عرض مشاركة واحدة
قديم 31-03-2023, 10:34 AM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي

المطلب الثاني: شروط المعجزة:
ذكر العلماء للمعجزة شروطاً كثيرةً، ومن مجموع التعريفات المتقدمة للمعجزة يتبين أن من أهم شروط المعجزة هي:
ظ، - أن تقترن المعجزة مع الدعوى، فلو تقدمت أو تأخرت عن دعواه لما عدّت معجزة، وكذا إذا حصلت من دون دعوى، فمثلاً رد الشمس للإمام علي (عليه السلام) وإن كانت خارقة يعجز البشر عن الإتيان بمثلها، إلّا أنها لا تعدّ معجزة لعدم اقترانها بدعوى الإمام (عليه السلام) ذلك، وبذلك تخرج الكرامة عن دائرة الإعجاز.
ظ¢ - عجز الغير عن الإتيان بمثلها، قال القرطبي: (مِنْ شُرُوطِهَا - المعجزة - أَنْ تَكُونَ مِمَّا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا إِلَّا اللهُ سُبْحَانَهُ. وَإِنَّمَا وجب حصول هذا الشرط للمعجزة لأنه أَتَى آتٍ فِي زَمَانٍ يَصِحُّ فِيهِ مَجِيءُ الرسل وادعى الرسالة وجعل معجزته أن يَتَحَرَّكَ وَيَسْكُنَ وَيَقُومَ وَيَقْعُدَ لَمْ يَكُنْ هَذَا الَّذِي ادَّعَاهُ مُعْجِزَةً لَهُ، وَلَا دَالّاً عَلَى صِدْقِهِ لِقُدْرَةِ الخَلْقِ عَلَى مِثْلِهِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ المُعْجِزَاتُ كَفَلْقِ البَحْرِ، وَانْشِقَاقِ القَمَرِ، وَمَا شَاكَلَهَا مِمَّا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا البَشَرُ)(ظ،ظ¦).
وبذلك يخرج السحر والنبوغ العلمي عن دائرة الإعجاز لأنها من الأمور التي يمكن أن يؤتى بمثله، كونها قابلة للعلم والتعلم.
ظ£ - أن تكون المعجزة شاهداً على صدق المدَّعي للمنصب الإلهي، فإذا امتنع صدق دعواه بحكم العقل كأن يدَّعي المدَّعي أنه إله، أو بحكم النقل الثابت عن المعصوم كأن يدَّعي شخص النبوة بعد النبي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فإن ذلك لا يكون شاهداً على صدق الدعوى ولا يسمى ما يأتي به معجزة(ظ،ظ§).
والمنصب الإلهي أعم من النبوة، فتشمل الإمامة أيضاً، ومن الشواهد على ذلك تكليم الحجر للإمام السجاد (عليه السلام) عندما أراد إثبات إمامته، عندما كانت الناس تشكك بإمامته وتقول بإمامة محمد بن الحنفية(ظ،ظ¨).
ظ¤ - أن تكون مطابقة لدعوى مدَّعي النبوة، قال القرطبي في بيانه لشروط المعجزة: (وَإِنَّمَا وَجَبَ اشْتِرَاطُ هَذَا الشَّرْطِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ المُدَّعِي لِلرِّسَالَةِ: آيَةُ نُبُوَّتِي وَدَلِيلُ حُجَّتِي أَنْ تَنْطِقَ يَدِي أَوْ هَذِهِ الدَّابَّةُ فَنَطَقَتْ يَدُهُ أَوِ الدَّابَّةُ بِأَنْ قَالَتْ: كَذَبَ وَلَيْسَ هُوَ نَبِيٌّ فَإِنَّ هَذَا الكَلَامَ الَّذِي خلقه الله تعالى دال على كذب المُدَّعِي لِلرِّسَالَةِ، لِأَنَّ مَا فَعَلَهُ اللهُ لَمْ يَقَعْ عَلَى وفْقِ دَعْوَاهُ.
وَكَذَلِكَ مَا يُرْوَى أَنَّ مُسَيْلمَةَ الكَذَّابَ لَعَنَهُ اللهُ تَفَلَ فِي بِئْرٍ لِيَكْثُرَ مَاؤُهَا فَغَارَتِ البِئْرُ وَذَهَبَ مَا كَانَ فِيهَا مِنَ المَاءِ، فَمَا فَعَلَ اللهُ سُبْحَانَهُ مِنْ هَذَا، كَانَ مِنَ الآيَاتِ المُكَذِّبَةِ لِمَنْ ظَهَرَتْ عَلَى يَدَيْهِ، لِأَنَّهَا وَقَعَتْ عَلَى خِلَافِ مَا أَرَادَهُ المُتَنَبِّئُ الكَذَّابُ)(ظ،ظ©).
ظ¥ - أن تكون المعجزة متناسبة مع ما هو مشهور في عصر حدوثها وهذا ما عبّر عنه السيد الخوئي بقوله: (خير المعجزات ما شابه أرقى فنون العصر)(ظ¢ظ*)، فمثلاً لما كان الرائج في زمن موسى (عليه السلام) هو السحر جاء بما يفوق السحر، ولما كان الرائج في زمن عيسى (عليه السلام) هو الطب جاء بما يفوق الطب، ولما كان الرائج في زمن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) البلاغة جاء بما يفوق بلاغة الشعر، فقد روي عن الإمام الرضا (عليه السلام) أنه قال: «إن الله لمّا بعث موسى (عليه السلام) كان الغالب على أهل عصره السحر، فآتاهم من عند الله بما لم يكن في وسعهم مثله، وما أبطل به سحرهم، وأثبت به الحجة عليهم، وأن الله بعث عيسى (عليه السلام) في وقت قد ظهرت فيه الزمانات واحتاج الناس إلى الطب، فآتاهم من عند الله بما لم يكن عندهم مثله، وبما أحيى لهم الموتى، وأبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله، وأثبت به الحجة عليهم، وأن الله بعث محمداً (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) في وقت كان الغالب على أهل عصره الخطب والكلام - وأظنه قال: الشعر - فآتاهم من عند الله من مواعظه وحكمه ما أبطل به قولهم، وأثبت به الحجة عليهم»(ظ¢ظ،).
ولعل هذا الشرط كمالي وليس شرطاً أساسياً، فكثير من الأنبياء لهم معجزات متعددة، ولعل هذا الأمر يكون في المعجزات الكبرى كما في الأمثلة المتقدمة.
المطلب الثالث: الفرق بين المعجزة والخوارق الأخرى:
أولاً: الفرق بين المعجزة والكرامة:

عُرفت الكرامة بأنها: (أمرٌ خارقٌ للعادة يظهره الله تعالى على يد عبد من عباده الصالحين حياً أو ميتاً إكراماً له، فيدفع به عنه ضراً أو يحقق له نفعاً أو ينصر به حقاً)(ظ¢ظ¢).
وعُّرفت أيضاً: (فعلٌ لله سبحانه يكرم الله به من يشاء من عباده)(ظ¢ظ£)، ومن الكرامات التي ذُكرت في القرآن الكريم، الطعام الذي كان ينزل على مريم ف‌، قال تعالى: ï´؟كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا المِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍï´¾ (آل عمران: ظ£ظ§).
ومن الكرامات ما حصل لأصحاب الكهف وغيرها(ظ¢ظ¤).
وبهذا يتبين أن الكرامة تشترك مع المعجزة في كونها من الخوارق التي يعجز عن إيتائها البشر، وكذا في كونهما تجريان على أيدي الصالحين، ولكن تفترق الكرامة عن المعجزة بأمرٍ مهمٍ يُعد أحد شروط المعجزة وهو: عدم اقترانها بدعوى منصب إلهي على خلاف المعجزة التي تقترن مع هذه الدعوى.
​


من مواضيع صدى المهدي » الانتظار والصِّراع بين المستضعفين والمستكبرين
» الإستفتاءات … أسئلة بشأن البيع والشراء
» أنَّ الدين هو وسيلة اخترعها الأقوياء والأثرياء لتخدير الفقراء
» تحت شعار (من نهج الزهراء حجابي وبزينب اقتدائي)
» زيارة حمزة بن عبد المطلب (ره) في أحد
رد مع اقتباس