![]() |
المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
المنتدى :
منتدى النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)
|
![]()
![]() سعة الصدر وانشراح القلب من صفات الإنسان المؤمن، وهي صفة لازمة لتحقيق النجاح في الحياة العائلية والإدارة الوظيفية والاجتماعية والتطوعية وغيرها، وتبدو هذه الصفة الأخلاقية أكثر أهمية في شخصية القائد أو الإداري أو الشخصية الاجتماعية التي تتعامل مع مختلف شرائح المجتمع. وهي صفة لا غنى عنها لكسب المعارف والأصدقاء وحفظ الود معهم، وكذا من أراد أن تتسع له مشارب الحياة فعليه التحلي بسعة الصدر وانشراحه. سعة الصدر نعمة امتنّ الله عز وجل في القرآن الكريم على نبيه ( ![]() وعندما بعث الله سبحانه نبيه موسى ( ![]() ويتحقق شرح الصدر بنور إلهي يقذفه الله تعالى في قلب من يشاء من عباده، فينشرح له الصدر وينفسح. فقد سُئلَ رسولُ اللَّهِ ( ![]() فقالَ: «نورٌ يَقذِفُهُ اللَّهُ في قَلبِ المؤمنِ، فَيَنشَرِحُ لَهُ صَدرُهُ ويَنفَسِحُ». قالوا: فهَل لذلكَ مِن أمارَةٍ يُعرَفُ بها؟ قالَ ( ![]() معنى شرح الصدر لشرح الصدر معنيان: الأول: معنى علمي وفكري، والثاني معنى أخلاقي وسلوكي. فالأول منهما يعني: السعة العلمية والمعرفية والفكرية، واستيعاب العلوم والمعارف والحقائق وهضمها؛ في مقابل ضيق الأفق، وضعف الاستيعاب، ورفض تقبل الأفكار غير المألوفة، أو التي لا تنطبق مع آرائه وأفكاره. والمعنى الآخر لشرح الصدر: السعة الأخلاقية واستيعاب مختلف الأمزجة والطبائع البشرية، وتحمل الشدائد والمصاعب، والصبر في سبيل استيعاب أمزجة الناس، وامتصاص أذاهم؛ ويقابل ذلك ضيق الصدر، والتضجر من كل موقف أو رأي أو سلوك مخالف لذاته مما يجعله غير قادر على التعامل الإيجابي مع من يعيش من حوله حتى أقرب الناس إليه. الرسول الأعظم ( ![]() كان رسول الله ( ![]() ![]() ![]() وفي سيرة رسول الله ( ![]() ونشير إلى نماذج من أخلاقه الرفيعة الدالة على سعة صدره، وعظيم حلمه وعفوه وصفحه وإحسانه، ومنها: 1- ليس من مالك ولا من مال أبيك: روي عن أنس، قال: كنت مع النبي ( ![]() فسكت النبي ( ![]() قال: لا. قال: لِمَ؟ قال: لأنّك لا تكافئ بالسيئة السيئة. فضحك النبي، ثم أمر أن يحمل له على بعير شعير، وعلى الآخر تمر[6] . 2- لا أحسنت ولا أجملت: إن أعرابياً جاءه ( ![]() ثم قام ودخل منزله وأرسل إليه ( ![]() قال: نعم، فجزاك الله من أهل وعشيرة خيراً. فقال له النبي ( ![]() قال: نعم. فلما كان الغد أو العشي جاء فقال ( ![]() قال: نعم، فجزاك الله من أهل وعشيرة خيراً. فقال النبي ( ![]() 3- ما أردت بها وجه الله: عن أبى وائل عن عبد الله قال: لما كان يوم حنين، آثر النبي (صلى الله عليه وآله) ناساً في القسمة، فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة مثل ذلك، وأعطى أناساً من أشراف العرب فآثرهم يومئذ في القسمة، قال رجل: والله أن هذه القسمة ما عدل فيها، وما أريد بها وجه الله! فقلت: والله لأخبرن (النبي ![]() 4- الغلظة في الكلام: ما ذكره قطب الدين الراوندي: أتاه أعرابي فقال: يا رسول الله، أعطني كذا وكذا، لست تُعطيني مِن مال أبيك وأمك، وأغلظ في الكلام! فقال ( ![]() وهكذا كان رسول الله ( ![]() إذ كانت سعة الصدر من الصفات البارزة في شخصية رسول الله (صلى الله عليه وآله) العظيمة، فقد اتسع صدره لأعدائه كما اتسع لأصحابه، واتسع قلبه لفظاظة بعض قومه كما اتسع لخشونة بعض أعراب مجتمعه؛ فدانت له القلوب، وخضعت له النفوس، وتأثرت به العقول؛ فلتتسع قلوبنا لبعضنا البعض، ولتنشرح صدورنا تجاه بعضنا البعض وإن اختلفنا في الأفكار والرؤى والمواقف! وعلينا الاقتداء والتأسي بسيرة رسول الله ( ![]() الحاجة إلى سعة الصدر الإنسان في حياته يتعامل مع أناس يختلفون في أمزجتهم وطبائعهم وأهوائهم ومصالحهم، وبالتالي يحتاج المرء إلى التعامل معهم بسعة الصدر، وكثير من الحلم والصبر حتى يؤثر فيهم إيجابياً، ويستطيع مداراتهم ومجاملتهم، فالإنسان الناجح عليه أن يكون متصفاً بسعة الصدر، وعظيم الأخلاق. ويحتاج كل واحد منا أن يتسع صدره في التعامل مع من حوله، وأول الناس حاجة في التعامل معهم بسعة الصدر أفراد العائلة: من الزوجة والأولاد، فهم لن يكونوا مثل الأب تماماً، بل قد يخالفونه في كثير من الأمور، أو يقومون بأعمال تثير الغضب، وعلى الأب أن يتحلى بسعة الصدر في معالجة المشاكل العائلية والأسرية، لأن الأب هو رب الأسرة ومديرها. كما أن من يتعامل مع الناس وجهاً لوجه من أكثر الناس حاجة إلى التحلي بصفة سعة الصدر؛ لأنه يتعامل مع بشر يختلفون في كل شيء، وبحاجة إلى معاملتهم برفق وحلم وكظم للغيظ وصبر على الأذى كما هو الحال بالنسبة للأطباء الذين يتعاملون مع المرضى واختلاف حالاتهم ومعاناتهم، وانعكاس ذلك على تعاملهم مع الأطباء والممرضين والإداريين. وينطبق الأمر نفسه على الشخصية الاجتماعية التي تتعاطى مع قضايا الشأن العام، إذ يحتاج أكثر من غيره إلى انشراح في الصدر، وحلم كثير في التعامل، ولذلك ورد عن أمير المؤمنين ( ![]() إن صفة (سعة الصدر) من العوامل الرئيسة في نجاح الإدارة المجتمعية، أما (ضيق الصدر) فلا يمكنه أن يكون مديراً ناجحاً، ولا شخصية اجتماعية مؤثرة ومقبولة، ولا أباً ناجحاً، بل ولا زوجاً ناجحاً؛ لأن ضيق الصدر يؤدي إلى تفاقم المشاكل، وصعوبة الحياة وتعقدها، وازدياد حالة النكد مع من يعيش بالقرب منه. فإذا أردت أن تكون ناجحاً في حياتك الخاصة والعامة، وناجحاً في علاقاتك الاجتماعية، وناجحاً في تجارتك، وناجحاً في حياتك العائلية، وناجحاً في عملك؛ فعليك، وتأسياً برسول الله ( ![]() ................................... الهوامش: [1] سورة الشرح: الآية 1. [2] سورة طه: الآيات 24 – 26. [3] مجمع البيان: 4/ 561. [4] سورة القلم: الآية 4. [5] يقاد منك: يقتص منك. [6] الشفا بتعريف حقوق المصطفى: القاضي أبو الفضل عياض اليحصبي، دار الفكر، بيروت ـ لبنان، طبع عام 1409هـ، ج 1، ص 108. سفينة البحار، الشيخ عباس القمي، ج 2، ص 682. [7] الشفا بتعريف حقوق المصطفى، القاضي عياض، ج 1، ص 123. [8] صحيح البخاري: ص553، ح 3150. [9] مكارم أخلاق النبي والأئمة، الراوندي: قطب الدين أبي الحسين سعيد بن هبة الله ( ت 573 هـ)، مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدسة، كربلاء- العراق، طبع عام 1430هـ- 2009،.ص 73. [10] نهج البلاغة: ج 4، الحكمة 176، خصائص الأئمّة ![]() الشيخ عبدالله اليوسف
|
![]()
|
![]()
|