العرش والكرسي :: من المسائل التي دار حولها الكلام والجدال ، ووجدت على اثر ذلك الجدال عدة من التيارات والاتجاهات في تفسير معنى الكرسي والعرش وقبل الدخول في ذلك نأتي أولا إلى معنى الكرسي والعرش .
1: معنى الكرسي : وهو في لغة التعامل الاجتماعي اسم لما يقعد عليه . وإما في الجذر اللغوي فهو مشتق من (كرس ) والكرسًُ أصل الشئ . أي المتلبد والمجتمع . وكل مجتمع من الشئ كرس . ومنه الكراسة للمتكرس من الأوراق وكرست البناء فتكرس .
2: معنى العرش :: وهو في الأصل شئ مسقف ، وجمعه عروش والعرش شبه هودج للمرأة شبيها في الهيئة بعرش الكرم . وسمي مجلس السطان عرشا اعتبارا بعلوه . ( ورفع أبويه على العرش ) سورة يوسف أية 100.وكما في قوله( أيكم يأتيني بعرشها ) سورة النمل أية 38. وكني به عن العز والسلطان والمملكة .
الاتجاهات الفكرية في تفسيرهما :
توجد اتجاهات خمسة في تفسير معنى العرش والكرسي كما عدها بعض العلماء وهي ::
1: المنحى التعطيلي الذي يرى أصحابه بان ارتياد البحث في هذه المفاهيم القرآنية والدينية بدعة وهو حرام شرعا . ولقد نشأت هذه النظرية ونمت في كنف اتجاه من الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه واله وسلم . واستمرت هذه الفكرة وأخذت بالقبول وجعلت مذهبا ومسلكا من المسالك الفكرية وهي نظرية التعطيل العقلي . ويوجد في هذه الفكرة عدة من التشعبات والنظريات كما في الناحية الفلسفية .
2: نظرية نشأت في حياة المسلمين الفكرية وهي تتمثل في حمل الآيات القرآنية على معانيها الظاهرية ومصاديقها المادية ، وعليه فالعرش عند أصحاب هذه النظرية مخلوق كهيئة السرير له قوائم وهو موضوع على السماء السابعة والله جل جلاله مستو عليه كاستواء ملوك البشر على عروشهم والكرسي مثله مادي وله هيئة تركيبة معينة .
3: وتوجد نظرية اعتمدت في تقديم تفسيرها للعرش والكرسي وما شابه ذلك على علم الهيئة بصيغته البطليموسية القائمة على نظرية الأفلاك التسعة . فالعرش عند أصحاب هذا الاتجاه هو الفلك التاسع المحيط بالعالم الجسماني ، وفي جوفه مماسا به الكرسي وهو الفلك الثامن الذي فيه الثوابت ، وفي جوفه الأفلاك الكلية السبعة .
4: ويتمثل جوهر هذه النظرية في عدم وجودمصاديق أو حقائق خارجية اسمهما العرش والكرسي واللوح المحفوظ ولوح المحو والإثبات والقلم وما إلى ذلك . ف(استوي على العرش ) مثلا . استعمال كنائي وهو بمعنى استيلائه سبحانه وتعالى على عالم الخلق أو إن الاستواء على العرش معناه الشروع في تدبير الأمور . وهكذا من دون أن يكون وراء هذه الألفاظ حقائق واقعية موجودة في الخارج .
5: برزت هذه النظرية في نمط التفكير الإسلامي إزاء هذه الحقائق. تفيد: أن هذه الأمور وان كــانت تنطوي على مفهوم واحد ، الاانها يمكن أن تكون مختلفة المصاديق بعضها مادي وبعضها مجرد . فعندما يستخدم القران الكريم ألفاظ الميزان و،القلم ،و العرش ،و الكرسي واللوح فليس من الضروري أن تنطوي هذه المفاهيم على مصداق واحد: هو المصداق المادي ، بل يمكن للمصدق أن يتنوع وهو يمتد ليشمل بالإضافة إلى المصداق المتداول والمألوف .
الموضوع الأصلى من هنا: منتديات أهل البيت عليهم السلام
ويمكن أن نبين للقاري الكريم خلاصة الأمر وما تقدم فيما يلي :
1: العرش والكرسي مرتبتان من مراتب علم الله عز وجل الفعلي تتصلان بالربوبية والتدبير الإلهي وعلى هذا دلت النصوص المقدسة قرانا وسنة .
2: مع أن الكرسي مركز من المراكز الأساسية في التدبير الربوبي للوجود وعالم الممكنات إلا أن العرش أعظم. وهو يمثل أرادة اعلي بالنسبة إلى الكرسي . وعلى هذا دلت النصوص الروائية .
3: وبما أن العرش والكرسي من الحقائق الثابتة بالقران الكريم فقد وجدت اثر ذلك اتجاهات عديدة ذكرنا أهمها.
الموضوع الأصلى من هنا: منتديات أهل البيت عليهم السلام
4: يكون على ضوء الروايات يكون الكرسي هو المقام الربوبي الذي يقوم به ما في السماوات والأرض وهو من مراتب العلم فهناك فعلا كرسي لممارسة شؤون الربوبية والتدبير ، بيد انه مصداقا ليس من سنخ الكرسي المادي الذي نألفه في حياتنا المادية . في حين يكون العرش هو المقام الذي تنتهي إليه جميع أزمة الأسباب . وهو يحوي صور الأمور الكونية المدبرة بتدبير الله وبذا فالعرش مقام العلم ، كما انه مقام التدبير العام الذي يسع كل شئ .
آيات وأحاديث حول العرش والكرسي ::
لم يرد ذكر الكرسي في القران الكريم ألا في أية واحدة وهي المشهورة بأية الكرسي حيث قوله تعالى ( وسع كرسيه السموات السموات والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم ) سورة البقرة 255. أما العرش فقد ورد ذكره في آيات كثيرة منها قوله تعالى سبحانه ( ان ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوي على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إلا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ) سورة الأعراف أية 54. وقوله تعالى ( فان تولوا فقل حسبي الله لااله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ) سورة التوبة أية 129. وقوله تعالى ( ان ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوي على العرش يدبر الأمر ما من شفــيع ألا من بعــد إذنه ذلكم الله ربــكم فاعبدوه) سورة يونس ايه 5. فتتحدث هذه الآية صراحة عن استواء العرش فكان لأجل تدبير الأمر وممارسة شان الربوبية في عالم الإمكان وعلى نطاق الوجود . إما ما تحدثت به عن الشفاعة فالمقصود به الشفاعة التكوينية التي ترجع إلى النظام العلي ومبدأ السببية وعليه يكون الإذن في الآية الإذن التكويني ....والكثير هي الآيات التي تتحدث عن العرش نكتفي بما ذكرنا. ونذكر لك أخي القاري بعض الأحاديث ومنها :: عن حفص بن غياث قال سالت أبا عبدا لله عليه السلام عن قوله تعالى ( وسع كرسيه السموات والأرض ) قال علمه . وكما جاء في الخبر عن الإمام الصادق عليه السلام انه قال : في قوله تعالى ( وسع كرسيه السموات والأرض ) قوله : السموات والأرض في الكرسي ، والعرش هو العلم الذي لا يقدر احد على قدره . واتجه رجل إلى الإمام الصادق عليه السلام قائلا له : الكرسي اكبر أم العرش ؟ فقال الإمام عليه السلام : كل شئ خلق الله في جوف الكرسي خلا عرشه ، فانه أعظم من أن يحيط به الكرسي .
المواضيع المتشابهه
العرش والكرسي
العرض العادي
