العودة   منتديات احباب الحسين عليه السلام > القسم الاسلامي > منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه)
منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه) الامام - الحسين - سيد الشهداء - أبو الأئمه - الشهيد - المظلوم - العطشان - أبا عبد الله - ابو السجاد - الغريب - ابو الاحرار - عليه السلام


عاشوراء وحقيقة الخلاص... مقاربة قرآنية نقدية لنظرية الفداء.

منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه)


إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-06-2022, 08:33 AM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي عاشوراء وحقيقة الخلاص... مقاربة قرآنية نقدية لنظرية الفداء.




{ الشيخ ثناء الدين الدهلكي - أستاذ في جامعة المصطفى(صلى الله عليه واله) العالمية، من العراق }


عند دراستنا لآيات القرآن الكريم، تنكشف أمامنا موضوعات قرآنية متعدّدة يمكن استخدامها في عملية نقد القراءة الميثولوجية لعاشوراء، وقد تقدّم في القسم الأوّل من هذه الدراسة الحديث عن القاعدة الأساسية للخلاص في القرآن الكريم، حيث تمّ بيانها في ضوء مسألتين أساسيتين، تكمن الأُولى في كون الخلاص هو حاصل الفعل الإنساني، وتتجلّى الثانية في نفي مقولة (تحمّل الذنب بالنيابة)، واستكمالاً لما مرّ بيانه في القاعدة الأساسية يدفعنا الحديث إلى الإجابة عن سؤالين يتّصلان بمحلّ البحث، وهما:

1ـ بعد أن ورد مصطلح الفداء بصيغتيه الاسمية والفعلية في عدة آيات قرآنية، يقع السؤال التالي: ما هي المعاني التي ينطوي عليها هذا المفهوم قرآنياً؟ وما هي السياقات التي برزت في ضوئها هذه المعاني؟

2ـ ما هي العوامل والسبل التي عرضها القرآن الكريم والتي يمكن سلوكها للوصول إلى السعادة الأُخروية والنعيم الأبدي؟

سنحاول ـ من خلال المطلبين التاليين ـ بسط الإجابة عن هذين السؤالين.

المطلب الأوّل: نفي الفداء في سياق التصوير القرآني ليوم الحساب

من المعلوم أنّ السؤال الأوّل قد سبق وأن تـمّت الإجابة عنه في الإطار المفاهيمي من القسم الأوّل، وقد ذكرنا في محلّه أنّ مصطلح الفداء قد ورد ذكره في القرآن الكريم بصيغتيه الاسمية والفعلية، وأُريد منه المعاني التالية: عوض الأسر، والكفّارة (بالاصطلاح الفقهي)، وبدل الخلع، والعوض عن ذبح إسماعيل(عليه السلام)، والبدل عن العقاب الأُخروي.

واستكمالاً لمعاني الفداء في القرآن سنحاول في هذا المطلب تسليط الضوء على المعنى الخامس، حيث وردت فيه آيات متعددة تتحدّث عن العقوبة الحتمية لطوائف من الناس، لتأكّد أن لا نجاة لها من العقاب حتّى وإن افتدت بأفضل ما تملكه أو تحبّه.

ومن أجل إيضاح الفكرة بشكل جلي، نعرض النصوص القرآنية التي ورد فيها فعل الفداء منفياً في سياق التصوير القرآني ليوم الحساب وذلك بلحاظ العناوين التي تحتَّم عليها العقاب الأُخروي:

1ـ عنوان الكفر

يقول تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ)[1].

ويمكن أن يقال في تقريب الآية: إنّ الكلام قد وقع على سبيل الفرض والكناية؛ بلحاظ أنّ الذهب باعتبارٍ مادّي يكون أعزّ شيء لدى الإنسان، فإذا ما وجد إليه الكافر سبيلاً وقدر على بذله وهو غاية في الكثرة لما تمكّن من تخليص نفسه من عذاب الله، ونتيجة ذلك أنّ العقاب محتوم عليه البتّة إلى حدّ حرمانه من النصرة والشفاعة أيضاً؛ ويؤيّده ما روي عن النبي(صلى الله عليه واله) قوله: «يُجاء بالكافر يوم القيامة فيُقال له: أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهباً أكنت مفتدياً به؟ فيقول: نعم. فيقال: لقد سئلت ما هو أيسر من ذلك»[2].

وزيادة على اشتمال هذه الآية على نفي الفداء فإنّها تنفي تحقّق النصرة لديهم، فلا فداء ولا شفاعة يمكن تصوّرها في ذلك المشهد العظيم على أن يكونا بدلاً عن التوبة أو المغفرة، «والبدل إنّما يكون من فائت يفوت الإنسان وقد فاتتهم التوبة في الدنيا ولا بدل لها يحلّ محلّها في الآخرة؛ ومن هنا يظهر أنّ قوله وماتوا وهم كفّار في معنى: وفاتتهم التوبة»[3].

وقريب من الآية السابقة آية أُخرى وردت في سياق بيان عاقبة الكافرين، وقد توفّرت على مصطلح الفداء بصيغته الفعلية، إذ تنفي تحقّق الفداء وعدم قبوله حتّى وإن كان ضعف ما في الأرض جميعاً، يقول تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[4].

2ـ عنوان النفاق

هناك آية كريمة أُخرى تصوّر لنا مشهداً آخر من مشاهد يوم القيامة وقد توفّرت على دلالات متعددة، كما برز فيها مصطلح الفدية في سياق النهي عن أخذها من المنافقين والكافرين، يقول تعالى: (فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)[5].

والمنافق هو مَن أسلم ظاهراً وأنكر الإسلام باطناً، ويُعرف ذلك من خلال أفعاله وسلوكياته، التي تتناقض وروح الإسلام وتعاليمه، يقول تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِالله وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ)[6].

ثمّ إنّ نفي أخذ الفدية من المنافقين في هذه الآية لا يعني تحقّق ذلك في غيرهم من الناس؛ والدليل عليه يتجلّى في القاعدة القرآنية الأساسية الحاكمة بأنّ النفس الإنسانية رهينة العمل والكسب، ولا مكانة للفداء في عالم الخلاص والنجاة، ولم يثبت الاستثناء إلّا في مورد الشفاعة كما سيتّضح ذلك لاحقاً.

3ـ عنوان الظلم

هناك آيتان جاء فيهما فعل الفداء ماضياً، وهي قريبة من الآيات السابقة، إذ تعكس حقيقة هول يوم القيامة وسوء ما يحلّ بالظالمين من العذاب الأليم؛ ما يدفعهم إلى تمنّي أن لو كان لهم ما في الأرض جميعاً لافتدوا به عوضاً عن ذلك العذاب، يقول تعالى: (وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِن سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُم مِّنَ الله مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ)[7]. ويقول تعالى: (وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الأَرْضِ لاَفْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّواْ النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ)[8].

وقد اختُلف في معنى الظلم في الآيتين، فذهب بعض إلى أنّه الكفر[9]، وفسّره بعض بأنّه الشرك، ومال آخرون إلى إرادة عموم الظلم[10]، ولعلّ منشأ ذلك العموم أنّ بعض الأفعال الإنسانية ـ من وجهة قرآنية ـ يمكن أن توصف بالظلم وذلك في ضوء العلاقات السلبية التالية:

1ـ علاقة الإنسان بخالقه، وأعظمها الكفر والشرك والنفاق، كما في قوله تعالى: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)[11].

2ـ علاقة الإنسان بنفسه، كقوله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ الله فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ)[12].

3ـ علاقة الإنسان مع الآخرين من أبناء جلدته، كقوله تعالى: (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ)[13].

ومن المعلوم فإنّ شمول هاتين الآيتين لهذه المعاني المتعدّدة يتحقّق فيما لو تلبّس الإنسان بمبدأ الظلم ولم يتبعه بتوبة واستغفار وأداء الحقوق، وأصرّ على ما ارتكبه من الإثم والعدوان حتّى أدركه الموت.

4ـ عنوان عدم الاستجابة

يقول تعالى: (...وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ)[14].

جاءت الاستعارة التخيلية مرّة أُخرى في هذه الآية الكريمة لتنبّه على شدّة هول يوم القيامة وحتمية العذاب الذي لا تنفع معه الوسائط المتعدّدة، مع تغيّر الوصف من الكفر والنفاق والظلم إلى عدم الاستجابة.

ومعنى عدم الاستجابة ينطوي على مظاهر متعددة منها: عدم استجابة الدعوة إلى الحقّ، وعدم الإقرار بالنبي والعمل بما دعا إليه[15]، وقد بيّن الله سبحانه في هذه الآية آثار الاعتقاد الباطل نتيجة عدم تحقّق الاستجابة.

5ـ عنوان الإجرام

يقـول تعالى: (...يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ * وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ * كَلَّا إِنَّهَا لَظَى... )[16].

في هذا المقطع من القرآن الكريم ورد أيضاً مصطلح الفداء بصيغته الفعلية من باب الافتعال، حيث يتمنّى المجرم ـ من شدّة ما يراه من العذاب ـ الافتداء بأعزّ الناس إليه وأكرمهم لديه، فيأتي الجواب بـ(كلا) ردعاً لما يتمنّاه من الافتداء بكلِّ هذه الأصناف.

والمجرم ـ كما عن تفسير الميزان[17] ـ مَن تلبّس بالإجرام، وهو أعمّ من الكافر، أو هو خصوص الكافر كما عن مقاتل[18] وآخرين، أو هو المشرك كما عن الثعلبي[19]، أو كلّ مَن أذنب ذنباً استحقّ به النار[20]، سواء تلبّس بمبدأ الكفر أم لم يتلبّس، ولعلّ هذا الأخير مأخوذ من المعنى اللُّغوي من كون الجرم هو الذنب[21]، وهذا المعنى قريب إلى ما ذكره صاحب (الميزان) من كون المجرم في الآية أعمّ من الكافر.

النتيجة

من خلال ما تقدّم يمكننا القول: إنّ عذاب يوم القيامة إنّما ينشأ جرّاء الأعمال القبيحة والأفكار الفاسدة، فيطرأ نتيجة ذلك تراكم الحجب والظلمات بين النفس الإنسانية ونور الرحمة الإلهية، وإذا ما تحقّق ذلك الانفصال فلا يفيد في رفعه وإصلاحه الفداء، فإنّ الفداء لا يتناسب ورفع الحجب عن النفس، ولا يؤثّر في إزالة آثار الظلم والطغيان والانحراف والعصيان.

المطلب الثاني: عوامل الخلاص في القرآن الكريم

في إطار الإجابة عن السؤال الثاني نؤكّد أنّ القرآن الكريم قد أولى أهمّية بالغة للخلاص الأُخروي، وأعطى صورة واضحة له لا تحتمل الإبهام والشكّ والتأويل، ولا تعكس ألواناً تحاكي الرؤية الميثولوجية في الخلاص، بل إنّ كلّ ما تعكسه من عوامل يُظهر أنّ الخلاص هو حاصل الفعل الإنساني بعد أن كانت الخطيئة فعلاً من أفعاله كذلك، ومنه يتجلّى عنصر الاختيار الذي أضحى مشكلة أساسية حال تفسير الفداء على أُسس عقلية ومنطقية.

والتحقيق يدلّنا على وجود عوامل متعددة للخلاص والغفران في القرآن الكريم، ولكن إمعان النظر يرشدنا إلى كون الكثير من هذه العوامل منضوية تحت لواء الفعل والعمل، حيث تحدّث القرآن الكريم عن وسائل من قبيل: التقوى[22]، إطاعة الرسول(صلى الله عليه واله) واتّباعه[23]، الجهاد والهجرة والإيذاء والقتل في سبيل الله[24]، اجتناب كبائر الذنوب[25]، الإقراض[26]، صدقة السرّ[27]، وغيرها.

ومنه يمسي الحديث عن الخلاص في القرآن الكريم يدور مدار الفعل الإنساني. نعم، هناك وسيلتان أُخريان تحدّث عنهما القرآن الكريم وقد تجلّت فيهما الرحمة الإلهية على العباد المنيبين، يتمثلان بالتوبة والشفاعة.

وعليه؛ يمكن تقسيم عوامل الخلاص في القرآن الكريم على ثلاثة أقسام رئيسة:

يتبع


من مواضيع صدى المهدي » طريقة عمل اللازانيا باللحم وصوص البشاميل
» تأويلُ الدعاء الذي يُقرأ في التعقيبات وهو: "ما تردَّدتُ في شيءٍ أنا فاعلُه...
» كيف نفهم الكتاب ولا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم؟ وكيف هو آيات بيّنات؟
» الإمامُ عليٌّ (عليه السلام): «جُمِعَ الخَيرُ كُلُّهُ في ثَلاثِ خِصالٍ
» من معالم الأقصى.. تعرف على مركز ترميم المخطوطات
رد مع اقتباس
قديم 04-06-2022, 08:35 AM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي

أوّلاً: العامل الأساسي(الإيمان والعمل الصالح)

قد مرّ في القاعدة الأساسية أنّ الخلاص هو حاصل الفعل الإنساني، وعند النظر في آيات قرآنية متعددة نستنتج أنّ الفعل الإنساني لا بدّ أن يتقوّم بعنصر نفساني هو عنصر الإيمان والتصديق، ومن ذلك يمسي عامل الخلاص الأساسي عاملاً مركّباً من عنصرين، هما: (الإيمان) و(العمل الصالح).

حقيقة الإيمان

يعدّ الإيمان بنظرة قرآنية مبدأ العمل الخلاصي للإنسان، وقد حفلت آيات قرآنية متعددة في إبراز العامل الإيماني ومكانته في مجموعة القضايا الدينية.

والإيمان في اللغة هو التصديق[28]، فالمؤمن بالله هو المصدّق به. وأمّا اصطلاحاً فقد اختلفوا في بيان ماهيته من كونها مجرّد معرفةٍ، أو تصديقٍ، أو أنّ حقيقته تتجاوز نطاق التصديق لتعمّ أفعال الجوارح أيضاً.

ولا نريد أن ندخل في أعماق البحث الكلامي وتعدد الآراء فيما يتّصل بحقيقة الإيمان والتدليل على ذلك، ولكننا نحاول أن نطرح على طاولة البحث المعنى الذي ينسجم بشكل عام مع مجمل الآيات القرآنية التي تتحدّث في سياق هذا الموضوع أو القريبة منه.

فأمّا بخصوص كون حقيقته هي المعرفة[29]، فإنّ هذا القول ـ كما لا يخفى ـ من قبيل تعريف الشيء بمقدماته ومبادئه، فالمعرفة هي بداية التصديق ولا يلزم بمجرّد تحقّقِها تحقُّقه، وعليه يمكن اجتماعها مع الكفر والجحود بصريح النص القرآني، يقول تعالى: (فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ)[30]، (وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)، (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا)[31]، فإذا كان الإيمان هو نفس
المعرفة لصحَّ اجتماعه مع الكفر، وهذا منفي بحكم وقوع التقابل بينهما، وما ورد في بعض الكتب اللّغوية من كون «الإيمان ضدّ الكفر»[32] يُرشد إلى هذا التفسير أيضاً، وقد ورد عن أمير المؤمنين علي(عليه السلام) ما يؤكِّد ذلك حين قال: «أوّل الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به»[33]، فالمعرفة هي نقطة الانطلاق، ولا يتحقّق في ساحتها الظفر ما لم يدخل العبد إلى فضاء التصديق، فإذا ما تمّ ذلك فإنّه يُنبئ بكمال معرفة العبد بخالقه تعالى.

وعلى أساس ذلك بنى أكثر المتكلّمين تعريفَهم لحقيقة الإيمان بأنّه التصديق، لكنّهم اختلفوا في تحديد نطاقه، هل هو التصديق القلبي، أو التصديق اللساني، أو هما معاً؟

وبشكل عام يمكننا القول: إنّ الشواهد القرآنية كفيلة بإثبات كون الإيمان حالة نفسانية ورسوخ قلبي[34]، فإنّ اقتران الإيمان بالقلوب في بعض الآيات يوحي إلى كونه أمراً قلبياً، كما في قوله تعالى: (إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ)[35]، (أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ)[36]، (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ)[37]، (الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ)[38]، ويؤكّد هذا المعنى أيضاً ما ورد في بعض النصوص الروائية من كون القلب هو مستودع الإيمان ومقرّه، فقد جاء في مسند أحمد مروياً عن رسول الله(صلى الله عليه واله) أنّ: «الإسلام علانية، والإيمان في القلب»[39]، وروى الشيخ الكليني مسنداً عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنّه قال: «إنّ الإيمان ما وقر في القلوب»[40].

وعلى هذا؛ ينتفي الرأي القاضي بأنّ الإيمان هو التصديق اللساني وحده وإن كان مجرّداً عن الاعتقاد القلبي، حيث يقول تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِالله وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ)[41]، وبهذا يمسي التصديق اللساني مجرّد طريقٍ كاشف إجمالاً عمّا يلج في باطن العبد وسريرته، ولا يُمثِّل لوحده حقيقةَ الإيمان، فإذا عُلم عدم المطابقة بين الإقرار اللساني والاعتقاد القلبي، فلا تصدق على المقرّ صفة الإيمان وإنّما تتحقّق فيه صفة النفاق؛ وعلى هذا الأساس ذكر الشريف المرتضى: «أنَّ الإيمان هو التصديق بالقلب، ولا اعتبار بما يجري على اللسان، فمَن كان عارفاً بالله تعالى وبكلّ ما أوجب معرفته، مقرّاً بذلك مصدِّقاً، فهو مؤمن»[42]. وقال ابن ميثم: «إنّ الإيمان عبارة عن التصديق القلبي بالله تعالى، وبما جاء به رسوله من قول أو فعل، والقول اللساني سبب ظهوره، وسائر الطاعات ثمرات مؤكّدة له»[43].

وبهذا التفسير يتّضح عدم مدخلية الأعمال في تقويم ماهيّة الإيمان، وإن كانت في حدّ ذاتها كماله وآثاره المؤكّدة له، وعَطْفُ العمل على الإيمان في كثير من الآيات يُرشد إلى وقوع التغاير بينهما، وأنّ العمل لا يُعدّ ركناً في تحقّق ماهيّته. على خلاف ما انساق إليه الخوارج والمعتزلة من كون العمل شرطاً في تحقّق ماهية الإيمان، وعليه حكم الخوارج بتكفير مرتكب الكبيرة ونفوا عنه صفة الإيمان، بينما وضع له المعتزلة منزلة بين المنزلتين، فلا هو مؤمن ولا هو بكافر.

التفريق بين ماهية الإيمان وكماله

لعلّ هناك مَن يورد نقضاً على ما تقدّم بوجود مجموعة من النصوص الدينية تدلّ على أنّ العمل يمثّل ركناً أساسياً في حقيقة الإيمان، ومن جملة ذلك ما روي عن رسول الله(صلى الله عليه واله) قوله: «إنّ الإيمان معرفة بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان»[44]، وروي مثله عن الإمام الرضا(عليه السلام) أنّ «الإيمان عقد بالقلب، ولفظ باللسان، وعمل بالجوارح، لا يكون الإيمان إلّا هكذا»[45].

وفي معرض الجواب عن ذلك نقول: إنّ الحديث في فضاء النصوص الروائية يقتضي عقد مقال مستقلّ يتمّ من خلاله جمع هذه النصوص ومن ثمّ تحليلها سنداً ودلالة مع التركيز على الفضاء الذي صدرت في ظلّه هذه النصوص عن المعصوم(عليه السلام)، والظروف الاجتماعية والفكرية التي كانت تخيّم على زمن الصدور. لكن خلاصة ما ينبغي بيانه في الجواب عن هذه الشبهة أن نقول:

1ـ قد تمّت الإشارة مسبقاً إلى وجود جملة من النصوص الدينية ترشد إلى كون الإيمان فعلاً من أفعال القلوب.

2ـ إنّ القراءات والمطالعات التاريخية ترشدنا إلى بروز بعض الحركات الفكرية المتحرّرة، ومن جملتها ما يعرف قديماً بالمرجئة، وهي جماعة تهدف إلى جعل الحياة الدينية عبارة عن معرفة مجرّدة عن العمل بالوظائف، وعدم اعتبار العمل عنصراً أساسياً في عملية الخلاص الأُخروي، مكتفية بعنصر التصديق فقط؛ ولأجل ذلك وقف أئمّة الهدى(عليهم السلام) بالضدّ من هذه العقيدة «التي لا تعبد الله على شيء»[46] كما صرّحت الأخبار بذلك؛ لما تمثّله من خطر على المجتمعات الإسلامية بحكم ما تسوّقه من نظريات بقوالب فكرية تحرّرية، الأمر الذي يمثّل بحدّ ذاته سقوطاً في مستنقع القوى الشهوانية التي لا تُنتج إلّا ظاهرة التحلل والانفلات الفكري والأخلاقي؛ ومن هذا المنطلق وردت أخبار متعدّدة بالرّد عليهم[47]، وتأكيد أهمّية البعد العملي في الحياة الاجتماعية.

وبنظرة فاحصة على مجمل ما ورد في النصوص الدينية فيما يتعلّق بحقيقة الإيمان، يمكن أن نضع سطحين لهذه المفردة:

أـ النصوص التي تحدّثت عن الإيمان بلحاظ مفهومه وماهيته، وهو التصديق الخاص، وكونه فعلاً من أفعال القلوب.

ب ـ النصوص التي تحدّثت عن الإيمان بلحاظ كماله وحقيقة كنهه، ذلك الإيمان الذي به يظهر واقع الاعتقاد، وحقيقة الإذعان، وهو التصديق الممتزج بالعمل، والذي يمثِّل القاعدة الأساسية للنجاة في النص الديني كما بيّنا سابقاً، والذي يمكن التعبير عنه بالإيمان الكمالي أو بكمال الإيمان. ومنه ما روي عن الأصبغ بن نباته أنّه سمع أمير المؤمنين(عليه السلام) يقول: «سألت رسول الله(صلى الله عليه واله) عن صفة المؤمن، فنكّس(صلى الله عليه واله) رأسه ثمّ رفعه، فقال: في المؤمنين عشرون خصلة، فمن لم تكن فيه لم يكمل إيمانه...»[48]، ثمّ عدّد(عليه السلام) تلك الخصال. ففي الحديث تصريح من قِبل الإمام(عليه السلام) بأنّ مَن لم تكن فيه هذه الخصال لم يكمُل إيمانه، ولم يقل: لم يكن مؤمناً.

وكما تقدّم سابقاً فإنّ النظرية القرآنية في الخلاص تقضي بأنّ الثواب والعقاب رهن عمل الإنسان وما يكسبه، فإنّ مجرّد المعرفة أو التصديق بحقيقة شيء لا يغني ما لم يحمل الإيمانُ العبدَ على تمثيل جانب الاعتقاد والتصديق على مسرح السلوك والعمل.

وعليه؛ فإنّ الطرح المتقدّم ـ من كون العمل ليس جزءاً في تحقّق ماهية الإيمان ـ لا يعدو كونه بحثاً عن ماهية الإيمان وأجزائه التي يتقوّم بها على مستوى المفهوم، ولا يعدّ ذلك بحثاً عن كمال حقيقته ومنزلته، فإنّ كمال ذلك لا يتأتّى إلّا بالعمل، وما عُدّ في القرآن الكريم كوسيلة للفوز والنجاة هو ذلك العامل المركّب منهما، ومنه نرى أنّ القرآن الكريم قد قرن في آيات متعددة الإيمان بالعمل الصالح.

ويؤكِّد ذلك ما روي عن أبي جعفر(عليه السلام) قوله: «الإيمان ما استقرّ في القلب، وأفضى به إلى الله(عز وجل)، وصدقُه العمل بالطاعة لله والتسليم لأمره»[49]، وفي هذا تدليل جلي على كون العمل مصدِّقاً ومبيّناً ومظهراً للإيمان وموجباً لكماله، وذلك بحكم كون التصديق القلبي متعذِّراً من جهة التشخيص؛ لأنّه أمرٌ باطنيٌّ، فجاءت النصوص الدينية مبرزة لما به امتياز المؤمنين بعضهم عن البعض الآخر من العلامات والآثار والتجلّيات.


من مواضيع صدى المهدي » طريقة عمل اللازانيا باللحم وصوص البشاميل
» تأويلُ الدعاء الذي يُقرأ في التعقيبات وهو: "ما تردَّدتُ في شيءٍ أنا فاعلُه...
» كيف نفهم الكتاب ولا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم؟ وكيف هو آيات بيّنات؟
» الإمامُ عليٌّ (عليه السلام): «جُمِعَ الخَيرُ كُلُّهُ في ثَلاثِ خِصالٍ
» من معالم الأقصى.. تعرف على مركز ترميم المخطوطات
رد مع اقتباس
قديم 04-06-2022, 08:37 AM   رقم المشاركة : 3
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي

وعليه؛ يمسي العمل عنصراً ينمِّي لدى العبد جانب الحركة التي يتجلّى فيها جانب الاختيار والإرادة، وذلك بما يمليه عليه اعتقاده بالله ورسله واليوم الآخر، فيسعى إلى ممارسة نشاطه في المجتمع على أساس ما يتمخّض من قضايا يُنتجها الوحي والعقل الفطري، يمكن أن تشكِّل بمجموعها دافعاً نحو أفعال الخير، ومعايير أساسية لتشخيص أعمال الإنسان على مستوى الصلاح أو الفساد.

ماهية العمل الصالح

لم يعرض القرآن الكريم تعريفاً صريحاً لمفهوم العمل الصالح، لكنّه برّز مصاديق وعناوين متعددة لذلك، وبكلمة موجزة يمكننا تعريف العمل الصالح بأنّه: كلّ عمل يدفع باتجاهه الوحي الإلهي أو يحسّنه العقل الفطري. كما لا يفرّق في ذلك بين ما كان من فعل القلب كالخشية والخوف والرجاء والحبّ، أو من فعل اللسان كإبداء النصح والذكر، أو من أفعال الجوارح كأنواع العبادات وغيرها. كما أنّ كلّ فعل خالف أحكام الوحي والعقل الفطري يمكن عدّه عملاً غير صالح.

وعندما نتحدّث عن العقل كمعيار لتشخيص العمل الصالح بمعية الوحي؛ فإنّ ذلك بلحاظ حجيته ذاتاً وإرشاد الوحي إليه في كثير من النصوص الدينية، وقد روي عن الإمام الكاظم(عليه السلام) قوله: «إنّ لله على الناس حجّتين: حجّة ظاهرة، وحجّة باطنة، فأمّا الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة(عليهم السلام)، وأمّا الباطنة فالعقول»[50]، وكذلك فلا يُكتفى في تشخيص مصاديق العمل الصالح بما يُدركه العقل فحسب من حُسن الأفعال وقبحها، كما يروّج له البعض؛ لأنّ العقل لا يُدرك الحُسن إلّا بالإدراك الكلّي، وأمّا الوحي فله القابلية أن يُحدّد العناصر الجزئية أيضاً طبقاً للمصالح أو المفاسد المعلومة لديه.

نعم، هناك ما يدلّ من الآيات القرآنية بأنّ العمل الصالح لا يقتصر صلاحه على حسنه الفعلي، بل لا بدّ أن يتحقّق فيه حسنٌ فاعليّ أيضاً، بمعنى أن يكون الفعل حسناً في ذاته وأن يؤتى به لوجه الله تعالى، ومن ذلك قوله تعالى: (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ الله لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا)[51]، (وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ)[52]، (وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ الله)[53]. ومنه يظهر أنّ الأفعال من قبيل الإطعام والصبر والإنفاق وغيرها إذا لم تكن لوجه الله، فلا تعدّ عملاً صالحاً بالنظرة القرآنية؛ وذلك لانتفاء حُسنها الفاعلي، وإن كانت عملاً حسناً في حدّ ذاتها.

عقيدة التبرير بالإيمان فقط

تقدّم في القسم الأوّل أنّ نظرية الفداء ـ في اللاهوت المسيحي ـ تعدّ تفسيراً أساسياً لعمل الله الخلاصي، وقد ذهب كثير من النصارى ـ وبخاصة البروتستانت ـ
أن لا حاجة إلى الالتزام العملي ما دام أنّ الخلاص قد تمّ بصلب المسيح، رافضين أيّ مدخلية للأعمال الصالحة في تحقّق الخلاص، مقتصرين على الإيمان وحده، فالتبرير عندهم هو «عمل النعمة الإلهية وحدها، وشرطه الوحيد هو الإيمان... وليس للمعمودية ولا للأعمال الصالحة أيّ دور في التبرير»[54].

وهي عقيدة شبيهة بما آمنت به المرجئة من عدم اعتبار العمل عنصراً أساسياً في عملية الخلاص الأُخروي ـ كما تمّ بيانه سابقاً ـ مكتفين بالتصديق فقط، وقد اتّضح أنّ هذه الرؤية تخالف تماماً الرؤية القرآنية القاضية بكون الإيمان والعمل الصالح هما جوهر العمل الخلاصي للإنسان.

وكردّة فعل على ما تمخّض من فهم لهذه النظرية، فقد قام المجمع المسكوني الكاثوليكي (1545ـ1563م) بإعطاء توضيح عن مدخلية الأعمال وأهمّيتها في موضوع الخلاص، إذ اعتبر «أنّ الإنسان يحتفظ بحالة التقديس وينمو فيها بطاعة الوصايا وبالأعمال الصالحة»[55]. ولكن المدرسة البروتستانتية لم تتفاعل مع العقيدة الكاثوليكية المتقدِّمة.

وعليه؛ يكون الاعتقاد بأنّ الخلاص إنّما يكون بالإيمان نصراً لبولس الطرسوسي، فها هو لوثر (1483ـ 1546م) ـ قائد حركة الإصلاح البروتستانتية ـ بعد خمسة عشر قرناً من الزمان يجعل بولس رسول الإصلاح الديني، ذلك الرجل الذي أحلّ الإيمان بالمسيح محلّ العمل الصالح، معتقِداً بأنّ الإنسان الذي سقط في الخطيئة ذو طبيعة فاسدة، وهو غير قادر على الرجوع إلى حياة الطهارة أو حتّى القيام بأعمال صالحة؛ لذا فإنّ الخلاص هو عطية إلهية مجّانية، فهو يعتمد فقط على كفّارة دم المسيح الفادي والإيمان بها.

ثمّ إنّ تعليم الخلاص بالإيمان لم يبدأ بالبروتستانت، بل سبقهم في ذلك منذ زمن بعيد (أوغسطينوس) عندما أنكر أيّة حرية تُذكر لإرادة الإنسان بعد السقوط، وهو في معرض ردِّه على (بلاجيوس) الذي آمن بحرية إرادة الإنسان وإمكان القيام بالأعمال الصالحة في نجاته وخلاصه من دون تدخّل النعمة[56].

ثانياً: العامل الاستدراكي(التوبة)

تتجلّى الرحمة الإلهية على العباد من خلال دعوتهم إلى الإنابة والتوبة قبل وقوع الحساب، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى الله تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ)[57]. وقد تجلّى هذا المعنى
في آيات متعددة في القرآن الكريم، فأيّما عبد قد صدر منه ذنب أو خطيئة فله أن يستدرك
ذلك بالتوبة والإنابة، وتدارك ما فاته من الإلزامات وتأدية الحقوق المتعلّقة بذمّته، على ألّا يعاود ارتكاب الخطيئة مرّة أُخرى.

والتوبة النصوح ـ كما ورد على لسان الأخبار ـ هي التوبة الصادقة التي ينوي من خلالها العبد الإقلاع عن الذنب وعدم العود إليه مرّة أُخرى[58].

وقد توافرت النصوص الدينية على ترسيخ هذا المفهوم في المجتمع الإسلامي كعامل من عوامل التكفير من خلال إبراز بعض الآثار الإيجابية المترتّبة عليه، فقد روي عن أبي جعفر(عليه السلام) قوله: «التائب من الذنب كمَن لا ذنب له، والمقيم على الذنب وهو مستغفر منه كالمستهزئ»[59]، بل قد ورد في النصّ القرآني أنّ التائب المنيب يبدِّل الله سيّئاته حسنات، يقول تعالى: (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ الله سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ)[60]، ومثله ما روي عن أبي عبد الله(عليه السلام) قوله: «أوحى الله إلى داوود النبي(عليه السلام): يا داوود، إنّ عبدي المؤمن إذا أذنب ذنباً ثمّ رجع وتاب من ذلك الذنب واستحيى منّي عند ذكره غفرتُ له، وأنسيته الحفظة، وأبدلته الحسنة، ولا أُبالي، وأنا أرحم الراحمين»[61].

وبالنظر إلى عموم النصوص الدينية ينجلي لنا أنّ حقيقة الاستغفار لا تقتصر على الرجوع اللساني فحسب ، بل إنّ للتوبة شروطاً ينبغي توفّرها لتحقّق الغفران، وهذه الشروط يمكن اختزالها في ثلاثة موارد:

1ـ الندم على ما ارتكبه العبد من ذنب.

2ـ العزم على عدم العودة.

3ـ تدارك ما فات من الفرائض وتأدية الحقوق.

ومن هذا المنطلق يصف أمير المؤمنين(عليه السلام) الاستغفار بأنّه درجة العلّيين، حيث يقول(عليه السلام): «الاستغفار درجة العليين، وهو اسم واقع على ستة معان: أوّلها الندم على ما مضى. والثاني العزم على ترك العود إليه أبداً. والثالث أن تؤدّي إلى المخلوقين حقوقهم حتّى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة. والرابع أن تعمد إلى كلّ فريضة عليك ضيّعتها فتؤدّي حقّها. والخامس أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتُذيبه بالأحزان حتّى تلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد. والسادس أن تُذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية فعند ذلك تقول: أستغفر الله»[62].

وكلّ ما ورد من النصوص الدينية في بيان حقيقة التوبة وأثرها ينافي القول: بأنّ الخطيئة إذا ما صدرت من الإنسان فهي ملاصقة له، ونتيجة ذلك تحقّق العقوبة البتّة، فعلى التقرير الشرعي المتقدّم يتّضح إبطال هذا الرأي الأخير وأنّ التوبة عامل من عوامل الغفران، ومع فرض أنّ الخطيئة لازمة غير منفكّة عن طبيعة الإنسان فلا يبقى موضوع للصفح والمغفرة بأيّ وجه من الوجوه حتّى على القول بنظرية الفداء، كما أنّ المرتكز عند العقلاء أنّ للمولى الحقّ في إلغاء أثر المخالفة عن العبد والعفو عنه إذا تحقّقت الشروط المستلزمة لذلك، وهذا على مستوى المولى العرفي، فكيف بالمولى الحقيقي وهو أرحم الراحمين.


من مواضيع صدى المهدي » طريقة عمل اللازانيا باللحم وصوص البشاميل
» تأويلُ الدعاء الذي يُقرأ في التعقيبات وهو: "ما تردَّدتُ في شيءٍ أنا فاعلُه...
» كيف نفهم الكتاب ولا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم؟ وكيف هو آيات بيّنات؟
» الإمامُ عليٌّ (عليه السلام): «جُمِعَ الخَيرُ كُلُّهُ في ثَلاثِ خِصالٍ
» من معالم الأقصى.. تعرف على مركز ترميم المخطوطات
رد مع اقتباس
قديم 04-06-2022, 08:38 AM   رقم المشاركة : 4
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي

ثالثاً: العامل التفضّلي (الشفاعة)

ونقصد به عامل الشفاعة التشريعية[63] بالمعنى الأخص، أي: الشفاعة يوم القيامة، فمن نِعَم الله على المؤمن، وإكراماً لأوليائه الصالحين أن جعل الشفاعة وسيلة من وسائل الخلاص يوم القيامة.

وقد جاء في كتب اللغة أنّ «الشفع ضمّ الشيء إلى مثله»[64]، «والشافع: الطالب لغيره، وتقول: استشفعت بفلان فتشفّع لي إليه فشفّعه فيّ. والاسم: الشفاعة. واسم الطالب: الشفيع»[65]. وقد ورد الشفع في كتب اللغة بمعنى الزوج أيضاً، ويقابله الوتر وهو الواحد المفرد[66].

ومن هذا المعنى انطلق بعض المفسّرين في تعريف الشفاعة اصطلاحاً بأنّها: انضمام الشفيع إلى الوسيلة الناقصة التي مع المستشفع، فيصير به زوجاً بعد ما كان فرداً؛ فيقوى على نيل ما يريده؛ وذلك لعدم قدرته على نيله وحده لنقص وسيلته وضعفها وقصورها[67]. وهذا النوع من الشفاعة يُستعمل عادة في الأُمور الاجتماعية التي تستتبع الثواب والعقاب من أجل اكتساب منفعة أو خير، ودفع ضرر وشرّ، وأمّا الأُمور الطبيعية والكونية فالتوسّل إليها يكون عن طريق أسبابها المناسبة لها في عالم الطبيعة.

وأصل الشفاعة ثابت بالنص والإجماع[68]، والاختلاف كلّ الاختلاف في بيان حقيقتها، فقد أنكرت الوعيدية ـ وهم المعتزلة والخوارج ـ كونَ الشفاعة تخليصاً للمذنب من العقاب، واقتصروا على كونها طلباً لزيادة المنافع للمؤمنين المستحقّين للثواب فحسب، ومنشأ ذلك الإنكار قولهم بخلود أهل المعاصي في النار إذا ماتوا بلا توبة. ويقابل هذا الرأي ما ذهبت إليه التفضّلية ـ وهم الأشاعرة والإمامية ـ من أنّ الله سبحانه يتفضّل على بعض عباده يوم القيامة ـ من غير استحقاق ـ بعدم المؤاخذة[69]؛ وذلك باعتبارات متعددة ستتضح في الأبحاث اللاحقة.

ومنه يتّضح أنّ الشفاعة ـ بمقاربة وعيدية ـ خارجة عن محلّ البحث من كونها وسيلة للنجاة، بينما هي كذلك بمقاربة تفضّلية.

تحليل آيات الشفاعة

جاء مصطلح الشفاعة بصيغتيه الاسمية والفعلية في آيات متعددة من القرآن الكريم، وعند تتبّعنا لهذه الآيات المباركة نراها تنقسم على خمسة أنحاء:

1ـ ما ينفي ـ بشكل عام ـ تأثير الوسائط والأسباب الدنيوية يوم القيامة، كقوله تعالى: (وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ)[70].

2ـ ما يحكم باختصاص الشفاعة بنحو الأصالة لله تعالى وحده من غير شريك، كقوله تعالى: (لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)[71].

3ـ ما تُثبت الشفاعة لغير الله تعالى ولكن بقيد الإذن والرضا الإلهي، كقوله تعالى: (يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا)[72].

4ـ ما تُثبت الشفاعة لغير الله(عز وجل) ولكن بقيد الارتضاء للمشفوع له، كقوله تعالى: (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ)[73].

5ـ ما ينفي تحقّق الشفاعة أو النصرة بحقّ طوائف من الناس، كالضالين والظالمين والمجرمين، من قبيل قوله تعالى: (مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ)[74].

ومن خلال التدقيق في آيات الشفاعة يمكننا القول: بأنّ الشفاعة ثابتة في الجملة، وهذا ما يؤمّن لنا إمكان جعلها وسيلةً قرآنية من وسائل الخلاص، وقد شاع في أُسلوب القرآن، أنّه «ينفي كلّ كمال عن غيره تعالى، ثمّ يُثبته لنفسه، ثمّ يُثبته لغيره بإذنه ومشيته، فتفيد أنّ الموجودات غيره تعالى لا تملك ما تملك من هذه الكمالات بنفسها واستقلالها، وإنما تملكها بتمليك الله لها إياها»[75]، فلا مؤثِّر في الوجود إلّا الله(عز وجل)، وما تتحلّى به هذه الموجودات من الكمالات لا تعدو كونها أسباباً ووسائط في طريق الفيض الإلهي، هندسها الله تبارك وتعالى وفق حكمته وعلمه، وليس ذلك على نحو الاستقلال في الملك والتأثير؛ ومن هنا يظهر «أنّ الآيات النافية للشفاعة، إن كانت ناظرة إلى يوم القيامة فإنّما تنفيها عن غيره تعالى بمعنى الاستقلال في الملك، والآيات المثبتة تثبتها لله سبحانه بنحو الأصالة، ولغيره تعالى بإذنه وتمليكه، فالشفاعة ثابتة لغيره تعالى بإذنه»[76].

وطريق الجمع بين ما ظاهره نفي الشفاعة وبين ما ظاهره ثبوتها يمكن أن يكون بحمل الأمر على اختلاف الأحوال يوم القيامة، كما ترسّخ آيات النفي ابتداءً القاعدة القرآنية الأساسية للخلاص ـ التي مرّ ذكرها في القسم الأوّل ـ من خلال نفي تأثير الوسائط والأسباب الدنيوية يوم القيامة.

شرائط الشفاعة

واستكمالاً للجمع بين آيات الشفاعة نستكشف من خلال مطالعتنا لتلك الآيات أنّ الاستجابة للشفيع لا تتحقّق بشكل مطلق ما لم تتوفّر بعض الشرائط التي تمكّن الشفيع من استحصال الموافقة لصالح المستشفع؛ وعليه تبقى هذه العملية خاضعة لمقدّمات تقتضيها الحكمة الإلهية ولا يمكن بمعزل عنها إعطاء رؤية دينية لهذا المفهوم الدقيق.

ويمكننا أن نستخلص هذه الشرائط بما يلي:

1ـ لا بدّ للشفيع أن يتحلّى بصفات يمكن من خلالها التقرّب بها إلى المولى لتحقيق الأثر، من قبيل: وجاهته، وكرامته، وعلو منزلته عند المولى، والتزامه المطلق بأوامره، وغيرها من الصفات المقرِّبة، وهذا ما يمكن استظهاره من بعض الآيات القرآنية، منها قوله تعالى: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) [77].

فإنّ الآية المباركة تبيِّن شرطيين أساسيين من شروط الشفاعة، أحدهما يتعلّق بالشفعاء من كونهم عباداً مكرمين عند ربّهم، لا يسبقونه بقول، ويعملون بأمره تعالى. والاعتبارالعقلي يقضي كون المصداق الأمثل لهؤلاء الشفعاء هم المعصومون(عليهم السلام). وأمّا الشرط الثاني فيرتبط بالمستشفعين الذين لا بدّ من كونهم مرضيين عند الله تعالى، ومن المعلوم فإنّ هناك من الصفات ما يمنع من الدخول في ساحة الارتضاء الإلهي كما تبيّنه النقطة اللاحقة.

2ـ لا بدّ من توفّر الصلاحية المناسبة في (المستشفِع) كي يستحقّ الخير أو دفع العقوبة، كأن يتوفّر فيه أمر يربطه بالمستشفَع عنده.

وتوضيح ذلك بمقاربة عرفية أنّ شفاعة الجاهل ـ الذي يريد أن يتسنّم منصباً علمياً ـ لا تتعقّل عرفاً لعدم تحقّق التناسب الذي يؤهّله لذلك، ولا المتمرّد على سيّده لعدم تحقّق العُلقة بينهما. وبشكل عام ـ لا بدّ من توفّر صفات في المستشفِع تستدعي إعمال جانب العفو والرفع من قِبل المستشفَع عنده، تلك الصفة التي عبّر عنها القرآن الكريم بصفة (الارتضاء)، أمّا مَن لم يكن مرضياً عند الله تعالى فخارج عن دائرة الشفاعة، وفي هذا السياق نجد الكثير من الآيات القرآنية التي تنفي تحقّق الشفاعة في عناوين متعددة منها: الظلم[78]، واتخاذ الدين لهواً ولعباً والاغترار بالحياة الدنيا[79]، والافتراء على الله الكذب[80]، والضلال[81]. وقد جاء في سورة المدّثر أيضاً جملة من الصفات المانعة من شمول الشفاعة، حيث يقول تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ * فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ)[82].

ومن هنا يمكن للشفيع أن يتشبّث ببعض الصفات التي يتحلّى بها هو، والتي يتحلّى بها المستشفِع، وكذلك التي يتّصف بها المستشفَع عنده من الرحمة والرأفة والصفح وغيرها؛ ليتحقّق أثر الوساطة بعد أن ثبت الحكم بحقّ العبد بتحقّق أسبابه الطبيعية؛ ومن هذا المنطلق لا يتأتّى للشفيع أن يتحدّث في سياق إبطال مولوية المولى وعبودية العبد، أو إبطال حكمه أو جزائه، فهذا خارج عن صلاحيته وقدرته؛ ومن هنا عبّر العلّامة الطباطبائي عن حقيقة الشفاعة بأنّها «التوسّط في إيصال نفع أو دفع شر بنحو الحكومة دون المضادّة»[83]، ويقصد بذلك: «أنّ الشفيع إنّما يُحكّم بعض العوامل المربوطة بالمورد، المؤثّرة في رفع العقاب، مثلاً من صفات المشفوع عنده أو نحوها، على العامل الآخر الذي هو سبب وجود الحكم وترتّب العقاب على مخالفته»[84]، فإخراج المذنب عن كونه مصداقاً لشمول العقاب بجعله مصداقاً لشمول الرحمة الإلهية، ليس هو من قبيل إبطال الأحكام بالمعارضة والغلبة في التأثير.

وممّا تقدّم يتجلّى لنا أنّ صدور الذنب من المؤمن ليس علّة تامّة لتحقّق العقاب والمؤاخذة، وإنّما هو مقتضٍ لذلك بعد ثبوت كون التوبة والشفاعة عاملين تُرتفع في ضوئهما المؤاخذة، فصحيح أنّ العدل الإلهي يدفع نحو معاقبة المذنب وإثابة المطيع، إلّا أنّ استحقاق العقوبة قد لا يصل إلى مرحلة الفعلية وذلك لتوفّر المانع عن العقوبة بتحقّق بعض عوامل النجاة.

وعليه؛ فلا يرد ما قيل: إنّ رفع العقوبة عن شخص وإثباتها على آخر خلاف عدله سبحانه وتعالى، فإنّ إخبار المولى بجواز رفع المؤاخذة بالتوبة أو الشفاعة من خلال التصوير القرآني لهما يُنبئ بأنّ العقوية ليست أثراً غير قابل للانفكاك عن الذنب على سبيل الإطلاق؛ وعليه فلا تعارض بين الوعيد الإلهي والشفاعة، بعد أن كان رفع العقوبة عن الإنسان المؤمن نوعاً من التفضّل الإلهي، ووفاءً لما قرّره سبحانه بحقّ عباده الذين ارتضى.


من مواضيع صدى المهدي » طريقة عمل اللازانيا باللحم وصوص البشاميل
» تأويلُ الدعاء الذي يُقرأ في التعقيبات وهو: "ما تردَّدتُ في شيءٍ أنا فاعلُه...
» كيف نفهم الكتاب ولا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم؟ وكيف هو آيات بيّنات؟
» الإمامُ عليٌّ (عليه السلام): «جُمِعَ الخَيرُ كُلُّهُ في ثَلاثِ خِصالٍ
» من معالم الأقصى.. تعرف على مركز ترميم المخطوطات
رد مع اقتباس
قديم 04-06-2022, 08:40 AM   رقم المشاركة : 5
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي

إشكالية الإغراء ومشاكلة الفداء

لسائل أن يسأل: إذا أمكن عدّ الشفاعة وسيلةً قرآنية للخلاص، فما هو وجه الاختلاف بينها وبين عقيدة الفداء، فكلتاهما يشملهما إشكال الإغراء المستلزم للتجرّي على مخالفة أحكام الله تعالى وعدم الانصياع إلى أوامره ونواهيه، وهو مناف للغرض الذي على أساسه تمّ تشريع تلك الأحكام؟

ويمكن الإجابة عن ذلك: بأنّ الوعد بالشفاعة في النصوص الدينية يمكن أن يساوق الإغراء في حال تمّ تحديد المذنبين بعينهم بشمولهم الشفاعة، أو تشخيص طائفة بعينها، أو جميع البشر بأنّهم لا يحاسبون على ما فعلوه من خطايا وذنوب، أو وقع التحديد على نوع من أنواع الذنوب بأنّها خارجة عن دائرة الحساب ومشمولة بالشفاعة، فإنّ ذلك يمكن عدّه إغراء في ارتكاب المعاصي، إلّا أنّ حقيقة المسألة خلاف ذلك، فلا يوجد شيء من هذا في ما وعدت به النصوص الدينية من مسألة الشفاعة، بل العكس من ذلك، حيث نقرأ العديد من النصوص المنقولة عن أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) تبرّز الصفات التي لا بدّ أن يتحلّى بها المؤمنون لكي ينالوا بذلك شفاعتهم يوم القيامة؛ الأمر الذي يتطلّب بحدّ ذاته السعي لنيل تلك الصفات في إطار طاعة الله تعالى وامتثال أوامره.

ومن هذا المنطلق يتجلّى أمامنا البحث في أنّ الشفاعة تتحدد على نطاق الأوصاف، سواء الأوصاف المتعلقة بالشفيع أم المتعلقة بالمستشفِع، ولا يستقيم إنكار ذلك التحديد بعد ثبوت القاعدة الأساسية بأنّ خلاص الإنسان مرتهن بعمله، وأجلى ما تمّ تقريره في هذا المجال قول الإمام الصادق(عليه السلام) في رسالة كتبها إلى أصحابه، وقد جاء فيها: «فاعملوا بطاعة الله، واجتنبوا معاصيه، واعلموا أنّه ليس يُغني عنكم من الله أحد من خلقه شيئاً، لا ملك مقرّب، ولا نبيّ مُرسل، ولا مَن دون ذلك، فمَن سرّه أن تنفعه شفاعة الشافعين عند الله فليطلب إلى الله أن يرضى عنه»[85]. وهذا كلام واضح يدفع نحو سلوك الطريق الذي يؤدّي بالعبد إلى مرتبة الارتضاء لكي ينال شفاعة الشافعين.

نعم، إنّ القول بالشفاعة على نحو مطلق هو الذي يدفع إلى الإغراء والتجرّي، وهو مرفوض على نطاق الوحي والعقل. وفي هذا السياق نجد الكثير من الآيات القرآنية تنفي تحقّق الشفاعة في عناوين مرّ ذكرها، وقد ورد أيضاً في النصوص الروائية جملة من الأوصاف النافية لتحقّق الشفاعة، من قبيل: الشرك بالله تعالى[86]، عدم الإخلاص لله[87]، الاستخفاف بالصلاة[88]، نصب العداء لأهل البيت(عليهم السلام)[89]، التكذيب بشفاعة الرسول(صلى الله عليه واله)[90].

وما ورد في الأثر من أنّ الشفاعة لأهل الكبائر من هذه الأُمّة، مع كون فعلها يعدّ ظلماً حسب الظاهر، حيث تشملهم الآية الكريمة: (مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ)[91]، فإنّ ذلك يفسّره ما روي عن الإمام الكاظم(عليه السلام) عن أمير المؤمنين(عليه السلام) أنّه قال: «سمعت رسول الله(صلى الله عليه واله) يقول: إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من أُمّتي، فأمّا المحسنون منهم فما عليهم من سبيل. قال ابن أبي عمير: فقلت له: يا بن رسول الله، فكيف تكون الشفاعة لأهل الكبائر والله تعالى ذكره يقول: (وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ)، ومَن يرتكب الكبائر لا يكون مرتضى؟ فقال: يا أبا أحمد، ما من مؤمن يرتكب ذنباً إلّا ساءه ذلك وندم عليه، وقد قال النبي(صلى الله عليه واله): كفى بالندم توبة. وقال(عليه السلام): مَن سرّته حسنته وساءته سيّئة فهو مؤمن. فمَن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ولم تجب له الشفاعة وكان ظالماً، والله تعالى ذكره يقول: (مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ)... وأمّا قول الله(عز وجل): (وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى)، فإنّهم لا يشفعون إلّا لـمَن ارتضى الله دينه، والدين الإقرار بالجزاء على الحسنات والسيئات، فمَن ارتضى الله دينه ندم على ما ارتكبه من الذنوب لمعرفته بعاقبته في القيامة»[92].

وعلى هذا الأساس؛ فإنّ فعل الكبائر يُعدّ ظلماً للنفس بحدّ ذاته، وإذا ما كان كذلك فلا تشمله الشفاعة بدلالة الآية المتقدّمة، إلّا أن يتحقّق فيه عامل الندم، فإنّ ذلك يُعدّ من صفات المؤمنين، ومَن لم يندم على ذنب يرتكبه فهو ظالم مشمول بالآية القرآنية المتقدّمة؛ ومنه يمكننا القول: إنّ العامل الاستدراكي يعدّ من مقدّمات الإذن الإلهي لإعمال الشفاعة، وهذا ما يمكن لنا تصوّره أيضاً في الممارسات الاجتماعية والعرفية بأنّ الشفاعة متوقّفة على ندم المخطئ واعترافه بخطئه والسعي إلى استدراك ما فاته من الالتزامات العرفية والواجبات الاجتماعية.

النتيجة

قد تمّ في هذه الدراسة التركيز على البعد العملي في عملية الخلاص، وقد تمّ تناول مباحث قرآنية متعددة تتصل بهذا المفهوم، لنصل إلى نتيجة مفادها أنّ النظرية الفدائية في النهضة الحسينية لا تنسجم تماماً مع الرؤية القرآنية في حقيقة الخلاص، وقد ورد في القسم الأول ـ من هذه الدراسة ـ مقاطع من كلام بعض العلماء ـ كالشيخ النراقي والشيخ الكاشاني والميرزا الطباطبائي والملا الإصفهاني ـ ينظِّرون فيها لمسألة الفداء، مؤكّدين في طيات كلماتهم مسألةَ التناسب الطردي بين الألم والخلاص، ذلك التناسب الذي قامت عليه نظريتهم في الغفران، حيث ذكر الشيخ النراقي ما ترجمته: «حتّى يعلم المحبّون وشيعة أهل البيت أنّه كلّما كان تألّمهم وحزنهم على مصيبة أهل بيت رسول الله(عليهم السلام) أكثر، وكان بكاؤهم والنياحة على محنتهم أكثر، كان اتحادهم مع سيّد الشهداء أوثق، ووصولهم إلى الشفاعة العظمى أقرب»[93]. وقد ورد أيضاً في كلام الميرزا الطباطبائي ما مضمونه: إنّ الإمام(عليه السلام) أراد أن يُقتل لكي يجزع عليه المؤمنون من الأوّلين والآخرين، ويبكوه وينحبوا عليه... حتّى يكون بكاؤهم وحزنهم كفّارة لذنوبهم، وهذا البكاء والحزن لا يتأتّى من دون شهادة إنسانٍ كالإمام الحسين(عليه السلام). وعليه؛ فإنّ شهادة ذلك الإنسان العظيم تُعدّ كفّارة لجميع المذنبين[94].

والذي ينبغي قوله: إنّ الحديث عن نظرية الفداء يحتّم علينا تسليط الضوء على مسألتين أساسيتين تمّ تداولهما في تصوير هذه النظرية، وهما: مسألة الاتحاد وحقيقة التشيّع.

1ـ مسألة الاتحاد

الذي ينبغي بيانه ـ استكمالاً لما تمّ استنتاجه ـ أنّ تصوّر الاتحاد بين نفسين ممّا لا محذور فيه بعد الحكم بكون ذلك الاتحاد اتحاداً معنوياً، ولا خلاف كذلك عند الإمامية في أنّ شفاعة المعصومين(عليهم السلام) لشيعتهم قد ورد بيانها في النصوص الروائية[95]، غير أنّ تحديد عوامل ذلك الاتحاد على نطاق البكاء والحزن على سيّد الشهداء(عليه السلام) وطرحها بأدبيات توحي إلى كونها علّة تامّة لتحقّقه، فإنّ ذلك لا ينسجم مع النصوص الدينية التي يمكن من خلالها الحديث عن القاعدة الأساسية التي تُهندس عملية ذلك الاتحاد، بحيث يمكن(عليه السلام) أن «يرفع الترسّبات وآثار السيئات عن جميع النفوس المتّحدة معه، أي: نفوس شيعته ومحبّيه، وأن يكون ذلك سبباً للوصول إلى الشفاعة الكبرى التي تقتضي استخلاص جميع المحبّين والموالين»[96]، كما ذكرالشيخ النراقي.

ومن جملة الأُصول القرآنية التي يمكننا عدّها كوسيلة أساسية لتحقّق جانب الاتحاد
هو أصل (الاستجابة) الذي مرّ ذكره سابقاً، وكيف أن تحقّقها يحمل آثاراً اجتماعية طيّبة، إذ يقول تعالى: (وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ * يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ * وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ)[97].

ويُفهم من آيات الاستجابة أنّ طريق الكمال والخلاص يتأطّر بالالتزام بما دعا إليه الأنبياء والرسل على نطاق الاعتقاد والعمل. ومن المعلوم أنّ دعوة النبي(صلى الله عليه واله) لم تنقطع برحيله عن عالم الدنيا، وأنّ وظيفة الاستجابة ممتددة بامتداد الإمامة الإلهية، وهذا ما أكّدته النصوص الدينية التي سيقت في بيان مقام الولاية والإمامة، ذلك المقام الذي تمثّل بأشخاص معيّنين حسب ما تعتقده مدرسة أهل البيت(عليهم السلام)، ومنه نقرأ في سيرة هؤلاء الأشخاص التركيز على تأصيل تلك الدعوة وإحلال التعاليم الوحيانية والقيم الأخلاقية التي جاء بها النبي(صلى الله عليه واله)، وذلك من خلال تفعيل آليات متعددة تتناغم والظروف التي يمرّ بها الواقع الحاكم في عصر كلّ إمام.

وفي ضوء ذلك انبرى سيّد الشهداء(عليه السلام) ليؤكّد أنّ نهضته بالضدّ من الممارسات الأُموية لا تتأطّر بحدود دنيوية مجرّدة، بل تتأطّر بحدود إصلاحية تحمل أبعاداً قيمية ودينية تهدف إلى تقويم انحراف السلطة وانعكاساته المدمّرة على واقع المجتمع الإسلامي، وذلك كلّه من خلال إحياء تلك الدعوة التي تحدّث عنها القرآن الكريم وتفعيلها على نطاق المجتمع والدولة، حين قال(عليه السلام): «إنّي لم أخرج بطراً، ولا أشراً، ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنّما خرجت أطلب الصلاح في أُمّة جدّي محمد، أُريد [أن] آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، [و] أسير بسيرة جدّي وسيرة أبي علي بن أبي طالب، فمَن قبلني بقبول الحقّ، فالله أوْلى بالحقّ، وهو أحكم الحاكمين»[98].


من مواضيع صدى المهدي » طريقة عمل اللازانيا باللحم وصوص البشاميل
» تأويلُ الدعاء الذي يُقرأ في التعقيبات وهو: "ما تردَّدتُ في شيءٍ أنا فاعلُه...
» كيف نفهم الكتاب ولا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم؟ وكيف هو آيات بيّنات؟
» الإمامُ عليٌّ (عليه السلام): «جُمِعَ الخَيرُ كُلُّهُ في ثَلاثِ خِصالٍ
» من معالم الأقصى.. تعرف على مركز ترميم المخطوطات
رد مع اقتباس
قديم 04-06-2022, 08:41 AM   رقم المشاركة : 6
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي

ومن هنا يتجلّى لنا البحث من كون العلاقة بين سيد الشهداء(عليه السلام) ومريديه لا تصحّ قراءتها إلّا في ضوء مفهوم الاستجابة والقاعدة الأساسية القرآنية لعملية الخلاص، فإنّ ذلك هو الذي يرسم صورة الاتحاد المتكاملة بين ولي الله وأتباعه من الشيعة والمحبّين.

وقد مرّ في القسم الأوّل من هذه الدراسة أنّ استحباب الحزن والبكاء والتألّم على سيّد الشهداء(عليه السلام) وأهل بيته، ممّا لا شكّ في ثبوته على لسان النصوص الروائية، فإنّ إقامة الشعائر الحسينية الثابتة شرعاً ومن جملتها الحزن والبكاء والزيارة وغيرها هي جزء من منظومة القضايا الدينية، وغير قابلة للانفكاك عنها في فضاء الفكر المدرسي الشيعي، وهي بدورها تومّن للمستشفع جانباً من جوانب مفهوم الاتحاد، إلّا أنّ ذلك لا يبرّر القول بنظرية الفداء ومقولة الألم الخلاصي في الإسلام، وذلك بلحاظ كون هذه الشعائر لا تقتصر حقيقتها والحكمة من تشريعها على مجرّد الألم بما هو كذلك، وإنّما تتعدّى حدود ذلك لتعبِّر عن حركة مستمرّة ونهضة دائمة يقودها مجتمع الحسين(عليه السلام) للتعبير عن تمسّكه بأدبيات النهضة الرافضة لكل مظاهر الظلم والفساد والانحراف عن المسار الذي رسمته التعاليم الإلهية.

وعلى هذا؛ فإنّ ما ذُكر من أحاديث عن أهل البيت(عليهم السلام) تؤكّد مرغوبية البكاء والحزن على سيّد الشهداء(عليه السلام) لا ينسف ما جاءنا عنهم من الأحكام الشرعية والمعايير الأخلاقية والأُسس العقدية، التي لا بدّ للمكلّف من الالتزام بها لينال بذلك سعادة الدنيا والآخرة، فالبكاء والحزن وإقامة الشعائر كلّها داخلة ضمن منظومة دينية متماسكة، لا ينفي بعضها البعض الآخر في طريق تكامل الإنسان وسموه وخلاصه الأبدي.

وعليه؛ يتّضح موقفنا ممّا أورده المحقّق النراقي من أنّ للإمام الحسين(عليه السلام) قابلية رفع الكدورات والسيئات عن نفوس شيعته المتحدّين معه بالحزن والبكاء عليه[99]. فإنّ المعادلة ـ حسب النص القرآني ـ تقتضي أنّ الاتحاد يتحقّق بالطاعة والاستجابة، وأمّا الحزن والألم فإنّهما يمثّلان جزءاً من ذلك الاتحاد الذي تكتمل صورته في ضوء العامل الأساسي، ألا وهو: الإيمان والعمل الصالح.

وبتقريب آخر: فبما أنّ المعصوم(عليه السلام) يعدّ مظهراً من مظاهر الجمال والجلال الإلهي، فكلّ ما يصدر منه هو الخير والكمال بعينه، وطريق الكمال لا يتأتّى إلّا من خلاله؛ وعليه فلا يتحقّق الاستخلاص إلّا بمشايعته واتّباع أثره، وبهذا المعنى يمكن تصوّر رفع الكدورات والسيئات وذلك بلحاظ ما يصدر عنه(عليه السلام) من حُسن وخير، شريطة أن يجري المكلّف في ضوء ذلك الحُسن ليتحقّق جانب الاتحاد. وهذا ما يصعب قراءته وتفسيره على شاكلة ميثولوجيا الفداء.

ومنه نقرأ موقفاً للرسول(صلى الله عليه واله) يشير من خلاله إلى حقيقة الاتحاد بين سيّد شباب أهل الجنّة وبين أتباعه وشيعته، ذلك الاتحاد الذي يتجلّى بشكل واضح في النصرة والاستجابة، حيث ينقل ابن أعثم: «خرج النبي(صلى الله عليه واله) في سفر له، فلمّا كان في بعض الطريق وقف فاسترجع ودمعت عيناه، فسئل عن ذلك، فقال: هذا جبريل يُخبرني عن أرض بشاطئ الفرات يقال لها: كربلا، يُقتل بها ولدي الحسين بن فاطمة. فقيل: مَن يقتله يا رسول الله؟ فقال: رجل يقال له: يزيد، لا بارك الله له في نفسه... ثمّ رجع النبي(صلى الله عليه واله) من سفره ذلك مغموماً، ثمّ صعد المنبر فخطب ووعظ والحسين بن علي بين يديه مع الحسن... فلمّا فرغ من خطبته وضع يده اليمنى على رأس الحسن واليسرى على رأس الحسين ثم رفع رأسه إلى السماء فقال: اللّهمّ، إنّي محمّد عبدك ونبيّك، وهذان أطايب عترتي وخيار ذرّيتي وأرومتي ومَن أخلفهم في أُمتي، اللّهمّ، وقد أخبرني جبريل بأنّ ولدي هذا مقتول مخذول، اللّهمّ، فبارك له في قتله، واجعله من سادات الشهداء، إنّك على كلّ شيء قدير، اللّهمّ، ولا تبارك في قاتله وخاذله... وضجّ الناس في المسجد بالبكاء، فقال النبي(صلى الله عليه واله): أتبكون ولا تنصرونه؟! اللّهمّ، فكن أنت له ولياً وناصراً»[100].

وتأكيداً لهذا المعيار ننقل تقريراً للسيّد روح الله الموسوي الخميني(قدس سره) نبّه من خلاله إلى مسألة تتّصل بشكل وثيق ببحثنا هذا عند بيانه لحقيقة الشفاعة والغفران، حيث نفى بشدّة ما يصوّره البعض عن السُّنن الإلهية وكأنّها أُمور اعتبارية، كما في مسألة استحقاق العبد للعقوية أو المثوبة، معتقدين بأنّ المولى إن شاء عاقب طبقاً لذلك الأمر الاعتباري، وإن شاء تركه لحاله، أو يأتي أحد فيطلب للعبد العفو فيُعفى عنه! حيث أكّد أنّ هذه القراءة للشفاعة هي نتيجة الفهم الخاطئ لبعض النصوص التي أخفق البعض في التثبّت من سندها وتحليل دلالتها، حيث جعلوا سيّد الشهداء(عليه السلام) شفيعاً للجميع، والمولى تبارك وتعالى بدوره يتنازل عن ذلك الأمر الاعتباري (استحقاق العقوبة) ويعفو عن الجميع... فإنّ الشفاعة التي نطق بها القرآن الكريم والسنّة الشريفة لا تعني هذا الشمول الواسع بحيث يتخيّل البعض أنّ الإنسان مهما ظلم وعصى فإنّ الشفاعة يمكن أن تشمله.

فإذا كانت الشفاعة من الشفع، وهو الزوج، فإذا ما تحقّقت وشفع ولي الله فهذا يعني أنّ نور الولاية يلحق بنور الشخص المؤمن المشفوع له، فيصبحان زوجين، فيجذبه نحوه، فإذا لم يكن لهذا العبد نور فكيف تتحقّق مزاوجة هذين النورين؟!

كما أنّ الشفاعة في القرآن قد تمّ تحديدها بإذن الله: (مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ)[101]، ولا يُعلم متى يأذن الله تبارك وتعالى في شفاعة أحد؟! ولعلّ ذلك الإذن يأتي بعد مئات السنين. نعم، إذا تمّ الإذن بذلك فهذا يعني أنّ نور العبد قد تحقّقت فيه قابلية المزاوجة مع نور الولاية، أمّا إذا كان نور العبد في ‏‏‏‏ظلمات بعضها فوق بعض،‏ وقد خيّمت عليه حجب الشرك الخفي والملكات المظلمة، فهل يمكن ـ في هذه الصورة ـ أن يتزاوج نور العبد مع نور ولي الله؟! إنّ هذا الإذن إذن إلهي، والإذن الإلهي ليس اعتبارياً كإذن بعضنا بعضاً، وإنّما هو إذن حقيقي، كما أنّ رحمته ومغفرته حقيقيتان، فإنّ استحقاق العقوبة في الآخرة لها حقيقة، والعقوبات من لوازم هوية الذات وملكاتها؛ وعليه لا ينبغي ـ في قبال السنن الإلهية ـ إغراء الإنسان بشفاعة لا يعرف معناها؛ وذلك لاحتمال عدم تحقّق الإذن الإلهي، أو يتحقّق بعد سنوات متمادية[102].

وتأكيداً لما مرّ نقرأ في سيرة أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) التركيز على مسألة في غاية الأهمّية وهي عدم السعي إلى منهجةِ حياة الفرد الدينية والاجتماعية على أساس الشفاعة، مع إلغاء العامل الأساس الذي مرّ بيانه سابقاً، فقد ورد عن أمغŒر المؤمنغŒن(عليه السلام) في حدغŒث مخاطباً أصحابه، وقد جاء فيه: «وارغبوا فيما عند الله(عز وجل)، واطلبوا طاعته، واصبروا عليها، فما أقبح بالمؤمن أن يدخل الجنّة وهو مهتوك الستر. لا تعنونا في الطلب والشفاعة لكم يوم القيامة فيما قدّمتم، لا تفضحوا أنفسكم عند عدوّكم في القيامة، ولا تكذّبوا أنفسكم عندهم في منزلتكم عند الله بالحقير من الدنيا، تمسّكوا بما أمركم الله به»[103].


من مواضيع صدى المهدي » طريقة عمل اللازانيا باللحم وصوص البشاميل
» تأويلُ الدعاء الذي يُقرأ في التعقيبات وهو: "ما تردَّدتُ في شيءٍ أنا فاعلُه...
» كيف نفهم الكتاب ولا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم؟ وكيف هو آيات بيّنات؟
» الإمامُ عليٌّ (عليه السلام): «جُمِعَ الخَيرُ كُلُّهُ في ثَلاثِ خِصالٍ
» من معالم الأقصى.. تعرف على مركز ترميم المخطوطات
رد مع اقتباس
قديم 04-06-2022, 08:43 AM   رقم المشاركة : 7
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي

ـ حقيقة التشيّع في كلمات أهل البيت(عليهم السلام)

ممّا لا شكّ فيه أنّ مفهوم التشيّع قد أخذ حيّزاً ملحوظاً في فضاء النصوص الروائية المنقولة عن أئمّة أهل البيت(عليهم السلام)، وأنّ للشيعة مكانة في قلوبهم(عليهم السلام)، وقد ورد في مدحهم الكثير من النصوص إلى حدٍّ نقرأ في زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) أنّ المعصوم(عليه السلام) يعلِّم زائرَ الحسين(عليه السلام) أن يدعو بأنّ يُلحقه الله بهم وبشيعتهم[104]. وقد وردت الأخبار الكثيرة الدالة على نجاة الشيعة وفلاحهم، ومن جملة ذلك ما ورد عن الرسول(صلى الله عليه واله): «شيعة علي هم الفائزون يوم القيامة»[105]. وقد نُقل عن رسول الله(صلى الله عليه واله) مخاطباً أمير المؤمنين(عليه السلام): «إنّ أوّل أربعة يدخلون الجنّة: أنا وأنت والحسن والحسين... وشيعتنا عن أيماننا وعن شمائلنا»[106].

والسؤال الذي ينيغي طرحه استكمالاً للأبحاث السابقة: هل يوجد هناك معيار وضعته النصوص الدينية لتحديد مفهوم التشيّع الخاص؟ وبعبارة أُخرى: ما هي الشواخص الحقيقية في كلمات أهل البيت(عليهم السلام) التي يمكن من خلالها الحديث عن جانب الاتحاد بينهم وبين محبِّيهم؟

من خلال مطالعة النصوص التي وردت عن أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) وتماشياً مع القاعدة الأساسية للخلاص في القرآن الكريم، وتعميقاً للفكرة التي طرحناها في حقيقة الاتحاد، فإنّ حقيقة التشيّع يتجلّى فيها عنصران: عنصر التصديق بإمامة أئمّة أهل البيت(عليهم السلام)، وعنصر المتابعة فيما ورد من أقوالهم وأفعالهم(عليهم السلام)، وقد ركّز أهل البيت(عليهم السلام) في بيان حقيقة التشيّع على جانب المتابعة والاستجابة، وعدم الوقوف على مرحلة التصديق والإيمان بولايتهم بعيداً عن العنصر العملي الذي يمثّل أثر ذلك التصديق وحقيقته وعلامة شاخصة في التدليل عليه، ومن جملة ما جاء في بيان هذا المعنى ما روي عن رسول الله(صلى الله عليه واله) قوله: «إنّ شيعتنا مَن شيّعنا، واتّبع آثارنا، واقتدى بأعمالنا»[107]، وروي عن الإمام الصادق(عليه السلام) قوله: «ليس من شيعتنا مَن وافقنا بلسانه وخالفنا في أعمالنا وآثارنا، ولكن شيعتنا مَن وافقنا بلسانه وقلبه، واتّبع آثارنا وعمل بأعمالنا، أولئك شيعتنا»[108]، وعنه(عليه السلام): «قوم يزعمون أنّي لهم إمام، والله ما أنا لهم بإمام، لعنهم الله، كلّما سترت ستراً هتكوه، هتك الله ستورهم، أقول: كذا، يقولون: إنّما يعني كذا، إنّما أنا إمام مَن أطاعني»[109].

وعند متابعتنا لنصوص أُخرى نقف على أنّ مصطلح التشيّع له معنى خاص تنضوي تحته مجموعة من الالتزامات الشرعية والمعايير القيمية التي سعى أهل البيت(عليهم السلام) إلى ترسيخها في المجتمع الإسلامي، والحثّ على مزاولتها وذلك في سياق بناء مجتمع فاضل ومتماسك، وما نهضة سيّد الشهداء(عليه السلام) إلّا مظهر من مظاهر ذلك المشروع المتسامي.

فقد روي عن أبي عبد الله(عليه السلام) أنّه قال: «نحن أصل كلّ خير، ومن فروعنا كلّ برّ، فمن البرّ: التوحيد، والصلاة، والصيام، وكظم الغيظ، والعفو عن المسيء، ورحمة الفقير، وتعهّد الجار، والإقرار بالفضل لأهله. وعدوّنا أصل كلّ شرّ، ومن فروعهم كلّ قبيح وفاحشة، فمنهم: الكذب، والبخل، والنميمة، والقطيعة، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم بغير حقّه، وتعدّي الحدود التي أمر الله، وركوب الفواحش ما ظهر منها وما بطن، والزنى، والسرقة، وكلّ ما وافق ذلك من القبيح، فكذِبَ مَن زعم أنّه معنا وهو متعلّق بفروع غيرنا»[110].

وروى الكليني بسنده عن مفضّل، قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام): «إيّاك والسفلة، فإنّما شيعة علي مَن عفَّ بطنه وفرجه، واشتدّ جهاده، وعمل لخالقه، ورجا ثوابه، وخاف عقابه، فإذا رأيت أولئك فأولئك شيعة جعفر»[111].

وروي عن الإمام الباقر(عليه السلام) قوله لجابر: «يا جابر، أيكتفي مَن ينتحل التشيع أن يقول بحبّنا أهل البيت، فوالله ما شيعتنا إلّا مَن اتقى الله وأطاعه»، ثمّ ذكر(عليه السلام) صفات متعددة يُعرف بها شيعة أهل البيت(عليهم السلام) وأتبعها بقوله: «يا جابر، لا تذهبنّ بك المذاهب، حسب الرجل أن يقول: أُحبّ علياً وأتولّاه. ثمّ لا يكون مع ذلك فعّالاً؟! فلو قال: إنّي أُحبّ رسول الله. فرسول الله(صلى الله عليه واله) خير من علي(عليه السلام) ثمّ لا يتبع سيرته ولا يعمل بسنّته، ما نفعه حبّه إيّاه شيئاً، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحد قرابة، أحبّ العباد إلى الله عزّ وجلّ [وأكرمهم عليه] أتقاهم وأعملهم بطاعته. يا جابر، والله ما يُتقرّب إلى الله تبارك وتعالى إلّا بالطاعة، وما معنا براءة من النار، ولا على الله لأحد من حجّة، مَن كان لله مطيعاً فهو لنا ولي، ومَن كان لله عاصياً فهو لنا عدوّ، وما تنال ولايتنا إلّا بالعمل والورع»[112].

خاتمة

في ختام هذه الدراسة من الضروري تأكيد جملة من الموضوعات:

1ـ إنّ الأساس الفكري لنظرية الفداء لا ينسجم تماماً مع الأحكام الدينية والمعايير العقلية، فلا علاقة منطقية تُذكر بين الشهادة والخلاص يمكننا أن نتصوّرها في عقيدة (الكفّارة)، فإذا كان الفداء تكفيراً عن الخطايا والذنوب وتغييراً لواقع الإنسان المذنب إلى واقع آخر خالٍ من الملاحقة، فإنّ ذلك التكفير المجّاني والشامل لا يحتاج معه إلى فداء على هذا التقدير؛ إذ يمكن للمولى إعماله من دون أن تكون في البين تضحيات من العيار الثقيل؛ وعليه تغدو هذه المسألة أسيرة عدم التفاعل الوجداني؛ لأنّ عملية الفداء هذه متعلّقها الفعل الإنساني، فكيف يمكن أن يتحمّل إنسان كلّ هذا العناء من أجل التكفير عن ذنوب الآخرين؟!

ومن هذا المنطلق، يُظهر لنا تاريخ الفلسفة الغربية أنّ الفلاسفة سعوا كثيراً إلى الاستفادة من العقل والمفاهيم الفلسفية في تبيين وتوضيح المفاهيم الدينية والدفاع عنها، إلّا أنّه ـ وباعتقاد كثير من الفلاسفة ـ أنّ هذه المساعي، فيما يتعلّق بمسائل من قبيل الفدية، قد باءت بالفشل[113].

2ـ قد بيّنا سابقاً في القسم الأوّل من هذه الدراسة أنّ القوانين الإلهية تمثّل طريقاً نحو استقامة النوع الإنساني والسير به نحو الكمال، فإنّ تشريع العقوبة بداعي مخالفة الإلزامات وفعل المحظورات لا يعني أنّ طريق العود إلى الله قد أُغلق بالمخالفة على نحو الإطلاق، فإنّ الرحمة الإلهية اقتضت جواز الرجوع والانضمام إلى دائرة الخلاص بواسطة عوامل أُخرى، كما في التوبة أو الشفاعة، ولا يمكننا الخروج عن دائرة النصوص الدينية والأحكام العقلية في إضافة وسائل أُخرى وتسويقها في مجال البحث وجعلها مصداقاً من مصاديق الرحمة الإلهية في الوقت الذي تتصادم فيه مع كثير من المبادئ والأُصول الدينية.

3ـ إنّ عقيدة الفداء تتصادم مع الترسانة الكبيرة التي يحويها الدين الإسلامي ـ كتاباً
وسنّة ـ من أحكام شرعية ومفاهيم عقدية ومعايير قيمية تنظّم حياة الإنسان على مستوى الفكر والسلوك، وقد حفلت سنّة الرسول(صلى الله عليه واله) وأهل بيته الأطهار(عليهم السلام) بالتبليغ من أجل إقامة أحكام الله وشريعته، وتوجيه الناس نحو السلوك الرفيع والتفكير القويم؛ وعليه فإنّ الإيمان بعقيدة الفداء يضعنا أمام مقاربة خطيرة في تفسير فلسفة التشريع وعلاقته بالخلاص، كما فعل بولس الطرسوسي؛ حيث ألغى أيّ تأثير للناموس وأبدل محلّه فكرة الفداء كعملية فريدة للخلاص مكتفياً بالإيمان فقط.

4ـ إنّ عقيدة الفداء ـ إذا ما وجدت ـ لا بدّ من عدّها أصلاً أساسياً وركناً مهمّاً في منظومة الأُصول والأحكام الدينية عند الشيعة الإمامية، وعليه فلا بدّ من توافر الدواعي لنقلها وتعريفها للمجتمع الإسلامي، «وكلّ شيء تتوفر الدواعي لنقله لا بدّ وأن يكون متواتراً»[114]، والفحص عن ذلك يرشدنا إلى أنّ هذه العقيدة لم تأخذ حيّزاً بين المسائل الكلامية كأصل من الأُصول كما أخذت بقية الأُصول والعقائد الأساسية، ولم يتعرّض لنقلها علماء الإسلام المتقدّمين، ولو كانت كذلك لذاع صيتها وتمّ تداولها وتدوينها كعقيدة أساسية، ولسار عليها المتشرّعة، مع أنّ الدواعي متوافرة على نقلها وعرضها كعقيدة دينية، فإنّ عقيدة من هذا الطراز تحمل جهات متعددة كافية لأن تكون محلاً لاهتمام المسلمين، وسبباً لانتشارها وظهورها بينهم، وعلى أقلّ تقدير في الوسط الشيعي منهم وبالخصوص أصحاب الأئمة(عليهم السلام)، فقد كانت القضية الحسينية تتداول على ألسنة العامّة والخاصة، ولها حضور واسع في عقول الناس وضمائرهم بصورة عامّة، وقد اهتمّ الأئمّة(عليهم السلام) ببيانها وذكر أحداثها في الجملة، فكيف غاب بيان تلك العقيدة مع شدّة خطرها وعظم أمرها؟! كما أنّ القطع بلزوم كون أُصول العقائد لا تثبت إلّا بالدليل القطعي دالّ على بطلان هذه النظرية وكذبها.

5ـ ممّا تقدّم يمكننا الحكم بأنّ نهضة الإمام الحسين(عليه السلام) لا تعدّ بذلاً من أجل التكفير، وإنّما هي بذل من أجل استرجاع القيم والمبادئ، فهي بذل لمشروع خلاصي بنسخة إسلامية أصيلة يحمل لواءه الإنسان بكامل إرادته متسلحّاً بسلاح الإيمان والعمل الصالح، وليست بنسخة أُسطورية رسمتها ميثولوجيات العقل الوثني القديم.

ومن هذا المنطلق؛ فإنّ هذه النهضة تضع المجتمع الإسلامي أمام مسؤولية كبيرة لأداء تلك الأمانة التي ضحّى من أجلها سيّد الشهداء(عليه السلام) بكلِّ ما يملك مردّداً: «اللّهمّ إنّك تعلم أنّه لم يكن ما كان منّا تنافساً في سلطان، ولا التماساً من فضول الحطام، ولكن لنري المعالم من دينك، ونُظهر الإصلاح في بلادك، ويأمن المظلومون من عبادك، ويُعمل بفرائضك وسننك وأحكامك، فإن لم تنصرونا وتنصفونا قوي الظلمة عليكم، وعملوا في إطفاء نور نبيِّكم، وحسبنا الله، وعليه توكّلنا، وإليه أنبنا، وإليه المصير»[115].


من مواضيع صدى المهدي » طريقة عمل اللازانيا باللحم وصوص البشاميل
» تأويلُ الدعاء الذي يُقرأ في التعقيبات وهو: "ما تردَّدتُ في شيءٍ أنا فاعلُه...
» كيف نفهم الكتاب ولا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم؟ وكيف هو آيات بيّنات؟
» الإمامُ عليٌّ (عليه السلام): «جُمِعَ الخَيرُ كُلُّهُ في ثَلاثِ خِصالٍ
» من معالم الأقصى.. تعرف على مركز ترميم المخطوطات
رد مع اقتباس
قديم 04-06-2022, 08:44 AM   رقم المشاركة : 8
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي

المصادروالمراجع

* القرآن الكريم.
  1. اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي)، محمد بن الحسن الطوسي (ت460هـ)، تصحيح وتعليق: المعلّم الثالث مير داماد الاسترآبادي، تحقيق: السيّد مهدى الرجائي، مؤسسة آل البيت(عليهم السلام)، 1404هـ.
  2. أسرار شهادة آل الله (صلوات الله عليهم)، محمد باقر الشريف طباطبائي، الناشر: بينا، مشهد، الطبعة الثانية، 1403هـ.
  3. الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يُعمل مرّة في السَّنة، علي بن موسى بن جعفر بن طاووس (ت664هـ)، تحقيق: جواد القيومي الإصفهاني، الطبعة الأُولى، 1416هـ.
  4. الأمالي، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (ت381هـ)، مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة، قم، الطبعة الأُولى، 1417هـ.
  5. البيان في تفسيرالقرآن، أبو القاسم الموسوي الخوئي (ت1413هـ)، دار الزهراء للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، الطبعة الرابعة، 1395هـ/1975م.
  6. تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلّها من الأماثل، علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله الشافعي (ت571هـ)، تحقيق ومراجعة: محبّ الدين أبي سعيد عمر بن غرامة العمري، دار الفكر، لبنان ـ بيروت، 1995م.
  7. التبيان في تفسير القرآن، محمد بن الحسن الطوسي (ت460هـ)، تحقيق وتصحيح: أحمد حبيب قصير العاملي، مكتب الإعلام الإسلامي، الطبعة الأُولى، 1409هـ.
  8. تحف العقول عن آل الرسول(صلى الله عليه واله)، الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني (من أعلام القرن الرابع الهجري)، عنى بتصحيحه والتعليق عليه: علي أكبر الغفاري، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة ـ إيران، الطبعة الثانية، 1363ش/1404هـ.
  9. تفسير القمّي، علي بن إبراهيم القمّي (ت نحو329هـ)، منشورات مكتبة الهدى، صحّحه وعلّق عليه وقدّم له: السيّد طيّب الموسوي الجزائري، مطبعة النجف، 1387هـ.
  10. التفسير الكبير، فخر الدين محمد بن عمر الرازي (ت606هـ)، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1401هـ/1981م.
  11. التفسير المنسوب إلى الإمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري(عليه السلام)، التحقيق والنشر في مدرسة الإمام المهدي(عجل الله فرجه الشريف)، قم المقدّسة، الطبعة الأُولى المحقّقة، 1409هـ.
  12. تفسير مقاتل بن سليمان، مقاتل بن سليمان (ت150هـ)، تحقيق: أحمد فريد، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1424هـ/2003م.
  13. تقريرات فلسفه امام خميني (فارسي)، عبد الغني الأردبيلي، مؤسسه تنظغŒم ونشر آثار امام خمغŒني، 1392ش.
  14. التوحيد، محمد علي بن الحسين بن بابويه القمي (ت381هـ)، صحّحه وعلّق عليه: السيّد هاشم الحسيني الطهراني، منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية في قم المقدّسة.
  15. ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (ت381هـ)، قدّم له: السيّد محمد مهدي السيّد حسن الخرسان، منشورات الرضى، قم، الطبعة الثانية، 1368ش.
  16. جامع البيان في تأويل آي القرآن، محمد بن جرير الطبري (ت310هـ)، تقديم: الشيخ خليل الميس، ضبط وتوثيق وتخريج: صدقي جميل العطار، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، 1415هـ/1995م.
  17. الخصال، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (ت381هـ)، صحّحه وعلّق عليه: علي أكبر الغفاري، منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية، قم المقدّسة، 1403هـ/1362ش.
  18. الخلاص بين الكاثوليك والبروتستانت والأرثوذكس، رودلف يني، مجلّة الرسالة، تصدرها جمعية الدراسات القبطية، نيوجرزي ـ أمريكا، السَّنة العاشرة، العدد7، سبتمبر1991م.
  19. الدر المنثور في التفسير بالمأثور، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت911هـ)، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت ـ لبنان.
  20. شرح المقاصد في علم الكلام، مسعود بن عمر بن عبد الله التفتازاني (ت792هـ)، دار المعارف النعمانية، باكستان، الطبعة الأُولى، 1401هـ/1981م.
  21. شرح المواقف، علي بن محمد الجرجاني (ت816هـ)، شرح: علي بن محمد الجرجاني، مطبعة السعادة، مصر، الطبعة الأُولى، 1325هـ/1907م.
  22. عاشورا شناسي (پژوهشي درباره هدف امام حسغŒن)، محمد اسفندياري، نشر: ني، طهران، الطبعة الأُولى، 1393ش.
  23. العين، الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت175هـ)، تحقيق: د. مهدي المخزومي، د. إبراهيم السامرائي، مؤسسة دار الهجرة، الطبعة الثانية، 1410هـ.
  24. عيون أخبار الرضا(عليه السلام)، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (ت381هـ)، صحّحه وقدّم له وعلّق عليه: الشيخ حسين الأعلمي، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1404هـ/1984م.
  25. فتح القدير الجامع بين فنّي الرواية والدراية من علم التفسير، محمد بن علي بن محمد الشوكاني (ت1250هـ)، نشر: عالم الكتب.
  26. الفتوح، أحمد بن أعثم الكوفي (تظ£ظ،ظ¤ هـ)، تحقيق: علي شيري، دار الأضواء للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأُولى، 1411هـ .
  27. القرآن والعقيدة، السيّد مسلم نجل حمود الحسيني الحلّي النجفي (ت1401هـ)، تقديم: الدكتور محمد طه السلامي، تحقيق: فارس حسون كريم.
  28. قواعد المرام في علم الكلام، كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني (ت699هـ)، تحقيق: السيّد أحمد الحسيني، باهتمام السيّد محمود المرعشي، مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي، الطبعة الثانية، 1406هـ.
  29. الكافي، محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي (ت329هـ)، صحّحه وعلّق عليه: علي أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلامية، طهران، الطبعة الرابعة، 1365ش.
  30. كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد، الحسن بن يوسف الحلّي (ت726هـ)، تحقيق وتعليق: الشيخ حسن زادة الآملي، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة، الطبعة السابعة المنقّحة، 1417هـ.
  31. الكشف والبيان عن تفسير القرآن، أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي (ت427هـ)، تحقيق: أبو محمد بن عاشور، مراجعة وتدقيق: نظير الساعدي، دار إحياء التراث العربي، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1422هـ/2002م.
  32. كلام جديد، عبد الحسين خسروپناه، مركز مطالعات وپژوهشهاى فرهنگي حوزه علميه، الطبعة الثالثة، 1383هـ
  33. لسان العرب، محمد بن مكرم بن علي بن منظور الأنصاري (ت711هـ)، دار صادر، بيروت، الطبعة الثالثة، 1414هـ.
  34. مجمع البيان في تفسير القرآن، الفضل بن الحسن الطبرسي (ت548هـ)، تحقيق وتعليق: لجنة من العلماء والمحقّقين الأخصائيين، تقديم: السيّد محسن الأمين العاملي، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1415هـ/1995م.
  35. المحاسن، أحمد بن محمد بن خالد البرقي (ت274هـ)، عنى بنشره وتصحيحه والتعليق عليه: السيّد جلال الدين الحسيني المشتهر بالمحدِّث، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1370هـ/1330ش.
  36. محرق القلوب (غم هاى جانسوز در تاريخ ومصيبت هاى اهل بيت(عليهم السلام))، محمد مهدي بن أبي ذر النراقي (ت1209هـ)، باهتمام: علي نظري منفرد، انتشارات سرور، قم، الطبعة الأُولى، 1388ش.
  37. مسند أحمد بن حنبل، أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (ت241هـ)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وعادل مرشد وآخرون، إشراف: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي، مؤسّسة الرسالة، الطبعة الأُولى، 1421هـ/2001م.
  38. مشكاة الأنوار في غرر الأخبار، أبو الفضل علي الطبرسي (المتوفى في أوائل القرن السابع الهجري)، تحقيق: مهدي هوشمند، دار الحديث، الطبعة الأُولى، 1418هـ.
  39. المعجم الكبير، سليمان بن أحمد الطبراني (ت360هـ)، حقّقه وخرّج أحاديثه: حمدي عبد المجيد السلفي، الطبعة الثانية مزيدة ومنقّحة، دار إحياء التراث العربي.
  40. معجم مقاييس اللغة، أحمد بن فارس بن زكريا (ت395هـ)، تحقيق وضبط: عبد السلام محمد هارون، مكتب الاعلام الإسلامي، 1404هـ.
  41. مفردات ألفاظ القرآن، الحسين بن محمد الراغب الإصفهاني (ت425هـ)، تحقيق: صفوان عدنان داوودي، منشورات طليعة النور، الطبعة الثانية، 1427هـ.
  42. مناقب آل أبي طالب، محمد بن علي بن شهرآشوب (ت588هـ)، قام بتصحيحه وشرحه ومقابلته على عدّة نسخ خطية: لجنة من أساتذة النجف الأشرف، طبع في المطبعة الحيدرية في النجف، 1375هـ/1956م.
  43. موسوعة الشريف المرتضى، الجزء الخامس (الذخيرة في علم الكلام)، علي بن الحسين بن موسى الشريف المرتضى (ت436هـ)، مؤسسة التاريخ العربي، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1433هـ/2012م.
  44. الميزان في تفسير القرآن، محمد حسين الطباطبائي (ت1402هـ)، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة.
  45. نهج البلاغة (مجموع ما اختاره الشريف الرضي من كلام سيّدنا أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب(عليه السلام))، شرح: الشيخ محمد عبدة، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت ـ لبنان، 1412هـ/1370ش.


من مواضيع صدى المهدي » طريقة عمل اللازانيا باللحم وصوص البشاميل
» تأويلُ الدعاء الذي يُقرأ في التعقيبات وهو: "ما تردَّدتُ في شيءٍ أنا فاعلُه...
» كيف نفهم الكتاب ولا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم؟ وكيف هو آيات بيّنات؟
» الإمامُ عليٌّ (عليه السلام): «جُمِعَ الخَيرُ كُلُّهُ في ثَلاثِ خِصالٍ
» من معالم الأقصى.. تعرف على مركز ترميم المخطوطات
رد مع اقتباس
قديم 04-06-2022, 08:45 AM   رقم المشاركة : 9
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي


[1] آل عمران: آية91.

[2] السيوطي، عبد الرحمن، الدر المنثور: ج2، ص50.

[3] الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن: ج3، ص342.

[4] المائدة: آية36.

[5] الحديد: آية15.

[6] البقرة: آية8.

[7] الزمر: آية47.

[8] يونس: آية54.

[9] اُنظر: الطبري، محمد بن جرير، جامع البيان: ج11، ص160.

[10] اُنظر: الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن: ج5، ص198.الراغب الإصفهاني، الحسين بن محمد، مفردات ألفاظ القرآن: ص538.

[11] لقمان: آية13.

[12] آل عمران: آية135.

[13] الشورى: آية42.

[14] الرعد: آية18.

[15] اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن: ج6، ص241.

[16] المعارج: آية11ـ15.

[17] اُنظر: الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن: ج20، ص10.

[18] اُنظر: مقاتل بن سليمان، تفسير مقاتل: ج3، ص398.

[19] اُنظر: الثعلبي، أحمد بن محمد، الكشف والبيان عن تفسير القرآن: ج10، ص37.

[20] اُنظر: الشوكاني، محمد بن علي، فتح القدير: ج5، ص290.

[21] اُنظر: الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين: ج6، ص119.

[22] اُنظر: الأنفال: آية29.

[23] اُنظر: آل عمران: آية31.

[24] اُنظر: آل عمران: آية195.

[25] اُنظر: النساء: آية31.

[26] اُنظر: التغابن: آية17.

[27] اُنظر: البقرة: آية271.

[28] اُنظر: الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين: ج8، ص389.وأيضاً: ابن فارس، أحمد، معجم مقاييس اللغة: ج1، ص133.

[29] المعروف أنّه مذهب جهم بن صفوان.اُنظر: الجرجاني، علي بن محمد، شرح المواقف: ج8، ص323.وقد نُسب أيضاً إلى بعض الإمامية.اُنظر: الحلّي، مسلم، القرآن والعقيدة: ص22.

[30] البقرة: آية89.

[31] النحل: آية14.

[32] ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج13، ص21.

[33] نهج البلاغة (شرح محمد عبده): ج1، ص14، الخطبة1.

[34] وقد عرّفه العلّامة الطباطبائي بأنّه: «تمكُّن الاعتقاد في القلب».الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن: ج1، ص45.

[35] النحل: آية106.

[36] المجادلة: آية22.

[37] الحجرات: آية14.

[38] المائدة: آية41.

[39] ابن حنبل، أحمد، مسند أحمد: ج19، ص374.

[40] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج2، ص26.

[41] البقرة: آية8.

[42] المرتضى، علي بن الحسين، الذخيرة في علم الكلام: ص536ـ537.

[43] البحراني، ميثم بن علي، قواعد المرام في علم الكلام: ص170.

[44] الصدوق، محمد بن علي، الخصال: ص178.

[45] المصدر السابق.

[46] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج2، ص409.

[47] اُنظر: المصدر السابق.

[48] الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص640.واُنظر: المصدر السابق: ص232.

[49] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج2، ص26.

[50] اُنظر: المصدر السابق: ج1، ص16.

[51] الإنسان: آية9.

[52] الرعد: آية22.

[53] البقرة: آية272.

[54] رودلف يني، الخلاص بين الكاثوليك والبروتستانت والأرثوذكس، مجلة الرسالة: العدد7.

[55] المصدر السابق.

[56] اُنظر: المصدر السابق.

[57] التحريم: آية8.

[58] اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج2، ص432.

[59] المصدر السابق: ص435.

[60] الفرقان: آية70.

[61] الصدوق، محمد بن علي، ثواب الأعمال: ص130.

[62] نهج البلاغة (شرح محمد عبده): ج4، ص97، الحكمة417.

[63] وتقابلها الشفاعة التكوينية، فكلّ سبب تكويني يمكن عدّه شفيعاً عند الله بما هو واسطة بينه وبين الأشياء.وأمّا الشفاعة التشريعية فهي الواقعة في عالم التكليف والمجازات.اُنظر: الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن: ج1، ص171.

[64] الراغب الإصفهاني، الحسين بن محمد، مفردات ألفاظ القرآن: ص457.

[65] الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين: ج1، ص261.

[66] اُنظر: المصدر السابق.

[67] اُنظر: الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن: ج1، ص157.

[68] اُنظر: التفتازاني، مسعود بن عمر، شرح المقاصد: ج2، ص239.

[69] اُنظر: الحلي، الحسن بن يوسف، كشف المراد: ص565.

[70] البقرة: آية123.

[71] الأنعام: آية51.

[72] طه: آية109.

[73] الأنبياء: آية28.

[74] غافر: آية18.

[75] الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن: ج1، ص157.

[76] المصدر السابق.

[77] الأنبياء: آية26ـ 28.

[78] اُنظر: غافر: آية18.

[79] اُنظر: الأنعام: آية70.

[80] اُنظر: الأعراف: آية53.

[81] اُنظر: الشعراء: آية96ـ100.

[82] المدثر: آية38ـ48.

[83] الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن: ج1، ص159.

[84] المصدر السابق.

[85] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج8، ص11.

[86] اُنظر: ابن حنبل، أحمد، مسند أحمد: ج1، ص301.

[87] اُنظر: المصدر السابق: ص307.

[88] اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص270.

[89] اُنظر: البرقي، أحمد بن محمد، المحاسن: ج1، ص186.

[90] اُنظر: الصدوق، محمد بن علي، عيون أخبار الرضا(عليه السلام): ج2، ص71.

[91] غافر: آية18.

[92] الصدوق، محمد بن علي، التوحيد: ص408.

[93] النراقي، محمد مهدي، محرق القلوب: ص31.

[94] اُنظر: اسفندياري، محمد، عاشورا شناسي: ص77.نقلاً عن شريف طباطبائي، محمد باقر، أسرار شهادة آل الله (صلوات الله عليهم): ص133ـ134.

[95] اُنظر على سبيل المثال: البرقي، أحمد بن محمد، المحاسن: ج1، ص183.

[96] النراقي، محمد مهدي، محرق القلوب: ص30.

[97] غافر: آية38ـ41.

[98] ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص241.

[99] اُنظر: النراقي، محمد مهدي، محرق القلوب: ص30.

[100] ابن أعثم الكوفي، أحمد، الفتوح: جظ¤، صظ£ظ¢ظ¥.

[101] البقرة: آية255.

[102] اُنظر: الأردبيلي، عبد الغني، تقريرات فلسفه امام خميني (فارسي): ج3، ص267ـ272.

[103] الصدوق، محمد بن علي، الخصال: ص614.

[104] اُنظر: ابن طاووس، علي بن موسى، الإقبال: ج3، ص71.

[105] الصدوق، محمد بن علي، الخصال: ص496.واُنظر: ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج42، ص332و371.

[106] الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج1، ص319.وج3، ص41.

[107] التفسير المنسوب للإمام الحسن العسكري(عليه السلام): ص307.

[108] الطبرسي، علي، مشكاة الأنوار: ص138.

[109] الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي): ج2، ص590.

[110] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج8، ص242ـ243.

[111] المصدر السابق: ج2، ص233.

[112] المصدر السابق: ص74.

[113] اُنظر: خسرو بناه، عبد الحسين، كلام جديد: ص73.

[114] الخوئي، أبو القاسم، البيان في تفسيرالقرآن: ص124.

[115] ابن شعبة الحراني، الحسن بن علي، تحف العقول: ص239.


من مواضيع صدى المهدي » طريقة عمل اللازانيا باللحم وصوص البشاميل
» تأويلُ الدعاء الذي يُقرأ في التعقيبات وهو: "ما تردَّدتُ في شيءٍ أنا فاعلُه...
» كيف نفهم الكتاب ولا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم؟ وكيف هو آيات بيّنات؟
» الإمامُ عليٌّ (عليه السلام): «جُمِعَ الخَيرُ كُلُّهُ في ثَلاثِ خِصالٍ
» من معالم الأقصى.. تعرف على مركز ترميم المخطوطات
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
لنظرية, مقاربة, نقدية, وحقيقة, الخلاص..., الفداء., عاشوراء, قرآنية

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قراءة نقدية وتحليلية في بعض الأسماء المحتملة لرئاسة الجمهورية في إيران سيد فاضل اخبار العراق والعالم 2 16-04-2021 12:14 PM
مقاربة الزوجة قبل اغتسالها من الاستحاضة سيد فاضل احباب الحسين للمسائل الشرعيه والأحكام الفقهيه 2 23-04-2020 05:51 PM
طريق الخلاص من أهوال يوم القيامة عاشقة النور المنتدى الاسلامي العام 5 13-03-2012 11:38 PM
وحي الله الى النحل آية قرآنية وحقيقة علمية كوثر المحبة قسم القرآن الكريم 6 24-03-2010 09:45 PM
اعلان عن مسابقة أحلى ستايل والجائزة نقدية خادمة اهل الكساء دليل مواقع احباب الحسين 2 01-07-2009 02:11 PM


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات احباب الحسين