العودة   منتديات احباب الحسين عليه السلام > القسم الاسلامي > منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه)
منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه) الامام - الحسين - سيد الشهداء - أبو الأئمه - الشهيد - المظلوم - العطشان - أبا عبد الله - ابو السجاد - الغريب - ابو الاحرار - عليه السلام
روابط مفيدة مشاركات اليوم البحث


هل وجدت الغلو في اللطمية الحسينية؟

منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه)


إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-09-2023, 10:16 AM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي هل وجدت الغلو في اللطمية الحسينية؟



بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: 125]

صدق الله العلي العظيم

انطلاقاً من الآية المباركة نتحدث عن دور القصيدة الحسينية، وذلك من خلال عدة محاور:
  • أساليب الدعوة إلى الله.
  • أدوات التأثير في نفوس الجماهير.
  • عناصر التأثير في الشعر الحسيني.
  • دور القصيدة الحسينية.
المحور الأول: أساليب الدعوة إلى الله.


عندما نقرأ الآية المباركة وهي قوله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: 125] نجد أن الآية تعرضت لثلاثة أساليب: الحكمة، والموعظة الحسنة، والجدال الأحسن.

وقد وقع بحث بين المفسرين هل أن هذا التنوع عرضي أم طولي، فهنا رأيان: الرأي الأول:


أن هذا التنوع عرضي؛ أي هي أساليب ثلاثة في عرض واحد، وإنما تنوعت لأن كل أسلوب منها يخاطب قوة من قوى الإنسان، الإنسان يمتلك ثلاث قوى: قوة العقل، وقوة القلب، وقوة النفس. ولكل قوة أسلوب يناسبها.

فقوة العقل الذي وظيفته التفكير والتحليل يناسبه أسلوب الحكمة لأن الحكمة هي عبارة عن الفكر المبرهن؛ الفكر الذي يستند إلى الدليل والبرهان، ولذلك لم توصف الحكمة بأنها حسنة، لأنه لا يوجد حكمة سيئة، الحكمة هي الحسن.

والقوة الثانية ألا وهي قوة القلب، القلب شأنه السكون أو الاضطراب أو القلق أو الهدوء، هذه القوة وهي قوة القلب التي قد تضطرب وقد تسكن يناسبها أسلوب الموعظة الحسنة لأن الموعظة إذا صدرت من شخص متعظ بها وصدرت بأسلوب هادئ مؤثر تكون موعظة حسنة فتؤثر على القلب، وتدخل القلب في حالة من الهدوء والسكينة والاطمئنان، قال تبارك وتعالى: ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج: 46]، وقال تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الشعراء: 89]

والقوة الثالثة هي قوة النفس، والنفس هي مجمع النزعات، الإنسان عنده نزعات تجتمع في قوة تسمى النفس، ومنها نزعة الإلحاح على العمل؛ وهي ما يعبر عنها القرآن الكريم بالنفس الأمارة ﴿وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ﴾ [يوسف: 53] ومنها نزعة التقريع وهي التي يعبر عنها القرآن الكريم بالنفس اللوامة ﴿وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾ [القيامة: 2] ومنها نزعة المغالبة، الإنسان يصر على رأيه ويصر على أن يغلب الآخرين ويدافع عن رأيه ومتبناه، وهذه النزعة يعبر عنها القرآن الكريم: ﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا﴾ [الكهف: 54]، ويقول القرآن الكريم: ﴿يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا﴾ [النحل: 111]

مقابل هذه القوة وهي قوة المغالبة والجدال الجدال الأحسن ﴿وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: 125] عندما يكون الجدال مبني على الأدب ويكون الحوار مبنياً على المنطق العلمي حينئذ يكون جدالاً أحسن فيقتلع نزعة المغالبة ويطوي أثرها، ويهدئ من وخامتها بالنسبة للإنسان. الرأي الثاني:


يقول هذه الأساليب طولية؛ أي كلها تشترك في منهج واحد وإنما بعضها يمهد للبعض الآخر، هي خطوات يمهد بعضها لبعض:
  1. الخطوة الأولى: الحكمة؛ وهي وضع الأشياء في مواضعها والتخطيط السليم لأي مشروع وأي منهج يريد أن يسلكه الإنسان.
  2. الخطوة الثانية: الموعظة الحسنة التي تستثير العاطفة تمهيداً للوصول إلى الخطوة الثالثة.
  3. الخطوة الثالثة: المناقشة والحوار بالأسلوب الأحسن وهو المعبر عنه ﴿وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾.
المحور الثاني: أدوات التأثير في نفوس الجماهير.


ذكرنا أن للدعوة إلى الله ثلاثة أساليب: الحكمة، والموعظة الحسنة، والجدال الأحسن. وكل أسلوب من هذه الأساليب الثلاثة يحتاج إلى أداوت التأثير، إذا رجعنا إلى علم النفس الإعلامي والثقافي نجد أن أدوات التأثير بالنسبة إلى الجمهور المتلقي خمس أدوات:

الأداة الأولى: قوة الكلمة.


يقول القرآن الكريم: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ «24» تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ «25» وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ «26»﴾ [إبراهيم: 24 - 26] يقول العالم النفساني السويسري كارل يونغ: إن الكلمات مليئة بالرموز ويعني أن الكلمة تحمل أصداء فاعلية تنفذ إلى أعماق اللاوعي عند الإنسان وتؤثر عليه سواء كان التأثير سلباً أو إيجاباً. ويذكر هاري ميلز في كتابه «فن الإقناع» يقول: في إحدى دور السينما الكهرباء مطفأة، المشاهدون ينتظرون الشاشة، خرجت على الشاشة كلمة بحروف كبيرة وهي «بدون أمل» انهار الناس، فمنهم من خرج، ومنهم من تسارع نبض قلبه، ومنهم من تأذى، كلمة لعلها لم تكن مقصودة ولكنها غرست التأثير لمن يشاهدها.

مثال آخر يحكى أن بعض الملوك رأى في منامه أن أسنانه تتكسر واحداً بعد الآخر، فاستخدم المعبرين للرؤيا، فجاء أحدهم وقال له: تفسير رؤياك أن أهلك يموتون واحداً بعد الآخر وتبقى بعدهم وحيداً. فأمر الملك بقتله لأنه انزعج من كلامه، فاستخدم معبراً آخر، قال له: أنت تشيع أهلك بشكل تدريجي. فأمر بقتله أيضاً، جاء المعبر الثالث للرؤيا وقال: تفسير رؤياك أيها الملك أنت أطول أهل بيتك عمراً. ففرح بكلامه وأعطاه الجائزة مع أن المعنى لم يتغير، ولكن الكلمة لها أصداء فاعلية تنفذ إلى عمق اللاوعي في نفس الإنسان سواء أراد أم لم يرد، الكلمة لها تأثير.

لأجل ذلك تذكر بعض الدراسات أن من بين نصف مليون كلمة هناك ستة عشر كلمة محبوبة لدى الإنسان حتى لو تكررت لا يمل من سماعها وتنفذ إليه بحب، مثل كلمة أموال، مجاني، فائدة، سهولة، حب، نجاح، جمال، تفوق، أمن... كلها كلمات يتحبب الإنسان أن يسمعها فتنفذ إلى أعماقه وحتى لو تكررت لا يمل من سماعها لأنها تعني شيئاً بالنسبة إليه.

الأداة الثانية: الاستعارة.


علم البلاغة من علوم العرب، وهو ثلاثة علوم: علم المعاني، علم البيان، علم البديع.

علم البيان من جملة مفرداته الاستعارة؛ وهي نوع من المجاز يقصد مجاز يبتني على علاقة المشابهة مع حذف أدوات التشبيه والاقتصار على أحد طرفي التشبيه، ويقسمون الاستعارة إلى: استعاره تصريحية، استعارة مكنية، واستعارة تخيلية.
  • الاستعارة التصريحية: أن تذكر المشبه به وتحذف المشبه، الإمام علي يتكلم عن الدنيا يقول: قد اجتمع الناس على مائدة شبعها قصير وجوعها طويل. هذه استعارة تصريحية لم يذكر المشبه وهو الدنيا، وذكر المشبه به وهو المائدة.
  • الاستعارة المكنية: أن تذكر لوازم المشبه به وإن لم تصرح بالمشبه به، كما في قول الشاعر: وإذا المنية أنشبت أظفارها... ألفيت كل تميمة لا تنفع.

يشبه الموت بالسبع الذي له أظفار فينقض على الإنسان.
  • الاستعارة التخيلية: أن تذكر صورة للمشبه به قد تكون خيالية لا واقع لها ولكن تذكرها بتفصيل فتثير العواطف وقوة الخيال، يقول الشيخ صالح الكواز أحد شعراء أهل البيت في حق الإمام الحسين :
لَم أنْسَ إذ تَرَكَ المدينةَ وارداً لا ماءَ مَدْيَنَ بل نَجيعَ دماءِ وله تجلّى الله جلَّ جلالُهُ من طُورِ وادي الطفِ لا سيناءِ فهُناكَ خرَّ وكلُّ عضوٍ قد غدا مِنه الكليمَ مُكلَّمَ الأحشاءِ مُلقًى على وجهِ الصَّعيدِ مجرَّداً في فِتيةٍ بيضِ الوجوهِ وِضاءِ تلك الوجوهُ المُشرِقاتُ كأنَّها الأقمارُ تَسبَحُ في غديرِ دِماءِ


هذا الشعر الرائع يشتمل على الاستعارة التخيلية بأجمل صورها؟ أو كما يقول السيد رضا الهندي أحد شعراء أهل البيت:
صلَّتْ على جسمِ الحسينِ سُيوفُهم فغدا لساجدةِ الظُبى محرابا


هذه الصورة الرائعة من التشبيه تشبيه السيوف العاكفة بالصلوات أو بمن يصلي تشبيه على نحو الاستعارة التخيلية.

الأداة الثالثة: التمثيل.


التمثيل المسرحي أو من خلال الأفلام والمسلسلات أداة مؤثرة، لأن التمثيل أداة تخاطب العاطفة، والعاطفة مؤثرة على كيان الإنسان، كثير من قناعاتنا جاءت عبر العاطفة وليست عبر المنطق العقلي، بل إذا اقتنعنا بشيء بالمنطق العقلي فإن المحرك لنا نحو تفعيل ذلك الشيء عادة يكون محرك عاطفي، العاطفة لها أثر كبير على قناعات الإنسان ودوافعه وشخصيته، لذلك يُذكر في علم النفس الإعلامي والثقافي مدى تأثير العاطفة، وأن العاطفة لها أثران مهمان:
  • الأثر الأول: أن التفكير العاطفي أقل جهداً من التفكير المنطقي، تصل إلى الفكرة عبر العاطفة بأقل جهد ممكن من التفكير المنطقي.
  • الأثر الثاني: أن العاطفة تحرك الدوافع المبدئية والاجتماعية والوطنية أكثر مما يحركها المنطق والحقائق والشرح، عندما تستثار عاطفة الإنسان نحو دينه أو مبادئه أو نحو قيمه الوطنية يكون تحركه نحوها أعظم مما لو استُخدم معه المنطق العقلي التحليلي، لذلك التمثيل يضع بصماته من خلال العاطفة.

في الولايات المتحدة في فلم «الفك المفترس» صوروا سمك القرش وهو يأكل إنسان، ونتيجة هذا الفلم قل عدد السياح في شواطئ كاليفورنيا مع أن نسبة الخطر من السباحة أقل بكثير من نسبة الخطر من حوادث السيارات، لكن الفلم أثَّر أثره.

قبل أن ينتشر مسلسل يوزر سيف ما كان هذا الصدى لهذه المعارف التاريخية، ولكنه بعد أن انتشر أصبح حتى الأطفال يتناقلون المعارف التاريخية عن قصة النبي يوسف .

وأيضاً يقول أحد المسؤولين عن مرقد مسلم بن عقيل : لما انتشر فلم المختار الثقفي أصبح عدد الزوار لمرقد المختار الثقفي الذي هو بجوار مسلم بن عقيل أكثر بالأضعاف مما كان قبل أن ينتشر هذا الفلم، فإذن التمثيل له أثر واضح على الجمهور

. الأداة الرابعة: الرسم.


الرسم محرك فني خلاب جداً لأن الرسم يخاطب البصر، والتفاعل البصري عادة يكون تأثيره على شخصية الإنسان أكثر من أي محرك آخر، لذلك تبرز هنا مهارات الفنان وإبداعه في مجال الفن، أشهر صورة للوحة فنية هي لوحة الموناليزا للفنان البريطاني دافينشي، انتشرت هذه الصورة في العالم واشتُريت بأغلى الأثمان، وهناك من الفنانين المسلمين من أبدع في رسم معركة كربلاء، وفي التعبير عن تاريخ الإمام الحسين ، وهما الفنانان الإيرانيان حسن روح الأمين، ومحمود فرجيان.

والقطيف أبدعت أيضاً في رسم كربلاء عبر الفنان منير الحجي، عمل على رسم كربلاء لمدة ثلاث سنوات، منذ عام 1440هـ إلى عام 1443هـ، وعندما أبرز هذه الصورة الحائطية الفنية العظيمة لمعركة كربلاء شهد الفنانون ذوو الخبرة بأنها كانت رسماً بديعاً ينم عن شخصية فنانة رائعة في هذا المجال، وأصبحت الصورة معبرة جداً عن قضايا كربلاء ومبادئ كربلاء، وصور كربلاء.


من مواضيع صدى المهدي » الامام الصادق (ع) في اقوالهم
» أسباب النهي عن الخوض في القضاء والقدر
» إهداء نسخة مصورة من مخطوط قرآني نادر إلى خزانة العتبة العباسية
» الانتظار والصِّراع بين المستضعفين والمستكبرين
» الإستفتاءات … أسئلة بشأن البيع والشراء
رد مع اقتباس
قديم 20-09-2023, 10:18 AM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي



الأداة الخامسة: القصة.


القصة مؤثرة وإن كنت أنا لا استخدم القصة في خطاباتي، القصة أداة مؤثرة في إيصال الأفكار، أولاً القصة تجلب الانتباه أكثر من الكلام المنطقي، ثانياً القصة تسهم في تبسيط الأفكار المعقدة وتحويلها إلى أفكار ملموسة وسلسة وسهلة، وثالثاً القصة تبقي الأفكار راسخة في الذاكرة.

إذن القصة لها أثر لذلك نرى أن القرآن الكريم اهتم بقصص الأنبياء، بل بقصة البشرية من يوم آدم إلى يوم النبي محمد، وينقل لنا الشيخ المجلسي في كتابه بحار الأنوار[1] عن تفسير الإمام العسكري: جاء رجل إلى الإمام الصادق قال: يا أبا عبد الله دلني على الله. استخدم له الإمام الصادق الأسلوب القصصي، قال له: هل ركبت السفينة ودخلت البحر؟ قال: نعم. قال الإمام: هل صادف أن انكسرت السفينة؟ قال: نعم. قال له: حيث وقعت في لجة الماء وحيث لا أحد ينجيك ولا سباحة تغنيك هل توجه قلبك إلى شيء؟ قال: نعم توجه قلبي إلى شيء لا أعرفه اعتقدت أنه ينجيني ويخلصني. قال: ذلك هو الله القادر على كل شيء، هو الذي في النجاة ينجيك وفي الإغاثة يغيثك.

إذن الإمام ربط فكرة الإيمان الفطري بأسلوب قصصي وهي قوله تعالى: ï´؟فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَï´¾ [الروم: 30] المحور الثالث: عناصر التأثير في الشعر الحسيني.


الشعر كلمة أخاذة جذابة نافذة مؤثرة في أعماق اللاوعي عند الإنسان وهو مؤثر أكثر من النثر لأنه يمتلك ثلاثة عناصر: الفن والإعلام، وسيكولوجية الإقناع.

راجع كتاب علم النفس الإعلامي الثقافي للدكتور هاني الجزار، يتحدث عن هذه العناصر المهمة في جعل الشعر جذاباً خلاباً: العنصر الأول: الفن.


الفن في المذهب التعبيري للكاتب الروسي ليو تولستوي يقول: الفن نقل الإحساس والشعور إلى الغير، الفنان ينقل إحساسه ومشاعره سواء كان هذا الفنان ممثل أو رسام، أو شاعر، ينقل شعوره نحو الطبيعة، شعوره نحو الموقف، شعوره نحو الحدث ينقله إلى الآخرين عبر الفن.

وفي المذهب الشكلي يقول بيل كليف: الفن هو كل نشاط إنساني لإبراز الجمال سواء كان شعراً، رسماً، خطاً، نحتاً، تمثيلاً، قصة. هو إبراز للجمال إذن هو فن.

الشعر هو صورة من صور الفن، وتأثير الفن من خلال الشعر على الإنسان أن الشعر يخاطب خيال الإنسان فإذا خاطب خياله حرك الصور المتلونة والمتنوعة في خياله لينجذب نحو الشعر، قلتُ في السيدة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها:
تُفاحةٌ مِنْ سِدرةِ المُنتهى
تَعَطَّرَتْ من الشَّذَى والبَها وافتْ لِقلْبِ المُصْطفى فَازْدَهى
وأشْرقتْ مِنْ نوره الزَّهراءُ مِنْ تُربةِ الأرْضِ وماءِ الجِنانْ
تَوَرَّدَتْ في وجْهِها وَجْنَتَانْ لَوْ كانَ إنسانٌ لَهُ مَعْنيانْ
فإنَّها الإنسيَّةُ الحوراءُ
العنصر الثاني: هو الإعلام.


عندما نتحدث عن تأثير الإعلام نذكر هنا زاويتين:

الزاوية الأولى: الإعلام مؤثر في تكوين الاتجاه، قد يكون اتجاه معرفي، وقد يكون اتجاه نفسي، وقد يكون اتجاه سلوكي، وقد يختار الإنسان اتجاه معين لأحد عوامل إما المحيط فهو يعيش في بيئة، أسرة، نادي، فريق من الأصدقاء، يؤثرون عليه ويغرسون في قلبه اتجاه معين فيتبنى ذلك الاتجاه.

العامل الثاني هو الولاء، لأن هذا الإنسان عنده ولاء للدين فيحمل اتجاهات دينية، عنده ولاء لمذهب أهل البيت فيحمل اتجاهات معصومية، لأن هذا له ولاء للوطن فيحمل اتجاهات وطنية، لأن عنده ولاء لعشيرته يحمل اتجاهات قبلية. الولاء الاجتماعي مصدر لمصادر الاتجاه، ومن أعظم مصادر الاتجاه الإعلام، الإعلام يغزوك حتى على خلاف رأيك، ربما الإنسان أحياناً عنده رأي معاكس للإعلام لكنه يتأثر بالإعلام ويغير رأيه.

قد يغير الإعلام عقيدتك، قد يغير الإعلام رأيك، وقد يغير اتجاهاتك التي تبنيتها سنين، الإعلام قادر على أن يغير الاتجاهات من خلال ثقافة إشهارية إعلانية سمعية بصرية، أفلام، مسلسلات، صحف، كلمات، مقالات، قد تؤثر في تغيير اتجاهاتك ورأيك نتيجة قوة تأثير الإعلام ودوره، لذلك نرى اليوم أن العالم نتيجة القفزة الأنترنيتية أصبح قرية واحدة، وأصبحت لدينا ثورة معرفية ما سبق لها مثيل في تاريخ الإنسان، ولكن هذه الثورة المعرفية نتيجة النت لها تبعات خطيرة، منها تأثير الأفلام الكرتونية في نشر ثقافة الشذوذ بالنسبة للأطفال من حيث لا تشعر الأسر، ومن تبعات الدور الخطير للإعلام أنك تجد اليوم العالم الإسلامي من الهند إلى مراكش أصبح مستهلكاً لنتاج غربي ومستورداً لثقافة غربية، العالم الإسلامي اليوم مستسلم للثقافة الغربية، أصبح الإعلام تكديساً حضارياً لثقافة محددة ومعينة ألا وهي الثقافة الغربية. العنصر الثالث: سيكولوجية الإقناع.


يؤثر الإعلام إذا امتلك سيكولوجية الإقناع، والإقناع يتم عبر عملية التواصل بين الإعلام وبين الجمهور، عملية التواصل لها عدة أركان: مرسل، رسالة، وسيلة إعلامية، مستقبل مستهدف، التغذية المرتدة من المستقبل المستهدف.
  • المرسل: وهو المصدر الإعلامي الذي يخطط لمادة.
  • رسالة إعلامية: وهي المضمون الذي تبثه وسائل الإعلام.
  • وسيلة إعلامية: سواء كانت هذه الوسيلة الإعلامية فلم، مسلسل، صحف.
  • مستقبل مستهدف: والجمهور هو دائما المستقبل المستهدف بالرسالة الإعلامية.
  • التغذية المرتدة: ردة الفعل من المستقبل المستهدف ما هي، هي الهدف الذي يريده المرسل من خلال رسالته الإعلامية ومن خلال الوسيلة المستخدمة في مجال الإعلام.

ويكون الإعلام ذا سيكولوجية في الإقناع إذا اجتمعت فيه شروط ثلاثة:
  • الشرط الأول: أن يكون مصدر الإعلام عند الناس ذا مصداقية لخبرته وكفاءته ومعرفيته في نقل الحقيقة.
  • الشرط الثاني: أن تكون الوسيلة الإعلامية مجموعة من المهارات التعبيرية والخصائص الفنية التي تؤثر في جذب الانتباه.
    ​
  • الشرط الثالث: أن تكون الرسالة المبثوثة رسالة فيها منطق يقنع الناس بجدواها وأهدافها.

والشعر الحسيني ملك العناصر الثلاثة: الفن، الإعلام، سيكولوجية الإقناع. ملكها كلها فصار الشعر الحسيني مؤثراً. المحور الرابع: دور القصيدة الحسينية.


القصيدة الحسينية منذ أيام ذو الرمة الذي أنشد أمرر على جدث الحسين، ومنذ أيام أبي هارون المكفوف الذي كان ينشد الشعر للإمام الصادق، ومنذ أيام دعبل الخزاعي الذي أنشد عند الإمام الرضا إلى أيامنا هذه حفظت القصيدة الحسينية تاريخ الطف ومصائبه ومبادئه فكانت مصداقاً جلياً لما ورد عن الإمام الصادق : أحيوا أمرنا. واليوم القصيدة الحسينية تمثل المنصة الإعلامية التي تصنع الثقافة، اللطمية اليوم هي المنصة الإعلامية التي تصنع الثقافة الحسينية للجماهير المتنوعة والأجيال الصاعدة، وتأثير اللطمية اليوم أعظم من تأثير المحاضرات والكتب والأقلام وشرح الحقائق العلمية، وكل ذلك بفضل الشعراء الذين أبدعوا في مجال تصوير تاريخ الحسين ، ومنهم: السيد حيدر الحلي، السيد جعفر الحلي، شيخ صالح الكواز، الشيخ عبد الحسين الأعسم، الحاج هاشم الكعبي، السيد رضا الهندي، أبو البحر جعفر الخطي، الشيخ حسن الدمستاني صاحب أبيات «أحرم الحجاج»، الشيخ حسن التاروتي صاحب أبيات «إذا لمعت نار طور الغري فأنت بوادي طوى فاخلعي» هذا الشعر الرائع العظيم الخالد الذي حفظ لنا صورة كربلاء.

موقعها اليوم الذي يجب أن تكون عليه اللطمية الحسينية لابد أن تمارس فيه عدة أدوار: الدور الأول:


حفظ مذهب أهل البيت فإن فلسفة الشعائر تقوم على حفظ مذهب أهل البيت ، وقد أسس الأئمة الشعائر وبالخصوص الإمام الصادق حيث أسس زيارة الحسين ولو مشياً، أسس إنشاد الشعر في الحسين، حث على المواكب التي تحتشد حول قبر الحسين ، حث على التبرك والتوسل والسجود على تربة الحسين. هذا التراث من الإمام الصادق حشد الشعائر والطقوس الحسينية كان الغرض منه هو حفظ مذهب أهل البيت، لو لا الشعائر ولولا الزيارة والتضحيات والمواكب والقصائد واللطم والبكاء والمآتم لاندثرت قصة كربلاء، ولماتت قضية الحسين ، إذن الطقوس والشعائر حفظت لنا مذهب أهل البيت فهي مصداق لقوله تعالى: ï´؟ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِï´¾ [الحج: 32]، وقال الإمام الصادق : أتجلسون وتتحدثون؟ قلت: بلى سيدي. قال: إني أحب تلك المجالس فأحيوا فيها أمرنا. الدور الثاني:


ترسيخ العقيدة في نفوس المسلمين، كما قال الإمام الصادق: بادروا أبناءكم بالحديث لا يسبقكم المرجئة. بادروهم بالكلام والحديث عن عقيدتنا لا تسبقكم التيارات الأخرى فتؤثر عليهم. الدور الثالث:


يرجى منها أن تكون أسلوباً من أساليب الدعوة إلى الله ومصداقاً للآية المباركة: ï´؟ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُï´¾ [النحل: 125]



متى تكون اللطمية الحسينية أسلوباً من أساليب الدعوة إلى الله؟ متى تكون اللطمية الحسينية وعاء لحفظ مذهب أهل البيت؟ متى تكون اللطمية الحسينية مصدراً من مصادر مبادئ وعقيدة أهل البيت ؟
​


من مواضيع صدى المهدي » الامام الصادق (ع) في اقوالهم
» أسباب النهي عن الخوض في القضاء والقدر
» إهداء نسخة مصورة من مخطوط قرآني نادر إلى خزانة العتبة العباسية
» الانتظار والصِّراع بين المستضعفين والمستكبرين
» الإستفتاءات … أسئلة بشأن البيع والشراء
رد مع اقتباس
قديم 20-09-2023, 10:23 AM   رقم المشاركة : 3
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي



إذا جمعت أربعة شروط:

الشرط الأول:


أن لا تكون العبارة موهمة للغلو في أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وهذا مهم جداً، نحن لا نقول بأن الشاعر من الغلاة حاشى لله، ولا أن المنشد أو الرادود من الغلاة، كلاهما من خدمة أهل البيت ولكن أحياناً تكون العبارة الواردة في اللطمية الحسينية عبارة لا نقول هي غلو ولكنها موهمة بالغلو، عن الحسين بن خالد الصيرفي قال: قال أبو الحسن الرضا : لعن الله الغلاة ألا كانوا يهود؟ ألا كانوا مجوس؟ ألا كانوا نصارى؟ ألا كانوا قدرية؟ ألا كانوا مرجئة؟ لا تقاعدوهم ولا تصادقوهم وأبرأوا منهم، بريء الله منهم.

وفي المعتبرة عن فضيل بن يسار قال: قال الصادق : احذروا على شبابكم الغلاة، لا يفسدونهم فإن الغلاة شر خلق الله، يصغرون عظمة الله ويدعون الربوبية لعباد الله، والله إن الغلاة شر من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا.

ويقول السيد اليزدي قدس سره في العروة الوثقى عبارة: لا إشكال في نجاسة الغلاة. وعلق العلماء على العبارة وأول من علق هو مرجع الشيعة في زمانه الإمام السيد محسن الحكيم في كتاب المستمسك[2] ، ثم يأتي بعده المرجع الأعلى في زمانه الإمام الخوئي في موسوعته[3] يقول: الغلاة على طوائف فمنهم من يعتقد الربوبية لأمير المؤمنين، فيعتقد أنه الرب الجليل وأنه الإله المجسم الذي نزل إلى الأرض، وهذا لا إشكال في كفره. ومنهم من ينسب إليه الاعتراف بألوهيته سبحانه ولكن يعتقد أن الأمور الراجعة إلى التشريع والتكوين كلها بيد أمير المؤمنين، فيرى أنه المحيي والمميت والخالق والرازق، وأنه الذي أيد الأنبياء السالفين سراً وأيد النبي الأكرم جهراً، واعتقادهم هذا وإن كان باطلاً واقعاً وعلى خلاف الواقع حقاً حيث أن الكتاب العزيز يدل على أن الأمور الراجعة إلى التكوين والتشريع كلها بيد الله سبحانه إلا أنه ليس له موضوعية في الكفر، نعم الاعتقاد بذلك عقيدة التفويض الذي معناه أن الله كبعض السلاطين عزل نفسه عما يرجع إلى تدبير الكون وفوض الأمور إلى أحد وزرائه. ثم يقول: وهذا كثيراً ما يتراءى في الأشعار، المنظومة بالعربية أو الفارسية حيث ترى أن الشاعر يسند إلى أمير المؤمنين بعضاً من هذه الأمور، وهذا الاعتقاد إنكار لضروري من ضروريات الدين، فإن الأمور الراجعة إلى التكوين والتشريع مختصة بذات الواجب تبارك وتعالى.

نعم هناك فكرة اسمها الولاية التكوينية نعتقد بها ويذكرها السيد الخوئي قدس سره في كتاب التنقيح[4] ، وفي مصباح الفقاهة[5] أن لأهل البيت ولاية على الكون من أصغر ذرة إلى أعظم مجرة، ولكن الولاية على الكون شيء وأن تنسب صفات الله تعالى للإمام فتقول هو المحيي وهو المميت، وهو الخالق، وهو الرازق هو شيء آخر، الثاني هو عقيدة التفويض وهو الغلو.

المرجع الأعلى للشيعة الإمامية السيد السيستاني مد ظله في عام 1441 هـ أصدر اثني عشر نصيحة للخطباء والشعراء والرواديد ولم يطبقها إلا القليل، بل البعض لا يشير إليها ولا يعبأ بها وهي نصيحة المرجع مرجع الشيعة والطائفة، يقول:

وليحذر المبلغون والشعراء والرواديد أشد الحذر عن بيان الحق بما يوهم الغلو، لا يبين الحق بطريقة توهم الغلو في شأن النبي وعترته، والغلو على نوعين إسباغ الصفات الألوهية على غير الله، وإثبات أمور ومعان لم تقم حجة موثوقة عليها، ومذهب أهل البيت خال من الغلو بنوعية، بل هو أبعد ما يكون عنه، وإنما يشتمل على الإذعان للنبي وعترته صلوات الله عليهم بمواضعهم التي وضعهم الله فيها دون زيادة ولا إفراط، بل مع تحذر في مواضع الاشتباه وورع عن إثبات ما لم تقم به الحجة الموثوقة، وإنما المتقي من لا يغلو فيمن يحب، كما لا يحيف على من يبغض، ولا يصح بناء هذه المعاني على مجرد المحبة، وتصديق كل من زاد شيئاً والإذعان له بمزيد الإيمان، فإن ذلك يؤدي إلى المزايدة في أمر الدين بغير حجة وحدوث البدع وطمع الجاهلين، وترأس أهل الضلالة وتراجع المتورعين العاملين بالحجة والمتوقفين عند الشبهة وذلك يمحق الدين ويرتد ارتداداً معاكساً بتفريط آخرين، والزيادة في العقيدة بغير حجة موثوقة على حد النقصان فيها ممن قامت عليه الحجة عليها.

إخواني الأعزاء، أحبتي الشعراء والرواديد هذا حديث أخوي ودي، لا نتهمكم بالغلو ولا أنتم من الغلاة، ولكن هي نصيحة أخوية ودية أن لا تكون العبارة موهمة للغلو، كما في هذه الأبيات من الشعر: «رب الشيعة علي ثايه، علي راية، على آية، علي يمشي الكون برايه» «يا بسملة الباري وكل قوته» «علي هو الله واحد بالصنايع والطبع»

من الذي يمثل التشيع؟ من الذي يكون رأيه ممثلاً لمذهب أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين؟ هل هي بعض هذه اللطميات أم كلام المراجع الأعلام؟ عندما تعبر عن الإمام بأنه يخلق ويرزق دون قيود، ودون أن تبين أن الله أقدره على ذلك وأعطاه القدرة على ذلك هو هذا ما نقول عنه تعبيرات موهمة للغلو وتنسب المذهب إلى الغلو، ويترتب على مثل هذه التعبيرات آثار خطيرة، منها:

أولاً: من هو من خارج المذهب سوف ينسب المذهب إلى الغلو والشرك، ويحاسب أهل المذهب على ذلك.

ثانياً: تعبئة الأجيال من أبنائنا وأطفالنا بمفاهيم غير منقحة وغير مبنية على وضوح وحدود عقيدية شرعية سليمة.

ثالثاً: إقحام الشيعة وخصوصا الشيعة الذين يعيشون مع إخوانهم أهل السنة في وطن واحد في أزمات خانقة لأنهم سيضطرون أمام إخوانهم أهل السنة أن يبرروا وأن يدافعوا وأن يقولوا هذا لا يعنينا ولا يمثلنا، لماذا نقحم الشيعة في المواطن التي يعيشون فيها مع أهل السنة في وطن واحد وتناسق وتلاؤم وتسالم وترابط قبلي وجوهري ووطني في أزمات خانقة ونجعلهم في موقع المبرر والمدافع؟

وأعظم من هذا إيقاع الشيعة في المواطن الساخنة في أفغانستان وباكستان تحت طاولة الاعتداء، يعتدى على أنفسهم وعلى أموالهم وأعراضهم من المتطرفين نتيجة مثل بعض هذه الكلمات أو بعض هذه التصريحات، من المسؤول عن هذا كله؟ من المسؤول عن هذه الأخطار المحدقة، لماذا لا نرجع الأمور إلى نصابها، لماذا لا نرجع الأمور إلى علماء الدين والمراجع الأعلام، لماذا نسلم إعلام المذهب لأي شخص يريد أن يقول أي كلمة شعراً أو نثراً أو لطمية أو ما أشبه ذلك؟

حتى لو كان الكلام حقاً ولم يقصد الغلو وهو طبق الأدلة والبراهين، ولكن عندنا روايات كثيرة نهت عن الإذاعة وأمرت بكتمان ما هو حق، هو حق لكن أمرتنا بكتمانه، في رواية محمد بن أبي نصر عن الرضا في حديث قال: قال أبو جعفر الباقر : ولاية الله أسرها إلى جبرئيل، وأسرها جبرئيل إلى محمد، وأسر محمد إلى علي، وأسرها علي إلى من شاء الله ثم أنتم تذيعون ذلك؟! من الذي أمسك حرفاً سمعه. قال أبو جعفر ينبغي للمسلم أن يكون مالكاً لنفسه مقبلاً لشأنه عارفاً بزمانه فاتقوا الله ولا تذيعوا حديثنا.

وفي رواية أخرى قال: من أذاع سرنا كان كمن قتلنا عمد لا خطأ.

الشرط الثاني:


أن يكون اللفظ مناسباً لمقام أهل البيت، ألفاظ تناسب قدسية أهل البيت ومقامهم فإن استخدام ألفاظ لا تناسب مقامهم سيجرئ الأجيال على أهل البيت في أي عبارة تقال بالنسبة إلى شخصياتهم، هل من المناسب أن يقال: «فدوى لروحك هولاكو يا لمثلك شح ماكو»! الحسين فداه الأوصياء والأولياء ما قيمة هولاكو؟ هل هو يناسب مقام أهل البيت؟

هل يناسب مقام أهل البيت أن يقال للحسين «أنت مثل سباح الشواطئ شما يقطعونك تطلع من جديد» أو يناسب أن يقال عن الحسين «الحسين يغازل الله بطيحة العباس» هل هذا يناسب مقام أهل البيت وعظمة شأنهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين؟

الشرط الثالث:


أولاً: خلو مواكبنا ولطمياتنا مما يناسب مجالس اللهو، الحمد لله مواكب الخليج مواكب نزيهة من هذه الأمور، الآن في العراق استوردت صورة من إيران وهي لم تكن موجودة في إيران إلا من عهد قريب، يسمى بموكب الشور، هذا الموكب صحيح لا توجد فتوى بتحريمه بعنوانه ولكن الفتوى تقول يحرم استخدام أي لحن وأي طريق يناسب مجالس اللهو في مواكب أهل البيت، لحن الشور ونغمته وطريقته وأداؤه يناسب مجالس اللهو ولا يناسب قدسية مقامات أهل البيت، إن هذه الطريقة أولاً نقض لأهداف أهل البيت لأن أهل البيت يريدون أن يرفعوا الناس إلى مقامات عالية من الآداب والأخلاق والعبادة والقرب من الله، وما يناسب مجالس اللهو يبعد الناس عن ذلك.

ثانياً: إن استخدام هذه الأساليب توهين لحرمات أهل البيت ومقاماتهم القدسية العظيمة، أيننا عن التراث الحسيني الشجي الذي أمضاه المراجع الأعلام وسار عليه السلف الصالح من علمائنا وشيعة أهل البيت كحمزة الصغير وياسين الرميثي وغيرهم من الرواديد الذين كانت ألحانهم وطرائقهم شجية مؤثرة حفظت مظلومية أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين.

الشرط الرابع:


أن لا تقحم القضايا المرحلية في مواكب أهل البيت، لا تقحم القضايا السياسية في مواكب أهل البيت، ولا تقحم المشاكل الاجتماعية العابرة المتغيرة في مواكب أهل البيت، ولا تقحم القضايا الاجتماعية في مواكب أهل البيت، مواكب أهل البيت هي لذكر عقائدهم ومبادئهم ومصائبهم ومناقبهم وسائر ما يتعلق بهم، وحتى يبقى الشعر خالداً كخلود الحسين يجب أن لا يذكر إلا تراث أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، لكي يحفظ لنا الشعر تلك المعركة العظيمة، معركة النور والظلام، المعركة التي خاضها الحسين بن علي صلوات الله وسلامه عليهم ضد الظلم والطغيان.

في أمالي الطوسي للمفيد عن محمد بن عمران المرزباني عن محمد بن يحيى عن جبلة بن محمد بن جبلة عن أبيه قال: اجتمع عندنا السيد ابن محمد الحميري وجعفر بن عفان فقال السيد لجعفر: ويك تقول في آل محمد ما بال بيتكم تخرب سقفه وثيابكم من أرذل الأثواب؟! فقال جعفر: وما أنكرت من ذلك؟ قال السيد: إذا لم تحسن المدح فاسكت، أتصف آل محمد بمثل هذه الأوصاف؟ ولكني أعذرك هذا طبعك وعلمك ومنتهاك، بينما أنا أقول:
أقسمُ باللهِ وآلائِهِ
والمرُ عما قال مَسْؤولُ أنّ عليَّ بنَ أبي طالبٍ
على التُّقى والبِرِّ مَجبولُ وأنّه كان الإمامَ الذي
له على الأُمّةِ تَفْضيلُ يقولُ بالحقِّ ويُعنى بهِ
ولا تُلَهِّيه الأباطيلُ كان إذا الحربُ مَرَتْها القَنا
وأحجمتْ عنها البَهاليلُ يَمشي إلى القِرن وفي كفِّه
أبيضُ ماضي الحدِّ مَصقولُ مشيَ العَفَرْني بين أشبالِهِ
أبرزَهُ لِلْقَنَصِ الغِيلُ ذاك الذي سلَّمَ في ليلةٍ
عليهِ ميكالُ وجِبِريلُ
وهنا يعطينا الإمام الصادق صورة عن مواكب أهل البيت يقول: بلغني أن قوماً يأتون قبر الحسين من نواحي الكوفة وناساً من غيرهم، ونساء يندبنه وذلك في النصف من شعبان، فبين قارئ يقرأ وقاص يقص، وقائل يقول المراثي؟ قلت: نعم جعلت فداك قد شهدت بعض ما تصف عند قبره. فقال: الحمد لله الذي جعل في الناس من يفد إلينا ويمدحنا ويرثي لنا وجعل عدونا من يطعن عليهم من قرابتهم وغيرهم يهددونهم ويقبحون ما يصنعون.

وفي رواية أخرى عن أبي هارون المكفوف دخلت على أبي عبد الله الصادق فقال أنشدني، فأنشدته. قال: لا، بل كما تنشدون عند قبر جدي الحسين. يقول: فأنشدته «أُمْرُرْ عَلَىْ جَدَثِ الحُسَيْنِ وُقُلْ لِأَعْظُمِهِ الزَّكِيَّةْ... يَا أَعْظُمَاً لَا زِلْتِ مِنْ وَطْفَاءَ سَاكِبَةً رَوِيَّةْ» فبكى فأمسكت فقال: مر. فمررت، فقال: زدني. فأنشدته، ثم قلت: يا مريم قومي واندبي مولاكِ... وعلى الحسين فأسعدي ببكاكِ، فبكى وتهايجت النساء، قال: فلما أن سكتن قال لي يا أبا هارون من أنشد في الحسين فأبكى فله الجنة.

هذا الشعر وهذه المواكب خلدت ذكر الحسين، خلدت ذكرى الأبطال العظام وفي طليعتهم علي بن الحسين الأكبر، البطل العظيم، صاحب هذه الليلة.
من موقع
​محاضرة سماحة العلامة السيد منير الخباز


من مواضيع صدى المهدي » الامام الصادق (ع) في اقوالهم
» أسباب النهي عن الخوض في القضاء والقدر
» إهداء نسخة مصورة من مخطوط قرآني نادر إلى خزانة العتبة العباسية
» الانتظار والصِّراع بين المستضعفين والمستكبرين
» الإستفتاءات … أسئلة بشأن البيع والشراء
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
وجدت, اللطمية, الحسينية؟, الغلو

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من صور الغلو في ابن تيمية ! أسد الله الغالب عقائد الوهابيه 0 26-06-2023 07:28 PM
طور اللطمية والألحان المتعارفة سيد فاضل احباب الحسين للمسائل الشرعيه والأحكام الفقهيه 2 07-09-2020 07:40 PM
طور اللطمية والألحان المتعارفة سيد فاضل احباب الحسين للمسائل الشرعيه والأحكام الفقهيه 2 02-09-2019 01:58 PM
ما هو الغلو؟ ومن هم المغالون؟ محـب الحسين منتدى رد الشبهات 4 15-04-2010 01:19 PM
اللطمية الثانية بمناسبة اربعينية الامام الحسين سلام الله عليه حسين الاحسائي من مداد قلمي 6 07-02-2010 04:06 PM



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات احباب الحسين