العودة   منتديات احباب الحسين عليه السلام > القسم الاسلامي > منتدى النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)
منتدى النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) سنة الرسول - اخلاق الرسول - صفات الرسول - أعمال الرسول - افعال الرسول - غزوات الرسول - فتوحات الرسول - احاديث الرسول - زوجات الرسول - صلى الله عليه وآله
روابط مفيدة مشاركات اليوم البحث


صفاتٌ خَمس لنبينا (صلى الله عليه و آله) في القرآن، شاركه بها

منتدى النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)


إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-10-2022, 08:16 AM   رقم المشاركة : 11
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي

تأثر الكائنات وتغيّرها في بعض الحوادث
ومما يدلنا دلالة واضحة على إدراك وشعور سائر الكائنات هو ما يحدث فيها من تأثر وتغيّر واضح بسبب وقوع بعض الحوادث المهمة وهي كثيرة ومنها.

الآثار الكونية عند ولادة النبي (صلى الله عليه و آله)
ما حدث من الآثار العجيبة عند ولادة النبي(صلى الله عليه و آله) في الآفاق وفي الجمادات ممّا تواتر واشتهر في التاريخ، وورد عن بعض أئمة الهدى(عليهم السلام) ونكتفي بذكر حديثين واحد عما جاء عن علي أمير المؤمنين(عليه السلام) انه قال: ان محمّداً(صلى الله عليه و آله) لمّا سقط من بطن أمه سقط واضعاً يده اليسرى على الأرض، رافعاً يده اليمنى إلى السماء، ويحرّك شفتيه يالتوحيد، وبدا من فيه نور رأى أهل مكة منه قصور بُصرى من الشام وما يليها، والقصور الحمر من أرض اليمن وما يليها، والقصور البيض من اصطخر وما يليها(73).
ولقد أضاءت الدنيا ليلة ولد النبي(صلى الله عليه و آله) حتى فزعت الجن والإنس والشياطين وقالوا: لقد حدث في الأرض حدث، ولقد رأت "الشياطين" الملائكة ليلة وُلِدَ تصعد وتنزل وتسبّح وتقدس وتضطرب النجوم وتتساقط علامات لميلاده(صلى الله عليه و آله) ، ولقد همّ إبليس بالضعن إلى السماء لمّا رأى من الأعاجيب في تلك الليلة، وكان له مقعد في السماء الثالثة، والشياطين يسترقون السمع، فلما رأوا الأعاجيب أرادوا أن يسترقوا السمع فأذاهم قد حجبوا من السموات كلّها، ورموا بالشهب دلالة لنبوته(صلى الله عليه و آله) (74).
والحديث الثاني جاء مسنداً عن الإمام أبي عبد الله الصادق(عليه السلام) انه قال: كان إبليس لعنه الله يخترق السموات السبع، فلما ولد عيسى(عليه السلام) حُجِب عن ثلاث سموات، وكان يخترق أربع سموات، فلما ولد رسول الله (صلى الله عليه و آله) حُجِب عن السبع كلها، ورميت الشياطين بالنجوم، وقالت قريش: هذا قيام الساعة الذي كّنا نسمع أهل الكتب يذكرونه، وقال عمرو بن أمية – وكان من أزجر أهل الجاهلية – أي أكثرهم معرفةً بالكهانة والقيافة، قال: انظروا هذهِ النجوم التي يهتدى بها،ويعرف بها أزمان الشتاء والصيف، فإن كان رمي بها فهو هلاك كل شيء وإن كانت ثبتت ورمي بغيرها فهو أمر قد حدث، وأصبحت الأصنام كلها – صبيحة ولد النبي (صلى الله عليه و آله) – وليس منها صنمٌ إلاّ وهو منكبٌ على وجهه، وارتجس(75) – في تلك الليلة – إيوان كسرى، وسقطت منه أربع عشرة شرفة، وغاضت بحيرة ساوة، أي غار ماؤها وذهب، وفاض وادي السماوة، "وهي فلاة بالبادية تتصل بالشام، فاض الماء فيها" وخمدت نيران فارس، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، ورأى الُموَبذان - "وهو فقيه الفرس وحاكم المجوس" في تلك الليلة في المنام – إبلاً صعاباً تقود خيلاً عرباً "أي خيلاً كرائماً سالمة" قد قطعت دجلة وانسربت في بلادهم "أي دخلت في بلادهم" وأنقصم طاق كسرى من وسطه، وانخرقت عليه دجلة العوراء، "أي ان كسرى كان قد بنى على دجلة بناء (سداً) وطمّ بعضها فانخرق ذلك البناء (أي السد) ودخلت دجلة عليه"، وانتشر في تلك الليلة نور من قبل الحجاز ثم استطار حتى بلغ المشرق، ولم يبق سريرٌ لِملك من ملوك الدنيا إلا وأصبح منكوساً، والملك مخرساً لا يتكلّم يومه ذلك، وانتزع علم الكهنة، وبطل سحر السحرة، ولم تبق كاهنة في العرب إلاّ حجبت عن صاحبها، وعُظّمت قريش وسمّوا آل الله عَزّ وجَلّ، قال أبو عبد الله الصادق(عليه السلام): إنما سمّوا آل الله لأنهم في بيت الله الحرام.
وقالت آمنة: إنّ ابني والله سقط فأتقى الأرض بيده، ثم رفع رأسه إلى السماء فنظر إليها، ثم خرج منّي نورٌ أضاء له كل شيء، وسمعت في الضوء قائلاً يقول: إنك قد ولدتِ سيد الناس فسميّه محمّداً، وأُتيَ به عبد المطلب لينظر إليه وقد بلغه ما قالت أمه آمنة، فأخذه فوضعه في حجره ثم قال:
الحمد للهِ الذي أعطاني*** هذا الغلام الطيب الأردانِ(76)
قد ساد في الهدى على الغلمانِ
ثم عوّذه بأركان الكعبة، وقال فيه أشعاراً، قال الإمام(عليه السلام): وصاح إبليس لعنه الله في أبالسته، فاجتمعوا إليه، فقالوا: ما الذي أفزعك يا سيدنا؟ قال: ويلكم لقد أنكرت السماء والأرض منذُ الليلة، لقد حدث في الأرض حدث عظيم ما حدث مثله منذ رفع عيسى بن مريم(عليه السلام) فاخرجوا وانظروا ما هذا الحدث، فافترقوا ثم اجتمعوا إليه فقالوا: ما وجدنا شيئاً، فقال إبليس: أنا لهذا الأمر ثم انغمس في الدنيا فجالها حتى انتهى إلى الحرم فوجد الحرم محفوظاً بالملائِكة، فذهب ليدخل فصاحوا به فرجع، ثم صار مثل الصر وهو العصفور فدخل من قبل حراء، فقال له جبرئيل: وراءَك لعنك الله، فقال له: حرف أسألك عنه يا جبرئيل، ما هذا الحدث الذي حدث منذُ الليلة في الأرض؟ فقال له ولد محمّد(صلى الله عليه و آله) فقال إبليس: هل لي فيه نصيب؟ قال:لا، قال: ففي أمته؟ قال: نعم، قال: رضيت(77).

حادثة الطف المفجعة، وآثارها في الكون
ومن الحوادث المهمة التي ظهرت فيها التأثرات الكونية حادثة الطف المفجعة التي قتل فيها الحسين ومن معه من أهل بيته وأصحابه، وسبيت عياله وأطفاله.
حيث انقلب العالم بأسره انقلاباً هائلاً، وتأثراً ملحوظاً في العالمين العلَوي والسفلي، فبكته السماء والأرض بكاءً ما بكته على أحدٍ قبله ولا بعده من نبيٍ أو وصي(78).
بل أبكت مصيبته جميع أنواع المخلوقات من ملك وفلك، وجمادٍ ونبات وسائر الحيوان من أنسٍ وجان، وأثّرت فيها أثراً محسوساً مشاهداً لدى أهل ذلك الزمان، وخلّد لنا التاريخ ذكر الأثر العظيم، وتسالم عليه الفريقان من الخاصة والعامة كخسوف القمر وكسوف الشمس (أي غياب نورهما على غير مجاري العادة الطبيعية) بحيث رؤيت النجوم نهاراً، وكمطر السماء دماً وتراباً أحمر بحيث بقي أثره في الثياب حتّى تقطعت، وكتساقط الكواكب وظهور الحمرة في السماء واسودادها، وكتفجر الأرض دماً عبيطاً بحيث ما رفع حجر منها إلاّ وخرج تحته دم عبيطاً، وسيلان حيطانها دماً، ونبوع الدم من الشجر، وكنوح الجن وبكائها الذي سمعته أم سلمة وغيرها، إلى غير ذلك من انقلاب الورس – وهو نبات كالسمسم يصبغ به – رماداً واللحم علقماً، وهذا كلّه قد اتّفق الفريقان على وقوعه(79).
ونظمه الأدباء في تابينهم لسيد الشهداء فقال الشيخ صالح التميمي:
وقل بقتيل قد بكته السماء دماً*** عبيطاً فما قدر الدموع السواجمِ
وناحت عليه الجن حتى بدا لها*** حنين تحاكيه رعود الغمائمِ
وقال الشيخ صالح العرندسي:
إمام بكته الإنس والجن والسما*** ووحش الفلا والطير والبر والبحرُ
وهذا بعض ما شوهد – يومئذٍ للناس – وما خفي عليهم أعظم ممّا أوحاه الله العليم الخبير إلى رسوله الصادق الأمين وأخبر به(صلى الله عليه و آله) أهل بيته وغيرهم، ومن ذلك ما جاء في الحديث المعروف بحديث أمّ أيمن (رض) وهو حديث طويل أخبر الله به رسوله(صلى الله عليه و آله) على لسان جبرئيل بما يصاب به أهل بيته عامة، وما يصاب به أمير المؤمنين والحسين(عليهما السلام) خاصة، فجاء في هذا الحديث ان جبرئيل قال للنبي(صلى الله عليه و آله) فيما قال له:
يا محمّد إنّ أخاك "يعني علياً أمير المؤمنين(عليه السلام) " مضطهدٌ بعدك، مغلوب على اُمتك، متعوب من أعدائك، ثم مقتول بعدك، يقتله أشر الخلق والخليقة وأشقى البرية يكون نظير عاقر الناقة، ببلدٍ تكون إليه هجرته، وهو مغرس شيعته وشيعة ولده، وفيه على كل حال يكثر بلواهم ويعظم مصابهم ثم قال جبرئيل: وان سبطك هذا – وأومأ بيده إلى الحسين(عليه السلام) – مقتول في عصابهٍ من ذريتك وأهل بيتك وأخيار من أمتك بضفة الفرات بكربلاء، من أجلها يكثر الكرب والبلاء على أعدائك وأعداء ذريتك في اليوم الذي لا ينقضي كربه ولا تفنى حسرته، وهي أطيب بقاع الأرض وأعظمها حرمة يقتل فيها سبطك وأهله، وإنها من بطحاء الجنة، ثم قال:
فإذا كان اليوم الذي يقتل فيه سبطك وأهله، وأحاطت بهم كتائب الكفر واللعنة تزعزعت الأرض من أقطارها، ومادت الجبال وكثر اضطرابها، واصطفقت البحار بأمواجها، وماجت السموات بأهلها غضباً لك يا محمّد ولذريتك، واستعظاماً لما ينتهك من حرمتك، ولشر ما تكافأ به ذريتك وعترتك، ولا يبقى شيء من ذلك إلاّ أستأذن الله عَزّ وجَلّ في نصرة أهلك المستضعفين المظلومين الذين هم حجة الله على خلقه بعدك.
فيوحي الله إلى السموات والأرض والجبال والبحار ومن فيهن "وما فيهن": إني أنا الله الملك القادر الذي لا يفوته هارب ولا يعجزه ممتنع، وأنا أقدر فيه على الانتصار والانتقام، وعزتي وجلالي لاعذبنّ مَن وتر رسولي وصفيّي وانتهك حرمته، وقتل عترته، ونبذ عهده، وظلم أهل بيته عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين، فعند ذلك يضجّ كل شيءٍ في السموات والأرض بلعن من ظلم عترتك واستحل حرمتك…الخ(80).

من الشهود على بعض الناس الحجر الأسود
ومن الشهود عند الحساب يوم القيامة على بعض الناس الحجر الأسود الذي جاء به آدم من الجنة، فوضعه على أحد أركان البيت الحرام ليستلمه الناس، وهو أول حجرٍ وضع على وجه الأرض، وكان أشدَّ بياضاً من الثلج فأسود من خطايا بني آدم(81).
وهذا الحجر المقدس يشهد يوم القيامة لكلّ مَن وافاه مخلصاً بتوحيد الله عَزّ وجَلّ، أوغير مخلص، وقد جاءت بذلك عدة أحاديث عن النبي(صلى الله عليه و آله) وأهل بيته الأطهار(عليهم السلام) نذكر بعضها.
منها ما رواه الصدوق في (علل الشرائع) بسنده عن ابن عباس انّ النبي(صلى الله عليه و آله) قال لعائشة وهي تطوف معه بالكعبة حين استلما الركن وبلغا إلى الحجر قال: يا عائشة لولا ما طبع الله على هذا الحجر من أرجاس الجاهلية وأنجاسها إذاً لاستُشْفيَ به من كلّ عاهة، "إلى أن قال": وان الركن يمين الله تعالى في الأرض وليبعثنه الله يوم القيامة وله لسان وشفتان وعينان، ولينطقنّه الله يوم القيامة بلسان طلق ذلق يشهد لمن استلمه بحق…الخ.
وفي حديث آخر مسندٍ عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله(صلى الله عليه و آله): طوفوا بالبيت واستلموا الركن، فإنه يمين الله في أرضه يصافح بها خلقه مصافحة العبيد أو الدخيل، ويشهد لمن استلمه بالموافاة(82).
وفي حديث روته السنن والمسانيد وكتب التاريخ من الفريقين مسنداً عن أبي سعيد الخدري (رض) انه قال: حججنا مع عمر بن الخطاب فلما دخل الطواف استقبل الحجر فقال: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله قبّلك ما قبّلتك.
فقال له علي بن أبي طالب: بلى انه يضر وينفع، قال: بمَ؟ قال بكتاب الله تبارك وتعالى، قال: وأين ذلك من كتاب الله؟ قال: قال الله عَزّ وجَلّ: )وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى( (الأعراف/173).
ثم قال(عليه السلام): خلق الله آدم ومسح على ظهره، "أي قررا رواح ذريته"، بأنه الرب وانهم العبيد، وأخذ عهودهم ومواثيقهم وكتب ذلك في رقٍ، وكان لهذا الحجر عينان ولسان فقال له: افتح فاك، قال: ففتح فاه فألقمه ذلك الرق، وقال: إشهد لمن وافاك بالموافاة يوم القيامة.
واني أشهد لسمعت رسول الله(صلى الله عليه و آله) يقول: يُوتى يوم القيامة بالحجر الأسود وله لسان ذلق يشهد لمن يستلمه بالتوحيد، فهو يضر وينفع، فقال عمر: أعوذ بالله أن أعيش في قومٍ لست فيهم يا أبا الحسن(83).
الطريق الثالث من ينابيع علم الأئمة
حديث الملائِكة معهم(عليهم السلام)
قال إمامنا أمير المؤمنين(عليه السلام) في بعض خطبه: نحن شجرة النبوة، ومحط الرسالة، ومختلف الملائِكة، ومعادن العلم، وينابيع الحكمة، ناظرنا ومحبنا ينتظر الرحمة، وعدّونا ينتظر السطوة(84).
قول أمير المؤمنين(عليه السلام): نحن شجرة النبوة، يشير إلى حديث الشجرة الشهير والمتواتر عن النبي(صلى الله عليه و آله) (85).
أمّا قوله(عليه السلام): ومحط الرسالة، ومختلف الملائِكة، ومعادن العلم، وينابيع الحكم، فيشير بهذهِ النصوص إلى ما تزوِدّهم به الملائِكة عن الله عَزّ وجَلّ، وعن رسوله(صلى الله عليه و آله) من أنواع العلوم والحكم في مخلف الأوقات ومنها عرض الملائِكة عليهم(عليهم السلام) صحائف أعمال العباد صباحاً ومساءً وفي الأسبوع مرتين، وعند حضور أجل كل إنسان كما مّر.

​


من مواضيع صدى المهدي » الانتظار والصِّراع بين المستضعفين والمستكبرين
» الإستفتاءات … أسئلة بشأن البيع والشراء
» أنَّ الدين هو وسيلة اخترعها الأقوياء والأثرياء لتخدير الفقراء
» تحت شعار (من نهج الزهراء حجابي وبزينب اقتدائي)
» زيارة حمزة بن عبد المطلب (ره) في أحد
رد مع اقتباس
قديم 16-10-2022, 08:17 AM   رقم المشاركة : 12
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي

عرض الملائِكة على النبي(صلى الله عليه و آله)والأئمة ما قدّر ليلة القدر
ومنها عرض الملائكة على النبي(صلى الله عليه و آله) والأئمة كل ليلة قدرٍ ما قدّر الله وقوعه في الكون، وما سيلاقيه العباد في سنتهم كلها من ليلة قدرٍ أولى إلى ليلة قدرٍ أخرى من كل سنة، من كلّيٍ أو جزئيٍ، من حقٍ أو باطل، من خيرٍ أو شرٍ، مما يحبون أو مما يكرهون، من حياة أو موت، ومن سعة رزقٍ أو ضيق،وهكذا إلى آخر سنتهم من التقديرات الإلهية العامة والخاصة، من أفعاله الحكيمة مباشرة، أو من أفعال عباده بمشيئته.
وكل ذلك لا يقع – أيضاً – إلاّ في الآجال المقدّرة لهم بلا تقديم ولا تأخير ولا زيادة ولا نقصان فهذه التقديرات الإلهية كافة تهبط بها الملائِكة من اللوح وتعرضها على النبي(صلى الله عليه و آله) والأئمة من أهل بيته أيام حياتهم وبعد وفاتهم وتُطلِعُهم عليها بعد السلام عليهم في كلّ ليلة قدّر.
وهذا ما ذكره الله وأشار إليه في سورة القدر بقوله تعالى:)تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ(4)سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ( وذكره وأشار إليه في سورة الدخان بقوله تعالى:)فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ(4)أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ(5)رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ( (الدخان/5-7)(86).

على مَن تَنزّل التقديرات في ليلة القدر؟ ولمَن تُرسل؟
والملاحظ هنا هو ان الآيات المباركات من سورتي القدر والدخان صريحة بأن الله ينزل الملائِكة والروح بتقديرات السنة، ويرسلها بأذنه وأمره في ليلة القدر وعلى ذلك إجماع المسلمين أجمعين.
ولكن السؤال هنا على من تنّزل تلك التقديرات؟ ولَمّن تُرسل؟ هذا التساؤل قد يجيب عنه القرآن الكريم في بعض آياته بصورة إجمالية مثل قوله تعالى:)يُنَزِّلُ الْمَلاَئِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ( (النحل/3)، والمراد)مِنْ عِبَادِهِ( هم المخلصون منهم فقط، لا كل العباد، ولكن الجواب عن هذا التساؤل بصورةٍ واضحةٍ جلية تجيب عنه الأحاديث الشريفة المروية والثابتة عن النبي(صلى الله عليه و آله) وأهل بيته الأطهار وهي كثيرة وإليك بعضها.

الأحاديث الشريفة التي تجيب على هذا التساؤل
روى الثقات من العلماء كالصدوق في كتابيه (الخصال) و(إكمال الدين) والشيخ الطوسي في كتاب (الغيبة) مسنداً عن أبي جعفر الثاني، أي الإمام محمّد الجواد عن آبائه عن أمير المؤمنين(عليه السلام) أنه قال:
سمعت رسول الله(صلى الله عليه و آله) يقول لأصحابه: آمنوا بليلة القدر إنها تكون لعلي بن أبي طالب وولده الأحد عشر من بعدي(87).
وروى الصدوق في (الخصال)، وفي (إكمال الدين) والكليني في (الكافي) بأسانيدهم عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر(عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) ان أمير المؤمنين(عليه السلام) قال لأبن عباس:-
ان ليلة القدر في كل سنة، وانه يتنزل في تلك الليلة أمر السنة، ولذلك الأمر ولاة بعد رسول الله(صلى الله عليه و آله) فقال ابن عباس: مَن هم؟ قال: أنا وأحد عشر من صلبي أئمة مُحَدّثون(88) أي تحدّثهم الملائِكة.
وروى القمي في تفسيره، ومحمّد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات) بسنديهما عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام) وأبي عبد الله الصادق (عليه السلام) وأبي الحسن(عليه السلام) ، ومن طريق آخر عن أبي المهاجر عن أبي جعفر انه قال: يا أبا المهاجر لا تخفى علينا ليلة القدر، ان الملائِكة يطوفون بنا فيها(89).
وروى القمي بسنده في تفسير قول الله تعالى:)تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ( (المعارج/5)، عن أبي الحسن انه قال:)تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ( في صبح ليلة القدر من عند النبي والوصي(90).
وروى الصدوق في (معاني الأخبار) بسنده عن الأصبغ بن نباتة عن علي بن أبي طالب(عليه السلام) انه قال: قال لي رسول الله(صلى الله عليه و آله): يا علي أتدري ما معنى ليلة القدر؟ فقلت: لا يا رسول الله، فقال(صلى الله عليه و آله): انّ الله تبارك وتعالى قد قدّر فيها ما هو كائن إلى يوم القيامة، فكان فيما قدّر عَزّ وجَلّ ولايتك وولاية الأئمة من ولدك إلى يوم القيامة(91).
والمراد من هذا التقدير للولاية – التقدير الشرعي -.
وروى الصدوق في (معاني الأخبار) بسنده عن المفضل بن عمر قال: ذُكر عند أبي عبد الله(عليه السلام) )إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ( فقال: ما أبين فضلها على السور، قال: قلت: وأي شيءٍ فضلها على السور؟ قال: نزلت ولاية أمير المؤمنين فيها، قلت: في ليلة القدر التي نرتجيها في شهر رمضان؟ قال: نعم هي ليلة قدرّت فيها السموات والأرض، وقدّرت ولاية أمير المؤمنين عليه السلام فيها(92).
وروى محمّد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات) بسنده عن بُريدة (رض) انه قال: كنت جالساً مع رسول الله(صلى الله عليه و آله) وعلي معه، إذ قال: يا علي ألَمْ أشهِدْك معي في سبعة مواطن: الموطن الخامس: ليلة القدر خصّنا ببركتها ليست لغيرنا(93).
وروى الصفار أيضاً في (بصائر الدرجات) بسنده عن داوُد بن فرقد قال: سألته – أي الإمام الصادق(عليه السلام) – عن قول الله عَزّ وجَلّ:)إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ(1)وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ( قال: نزل فيها ما يكون من السنة إلى السنة، من موت أو مولود، قلت له: إلى مَن؟ فقال: إلى مَن عسى أن يكون؟ انّ الناس في تلك الليلة في صلاةٍ ودعاءٍ ومسألةٍ، وصاحب هذا الأمر في شغلٍ تنزل الملائِكة إليه بأمور السنة من غروب الشمس إلى طلوعها، من كل أمرٍ سلام هي إلى أن يطلع الفجر(94).
وروى الشيخ الطوسي في (أماليه)، والمفيد في (مجالسه)، وأبو جعفر الطبري الإمامي في (بشارة المصطفى) وعلي بن عيسى الأربلي في (كشف الغمة)، والشيخ حسن بن سليمان في (المختصر) وغيرهم بأسانيدهم عن الأصبغ بن نباتة قال: دخل الحارث الهمداني على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) في نفر من الشيعة، وكنت فيهم فجعل – الحارث – يتّئِد، أي يتثبت ويتأَنى، في مشيته، ويخبط الأرض بمحجنته، أي يضرب الأرض بعصاه، وكان مريضاً، فأقبل عليه أمير المؤمنين(عليه السلام) وكانت له منزلة منه، فقال له: كيف تجدك يا حارث؟ قال: نال الدهر مني يا أمير المؤمنين، وزادني أواراً وغليلا، أي حرارة في الحزن، اختصام أصحابك ببابك، قال: وفيم خصومتهم؟ قال: في شأنك والبلية من قبلك فمن مفرطٍ غالٍ، ومقتصدٍ قالٍ، أي مبغض لعدوّك، ومن متردد مرتاب لا يدري أيقدم أو يحجم، قال:
فحسبك يا أخا همدان ألا انّ خير شيعتي النمط الأوسط(95).
إليهم يرجع الغالي، وبهم يلحق التالي، قال: لو كشفت – فداك أبي وأمي – الرّين عن قلوبنا – أي الشك من نفوسنا – وجعلتنا في ذلك على بصيرة من امرنا، قال: فذاك، فانك أمرؤ ملبوس عليك، فان دين الله لا يعرف بالرجال بل بآية الحق، فأعرف الحق تعرف أهله، يا حارث ان الحق أحسن الحديث، والصادع به مجاهد، أي المتكلم به جهاراً مجاهد، وبالحق أخبرك فارعني سمعك، أي أصغِ لمقالي، ثم خبّر به من كانت له حصافة من أصحابك، وفي نصٍ: من كانت له حصانة(96).
ألا أني عبد الله، وأخو رسوله، وصدّيقه الأول، قد صدقته وآدم بين الروح والجسد، ثم أني صدّيقه الأول في أمتكم حقاً، فنحن الآخرون، ألا وأنا خاصته.
يا حارث وخالصته، وصنوه ووصيه، ووليه وصاحب نجواه وسره، أوتيت فهم الكتاب، وفصل الخطاب، وعلم القرون والأسباب، واستُودِعْتُ ألف مفتاح يَفتح كلّ مفتاح ألف باب، يفضي كل باب إلى ألف ألف عهد، وأيّدت – أو قال: أمددْت – بليلة القدر نفلاً – أي زيادة على ما أعطيت من الفضائل والكرائم، وان ذلك ليجري لي ومَن استُحفِظ من ذريتي ما جرى الليل والنهار حتى يرث الله الأرض ومَن عليها…الخ(97).
وروى الصفار في (بصائر الدرجات) بسنده عن محمّد بن عمران عن ابي عبد الله(عليه السلام) قال: قلت له: ان الناس يقولون: ان ليلة النصف من شعبان تكتب فيها الآجال، وتقسّم فيها الأرزاق، وتخرج صكاك الحاج، فقال: ما عندنا في هذا شيء، ولكن إذا كانت ليلة تسع عشر من شهر رمضان تكتب فيها الآجال، وتقسّم فيها الأرزاق، وتخرج صكاك الحاج، ويَطلّع الله على خلقه – أي ينظر إليهم ويشاهد حالهم – فلا يبقى مؤمن إلاّ غفر له إلاّ شارب الخمر.
فإذا كانت ليلة ثلاث وعشرين (فيها يفرق كل أمرٍ حكيم) أمضاه ثم أنهاه، قال الراوي: قلت: إلى مَن جعلت فداك؟ فقال: إلى صاحبكم وعنى بذلك نفسه (عليه السلام) ، ولولا ذلك لم يَعلم ما يكون في تلك السنة(98).
وقوله(عليه السلام) ولولا ذلك لم يَعلم…الخ، يشير بذلك إلى ان العلم بالأقدار الآتية إنما يعلمها أي الإمام من هذا الطريق المستند إلى رسول الله(صلى الله عليه و آله) وأخيراً إلى الله عَزّ وجَلّ، ولولاه لم يَعلم.
ومن هنا نعلم انه لا يعلم الغيب إلا الله عَزّ وجَلّ أو مَن يُعلّمه الله، قال تعالى:)عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا(26)إِلاَ مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا(27)لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا( (الجن/27-29).
وروى الصفار أيضاً في (بصائر الدرجات) عن أبي عبد الله الصادق(عليه السلام) انه قال:
قال علي(عليه السلام) في صبح أول ليلة القدر التي بعد رسول الله(صلى الله عليه و آله): فاسألوني فوالله لأخبرنكم بما يكون إلى ثلثمائة وستين يوماً من الذر فما دونه ومافوقه، ثم لا أخبركم بشيء من ذلك بتكلف، ولا برأي، ولا بادّعاء في علم إلاّ مِن علم الله وتعليمه، والله لا يسألني أهل التوراة، ولا أهل الإنجيل، ولا أهل الزبور ألاّ فرقت بين أهل كلّ كتاب بحكم ما في كتابهم…الخ(99).
وهذا الحديث يؤيد ما قلناه من ان علم الإمام إنما هو بتعليم من الله عَزّ وجَلّ.
وروى الكليني في (الكافي) عن الإمام أبي جعفر(عليه السلام) انه قال في وصيته لشيعته: يا معشر الشيعة خاصموا بسورة)إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ( تفلحوا، فوالله إنها لحجة الله تبارك وتعالى على الخلق بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) وإنها لسيدة دينكم، وإنها لغاية علمنا.
يا معشر الشيعة خاصموا بـ)حم(1)وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ(2)إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ( فإنها لولاة الأمر خاصة بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله).
يا معشر الشيعة يقول الله تبارك وتعالى)وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَ خلاَ فِيهَا نَذِيرٌ( (فاطر/25)، قيل: يا أبا جعفر نذيرها محمّد(صلى الله عليه و آله) قال: صدقت، فهل كان نذيرٌ وهو حي من البعثة في أقطار الأرض؟ فقال السائل: لا، قال أبو جعفر(عليه السلام): أرأيت بعيثه – أي الذي يبعثه رسول الله(صلى الله عليه و آله) إلى قومٍ _ أليس نذيره كما أنّ رسول الله(صلى الله عليه و آله) في بعثته من الله عَزّ وجَلّ نذيره؟ فقال السائل: بلى، قال: فكذلك لم يمت محمّد(صلى الله عليه و آله) إلاّ وله بعيث نذير، ثم قال الإمام(عليه السلام): فان قلت لا، فقد ضيّع رسول الله(صلى الله عليه و آله) مَن في أصلاب الرجال من أمته…الخ(100).

كشف الأحاديث عن حقائق ثابتة عند الجميع
تكشف لنا هذه الأحاديث الشريفة – وهي اثنى عشر حديثاً – عن حقائق عديدة وثابتة عند الجميع منها:

1-استمرار ليلة القدر في كل سنة
أولاً ان ليلة القدر مستمرة – في الأجيال كلها – إلى يوم القيامة وهذا ما دلّ عليه النص القرآني وهو قوله تعالى:)تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا( وقوله:)فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ( فقوله (تَنَزَّلُ) وقوله (يُفْرَقُ) بصيغة المضارع يدل على الاستمرار لا على الماضي فقط، كما أنّ استمرارها جاء في أحاديث صريحة عن النبي(صلى الله عليه و آله) الصادق الأمين، وأهل بيته الأطهار وأصحابه الكرام، والتابعين لهم من طرقٍ عديدة، ويقول جمهور المسلمين: انها باقية في كل سنة، ويحتفلون بها كل عام كما هو معلوم، ويصرح به علماؤهم، وتنص عليه أحاديثهم(101).

​


من مواضيع صدى المهدي » الانتظار والصِّراع بين المستضعفين والمستكبرين
» الإستفتاءات … أسئلة بشأن البيع والشراء
» أنَّ الدين هو وسيلة اخترعها الأقوياء والأثرياء لتخدير الفقراء
» تحت شعار (من نهج الزهراء حجابي وبزينب اقتدائي)
» زيارة حمزة بن عبد المطلب (ره) في أحد
رد مع اقتباس
قديم 16-10-2022, 08:18 AM   رقم المشاركة : 13
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي

- فيها تَنزّل الملائِكة على النبي(صلى الله عليه و آله) والأئمة الاثنى عشر
ثانياً ان كل ليلة قدرٍ)تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا( على النبي(صلى الله عليه و آله) والأئمة الأطهار الاثنى عشر بعده واحداً بعد واحد، أيام حياتهم وبعد مماتهم وآخرهم مهدي آل محمّد(صلى الله عليه و آله) الموجود في الجماعة الإسلامية وبينها وان كان غائباً عن الأبصار، وأنهم هم ولاة الأمر الذين عناهم الله تعالى بقوله:)يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأْمْرِ مِنْكُمْ( (النساء/60)، حيث قرن جل وعلا إطاعتهم بإطاعة الرسول(صلى الله عليه و آله) كما قرن الزكاة بالصلاة، ومعنى هذا الاقتران ان منزلتهم – عند الله عَزّ وجَلّ – كمنزلة الرسول في العصمة ووجوب الإطاعة إلاّ أنهم ليسوا أنبياء بعده كما هو معلوم من قول الله عَزّ وجَلّ:)مَا كَانَ محمّد أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا( (الأحزاب/41)، ومن قول النبي(صلى الله عليه و آله): {علي منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ انه لا نبي بعدي}(102).
وجعل جل وعلا أيضاً إطاعتهم – المقرونة بإطاعة الرسول – في آية أولي الأمر مطلقة غير مقيدة بقيد أو شرط، وهذا يدل على عصمتهم وعظيم مقامهم عنده تعالى.

3- الأئمة محدّثون وليسوا بأنبياء
ثالثاً ان الملائكة الذين يتنزلون في ليلة القدر يحدّثون النبي(صلى الله عليه و آله) والأئمة الأطهار من أهل بيته ويُعلمونهم بما قدْر الله المتعال لعباده في سنتهم، فهم محدّثون أي تحدثهم الملائكة وليسوا بأنبياء.
وهنا قد يتساءَل ويقال: وهل تحدث الملائكة غير الأنبياء؟ الجواب: نعم، انّ الملائكة تحدث الأنبياء وغير الأنبياء ممّن شاء من عباده كما هو صريح في نصوص القرآن المجيد، وإليك بعضهم.

المحدّثون، وليسوا بأنبياء من الرجال والنساء
فهذهِ مريم بنت عمران(عليها السلام) كانت محدَثة ولم تكن نبية، يقول عز مِن قائل:)وَإِذْ قَالَتْ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42) يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) ذَلِكَ مِنْ أنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44) إِذْ قَالَتْ الْمَلاَئِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنْ الصَّالِحِينَ (46) قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ( (آل عمران/42-48).
وهذهِ سارة زوجة إبراهيم الخليل كانت محدَثة ولم تكن نبية يقول الله تعالى:)وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69) فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ (70) وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71) قَالَتْ يَاوَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ( (هود/70-74).
وهذهِ أم موسى بن عمران وأسمها (بوخابيد) على الأشهر كانت محدَثة ولم تكن نبية يقول الله سبحانه:)وَأَوْحَيْنا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ( (القصص/8).
وهذهِ سيدتهن فاطمة الزهراء(عليها السلام) كانت محدَثة ولم تكن نبية كما جاء في الحديث المسند عن محمّد بن عيسى بن زيد بن علي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنما سميّت فاطمة محدَّثة لأن الملائِكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما تنادي مريم وتقول لها: يا فاطمة ان الله اصطفاكِ وطهركِ واصطفاكِ على نساء العالمين يا فاطمة اقنتي لربكِ واسجدي واركعي مع الراكعين، فتحدثهم ويحدثونها، فقالت ذات ليلةٍ: ألَيست المفضلة على نساء العالمين مريم بنت عمران؟ فقالوا: ان مريم كانت سيدة نساء عالمها، وان الله جعلكِ سيدة نساء الأولين والآخرين(103).
أمّا المحدَثون من الرجال فهم كثيرون ومنهم ذو القرنين الذي ذكر الله سبحانه وتعالى قصته في سورة الكهف يقول:)وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأْرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) فَأَتْبَعَ سَبَبًا( (الكهف/84-86).
ومن المحدَثين من الرجال أيضاً لقمان الحكيم(عليه السلام) الذي سّمى الله سبحانه وتعالى سورة من سور القرآن المجيد بإسمه، ونصّ فيها على إعطائه الحكمة بقوله تعالى:)وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنْ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ( (لقمان/13).
ومن المحدثين من الرجال يوشع بن نون(عليه السلام) وهو وصي كليم الله موسى بن عمران وخليفته من بعده، وهو الذي عبّر عنه القرآن بفتى موسى حيث قال تعالى:)وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لاَ أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا( (الكهف/61).
وهكذا آصف بن برخيا وهو وصي سليمان بن داوُد(عليه السلام) وهو الذي ذكره الله سبحانه عند استعراض قصة سليمان مع بلقيس وإتيان عرشها بقوله:)قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ( (النمل/41).
فهؤلاء كانوا محدثين ولم يكونوا أنبياء ومن هنا جاء في حديثٍ مسندٍ عن حمران بن أعين قال: قال أبو جعفر (أي الإمام الباقر(عليه السلام)) إنّ علياً كان محدّثاً، قال فخرجت إلى أصحابي فقلت لهم، جئتكم بعجيبة، فقالوا: وما هي؟ فقلت: سمعت أبا جعفر(عليه السلام) يقول: كان علي(عليه السلام) محدثاً، فقالوا: ما صنعت شيئاً، ألا سألته مَن كان يحدّثه؟ فرجعت إليه فقلت: إني حدثت أصحابي بما حدثتني به، فقالوا: ما صنعت شيئاً ألا سألته مَن كان يحدّثه؟ فقال لي: يحدّثه ملك، قلت: تقول: انه نبي؟ قال: فحرّك الإمام يده هكذا – أي أنه(عليه السلام) نفى بيده أن يكون نبياً، ثم قال: أو كصاحب سليمان، أو صاحب موسى، أو كذي القرنين، أو ما بلغكم انه(عليه السلام) قال: وفيكم مثله(104).


من مواضيع صدى المهدي » الانتظار والصِّراع بين المستضعفين والمستكبرين
» الإستفتاءات … أسئلة بشأن البيع والشراء
» أنَّ الدين هو وسيلة اخترعها الأقوياء والأثرياء لتخدير الفقراء
» تحت شعار (من نهج الزهراء حجابي وبزينب اقتدائي)
» زيارة حمزة بن عبد المطلب (ره) في أحد
رد مع اقتباس
قديم 16-10-2022, 08:19 AM   رقم المشاركة : 14
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي

الملائِكة تحدّث المؤمنين وغير المؤمنين عند حضور آجالهم
بل يرشدنا القرآن الكريم إلى ان كلّ محتضرٍ من الناس من المؤمنين، بل وغير المؤمنين قد تحدّثه الملائِكة عند حضور أجله وقبض روحه، كما جاء هذا صريحاً في عدة آيات من القرآن المجيد.
أما بالنسبة إلى المؤمنين فيقول عز من قائل:)إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ(30)نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآْخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ(31)نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ( (فصّلت/31-33)، ويقول تبارك وتعالى:)الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلاَئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ( (النحل/33)، وقال جلّت عظمته مخاطباً روح المؤمن عند قبضها: )يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ(27)ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً(28)فَادْخُلِي فِي عِبَادِي(29)وَادْخُلِي جَنَّتِي( (الفجر/28-31).
هذا بالنسبة إلى المؤمن، وأمّا بالنسبة لغير المؤمن فإن الملائِكة أيضاً تحدثهم عند قبض أرواحهم، وتبشرهم بالنار يقول تعالى:)إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأْرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا( (النساء/98)، وقال تعالى أيضاً:)الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوْا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ( فتجيبهم الملائِكة –)بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ(28) فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ( (النحل/29-30).
فمختلف الملائِكة وحديثهم مع الأئمة الأطهار بعد النبي(صلى الله عليه و آله) أمرٌ ممكن ولا مانع منه بحكم الأدلة الخاصة والعامة قال تعالى:)أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا( (النساء/55)، وقال تعالى:)ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنْ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا( (النساء/71).

الطريق الرابع من ينابيع علم الأئمة (عليهم السلام)
الوراثة من السابق إلى الّلاحِق
قال عز من قائل:)وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنْ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ(31)ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ( (فاطر/32-33).
مَن الذين آصطفاهم الله؟ وسبقوا غيرهم بالخيرات؟
الخطاب في هاتين الآيتين الكريمتين من الله عَزّ وجَلّ إلى النبي(صلى الله عليه و آله) يخبره – مؤكداً له – ان الكتاب الذي أوحاه الله إليه – وهو القرآن – هو الحق الذي لا يشوبه باطل مطلقاً، ويوضّح ذلك قوله تعالى في سورة فصّلت:)وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ(41)لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ( (فصّلت/42-43).
فهذا الكتاب الذي هو الحق جاء)مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ( أي مصدقاً للكتب الإلهية التي أنزلها الله قبله من صحف وتوراة وإنجيل وزبور، وان الله بعباده لخبير بصير، أي لا يخفى عليه شيء من أعمالهم لخبرته بهم، وإبصاره لأعمالهم عند صدورها منهم.
ثم يقول الخبير البصير سبحانه في الآية الثانية:)ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا( أي هذا الكتاب هو الحق أورثناه الذين اصطفينا من عبادنا، أي تركناه فيهم يقومون بأمره بعد النبي(صلى الله عليه و آله) من بعد ما كان هو (صلى الله عليه و آله) القائم بأمره، المتصرف فيه، والداعي إليه، والارث كما يكون للمال المادّي كذلك يكون للعلم والجاه وسائر الأمور المادية والمعنوية، وعلى هذا يكون إيراث هذا الكتاب – في خصوص هذهِ الآية الكريمة – إيراثاً عاماً لكل ما في هذا الكتاب من أنواع العلوم والمعارف للذين اصطفاهم الله من عباده بعد رسوله(صلى الله عليه و آله) لا مجرد الكتاب المجموع ما بين الدفتين بل هو، وما يحتوي عليه الكتاب من علوم ومعارف مطلقاً.
والاصطفاء معناه أخذ صفوة الشيء، ويقرب معنى الاصطفاء من معنى الاختيار، ولكنّ الفرق بينهما ان الاختيار أخذ الشيء من بين الأشياء بما انه خيرها، أمّا الاصطفاء فمعناه أخذه من بينها بما أنه صفوتها وخالصتها وعلى هذا يكون الاصطفاء أبلغ من الاختيار، ولذلك يجب أن يكون الذين اصطفاهم الله تعالى مطهرين معصومين منزهين عن القبائح، لأنه سبحانه لا يصطفي إلاّ من كان كذلك، بحيث يكون ظاهرهم مثل باطنهم في الطهارة والعصمة سواءً كانوا أنبياء أو أئمة أو غيرهم ممّن عصمهم الله واختارهم.
أمّا المراد من هؤلاء الذين اصطفاهم الله – في هذهِ الآية الكريمة – وأورثهم الكتاب مَن هم؟، ففيه اختلاف بين المفسرين، وأشهر أقوالهم أربعة:
أولاً:- قيل: هم أمة محمّد(صلى الله عليه و آله) بحجة أُورثوا القرآن من نبيهم إليه يرجعون، وبه ينتفعون، علماؤهم بلا واسطة وغيرهم بواسطتهم.
ثانياً:- وقيل: هم العلماء من الأمة باعتبار ان العلماء ورثة الأنبياء.
ثالثاً:- وقيل: انهم ذرية النبي(صلى الله عليه و آله) من أولاد فاطمة وان الآية نازلة فيهم، ووردت في هذا القول أحاديث عن بعض أئمة الهدى.
رابعاً:- القول المآثور عن الصادقين – بتواتر قطعي – ان المقصود من الذين اصطفاهم الله – في هذهِ الآية – إنما هم الأئمة الاثنى عشر من آل محمّد(صلى الله عليه و آله) ، وفيهم نزلت الآية الكريمة)ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا(.
فهذهِ أربعة أقوال في المراد من الذين اصطفاهم الله وأورثهم الكتاب.

التحقيق في مَن اصطفاهم الله، وأورثهم الكتاب؟
القول الأول إنهم الأمة كلها، والثاني علماؤهم كلّهم، وهذان القولان من جهةٍ لا نصَّ فيهما عن النبي(صلى الله عليه و آله) وأهل بيته الطاهرين سوى إدعاء بعض المفسرين فقط، والإدعاء بلا دليل لا حجة فيه، هذا من جهة، ومن جهةٍ أُخرى انهما يخالفان نصوص الآيتين والآيات التي بعدهما التي نصّت على دخول – من نزلت بهم الآيات – جنّات عدن، ووصفت النعيم المقيم الذي سيلاقونه فيها…الخ.
وهذا قطعاً لا يكون للأمة الإسلامية كلها ولا لعلمائها كلهم، وفيهم مَن فيهم ممّن يعلم ولا يعمل ويتبع هوى نفسه الأمارة بالسوء وما أكثرهم.
أمّا القول الثالث وهو أنهم ذريّة النبي(صلى الله عليه و آله) من فاطمة، فيراد بهم المؤمنون من ذريتها الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً، لا مَن دعا إلى نفسه، أو سلّ سيفه عليهم(105).
بغياً فانه خارج بالدليل، فهذهِ الذرية المؤمنة يمكن نسبة الاصطفاء، والوراثة إليهم من باب نسبة البعض إلى الكل، ويكون هذا كقوله تعالى:)وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ(53)هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الأْلْبَابِ( (المؤمن/54-55)، فبنوا إسرائيل – بنص هذهِ الآية – أورثوا الكتاب، ولكن المُودّون حقه، والعارفون القائمون به بعضهم، وهم الذين اصطفاهم الله من الأنبياء والأوصياء منهم لا جميعهم فكذلك هذهِ الآية - المبحوث عنها - إيراث الكتاب فيها – وهو القرآن – وان نُسب في الأخبار - إلى ذرية النبي ولكن المقصود الأئمة الاثنى عشر منهم(عليهم السلام) إذ هم القائمون العارفون به، والمُودّون حقه، واصطفاهم من بين البرية على البرية.
ومن هنا نعلم ان الحق والحقيقة – في المقصود – من الاصطفاء والوراثة والسبق بالخيرات إنما هم الأئمة الطاهرون فقط دون غيرهم.

​


من مواضيع صدى المهدي » الانتظار والصِّراع بين المستضعفين والمستكبرين
» الإستفتاءات … أسئلة بشأن البيع والشراء
» أنَّ الدين هو وسيلة اخترعها الأقوياء والأثرياء لتخدير الفقراء
» تحت شعار (من نهج الزهراء حجابي وبزينب اقتدائي)
» زيارة حمزة بن عبد المطلب (ره) في أحد
رد مع اقتباس
قديم 16-10-2022, 08:19 AM   رقم المشاركة : 15
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي

الإشارة إلى محاجة الإمام الرضا(عليه السلام)حول الآية
وللإمام الرضا(عليه السلام) حول هذهِ الآية الكريمة – محاجّة طويلة مع جماعة من علماء أهل العراق وخراسان في مجلسٍ من مجالس المأمون العباسي، وأثبت الإمام(عليه السلام) ان الذين اصطفاهم الله وأورثهم الكتاب وسبقوا غيرهم بالخيرات إنما هم عترة النبي(صلى الله عليه و آله) أهل بيته من بعده، أثبت ذلك بالعشرات من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية الشريفة، مع دليل العقل والمنطق الحاسم بحيث اعترفَ – بعد تلك المحاجّة – المأمون والعلماء جميعاً بواقعها، وقالوا للإمام: جزاكم الله أهل بيت نبيكم عن هذهِ الأمة خيراً، فما نجد الشرح والبيان فيما اشتبه علينا إلاّ عندكم(106).
أمّا قوله تعالى في الآية الكريمة:)فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ( هنا يحتمل ان يكون ضمير (منهم) راجعاً إلى قوله تعالى)الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا( فتكون الطوائف الثلاث الظالم لنفسه والمقتصد بالخيرات شركاء في الوراثة والاصطفاء، وإنْ كان الوارث الحقيقي والمصطفى هو العالم بالكتاب والحافظ له، وهو السابق بالخيرات والمصطفى، وقد مرّ بيان ذلك.
ويحتمل أن يكون الضمير راجعاً إلى قوله تعالى)مِنْ عِبَادِنَا( وهم أمّا ذرّية النبي(صلى الله عليه و آله) وأنّ هذهِ الذرية منهم الظالم لنفسه وهو الذي لم يعرف حق الإمام، ومنهم المقتصد الذي عرف حق الإمام، ومنهم السابق بالخيرات وهو الإمام نفسه.
وأمّا المراد من)عِبَادِنَا( مجموع الأمة الإسلامية، وقد اختار هذا القول السيد المرتضى، وانّ منهم الظالم لنفسه، ومنهم المقتصد، ومنهم السابق بالخيرات، وهم الاثنى عشر كما علمنا ممّا مضى، ولا يبعد صحة هذا القول.
وقد ذكر الله تعالى هذهِ الأقسام في سورة الواقعة بقوله تعالى:)وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاَثَةً(7)فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ(8)وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ(9)وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ(10)أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ(11)فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ(12)ثُلَّةٌ مِنْ الأْوَّلِينَ(13) وَقَلِيلٌ مِنْ الآْخِرِينَ( (الواقعة/8-15).
وخلاصة الآية الكريمة – لمن تَدبّرها – ان إيراث الكتاب – وهو القرآن الكريم الذي فيه تبيان كل شيء، وما فرّط الله فيه من شيء – كلّه بتفسيره تنزيلاً وتأويلاً وسائر معارفه وعلومه كان لمن اصطفاهم الله واختارهم من بين عباده، وان العباد منهم الظالم لنفسه، ومنهم المقتصد، ومنهم السابق بالخيرات بأذن الله إذناً تكوينياً، أي بالفعل كانوا هم السابقين لغيرهم من العباد بكل فضل وفضيلة، وإذناً تشريعياً، أي شرع الله لهم السبق على غيرهم، وإن هذا الإيراث والاصطفاء والسبق هو الفضل الكبير من الله لهم.
)ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِـدٌ وَمِنْهُمْ سـَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ( (107).

الموارد العلمية التي ورثها الأئمة عن النبي(صلى الله عليه و آله)
1-علمنا ممّا سبق انّ أول علمٍ ورثوه عن النبي(صلى الله عليه و آله) هو العلم الإلهامي الذي هو أساس علومهم كلها كما مرَّ تفصيله، أي انهم لا يُلهمون شيئاً من العلم إلاّ بعد ما أُلهم به النبي(صلى الله عليه و آله) ويُعلَم به، ثم يُلهم به كل واحدٍ منهم سواء أيام حياتهم أو بعد وفاتهم، حتى لا يكون اللاحق أعلم من السابق.
2-علم صحائف الأعمال للعباد أيضاً تعرض على السابق منهم ثم اللاحق.
3-علم المقدّرات في ليلة القدّر الى ليلة القدر الثانية تعرض على السابق قبل اللاحق وهلّم جرا.
4-ورثوا القرآن بأنواع علومه ومعارفه تنزيلاً وتأويلاً، كما قال تعالى: )ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنا(.

أول الوارثين المصطفين علي أمير المؤمنين(عليه السلام)
وأول الذين اصطفاهم بعد نبيه، وأورثهم علوم الكتاب هو نفس النبي (صلى الله عليه و آله) بحكم آية المباهلة(108)، وأخوه بحكم المؤاخاة قبل الهجرة وبعدها(109)، وزوج سيدة نساء العالمين التي زوجه الله سبحانه بها، وأشهد على زواجه ملائكته(110)، وربيبة الذي وضعه في حجره وهو وليد، يضمّه إلى صدره، ويكنفه في فراشه، ويمضغ الشيء ثم يلقمه إياه(111)، وباب مدينة علمه بنص النبي الصادق الأمين(صلى الله عليه و آله) وهو علي أمير المؤمنين(عليه السلام) (112).

علْمُهُ (عليه السلام)بالقرآن، وقوله: سلوني قبل أن تفقدوني
ومن هنا كان(عليه السلام) طالما يرقى المنبر – أيام خلافته – ويقول: سلوني قبل أن تفقدوني، ومن ذلك ما قاله(عليه السلام) لمّا بُويع بالخلافة: يا معشر الناس سلوني قبل أن تفقدوني، هذا سفط العلم، هذا لُعاب رسول الله، هذا ما زقني رسول الله زقّاً زقّا، فاسألوني فإن عندي علم الأولين والآخرين، أمّا والله لو ثنيت لي وسادة فجلست عليها لأفتيت أهل التوراة بتوراتهم حتّى تنطق التوراة فتقول: صدق عليٌّ ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل الله فيّ، وأفتيت أهل الإنجيل بإنجيلهم حتّى ينطق الإنجيل فيقول: صدق عليٌّ ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل الله فيَّ، وأفتيت أهل القرآن بقرآنهم حتى ينطق القرآن فيقول: صدق عليٌّ ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل الله فيَّ، وأنتم تتلون القرآن ليلاً ونهاراً فهل فيكم أحد يعلم ما نزل فيه، ولولا آية في كتاب الله عَزّ وجَلّ لأخبرتكم بما كان وبما يكون وبما هو كائن إلى يوم القيامة وهي هذهِ الآية)يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ( (الرعد/40).
ثم قال(عليه السلام) سلوني قبل أن تفقدوني فوالذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لو سألتموني عن آيةٍ آية في ليلٍ أُنزلت أو في نهارٍ أُنزلت، مكيّها ومدنيها، سفريها وحضريها، ناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها، وتأويلها وتنزيلها لأَخبرّتكم…الخ(113).

حديث مهم له(عليه السلام)حدّث به سُلَيْم الهلالي
عن سُلَيْم بن قيس قال: قلت لأمير المؤمنين: يا أمير المؤمنين إني سمعت من سلمان، والمقداد، وأبي ذر شيئاً من تفسير القرآن، ومن الأحاديث عن النبي(صلى الله عليه و آله) ثم سمعت منك تصديق ما سمعته منهم، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن، ومن الأحاديث عن النبي(صلى الله عليه و آله) تخالف الذي سمعته منكم، وأنتم تزعمون انّ ذلك باطل، أَفتَرَى يكذبون على رسول الله(صلى الله عليه و آله) متعمدين؟ ويفسرون القرآن برأيهم؟ قال: فأقبل علي(عليه السلام) فقال لي:
يا سُلَيْم سألت فأفهم الجواب:
ان في أيدي الناس حقاً وباطلاً، وصدقاً وكذباً، وناسخاً ومنسوخاً، وخاصاً وعامّاً، ومحكماً ومتشابهاً، وحفظاً ووهماً، وقد كُذِبَ على رسول الله(صلى الله عليه و آله) على عهده، حتى قام خطيباً فقال:
أيها الناس قد كثرت الكذّابة، فمن كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار، ثم كُذِبَ عليه من بعده حتى توفيَّ رحمة الله على نبي الرحمة وصلى الله عليه وآله.

​


من مواضيع صدى المهدي » الانتظار والصِّراع بين المستضعفين والمستكبرين
» الإستفتاءات … أسئلة بشأن البيع والشراء
» أنَّ الدين هو وسيلة اخترعها الأقوياء والأثرياء لتخدير الفقراء
» تحت شعار (من نهج الزهراء حجابي وبزينب اقتدائي)
» زيارة حمزة بن عبد المطلب (ره) في أحد
رد مع اقتباس
قديم 16-10-2022, 08:20 AM   رقم المشاركة : 16
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي

تقسيم المحدّثين عن النبي إلى أربعة أقسام
وإنما يأتيك بالحديث أربعة نفر ليس لهم خامس، (رجل) منافق مظهر للإيمان، متصنّع بالإسلام، لا يتأَثَمُ ولا يتحرّج ان يكذب على رسول الله(صلى الله عليه و آله) متعمداً، فلو علم المسلمون انه منافق كذّاب لم يقبلوا منه، ولم يصّدقوه، ولكنهم قالوا: هذا صاحب رسول الله.
وقد أخبر الله عن المنافقين بما اخبر ووصفهم بما وصفهم فقال الله عَزّ وجَلّ:)وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ( (المنافقون/5)، ثم بقوا بعده وتقربوا إلى أئمة الضلال والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان، فولوهم الأعمال وحملوهم على رقاب الناس، وأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك، والدنيا إلاّ من عصم الله، فهذا أول الأربعة.
و(رجل) سمع من رسول الله(صلى الله عليه و آله) فلم يحفظه على وجهه، ووَهِمَ فيه، ولم يتعمّد كذبّاً، وهو في يده يرويه ويعمل به، ويقول: أنا سمعته من رسول الله(صلى الله عليه و آله) فلو علم المسلمون انه وهمٌ لم يقبلوا، ولو علم هوانه وهمٌ لرفضه.
و(رجل) ثالث سمع رسول الله(صلى الله عليه و آله) شيئاً أمر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم، أو سمعه نهى عن شيءٍ ثم أمر به وهو لا يعلم، حفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ فلو علم انه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون انه منسوخ لرفضوه.
و(رجل) رابع لم يكذب على الله، ولا على رسول الله بغضاً للكذب وتخوفاً من الله وتعظيماً لرسوله(صلى الله عليه و آله) ولم يوهم، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمعه لم يزد فيه ولم ينقص، وحفظ الناسخ من المنسوخ فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ، وانّ أمر رسول الله(صلى الله عليه و آله) ونهيه مثل القرآن ناسخ ومنسوخ، وعامٌ وخاص، ومحكم ومتشابه، وقد كان يكون من رسول الله(صلى الله عليه و آله) الكلام له وجهان كلام خاص، وكلام عام مثل القرآن يسمعه مَن لا يعرف ما عنى الله به، وما عنى به رسول الله(صلى الله عليه و آله).
وليس كل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان يسأله فيفهم، وكان منهم من يسأله ولا يستفهم، حتى ان كانوا يحبّون ان يجئَ الطارئ، والأعرابي فيسأل رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى يسمعوا منه، وكنت أدخل على رسول الله(صلى الله عليه و آله) كل يومٍ دَخلةٍ، وكل ليلةٍ دَخلة، فيخليني فيها أدور معه حيث دار، وقد علم أصحاب رسول الله(صلى الله عليه و آله) انه لم يكن يصنع ذلك بأحد غيري، وربما كان ذلك في منزلي فإذا دخلت عليه في بعض منازله خلا بي وأقام نساءَه فلم يُبقِ غيري وغيره، وإذا أتاني للخلوة في بيتي لم يُقِم مَن عندنا لا فاطمة ولا أحداً من ابْنيَ، وإذا سألته أجابني، وإذا سكتُّ أو نفذت مسائلي ابتدأني، فما نزلت عليه آية من القرآن إلاّ اقرأنيها وأملاها عليَّ فكتبتها بخطي، ودعا الله أنْ يفهمني إياها ويحفظني، فما نسيت آية من كتاب الله منذ حفظتها وعلّمني تأويلها وأملاه عليَّ فكتبته، وما ترك شيئاً علّمه الله من حلال وحرام، أو أمرٍ ونهي، أو طاعةٍ ومعصية، ما كان أو يكون إلى يوم القيامة إلاّ وقد علّمنيه وحفظته ولَم أنسَ منه حرفاً واحداً، ثم وضع يده على صدري ودعا الله أنْ يملأ قلبي علماً، وفهماً وحكماً ونوراً، وأن يعلمني فلا أجهل، وأن يحفظني فلا أنسى، فقلت له ذات يوم: يا نبي الله إنك منذ يوم دعوت الله لي لَمْ أنسَ شيئاً ممّا علمتني، فَلِمَ تمليهِ عليَّ وتأمرني بكتابته؟
أتتخوّف عليَّ النسيان؟ فقال: لا يا أخي لست أخوف عليك النسيان، ولا الجهل، وقد أخبرني الله انه قد استجاب لي فيك وفي شركائك الذين يكونون مِن بعدك.
قلت: يا نبي الله ومَن شركائي؟ قال الذين قرنهم الله بنفسه، وبي معه، الذين قال في حقهم)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأْمْرِ مِنْكُمْ( (النساء/60)، قلت: يا نبي الله ومَن هم؟ قال: الأوصياء إلى ان يَردُوا عليَّ حوضي، كلّهم هادٍ مهتدٍ لا يضرهم كيد مَن كادهم، ولا خذلان مَن خذلهم، هم مع القرآن والقرآن معهم لا يفارقهم، بهم ينصر الله أُمتي، وبهم يُمطرون، ويدفع عنهم بمستجاب دعوتهم.
فقلت يا رسول الله سمّهم لي؟ فقال: ابني هذا – ووضع يده على رأس الحسن – ثم ابني هذا – ووضع يده على رأس الحسين – ثم ابن ابني هذا – ووضع يده على رأس الحسين أيضاً – وهو "علي بن الحسين" ثم ابنٌ له أسمي اسمه محمّد باقر علمي وخازن وحي الله، وسيولد عليٌ في حياتك يا أخي فأقرْئه مني السلام، ثم أقبل على الحسين وقال له: سيولد لك محمّد بن علي في حياتك فأقرئْه مني السلام، ثم تكملة الاثنى عشر إماماً من ولدك يا اخي، فقلت: يا نبي الله سمّهم لي فسمّاهم لي رجلاً رجلاً، منهم والله – يا بني هلال – مهدي هذهِ الأمة يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئت ظلماً وجورا، والله إني لأعرف جميع مَن يبايعه بين الركن والمقام، وأعرف أسماء الجميع وقبائلهم.
قال سُليم: ثم لقيت الحسن والحسين(عليهما السلام) بالمدينة بعد ما قتل أمير المؤمنين(عليه السلام) فحدثتهما بهذا الحديث عن أبيهما فقالا: صدقت، قد حدثك أبونا بهذا الحديث ونحن جلوس، وقد حفظنا ذلك عن رسول الله(صلى الله عليه و آله) كما حدثك أبونا سواءً لم يزد ولم ينقص.
قال سُليم: ثم لقيت علي بن الحسين(عليه السلام) وعنده ابنه محمّد بن علي(عليه السلام) فحدثته بما سمعت من أبيه وعمه وما سمعت من علي(عليه السلام) فقال علي بن الحسين(عليه السلام): قد أمرني أمير المؤمنين(عليه السلام) عن رسول الله(صلى الله عليه و آله) السلام وهو مريض وأنا صبي، ثم قال محمّد(عليه السلام): وقد أمرني جدي الحسين(عليه السلام) من رسول الله(صلى الله عليه و آله) – وهو مريض – السلام …الخ(114).

الطريق الخامس من ينابيع علم الأئمة(عليهم السلام)

الكتب المنزلة على رُسل الله السابقين
الخامس ممّا ورثه علي(عليه السلام) والأئمة من أبنائه من النبي(صلى الله عليه و آله) الكتب الإلهية التي أنزلها الله على رسله وأنبيائه السابقين من صحفٍ، وتوارةٍ، وإنجيل، وزبور، وسائر ما أتى الله رسله من علومٍ ومعجزات، وسلاح وكرامات، وقد ورثها النبي(صلى الله عليه و آله) عنهم، وورثها أئمة الهدى منه(صلى الله عليه و آله) وقد تواتر هذا عنهم(عليهم السلام) وأذاعوه ونشروه في الكثير من أحاديثهم الشريفة، وما ورد عنهم في أدعيتهم، والزيارات الواردة عنهم، حتى لا يبقى أحد يجهل هذهِ الحقيقة الثابتة لهم، وإليك بعض تلكم النصوص.

نصوص من الأحاديث
فقد ذكر شيخنا الكليني في (أصول الكافي) في أبواب عديدة في أنهم (عليهم السلام) ورثة علوم النبي(صلى الله عليه و آله) الذي ورث من قبلهم علوم الأنبياء(عليهم السلام) حيث روى في باب: "ان الأئمة(عليهم السلام) ورثة العلم يرث بعضهم بعضاً" ثمانية أحاديث في هذا الباب نذكر واحداً منها حذراً من الإطالة.
روى مسنداً عن علي بن النعمان، عن أبي جعفر(عليه السلام) انه قال: يمصّون الثماد، ويدعون النهر العظيم، قيل له: وما النهر العظيم؟ قال: رسول الله(صلى الله عليه و آله) ، والعلم الذي أعطاه الله، ان الله جمع لمحمّد(صلى الله عليه و آله) سنن النبيين من آدم وهلّم جّرا إلى محمّد(صلى الله عليه و آله) ، قيل له: وما تلك السنن؟ قال: علم النبيين بأسره، وان رسول الله(صلى الله عليه و آله) صيّر ذلك كلّه عند أمير المؤمنين(عليه السلام) ، فقال له رجل: يا بن رسول الله فأمير المؤمنين أعلم أم بعض النبيين؟ فقال أبو جعفر: اسمعوا ما يقول: إنّ الله يفتح مسامع مَن يشاء إني أُحدثه انّ الله جمع لمحمّد(صلى الله عليه و آله) علم النبيين، وإنه جمع ذلك كله عند أمير المؤمنين(عليه السلام) وهو يسألني أهو أعلم أم بعض النبيين؟(115)

إيضاح مهم للحديث الأول
قوله(عليه السلام) في هذا الحديث الشريف: يمصّون الثماد، ويدعون النهر، المص هو الشرب بالجذب كما يجذب الرضيع الّلبن من ثدي أمه ويمصّه، والثماد جمع، مفرده الثَمد، وهو الماء القليل المتجمع في الأرض والوحل، وأراد(عليه السلام) بهذا المثل أن يبيّن لنا انّ الذي يأخذ العلم من غير طريق علي والأئمة مثله كمن يمصّ الماء القليل المخلوط بالطين، والذي ليس له مادّة متصلة من ينبوع جارٍ، ويعني بذلك ان هذا العلم المأخوذ من غير طريقهم (عليهم السلام) كلّه مخلوط بالشبه والشكوك وغير معلوم اتصاله بالمنبع الأصيل، كما الثماد المخلوط بالطين والوحل، وَمثَلُ مَن يأخذ العلم من طريق أهل البيت(عليهم السلام) كمثل مَن يشرب الماء ويأخذه من النهر العظيم الجاري الذي لا ينقطع فحينئذٍ يكون علمه متصلاً بالعلم الذي أخذه رسول الله(صلى الله عليه و آله) عن الله عَزّ وجَلّ من طريق الوحي والإلهام، والذي جمع الله له علوم النبيين كلّهم، وأخيراً أودعه كلّه عند علي أمير المؤمنين والأئمة من أبنائه(عليهم السلام).
وإلى هذهِ الحقيقة يشير النبي(صلى الله عليه و آله) بأحاديث كثيرة وشهيرة من طرقٍ عديدة، مثل قوله(صلى الله عليه و آله):
{أنا مدينة العلم وعلي بابها…الخ}(116).
وقوله(صلى الله عليه و آله): {علي والأئمة من بعده أبواب العلم في أمتي}(117).
وقوله(صلى الله عليه و آله) من جملة حديث: {علي وارث علم النبيين}(118).
وذكر الكليني في (الكافي) باب "ان الأئمة(عليهم السلام) ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء" سبعة أحاديث نذكر واحداً منها مسنداً عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: قال رسول الله(صلى الله عليه و آله): ان أول وصيٍّ كان على وجه الأرض هبة الله (شيت) بن آدم، وما من نبي مضى إلاّ وله وصيّ، وكان جميع الأنبياء مائة ألف نبي وأربعة وعشرين ألف نبي، منهم خمسة أولوا العزم، نوح، وإبراهيم، وعيسى، وموسى، ومحمّد عليهم السلام، وان علي بن أبي طالب كان هبة الله لمحمّد(صلى الله عليه و آله) ورث علم الأوصياء وعلم مَن كان قبله، أما انّ محمّداً ورث علم مَن كان قبله من الأنبياء والمرسلين، على قائمة العرش مكتوب، حمزة أسد الله وأسد رسوله وسيد الشهداء، وفي ذوابة العرش (أي أعلاه) علي أمير المؤمنين(عليه السلام) فهذهِ حجتنا على مَن أنكر حقنا وجحد ميراثنا ...الخ(119).
وذكر الكليني في (الكافي) في باب "ان الأئمة(عليهم السلام) عندهم جميع الكتب التي أُنزلت من عند الله عَزّ وجَلّ، وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنها" حديثين نذكر واحداً منهما، يروي بسنده عن مفضّل بن عمر قال: أتينا باب أبي عبد الله أي الصادق(عليه السلام) ونحن نريد الأذن عليه، فسمعناه يتكلّم بكلام ليس بالعربية فتوهمنا انه بالسريانية، ثم بكى فبكينا لبكائه، ثم خرج إلينا الغلام فإذن لنا فدخلنا عليه، فقلت: أصلحك الله أتينا نريد الإذن عليك فسمعناك تتكلم بكلام ليس بالعربية، فتوهمنا انه من السريانية، ثم بكيت فبكينا لبكائك، فقال: نعم: ذكرت إلياس النبي(عليه السلام) وكان من عبّاد بني إسرائيل، فقلت كما كان يقول في سجوده، يقول المفضّل: ثم اندفع الإمام فيه بالسريانية، فلا والله ما رأينا قساً ولا جاثليقاً أفصح لهجةً منه به.
ثم فسّر لنا كلامه بالعربية فقال: كان يقول في سجوده أتراك معذبي وقد أظمأت لك هواجري(120).
أتراك معذبي وقد عفرّتُ لك في التراب وجهي، أتراك معذبي وقد اجتنبت لك المعاصي، أتراك معذبي وقد أسهرت لك ليلي: قال: فأوحى الله إليه، أنْ ارفع رأسك فأنى غير معذبك…الخ(121).
وذكر الكليني في باب "ما عند الأئمة من آيات الأنبياء" خمسة أحاديث نذكر حديثاً منها حيث روى بسنده عن محمّد بن الفيض، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: كانت عصى موسى لـِ(آدم)(عليه السلام) فصارت إلى شعيب ثم صارت إلى موسى بن عمران، وإنها لعندنا، وان عهدي بها آنفاً، وهي خضراء كهيئتها حين اْنتُزِعَتْ من شجرتها، وإنها لتنطق إذا اسْتُنطقِت، اُعّدت لقِائمنا(عليه السلام) يصنع بها ما كان يصنع موسى، وإنها لتروّع وتلقف ما يأفكون…الخ(122).
أقول: وفي بقية الأحاديث مِن هذا الباب ان عندهم أيضاً ألواح موسى، وحَجَر موسى الذي انفجرت منه اثنتا عشرة عيناً، وخاتم سليمان، وقميص يوسف وهو القميص الذي انزله الله من الجنة على آدم(عليه السلام) وان كل نبيٍ ورث علماً أو غيره وقد انتهى إلى آل محمّد(صلى الله عليه و آله) وانهم ورثة الأنبياء.
وذكر الكليني في باب "ان الأئمة يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائِكة والأنبياء والرسل(عليهم السلام) ، وروى في هذا الباب أربعة أحاديث نذكر واحداً منها، روى بسنده عن أبي بصير عن أبي عبد الله(عليه السلام) انه قال: ان للهِ عَزّ وجَلّ عِلْمَين علماً عنده لم يطلع عليه أحداً من خلقهِ، وعلماً نبذه إلى ملائِكته ورسله، فما نبذه إلى ملائِكته ورسله فقد انتهى إلينا(123)


من مواضيع صدى المهدي » الانتظار والصِّراع بين المستضعفين والمستكبرين
» الإستفتاءات … أسئلة بشأن البيع والشراء
» أنَّ الدين هو وسيلة اخترعها الأقوياء والأثرياء لتخدير الفقراء
» تحت شعار (من نهج الزهراء حجابي وبزينب اقتدائي)
» زيارة حمزة بن عبد المطلب (ره) في أحد
رد مع اقتباس
قديم 16-10-2022, 08:20 AM   رقم المشاركة : 17
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي

تعليق مهم على تلك الأحاديث
قد يتوهم بعض السامعين أو المطالعين – لهذِه الأحاديث الواردة عن أئمة الهدى – انّ فيها مغالاة أو مبالغة في علومهم، وقد يُشك في صحة ثبوتها عنهم أو عدم ثبوتها، ولكنّ التدبّر لِما قدمناه من طرق علومهم الإلهامية، وعرض صحائف الأعمال عليهم دائماً وأبداً في حياتهم وبعد وفاتهم، وحديث الملائِكة معهم، وعرض المقّدرات ليلة القدر عليهم، وإيراثهم تلك العلوم كلها عن النبي(صلى الله عليه و آله) والتي من جملتها علوم القرآن المجيد الذي فيه تبيان كلّ شيء، وما مرّ من الدلائل الواضحة القطعية على ذلك فحينئذٍ – بهذا التدبّر – يزول ذلك التوهم، وهذا الشك، لأن تلك العلوم من تلكم الطرق هي الأهم والأعظم من إيراثهم علوم الأنبياء وكتبهم.
ويؤيد ذلك ما ورد في بعض أحاديثهم(عليهم السلام) عن ضريس الكناسي قال: كنتُ عند أبي عبد الله(عليه السلام) وعنده أبو بصير فقال أبو عبد الله: انّ داوُد ورث علم الأنبياء وان سليمان ورث داوُد، وانّ محمّداً ورث سليمان، وإنّا ورثنا محمّداً(صلى الله عليه و آله) وانّ عندنا صحف إبراهيم وألواح موسى، فقال أبو بصير: (ويقال له أبو محمّد أيضاً): انّ هذا لهو العلم، فقال الإمام(عليه السلام):
يا أبا محمّد ليس هذا هو العلم، إنما العلم ما يحدث بالليل والنهار يوماً بيوم، وساعة بساعة(124)، قول الإمام الصادق(عليه السلام) في هذا الحديث: {ليس هذا هو العلم، إنما العلم ما يحدث بالليل والنهار يوماً بيوم، وساعة بساعة} نفيه(عليه السلام) في هذا الحديث العلم الموروث من الأنبياء وكتبهم بقوله {ليس هذا هو العلم} إنما يريد به النسبة.
أي نسبة هذا العلم إلى العلم الذي يفيضه الله سبحانه من عنده على قلب المؤمن آناً بعد آن، كأنه ليس بعلم، لأن ذلك العلم الموروث من الأنبياء وكتبهم مادّي وتقليدي، قد يحصل من طرق السماع وقراءَة الكتب أو حفظها، وقد تقع كتبهم بيد مَن لا يعرف تنزيلها وتأويلها ومفادها ولكن العلم الحقيقي هو العلم الذي يفيضه الله سبحانه على قلوب المخلصين من عباده في كل وقتٍ من الليل والنهار ساعةٍ بساعة، كما ورد: {إنّ العلم نور يقذفه الله في قلوب العارفين} وفي نصٍ {العلم نور يقذفه الله في قلب مَن يشاء}، إذ بهذا العلم الحقيقي المستمد مباشرة من الله عَزّ وجَلّ وبلا واسطة هو الذي تستّرُ به النفس الإنسانية السليمة، وينشرح به الصدر للمؤمن، ويتنّور به القلب للمخلص، ويتحقق به العلم للعالم بحيث كأنه ينظر إليه ويشاهده.
وإلى هذا العلم يشير القرآن المجيد بقوله تعالى:)أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِْسْلاَمِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ( (الزُمر/23).
وبقوله تعالى:)فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِْسْلاَمِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ( (الأنعام/126).
ومن هنا قلنا – فيما مضى -: ان العلم الإلهامي هو أفضل طرق علومهم، وأساسها الذي تتفرع منه وترجع إليه جميع الطرق والجهات الأخرى.
بل قد تعتبر جميع طرق علومهم من عرض صحائف الأعمال، وعرض المقدرات من السنة إلى السنة في ليلة القدّر، وعرض سائر الكتب الإلهية من صحف وتوراة وإنجيل وزبور وقرآن وغيرها من الكتب – التي سنذكرها فيما يلي – كلها تعتبر كجسم، وعلمهم الإلهامي روح لها.
فلولا هذا العلم الإلهامي من الله عَزّ وجَلّ لهم لما استطاعوا ان يتفوقوا على جميع ما أودع في تلك الكتب من حقائق وعلوم ومعارف.
فهم(عليهم السلام) إنما يستمدون علومهم كلّها – بجهد – من هذهِ المعروضات عليهم بواسطة الإلهام، لا أنهم يستمدّون علمهم ممّا عند الناس الآخرين، حيث ان الله جلّ وعلا قد أغناهم بهذهِ العلوم عمّا عند الناس من علم.
وقد اعترف بهذهِ الحقيقة وعرفها جيّداً المأمون بن الرشيد العباسي بقوله لبني العباس لمّا أراد أن يزوّج الإمام الجواد(عليه السلام) بابنته - لإغراضٍ سياسية – ومنعه العبّاسيون من ذلك، قال لهم: ويحكم انّ أهل هذا البيت علمهم من الله، وموادّه، وإلهامه، لم تزل آباؤه أغنياء في علم الدين والأدب عن الرعايا الناقصة عن حدّ الكمال…الخ(125).
بل قد اعترف بهذهِ الحقيقة لأئمة الهدى حتى يزيد بن معاوية بقوله لما طلب زين العابدين(عليه السلام) منه ان يخطب وأبى أن ياذن له، قال له أصحابهُ إئذن له يا أمير، قال: انه ان صَعِد لم ينزل إلا بفضيحتي وفضيحة آل أبي سفيان، فقالوا له: وما قدر ما يحسن هذا؟ قال: انه من أهل بيتٍ زقوا العلم زقا، أي زقّوا العلم من الله بواسطة رسوله(صلى الله عليه و آله) ويشير بذلك إلى قول علي(عليه السلام) في بعض خطبه: هذا سفط العلم هذا لعاب رسول الله(صلى الله عليه و آله) هذا ما زقنيه رسول الله زقاً، فاسألوني فأن عندي علم الأولين والآخرين.
نعم هكذا عرف أعداء أهل البيت – وغاصبي حقهم – مقامّهم السامي عند الله، وأنهم حجج الله بعد رسوله، وانّ علومهم كلها من عند الله، وأنهم مع الحق والحق معهم، ولكنّهم كرهوهَم، وغصبوا حقوقهم لكرههم الحق بعد أن عرفوه – إتباعاً للهوى، وركوناً إلى الدنيا – وهذا ما أنكره الله عليهم وعلى أمثالهم بقوله تعالى:)أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ(69)أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ(70) وَلَوْ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتْ السَّمَاوَاتُ وَالأْرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ( (المؤمنون/70-72)، وقال تعالى:)لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ(78)أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ(79)أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ( (الزخرف/79-80)، وقال تعالى:)وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ( (النمل/15).
ومن مجموع ما تقدم علمنا علم اليقين انّ أئمة الهدى من أهل بيت النبي(صلى الله عليه و آله) لا يقاس بهم أحد من الناس مطلقاً لتفّوقهم عليهم بكل فضلٍ وفضيلة، وانّ الله قد آتاهم ما لم يؤتِ أحداً من العالمين، لعلمه جلّ وعلا باستحقاقهم لهذا التفوق وهو الحكيم العليم.
ويؤيد ذلك قول النبي(صلى الله عليه و آله) الشهير المروي بأسانيد عديدة وطرق كثيرة: نحن أهل بيتٍ لا يقاس بنا أحد(126).
وكان علي(عليه السلام) يصرّح بهذا على المنبر أمام الجماهير العامة فيقول: "نحن أهل بيت رسول الله لا يقاس بنا أحد"(127).
وهذا عبد الله بن عمر بن الخطاب حينما سُئِلَ عن علي – بالنسبة إلى الصحابة – قال: علي من أهل بيتٍ لا يقاس به أحد، وهو مع رسول الله(صلى الله عليه و آله) في درجته، ثم استدل على ذلك بقول الله تعالى: ان الله يقول:)وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ( (الطور/22)، ثم قال: ففاطمة مع رسول الله في درجته، وعليٌ معهما(128).
فهذا علي وهؤلاء أبناؤه المعصومون هم أهل العلوم الإلهامية وهم مع رسول الله في درجته، وورثة علومه وعلوم الأنبياء والمرسلين من قبله الذين اجتباهم الله سبحانه وخاطبهم بقوله:)شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ( (الشورى/14)(129).
فالرسل والأنبياء والأوصياء ونبيّنا وأئمة الهدى من أهل بيته هم كلهم حملة دين الله، وأمناؤه في أرضه، وحفظة سرّه كما جاء في دعاء الندبة بعد ذكر أُولي العزم من الرسل نوح وإبراهيم وموسى وعيسى قال: وكلٌ شرعت له شريعة، ونهجْت له منهاجاً، وتخيرت له أوصياء مستحفظاً بعد مستحفظ من مدة إلى مدة إقامةً لدينك وحجةً على عبادك…الخ.(130)
فهم سـلسلة متواصلة غير منقطعة من آدم إلى الخاتم وإلى ان يرث الله الأرض ومَن عـليها، يرث اللاحـقُ منهم السـابق وأفضلهم – على الإطلاق – نبيّنا وأئمتنا الهداة(عليهم السلام) الذين ورثوا العلوم كلّها عن الله ورسوله وسائر رسله وأنبيائه السابقين.

نصوص من الزيارات
اقرأ ما جاء في زيارة الجامعة الكبيرة التي هي أحسن الزيارات الجامعة متناً وسنداً وأكملها وأولها تقول: "أشهد ان لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له، وأشهد ان محمّداً عبده ورسوله، ثم تكبر الله مائة مرة، ثم تقول:
السلام عليكم يا أهل بيت النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائِكة ومهبط الوحي ومعدن الرحمة وخزّان العلم ومنتهى الحلم وأصول الكرم وقادة الأمم وأولياء النعم وعناصر الأبرار ودعائم الأخبار، وساسة العباد وأركان البلاد، وأبواب الإيمان وأمناء الرحمن وسلالة النبيين وصفوة المرسلين وعترة خيرة ربِّ العالمين ورحمة الله وبركاته.
السلام على أئمة الهدى ومصابيح الدجى وأعلام التُقى وذوي النهى واُولي الحجى وكهف الورى وورثة الأنبياء والمثل الأعلى والدعوة الحسنى وحجج الله على أهل الدنيا والآخرة والأولى ورحمة الله وبركاته…الخ"(131).
وجاء في زيارة أمير المؤمنين(عليه السلام) ليلة المبعث النبوي ويومه على ما ذكر المفيد، والشهيد في مزاريهما، والسيد ابن طاووس في مصباح الزائر فقالوا: إذا أردت زيارة أمير المؤمنين(عليه السلام) ليلة المبعث أو يومه فقف على باب القبة الشريفة مقابل ضريحه وقل:
"أشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله، وان علي بن ابي طالب أمير المؤمنين عبدُ الله وأخو رسوله، وأن الأئمة الطاهرين من ولده حجج الله على خلقه، ثم ادخل وكبّر الله مائة مرة وقل:
السلام عليك يا وارث آدم خليفة الله، السلام عليك يا وارث نوحٍ صفوة الله، السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله، السلام عليك يا وارث موسى كليم الله، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله، السلام عليك يا وارث محمّد سيد رسل الله، السلام عليك يا أمير المؤمنين…الخ"(132).
ومثل ذلك ورد في زيارة الإمام الحسين المعروفة بزيارة وارث، وجاء في كثيرٍ من زيارات أمير المؤمنين وأبنائه المعصومين(عليهم السلام) انهم ورثة علوم الأنبياء، وورثة علوم الأولين والآخرين.
ويؤيد ذلك ما تواتر عن النبي(صلى الله عليه و آله) بتشبيهه علي(عليه السلام) برسل الله وأنبيائه في أحاديث كثيرة، مثل قوله(صلى الله عليه و آله): {مَن أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوحٍ في تقواه، "وفي نصٍ: في طاعته، وفي نصٍ: في حكمه"، وإلى إبراهيم في خِلّته، "وفي نصٍ: في حلمهِ"، وإلى موسى في بطشه، "وفي نصٍ: في هيبته"، وإلى عيسى في عبادته "وفي نصٍ: في ورعه"، فلينظر إلى علي بن أبي طالب}.
وفي بعض النصوص: وإلى يعقوب في حزنه، وإلى يوسف في جماله، وإلى سليمان في ملكه، وإلى أيوب في صبره، وإلى يحيى في زهده، وإلى يونس في سننه، وإلى محمّد(صلى الله عليه و آله) في خُلْقِه وجسمه وشرفه وكمال منزلته فلينظر إلى علي بن أبي طالب.
ومصادر هذهِ الأحاديث كثيرة، وقد جمع بعضها صاحب (تعليقات إحقاق الحق) فراجع إذا شئت(133).
يقول الشاعر:
ليس على الله بمستنكرٍ*** أن يجمع العالم في واحدِ
ونختم هذا المورد بما جاء في الصحيفة السجادية الجامعة ص43، ومنتخب الأدعية ص13:-
"اللهم يا مَن خصّ محمّداً وآله بالكرامة، وحباهم بالرسالة، وخصّهم بالوسيلة، وجعلهم ورثة الأنبياء، وختم بهم الأوصياء والأئمة(عليهم السلام) وعلّمهم علم ما كان وعلم ما يكون، وجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم، فصلِّ على محمدٍ وآله الطاهرين وأفعل بنا ما أنت أهله في الدين والدنيا إنك على كلّ شيءٍ قدير برحمتك يا ارحم الراحمين".


من مواضيع صدى المهدي » الانتظار والصِّراع بين المستضعفين والمستكبرين
» الإستفتاءات … أسئلة بشأن البيع والشراء
» أنَّ الدين هو وسيلة اخترعها الأقوياء والأثرياء لتخدير الفقراء
» تحت شعار (من نهج الزهراء حجابي وبزينب اقتدائي)
» زيارة حمزة بن عبد المطلب (ره) في أحد
رد مع اقتباس
قديم 16-10-2022, 08:21 AM   رقم المشاركة : 18
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي

الطريق السادس من ينابيع علم الأئمة (عليهم السلام)
تفسير القرآن الذي ألفه أمير المؤمنين(عليه السلام)
بأمر النبي بعد وفاته (صلى الله عليه و آله)
السادس ممّا ورثه الأئمة من النبي(صلى الله عليه و آله) تفسير القرآن المجيد الذي ألفه الإمام علي(عليه السلام) بأمر النبي بعد وفاته(صلى الله عليه و آله) مباشرة، وهو(عليه السلام) أوّل من جمع القرآن وفسّره حسب النصوص الواردة من طرق عديدة.
قال السيد عبد الحسين شرف الدين في كتابيه (المراجعات) و(مؤلفوا الشيعة في صدر الإسلام): وأوّل شيءٍ دونه أمير المؤمنين(عليه السلام) كتاب الله عَزّ وجَلّ، فإنه(عليه السلام) بعد فراغه من تجهيز النبي(صلى الله عليه و آله) آلى على نفسه ان لا يرتدي إلاّ للصلاة أو يجمع القرآن فجمعه مرتباً على حسب النزول(134).
وأشار إلى عامّه وخاصّه ومطلقه ومقيّده، ومجمله ومبيّنه، ومحكمه ومتشابهه، وناسخه ومنسوخه، ورخصه وعزائمه، وسننه وآدابه، ونبّه على أسباب النزول في آياته البينات، وأوضح ما عساه يشكل من بعض الجهات.
وكان ابن سيرين يقول فيما نقله عنه ابن حجر في (صواعقه ص76): لو أصبت ذلك الكتاب كان فيه العلم.
وقال (ابن حجر في الصواعق أيضاً ص72): ان علياً جمع القرآن وعرضه على النبي(صلى الله عليه و آله) ، والصحيح ما قلناه، وبه تواترت الأخبار عن أبنائه الأخيار…الخ(135).
فكان جمع علي(عليه السلام) للقرآن وتأليفه له جمعاً مرتباً على حسب نزوله من جهة، ومفسّراً له من جهة ثانية(136).
وروى سُليم بن قيس في كتابه في ضمن حديثٍ طويل ينقله عنه سلمان الفارسي جاء فيه قوله: وأقبل علي(عليه السلام) على القرآن يؤلفه ويجمعه، فلم يخرج من بيته حتّى جمعه كلّه وكتبه بيده، تنزيله وتأويله والناسخ منه والمنسوخ، وبعث إليه أبو بكر أنْ اُخرج وبايع، فبعث إليه علي: إني مشغول، وقد آليت على نفسي يميناً ان لا أرتدي رداءً إلاّ للصلاة حتى أؤلف القرآن وأجمعه، فسكتوا عنه أياماً، فجمعه في ثوبٍ واحدٍ وخمته، ثم خرج إلى الناس وهم مجتمعون مع أبي بكر في مسجد رسول الله(صلى الله عليه و آله) فنادى علي بأعلى صوته: أيها الناس إني لم أزل منذ قبض رسول الله(صلى الله عليه و آله) مشغولاً بغسله، ثم بالقرآن حتّى جمعته كلّه في هذا الثوب الواحد، قلم يُنزل الله آيةً إلا وقد جمعتها، وليست منه آية إلاّ وقد اقرأنيها رسول الله(صلى الله عليه و آله) وعلّمني تأويلها لئلا تقولوا غداً إنّا كنا عن هذا غافلين، ولا يقولوا: إني لم أدعكم إلى كتاب الله من فاتحته إلى خاتمته، فقال عمر: ما أغنانا بما معنا من القرآن عمّا تدعونا إليه…الخ(137).
وقال المسعودي في (إثبات الوصية): ثم ألّف(عليه السلام) القرآن، وخرج إلى الناس وقد حمله في إزارٍ معه، وهو ينطّ من تحته، فقال لهم: هذا كتاب قد ألّفته كما أمرني، وأوصاني رسول الله(صلى الله عليه و آله) كما اُنزِل، فقال له بعضهم: اتركه وأمضِ فقال لهم: إنّ رسول الله(صلى الله عليه و آله) قال لكم: إني مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض، فإن قبلتموه فاقبلوني معه أحكم بينكم بما فيه من أحكام الله، فقالوا له: لا حاجة لنا فيه ولا فيك، فأنصرف به معك لا تفارقه ولا يفارقك، فأنصرف عنهم…الخ(138).
نعم وبقي ذلك القرآن في تفسيره الصحيح عند علي(عليه السلام) ومن بعده عند الحسن(عليه السلام) ، وهكذا صار من المواريث الخاصة بالأئمة الطاهرين، وهو الآن عند إمام العصر والزمان مهدي آل محمّد (عج).
ومن هنا ورد عن الإمام الباقر(عليه السلام) انه قال: إذا خرج "أي الإمام المهدي" يقوم بأمرٍ جديد، وكتاب جديد، وسّنةٍ جديدة، وقضاء جديد، على العرب شديد.(المجالس السنية)(139).
وعنه(عليه السلام) في حديثٍ آخر قال: لكأني أنظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس بأمر جديد، وكتاب جديد، وسلطانٍ جديد من السماء، أمّا انه لا تُرد له راية أبداً حتى يموت(140).
والمراد من الأمر الجديد والكتاب الجديد والسُنّة الجديدة والقضاء الجديد والسلطان الجديد إنما هو الإتيان بشريعة الإسلام الحقة كما شرعها الله، والإتيان بالقرآن في تنزيله وتأويله، كما اُنزل في تفسيره وبيان أحكامه، والعمل بما درس من الحق قال تعالى:)وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأْرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ( (الأنبياء/106).
ووردت من طرق أهل السُنّة في جمع علي(عليه السلام) للقرآن مرتباً حسب النزول عدة روايات وتصريحات أُخر منها، قال أبو الفرج محمّد بن اسحاق المعروف بابن النديم في (الفهرس) ما نصّه: ترتيب سور القرآن في مصحف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرمّ الله وجهه، قال ابن المنادي، حدثني الحسن بن عبّاس قال: أخبرني عن عبد الرحمّن بن حمّاد عن الحكم بن ظهير السدّي عن عبد خير، عن علي(عليه السلام) انه:
رأى من الناس طيرةِ عند وفاة النبي(صلى الله عليه و آله) فأقسم انه لا يضع عن ظهره رداءه حتى يجمع القرآن من قلبه…الخ(141).
وقال السيوطي في (الإتقان) قال ابن حجر: وقد ورد عن علي(عليه السلام) انه جمع القرآن على ترتيب النزول عقيب موت النبي(صلى الله عليه و آله) أخرجه ابن أبي داوُد، وقال محمّد بن سيرين: لو أصبت ذلك الكتاب كان فيه العلم(142).
واخرج أبو نعيم في (حلية الأولياء) بسنده عن عبد بن خير، عن علي(عليه السلام) قال: لما قبض رسول الله(صلى الله عليه و آله) أقسمت، أو قال: حلفت ان لا أضع ردائي عن ظهري حتى أجمع ما بين اللوحين، "القرآن الذي كان مجموعاً أيام النبي(صلى الله عليه و آله) قال: فما وضعتُ ردائي عن ظهري حتى جمعت القرآن"(143).

الطريق السابع من ينابيع علومهم(عليهم السلام)التي قد ورثوها

الكتب التي أملأها رسول الله(صلى الله عليه و آله)على علي أمير المؤمنين(عليه السلام)
السابع ممّا ورثه الأئمة من النبي الكتب التي أملأها(صلى الله عليه و آله) على علي أمير المؤمنين(عليه السلام) وقد دُوّنت تلك الكتب على صحائف من جلود الأنعام، من بقرٍ أو غنم أو أبل أو معز …الخ.
وكانت تُتّخذ لكتابة العلم فيها لقلة الورق في ذلك العصر، وكانوا يَضُمّون الجلود بعضها إلى بعض لعدم كفاية جلدٍ واحد للكتابة، وهي على أقسام.

1- الجَامعة
القسم الأول من تلك الكتب الجامعة، وهي كتاب طويل طوله سبعون ذراعاً، من إملاء رسول الله(صلى الله عليه و آله) وخطّ علي(عليه السلام) وتحتوي على جميع ما يحتاجه الناس من الحلال والحرام وسائر الأحكام، حتى أنّ فيها أرش الخدش، أي دية الخدش، وذلك كتفصيل لما جاء في القرآن الشريف من الأحكام التي شرعها الله لعباده وبيان لها.
وقد ورد وصفها بذلك في روايات عديدة عن الإمامين الباقر والصادق(عليهما السلام) وقد سّميت في تلك الروايات – بالجامعة ، والصحيفة العتيقة، وقد رواها – عند الإمامين الباقر والصادق(عليهما السلام) – بعض الرواة الثقاة من أصحابهما كأبي بصير وغيره، وإنّ الأئمة(عليهم السلام) يتّبعون ما في هذهِ الصحيفة ولا يحتاجون إلى أحد من الناس في علومهم(144).
كما صرح به الإمام الصادق(عليه السلام) في رواية بكر بن كرب الصيرفي قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: ان عندنا ما لا نحتاج معه إلى الناس، وأن الناس ليحتاجون إلينا، وان عندنا كتاباً بإملاء رسول الله(صلى الله عليه و آله) وخطّ علي(عليه السلام) بيده، صحيفة فيها كل حلالٍ وحرام، وإنكم لتأتون بالأمر فنعرف إذا أخذتم به ونعرف إذا تركتموه(145).
ويشير(عليه السلام) بقوله:- فنعرف إذا أخذتم بهن ونعرف إذا تركتموه – إلى معرفتهم بأعمالهم بواسطة عرض صحائف الأعمال عليهم(عليهما السلام).
وفي (بصائر الدرجات) قال(عليه السلام) وأنكم لتأتوننا فتدخلون علينا فنعرف خياركم من شراركم(146).

2- الجَفر الأبيض والجَفر الأحمر
والقسم الثاني من الكتب التي ورثوها عن رسول الله(صلى الله عليه و آله) الجَفر الأبيض والجَفر الأحمر، والجَفر لغةً هو جلد شاة أو ثور أو بعير يكتب عليه، والجفران هما من مؤلفات أمير المؤمنين(عليه السلام) أملأها عليه رسول الله (صلى الله عليه و آله) وجاءَت فيهما أخبار صحيحة عن أهل البيت(عليهم السلام) وأكثرها عن الإمامين الباقر والصادق(عليهما السلام) فمن تلك الأخبار ما رواه محمّد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات) والكليني في (الكافي) وغيرهما بإسنادٍ عن الحسين بن عبد أبي العلاء قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: عندي الجفر الأبيض، قال: قلنا: أيّ شيء فيه؟ قال: فيه زبور داوُد، وتوراة موسى، وإنجيل عيسى، وصحف إبراهيم، والحلال والحرام ومصحف فاطمة، ما أزعُم أن فيه قرآناً، وفيه ما يحتاج الناس إلينا ولا نحتاج إلى أحد.
وعندي الجفر الأحمر، وما يدريهم ما الجفر الأحمر؟ قال: قلنا: وأيّ شيءٍ في الجفر الأحمر؟قال: السلاح، وذلك إنما يفتح للدم، يفتحه صاحب السيف للقتل، فقال له عبد الله بن أبي يعفور: أصلحك الله أيعرف هذا بنو الحسن؟ فقال: أي والله كما يعرفون الليل أنه ليل والنهار أنه نهار، ولكنهم يحملهم الحسد، وطلب الدنيا على الجحود، ولو طلبوا الحق بالحق لكان خيراً لهم(147).

3- مُصْحَف فَاطِمَة(عليها السلام)
والقسم الثالث من الكتب التي ورثوها عن رسول الله(صلى الله عليه و آله) مصحف فاطمة، وهو من مؤلفات أمير المؤمنين(عليه السلام) الموجودة عند الأئمة الأطهار، وقد تواترت بذلك الأخبار عنهم(عليهم السلام) وان فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرّات، وإنّه ما فيه من قرآنكم حرف واحد، أو آية واحدة.
وبعض تلك الأخبار تصرح بأنه أملاه رسول الله(صلى الله عليه و آله) وخطّه علي أمير المؤمنين(عليه السلام) وبعضها تصرح بأنه أملاه جبرئيل على فاطمة(عليها السلام) بعد وفاة أبيها(صلى الله عليه و آله) وان فيه أسماء الملوك، وليس فيه لبني الحسن شيء من الخلافة، وفيه علم ما يكون من الحوادث.
وأقول: يمكن أن يكون قسماً منه إملاء رسول الله(صلى الله عليه و آله) على علي(عليه السلام) أيام حياة النبي(صلى الله عليه و آله) وقسم منه من حديث جبرئيل لفاطمة بعد وفاة أبيها هذا من جهةٍ، ومن جهةٍ اُخرى أنّ ما كان يحدثها به جبرئيل – قطعاً – انه يُعرض أولاً على رسول الله(صلى الله عليه و آله) ثم تُحّدث به فاطمة(عليها السلام) فهو يصح أن يكون من إملاء رسول الله(صلى الله عليه و آله) وبأمره أيضاً، وبهاتين الجهتين أو باحديهما يرتفع الاختلاف بين التصريحين ولله الحمد.
وان كان المشهور انه من إملاء جبرئيل على فاطمة بعد وفاة أبيها (صلى الله عليه و آله) وقد جاءَ هذا بعدة أحاديث منها ما جاء في حديث أبي عبيدة أنه سأل الإمام الصادق(عليه السلام) عن مصحف فاطمة، فقال(عليه السلام): انّ فاطمة مكثت بعد رسول الله(صلى الله عليه و آله) خمسة وسبعين يوماً، وكان قد دخلها حزن شديد على أبيها، وكان جبرئيل يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ويطيّب نفسها، ويخبرها عن أبيها ومكانه، ويخبرها بما يكون بعدها في ذريّتها، وكان علي يكتب ذلك، فهذا مصحف فاطمة(عليها السلام).
وفي حديثٍ آخر مسندٍ عن حماد بن عثمان قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: تظهر الزنادقة في سنة ثمان وعشرين ومائة، وذلك أني نظرت في مصحف فاطمة، قال: فقلت: وما مصحف فاطمة؟ فقال: ان الله تبارك وتعالى لما قبض نبيه(صلى الله عليه و آله) دخل على فاطمة من وفاته من الحزن ما لا يعْلَمُه إلاّ الله عَزّ وجَلّ، فأرسل الله إليها ملكاً يسلّي عنها غمّها، ويحدثها، فشكت ذلك إلى أمير المؤمنين(عليه السلام) فقال لها: إذا أحسستِ بذلك وسمعتِ الصوت قولي لي، فأعلَمته، فجعل يكتب كلّما سمع حتّى أثبت من ذلك مصحفا،ً قال:
أمّا أنه ليس فيه من الحلال والحرام، ولكن فيه علم ما يكون(148).
وهذه الكتب من الجامعة، والجفر الأبيض والجفر الأحمر ومصحف فاطمة، وتفسير القرآن المجيد، وسائر العلوم التي أنزلها الله تبارك وتعالى على رسوله(صلى الله عليه و آله) وغيرها من كتب أُخرى، وأسلحة كلّها ورثها الأئمة الهداة من نبي الرحمة نبيّنا محمّد(صلى الله عليه و آله) وهي الآن عند الإمام صاحب العصر والزمان صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه الطاهرين وعجل الله تعالى فرجه.
أما ما كان يحدّث به جبرئيل وغيره من الملائِكة فاطمة الزهراء(عليها السلام) فلا غرابة فيه ولا بدعة، ولا منافاة للأدلة القطعية، بل هذهِ خصوصيّات يخصّ الله بها مَن يشاء من عباده من الرجال والنساء.
وللتأكيد راجع ما مرّ عليك من (الطريق الثالث من ينابيع علم الأئمة – حديث الملائِكة معهم(عليهم السلام) ومن جملة عناوين هذا الباب "المحّدثون وليسوا بأنبياء من الرجال والنساء" و"الملائِكة تحدّث المؤمنين وغير المؤمنين عند حضور آجالهم") ونختم الموضوع بقوله تبارك وتعالى:)يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ( (البقرة/107) و(آل عمران/76).

عود إلى الصفات الخمس لنبينا في القرآن
يقول الله تبارك وتعالى في سورة الأحزاب:)إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا(45)وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا(.

الصفة الثانية والثالثة: كونه(صلى الله عليه و آله) مبشراً ونذيراً
الصفة الثانية كونه(صلى الله عليه و آله) مبشراً، أي يبشر كلّ مَن أطاع الله وأطاعه (صلى الله عليه و آله) – بمطلق ما جاء به من الدين عقيدة وعملاً – بحسن العاقبة في الدنيا، والجنة والنعيم المقيم في الآخرة.
والصفة الثالثة كونه(صلى الله عليه و آله) نذيراً أي يُنذر كل من عصى الله وعصاه – بمطلق ما جاء به(صلى الله عليه و آله) من الدين عقيدةً وعملاً بسوء العاقبة والعذاب الأليم في الآخرة.
وقد جاء هذا النص المخاطب به النبي)إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا( مكرراً في سورتي (الأحزاب) و(الفتح/9) كما جاء في سورة الفرقان قوله تعالى:)وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا( (الفرقان/56)، وقد قام النبي(صلى الله عليه و آله) – امتثالاً لأمر ربه – بواجب التبشير والتنذير بكل ما فيهما من معنى، حتى عُرف(صلى الله عليه و آله) وسمّي بالبشير النذير.
ولم يقم بهذا الواجب الإلهي بتمامه وكماله نيابة عن النبي(صلى الله عليه و آله) مثل ما قام به – بلا تغيير ولا تبديل ولا زيادة ولا نقصان – علي أمير المؤمنين وأبناؤه المعصومون من بعده، إذ هم أوصياؤه من بعده وخلفاؤه في أمته، وورثة علومه، وهم المبشرون والمنذرون بالتمام والكمال اللذين قام بهما النبي(صلى الله عليه و آله).

​


من مواضيع صدى المهدي » الانتظار والصِّراع بين المستضعفين والمستكبرين
» الإستفتاءات … أسئلة بشأن البيع والشراء
» أنَّ الدين هو وسيلة اخترعها الأقوياء والأثرياء لتخدير الفقراء
» تحت شعار (من نهج الزهراء حجابي وبزينب اقتدائي)
» زيارة حمزة بن عبد المطلب (ره) في أحد
رد مع اقتباس
قديم 16-10-2022, 08:22 AM   رقم المشاركة : 19
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي

الصفة الرابعة: كونه(صلى الله عليه و آله)داعياً إلى الله
والصفة الرابعة كونه(صلى الله عليه و آله) داعياً إلى الله باذنه أي يدعو إلى الله من الإقرار بتوحيده والامتثال لأوامره والانتهاء عن نواهيه وسائر عباداته جلّ وعلا.
وهذهِ الدعوة منه(صلى الله عليه و آله) بأذن تشريعي من الله له، أي ان الله هو الذي شرع له هذهِ الدعوة فهو إذاً داعي الله في عباده، وما علينا نحن إلاّ أن نستجيب لهذهِ الدعوة المباركة التي تسبب لنا من جهة غفران ذنوبنا، وإخراجنا من العذاب الأليم، قال تعالى:)يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِي اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ(31)وَمَنْ لاَ يُجِبْ دَاعِي اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأْرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُوْلَئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ( (الأحقاف/32-33).
ومن جهةٍ أخرى ان استجابتنا له(صلى الله عليه و آله) تسبب لنا الحياة الروحية الحقيقية وبدونها نكون أمواتاً قال تعالى:)يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ( (الأنفال/25).
تدبّروا هذهِ الآية الكريمة التي يخاطب الله بها المؤمنين بقوله)يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ( ثم يقول)إِذَا دَعَاكُمْ( ولم يقل: إذا دعاكما، فالضمير هنا يعود إلى الرسول فقط، ذلك لأن الرسول(صلى الله عليه و آله) هو المباشر لهذهِ الدعوة باذن الله، وفلسفتها وعلتها، وفائدتُها إنها جاءت لإحيائنا، ومعنى هذا إنّا إن أجبنا دعوة نبينا فنحن أحياء وإلاّ فنحن أموات غير أحياء، كما قال عز من قائل:)أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ( (النحل/22).
وقال تعالى:)إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلاَ تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ(80)وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلاَلَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَ مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ( (النمل/81-82)، و(الروم/51-52).
ولم يقم أيضاً بهذهِ الدعوة إلى الله وإلى دينه القويم بتمامه وكماله نيابة عن النبي(صلى الله عليه و آله) مثل ما قام به – بلا تغيير ولا تبديل، ولا زيادة ولا نقيصة – عليّ الذي يقول فيه النبي(صلى الله عليه و آله) " {لا يؤدّي عني إلاّ أنا أو علي}(149).
وهكذا أئمة الهدى الأحد عشر من أبنائه المعصومين من بعده وخلفائه في أمته وورثة علومه "الدعاة إلى الله، والأدلاءِ على مرضاة الله، والمستقرين في أمر الله، والتاميّن في محبة الله، والمخلصين في توحيد الله، والمظهرين لأمر الله ونهيه، وعباده المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون(150).
قال رسول الله(صلى الله عليه و آله): في كل خلفٍ من أمتي عدول من أهل بيتي ينفُون عن هذا الدين تحريف الضاليّن، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، ألا إنّ أئمتكم وفدكم إلى الله فانظروا مَن توفدون(151).

الصفة الخامسة: كونه(صلى الله عليه و آله) سراجاً منيراً
والصفة الخامسة كونه(صلى الله عليه و آله) سراجاً منيراً "أي يصدر منه النور المعنوي من جهته – بأفعاله وأقواله وإقراره – كما يصدر الضياء من جهة السراج. هذا من جهة ومن جهةٍ أخرى قد يصدر منه النور المادي المشرق كإشراق الشمس نهاراً، والقمر ليلاً معجزةً يجريها الله تعالى له لتصديق ما جاء به من ادعائه النبوة، أو ادعائه بوحيٍ خاص أوحاه الله إليه في بعض الأحيان، فهو السراج المنير معنوياً ومادياً، روحاً وجسماً.
أمّا جسمه الشريف فقد خلقه الله من أفضل طينة مباركة، وأمّا روحه الطاهرة فقد خلقها الله من نوره جلّ وعلا، وهكذا أهل بيته المعصومون من علي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة التسعة من ولد الحسين(عليهم السلام) كلهم شاركوه في ذلك النور المادي والمعنوي والروحي والجسمي، وهم منه وهو منهم على ما تواتر ذلك عنه(صلى الله عليه و آله) ، وكلهم مخلوقون من طينةٍ واحدة، ومن نورٍ واحد، وتجد تحقيق ذلك، والاستدلال عليه في كتابنا (قبس من القرآن) في صفات الرسول الأعظم(صلى الله عليه و آله) في الفصل الأخير منه وعنوانه "الرسول الأعظم والنور الذي اُنزل معه" من ص307-ص346، فراجع.
)وَالسَّلاَمُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى( (طه/48).

​


من مواضيع صدى المهدي » الانتظار والصِّراع بين المستضعفين والمستكبرين
» الإستفتاءات … أسئلة بشأن البيع والشراء
» أنَّ الدين هو وسيلة اخترعها الأقوياء والأثرياء لتخدير الفقراء
» تحت شعار (من نهج الزهراء حجابي وبزينب اقتدائي)
» زيارة حمزة بن عبد المطلب (ره) في أحد
رد مع اقتباس
قديم 16-10-2022, 08:23 AM   رقم المشاركة : 20
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي

المصادر

- (مجمع البيان) للطبرسي م3 ص378، و(تفسير القمي) ج1 ص388، و(الميزان) ج2 ص349.
2- (الدّر المنثور) ج1 ص144، نقلاً عن رجل مجهول إنه سال ابن عمر فقال: "والأمة الوسط أمة محمّد(صلى الله عليه و آله) جميعاً.
3- (مفاتيح الغيب) ج2 ص7، ويستدل بالآية على أحقية إجماع الأمة.
4- (تفسير القرآن العظيم) ج1 ص191.
5- (مفاتيح الغيب) ج2 ص10.
6- راجع تفسير (مفاتيح الغيب) للرازي ج2 ص9، و(البيضاوي) ج1 ص195، و(الدر المنثور) للسيوطي ج1 ص144، و(ابن كثير) ج1 ص191 وغيرها.
7- راجع (البحار) ح23 ص351 نقلاً عن (المناقب) لابن شهر آشوب، ونقله عنه مختصراً الأستاذ الطباطبائي في (الميزان)، وكذا في (تفسير الصافي).
8- (تفسير العياشي) ج1 ص62، و(الصافي) ج1 ص147، و(البرهان) ج1 ص160، و(البحار) ج23 ص342 نقلاً عن (العياشي)، وعن (بصائر الدرجات) ص19 وص24 من طريقين، كما نقله المجلسي في (البحار) ص336 عن (الكافي) للكليني م3 ص74 وفيه زيادة مهمة، والطبرسي في (مجمع البيان) م1 ص224.
9- (العياشي) في تفسيره ج1 ص63، ونقله المجلسي في (البحار) ج23 ص343 عن (بصائر الدرجات) ص23 وعن (العياشي)، وفي ص353 عن (محاسبة النفس) لابن طاووس نقلاً عن كتاب (تفسير القرآن) لابن عقدة و(كتاب الدلائل) للحميري وغيرهم.
10- (البحار) ج23 ص333-ص353 و(شواهد التنزيل) ج1 ص92 والطبرسي ص324.
11- المصدر السابق.
12- راجع (المرشد إلى آيات القرآن الكريم) ص497 باب كثر.
13- روى الثعلبي في تفسيره بسنده عن أبي صالح، عن ابن عباس أنه قال: "أفَمن كان على بيّنةٍ من ربه (رسول الله (صلى الله عليه و آله)) ويتلوه شاهد منه" علي خاصة، ونقلها عن الثعلبي سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص20، ورواها القرطبي في تفسيره (الجامع لأحكام القرآن) ج9 ص12 ط القاهرة، والشيخ سليمان الحنفي في (ينابيع المودّة) ص99 نقلاً عن الحمويني في (فرائد السمطين) عن ابن عباس، وعن زاذان، والزرندي في (نظم درر السمطين) ص90 ورواها أخطب خوارزم الحنفي في (المناقب) ص197، ونقلها عنه صاحب الينابيع ص99، كما نقلها عن كلٍ من الثعلبي، وأبي نعيم، والواقدي، بأسانيدهم عن أبن عباس، وروى الثعلبي بسنده عن جابر بن عبد الله قال: قال علي بن أبي طالب(عليه السلام): ما مِن رجلٍ من قريش إلاّ وقد نزلت فيه الآية والآيتان، فقال له رجل: وأيّ آية نزلت فيك؟ فقال علي(عليه السلام) أما تقرأ الآية التي في سورة هود "وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ" ورواها عن جابر الطبري في تفسيره ج12 ص10 ط الميمنية بمصر، ورواها النيشابوري في تفسيره بهامش تفسير الطبري ج 12 ص16، والعلامة الخازن في تفسيره ج3 ص183 ط مصر، والسيوطي في (الدر المنثور) ج3 ص324 ط مصر قال: اخرج ابن أبي حاتم وابن مردوية، وأبو نعيم في المعرفة عن علي بن أبي طالب (رض) قال: ما من رجل من قريش إلاّ نزلت فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل: ما نزل فيك؟ قال أما تقرأ سورة هود "أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ" رسول الله (صلى الله عليه و آله) على بيّنة من ربه، وأنا شاهد منه، قال السيوطي: أخرج ابن مردوية، وأبن عساكر عن علي في الآية أنه قال: قال رسول الله(صلى الله عليه و آله) على بيّنةٍ من ربه، وأنا شاهدٌ منه، وقال السيوطي أيضاً: واخرج بن مردوية من وجهٍ آخر عن علي (رض) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): "أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ" أنا، "وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ" قال: علي، ونقلها عن علي(عليه السلام) من رسول الله (صلى الله عليه و آله) العلامة السيد الآلوسي في تفسيره (روح المعاني) ج12 ص25 ط المنيرية بمصر، وقال: واخرج ابن أبي حاتم، وأبن مردوية عن علي(عليه السلام) قال: ما من رجل من قريش..الخ، وقال أخرج المنهال عن عبادة بن عبد مثله.
وروى الثعلبي في تفسيره بسنده عن زاذان قال: سمعت علياً يقول: والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لو ثنيت لي وسـادة فجلست عليها – أي لو كانت الأمـور متمهدة لي – لحكمتُ بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم، وبين أهل الزبور بزبورهم، وبين أهل الفرقان بفرقانهم، والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ما مِن قرشيٍ جرت عليه المواسي إلاّ وأنا أعرف له بِسَوَقهِ إلى الجنة، أو بقوده إلى النار، فقام إليه رجل فقال: ما آيتك يا أمير المؤمنين التي نزلت فيك؟ قال "أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ" ونقله عن الثعلبي سبط بن الجوزي في (تذكرة الخواص) ص20، وقريب منه نقله الشيخ سليمان الحنفي في (ينابيع المودة) ص99 عن ابن المغازلي بسنده عن عباد بن عبد الله قال: سمعت علياً يقول في خطبته…الخ، وقال الشيخ سليمان: أيضاً عن زين العابدين والباقر والصادق(عليهما السلام) ذكروا هذا الحديث، وقال أيضاً الحسن بن علي(عليه السلام) ذكر هذهِ الآية ويفسّرها مثله في خطبته.
هذا وقد ذكر بعض المفسرين أن الآية نازلة بعلي من دون أن يذكروا الرواية كالفخر الرازي في تفسيره حيث أورد عن البعض أن المراد من الشاهد هو علي بن أبي طالب (رض) ثم قال: والمعنى أنه يتلو تلك البينة، وقوله: منه أي هذا الشاهد من محمّد وبعض منه، والمراد منه تشريف هذا الشاهد بأنه بعض من محمّد(صلى الله عليه و آله) ج5 ص46، وكأبي حيّان الأندلسي في تفسيره (البحر المحيط) ج5 ص211 ط السعادة بمصر، وهكذا صاحب (فتح البيان) وروى الكنجي الشافعي في (كفاية لطالب) ص110 بسنده أن رسول الله(صلى الله عليه و آله) قال: عليّ على بيّنةٍ من ربه وأنا الشاهد منه، راجع (إحقاق الحق) ج3 ص352-357 وج4 ص309 وما بعدها.
وروى نزول الآية في عليٍ أيضاً عمرو بن العاص، وراجع (المناقب) للخوارزمي ص128.
14- راجع (إحقاق الحق) ج5 من ص274-317 لتعلم تواتر الحديث وشهرته وكثرة مصادره في الصحاح والسنن والمسانيد والتفسير والتاريخ، وراجع كتابنا (قبس من القرآن) ص329 تحت عنوان "دلالة أحاديث النور" في معنى: أن علياً من النبي والنبي منه، وهكذا أهل بيته منه وهو منهم، وأنهم من نور واحد.
15- (تفسير الجلالين) ص218.
16- راجع (الميزان) في تفسير القرآن ج1 ص325.
17- راجع (تفسير الرازي) ج2 ص6-7.
18- راجع الحديث بطوله في كتابنا (قبس من القرآن) ص334، وقد نقلناه عن (ينابيع المودّة) ص485 نقلاً عن المناقب، راجع القبس أيضاً في (بشائر الله لأنبيائه بنبينا وأهل بيته) من ص64-ص111.
19- (الكلمة الغراء في تفضيل فاطمة الزهراء) لسيدنا السيد عبد الحسين شرف الدين المطبوعة مع الفصول المهمة ص229.
20- ذكرنا الشفاعة هنا مجملاً، ومَن أراد التفصيل فعليه بـ(الميزان في تفسير القرآن) للعلامة الأستاذ السيد محمّد حسين الطباطبائي فانه ذكر بحوثاً مهمة في ج1 من ص156-ص188 بهذهِ العناوين التالية: ما هي الشفاعة/ إشكالات الشفاعة/ فيمن تجري الشفاعة/ مَن تقع منه الشفاعة/ بماذا تتعلق الشفاعة/ متى تنفع الشفاعة/ بحث روائي في الشفاعة/ بحث فلسفي في الشفاعة/ بحث اجتماعي في الشفاعة، فما أجدر بالباحثين بالرجوع إلى كل تلك البحوث القيمة.
21- راجع تفسيرها في (الميزان) ج6 ص2-ص24، و(الغدير) ج2 ص47.
22- (الشافي في شرح أصول الكافي)، باب82، ص141-ص143، و(تفسير القمي) ج2 ص151، و(مجمع البيان) ج4 ص288، و(البحار) ج23 باب10، فقد ذكر كثيراً من تلك الروايات من مصادر عديدة من ص189-ص204.
23- (الشافي) باب108، جهات علومهم ص247-248 م3 ج4.
24- (عيون أخبار الرضا) ج2 ص69 الباب 13 الرقم321، و(العِقد الفريد) ج2 ص223، وكتاب (زينب الكبرى) للشيخ جعفر النقدي ص45.
25- (جامع السعادات) للنراقي ج1 ص12، و(الدين والإسلام) للشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء ص82.
26- (البحار) ج78 ص63.
27- راجع (الشافي في شرح أصول الكافي) باب 68، في أن الأئمة شهداء الله على خلقهِ ج3 ص76، ونقله المجلسي في (البحار) ج23 ص342 عن كتاب (بصائر الدرجات) ص24.
28- راجع نزول الآية الكريمة في علي(عليه السلام) ومباهاة الله به ملائكته (إحقاق الحق) ج6 من ص479-ص481 فقد نقله عن مصادر عديدة، والطوسي في أماليه ج2 ص83، والسيد محسن الأمين في (أعيان الشيعة) ج2 ص131.
29- راجع (الشافي في شرح أصول الكافي) ج3 ص138.
30- راجع (البحار) ج24 ص128، وراجع ما مرّ ص118-ص119 تحت عنوان "التحليل والدليل على تلقي الفيوضات الإلهية للمخلصين".
31- نسب البيتين إلى الشافعي صاحب كتاب (الاثنى عشرية) ص446.
32- راجع كتاب (المناقب) لابن شهر آشوب ج2 ص31، وراجع كتاب (الحقائق في الجوامع والفوارق) للعلامة الشيخ حبيب العاملي ج1 ص18 حين اختلف الصحابة بحصول الجنابة ووجوب الغسل منها، هل هو بالإنـزال فقط؟ أو يكون بمجرد إلتقاء الختان بالختان وان لم ينزل؟ وأنهم لما رجعوا إلى علي أقام لهم الدليل الواضح على وجوب الغسل بمجرد الإلتقاء.
33- راجع (الحقائق) للعاملي ج1 ص98، تحت عنوان "رجوع أكابر المسلمين في أحكام الدين إلى أهل البيت، علي والأئمة من ولده(عليهم السلام) " ثم يذكر ص101: الرجوع لعلي على عهد أبي بكر (رض) وفي ص104: الرجوع لعلي على عهد عمر، وفي ص115: الرجوع لعلي على عهد عثمان، وهكذا يذكر رجوع الأمويين والعباسيين وسائر الناس إلى الأئمة من الحسين إلى الإمام المهدي(عليه السلام) ص164، وراجع (نوادر الأثر في علم عمر) في الغدير ج6 ص74-ص313 ط النجف، وكتاب (علي والخلفاء) للشيخ نجم الدين العسكري من أوله إلى آخره.
34- (الاختصاص) للمفيد ص99، ونقله عنه المجلسي في (البحار) ج50 ص85.
35- (الشافي في شرح أصول الكافي) ج4 ص646، ونقله عنه المجلسي في (البحار) ص93 وكذا في (كشف الغمة) للأربلي ج3 ص154 و(المناقب) لابن شهر آشوب ج3 ص384 وغيرهم، {ملاحظة: حكم مَن أتى بهيمة أن يضرب دون الحد ويغرّم ثمن البهيمة، ويُحرّم ظهرها ونتاجها، وتُخرج إلى البرية حتى تأتي عليها المنية} راجع (البحار) ج50 ص91.
36- راجع (رجال الكشي) ص364، ونقله عنه الشيخ محمّد حسين المظفري في كتابه (الصادق) ج1 ص145.
37- (إثبات الوصية) للمسعودي ص184، و(دلائل الإمامة) ص205، ونقله عنه القرشي في (حياة الإمام الجواد) ص61، والمجلسي في (البحار) ج50 ص99 نقلاً عن (عيون المعجزات).
38- موضوع تزويج المأمون للإمام الجواد بابنته أم الفضل ذكره الخاصة والعامة، اختصره بعضهم وفصّله آخرون، فراجع (الفصول المهمة) لابن الصبّاغ المالكي ص249، و(الصواعق المحرقة) لابن حجر ص123، و(نور الأبصار) للشبلنجي ص148، وسبط ابن الجوزي في (التذكرة) ص368 وقد ذكره مفصلاً و(إثبات الوصية) للمسعودي ص187، و(الاحتجاج) للطبرسي ج2 ص240 ونقله عنه المجلسي في (البحار) ج50 ص74، والسيد الأمين في (المجالس) ج5 ص425 عن المفيد وغيرهم.
39- (الصواعق المحرقة) ص123، و(نور الأبصار) ص151.
40- (الصواعق) ص124.
41- (ينابيع المودّة) ص452.
42- (الفصول المهمة) ص173، وراجع إذا شئت الفصل السادس من كتابنا (الرجعة على ضوء الأدلة الأربعة) وعنوان الفصل الإمام المهدي(عليه السلام) وغيبته وظهوره من ص249 – إلى آخر الكتاب ص316 والله من وراء القصد.
43- راجع (المرشد) إلى آيات القرآن الكريم ص311.
44- (معاني الأخبار) للصدوق ص144، ونقله عنه وعن تفسير (البرهان) السيد الطباطبائي في (تفسير الميزان) ج7 ص159 وإذا أردت التفصيل فارجع إلى كتابنا (الحقائق الكونية) ج1 ص115 وما بعدها وج2 ص3.
45- رواه الخطيب في (تاريخ بغداد) بسنده ج4 ص410، ونقله عنه ابن المغازلي في (مناقب أمير المؤمنين) والديلمي في (الفردوس) على ما في مناقب عبد الله الشافعي ص23 مخطوط، وابن عساكر في (تاريخه) على ما في منتخبه ج1 ص454 ط الترقي بدمشق وابن حسنويه الموصلي في (درّ بحر المناقب) ص36 مخطوط وابن حجر العسقلاني في (لسان الميزان) ج4 ص471 ط حيدر أباد الدكن والصفوري في (نزهة المجالس) ج2 ص208 ط القاهرة والسيوطي في (ذيل الآلي) ص63 وفي (الجامع الصغير) ج2 ص145 ط مصر وابن حجر الهيتمي في (الصواعق المحرقة) ص75 ط الميمنية والمتقي الهندي الحنفي في (منتخب كنز العمال) ج5 مطبوع بهامش المسند والسيد علي الهمداني في (المودات) على ما في مناقب الكاشي ص89، ومحمّد صالح الكشفي الترمذي في (المناقب المرتضوية) ص21 ط بمبي والمناوي في (كنوز الحقائق) ص99 ط بولاق، والبدخشي في (مفتاح النجا) ص61 مخطوط والقندوزي الحنفي في (ينابيع المودّة) ص91 وص125 عن طريق ابن المغازلي وص 180 نقلاً عن (كنوز الحقائق) للمناوي وص186 نقلاً عن (الجامع الصغير) وص231 نقلاً عن كتاب (السبعين في فضائل أمير المؤمنين) الحديث الأول منها، وص251 نقلاً عن (المودّات) للسيد علي الهمداني وص284 عن الخطيب البغدادي ورواه الحمزاوي في (مشارق الأنوار) ص91 ط الشرقية بمصر وبهجت أفندي في (تاريخ آل محمّد) ص121 ط/4 آفتاب، والشيخ عبيد الله في (أرجح المطالب) ص522 ط لاهور، نقلا عن الديلمي في (الفردوس) نقلنا الحديث بهذهِ المصادر عن (إحقاق= =الحق) ج7 ص248-ص251 ونقله السيد مرتضى الفيروز أبادي في (فضائل الخمسة) ج2 ص218 عن عدة مصادر.
46- راجع تفسير (الفخر الرازي) ج4 ص496 و(الدر المنثور) للسيوطي ج3 ص275، و(تفسير ابن كثير الدمشقي) ج2 ص386، و(المنار) ج11 ص33، و(الكشاف) للزمخشري ج2 ص308، و(البيضاوي) ج3 ص80، و(تفسير الجلالين) ص156، و(الجواهر) للطنطاوي ج5 ص127، و(المراغي) ج11 ص20، و(في ظلال القرآن) للسيد قطب ج11 ص16 فكل هؤلاء وغيرهم بين من يصرّح، ومن يشير إلى ان "المؤمنين" هم الناس والمؤمنون عامة.
47- راجع (تفسير المنار) ج11 ص34 فانه نقل الحديث عن المصادر المذكورة في الأصل، وفيما يأتي في الحاشية.
48- وراجع (مفاتيح الغيب) للرازي ج4 ص497، و(تفسير ابن كثير) ج2 ص387، والسيوطي في (الدر المنثور) ج3 ص276 عن مسند أحمد بن حنبل، وأبي يعلى، وابن حبّان، والحاكم، والبيهقي في (الشعب)، وابن أبي الدنيا في (المختارة)، ويشير إليه صاحب (مجمع البحرين) كتاب الدال ما أوله شين ص202.
49- راجع (الشافي في شرح الكافي) م2 ص157، و(تفسير العياشي) ج2 ص109، و(تفسير القمي) ج1 ص304، و(الصافي)، و(بصائر الدرجات) ص126، وراجع (البحار) ج3 ص337 وما بعدها فقد ذكر أكثر من خمسة عشر حديثاً من مصادر عديدة…الخ في ان المراد من المؤمنين هم الأئمة عليهم السلام.
50- راجع (البحار) ج23 ص353 نقلاً عن محاسبة النفس ص126.
51- (تفسير العياشي) ج2 ص109، و(تفسير القمي) ج1 ص304، و(الشافي في شرح الكافي) ج3 ص156، و(معاني الأخبار) للصدوق باب النوادر ص372، و(البحار) ج23 ص340 نقلاً عن القمي في تفسيره، و(المعاني)، و(العياشي)، (بصائر الدرجات) لمحمّد بن الحسن الصفار ص126.
52- (البحار) ج23 نقلاً عن كتاب (بصائ الدرجات) ص127 و(الشافي) ج53 ص158، و(تفسير الصافي) عند تفسير الآية الكريمة.
53- المصدر السابق نقلاً عن (أمالي الشيخ الطوسي) ص261 وص344 وص345 وص346 وص347 وص348، نقلاً عن (بصائر الدرجات) ص125-127.
54- قال الطبرسي في (مجمع البيان) ج11 م3 ص69، وروى أصحابنا انّ أعمال العباد تعرض على النبي(صلى الله عليه و آله) في كل اثنين وخميس فيعرفها وكذلك تعرض على الأمة فيعرفونها ..الخ، و(العياشي) ج2 ص55، و(القمي) ج1 ص277، و(تفسير فرات بن إبراهيم) ص97، و(بصائر الدرجات) ص131.
55- (العياشي) ص109، و(القمي) ص304، و(الصافي)، وراجع (البحار) من ص333-353.
56- (العياشي) في تفسيره ص108، والقمي ج1 ص304، و(البحار) ج23 ص338 عن مصادر.
57- روى العياشي ج1 ص256، والمفيد في (الاختصاص) ص102 عن الإمام الصادق(عليه السلام) انه قال لأبي بصير: يا أبا محمّد لقد ذكركم الله في كتابه فقال: {أولئك مع الذين أنعم الله عليهم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين} فرسول الله في هذا الموضع النبي، ونحن الصديقون والشهداء، وأنتم الصالحون تسموا بالصلاح كما سماكم الله.
58- (شرح الشافي) للكافي ج3 ص158 ونقله عنه الملا محسن الفيض في (الصافي)، و(البحار) نقلاً عن (بصائر الدرجات) ص123.
59- طالما يُتساءل عن الكتاب والعترة أيهما أفضل، فالجواب عن هذا التساؤل ذكره النبي (صلى الله عليه و آله) في هذهِ الخطبة بقوله: {إني أرى أنْ لا افتراق بينهما جميعاً، لو قيس بينهما بشعرة ما إنقاست…الخ} فإذن هما في الفضل سواء، إلاّ أن الكتاب يقدْم بالذكر قبل العترة تأدباً.
60- تجد الخطبة في كتابنا (قبس من القرآن) ص343، وقد نقلناها عن (البحار) ج22 ص476، وقد نقلها المجلسي عن كتاب (الطرف) للسيد ابن طاووس، نقلاً عن كتاب (الوصية) لعيسى بن المستفاد الضرير عن الإمام موسى بن جعفر(عليه السلام).
61- (تفسير العياشي) ج1 ص242، ونقله عنه المجلسي في (البحار) ج7 ص313، كما نقله عنه أيضاً العلامة الطباطبائي في (الميزان) ج17 ص109، ورواه الملا محسن الفيض في تفسيره (الصافي) عن الإمام الصادق عن آبائه(عليهم السلام).
62- (الشافي في شرح الكافي) باب التوبة م6 ص566 ونقله عنه المجلسي في (البحار) ج7 ص317.
63- (علل الشرائع) للصدوق ص343 ونقله عنه المجلسي في (البحار) ج7 ص318.
64- راجع تفسير (الدر المنثور) للسيوطي ج6 ص380 نقلاً عن ابن مردوية، والبيهقي في (شعب الإيمان) ونقله عن (الدر المنثور) الطباطبائي في (الميزان) ج20 ص486، ورواه مرسلاً كل من الطبرسي في (مجمع البيان) ج5 ص526، والرازي في تفسيره ج8 ص486 وغيرهم.
65- و66- (الدر المنثور) نقلاً عن احمد بن حنبل، وعبد بن حميد، والترمذي وصححه، والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وقد صححه، وابن مردوية، والبيهقي في (شعب الإيمان)، ونقله ابن كثير الدمشقي في تفسيره ج4 ص539 عن عدة مصادر ومنها (معجم الطبراني).
67- راجع (ضياء الصالحين) ص457، ونظير هذا المعنى منتشر في كثير من كتب الأدعية.
68- راجع (البحار) ج60 ص178.
69- راجع (أعيان الشيعة) للسيد الأمين ج2 ص48 نقلاً عن (إعلام النبوة) للماوردي و(إعلام الورى بأعلام الهدى) للطبرسي ص32، وغيرهم.
70- راجع (تفسير الجواهر) للطنطاوي ج9 ص66.
71- راجع (تفسير ابن كثير) ج3 ص526.
72- راجع (تفسير الجواهر) للطنطاوي ج9 ص54 فيما نقل عن الشيرازي.
73- أي ان الله تبارك وتعالى كشف لأهل مكة الحجب، وأراهم تلك القصور، كما قال تعالى: "فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ".
74- راجع (الاحتجاج) للطبرسي ج1 ص331، ونقله عنه المجلسي في (البحار) ج15 ص261 في ضمن حديث طويل احتج به أمير المؤمنين(عليه السلام) على يهودي.
75- (ارتجس) أي اضطرب وتحرك حركةً لها صوت.
76- الأردان: جمع ردن، وهو أصل الكم.
77- راجع (الأمالي) للصدوق ص171 ونقله عنه المجلسي في (البحار) ج15 ص257.
78- قال تعالى في فرعون وآل فرعون بعد إهلاكهم: "فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمْ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ" (الدخان/30) والمنطوق من هذهِ الآية الكريمة ان السماء والأرض ما بكت عليهم، لكفرهم، والمفهوم منها إن المؤمنين الصالحين تبكي عليهم السماء والأرض بعد فقدهم ولنا تحقيق حول هذه القصة وآياتها في ج1 من (دراسات موضوعية في الإمام الحسين وعشرة محرم) نسأل الله أن يوفقنا لنشره قريباً.
79- راجع (الصواعق المحرقة) لابن حجر ص115-117 فقد نقل عن عشرات المصادر انقلاب العالم باسره وتأثره بقتل الحسين(عليه السلام) وكذا (إقناع اللائم) للسيد الأمين العاملي ص10-ص28 فانه نقل عن المصادر العديدة تأثر أنواع المخلوقات.
80- راجع الحديث بطوله في (البحار) ج45 ص179 نقلاً عن كتاب (كامل الزيارات)لابن قولوية ص260، ونقله عنه أيضاً الدكتور عبد الجواد الكليدار في كتابه (كربلاء وحائر الحسين) ص77، ونقله عن البحار الشيخ مهدي المازندراني في (معالي السبطين) ص83، ونقله عن الكامل الشيخ جعفر نقدي في كتابه (زينب الكبرى) ص53، وقد ذكرناه بكامله في كتابنا (دراسات موضوعية في الإمام الحسين وعشرة محرم) في المجلس الرابع من الفصل الأول.
81- هذا ما أجاب به أمير المؤمنين(عليه السلام) اليهودي الذي سأله عن مسائل عديدة منها سؤاله عن أول حجر وضع على وجه الأرض فقال(عليه السلام): وأمّا سؤالك عن أول حجر وضع على وجه الأرض؟ فان اليهود يزعمون انه الحجـر الذي ببيت المقدس وكذبوا إنما هو الحجر الأسود الذي هبط به آدم معه من الجنة، فوضعه على الركن في البيت والناس يستلمونه ويقبلونه ويجدّدون العهد والميثاق فيما بينهم وبين الله، وكان أشدّ بياضاً من الثلج فأسود من خطايا بني آدم، قال اليهودي: أشهد بالله لقد صدقت…الخ، راجع أسئلة اليهودي في الغدير ج6 ص251 نقلاً من كتاب (زين الفتى في شرح سورة هل آتى) للحافظ العاصمي، ونقلها الشيخ نجم الدين العسكري قي (علي والخلفاء) ص138 عن (فرائد السمطين) باب66 وعن زين الفتى، ورواها الصدوق في (إكمال الدين) من طريقين من ص288-ص293.
82- راجع (علل الشرائع) ص424 وص427.
83- مصادر القصة: (مستدرك الحاكم) ج1 ص457، و(تلخيص المستدرك) في الذيل للذهبي، و(سيرة عمر) لابن الجوزي ص106، و(عمدة القارئ) للعيني ج4ص606، و(إرشاد الساري) للقسطلاني ج3 ص195 نقلاً عن (تاريخ مكة) للازرقي، و(الدر المنثور) للسيوطي ج3 ص144 نقلاً عن كلٍ من الخجندي في (فضائل مكة) وأبي الحسن القطان في (المطولات)، والبيهقي في (شعب الإيمان) وغيرهم، و(الجامع الكبير) للسيوطي أيضاً كما في (تربيته) ج3 ص35 عن مصادر عديدة، ومنهم ابن حيان، و(الفتوحات الإسلامية)لاحمد زيني دحلان ج2 ص486، و(شرح النهج) لابن أبي الحديد ج3 ص122، و(كنز العمال) للمتقي الهندي الحنفي ج5 ص93، و(أخبار الدول) للآسحاقي ص31، و(أرجح المطالب) للشيخ عبد الله الحنفي ص122، وغير هؤلاء، راجع (الغدير) للأميني ج6 ص95، و(الإحقاق) ج8 ص208-210، و(علي والخلفاء) للشيخ نجم الدين العسكري ص112-117، و(البحار) للمجلسي ج99 ص216 وذكرنا القصة، ومصادرها في كتابنا (الشفاء الروحي والجسمي في القرآن) تحت عنوان "قصة ظريفة تتعلق بتقبيل النبي(صلى الله عليه و آله) للحجر الأسود"، وتجد القصة مفصلاً في (البحار) ص216-219.
84- راجع (المراجعات) لشرف الدين رقم6 ص46 نقلاً عن (نهج البلاغة) ج2 ص36 عدد140، والنصوص التي قالها أمير المؤمنين(عليه السلام) في هذهِ الخطبة جاءت متواترة عن أئمة الهدى في محاجّاتهم، وأدعيتهم، وأحاديثهم، راجع (الشافي في شرح أصول الكافي) م3 ص162 وغيره من المصادر.
85- راجع ما مر من كتابنا هذا الحديث الثالث من الفصل الثالث ص60 في مصادر حديث الشجرة، وبعض نصوصه.
86- ذكرنا تفسير سورة القدر مفصلاً في ثلاث بحوث في كتابنا (الحقائق الكونية) ج1 من ص59-ص90 واستشهدنا بالآيات من سورة الدخّان، وما ذكرناه هنا سنذكره مختصراً من ذلك المفصل، فراجعه فإنه مهم.
87- (الخصال9 ج2 ص480، و(إكمال الدين) ص272 ونقله عن المصدرين المجلسي في (البحار) ج97 ص15، و(الغيبة) ص100.
88- (الخصال) ص479، و(إكمال الدين) ص299، و(الشافي في شرح الكافي) ج2 ص210، و(البحار) ج97 ص15.
89- (تفسير القمي) ج2 ص290، و(بصائر الدرجات) ص221، والمجلسي في (البحار) ج97 ص13.
90- (تفسير القمي) ج2 ص376، و(البحار) ج97 ص14.
91- (معاني الأخبار) ص300 ونقله عنه المجلسي في (البحار) ج97 ص18.
92- المصدران السابقان.
93- (بصائر الدرجات) ص220، و(البحار) ج97 ص24.
94- المصدران السابقان.
​


من مواضيع صدى المهدي » الانتظار والصِّراع بين المستضعفين والمستكبرين
» الإستفتاءات … أسئلة بشأن البيع والشراء
» أنَّ الدين هو وسيلة اخترعها الأقوياء والأثرياء لتخدير الفقراء
» تحت شعار (من نهج الزهراء حجابي وبزينب اقتدائي)
» زيارة حمزة بن عبد المطلب (ره) في أحد
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
(صلى, لنبينا, آله), الله, القرآن،, خَمس, شاركه, صفاتٌ, عليه

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من جواهر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) في وصف القرآن الـدمـع حـبـر العـيـون قسم القرآن الكريم 3 29-03-2012 12:42 AM
على كلّ جزءٍ من أجزائك زكاةٌ واجبةٌ لله عزّ وجلّ ، عاشقة النور المنتدى الاسلامي العام 5 06-03-2012 03:26 PM
القرآن خلق رسول الله (صل الله عليه وآله) عاشقة النور منتدى النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) 4 17-02-2011 01:13 PM
لماذا كان اول خطاب لموسى ( إنني انا الله ) واول خطاب لنبينا ( إقرأ) ؟ :: بحر :: منتدى النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) 13 17-09-2010 08:38 PM
طَرَطَشَآتَ دَمَ ] ..! * || نور على نور ||* احباب الحسين العام 1 02-10-2009 10:56 PM



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات احباب الحسين