العودة   منتديات احباب الحسين عليه السلام > القسم الاسلامي > منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه)
منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه) الامام - الحسين - سيد الشهداء - أبو الأئمه - الشهيد - المظلوم - العطشان - أبا عبد الله - ابو السجاد - الغريب - ابو الاحرار - عليه السلام
روابط مفيدة مشاركات اليوم البحث


زيارة الإمام الحسين -عليه السلام-... دراسة في المفهوم الشرعي والعرفي

منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه)


إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-04-2023, 02:59 PM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي زيارة الإمام الحسين -عليه السلام-... دراسة في المفهوم الشرعي والعرفي



مقدّمة

إنّ المنظومة الدينية سواء كانت على مستوى الفكر أو السلوك تحاول في مجالات متعدّدة إيجاد حالة من التلاقي بين عالمين مختلفين، هما: العالم المنظور والعالم الميتافيزيقي؛ فالإنسان الدنيوي قد ينشغل وهو يعيش في غمرة المادّيات عن الالتفات إلى حاجته الفطرية التي تدعوه إلى ضرورة الارتباط بخالقه ومدبّر شؤونه، ومع عدم تلبية هذه الحاجة فإنّ هذا الكائن سيصبح كالآلة التي تعمل بلا مشاعر أو أحاسيس، وإذا ضممنا إلى ذلك الاستعداد التخريبي الذي يحمله بفعل هوى نفسه الأمّارة وإغواء الشيطان له، فإنّه سيكون مصدراً للإفساد وسفك الدماء في هذه الأرض.

إنّ هذه الوظيفة التي يؤدّيها الدين لها عدّة تمظهرات، منها عبادات بدنية تؤدّى بشكل يومي كالصلاة، أو تؤدّى في السَّنة مرّة واحدة كصيام شهر رمضان، ومنها عبادات مالية كالزكاة والخمس، ومنها ربط المسلم بمَن سبقه من الذين حملوا نشر تعاليم هذا الدين الحنيف والمحافظة عليه؛ وذلك ليبقى ـ هذا المسلم ـ متمسّكاً بعرى هذا الدين ومطبّقاً لتعاليمه، ومن المجالات التي اشتملت على هذه الحالة هي زيارة مراقد الأولياء والصالحين، وقد برزت هذه الحالة بشكل جلي في الفكر الشيعي الذي سعى ـ من خلال الاعتماد على النصوص الشرعية ـ إلى ربط أتباعه بالنبي(صلى الله عليه واله) وآل بيته البررة(عليهم السلام)؛ بغية تأمين الضمانات التي تمنع من وقوع الانحراف الذي تُمنى به ـ في الأعمّ الأغلب ـ سائر الدعوات الأُخرى، وضعية كانت أو دينية؛ وعليه فجعل هذا الفكر أتباعه يعيشون حالة الامتداد الروحي من زمن حياة أئمتهم(عليهم السلام) إلى ما يليه من خلال مَعلَم ديني هو تعاهد قبورهم وزيارتها باستمرار، كان من أبرز النجاحات التي حقّقها المذهب الشيعي على مرّ التاريخ، والتي ضمنت له نصرة أتباعه في أحلك الظروف وأشدّها.

ومن أبرز مصاديق الزيارة الذي أكّدته النصوص الروائية هو زيارة مرقد المولى أبي عبد الله الحسين(عليه السلام)؛ والسبب يعود إلى كون الشخص الذي يعيش أجواء النهضة الحسينية المباركة يعي تماماً أنّ هذه الحركة التغييرية والإصلاحية كانت من أجل الحفاظ على بيضة الدين الإسلامي، ولا يبذل المتابع جهداً للوصول إلى هذه الحقيقة، فبمراجعة بسيطة للنصوص المنقولة عن قائد هذه النهضة (الإمام الحسين(عليه السلام)) يقف على مدى حرصه وتفانيه من أجل الدفاع عن الإسلام عقيدة وسلوكاً، فقد قال(عليه السلام) مخاطباً مروان بن الحكم عندما طلب منه البيعة ليزيد: «إنّا لله وإنّا إليه راجعون، وعلى الإسلام السلام، إذ قد بُليت الأُمّة براعٍ مثل يزيد»[1]. وقال(عليه السلام) أيضاً في وصيّته التي كتبها إلى بني هاشم عن طريق أخيه محمد بن الحنفية: «وأنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدّي وأبي علي بن أبي طالب(عليهما السلام)»[2].

ولم يقف الإمام(عليه السلام) على مستوى طرح الشعارات فقط، بل جسّدها كواقع عملي من خلال التضحيات الجسام التي قدّمها هو ومَن معه على عرصات كربلاء في ذلك اليوم الدموي الذي قلّ نظيره في تاريخ البشرية، والذي يحتّم على كلّ مَن سار على نهج أهل البيت(عليهم السلام) أو كان محبّاً لهم ومؤمناً بمودّتهم لقربهم من رسول الله(صلى الله عليه واله)، أن ينصر الإمام، بل ينصر الإسلام. وهذه النصرة لا تتوقّف على معاصرة أحداث واقعة الطفّ، بل تمتدّ ما دام هناك خطر يداهم هذا الدين الحنيف، وما دام هناك أُناس حريصون على بقائه ناصعاً بعيداً عن أيّ أنواع التزييف والتشويه، فالوقوف على قبره الشريف هو بمثابة تجديد البيعة له ولنهجه.

ومن هنا؛ نجد الحثّ الكبير من قبل أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) على ضرورة أداء هذه الزيارة وعدم تركها، وفي مقابل ذلك نرى السعي الحثيث الذي يبذله الطغاة والجبابرة والمغرضون من أجل مَحق هذه الشعيرة أو تضعيفها في نفوس الناس بواسطة إثارة الإشكالات حولها. لكن هيهات هيهات من أن يغلب صوت الباطل ما دامت هذه القبّة الذهبية المتلألئة في كربلاء ـ وكذلك سائر القبب الأُخرى لهم(عليهم السلام) ـ مناراً يضيء دروب السالكين، وسبيلاً أُرغمت وستُرغم فيه أنوف جميع جحدة الحقّ وأعداء إقامة العدالة بين البشر.

هذا، وإنّنا في هذا المقال بصدد تبيين المراد من هذه الشعيرة على المستويين الشرعي والعرفي، ساعين من وراء ذلك إلى إخضاع الأداء الصادر من عامّة الناس عند زيارتهم للأُطر الشرعية المفادة من آيات الكتاب العزيز والروايات الشريفة. وبضميمة ما سنذكره من آداب لهذه الشعيرة المقدّسة، فإنّنا سنبيّن بأنّ الزائر لهذه الروضة المباركة يمتلك حالة روحية معنوية تجعله في مصافّ أنصار الإمام(عليه السلام)، مضافاً إلى ما يترشّح منها من إرادة قوية تُعينه على تقوية رصيده الديني على المستويين العقدي والسلوكي. والأهمّ من ذلك فإنّ التحديد الشرعي لأُطر الارتباط بالمقدّس والكيفية التي ينبغي أن يكون عليها الإنسان في المقام، لهو الضامن الحقيقي لإيجاد حالة التلاقي ـ المشار إليها ـ بين العالـمَين: المنظور والميتافيزيقي، والتي تبتعد عن كلّ مظاهر الانحراف عن الجادة المستقيمة للوصول إلى الحقّ تعالى اسمه.

هذا، ومع ملاحظة عنوان المقال مورد البحث والتحقيق فإنّ حديثنا سوف يكون في جهتين أساسيتين:


من مواضيع صدى المهدي » لماذا رحمة الله قريب وليس قريبة؟
» مصائد الشيطان وشباكه
» طريقة عمل اللازانيا باللحم وصوص البشاميل
» تأويلُ الدعاء الذي يُقرأ في التعقيبات وهو: "ما تردَّدتُ في شيءٍ أنا فاعلُه...
» كيف نفهم الكتاب ولا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم؟ وكيف هو آيات بيّنات؟
رد مع اقتباس
قديم 28-04-2023, 03:01 PM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي

الجهة الاولى : المفهوم العرفي والشرعي لزيارة الإمام الحسين(عليه السلام)

أوّلاً: الزيارة لغة

قال الخليل بن أحمد: «الزور: ميل في وسط الصدر... ومفازة زوراء، أي: مائلة عن القصد والسمت. والأزور: الذي ينظر إليك بمؤخّر عينه»[3]. وقال في الصحاح: «الزور: الكذب... والزوير: زعيم القوم... والزور بالتحريك: الميل... والإزوار عن الشيء: العدول عنه... وتزاوروا: زار بعضهم بعضاً»[4]. أمّا ابن فارس فقد أجاد في بيانه لمعنى هذه المادّة وذلك بجمعها في أصل واحد قائلاً: «الزاء والواو والراء أصل واحد يدلّ على الميل والعدول، من ذلك الزور الكذب؛ لأنّه مائل عن طريقة الحقّ... ومن الباب الزائر لأنّه إذ زارك فقد عدل عن غيرك، ثمّ يحمل على هذا فيقال لرئيس القوم وصاحب أمرهم: الزوير؛ وذلك أنهم يعدلون عن كلّ أحد إليه»[5].

إذاً؛ فالميل نحو المزور والعدول عن غيره مأخوذ في المعنى اللغوي لمصطلح الزيارة.

ثانياً: الزيارة عرفاً

إذا كنّا بصدد بيان المراد العرفي من الزيارة بنحو عامّ، فإنّه يقال بشأنه: إنَّ «الزيارة في العرف: قصد المزور إكراماً له وتعظيماً له واستيناساً به»[6]. وفصّل بعضٌ بين أن يكون المزور مكاناً أو شخصاً، حيث قال: «الزيارة: مصدر زار. يزور المكان أو الشخص: أتاه للأنس به أو لإيناسه»[7].

هذا، ولم يبتعد هذا المعنى العرفي عن الأصل الذي ترجع إليه الاستعمالات اللغوية لمادّة (زور)، ذلك الأصل الذي اتّضح جلياً في العبارة المتقدّمة التي نقلناها عن ابن فارس.

أمّا المعنى العرفي الخاص المتعلّق بخصوص زيارة المراقد الطاهرة لأهل البيت(عليهم السلام)، فهو وإن كان في حقيقته قريباً جدّاً من المعنى اللغوي المتقدّم، إلّا أنّه توجد إضافات تتناسب وشأن المزور، حيث ورد أنّ الزيارة هي: «نوع ندبة ورثاء، بالإضافة إلى ما تحتويه من التذكير بحقوقهم [(عليهم السلام)] والشدّ الوجداني بهم»[8]. وورد أيضاً أنّها: «صيغة واعية تمارسها الأُمّة لتُعبِّر عن عمق ارتباطها بخطّ الأولياء، وتنطوي على تأصيل حالة الولاء والحبّ لرموز مسيرتها، وتستبطن مزيداً من العطاءات العقائدية والتاريخية والتربوية التي تشدّ الأُمّة إلى عقيدتها وتاريخها وقادتها الرساليين»[9].

ونحن إذ نتحدّث عن المعنى العرفي لمصطلح زيارة أهل البيت(عليهم السلام) عموماً أو الإمام أبي عبد الله(عليه السلام) على وجه الخصوص، ينبغي لنا ألّا نتوقف عند ما ذُكر من عبارات دوّنتها أقلام بعض العلماء والمفكِّرين، فهي بما سطّرته تُعتبر قراءة رسمية مستوحاة ـ من دون أدنى شكّ ـ من الأدلّة الشرعية؛ وبالتالي فهي على الرغم من محاكاتها لما هو ممارس في الوسط العرفي، إلّا أنّها لا تكمل لنا الصورة عمّا يراه الشيعي أو المحبّ لأهل البيت(عليه السلام) من تفسيرٍ لما يؤدّيه من طقوس الزيارة، ابتداءً من لحظة انطلاقه من بيته، وانتهاءً بآخر لحظات وداعه للإمام(عليه السلام).وفي الحقيقة إنّ إجراء دراسة ميدانية لعيِّنة من الزوّار مأخوذة من شرائح متعددة كفيلة بإيضاح هذا المعنى بشكل جلي، إلّا أنّه ونظراً لكون حديثنا في هذا الموضوع يُعدّ جزءاً من البحث النظري الذي نحن بصدده، فلا بأس أن نستعين بتجاربنا وتجارب مَن يحيط بنا لنصل إلى المقصود من مصطلح الزيارة بحسب المنظور العرفي.

إنّ الزائر عندما يشرع بتهيئة العدّة ناوياً الحركة نحو القباب الطواهر لأهل البيت(عليهم السلام)، نرى أنّ حركته هذه مسبوقة بانشداد عاطفي قد يغفل الكثير عن دوره المؤثّر والحيوي في هذه الحركة، فالزائر وتحت أيّ نوع من الأغراض التي يروم تحقيقها من خلال الزيارة، والتي قد تكون عبارة عن تقوية الرابطة بينه وبين الإمام المزور، أو طلب حاجة أُخرويّة، أو حتّى طلب حاجة دنيوية، نراه يتحرّك نتيجة انشداد عاطفي، ليس سببه خصوص المظلومية التي عانى منها أهل البيت(عليهم السلام) وما مرّوا به(عليهم السلام) من مصائب ومحن من طغاة زمانهم وحسب، وإنّما يوجد في المقام عاملان يعضد كلّ واحد منهما الآخر، يشكّلان باجتماعهما السبب الرئيس وراء هذا التأثّر:

العامل الأوّل: البُعد العقائدي

يمتلك الشيعة مبدأً عقدياً مهمّاً يعدّونه من أُصول الدين وهو منصب الإمامة، الذي حظي به أهل البيت(عليهم السلام)، فالزائر بحركته نحو أداء الزيارة وسعيه إلى إيجاد حالة الارتباط بينه وبين إمامه ـ خصوصاً وأنّه يعيش في فترة غيبة إمام زمانه(عجل الله فرجه الشريف) وعدم القدرة على اللقاء المباشر به ـ سيكون في حالة ميلٍ نحو منصب الإمامة (التولّي) وعدولٍ عن غيره (التبرّي)، وهذا لا يمنع من أنّه خلال زيارته يسعى إلى تحقيق مجموعة من الأغراض الأُخروية أو الدنيوية، فكلّ هذه الأغراض دليل على القناعة الداخلية التي يعيشها الشيعي من أنّ صاحب القبر يمتلك منصباً عند الله تعالى ومنزلة، تجعله يشفع لشيعته ومحبِّيه، ويقضي لهم حوائجهم مهما كانت مستعصية. أمّا إذا كان غرض الشيعي من الزيارة هو مجرّد الارتباط العقدي بإمامه وزيادة المعرفة به فهذه عبادة الأحرار التي لا تضاهيها عبادة. هذه الزاوية العقدية التي تقوم بتفسير السّر الكامن وراء هذا الانشداد والجذب نحو زيارة أهل البيت(عليهم السلام).



العامل الثاني: البُعد العاطفي

إنّ المظلومية التي عانوا منها(عليهم السلام) بسبب تحمّلهم لمنصب هداية الأُمّة وإخراجها من الظلمات إلى النور، وتحمّلهم أعباء حفظ الدين الإسلامي من شتّى أنواع التزييف والتحريف بسبب وقوفهم ضد الظلم، وسعيهم إلى تحقيق العدالة بين الناس.. هذه المظلومية جعلت الشيعي يعيش حالة من الغليان الذي لا يبرد إلّا بذهابه إلى زيارة تلك المراقد المطهّرة؛ ليشعر بحالة الانتصار الذي حقّقه أئمّته(عليهم السلام) رغم كلّ المعاناة التي كابدوها. فهذه الجموع الغفيرة التي تحفّ بالضريح، والتي تبذل الغالي والنفيس من أجل الوصول إليه دليل على أنّ كلمتهم(عليهم السلام) كانت هي العليا وكلمة أعدائهم هي السفلى، وهنا يشعر الشيعي بحالة من الاطمئنان والراحة وهو يؤدّي مراسم الزيارة، وأن مظلومية أهل البيت(عليهم السلام) لم تذهب سدى.

ولعلّ هذه الجنبة العاطفية تكون في أشدّ درجاتها بالنسبة إلى الإمام الحسين(عليه السلام)، فرغم كلّ المعاناة التي كابدها أهل البيت(عليهم السلام) عموماً إلّا أنّه «لا يوم كيومك أبا عبد الله»[10]، فمظلومية الإمام الحسين(عليه السلام) ولّدت حالة من الغليان المستمرّ التي لا تبرد وتبقى مستعرة حتّى ظهور الإمام صاحب الزمان وأخذه بالثأر، وبالتالي فإنّ عشّاق الإمام الحسين(عليه السلام) يبقون متلهّفين لزيارته والوقوف مع الملايين المنحنية أمام قبّته الشريفة.

إذاً؛ فزيارة أيّ واحد من أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) بحسب الأداء العرفي لها هي عبارة عن حالة من الارتباط المعنوي بين الشيعي وبين إمامه، واستشعار ما عاناه صاحب القبر الشريف من المظلومية والمحن، وما حقّقه من نصر معنوي بعد ذلك.

وأمّا بشأن زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) على وجه الخصوص فهي في جنبتها العاطفية أشدّ كما أشرنا، وبالتالي فإنّه يضاف إلى التعريف العرفي المذكور أنّ زيارة المولى أبي عبد الله(عليه السلام) هي استلهام لحالة الرفض لكلّ أنواع الفساد على جميع الأصعدة، دينية كانت أم بشريّة.

وقد يجد المشاهد لسلوكيات الزائر انعكاساً واضحاً لحركته نحو إمامه، وذلك من خلال ما يقوم به الزائر من حالات الخضوع القلبي أو الخضوع الخارجي (الانحناء)، فإن دلّ هذا على شيء فإنّه يدلّ على أنّ الزائر يرى أنّ للمزور حقّ الطاعة عليه، وهذا الحقّ قد حصل عليه أهل البيت(عليهم السلام) بسبب كونهم ـ بحسب المعتقد الشيعي ـ مصداقاً لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ الله وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)[11]، أي: إنّهم نالوا شرف الإمامة بعد الرسول العظيم(صلى الله عليه واله).نعم، قد تكون ظاهرة الانحناء موجودة حتّى في زيارة غير الأئمة، والسبب في وجودها هو حالة الاحترام والتعظيم للمزور، إلّا أنّه في الأئمّة(عليهم السلام) الأمر أكثر من كونه احتراماً، وإنّما شعور متولّد لدى الزائر بلزوم هذا التمظهر، وهذا اللزوم لم يأتِ إلّا من ذلك الاعتقاد الذي أشرنا إليه.

وأمّا حالة استشعار المظلومية والنصر المعنوي للمزور، فإنّها تنعكس بالحزن والبكاء الممزوج بالقوّة والصلابة التي يعيشها الزائر وهو يقف مع تلك الجموع أمام مرقد إمامه، فلا يعيش الشيعي الزائر وغير الزائر حالة الهزيمة والانكسار والذلّة مع كلّ ما يكابده من ألم وحزن جرّاء المظلومية التي عاشها أئمّته(عليهم السلام) على أيدي طغاة عصورهم.

أمّا بخصوص الإمام الحسين(عليه السلام) فإنّ شعار (هيهات منّا الذلّة) يعيش في ضمير الزائر وهو يُشاهد المرقد الشريف سواء جرى هذا الشعار على لسانه أم لا، كيف لا! وأنّ هذا الشعار أصبح الأنشودة التي يتغنّى بها أجيال الشيعة في كلّ زمان ومكان. وممّا لا يقبل الشكّ أنّ هذا الشعار هو إعلان مستمرّ للثورة ضدّ الظلم والظالمين والمفسدين دائماً.

كلّ هذه البيانات قد لا يجدّها القارئ منضودة في الكتب، وإنّما هي حالات يعيشها الشيعي قد يغفل عن تفسيرها وعكسها للآخرين، لكنّها في الواقع هي العناصر المؤلّفة لمفهوم الزيارة لديه.


من مواضيع صدى المهدي » لماذا رحمة الله قريب وليس قريبة؟
» مصائد الشيطان وشباكه
» طريقة عمل اللازانيا باللحم وصوص البشاميل
» تأويلُ الدعاء الذي يُقرأ في التعقيبات وهو: "ما تردَّدتُ في شيءٍ أنا فاعلُه...
» كيف نفهم الكتاب ولا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم؟ وكيف هو آيات بيّنات؟
رد مع اقتباس
قديم 28-04-2023, 03:01 PM   رقم المشاركة : 3
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي

ثالثاً: الزيارة شرعاً

1ـ الزيارة في القرآن

لم ترد مفردة (الزيارة) في القرآن بهذه الصياغة، وإنّما وردت بصياغات أُخرى كـ(تزاور) في قوله تعالى: (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ...)[12]، ومعنى هذه الكلمة كما ذكر المفسّرون هو أنّ الشمس إذا طلعت عليهم فإنّها تتنحّى وتميل عنهم[13]؛ حتّى لا تصيبهم أشعتها بضرر أثناء رقودهم في ذلك الكهف. وهذا المعنى المذكور هو عين المعنى اللغوي المتقدّم آنفاً.

ووردت صياغة أُخرى لهذه المفردة في قوله تعالى: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ*حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ)[14]، حيث تردّد المعنى المراد منها في هاتين الآيتين بين قولين ـ بحسب ما ذكره أغلب المفسِّرين ـ هما:

الأوّل: إنّ انشغالكم بالتكاثر في متاع الدنيا وزينتها وتسابقكم في تكثير العدد والعدّة ألهاكم عمّا يهمّكم ـ وهو ذكر الله ـ حتّى لقيتم الموت.

الثاني: إنّ انشغالكم بالتباهي والتباري بكثرة الرجال جعلكم تصيرون إلى القبور وتعدّون الأموات من رجالكم فتتكاثرون بأمواتكم[15]. ‏

إنّ زيارة المقابر على الرغم من عدم كونها مقصودة من قبل الزائر على المعنى الأوّل، إلّا أنّ الميل أو التمايل الذي هو جوهر المعنى اللغوي لهذه المفردة محفوظ في المقام، فإنّ المشيّعين قد مالوا بالجنازة إلى مثواها الأخير، وعدلوا بها عن أيّ مكان آخر. وأمّا على المعنى الثاني فالأمر واضح جدّاً. نعم، يمكن أن تحمل المفردة معنى إضافياً نحصل عليه من خلال إضافة هذه المفردة إلى المقابر، فإنّ الزيارة المقصودة ليست هي مجرّد حضور الزائر لدى المزور وحسب، وإنّما هي أخذ العظة والعبرة[16] والتوجّه إلى «أنّ العاقل ينبغي له أن لا يكون جميع همّه ومعظم سعيه للدنيا؛ فإنّ عاقبة ذلك وبال وحسرة»[17].

والنتيجة التي ننتهي إليها من خلال هذا الجانب من البحث هي أنّ القرآن وإن لم يوجِد لمفردة الزيارة حقيقة أُخرى غير الحقيقة اللغوية لها، إلّا أنّه عندما أضافها إلى كلمةالقبور ـ التي تتناغم مع موضوعنا في هذا المقال ـ نجده أضاف إلى الميل أو التمايل إلى المزور أخْـذَ العظة والعِبرة كما أسلفنا آنفاً؛ ومن هنا نجدهم لـمّا جُرّد حضورهم عند القبور من هذه الخصوصية أصبحوا محلاً لذمّ المولى وتهكّمه، فقد ورد عن الإمام علي(عليه السلام) حديثاً طويلاً عقيب هذه الآية كان منه: «أفبمصارع آبائهم يفخرون؟! أم بعديد الهلكى يتكاثرون؟!... ولأن يكونوا عِبراً أحقّ من أن يكونوا مفتخراً»[18]. وقد ورد في بعض التفاسير أنّه: «عُبِّر بذلك عمّا ذكر [أي ذكر الموتى] تهكّماً بهم، ووجّهه بعضٌ بأنّه كأنّه قيل: أنتم في فعلكم هذا كمَن يزور القبور من غير غرض صحيح، وبعضٌ آخر بأنّ زيارة القبور للاتّعاظ وتذكّر الموت وهم عكسوا فجعلوها سبباً للغفلة، وهذا أَولى»[19].

وبناءً على ما تقدّم؛ فإنّ الزيارة الحقيقية التي يراها القرآن للمقابر ليست هي مطلق الميل نحو مضاجع الأموات وحسب، وإنّما هو نوع خاصّ من الميل لا بدّ أن يكون مصحوباً بأخذ العظة والعبرة من الحالة التي وصل إليها صاحب القبر، من تركه لهذه الدنيا وجميع ملذاتها وعدم انتفاعه منها إلّا بما كان في وجه الخير والصلاح.

2ـ الزيارة في الروايات

إنّ قوام مفهوم الزيارة بحسب ما مرّ في معناها اللغوي هو الميل إلى شخص معيّن أو جهة معيّنة، وأمّا بالنسبة إلى مفهوم زيارة الحسين(عليه السلام) بحسب المعنى العرفي لها، فقد أشرنا هناك إلى أنّها تعني تجديد البيعة بإمامته(عليه السلام) وإمامة سائر المعصومين(عليهم السلام)، وكذلك استحضار المصيبة التي جرت عليه(عليه السلام) ومَن معه، واستلهام روح الثورة من المواقف الخالدة الصادرة منه في مواجهة الظلم والفساد.

أمّا في مقام مطالعتنا للروايات بشأن تحديد المفهوم الشرعي لزيارة الإمام الحسين(عليه السلام)، فنجد أنّنا أمام مفهوم ذي أبعاد متعدّدة، فالزيارة ليست مجرّد ميل أو تمايل كما مرّ، وكذلك ليست مجرّد تأدية عقيدة معيّنة أو ترسيخ بعدٍ عاطفي معيّن. بل إنّ الزيارة بحسب ما جاء في الروايات يمكن أن نفهمها من خلال النقاط التالية:

النقطة الأُولى: زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) والحضور في ساحة القرب الإلهي

فإنّ الروايات قد تعدّدت بشأن زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) وأنّها بمثابة زيارة لله تعالى، فقد أفرد ابن قولويه باباً بعنوان: (إنّ مَن زار الحسين(عليه السلام) كان كمَن زار الله في عرشه وكُتب في أعلى عليين)، وجاء تحته مجموعة من الروايات:

منها ما رواه زيد الشحّام أنّه قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): «ما لـمَن زار قبر الحسين(عليه السلام)؟ قال: كان كمَن زار الله في عرشه»[20].

ومنها قول الإمام أبي عبد الله(عليه السلام) لبشير الدهان: «يا بشير، ما أبطأك عن الحجّ في عامنا الماضي؟ قال: قلت: جُعلت فداك، مالٌ كان لي على الناس خفت ذهابه، غير أنّي عرفت عند قبر الحسين(عليه السلام).قال: فقال لي: ما فاتك شيء ممّا كان فيه أهل الموقف، يا بشير، مَن زار قبر الحسين(عليه السلام) عارفاً بحقّه كان كمَن زار الله في عرشه»[21].

وبعض الروايات بالغت في شدّة القرب إلى الله(عز وجل)، فقد روى الحسين بن محمد القمّي عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام)، أنّه قال: «مَن زار قبر أبي عبد الله(عليه السلام) بشطّ الفرات كان كمَن زار الله فوق عرشه»[22].

ومن المعلوم أنّ هذه التعبيرات ليست من باب التشبيه المكاني المفضي إلى التجسيم، قال الشيخ الصدوق(رحمه الله): «كان كمَن زار الله في عرشه، ليس بتشبيه، لأنّ الملائكة تزور العرش، وتلوذ به، وتطوف حوله، وتقول: نزور الله في عرشه، كما يقول الناس: نحجّ بيت الله، ونزور الله، لا أنّ الله(عز وجل) موصوف بمكان، تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً»[23].

وبعيداً عن الأخذ والردّ في المقام؛ وذلك لوضوح المقصود وعدم منافاته مع عقيدة الشيعة الإمامية بشأن توحيد الله(عز وجل)[24]، نوّد القول: بأنّ زيارة الله تعالى المذكورة في الروايات يمكن أن يكون معناها هو طلب القرب منه(عز وجل) وجلب رضاه والزلفى لديه، فإنّه مع امتناع القرب المكاني من المزور في المقام ـ بناءً على المعنى اللغوي لمفردة الزيارة ـ لا يتبقّى إلّا طلب القرب المعنوي والنفسي والرضا المتناسب مع ذلك، والقرب والرضا بهذا المعنى يتحقّقان في المقام بزيارة خليفته في أرضه وحامل لواء ولاية الله العظمى والمضحّي في سبيله، فإنّ رضا هذا الولي هو رضا الله تعالى، وقربه قربه، وغضبه غضبه، وأسفه أسفه، وطاعته طاعته، ومعصيته معصيته؛ وعليه فإنّ الزيارة وإن كانت في ظاهرها هي عبارة عن التشرّف المكاني في حضرة الإمام الحسين(عليه السلام) إلّا أنّها في حقيقتها وواقعها هي تشرّف معنوي في حضيرة القدس الإلهي تقدّست أسماؤه.

النقطة الثانية: زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) هي مشاركة في واقعة كربلاء

نقرأ في الروايات الواردة عن أهل البيت(عليهم السلام) ـ في هذا الصدد ـ أنّ الإمام الصادق(عليه السلام) قال: «مَن زار قبر الحسين(عليه السلام) يوم عاشوراء كان كمَن تشحّط بدمه بين يديه»[25]. وورد عنه(عليه السلام) أيضاً قوله: «مَن زار قبر الحسين(عليه السلام) ليوم عاشوراء وبات عنده كان كمَن استشهد بين يديه»[26]. وورد في العوالي عنه(عليه السلام) كذلك: «مَن زاره [يعني الحسين(عليه السلام)] يوم عاشوراء حتّى يظلّ عنده باكياً حزيناً، كان كمَن استُشهد بين يديه، حتّى يشاركهم في منازلهم في الجنّة»[27].

إذاً؛ فزيارة قبر المولى أبي عبد الله(عليه السلام) هي بمثابة المشاركة في واقعة الطفّ ونيل درجة الشهادة مع المشاركين فيها، فالزيارة ليست مجرّد خطوات يقوم بها الزائر من أجل المثول بين يدي المزور، وتأدية جملة من الطقوس العبادية هناك. بل الزيارة بحسب مفهومها الروائي عبارة عن بصمة فعلية ذات تأثير واقعي في مسار النهضة الحسينية المباركة، وهذا واقع حال لا يمكن إنكاره؛ فإنّ توارد الشيعة والمحبِّين إلى قبره(عليه السلام) وبذلهم الغالي والنفيس من أجل ذلك هو أهمّ العوامل التي ساهمت في بقاء أثر هذه النهضة المعطاء إلى يومنا هذا؛ ومن هنا نجد أنّ الطغاة في كلّ زمان وبشتّى الوسائل سعوا إلى الحيلولة دون تحقّق هذا الأمر من خلال فرض الضرائب القاسية على الشيعة أو التهديد بقطع الأطراف، أو القتل، أو ممارسة المنع القسري، أو القيام بعمليات إرهابية في طريق عشّاق زيارة المولى(عليه السلام).وهذه الأفعال تنبئ عن إحساس هؤلاء الطغاة بأنّهم في معرض الخطر من استمرار هذه الزيارة، وما ذلك إلّا لكونها إحياءً واضحاً للنهضة التي قام بها(عليه السلام) هو ومَن معه ضدّ طاغية زمانه يزيد بن معاوية.

وعليه؛ فتعبير الرواية بكون الزائر كالمتشحّط بدمه والمستشهد في معركة الطفّ هو نتيجة التماهي الحاصل بين الدور الذي قام به أبو عبد الله(عليه السلام) وأتباعه في يوم عاشوراء والدور الذي يقوم به الزائر في الأزمنة التي تلت الواقعة الأليمة على عرصات كربلاء. وهذا الدور قد ركّزه أهل البيت(عليهم السلام) أنفسهم في أذهان الزائر، وذلك من خلال إدخاله في بعض النصوص التي يقرأها الزائر أثناء تشرّفه بزيارة الإمام الحسين(عليه السلام)، حيث نقرأ في هذا الجانب قول الزائر في زيارة عاشوراء: «إنِّي سلمٌ لـمَن سالمكم، وحربٌ لـمَن حاربكم، ووليٌ لـمَن والاكُم، وعدوٌ لـمَن عاداكم»[28]. فهذا إعلان واضح وصريح بأنَّ الزائر في حالة حرب مستمرّة ضدّ النهج الفاسد والظالم الذي سار عليه الطغاة الذين واجههم(عليه السلام) (سنة 61 للهجرة)، ففي أيّ وقت وُجد فيه هذا النهج نرى أنّ زوّاره(عليه السلام) مستعدّون لبذل الغالي والنفيس لصدّه والوقوف بوجهه. وهذا في الحقيقة ما لمسناه جلياً ـ في زماننا الحالي ـ بعد صدور الفتوى الخالدة للمرجعية العليا في النجف الأشرف المتمثلة بآية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف)، وذلك بعد تدنيس فلول داعش القذرة أرض المقدّسات في العراق، حيث وجدنا مسارعة الشباب الشيعي المؤمن الغيور الذي طالما تشرّف بزيارة مولاه الحسين(عليه السلام) للالتحاق بجبهات القتال وتأدية واجب الجهاد الكفائي المقدّس.



من مواضيع صدى المهدي » لماذا رحمة الله قريب وليس قريبة؟
» مصائد الشيطان وشباكه
» طريقة عمل اللازانيا باللحم وصوص البشاميل
» تأويلُ الدعاء الذي يُقرأ في التعقيبات وهو: "ما تردَّدتُ في شيءٍ أنا فاعلُه...
» كيف نفهم الكتاب ولا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم؟ وكيف هو آيات بيّنات؟
رد مع اقتباس
قديم 28-04-2023, 03:02 PM   رقم المشاركة : 4
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي

النقطة الثالثة: زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) محلاً لاهتمام الملائكة

جاء في روايات متعدّدة أنّه يوجد حول قبر المولى أبي عبد الله(عليه السلام) ملائكة يبكون على الإمام(عليه السلام)، وعلاوة على بكائهم فإنّهم موكّلون برعاية الزائر والاهتمام به من أوّل لحظة خروجه من منزله وحتّى عودته إليه سالماً، بل الأكثر من ذلك أنّه حتّى بعد الزيارة فإنّهم يعودونه في مرضه، ويكونون معه بعد موته، ومن هذه الروايات:

ما رواه هارون بن خارجة عن الإمام الصادق(عليه السلام): «وكّل الله بقبر الحسين(عليه السلام) أربعة آلاف ملك شعثاً غبراً يبكونه إلى يوم القيامة، فمَن زاره عارفاً بحقّه شيّعوه حتّى يبلغوه مأمنه، وإن مرض عادوه غدوة وعشية، وإن مات شهدوا جنازته، واستغفروا له إلى يوم القيامة»[29].

ومنها ما رواه أبو بصير عن الإمام الباقر(عليه السلام): «أربعة آلاف ملك شعث غُبر يبكون الحسين(عليه السلام) إلى يوم القيامة، فلا يأتيه أحد إلّا استقبلوه، ولا يرجع أحد من عنده إلّا شيّعوه، ولا يمرض أحد إلّا عادوه، ولا يموت أحد إلّا شهدوه»[30].

ومنها: ما رواه صفوان الجمّال عن الإمام الصادق(عليه السلام): «إنّ الرجل إذا خرج من منزله يريد زيارة الحسين شيّعه سبعمائة ملك من فوق رأسه ومن تحته، وعن يمينه وعن شماله، ومن بين يديه ومن خلفه، حتّى يبلغونه مأمنه، فإذا زار الحسين(عليه السلام) ناداه مناد: قد غفر الله لك فاستأنف العمل. ثمّ يرجعون معه مشيّعين له إلى منزله، فإذا صاروا إلى منزله قالوا: نستودعك الله. فلا يزالون يزورونه إلى يوم مماته، ثمّ يزورون قبر الحسين(عليه السلام) في كلّ يوم، وثواب ذلك للرجل»[31].

إنّ هذه الأفعال التي تقوم بها الملائكة مع الزائر من المؤكّد أنّها لم تأتِ من فراغ، فإنّ الزائر بعد أن حظي ـ جرّاء ما قام به كأثر طبيعي للزيارة ـ بالقرب المعنوي من الله(عز وجل)، وكذلك حصوله على شرف درجة المشاركة في واقعة الطفّ والشهادة بين يدي المولى أبي عبد الله(عليه السلام)، فمن غير المستغرب أن يحصل على هذا الشرف العظيم، فيكون مخدوم الملائكة علاوة على مشاركته إياهم في عبادتهم التي هي بكاؤهم على مصيبة الإمام(عليه السلام).

هذا، وإنّنا لو نظرنا إلى لسان بعض الروايات المتقدّمة كرواية صفوان الجمّال لوجدنا أنّ الزائر يكون محلاً لاهتمام الملائكة من لحظة خروجه من منزله وحتّى يعود إليه، وهذا يعني أنّ هذه الخدمة داخلة في مفهوم الزيارة؛ وعليه فلا يرد علينا إشكال بأنّ هذا الأمر هو نتيجة الفعل الذي قام به الزائر. نعم، بعض الأُمور التي وردت في هذه الروايات من قبيل عيادة الزائر في مرضه والمشاركة في تشييع جنازته والصلاة عليه وزيارته المستمرّة ونحو ذلك، هي نتيجة الشرف الذي حصل عليه الشخص بذهابه إلى قبر المولى أبي عبد الله الحسين(عليه السلام) واستمرار لأثره.

النقطة الرابعة: الزيارة وتدعيم العلاقة بين الزائر والشخصيات القيادية الروحية

من خلال مطالعتنا لبعض النصوص الواردة في الزيارات التي يقرأها الزائر عند تشرّفه وحضوره عند قبر المولى أبي عبد الله(عليه السلام) نجدها تجعل هذه الظاهرة بمثابة عقد ولاء بين الزائر والمزور، وتعهداً منه بانتهاج سبيله الذي سلكه في حياته؛ وعليه فلا تموت مبادؤه بوفاته أو تنمحي عن الذاكرة تعليماته وإرشاداته. إنّ الزيارة بناءً على هذه النصوص هي عبارة عن توثيق عرى الولاء للشخصيات القيادية والروحية؛ ولذا ترى أنّها تمثّل حالة روحية تضفي على الزائر شيئاً من الروحانية والولاء للمبادئ والقيم الإلهية.

ومن هذه النصوص ما جاء في زيارة وارث: «السلام عليك يابن أمير المؤمنين، عبدُك وابن عبدِك وابن أَمَتك، المقرّ بالرقّ، والتارك للخلاف عليكم»[32]. فإنّ هذا الإقرار دليل على عقد الولاء بين الزائر وبين أبي عبد الله(عليه السلام).

وأمّا التعهد بانتهاج سبيله(عليه السلام) فقد أبانه النصّ الوارد في الزيارة ذاتها: «وأُشهد الله وملائكته وأنبيائه ورسله أنّي بكم مؤمن وبإيابكم، موقن بشرايع ديني وخواتيم عملي، وقلبي لقلبكم سلم، وأمري لأمركم متّبِـع»[33].

هذا، وقد ورد كلا المعنيين في النصّ التالي من زيارة عاشوراء: «يا أبا عبد الله، إنّي أتقرّب إلى الله، وإلى رسوله، وإلى أمير المؤمنين، وإلى فاطمة، وإلى الحسن وإليك، بموالاتك وبالبراءة ممّن قاتلك ونصب لك الحرب، وبالبراءة ممّن أسّس أساس الظلم والجور عليكم، وأبرأ إلى الله وإلى رسوله ممّن أسّس أساس ذلك وبنى عليه بنيانه، وجرى في ظلمه وجوره عليكم وعلى أشياعكم... إنّي سلم لـمَن سالمكم، وحرب لمن حاربكم، ووليّ لـمَن والاكم، وعدو لـمَن عاداكم»[34].

ولشدّة عقد الولاء الذي يشعر به الزائر؛ نراه في نصّ واحد من نصوص زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) ـ حينما يطلب من الله تعالى بأن يرزقه الطلب بالثأر لـمِا وقع في كربلاء مع الإمام صاحب الزمان(عجل الله فرجه الشريف) ـ تارة يعبّر بـ (ثأرك) مخاطباً الإمام الحسين(عليه السلام)، وتارة أُخرى بـ(ثأري)، أي: إنّه ثأر الزائر نفسه[35].

إذاً؛ فزيارة المولى أبي عبد الله(عليه السلام) والتشرّف بالوقوف أمام ضريحه المقدّس، وهذا
الموقف المتضمّن لتلاوة هذه النصوص المباركة.. كل ذلك بعَقْد الولاء، ومعاهدة الإمام(عليه السلام) وعموم أهل البيت(عليهم السلام) بالمضي قدماً على نهجهم الذي خطوه لنجاة البشرية.

ثمّ إنّ هذا العقد لا يتوقّف على زمن حضور الأئمّة(عليهم السلام)، بل يسري حتّى في زمن غيبتهم؛ وذلك من خلال السير خلف الشخصيات القيادية الروحية التي سارت على خطى أهل البيت(عليهم السلام)، وأحيت بمواقفها الجهادية النهضة الحسينية المباركة، وممّا يشهد بهذه النتيجة هي قول الزائر في النصوص المتقدّمة بأنّه: «وليّ لـمَن والاكم»، والدليل قد لمسناه بأنفسنا في زماننا الحالي، فإنّ الشباب الذين هبّوا لمقاتلة أعداء الدين والإنسانية (داعش) في العراق كانوا من الذين يقطعون المسافات الطويلة من أجل الوصول إلى كربلاء المقدّسة في زيارة الأربعين، كما أنّ أكثرهم كان من الذين يتعاهدون الزيارة في أوقات متعدّدة من السَّنة أيضاً.

هذا، وإنّ النقاط الأربع المتقدّمة هي من الأُمور التي تضفي على المفهوم اللغوي والعرفي للزيارة بُعداً روحياً ومعنوياً يجعل الزائر ـ في حال وعيه ومعرفته لهذه الأُمور ـ عندما يتهيأ لزيارة المولى أبي عبد الله الحسين(عليه السلام) ألّا يكون في مقام انعطاف نحو مرقد المولى في كربلاء المقدّسة وحسب، وإنّما هو في مقام الحضور إلى محضرٍ لطالما سعى إليه الكثيرون مجهِدين أنفسهم بأنواع العبادات والرياضات للوصول إليه، وهو القرب الإلهي، وهل من مقام أرفع وأعظم من ذلك؟! كما أنّ الزيارة تهيئ للزائر فرصة لطالما كان يحلم بها ويتمنّاها وهي الكون مع الإمام(عليه السلام) وأصحابه في واقعة الطفّ الأليمة؛ وهذا الشوق هو ما تعكسه كلمات الخطباء دوماً حيث يقولون في مطلع حديثهم: يا ليتنا كنّا معكم فنفوز فوزاً عظيماً. في زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) تتهيّأ هذه الفرصة كما أسلفنا فيحصل الزائر على ثواب المشاركة في واقعة عاشوراء، وهو سليم البدن معافى في نفسه وفي أهله وماله.

أمّا الأمر الآخر الذي يتحقّق بالزيارة فهو البغية التي يتمنّاها أي واحد من المؤمنين بأن يكون في رعاية وكنف جهة فوقية متّصلة بالمولى(عز وجل) تحفظه في هذه الدنيا وتخفّف من آلامه حتّى نهاية حياته، فتوصله إلى ملحودة قبره آمناً مطمئناً.

وأخيراً، كلّ واحد منّا يحتاج إلى البصيرة بشأن مَن يمضي خلفه كقائد روحي ومعنوي يصل به إلى برّ الأمان في هذه الفترة القصيرة التي نعيشها. إنّ الزيارة توجد لنا هذه الحالة، وذلك من خلال ربطنا بالقيادة الروحية التي سعت جاهدة منذ رحلة النبي(صلى الله عليه واله) إلى وضع الأُمّة على الجادّة الصحيحة، باذلة في ذلك الغالي والنفيس، وهذه القيادة هي أهل البيت(عليهم السلام)، والنهضة الحسينية كانت أبرز مصداق للتضحية الكبيرة التي يمكن تقديمها من قبلهم(عليهم السلام) في سبيل إحياء الدين الإسلامي وإقامة العدل الإلهي بين الناس. إنّ الزيارة تقوي هذه الرابطة وتجعل الفرد الشيعي على معرفة تامّة بهذه القيادة، أضف إلى ذلك إنّنا نعيش في زمان الغيبة الكبرى وعدم حضور الإمام(عليه السلام) بشكل مباشر بين الناس؛ لذلك فلا بدّ من الوعي الكامل بالشخصية القيادية التي تنوب عنه(عليه السلام) وتتسلّم زمام الأُمور سواء، على مستوى الفتيا، أو على مستوى الحضور الفاعل في حال هدّد خطر ما الكيان الإسلامي، وهذا ما حصل بالفعل من خلال التفاف الشيعة حول مرجعياتها الرشيدة دوماً.

فيا لها من عظمة ورفعة ينالها الزائر الشيعي! قال الإمام الباقر(عليه السلام): «لو يعلم الناس ما في زيارة الحسين(عليه السلام) من الفضل لماتوا شوقاً، وتقطّعت أنفسهم عليه حسرات...»[36].

نستخلص ممّا تقدّم أنّ الروايات الشريفة في مقام تحديد معنى زيارة المولى أبي عبد الله الحسين(عليه السلام) وإن لم تخرج عن المفهوم اللغوي والعرفي لها، إلّا أنّها في الوقت نفسه منحته مجموعة أبعاد تجعله أكثر عمقاً، فالزيارة من جهة هي حضور إلى ساحة القرب الإلهي، ومن جهة أُخرى هي مشاركة الزائر في أحداث واقعة كربلاء، ومن جهة ثالثة هي الكون في كنف رعاية الملائكة واهتمامهم، ومن جهة رابعة هي عقد ولاء بين الزائر والمزور، وتعهّد منه بالسير على نهجه وهداه.

الجهة الثانية: آداب الزيارة

إنّ زيارة المولى أبي عبد الله(عليه السلام) مع ما توفّرت عليه من أبعاد ـ تمّ الحديث عنها سابقاً ـ فهي تحتوي أيضاً على مجموعة من الوظائف والآداب الشرعية التي تجعل زيارته ذات صبغة دينية، مضافاً إلى كونها تُهيّئ للزائر ـ لكي يعيش من أوّل لحظة من لحظات حركته صوب كربلاء ـ الجو الإيماني الذي يليق بمقام القرب الإلهي الذي يفتح أمام الزائر آفاقاً متعدّدة، سواء على مستوى المعرفة أو السلوك، وكذلك أبواباً إلى الرحمة والمغفرة والرزق ونحو ذلك.

يمكننا تقسيم الآداب التي ينبغي أن يتحلّى بها الزائر لقبر المولى أبي عبد الله(عليه السلام) إلى قسمين رئيسين:
​


من مواضيع صدى المهدي » لماذا رحمة الله قريب وليس قريبة؟
» مصائد الشيطان وشباكه
» طريقة عمل اللازانيا باللحم وصوص البشاميل
» تأويلُ الدعاء الذي يُقرأ في التعقيبات وهو: "ما تردَّدتُ في شيءٍ أنا فاعلُه...
» كيف نفهم الكتاب ولا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم؟ وكيف هو آيات بيّنات؟
رد مع اقتباس
قديم 28-04-2023, 03:03 PM   رقم المشاركة : 5
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي

القسم الأوّل: الآداب الظاهرية (الخارجية)

تندرج تحت هذا القسم الآداب التالية:

أوّلاً: الصيام

لقد ورد التأكيد على استحباب الصيام قبل زيارة المولى أبي عبد الله(عليه السلام) في عدّة روايات منها:

ما روي عن الإمام الصادق(عليه السلام) مخاطباً أبا بصير: «أفلا أُخبرك عن أبي عن جدّي علي بن الحسين(عليه السلام) كيف كان يصنع في ذلك؟ قال: قلت: بلى، جعلت فداك. قال: إذا أردت الخروج إلى أبي عبد الله(عليه السلام) فصّم قبل أن تخرج ثلاثة أيام: يوم الأربعاء ويوم الخميس ويوم الجمعة...»[37].

ومنها ما رُوي عن صفوان بن مهران الجمّال قال: «استأذنت الصادق(عليه السلام) لزيارة مولانا الحسين(عليه السلام)، فسألته أن يعرّفني ما أعمل عليه، فقال: يا صفوان، صم ثلاثة أيام قبل خروجك واغتسل في اليوم الثالث...»[38].

إنّ الحضور في مقام القرب الإلهي الذي يتماهى مع زيارة أبي عبد الله(عليه السلام)، يحتاج أن يكون الزائر مؤهّلاً لهذا المقام المعنوي الرفيع، وهذا التأهّل يكون من خلال تلبّسه بلباس العبودية لله(عز وجل) والتقوى منه، فإذا لم يكن كذلك، وبقي في وحل التمرّد والعصيان لمولاه، لم يطأ حضيرة القدس الإلهي، وكانت زيارته خالية من هذه الخصوصية الجليلة. وبما أنّ الصوم بنصّ القرآن الكريم هو من مناشىء تحقّق التقوى، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[39]؛ لذا نجد الحثّ في الروايات على هذه الشعيرة قبل التوجّه لزيارة المولى أبي عبد الله(عليه السلام)؛ لأنّها من المقدّمات الإعدادية لتحقّق الزيارة الحقيقية المشتملة على البُعد المتقدّم وكذا سائر الأبعاد الأُخرى.

ثانياً: الطهارة من الحدث والخَبَث

لقد وردت روايات متعدّدة في المقام تدلّ على ضرورة الإتيان بالغسل قبل زيارة المولى أبي عبد الله(عليه السلام)، نورد منها:

ما عن يونس بن عمّار عن الإمام الصادق(عليه السلام)، قال: «إذا كنتَ منه قريباً ـ يعني الحسين(عليه السلام) ـ فإن أصبت غسلاً فاغتسل وإلّا فتوضأ ثم آته»[40].

ومنها ما عن الحرث بن المغيرة عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: «إنّ لله ملائكة موكّلين بقبر الحسين(عليه السلام)، فإذا همّ الرجل بزيارته فاغتسل ناداه محمد(صلى الله عليه واله): يا وفد الله، أبشروا بمرافقتي في الجنّة. وناداه أمير المؤمنين(عليه السلام): أنا ضامن لقضاء حوائجكم، ودفع البلاء عنكم في الدنيا والآخرة...»[41].

ومنها ما عن أبي بصير عن الإمام الصادق(عليه السلام) أيضاً في رواية نقتصر منها على ذكر محلّ الشاهد: «... فإذا أردت المشي إليه فاغتسل، ولا تطيّب ولا تدهن ولا تكتحل حتّى تأتي القبر»[42].

ومن الجدير في المقام إلفات نظر القارئ إلى أنّه توجد روايات أُخرى متعدّدة قيّدت الغسل بكونه بماء الفرات ـ النهر الذي وقعت بجنبه واقعة الطفّ الأليمة ـ منها:

ما عن صفوان الجمّال عن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: «إذا اغتسل من ماء الفرات وهو يريده تساقطت عنه خطاياه كيوم ولدته أُمّه»[43].

ومنها ما عن الحسين بن سعيد عن الإمام جعفر بن محمد(عليه السلام)، قال: «مَن اغتسل في الفرات ثمّ مشى إلى قبر الحسين(عليه السلام) كان له بكلّ قدم يرفعها ويضعها حجّة متقبّلة بمناسكها»[44].

ومنها ما عن رفاعة بن موسى النحّاس عن الإمام الصادق(عليه السلام): «إنّ مَن خرج إلى قبر الحسين(عليه السلام) عارفاً بحقّه وبلغ الفرات واغتسل فيه وخرج من الماء كان كمثل الذي خرج من الذنوب، فإذا مشى إلى الحائر لم يرفع قدماً ولم يضع أُخرى إلّا كتب الله له عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات»[45].

إنّ الحديث عن تقييد الغسل للزيارة بكونه بخصوص ماء نهر الفرات يحتاج إلى بحث فقهي استدلالي يتمّ التطرق فيه ـ أوّلاً ـ إلى أسناد الروايات ومدى اعتبارها، ومن ثمّ يتمّ التطرّق فيه إلى الجمع الدلالي بينها. نعم، نحن في المقام يمكننا أن نخرج بنتيجة بدوية مفادها أنّ رفع الحدث قبل الزيارة من الأُمور المندوبة والراجحة، خصوصاً مع ملاحظة الرواية الصحيحة[46] المنقولة عن يونس بن عمّار التي ذكرت كفاية الوضوء مع عدم تمكّن الغسل؛ إذاً فالغرض والغاية من هذا التشريع المندوب هو إيجاد الطهارة الرافعة للحدث.

ومن الجدير بالذكر أن نلفت عناية القارئ الكريم إلى وجود روايات قد نفت ثبوت الغسل من قبيل:

ما رواه العيص بن القاسم البجلي قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): «مَن زار الحسين ابن علي(عليه السلام) عليه غسل؟ قال: فقال [(عليه السلام)]: لا»[47].

وما رواه أبو اليسع، قال: «سأل رجل أبا عبد الله(عليه السلام) ـ وأنا أسمع ـ عن الغسل إذا أتى قبر الحسين(عليه السلام).فقال [(عليه السلام)]: لا»[48].

وما عن الحسن بن عطية أبي ناب، قال: «سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن الغسل إذا أتيت قبر الحسين(عليه السلام).قال: ليس عليك غسل»[49].

وفي مقام علاج هذا التعارض بين هذه الأخبار وبين ما تقدّم أشار بعض العلماء إلى أنّ الروايات الأخيرة كانت في مقام نفي اللزوم والوجوب للغسل، فلا يستحقّ تاركه الذمّ والعقاب، وإنّما يحصل على الثواب الكثير لو تحقّق منه الغسل، فإنّه من الأفعال التي ندب لها الشرع ورغّب بالإتيان بها[50].

كما دلّت الروايات أيضاً على نظافة الثياب وضرورة أن يلبس الزائر أطهر ثيابه، حيث جاء في رواية طويلة رواها أبو حمزة الثمالي، قال فيها: قال الإمام الصادق(عليه السلام): «إذا أردت المسير إلى قبر الحسين(عليه السلام) فصم يوم الأربعاء والخميس والجمعة... واغتسل قبل خروجك... ثمّ البس أطهر ثيابك»[51].

ومنها ما ورد عن محمد بن مسلم في سؤالٍ له من الإمام الصادق(عليه السلام) عن الأُمور التي تلزم زائر الإمام الحسين(عليه السلام)، حيث قال الإمام(عليه السلام): «يلزمك حسن الصحابة لـمَن يصحبك، ويلزمك قلّة الكلام إلّا بخير، ويلزمك كثرة ذكر الله، ويلزمك نظافة الثياب، ويلزمك الغسل قبل أن تأتي الحائر...»[52].

ثالثاً: أن يكون الزائر أشعث أغبر

من الآداب الأُخرى التي ينبغي أن يأتي بها الزائر لقبر الإمام الحسين(عليه السلام) هي أن يكون أشعث[53] أغبر حزيناً كئيباً، وقد جاءت مجموعة روايات تنصّ على ذلك:

منها ما رواه بعض الأصحاب عن الإمام الصادق(عليه السلام): «إذا أردت زيارة الحسين(عليه السلام) فزره وأنت حزين مكروب، شعث مغبر، جائع عطشان، وسَلْه الحوائج وانصرف عنه، ولا تتخذه وطناً»[54].

ومنها ما عن المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام): «تزورون خير من أن لا تزورون، ولا تزورون خير من أن تزورون. قال: قلت: قطعت ظهري. قال: تالله، إنّ أحدكم ليذهب إلى قبر أبيه كئيباً حزيناً، وتأتونه أنتم بالسُّفر[55]، كلا حتّى تأتونه شُعثاً غُبراً»[56].

إنّ زيارة المولى أبي عبد الله(عليه السلام) التي تحقّق للزائر شرف المشاركة المعنوية في واقعة الطفّ الخالدة، ينبغي ألّا تكون خالية من السنخية بين حال المقاتلين في يوم عاشوراء وبين حال الزائرين في زماننا أو في أيّ زمان آخر، إنّ الإمام(عليه السلام) ومَن معه في تلك الواقعة لم يكونوا يعيشون في رفاهية مادية أو سعادة دنيوية، فهم من جهة كانوا يعانون من العطش والجوع، ومن جهة أُخرى كانوا في أشدّ الحزن والكرب بسبب عدم إدراك الأُمّة لما فيه منفعتها، وعدم حرصها على دينها الذي بذل الرسول الكريم(صلى الله عليه واله) كلّ ما في وسعه لترسيخ دعائمه، وعانى من أجل ذلك أشدّ المعاناة، مضافاً إلى ذلك فإنّ حزن أصحاب الإمام قد يكون منشؤه أيضاً هو عدم قدرتهم عن دفع الضرر عن مولاهم؛ وعليه فالزائر ينبغي له أن يتأسّى بهم وتنعكس عليه معاناتهم، لا أن يجعل من زيارته سفرة ترفيهية تقلّ فيها معاني التوجّه إلى الله واستشعار أجواء النهضة الحسينية؛ ومن هنا ورد النهي عن حمل أنواع الأطعمة اللذيذة في سفر الزيارة، حيث رُوي عن أبي عبد الله(عليه السلام) أنّه قال: «بلغني أنّ قوماً زاروا الحسين(عليه السلام) فحملوا معهم السُّفَر فيها الجداء[57]، والأخبصة[58]، وأشباهه، ولو زاروا قبور أحبائهم ما حملوا معهم هذا»[59].

إذاً؛ ينبغي للزائر أن يعيش حالة المواساة لما جرى على إمامه في حركته الإصلاحية من أجل إنقاذ الأُمّة من براثن الظلم والاضطهاد والفساد، فهو(عليه السلام) على الرغم من الأهداف السامية التي سعى إلى تحقيقها من وراء نهضته المباركة، نجد أن ردّة فعل الأُمّة كانت مخيِّبة للآمال، فبدل أن تقف معه وتشدّ على أزره من أجل استئصال الغدة السرطانية المتمثّلة بطاغية بني أُميّة يزيد بن معاوية، رأيناها قد خذلته، بل وحاربته وشاركت بسفك دمه والتنكيل به ومَن معه. فهذه الأوضاع ألا تستدعي من الزائر وهو يعيش أجواء هذه الواقعة الأليمة أن يكون حزيناً كئيباً غير راغب باللذيذ من الطعام والشراب، غير مهتم بحالة التجمّل الظاهري؟

نعم، لا يُفهم من هذا الكلام أنّ الزائر ينبغي أن تغلب عليه حالة الجوع من خلال ترك الأكل الذي تضعف معه العبادة والزيارة، فإنّ المطلوب هو استشعار حالة الجوع وأكل الأطعمة العادية التي لا يجد فيها الزائر اللذّة الكثيرة الشاغلة عن الذكر وحالة الخشوع؛ ولهذا ورد عن الإمام الصادق(عليه السلام) في جوابه عن سؤال لبعض أصحابه عن طبيعة الأكل الذي يتمّ تناوله في سفر الزيارة، قال(عليه السلام): «الخبز باللبن»[60].

كما أنّه لا يُفهم من ضرورة كون الزائر (أشعث أغبر) أنّه ينافي النظافة والاغتسال اللذين مرّ ذكرهما، فإنّ الأشعث صفة تُطلق عادة على الإنسان ويراد منها غير المصفّف الشعر، فإنّ العادة جرت على أنّ المصاب بأمر عظيم وخطير يكون مشغولاً أمور كهذه، وأمّا الأغبر فالمراد منه أنّ الزائر بعد إتيانه بالغسل عليه ألّا يزيل الغبار وهو في طريقه إلى ضريح المولى أبي عبد الله(عليه السلام)، حتّى يزوره وهو على تلك الحالة، فإنّ التلبس بهيئة السفر وظهور حالة التعب عليه يجعل حاله أكثر وقعاً وتأثيراً في كيفيّة أدائه للزيارة، وبالتالي تكون العناية به من قبل المضيِّف أكثر[61].

هذا، وتوجد آداب ظاهرية أُخرى كثيرة وردت في الروايات كرواية محمد بن مسلم المتقدّمة[62]، نقتصر في المقام على مجرّد سردها للقارئ العزيز، وهي:

حسن الصحبة.

كثرة ذكر الله وبالخصوص التكبير والتحميد والتهليل والتسبيح.

الصلاة على محمد وآل محمد.

غضّ البصر.

عيادة أهل الفقر والحاجة ومساعدتهم.

التقية.

الورع عن المحارم.

ترك الجدال والخصومة والقسم.

المشي إليه بوقار وسكينة.

التحلّي بالملابس الجديدة.

التكبير عند الدخول وعند الرأس الشريف.

صلاة ركعتين.

تعليق النعلين (أي عدم الانتعال عند الزيارة).
​


من مواضيع صدى المهدي » لماذا رحمة الله قريب وليس قريبة؟
» مصائد الشيطان وشباكه
» طريقة عمل اللازانيا باللحم وصوص البشاميل
» تأويلُ الدعاء الذي يُقرأ في التعقيبات وهو: "ما تردَّدتُ في شيءٍ أنا فاعلُه...
» كيف نفهم الكتاب ولا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم؟ وكيف هو آيات بيّنات؟
رد مع اقتباس
قديم 28-04-2023, 03:04 PM   رقم المشاركة : 6
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي

القسم الثاني: الآداب الباطنية (المعنوية)

أوّلاً: حضور القلب

إنّ زيارة المولى أبي عبد الله(عليه السلام) وكذا سائر المعصومين(عليهم السلام) بسبب كونها في مقام ربط الزائر بالله(عز وجل)، فهي إذاً بحاجة إلى حضور قلب وارتباط خالص بالإمام(عليه السلام) الذي هو خليفة الله تعالى في أرضه، فإنّ كلّ ارتباط به(عليه السلام) يعكس مدى العلاقة الحقيقية بين العبد وبين الله(عز وجل)؛ ومن هنا فإنّ حضور القلب المنشود في المقام يستدعي من الزائر أن يكون ذا وعي وتفكّر كاملين بأُمور ثلاثة:

الأوّل: التفكّر بعظمة صاحب القبر، وأنّه يسمع كلام الزائر ويردّ سلامه.

الثاني: التفكّر بلطفهم(عليهم السلام) وحبّهم لشيعتهم وزائريهم.

الثالث: التأمّل في فساد حال الزائر وجفائه لهم وتقصيره في مقام العمل بوظائفه الدينية والشرعية.

فإنّ هذه الأُمور متى ما حصلت للزائر فإنّه سوف ينشدّ عاطفياً نحو صاحب المرقد المقدّس، وتحصل لديه حالة الرقّة التي تتمظهر بالدموع والبكاء الشديد أحياناً، وهذا هو المراد من حضور القلب؛ قال صاحب الحدائق في معرض ذكره لآداب زيارة النبيّ وأهل بيته(عليهم السلام): «وثانيها الوقوف على بابه، والاستيذان والدعاء بالمأثور، فإن وجد خشوعاً وخضوعاً دخل، وإلّا فالأفضل له تحرّي زمان الرقّة؛ لأنّ الغرض الأهمّ حضور القلب لتلقّي الرحمة النازلة من الربّ»[63].

إنّ القلوب التي تكون خالية من التفكّر والتدبّر والتأمّل وقعت مورداً للذمّ في القرآن الكريم، كما في قوله تعالى: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا...)[64]. فقد ورد عن أبي الجارود عن أبي جعفر(عليه السلام) في تفسيره للمقطع المذكور من الآية: «طبع الله عليها فلا تعقل‏...»[65].

ثانياً: الخشوع والخضوع

من الآداب المهمّة التي لا تنفكّ عنها الأعمال التي يقوم بها العبد بداعٍ قربي ـ ومنها زيارة المولى أبي عبد الله(عليه السلام) ـ هي الخشوع والخضوع والإحساس بذلِّ العبودية لله(عز وجل) ولخلفائه الذين أوجب على الناس الارتباط بهم وإطاعة أوامرهم، فقد ورد في الروايات بخصوص زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) أنّ الزائر ينبغي له أن يحاكي في مشيه صوب المرقد الشريف مشي العبد الذليل[66]؛ وفي هذا الصدد قال الإمام الصادق(عليه السلام) في الرواية المروية عن أبي الصامت: «فإذا أتيت الفرات فاغتسل وعلّق نعليك وامشِ حافياً، وامشِ مشيَ العبد الذليل»[67].

وهذا الأدب فيه دلالة واضحة على عظم الفعل الذي يقوم به الزائر، ودوره المحوري في إبقاء هذا الصرح المتلألئ وضّاءً يُنير للآخرين دروبهم نحو علاقة مثلى بالله(عز وجل) وخلفائه وتشريعاته الدينية، هذا الدور الذي ينبغي أن يُحترز فيه عن الكبر والخيلاء والتبختر على سائر عباد الله وازدرائهم وتحقيرهم.

إنّ المثول في حضيرة القدس الإلهي أثناء تأدية الزيارة لا يتناسب مع ما ذُكر من صفات ذميمة. أضف إلى ذلك فإنّ الدور الذي تؤدّيه الزيارة في ربط الزائر بالشخصيات الروحية والقيادية مدعاة للمضي على سيرتهم وهديهم، وقد كان أئمّتنا(عليهم السلام) قمّة في الخشوع والخضوع والتواضع كما هو واضح لأبسط مطالعة في كتب السير؛ وعليه فلا بدّ للزائر وهو يقف بين أيدي أحدهم أن يكون غير مفارق لهذه الصفات الحميدة، بل لا يقتصر الأمر على فترة الزيارة، وإنّما ينبغي أن تكون هذه الصفات ملازمة له في جميع تصرّفاته، وهذا الأمر من المفترض أن يكون نتيجة لما حصل عليه من الرابطة القويّة بينه وبين تلك الشخصيات الفذّة في فترة الزيارة.

ثالثاً: الندم والتوبة

من الأُمور التي ذكرناها أثناء حديثنا عن حضور القلب في زيارة المولى أبي عبد الله(عليه السلام)، هي أنّ الزائر ينبغي له التأمّل في فساد حاله وجفائه لهم(عليهم السلام) وتقصيره في مقام العمل بوظائفه الدينية والشرعية. ولعمري، إنّ هذا الاعتراف هو لازم ضروري لجملة الخصائص والأبعاد التي حملها مفهوم الزيارة بحسب المنظور الشرعي المتقدّم، فإنّ مَن يكون في محضر القدس الإلهي، ونال شرف المشاركة المعنوية في واقعة الطفّ، وتشرّفت الملائكة بخدمته، ينبغي له أن يسعى إلى إصلاح أمره وجعل نفسه لائقة بهذه المنازل الرفيعة، وهذا لا يتأتّى إلّا من خلال التأمّل المذكور، فإنّه من خلاله ينفتح أمامه باب التوبة والندم على ما فات منه من ذنب وتقصير، هذه الفضيلة الأخلاقية التي مدحها الله وأثنى عليها في كتابه الحكيم، حيث قال(عز جل): (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى الله تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) [68]. وقال أيضاً: (وَتُوبُوا إِلَى الله جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[69]. وقال كذلك: (إِنَّ الله يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)[70].

كما وقعت هذه الفضيلة مورداً للمدح في الروايات، فقد ورد عن الرسول الأكرم(صلى الله عليه واله) أنّه قال: «التائب حبيب الله. والتائب من الذنب كمَن لا ذنب له»[71]. كما رُوي عن الإمام الباقر(عليه السلام): «إنّ الله أشدّ فرحاً بتوبة عبده من رجل أضلّ راحلته وزاده في ليلة ظلماء فوجدّها، فالله تعالى أشدّ فرحاً بتوبة عبده من ذلك الرجل براحلته حين وجدّها»[72].

هذا الأدب الذي ينبغي أن يتحلّى به الزائر ليقتطف ثمار زيارته، ويحقق الاستقامة المنشودة التي هي أحد الأهداف التي دعت الإمام(عليه السلام) إلى القيام بنهضته المباركة، حيث صرّح بذلك في وصيته التي كتبها لأخيه محمد بن الحنفية، والتي جاء فيها: «وأنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي، أُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدّي وأبي علي بن أبي طالب(عليهما السلام)»[73].

ومن هنا جاء في الروايات أنّ الزائر بعد الانتهاء من زيارته يأتيه النداء بأن يستأنف العمل فقد غُفر له، فقد روى الحسين بن ثوير بن أبي فاختة عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنّه قال: «...حتّى إذا أراد [الزائر] الانصراف أتاه ملك فقال: إنّ رسول الله(صلى الله عليه واله) يقرؤك السلام ويقول لك: استأنف العمل فقد غُفر لك ما مضى»[74].

نتائج البحث

تلخّص لنا ممّا تقدّم مجموعة نقاط، هي:

1ـ إنّ زيارة المولى أبي عبد الله(عليه السلام) هي مدرسة تربوية وظيفتها إعداد الزائر؛ لكي يكون تجسيداً حيّاً لما قام به(عليه السلام) من دور خالد كانت مهمّته المحافظة على الجهود التي بذلها الرسول الكريم(صلى الله عليه واله) ومَن جاء بعده من أهل بيته البررة(عليهم السلام) لإرساء دعائم الشريعة الإسلامية في المجتمع. فالنهضة الحسينية انطلقت في فترة حسّاسة صارت بها الدعوة الإسلامية على المحكّ، وكان من الضروري أن ينبري مَن يبذل الغالي والنفيس من أجل الإبقاء على هذه الدعوة وتقويم مسارها.

2ـ تنبغي المحافظة على الدين الإسلامي في كلّ زمان أو مكان؛ والسبب يعود في ذلك إلى كون تعاليمه تقف دوماً أمام طموحات الطغاة والمفسدين ورغباتهم في السيطرة على الناس واستعبادهم، فينبرون لمحاربته والإطاحة به؛ ومن هنا نجد التأكيدات الكثيرة الصادرة عن أهل البيت(عليهم السلام) على خلق وعي حسيني يستشعر مأساة المولى وما جرى عليه هو ومَن معه، ويقف دوماً في خطّ المواجهة للدفاع عن دين الله ونصرة المظلومين والمستضعفين.

3ـ إنّ هذا الوعي الحسيني يتجسّد على أرض الواقع بالبكاء عليه وإقامة مجالس الذكر والخروج بمسيرات تردّد شعارات هذه النهضة ومفاهيمها الثورية. ومن مظاهره المهمّة هي تعهد مرقد المولى(عليه السلام) بالزيارة في مواسم متعددة من السَّنة مضافاً إلى الزيارة المطلقة المستحبّة في جميع الأوقات.

4ـ إنّ المفهوم اللغوي للزيارة هو الميل نحو المزور والعدول عن غيره. أمّا المفهوم العرفي للزيارة بشكل عامّ فهو عبارة عن قصد المزور إكراماً وتعظيماً له واستيناساً به. وفيما يتعلّق بزيارة الإمام الحسين(عليه السلام) على وجه الخصوص، فهي تُعبّر عن حالة من الارتباط المعنوي بين الشيعي وبين إمامه، واستشعار ما عاناه صاحب القبر الشريف من المظلومية والمحن، وما حقّقه من نصر معنوي بعد ذلك؛ كما أنّها تُعدّ استلهاماً لحالة الرفض لكلّ حالات الفساد على جميع الأصعدة دينيةً كانت أو بشرية.

5ـ أمّا المفهوم الشرعي للزيارة فلم يبتعد عمّا تقدّم لغة وعرفاً. نعم، عند كون المتعلّق للزيارة هو القبور فقد أضاف القرآن لهذا المفهوم أخذ العِظة والعِبرة وتوجّه الإنسان إلى مآله في هذه الدنيا. أمّا على مستوى الروايات فقد أضافت إلى هذا المفهوم مجموعة أبعاد جعلته أكثر عمقاً في خصوص زيارة المولى أبي عبد الله(عليه السلام)، من قبيل كونها تُعدّ حضوراً في ساحة القرب الإلهي، ومشاركة فاعلة للزائر في أحداث واقعة كربلاء، وشموله برعاية الملائكة واهتمامهم، وأخي تعدّ عقد ولاء بينه وبين المزور، وتعهداً منه بالسير على نهجه وهداه.

6ـ إنّ الزيارة بما تضمّنته من أبعاد متقدّمة، ينبغي أن تكون مشفوعة بجملة آداب تجعل الزائر في كلّ خطوة يخطوها واضعاً قدمه على أُسس شرعية وتربوية. وهذه الآداب من قبيل: الصيام، الطهارة من الحدَث والخبَث، حزن الزائر وكونه أشعث أغبر، حضور القلب، الخشوع والخضوع، وغير ذلك.

والحمد لله ربّ العالمين.


{ د. الشيخ أسعد السلمان - باحث إسلامي وأُستاذ في جامعة المصطفى(صلى الله عليه واله) العالمية، من العراق. }
من مؤسسة وارث الانبياء للدراسات التخصصية ف النهضة الحسينية


من مواضيع صدى المهدي » لماذا رحمة الله قريب وليس قريبة؟
» مصائد الشيطان وشباكه
» طريقة عمل اللازانيا باللحم وصوص البشاميل
» تأويلُ الدعاء الذي يُقرأ في التعقيبات وهو: "ما تردَّدتُ في شيءٍ أنا فاعلُه...
» كيف نفهم الكتاب ولا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم؟ وكيف هو آيات بيّنات؟
رد مع اقتباس
قديم 28-04-2023, 03:05 PM   رقم المشاركة : 7
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي

المصادر والمراجع

* القرآن الكريم.
  1. أساس البلاغة، محمود بن عمر الخوارزمي الزمخشري (ت538هـ)، دار ومطابع الشعب، القاهرة، 1960م.
  2. الأمالي، محمد بن علي بن بابويه القمّي المعروف بالشيخ الصدوق (ت381هـ)، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية في مؤسّسة البعثة، نشر: مركز الطباعة والنشر في مؤسّسة البعثة، قم المقدّسة، الطبعة الأُولى، 1417هـ.
  3. أنوار التنزيل وأسرار التأويل، عبد الله بن عمر البيضاوي (ت685هـ)، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأُولى، 1418هـ.
  4. البرهان في تفسير القرآن، هاشم البحراني (ت1107هـ)، تحقيق: مؤسّسة البعثة ـ شعبة التحقيقات الإسلامية، مؤسّسة البعثة ـ قسم الدراسات الإسلامية، قم المقدّسة، الطبعة الأُولى، 1415هـ.
  5. تاج العروس من جواهر القاموس، محمد مرتضى الحسيني الزبيدي (ت1205هـ)، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 1414هـ/1994م.
  6. التبيان في تفسير القرآن، محمد بن الحسن الطوسي (ت460هـ)، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأُولى.
  7. التحرير والتنوير، محمد الطاهر بن عاشور (ت1394هـ)، مؤسّسة التاريخ العربي، بيروت، الأُولى، 1420هـ.
  8. التحقيق في كلمات القرآن الكريم، حسن المصطفوي، مؤسّسة الطباعة والنشر في وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، الطبعة الأُولى، 1417هـ.
  9. التفسير الكبير (مفاتيح الغيب)، محمد بن عمر الرازي المعروف بالفخر الرازي (ت606هـ)، نشر وإعداد: دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الثالثة، 1420هـ.
  10. تهذيب الأحكام، محمد بن الحسن الطوسي (ت460هـ)، حققه وعلّق عليه: السيّد حسن الموسوي الخرسان، دار الكتب الإسلامية، طهران ـ إيران، الطبعة الرابعة، 1365ش.
  11. ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، محمد بن علي بن بابويه القمّي المعروف بالشيخ الصدوق (ت381هـ)، منشورات الرضي، قم المقدّسة، الطبعة الثانية، 1368ش.
  12. الحدائق الناظرة، يوسف البحراني (ت1186هـ)، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين، قم المشرّفة، 1409هـ.
  13. الدروس الشرعية في فقه الإمامية، محمد بن مكّي العاملي (الشهيد الأوّل) (ت786هـ)، تحقيق ونشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين، قم المشرّفة، الطبعة الأُولى.
  14. روح المعاني في تفسير القرآن العظيم، محمود الآلوسي (ت1270هـ)، تحقيق: علي عبد الباري عطية، دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون، بيروت، الطبعة الأُولى، 1415هـ.
  15. روضة المتّقين في شرح مَن لا يحضره الفقيه، محمد تقي المجلسي المعروف بالمجلسي الأوّل (ت1070هـ)، علّق عليه وأشرف على طبعه: السيد حسين الموسوي والشيخ على پناه الاشتهاردي، بنياد فرهنگ إسلامي ـ حاج محمد حسين كوشانبور.
  16. الزيارة والتوسّل، صائب عبد الحميد، مركز الرسالة، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1421هـ.
  17. الشعائر الدينية بين الأصالة والتجديد، محمد السند، تحقيق: السيد رياض الموسوي، دار الغدير، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1424هـ/2003م.
  18. الصحاح، إسماعيل بن حمّاد الجوهري (ت393هـ)، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، دار العلم للملايين، بيروت ـ لبنان، الطبعة الرابعة، 1407هـ/1987م.
  19. الصدوق، محمد بن علي بن بابويه، مَن لا يحضره الفقيه، محمد بن علي بن بابويه القمّي المعروف بالشيخ الصدوق (ت381هـ)، صحّحه وعلّق عليه: علي أكبر الغفاري، منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية، قم المقدّسة.
  20. عجائب زيارة سيد الشهداء الإمام الحسين(عليه السلام)، حافظ الحدّاد، مركز أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، الطبعة الأُولى، 1428هـ/2007م.
  21. العوالم (الإمام الحسين(عليه السلام))، عبد الله البحراني (ت1130هـ)، تحقيق ونشر: مدرسة الإمام المهدي(عليه السلام)، قم المقدّسة، الطبعة الأُولى، 1407هـ/1365ش.
  22. عوالي اللآلئ، محمد بن علي الأحسائي المعروف بابن أبي جمهور (ت نحو 880هـ)، تحقيق: مجتبى العراقي، مطبعة سيد الشهداء(عليه السلام)، قم ـ إيران، الطبعة المحققة الأُولى، 1405هـ/1985م.
  23. العين، الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت175هـ)، الدكتور مهدي المخزومي والدكتور إبراهيم السامرائي، مؤسّسة دار الهجرة، قم ـ إيران، 1409هـ.
  24. الكافي، محمد بن يعقوب الكليني (ت329هـ)، صححه وعلّق عليه: علي أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلامية، طهران ـ إيران، الطبعة الرابعة، 1365ش.
  25. كامل الزيارات، جعفر بن محمد بن قولويه القمّي (ت368هـ)، تحقيق: الشيخ جواد القيومي، لجنة التحقيق، نشر: مؤسّسة نشر الفقاهة، قم المقدّسة، الطبعة الأُولى، 1417هـ.
  26. كتاب المزار، محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي المعروف بالشيخ المفيد (ت413هـ)، تحقيق: السيد محمد باقر الأبطحي، دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1414هـ/1993م.
  27. لسان العرب، محمد بن مكرم الإفريقي المصري المعروف بابن منظور (ت711هـ)، نشر أدب الحوزة، قم ـ إيران، 1405هـ/1363ش.
  28. مجمع البحرين، فخر الدين الطريحي (ت1085هـ)، تحقيق: السيد أحمد الحسيني، نشر مرتضوي، الطبعة الثانية، 1362ش.
  29. مجمع البيان في تفسير القرآن، الفضل بن الحسين الطبرسي (ت548هـ)، تحقيق: هاشم الرسولي، منشورات ناصر خسرو، طهران، الطبعة الثالثة، 1413هـ.
  30. المحجّة البيضاء في تهذيب الأحياء، محمد بن المرتضى المدعو بالمولى محسن الكاشاني (ت1091هـ)، صحّحه وعلّق عليه: علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية، قم المقدّسة، الطبعة الثانية.
  31. مختصر مفيد، جعفر مرتضى العاملي، المركز الإسلامي للدراسات، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1426هـ/2005م.
  32. المزار الكبير، محمد بن جعفر المشهدي (القرن السادس الهجري)، تحقيق: جواد القيومي، المطبعة: مؤسّسة النشر الإسلامي، قم المقدّسة، الطبعة الأُولى، 1419هـ.
  33. مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي (ت1320هـ)، مؤسّسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث، الطبعة الثانية، 1408هـ/1988م.
  34. مصباح المتهجّد، محمد بن الحسن الطوسي (ت460هـ)، مؤسّسة فقه الشيعة، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1411هـ/1991م.
  35. المصباح المنير، أحمد بن محمد الفيومي (ت770هـ)، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
  36. معالم التنزيل، الحسين بن مسعود البغوي (ت510هـ)، تحقيق: عبد الرزاق المهدي، بيروت، الطبعة الأُولى، 1420هـ.
  37. معجم لغة الفقهاء، محمد قلعجي، دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1408هـ/1988م.
  38. معجم مقاييس اللغة، أحمد بن فارس بن زكريا (ت395هـ)، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، نشر: مكتب الإعلام الإسلامي، 1404هـ.
  39. مفاتيح الجنان، عباس القمّي (ت1359هـ)، تعريب: السيد محمد رضا النوري النجفي، منشورات مكتبة العزيزي، قم المقدّسة، الطبعة الثالثة، 1385ش/2006م.
  40. الميزان في تفسير القرآن، محمد حسين الطباطبائي (ت1402هـ)، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، الطبعة الثانية، 1390هـ.
  41. نهج البلاغة، خطب الإمام علي(عليه السلام)، تحقيق: صبحي الصالح، الطبعة الأُولى، 1387هـ/1967م.
  42. وسائل الشيعة، محمد بن الحسن الحرّ العاملي (ت1104هـ)، تحقيق ونشر: مؤسّسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث، قم المشرّفة، الطبعة الثانية، 1414هـ.

[1] البحراني، عبد الله، العوالم (الإمام الحسين(عليه السلام):ص175.

[2] المصدر السابق: ص179.

[3] الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين: ج7، ص379.

[4] الجوهري، إسماعيل بن حمّاد، الصحاح: ج2، ص672ـ 674.

[5] ابن فارس، أحمد بن زكريا، معجم مقاييس اللغة: ج3، ص36.

[6] الطريحي، فخر الدين، مجمع البحرين: ج3، ص320. واُنظر: الفيومي، أحمد بن محمد، المصباح المنير: ج1، ص260. المصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم: ج4، ص364.

[7] قلعجي، محمد، معجم لغة الفقهاء: ص235.

[8] السند، محمد، الشعائر الدينية: ص66.

[9] صائب عبد الحميد، الزيارة والتوسّل: ص5.

[10] الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص177.

[11] النساء: آية59.

[12] الكهف: آية17.

[13] اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن: ج7، ص20. وأيضاً: الفخر الرازي، محمد بن عمر، التفسير الكبير: ج21، ص443. وأيضاً: الآلوسي، محمود، روح المعاني: ج8، ص211. وأيضاً: ابن عاشور، محمد الطاهر، التحرير والتنوير: ج15، ص34 . وأيضاً: الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن: ج13 ، ص255.

[14] التكاثر: آية1ـ 2.

[15] اُنظر: البغوي، الحسين بن مسعود، معالم التنزيل: ج5، ص298. وأيضاً: الطبرسي، الفضل ابن الحسن، مجمع البيان: ج10، ص812 . البيضاوي، عبد الله بن عمر، أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج5، ص334. وأيضاً: الآلوسي، محمود، روح المعاني: ج15، ص452. وأيضاً: الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن: ج20، ص351. وآخرون.

[16] اُنظر: الآلوسي، محمود، روح المعاني: ج15، ص452.

[17] البيضاوي، عبد الله بن عمر، أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج5، ص334.

[18] نهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح: ص338.

[19] الآلوسي، محمود، ورح المعاني: ج15، ص452.

[20] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص278.

[21] المصدر السابق: ص283.

[22] المصدر السابق: ص279. الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج6، ص46. المشهدي، محمد بن جعفر، المزار الكبير: ص325. النوري، حسين بن محمد تقي، مستدرك الوسائل: ج10، ص250.

[23] الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص182.

[24] للتعرّف أكثر على الإشكال المطروح في المقام والإجابة عنه اُنظر: العاملي، جعفر مرتضى، مختصر مفيد: ج13، ص134.

[25] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص324.

[26] المصدر السابق: ص323.

[27] الإحسائي، ابن أبي جمهور، عوالي اللآلئ: ج4، ص82.

[28] القمّي، عباس، مفاتيح الجنان: ص667.

[29] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص350.

[30] المصدر السابق.

[31] المصدر السابق: ص351.

[32] القمّي، عباس، مفاتيح الجنان: ص629.

[33] المصدر السابق: ص631.

[34] المصدر السابق: ص667.

[35] اُنظر: المصدر السابق: ص666 ـ667.

[36] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص270.

[37] الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج6، ص76. واُنظر: المجلسي، محمد تقي، روضة المتقين: ج5، ص379.

[38] الطوسي، محمد بن الحسن، مصباح المتهجّد: ص717.

[39] البقرة: آية183.

[40] الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج14، ص489.

[41] الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج6، ص53.

[42] المصدر السابق: ص76.

[43] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص248.

[44] الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج6، ص53.

[45] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص346.

[46] القول بصحّة هذه الرواية استندنا فيه إلى مباني السيد موسى الزنجاني. اُنظر: برنامج دراية النور (قرص ليزري).

[47] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص347.

[48] المصدر السابق.

[49] المصدر السابق: ص348.

[50] اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج6، ص53ـ 54.

[51] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص393ـ398.

[52] المصدر السابق: ص250ـ251.

[53] قال الزمخشري: «رجل أشعث وامرأة شعثاء، وبه شعث وهو انتشار الشعر وتغيره لقلّة التعهّد». الزمخشري، أساس البلاغة: ص493. وقال ابن منظور: «الشعث المغبرُّ الرأس، المنتف الشعر، الحافُّ الذي لم يدهن. والتشعّث؛ التفرّق والتنكّث، كما يتشعّث رأس المسواك». ابن منظور، محمد ابن مكرم، لسان العرب: ج2، ص160.

[54] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج4، ص587. واُنظر: الصدوق، محمد بن علي، ثواب الأعمال: ص88ـ89. وأيضاً: ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص252. وأيضاً: المفيد، محمد بن محمد، كتاب المزار: ص96ـ97.

[55] السُّفَر هنا جمع سفرة، أي: مائدة الطعام.

[56] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص250. المشهدي، محمد بن جعفر، المزار: ص369ـ370.

[57] الجدي هو: «الذَّكر من أولاد المعز، ويُجمع على: أجد وجداء». الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين: ج6، ص176.

[58] الخبيص هو: «المعمول من التمر والسمن، حلواء معروف يخبص بعضه في بعض». الزبيدي، محمد مرتضى، تاج العروس: ج9، ص265.

[59] المفيد، محمد بن محمد، كتاب المزار: ص97.

[60] الصدوق، محمد بن علي، مَن لا يحضره الفقيه: ج2، ص89.

[61] اُنظر: الحداد، حافظ، عجائب زيارة سيد الشهداء: ص143.

[62] اُنظر: ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص250ـ 251.

[63] البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج17، ص421.

[64] الأعراف: آية179.

[65] البحراني، هاشم، البرهان في تفسير القرآن: ج2، ص617.

[66] اُنظر: القمّي، عباس، مفاتيح الجنان: ص610. وأيضاً: العاملي (الشهيد الأوّل)، محمد بن مكّي، الدروس الشرعية في فقه الإمامية: ج2، ص23.

[67] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص255.

[68] التحريم: آية8.

[69] النور: آية31.

[70] البقرة: آية222.

[71] الفيض الكاشاني، المحجّة البيضاء في تهذيب الأحياء: ج7، ص7.

[72] المصدر السابق: ص8.

[73] البحراني، عبد الله، العوالم (الإمام الحسين(عليه السلام):ص179.

[74] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص253.


من مواضيع صدى المهدي » لماذا رحمة الله قريب وليس قريبة؟
» مصائد الشيطان وشباكه
» طريقة عمل اللازانيا باللحم وصوص البشاميل
» تأويلُ الدعاء الذي يُقرأ في التعقيبات وهو: "ما تردَّدتُ في شيءٍ أنا فاعلُه...
» كيف نفهم الكتاب ولا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم؟ وكيف هو آيات بيّنات؟
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
-عليه, والعرفي, المفهوم, الإمام, الحسين, السلام-..., الشرعي, دراسة, زيارة

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التجليات العقدية في زيارة الإمام الحسين -عليه السلام صدى المهدي منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه) 5 27-03-2023 10:02 AM
أعمال يوم عرفة وفضل زيارة الإمام الحسين عليه السلام سيد فاضل قسم الادعيه والزيارات والأذكار 2 09-07-2022 11:05 AM
الوضوء لغسل زيارة الإمام الحسين عليه السلام سيد فاضل منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه) 4 08-10-2020 11:44 PM
ثواب زيارة الإمام الحسين عليه السلام ** خـادم العبـاس ** منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه) 6 13-08-2011 08:44 PM
زيارة السيدة رقية بنت الإمام الحسين عليه السلام خادم الباقرع منتدى أهل البيت (عليهم السلام) 1 06-04-2009 08:56 PM



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات احباب الحسين