ذوالحجة/ 1430، الشاعر الأستاذ (محمد العقيلي)، عضو منتدى حرف الأدبي، الذي قدم إضاءات حول كل لون من ألوان الفنون الشعرية التي كانت مدار الأمسية: الشعر الشعبي والأبوذيات والموال..
من ضاحية الشعر الشعبي استفاقت الإيقاعات الخفيفة والتفعيلات السريعة بداية مع الشاعر يوسف آل بريه بقصيدة وجدانية..
فاركيتك.. وبقلبي لقيتك..
وانتظر ليلي يجيني
بلك اشوفك
وبالحلم تعرف ونيني
تنظر اهمومي اشكبرها
اشما أنيم عشرة منها عشرة تكعد للفجر
وبعده يكشف ياسر عن ماهيته:
أنا صرخة قلب موجوع
أنا ونة..
أنا ليلة بليا شموع
وعمري يغازل أجفاني
توزع المايك بعدها بين الشعراء الثلاثة الذين خطفوا اهتمام الحضور بحيويتهم، وهاجروا معهم من مرسى الشعر الشعبي إلى بحر الوافر في الأبوذيات الشاكية، باللهجة والحسّ العراقي المستظرف، مكابدة الشوق والوله والعشق.. أو النازفة وجعا من الجرح الكربلائي الأزلي، إذ بدأ الشعراء أبوذياتهم بالولائيات.. من طوامير السجون وجسر بغداد الذي وقف عليه حسين المحاسنة:
حامي ما بقى وياي يو عون
ويا يمته الكضوا بالموت يوعون
أريدن لو يجي عباس يو عون
ويشوفن حال زينــبهم سبيــة
وإلى تنوع أغراض الأبوذيات بين ولائيات ولمحات عامة وإخوانيات وعشقيات، يفاخر ياسر وينأى بنفسه عن الدنايا ورفقة الكاذبين:
ألح اعليك لـــكن ماطلِــتني
وريشــة كذبك أبـْـداً ما طلتني
لوَن طلـْت السمـا لا.. ما طلتني
لأنــي عـــالـــي وافعـــالك دنيــّة
استفاقت رائحة الموج بطيّ الأشرعة لينصت الحضور لرجع صوت النهام (محمد السنونة) متهاديا بمواويل الشعراء الثلاثة، الذين أبدعوا في المواويل.. فلحسين هذا الاستعبار بأحوال الموت والبقاء..
يانفس لاتجزعي كل البشر راحله
والموت للمتقي مثل الحُلم راحه له
قبر اللِّي ماتذكره في غفلتك روح اله
لا تقول في غفلتن بعصي أمر جاني
بجمع نفيس الذهب لولو ومرجاني
بنسى هموم الزمن بنسى لَمُر جاني
لا لا تتـابع هـوى لو كلهم راحوا له
ولياسر هذه الوجدانية..
أعوام عمـري مضن ..لـيته يظــل عام الك
حـبـك لو انه بحــر.. تلقـــى القلــب عام الك
عاملتنـــي بالجفـــا وبالطـــيب انــــــا عاملك
ما ملّ انـــاطلتـــك .. يـاللـــي بخــــــدك خال
وقلبـي خمايـل فـــــرح ..من رنـــــة الخلــخال
أقـرب إلك من ولـِف..من كل أخـو ومن خال
وأقـرب من اللي النسب خلاه أهــو عـم إلك
ختم الشعراء الأمسية بزرع البسمات والضحكات لدى الحضور تجاوبا مع أبوذياتهم الفكاهية.. وهنا نماذج منها..
وتمباك/ حسين المحاسنة
يقولـوا الحلوة مشغـوفة وتمباك
وتشـرب وستن وبـورو وتمباك
أبوها من عـرف بامرك وتَم باك
يريد اشلـــــون تنحل هالقضية