العودة   منتديات احباب الحسين عليه السلام > القسم الاسلامي > منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه)
منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه) الامام - الحسين - سيد الشهداء - أبو الأئمه - الشهيد - المظلوم - العطشان - أبا عبد الله - ابو السجاد - الغريب - ابو الاحرار - عليه السلام


ثورة الإمام الحسين عليه السلام وتيار التغيير في الأمة

منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه)


إضافة رد
قديم 23-08-2011, 03:40 AM   المشاركة رقم: 1
معلومات العضو
الحيران

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
الحيران غير متواجد حالياً

المنتدى : منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه)
ثورة الإمام الحسين عليه السلام وتيار التغيير في الأمة

ثورة الإمام الحسين عليه السلام وتيار التغيير في الأمة


لا يمكن النظر إلى ثورة كربلاء أنها حدث تاريخي كغيره من الوقائع التي سجلها التاريخ والتي نتجت عن تضافر ظروف سياسية وفكرية لتعبر عن موقف اللحظة أو المحطة التي اقتضت تغييرا بهذا الأسلوب الفريد الذي لم تشهده كل تجارب الأمم والشعوب السابقة والذي لن يتكرر بكل عناصره وخصوصياته ذلك أن هذه النظرة ستخرج قضية كربلاء عن كونها منهجا كاملا وأسوة صالحة للاقتداء بها وإتباعها في كل وقت ولعل الإشارة إلى هذا المعنى كانت واضحة وتامة في الحديث المروي عن الإمام الصادق عليه السلام : "كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء"، فان هذه العبارة عبرت عن المستوى العالي والمقام الرفيع والقيمة الرسالية والإنسانية لهذه الواقعة والتي سمت في مضامينها ومعانيها بالدور الذي جسده سيد الشهداء عليه السلام من موقعه كإمام معصوم تهيأ لوظيفة تكريس المنهج وتثبيت دعائم الثورات التغييرية في أقصى تجلياتها وتضحياتها، وان ما يلفت في هذا المضمار الأحاديث التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والتي سبقت الحدث والتي أثبتها السنة والشيعة على حد سواء فإنها جاءت في سياق التأكيد على علو الدرجة ورفعة الموقف ورقيه إلى مستوى كل تطلعات الرسالة الإسلامية واحتياجاتها البشرية وهذا بالتحديد ما يدعونا إلى تحليل الواقعة والوقوف عند مداليلها لقراءة ورسم خريطة النهج التغييري في ثورة كربلاء وهذا ما يدفعنا للتطرق إلى الجهات التالية:

الجهة الأولى: تحديد الأهداف
من مقومات أية ثورة وجود أهداف محددة كي لا تكون مجرد انتفاضة انفجرت في مرحلة

الضيق والضغط اللذين تفرضهما السلطة الحاكمة وبالتالي فان الثورة هي فعل ناتج عن تخطيط ووعي وقصد متصل بحركة وموقف من أجل الوصول إلى غاية محددة، والغاية هي الطموح والقناعة لدى الثائرين الذين يلتفون حول قائدهم وهو يحمل تطلعاتهم ويتقدم أمامهم ليصل الجميع إلى المبتغى، وتختلف الثورات بحسب أهدافها كما أن المنطلقات مرتبطة بشكل وثيق بالأهداف إلا أن جميع الثورات تلتقي حول مفهوم التغيير اللازم عادة لها وكل ثورة تصبغ بلون التطلعات والرؤى فما كان منها عقائدياً يطلق عليها اسم الثورة الفكرية التي تريد تغيير القيم الحاكمة في الحياة وما كان منها سياسياً يهدف إلى تغيير الفئة الحاكمة أو المعادلات القائمة وهكذا..
إن شدة الفهم والمعرفة بأهداف كل ثورة تعين على التعمق وإدراك طبيعتها، ومن خلال هذه الرؤية يمكن الولوج إلى فهم واقعي لطبيعة الثورة الحسينية والى الحفاظ على خصوصيتها ما أمكن دون أن تمسها أيدي المحللين أو تقدمها على غير حالها، ووفق هذا المعيار الإنساني والتجريبي يصبح الدخول إلى وقائع كربلاء ومواقف سيد الشهداء أمراً مستساغا يفتح لنا الآفاق الواسعة والرحبة لهذه التجربة الفريدة بأبعادها وتطلعاتها، فيا ترى ما هو الهدف الذي حدده الإمام الحسين عليه السلام وصبغ نهضته به؟ وبعدها نعرف كيف حقق الإمام عليه السلام الغاية ويصبح لعبارة الانتصار مغزى واقعيا مكتوبا بدم الفداء ومغموسا بحبر الدين والرسالة،
إن الجواب السهل على هذا التساؤل يدفع البعض إلى تحديد الهدف في ثورة كربلاء هو الإطاحة بيزيد الحاكم الفاجر وبالتالي تقويض الحكم السياسي لبني أمية وهذا ما تترتب عليه آثار كبيرة وخطيرة لجهة الحفاظ على معتقدات الناس وقيمها، لكننا لا يمكن أن نقبل هذه البساطة في فهم الحدث الكربلائي وان كنا لا ننكر أن هذه الهدف ملحوظ وموجود والوقائع دلت عليه إلا أنه ليس هو كل الأمر وفي أحسن الأحوال لا يعبر إلا عن ظاهر الأمر في الوقت الذي لا يخلو تحديد هذا الهدف من إشكاليات واقعية لا تقارب الفهم المعمق لطبيعة الثورة العمل الاستشهادي الفريد الذي قدمه الإمام الحسين عليه السلام مع الخيرة من أصحابه وأبنائه وأهل بيته، ويكفي أن ندقق في بعض الوقائع التي نقلت إلينا من المدينة المنورة


قبل خروج الحسين عليه السلام إلى مكة ثم إلى الكوفة وهي تدل بشكل جلي أن يزيد هو الذي بادر إلى ملاحقة الإمام عليه السلام وطلب البيعة وكان الإمام عليه السلام يرى أن هذا الأمر مستحيل "ومثلي لا يبايع مثله" فان هذا النص لا يكفي ليحدد طبيعة الهدف وإنما كان يرسم مشهدا من مشاهد الظلم والتعسف اليزيدي ويجعل الإمام عليه السلام في موقع ردة الفعل بينما الهدف يحتاج إلى رسم الفعل والمبادرة وهكذا الأمر في مكة ثم في خطابات الإمام عليه السلام في أرض الطف ليلة العاشر ويوم العاشر وكلها تدل على أن الإمام عليه السلام كان يستنفد الفرص واحدة بعد أخرى لكي لا يفهم هدفه بشكل خاطئ ومن المفيد الإشارة إلى أن الأحداث التي تتالت منذ تسلط يزيد على موقع الخلافة إلى واقعة كربلاء اقتضت من الإمام عليه السلام ردات فعل متفاوتة من الموقف وإشهاره إلى الهجرة إلى المواجهة والاستشهاد لكنها شكلت بمجموعها فرصا ساقها الإمام عليه السلام لخدمة الهدف الذي أراده ووضعه نصب عينيه وهو بالتأكيد لم يكن الوصول إلى السلطة مع أنه مطلب محق ولا يناقش أحد في أحقية الإمام عليه السلام بهذا الموقع لكن مراد الإمام عليه السلام كان في مكان آخر وهو أبعد غورا وأكثر أهمية من السلطة كما أنه لم يسجل التاريخ في كل تجارب الأئمة عليهم السلام أنهم عملوا بشكل مباشر للانقلاب على السلطة القائمة مع اعتقادهم وتصريحهم بأنها مغتصبة وأنهم أحق بالأمر من غيرهم ولهذا المنحى في التجربة السياسية للائمة عليهم السلام فلسفته الخاصة المرتبطة بمقام الإمامة ورؤيتها للحكم والسلطة ويكفي أن ندقق قليلا في اللحظة الحاسمة التي واجهها أمير المؤمنين عليه السلام بعد مقتل الخليفة الثالث كيف أن الناس التفوا حوله والتمسوا منه التصدي ولم يقبل مباشرة إلا بعد الإصرار الشديد للناس وتقدير الإمام عليه السلام للموقف ولمصلحة الإسلام والأمة فلو كان الوصول إلى السلطة هدفا مباشراً على أي حال وكيف ما كان لما أحتاج الأمر إلى كل النقاش الذي نقله لنا التاريخ والذي ذكره الإمام عليه السلام بنفسه في بعض كلامه وهكذا هو الحال في الموقف الذي اتخذه الإمام الحسن عليه السلام وبقية الأئمة الأطهار عليهم السلام ، إذن نحن أمام نمط قيادي غير معهود في قاموس الثورات والحركات التغييرية والميزة تعود كما أسلفنا إلى المقام الخاص والرؤية الخاصة التي جسدها موقع الإمامة وعلى هذا المنوال واستناداً إلى نفس الرؤية حدد الإمام الحسين عليه السلام مواقفه الدائرة بين حدي الرفض للمبايعة والثورة

والاستشهاد كان يرمي إلى تجسيد هذا التطلع الخاص والذي عبر عنه عليه السلام بنفسه فأغنانا عن البحث وكفانا عن التكهن حيث قال عليه السلام : "إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي صلى الله عليه وآله وسلم آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر".
وهنا السؤال الكبير، هل كان الإصلاح وهو العنوان المؤشر إلى الهدف لا يتم إلا بالوصول إلى السلطة أم بشيء آخر، إن الجواب واضح من الطريقة التي اتبعها الإمام عليه السلام في مسيره إلى الكوفة ثم المواجهة في كربلاء، وهو أن الإصلاح المتناسب مع مقام الإمامة ومع مستوى التضحيات التي بذلت في كربلاء ومع السياق التاريخي الموجه لأحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وللوقائع التي سبقت كربلاء والتي تلتها هو إصلاح الأمة برمتها من دون التوقف عند موضوع الوصول المباشر إلى السلطة وسيظهر معنا بوضوح في بيان الجهة الثانية أن الواقع أساسا لم يكن مساعدا على الوصول إلى السلطة فكيف إذا كان الهدف اكبر من ذلك فانه وبلا أدنى تردد هو تثبيت دعائم المنهج التغييري الدائم والمتجدد في الأمة حفاظا على الدين وقيمه واستمراره، انه هدف يلتقي مع مفهوم دور الوصي والولي والإمام وهو دور منوط بالأئمة الأطهار عليهم السلام بعد وفاة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ويقابله تماما ويناقضه الدور المنوط بسلطة بني أمية وفي موقف الذروة دور يزيد الذي أفصح جهارا بما لم يفعله معاوية وهو الإطاحة بالدين وقيمه على قاعدة لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل.
إذن دور الحسين بن علي عليه السلام ، هنا لا يحتمل التأويل ولا يقبل التأجيل انه دور تثبيت الوحي واستمرار الرسالة، بينما لو ذهبنا إلى ما ذهب اليه البعض من أن هدف الإمام عليه السلام هو الإطاحة بيزيد فان هذا لم يحصل بعد كربلاء مباشرة واستمر الحكم الأموي لعدة سنوات لاحقة وان كانت كربلاء قد قوضت الحكم الأموي لكن الذي جاء بعده لم يكن أحسن حال مع وصول الأمر إلى العباسيين من ناحية السلطة السياسية والتصرف بمقدرات الأمة، إلا أن الطريق الذي شقه أبو عبد الله الحسين عليه السلام بدمائه تمكن من تجاوز كل العقبات والمصاعب وحفظ للأمة دينها وقيمها وغرس فيها منهجاً استشهادياً يقوم على البذل والتضحية كأمضى سلاح بوجه من يريد الإطاحة بالدين ولذا فان مرحله ما بعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام كانت مرحلة مواجهة الانحرافات تحت سقف بقاء الدين الذي أصبح


مصاناً ومحفوظاً ولو بالجملة بفضل النهج الكربلائي ولكي يتضح الأمر أكثر علينا إجراء مقارنة مع ما تعرضت له الديانات السماوية التي سبقت الإسلام وكيف خضعت لتغييرات جذرية واعتقادية وكان المرصود للدين الإسلامي نفس التجربة لولا الجهود الاستثنائية التي بذلها الأئمة عليهم السلام كأوصياء لخاتم الأنبياء وكانت كربلاء المرحلة الفاصلة في إنهاء الاستهداف للدين وأصوله، ومن خلال هذه الرؤية لا يبقى أي تردد في أن الإمام عليه السلام في كربلاء قد حقق هدفه وغايته ورفع مستوى العمل الثوري والتغييري إلى ما هو اكبر من إزاحة سلطة تمثل هذا العمل في الإطاحة بمنهجية شيطانية أموية واستبدالها بمنهجية حسينية تبعث الحياة والروح في الأمة في كل عصر وفي مواجهة أصعب التحديات والظروف.
مما ذكر نصل الى الاستنتاجات التالية:
1- ان الإمام الحسين عليه السلام أسس في كربلاء لمنهج تغييري جديد لم يكن مقتصرا على إزاحة السلطة الحاكمة الظالمة ولم يكن هدفه المباشر الوصول إلى السلطة وقائد الثورة سيواجه الاستشهاد وبالتأكيد لم يكن هدفه ان ينهي حكم بني أمية ليحكم بنو العباس كما ان الثورة لم تكن بخلفية اقتصادية أو اجتماعية بالمعنى الدقيق للكلمة لإزالة الفوارق الاجتماعية والطبقية التي نشأت بفعل التسلط الأموي الملكي الوراثي باسم الإسلام زوراً وباطلاً، بل كانت ثورة تطلعت إلى ما هو أبعد من ذلك وهذا كفيل بجرف الانحرافات الفكرية والسياسية والاجتماعية لأنها تعاملت مع المنهج والقيم الحاكمة وتنزهت عن عيوب الثورات التي تريد عادة استبدال السلطة بأخرى وفتحت الباب واسعاً أمام حركات تغييرية من نمط جديد لا يحاكي إلا منطق الذوبان بالحق والدين.
2- ان الهدف الذي اختاره الإمام الحسين عليه السلام صالح للبقاء والاستمرار في كل زمان ومكان وهذا هو معنى التجدد الذاتي والانبعاث الدائم والحيوية الأبدية لهذا النمط الثوري والتغييري فلو ان الإمام عليه السلام كان يريد الوصول إلى السلطة أو افترضنا أنه وصل لامكن القول ان مفعول التأثير في الأمة كان قد انتهى ولم تتمكن الأجيال الآتية عبر التاريخ أن تتفاعل كما يحصل فعلا الآن – وان تختزن مقومات الصلاح والمقاومة بوجه الباطل والظلم بالطريقة الملائمة وهذا أعلى مصداق من مصاديق "الإصلاح في أمة جدي"

فانه إصلاح يتجاوز الواقعة والحدث ليبقى سيد الشهداء عليه السلام القائد الفعلي الدائم لثورات الحق المناهضة للظلم وأتباعه وهذا النمط أرفع وأسمى من كل الثورات التي شهدها التاريخ.
3- ان الثورة التغييرية على الطريقة الحسينية هي وليدة ورؤية تحول عناصر الضعف الموجودة في الواقع السيئ إلى رؤية متكاملة تلتقي مع الأهداف الدينية والاحتياجات الإنسانية وهي بالتالي ليست ردة فعل فحسب وصرخة بوجه الظالم لإنكار ظلمه والانتفاضة عليه دون الالتفات إلى النتائج والسياق الذي ستوضع فيه الثورة كما يحصل عادة لبعض الانتفاضات المحقة في خلفياتها وفي أهدافها لكنها إذا افتقدت التخطيط والرؤية ستؤول إلى غير ما أرادت خاصة إذا كان الواقع السياسي والثقافي والإعلامي ضاغطا ومؤثرا بشكل كبير، وكثيرة هي الحركات التاريخية التي افتقدت هذه الرؤية وسجلها التاريخ كأحداث مرت وتصرمت ولم تحدث تغييرا ملموسا.

الجهة الثانية: معرفة الواقع
ان نجاح أي ثورة هادفة يعتمد على الدقة المتناهية في معرفة الواقع الذي ترتكز عليه وتنطلق منه وتسعى للتغيير فيه لأن الثورة ليست عملا تخيليا يراد إسقاطه على الجماهير بل هي فعل نابع من إرادة وثقافة ومعرفة والانتماء الثوري ليس صفة محببة بذاتها ما لم يكن في خدمة قضية يطلب فيها النجاح وتحقيق الأهداف.
ان ثورة كربلاء وان سمت وعلا شأنها ليطال كل القيم الدينية والإنسانية لكنها حافظت على المقومات الموضوعية لمعنى الثورة وانبعثت بفضل سيد الشهداء عليه السلام من الواقع الذي اقتضاها ومن دقة غير معهودة في فهم الواقع ومعادلاته وتأثره بواقع الصدمة الثورية ليصب في خدمة الهدف الإصلاحي، بل ان المتتبع للوقائع في تلك الأيام ليشهد تشخيصا عاليا في فهم وإدراك المستوى الفكري والاجتماعي والعاطفي الذي كانت تعيشه الأمة ولمناحي الاتجاهات والخيارات السياسية القاصرة التي تتولد عادة من مجتمع طوقته الأزمات وأقعدته الفتن والالتباسات عن القيام بالواجب، وهل كان الإمام الحسين عليه السلام بحاجة إلى كلام أخيه محمد بن الحنفية عن أهل الكوفة ليتعرف عليهم وعلى سلوكياتهم وهو الذي عاش كل


مراحل المرارات التي تجرعها والده وأخوه، وهل كان بحاجة إلى كلام الفرزدق الذي يقول فيه ان قلوب الناس معك وسيوفهم عليك ليستشرف المصير الذي ينتظره بفعل هذه الاتجاهات الناكصة والمتخاذلة؟!
كل هذه الوقائع تدل بوضوح على معرفة الإمام عليه السلام الكاملة والتامة بشؤون المجتمع الإسلامي الذي عاش كل أحواله وشؤونه وشجونه وتبدلاته منذ وفاة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم إلى كل تفصيل ترسخ في ذاكرة ووجدان وعقل وتجربة أبى عبد الله الحسين عليه السلام ، اذن أي واقع هذا الذي أدركه الإمام عليه السلام وارتكز عليه في سبيل تحقيق وإنجاز أعظم ثورة تغييرية شهدها التاريخ، وقبل الإشارة إلى العناوين الأساسية لتوصيف هذا الواقع وأهميته الموضوعية في قيام الثورة ينبغي الإلفات ولو من باب التحرز والاحتياط ان الإمام عليه السلام الذي كان يحركه ويفرض عليه الرفض والثورة ليس فقط قناعته بحقانية الأهداف التي يحملها وصفاء الدوافع التي كان يختزنها فهي موجودة وأساسية في سلامة واستقامة وصوابية ما قام به لكنها لوحدها لا تكفي إلا إذا انضمت إلى دراية تفصيلية بالواقع ومتطلباته وتوقع النتائج ومآل الأحداث فإنها عناصر ضرورية في فهم الميزة الخاصة التي استند إليها الإمام عليه السلام في ثورته، وأما العناوين فهي:
1- واقع المجتمع الإسلامي:
لا اعتقد أني بحاجة إلى كثير كلام لأوضح شدة معرفة الإمام الحسين عليه السلام بواقع الأمة الإسلامية في تلك المرحلة وهو الذي عاين تبدلاتها من موقع العارف بكل شؤونها وهي الذي ترعرع في بيت النبوة والوحي وشهد التغييرات التي طالت بنية المجتمع الإسلامي واتجاهاته الفكرية والسياسية والاجتماعية بعد وفاة جده الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم إلى كل المواقف المليئة بالغصات والمرارات مع أمه وأبيه وأخيه حتى لقد أدرك تماما انسداد أبواب الإصلاح والتغيير بمختلف الأساليب الممكنة عادة وقد عبر سلام الله عليه عن هذا الواقع المرير بقوله :"ألا ترون إلى الحق لا يعمل به والى الباطل لا يتناهى عنه" وهل يتصور حال أسوأ من هذه الحال، انه تعبير صريح من الإمام المعصوم المدرك لكل جانب وزاوية وتفصيل في حركة المجتمع الإسلامي واتجاهاته وإمكانياته مما يدل

على ان حالة التردي والنكوص وصلت إلى الهاوية وكادت الأمة ان تلفظ أنفاسها الأخيرة لجهة حياة القيم الدينية وبقائها وفاعليتها وهو يعلم تماما ان لا معنى للأمة الإسلامية بلا إسلام وقيم فإذا تجمدت عن الفعل والتأثير انتهت، ومن الطبيعي ان هذه النتيجة لا تكون فجائية ودفعة واحدة وإنما هي حصيلة تراكمات وتراجعات مفصلية أنهكت الواقع وجعلته يقبل بشخص كيزيد خليفة على رأس الهرم السياسي في الأمة التي أرادها الله تعالى ان تبقى خير الأمم وهذا لا يعني بالضرورة ان الخير انعدم وان الإيمان اندثر بل يعني ان فعل الإيمان وأثره أصبح متلاشيا وهكذا تموت الأمم وتخضع الشعوب وتسكن حركة التغيير فيها نحو الصلاح، ولذا انتفض الإمام عليه السلام مستنكرا منذ اللحظة الأولى لوصول يزيد إلى الحكم فقال: "ومثلي لا يبايع مثله" ليس من أجل التعبير عن موقفه الشخصي كإمام فحسب بل من اجل الإلفات إلى حالة التردي هذه ليكون تأسيسا للثورة التي بدأت كفرصة أخيرة في التغيير، وعلى أي حال فان ما حصل خلال أحداث كربلاء وما بعدها يؤكد هذا المناخ الاجتماعي القائم والمستوى الوضيع الذي وصل اليه الناس في خياراتهم وضياعهم وتخاذلهم حيث كان يذكرّهم بمقامه وموقعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومحبته له وسيرته على خطاه وهدفه في كل ما يقوله ويفعله ويسألهم هل تنكرون ذلك فيقولون: لا، لكنهم يصرون على التخاذل والمضي في طريق الغي والظلم وفي ارتكاب أشنع جرائم التاريخ بقتل ابن بنت نبيهم الذي أخرجهم من الظلمات إلى النور وجعلهم امة متماسكة بعد ان كانوا عدما بمقاييس الإنسانية والحضارات.
ان قائد أي ثورة يرتكز في قيادته على عناصر التحريك الفاعلة في مجتمعه ليصنع منها قوة الفعل والتغيير وهذه العناصر ترجع إلى قوة الفكر أحياناً والى قوة المنطق والحق أحياناً أخرى والى عوامل اجتماعية واقتصادية أحياناً ثالثة وهكذا.. أما في واقع المجتمع الإسلامي آنذاك فقد افتقد لمعظم هذه العناصر ولم يبق أمام الإمام الحسين عليه السلام إلا قدرة التغيير بالخصائص الوجدانية والعاطفية واستخدام المقام الشريف والتضحية بنفسه الطاهرة مع القلة المباركة المتبقية من أصحابه ليقلب الواقع رأسا على عقب ولو بالتدريج وبشكل غير مباشر ليعيد تظهير قوة الفكر والحق والمنطق الذي اعتمد عليه أساساً، ولم


يكن بالإمكان ان تنجح هذه المراهنة لولا المعرفة التفصيلية والصائبة بخصوصيات هذا المجتمع واتجاهات التحول فيه وبهذا المعنى حافظ الإمام عليه السلام على شرط أساسي في قيام الثورة واختار الطريق الذي كان على دراية تامة بمتطلباته من أجل الوصول إلى الهدف والغاية.
2- واقع السلطة:
ان الثورة عادة تكون بوجه سلطة ظالمة ومعتدية ولا ينبغي لأحد ان يتوهم ان ثورة كربلاء باعتبار ان هدفها إصلاح الأمة بالمعنى الواسع والشامل كما أسلفنا فهي لم تكن تحتاج لأن تكون بوجه سلطة محددة خاصة وان الإمام الحسين عليه السلام كان يعرف مسبقا أنه لن يتمكن من الوصول إلى السلطة بعد الإطاحة بالسلطة القائمة ذلك ان المسار الطبيعي للإصلاح الشامل يقتضي بالضرورة تقويض السلطة الموجودة، وهنا أميل إلى ان السلطة المستهدفة في ثورة كربلاء هي سلطة بني أمية عامة وليس سلطة يزيد فحسب ذلك ان حالة العقم والتجمد التي أصابت المجتمع الإسلامي كانت وليدة هذا النمط الملكي الوراثي المنحرف الذي عمل لأجله بنو أمية وبالتالي لا مجال للتحدث عن صراع شخصي أو عائلي بين الحسين بن علي عليه السلام ويزيد أو بين بني هاشم وبني أمية كما يحلو للبعض أن يذكر فان هذا المعنى لا يليق ولا يناسب مقام وفكر وأهداف الإمام الحسين عليه السلام ولا يتلاءم مع التوجه الحسيني القائم أساساً على الدين والقيم وحفظ الرسالة والأمة، إلا انه لا يمكن في نفس الوقت إنكار خصوصية يزيد في الإسراع بالمواجهة كما سيظهر بعد قليل.
إذن السلطة التي ثار بوجهها الإمام الحسين عليه السلام هي نمط في الحكم هدف إلى قلب قيم الإسلام من حكومة الدين إلى حكومة الشخص ومن أولوية المبدأ إلى أولوية المصلحة والمنفعة ومن سلوكية العدل والشريعة إلى حاكمية التسلط والتفرقة والطبقية والجهل، وهي سلطة لا تنفع معها الكلمة أو الموعظة أو حتى المواجهة السياسية التقليدية التي عرفتها الشعوب في تجاربها، هي سلطة تجاوزت منطقة الاستبداد السياسي إلى منطق الاستبداد الإنساني وجعلت نفسها في موقع المشرع انقلابا على شريعة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم لتعود

الجزيرة العربية إلى سالف العهد في ظل سيطرة الجهل والقبلية لكنها هذه المرة أسوأ من السابق لأنها تتظلل باسم الدين والخلافة وهي جاهزة لقتل الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم من خلال قتل ولده الحسين وهم يرددون كلامه ويعرفونه جيدا "أنا من حسين وحسين مني".
3- وضوح الموقف وشعلة الثورة:
يقال ان للثورات أسبابا مباشرة وأخرى غير مباشرة وهذا صحيح إلا ان القائد الملهم هو الذي يحدد لحظة الانطلاق في وقتها دون أي تقديم أو تأخير وهذا ما فعله الإمام الحسين عليه السلام بالضبط وهذا ما لا يمكن ان نتردد فيه من خلال عقيدتنا ومن خلال فهمنا لما جرى ذلك انه يمكن لقائل ان يقول ان الواقع المتردي والسلطة الظالمة كان موجودا قبل يزيد وهذا الواقع يعكس الأسباب غير المباشرة والدواعي المتراكمة للقيام والثورة وهذا ما لم يفعله أمير المؤمنين عليه السلام والإمام الحسن عليه السلام مما يرشد إلى خصوصية حكم يزيد ويبعد أهمية واقع المجتمع الإسلامي والسلطة الظالمة، إلا ان الموضوع مرتبط بشكل وثيق بالخيارات لجهة ضيقها وسعتها من ناحية ولجهة الفرص المتاحة من ناحية أخرى، وهذا ما يحتاج إلى بيان حيث ينقل لنا التاريخ إن معاوية كان قد طلب من يزيد إن لا يطلب البيعة من الحسين بن علي عليه السلام ان وصل إلى السلطة بعد أن هيأ له كل المقدمات وهذا يدل على فرق واضح بين دهاء معاوية وحماقة يزيد دون أن يجعل هذا الأمر فرقا بين طبيعة سلطتي معاوية ويزيد في الرؤية والهدف، كما إن أمير المؤمنين عليه السلام عالج القضية المركزية للأمة الإسلامية بالصبر والتحمل مخافة أن ينفرط عقد الإسلام وكان يأمل بالفرصة السانحة للتغيير وهذا ما كاد أن يحصل بشكل نهائي في صفين لولا طروء قضية التحكيم التي خلطت الأمور، والإمام الحسن عليه السلام قام بحركة التفاف على أهداف معاوية من خلال الصلح استفادة من الفرصة الوحيدة التي كانت متاحة حتى لا تقع الواقعة فتقلب الأمور وتتحقق أهداف الخصوم، بينما الذي حصل مع يزيد أنه أصر على اخذ البيعة من الإمام الحسين عليه السلام واستعجل النتيجة النهائية فكانت الفرصة مؤاتية لاشتعال الثورة بين حدي السلة والذلة فكان الموقف الحسيني: هيهات منا الذلة، ولذا لم نجد الإمام الحسين عليه السلام مترددا أبدا في الخروج من المدينة إلى


مكة ثم إلى الكوفة على الرغم من كل الآراء الأخرى التي ظهرت والمواقف التحسينية التي صدرت من البعض حتى لو كانت عن حسن نية ذلك إنها اللحظة المناسبة والحجة القائمة والتامة للنهوض في الثورة كيف لا وأسبابها اجتمعت لجهة كل الوقائع السياسية والتي من ضمنها رسائل أهل الكوفة، فإذا اليوم الذي وعد به الحسين عليه السلام قد دنا والدور الذي رصد له قد لاح واقترب ومن أولى منه بهذا الأمر، انه أعظم وأرقى موقف تاريخي في تاريخ الأمة الإسلامية لا يطيقه ولا يتحمله إلا الحسين بن علي عليه السلام وهو يؤكد شدة الوضوح في بيان الطريق الذي سلكه ليحقق أعظم ثورة في التاريخ في أهدافها ومنطلقاتها وأسلوبها.

الجهة الثالثة: الأسلوب: الثورة الفريدة
لو انتقلنا بفكرنا ووعينا وأحاسيسنا إلى مرحلة كربلاء وواقعها وأهدافها وتساءلنا عن الأسلوب الذي يمكن أن تتخيله كل عقول الدنيا بعبقريتها وتجاربها ليؤدي الغرض ويحقق الهدف هل كنا سنجد أسلوباً يضاهي ثورة كربلاء كما أرادها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخرجها إلى حيز التحقق سيد الشهداء عليه السلام ، بالتأكيد إن الجواب هو النفي.
لكل ثورة أسلوبها الخاص وبحسب الاستقراء فان الأساليب المعتمدة تارة ترتكز على الجماهير بعد ضخ الوعي والحماسة فيها فتكون ثورة شعبية وتارة ترتكز على قوى النفوذ العسكري من داخل النظام أو خارجه فتكون ثورة مسلحة تتأطر فيها القوى المسلحة من قادة عسكريين أو قبائل أو عشائر أو تجمعات تؤمن بهذا الخيار وتارة ثالثة تعتمد على النخب والفكر الجديد الذي تحمله لترسيخ معادلات سياسية وأحياناً منظومة قيم جديدة فتكون ثورة فكرية أو سياسية وتارة رابعة تكون مزيجا بين نمطين أو أكثر وتتداخل فيها عوامل اقتصادية واجتماعية وهكذا... لكن الواقع الذي شهده الإمام الحسين عليه السلام لم يكن متناسبا مع كل هذه الفرضيات وهذا هو المراد من قولنا وصول المجتمع إلى مرحلة الانسداد في خيارات التحريك نحو التغيير مع وصول التردي إلى ما يقرب من النهاية فتحتاج الحركة والثورة إلى إبداع يفوق التصور الطبيعي للأمور وهذا ما لم يكن قادرا عليه إلا من نهل من النبع الصافي وانتمى إلى المعدن النادر الذي اصطفاه الله تعالى وترعرع في حضن النبوة


والوحي وانتسب إلى معين الولاية فانجلت أمامه الصورة وانكشفت له الوقائع في حاضرها ومآلها وهذا هو بالتحديد الذي رمت إليه أحاديث الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في حق الحسين منذ ولادته المباركة إذ استقبله بالدمعة وواكبه بالحنان الفيّاض وحفر في ذاكرة الأمة ووجدانها حب الحسين والتعلق الخاص به تمهيدا لهذا الدور الفريد وبهذا المعنى تصبح الثورة رشحة من رشحات الغيب وفيض من فيوضات السماء لا يطيق حمل عبئها إلا الحسين بن علي عليه السلام ، ومن كل هذه المعاني وفي ظلال هذه الرؤية انبثق الأسلوب الكربلائي وانفجرت منه ينابيع ثورة فريدة لم تهتد إليها البشرية قبل سيد الشهداء عليه السلام لتبقى الحجة البالغة قائمة فلا تموت الأمة الإسلامية بعدها ولا تعدم الخيارات في أصعب الظروف وأحلكها.
لم يبدأ الإمام الحسين عليه السلام في تحركه كما هي عادة الثائرين الذي يعلنون البيان الثوري الأول ثم يحشد المؤيدين ويهاجم مواقع السلطة ليطيح بها واحدا بعد الآخر لينهك الخصم ويفقده قدرة السيطرة على البلاد، وإنما بدأ تحركه بإعلان رفض المبايعة بينما كانت تأتيه الأخبار من مختلف المناطق والكتب من الكوفة وكبرائها معلنين له التأييد والنصرة والانتظار فبدت حركته استجابة طبيعية للذين دعوه إلى القيام بينما كان على ثقة تامة بأن الذي ينتظره هو أمر آخر ليحقق في أسلوبه الجمع بين مقتضيات الثورة الموضوعية ومقتضيات العلم اللدني الذي اختصه الله تعالى به وتمكن من صياغة هذا النمط الفريد دون أي إخلال ليجمع كل المعطيات ويوجهها في إطار ثورة تصدم الواقع وتفضح الحاكم وتزيح عن كاهل الأمة آثار السنوات العجاف المليئة بالانحراف والتخاذل عن الدين وقيمه، فإذا كان التاريخ يروي لنا بعض الوقائع والنتائج فان المتيقن إن الإمام الحسين عليه السلام كان يقود ثورة اكتملت عناصر النجاح فيها من حيث الرؤية والطريقة وهذا ما يمكن فهمه من خلال الآتي:
1- إثبات المظلومية التي لحقت به من خلال إصرار يزيد على تحصيل البيعة مهما كلف الأمر وعليه يكون الإمام عليه السلام ملاحقاً ومعتدى عليه من قبل الحاكم المتسلط الذي يريد إخضاعه وإجباره وسلبه حق الاختيار في رفض المبايعة واستمر الأمر على هذا المنوال حين ترك مدينة جده صلى الله عليه وآله وسلم مهاجراً إلى مكة وبعدها لم يتم أعمال الحج ليغادر قاصداً


الكوفة، إن هذه الحركة كافية لإثارة أسئلة قاسية حول ما تعرض له الإمام عليه السلام من اضطهاد وظلم من قبل شخص متهتك وفاجر ومتسلط على رقاب المسلمين، كما أنه حين حوصر في أرض الطف ومنع من إكمال المسير إلى الكوفة أو حتى العودة كما منع مع عياله وأصحابه بعدئذٍ من الماء وصولاً إلى كل فصول المأساة لتتأكد المظلومية في أقسى صورها فترسخ في وجدان الأمة والتاريخ حجم الظلم الذي تعرض له ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وربما كان هذا المعنى حاجةً ملحّة لصدم الوجدان من جهة ولكشف حقيقة الحكم الأموي المتعسف.
2- ما معنى ان يخرج الإمام عليه السلام مع أهل بيته من النساء والأطفال مع أنه كان يعلم أن الذي ينتظره المواقف الصعبة والحرجة فإن هذا المشهد يكفي لوحده للتعبير عن الطريقة الخاصة التي أراد الإمام عليه السلام ان يفهمها للجميع وانه ليس في موقع المهاجمة والثورة المسلحة وإلا احتاجت الحركة إلى أسلوب آخر مع ان خروج العيال والخواص معه يشير إلى الاستعداد للتضحية بكل غالٍ في سبيل تحقيق الهدف مضافاً إلى الدور التفصيلي الخاص الذي جسده كل واحد من هؤلاء الأطهار في واقعة كربلاء وبهم جميعاً يكتمل المشهد وتلتئم عناصر الثورة الفريدة.
3- الفداء والتفاني والإيثار كلها قيم انضمت إلى العاطفة والبلاغة والثبات والصبر وكانت تملأ سماء الطف وتزيّن الواقعة والتاريخ بأروع المشاهد الكفيلة بضخ الحياة إلى شرايين الشريعة والأمة لإبقائها يقظةً وأبيةً في مواجهة الظلم في أي عصر وعند كل التحديات.
4- الاستشهاد وهو العنوان الأكثر حضوراً في كربلاء والأكثر شمولاً ليكون من نصيب الطفل الرضيع والفتى والشاب والكهل والرجل والمرأة والأسود والأبيض وبهذا تصبح الشهادة خيار الأحرار دائماً والقدرة على صناعة التغيير ومصدر الإلهام للشعوب التواقة إلى الحرية والعدالة ولتتوج في نهاية الأمر باستشهاد القائد المعصوم الذي تقدم إلى ساحة اللقاء بقلب ملؤه الرضا والتسليم لينصهر مستقبل الأمة الإسلامية والشريعة المحمدية بالدم القاني الممزوج إخلاصاً وحباً وفناءً في العقيدة والمبدأ.
5- التبليغ والإعلام وإقامة الحجة كلها عناصر ما غابت عن كربلاء لحظة واحدة

بدءاً من الخطابات القاطعة والمليئة بالحجة والمنطق الذي لم يوفر الإمام الحسين عليه السلام جهداً في سبيل تبيانه كما أن الحوراء زينب عليه السلام لم تقعدها المصيبة على الرغم من شدة قساوتها واستمرت في القيام بهذا الدور على أكمل وجه ليستمر الإمام السجاد عليه السلام بأداء هذه المهمة حزناً دائماً وذكراً مستديماً ومتواصلاً لينمي في الأمة قوة المناعة على مواجهة الانحراف ولفظه وفضحه.
لا أظن أني قادر على إدراك كل العناصر الفاعلة في حركة التغيير التي اعتمدها الإمام الحسين عليه السلام مع الخيرة من أصحابه وأهل بيته إلا ان الواضح في هذا الشأن ان ما قدمته لنا كربلاء من تجربة فريدة بكل أبعادها وقيمها رسخت دعائم النمط الثوري والنهج الكربلائي الذي احتلت الرمزية فيه مكانةً عاليةً ليعبر كل رمز عن أسرار تحتاج إلى توغل في الإيمان والمعرفة والدلالة.
أيها السادة الفضلاء:
من دواعي التوفيق لأي إنسان أن يبذل عمره في سبيل إدراك هذه الأسرار وفي سبيل نشرها والترويج لها ليكون مساهماً في تحقيق أهداف كربلاء التي لم تتجمد ولم تتوقف مع انصرام القرون ولن يكون ذلك لأن مشيئة الله اقتضت ان تحفظ الرسالة بالدم الحسيني كما اقتضت ان تحفظ كربلاء بإقامة المجالس والمآتم وذكر المصاب في أعظم ثورة تاريخية وتغييرية عرفتها البشرية ولا يجوز للأمة الإسلامية أن تفرط بها أو تقلل من شأنها أو تقصر في حقها ونحن نعتقد انه يجب ان نعمل سوياً للوصول إلى اليوم الذي يتحسس فيه كل المسلمين هذا المعنى لإعادة الاعتبار لقضية كربلاء كما تستحق ولتكون قضية الكل كما كان الإمام الحسين عليه السلام إماماً لكل المسلمين والثائرين بوجه الظلم.
وفقنا الله جميعاً لخدمة الدين الحنيف وللدفاع عن الإسلام العزيز ولفهم كربلاء والاستفادة من قيمها ومضامينها الخالدة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته1.



هوامش

1- محاضرة ألقيت في محرم 1418هـ في مركز الإمام الخميني الثقافي –بيروت.











من كتاب ثورة الإمام الحسين قراءة في الأبعاد والدلالات
السيد هاشم صفي الدين












عرض البوم صور الحيران   رد مع اقتباس
قديم 23-08-2011, 03:46 AM   المشاركة رقم: 2
معلومات العضو
** خـادم العبـاس **
 
الصورة الرمزية ** خـادم العبـاس **

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
** خـادم العبـاس ** غير متواجد حالياً

كاتب الموضوع : الحيران المنتدى : منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه)
افتراضي

السلام على مولاي أبا عبدالله *(عليه السلام)*

أحسنت اخي العزيز{الحيران
على الموضوع الرائع
جزاك الله الجنه












توقيع : ** خـادم العبـاس **

عرض البوم صور ** خـادم العبـاس **   رد مع اقتباس
قديم 25-08-2011, 02:59 AM   المشاركة رقم: 3
معلومات العضو
الحيران

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
الحيران غير متواجد حالياً

كاتب الموضوع : الحيران المنتدى : منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه)
افتراضي

بارك الله فيك اخي عاشق البطل عباس على مرورك الكريم والمشاركة وحياك الله
ودمت بحفظ الباري وتوفيقة












عرض البوم صور الحيران   رد مع اقتباس
قديم 25-08-2011, 03:16 AM   المشاركة رقم: 4
معلومات العضو
محـب الحسين
 
الصورة الرمزية محـب الحسين

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
محـب الحسين غير متواجد حالياً

كاتب الموضوع : الحيران المنتدى : منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه)
افتراضي

مواضيعك غاية في الروعه
أحسنت اخي العزيز
نسأل الله تعالى بأن يديم هذا العطاء القيم












توقيع : محـب الحسين

عرض البوم صور محـب الحسين   رد مع اقتباس
قديم 31-08-2011, 01:30 AM   المشاركة رقم: 5
معلومات العضو
الحيران

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
الحيران غير متواجد حالياً

كاتب الموضوع : الحيران المنتدى : منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه)
افتراضي

بارك الله فيك اخي محب الحسين على مرورك الكريم والمشاركة وحياك الله
ودمت بحفظ الرحمن من كل سوء












عرض البوم صور الحيران   رد مع اقتباس
قديم 23-09-2011, 11:39 PM   المشاركة رقم: 6
معلومات العضو
سلطان القلوب

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
سلطان القلوب غير متواجد حالياً

كاتب الموضوع : الحيران المنتدى : منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه)
افتراضي

جزاك الله خير الجزاء
على الطرح القيم والهادف
جعله الله في ميزان حسناتك ورزقك الجنه
دمت بكل خير وعافيه وبحفظ الله ورعايته
تحياتي












عرض البوم صور سلطان القلوب   رد مع اقتباس
قديم 11-10-2011, 04:23 PM   المشاركة رقم: 7
معلومات العضو
ahmedalmansory

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
ahmedalmansory غير متواجد حالياً

كاتب الموضوع : الحيران المنتدى : منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه)
افتراضي

وفقك الله لكل خير بحق الامام الحسين :as: وكثر من امثالك لخدمة الدين والمذهب












عرض البوم صور ahmedalmansory   رد مع اقتباس
قديم 23-10-2011, 04:21 PM   المشاركة رقم: 8
معلومات العضو
دمعة الكرار

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
دمعة الكرار غير متواجد حالياً

كاتب الموضوع : الحيران المنتدى : منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه)
افتراضي












عرض البوم صور دمعة الكرار   رد مع اقتباس
إضافة رد


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الإمام الحسين عليه السلام يوضح تكليف الأمة حبي حسين منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه) 2 01-12-2011 07:06 AM
البعدالغيبي في ثورة الحسين عليه السلام دمعة الكرار منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه) 3 22-11-2011 10:39 AM
ثورة الإمام الحسين ( عليه السلام ) واسبابها..؟؟ اسد الطف منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه) 0 13-12-2010 05:17 PM
أسباب ثورة الإمام الحسين ( عليه السلام ) محـب الحسين منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه) 3 23-12-2009 10:29 AM
اسباب ثورة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ابوجعفرالديواني منتدى أهل البيت (عليهم السلام) 4 26-12-2008 08:59 PM


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات احباب الحسين