بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
الدكتور السني عبدالحليم الحسيني يوضح حث الإمام الصادق عليه السلام على زيارة الإمام الحسين عليه السلام وعدم صوم يوم عاشوراء كاملآ وحثه على المجالس الحسينية والبكاء على الإمام الحسين عليه السلام
أنقل التالي :
دور الإمام الصادق في بناء الجماعة الصالحة▪︎
: بقلم الدكتور الشريف عبد الحليم العزمى الحسينى▪︎
هكذا تبدو أهمية السعي لتكوين وترشيد حركة الجماعة الصالحة في هذه المرحلة من حياة الإمام الصادق عليه السلام ، وتوسيع رقعتها في أرجاء العالم الإسلامي .
هذا البناء سيكون من ثلاثة جوانب ، هي : .
البناء الجهادي
البناء الروحي والإيماني .
البناء الاجتماعي .
البناء الجهادي :
*******************
كان عطاء النهضة الحسينية كبيرا جدا حيث أرجعت هذه النهضة الخالدة الأمة الإسلامية إلى مستوى التصدي للثورة على الحكام المنحرفين ، واستطاعت الأمـة بفضـل هـذه النهضة المباركة أن تتجاوز الهالة المزيفة التي صنعها الأمويون لإضفاء طـابـع مـن الشرعية على ملكهم ، وهذا الوعي إذا لم يقترن بعوامل البقاء والاستمرار والتكامل الذي شكلته الأمة خلال عدة عقود – قد يأخذ بالهبوط .
من هنا نجد الإمام الصادق عليه السلام قد تحرك نحو صياغة العمل الثوري والجهادي ، ورسم هيكليته ؛ وبالتالي تجديره في النفوس ... ويبدو هذا واضحا من خلال موقفـه مـن ثـورة عمـه زيـد بـن علـي بـن الحسين ؛
حيث صرح قائلا :
( أشركني الله في تلك الدماء . مضى والله زيد عمي وأصحابه شهداء ، مثل ما مضى عليه علي بن أبي طالب وأصحابه ).
هذا الموقف من الإمام الصادق يغطي الشرعية لثورة عمه زيد ، ويرسم للجماعة الصالحة طموحات الإمام ، ويجعلها تعيش الهم الجهادي والثوري وتسير قدما نحو الأهداف المنشودة للقيادة الصالحة ؛ لأن الجماعة الصالحة النموذج الفاضل الذي يعده الإمام لمهمة الإصلاح في المجتمع ، وهذه الجماعة التي سوف تتحمل مسؤولية الثورة الكبرى المرتقبة .
من هنا كان ترسيخ مبادئ وأهداف ومعالم وحيوية النهضة الحسينية في نفوس الجماعة الصالحة من خطوات الإمام الكبيرة في هذا الصدد .
ترسيخ مبادئ وأهداف ومعالم النهضة الحسينية :
**********************************************
نجد خطابات الإمام الصادق واهتماماتـه لـم تقتصر على الإثارات الفكرية والتوجيهات الوعظية نحو الثورة ، وإنما استندت إلى أساليب تعبوية ، وتحشيد جماهيري يعبر بممارسته وحضوره عن الانتماء لخـط الإمام الحسين عليه السلام ، ومن أساليبه بهذا الخصوص : تأكيده على جملة من الوسائل مثل : الزيارة والمجالس الحسينية ، والبكاء .
أولا : الزيارة :
***************
اعتبر الإمام الصادق زيارة الإمام الحسين من الحقوق اللازمـة التـي يـجـب على كل مسلم الاهتمام بها ،
حيث قال :
( لو أن أحدكم حج دهره ، ثـم لـم يـزر الحسين بن علي ؛ لكان تاركا حقا من حقوق رسوله ؛ لأن حق الحسين فريضة من الله عزوجل ، واجبة على كل مسلم ) ..
وقال عليه السلام :
( من سره أن يكون على موائد النور يوم القيامة فليكن مـن زوار الحسين بن علي ) .
وقال عبد الله بن سنان : دخلت على سيدي أبي عبد الله جعفر بن محمد في يوم عاشوراء ؛ فلقيته كاسف اللون ، ظاهر الحزن ، ودموعه تنحدر من عينيه كاللؤلؤ المتساقط ؛ فقلت : يا بن رسول الله ، مم بكاؤك ؟ لا أبكى الله عينيك .
فقال لي : ( أو في غفلة أنت ؟ أما علمت أن الحسين بن علي أصيب في مثل هذا اليوم ) .
قلت : يا سيدي فما قولك فـي صـومه ؟
فقال لي :
( صمه من غير تبييت ( أي العزم على الصوم من الليل اي تبييت النية ) ، وأفطره من غير تشميت ( ما يحصل به سرور الأعداء ) ، ولا تجعلـه يـوم صـوم كـاملا ، وليكن إفطارك بعد صلاة العصر بساعة على شربة من ماء ، فإنه في مثل ذلك الوقت من ذلك اليوم تجلت الهيجاء على آل رسول اللہ ﷺ ، وانكشفت الملحمة عنهم ، وفي الأرض منهم ثلاثون صريعا في مواليهم يعز على رسول اللہ ﷺ مصرعهم ، ولـو كـان في الدنيا يؤمنذ حيا ؛ لكان صلوات الله عليه وآله هو المعزى بهم .
يا عبد الله بن سنان ! إن أفضل ما تأتي به في هذا اليوم أن تعمـد إلـى ثيـاب طاهرة فتلبسها وتتسلب ) .
قلت : وما التسلب ؟
قال : ( تحلل أزرارك ، وتكشف عن ذراعيك كهيئة أصحاب المصائب ، ثم تخرج إلى أرض مقفرة أو مكان لا يراك به أحد ، أو تعمد إلى منزل لك خال ، أو في خلوة منذ حين يرتفع النّهار ، فتصلي أربع ركعات تحسن ركوعها وسجودها ، وتسلم بين كل ركعتين ، تقرأ في الركعة الأولى سورة الحمد و قل يا أيها الكافرون » ، وفي الثانية الحمـد و قل هو الله أحد ، ثم تصلي ركعتين تقرأ في الركعة الأولى الحمد وسورة الأحزاب ، وفي الثانية الحمد وسورة ( إذا جاءك المنافقون » أو ما تيسر من القرآن .
ثم تسلم وتحول وجهك نحو روض الحسين ومضجعه ، فتمثل لنفسك مصرعه ومن كان معه من ولده وأهله ، وتسلم وتصلي عليه ، وتلعن قاتليـه وتبرأ مـن أفعالهم ، يرفع الله عزوجل لك بذلك في الجنة من الدرجات ، ويحط عنك السيئات .
ثم تسعى من الموضع الذي أنت فيه إن كان صحراء أو فضـاء أو أي شيء كان خطوات ، تقول في ذلك : إنا لله وإنا إليه راجعون ، رضا بقضائه ، وتسليما لأمره ، وليكن عليـك فـي ذلـك الكآبة والحـزن ، وأكثـر مـن ذكر الله سبحانه والاسترجاع ( المعنى الإصطلاحي قول الشخص عند المصيبة : إنا لله وإنا إليه راجعون ) في ذلك اليوم .
فإذا فرغت من سعيك وفعلك هذا ؛ فقف في موضعك الذي صليت فيه ثم قل : اللهم عذب الفجرة الذين شاقوا رسولك ، وحاربوا أولياءك ، وعبدوا غيرك واستحلوا محارمك ، والعن القادة والأتباع ، ومـن كـان مـنهم فخـب ( عدا ) وأوضـع معهم ( أسرع في الشر ) ، أو رضي بفعلهـم لعنـا كثيرا ، اللهم وعجل فرج آل محمد ، واجعل صلواتك عليه وعليهم ، واستنقذهم مـن أيـدي المنافقين المضلين ، والكفـرة الجاحدين ، وافتح لهم فتحا يسيرا ، وأتح لهم روحا وفرجا قريبا ، واجعل لهم من لذلك على عدوك وعدوهم سلطانا نصيرا ) .
هكذا كان الإمام الصادق يؤكـد مبـادئ الثورة عن طريق الزيارة ؛ لتكون الزيارة خطا ثقافيا يساهم في التربية ، وتمييز الجماعة الصالحة عن غيرها ، ويكون الحضور الدائم حول روض الإمام الحسين بهذا المستوى العالي من الفهم والانتماء كدعوة للآخرين في ان يلتحقوا به ، وينضموا إلى أفكاره ومبادئه ، وهذا بطبيعته يشكل قاعدة للعمل الثوري الذي يعتمد المطالبة الواعية بإرجاع الحقوق المسلوبة من أهل البيت عليهم السلام .
هذه الحقيقة كان يذركها الأمويون والعباسيون ؛ ولهذا وقفـوا بوجه هذا المـد المدروس ، وحالوا دون الزيارة بكل شكل ممكن ، والذي زار مدينة كربلاء بالعراق يجـد مـن المـزارات ( بيت الأحـزان ) ، وهو المكـان الـذي كـان الإمـام
الصادق يزور فيه جده الإمام الحسين ؛ لأن السلطة الحاكمة كانت تمنعه من الزيارة .
تعليق :
إن ما نراه من منع أو تقييد زيارة روضـات أهل البيت ،
أو الاحتفال بهم وذكر سيرتهم العطرة ، بحجج واهية لا تطبق على مناسبات أخرى – ما هو إلا امتداد للنهج الأموي والعباسي في العداء لأهل البيت عليهم السلام ▪︎" انتهى النقل
دمتم برعاية الله
كتبته : وهج الإيمان