بمناسبة ذكرى استشهاده.. الشيخ محمد مفتح رمز للوحدة بين الحوزة والجامعة في ايران
ايران-الكوثر: كان الشهيد آية الله الدكتور الشيخ محمد مفتح (رضوان الله عليه) من علماء الدين المثقفين الذين لعبوا دوراً هاماً في الحركة الإسلامية للشعب الإيراني بقيادة الإمام الخميني (رضوان الله عليه).
كما اتخذ خطوات جيدة لأيجاد الوحدة بين الحوزة والجامعات وعلماء الدين والأكاديميين، ولذلك سمي يوم استشهاده بيوم وحدة بين الحوزة العلمية والجامعة لجهوده النبيلة.
ولد الشهيد آية الله الدكتور محمد مفتح عام 1307هــ.ش (1928م) في مدينة همدان الايرانية من عائلة علمائية.
والده المرحوم حجة الإسلام الحاج الشيخ محمود مفتح كان من وعاظ همدان ومعروف بالزهد والتقوى، قضى خمسين عاماً من عمره المبارك في الوعظ والإرشاد وخدمة أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام).
بعد أن درس المبادئ والأصول العلمية، ذهب إلى مدينة قم المقدسة وتتلمذ على يد العلماء الكبار مثل الإمام الخميني (رض)، والعلامة طباطبائي، وأصبح معلماً رائعاً في الحوزة.
بينما كان أستاذاً عظيماً في قم، دخل جامعة طهران قسم الفلسفة، واستمر في دراسته حتى حصوله على الدكتوراه.
وكانت لنشاطات الشهيد هذه، واحاطته بشؤون الحوزة والجامعة، دور كبير في أن يدرك مدى أهمية الوحدة بين هاتين المؤسستين، وأن يشعر بكل وجوده بالمؤامرات الاستعمارية لفصل هاتين الشريحتين. وإيماناً منه بالوحدة دخل هذا الميدان وسعى جاهداً لإفشال هذه المؤامرة. لهذا ــ ورغم كونه مدرساً معروفاً في الحوزة العلمية بقم ــ بدأ التدريس في المدارس الثانوية بمدينة قم، وبذلك خطا أول خطوة عمليّة في هذا الطريق. وعلاوة على ذلك أقدم الشهيد على تأسيس مركز لطلبة الحوزات والمدارس في قم، وكانت تعقد فيه الجلسات الأسبوعية، ويشارك فيها عدد كبير من طلبة الحوزة والمدارس، يتم خلالها تعرّف بعضهم ببعض والتباحث في أمور دينهم. وقد شارك الشهيد الدكتور محمد حسين بهشتي (أول رئيس للسلطة القضائية في ايران) مشاركة فعالة مع هذا المركز. كما كان تعاونه هو والشهيد بهشتي في مدرسة (الدين والعلم) خطوة أخرى على هذا الطريق. وكانت للشهيد مفتح نشاطات أخرى، كتربية الجيل المثقف، ونشر المعارف الإسلامية، والكفاح ضد الحكومة الملكية العميلة، والسعي إلى إقامة حكومة إسلامية.
الشهيد مفتح الذي شعر بمؤامرة الاستعمار لفصل الشريحتين الجامعية والحوزوية عن بعضهما البعض، بذل جميع جهوده لخلق الوحدة بين هاتين الشريحتين المهمتين في المجتمع، بالإضافة إلى تثقيف وتدريب جيل الشباب.
بدعوة من جمعية الطلاب الإسلامية، أصبح إمام مسجد جامعة طهران. كان لمحاضراته في مسجد الجامعة أثر كبير في تشجيع الجيل المثقف والمتعلم على التمسك بتعاليم الدين الإسلامي.
من عام 1961م إلى 1963م كانت خطبه في مدن مختلفة فعالة للغاية في توضيح مواقف الحركة الإسلامية وفضح وجه النظام البهلوي المقبور، إثر ذلك منع السافاك (الجهاز الامني للنظام الملكي المقبور) هذه الاجتماعات وتم اعتقاله من قبل السافاك.
كما انخرط الشهيد مفتح في أنشطة أعلامية وعلمية في الحسينية إرشاد (في العاصمة طهران)، وبعد إغلاق هذه الحسينية من قبل السافاك، تبنى مسؤولية مسجد جاويد (في مركز طهران) عام 1973 وإلتف حوله مجموعة من الطلاب والمثقفين .
في ديسمبر 1974، هاجم سافاك مسجد جاويد واعتقل الشهيد مفتح وسجن. إن ذكرى صلاة عيد الفطر عام 1978، التي أقيمت في منطقة القيطرية بطهران، لاقت ترحيبا فريدا من قبل أهالي طهران بإمامة الشهيد مفتح، تتألق دائماً في تاريخ الثورة.
في خطب هذه الصلاة، أكد الشهيد مفتح لأول مرة علانية على اسم الإمام الخميني (رض) باللغة الحالية وقيادة الإمام الخميني (رض)، وأعلن الخميس 7 سبتمبر عطلة على شرف شهداء الحركة التي مهدت الطريق لمسيرة 8 سبتمبر وسميت بالجمعة السوداء.
أصبح الشهيد مفتح عضوا في مجلس الثورة الاسلامية الذي شكله الإمام الخميني (رض). من السمات الفريدة لآية الله مفتح أنه على الرغم من دوره الفعال وحضوره في المواقع والأحداث المختلفة، إلا أن اسمه لم يُذكر كثيراً.
استشهاده
استشهد هذا الشيخ المجاهد، في الساعة التاسعة من صباح يوم الثلاثاء 18 ديسمبر/كانون الأول 1979 حيث وقعت جريمة مروعة في كلية أصول الدين والدراسات الإسلامية لجامعة طهران. اغتيل آية الله مفتح على يد زمرة فرقان الارهابية، وإلى جانبه استشهد في محاولة الاغتيال، اثنان من حراسه الشخصيين هما "جواد بهمني وأصغر نعمتي". وفي يوم الاربعاء 19 ديسمبر/كانون الأول أقيمت مراسم شييع مهيبة للشهيد مقتح يتقدمها الدكتور بهشتي والدكتور باهنر .
بيان الإمام الخميني (رض) بمناسبة استشهاده
بسم الله الرحمن الرحيم
إنا لله وإنا إليه راجعون
حينما يكون منطق القرآن الكريم؛ (إنا لله وإنا إليه راجعون) ومسيرة الإسلام تقرّ بأن الشهادة هي الهدف في هذا المسير، وأولياء الله عليهم السلام ورثوا الشهادة، وشبابنا الملتزمون طلبوا وما زالوا يطلبون أن يدعى لهم بالشهادة، عمد الحاقدون العاجزون عن كل شيء إلى القيام بعمليات اغتيال بشعة. بماذا يخيفوننا؟ إن أمريكا تخادع نفسها في أن تستطيع بثّ الرعب في قلوب أبناء الشعب- الذين هم جنود القرآن- منع مواصلة السير في طريق الحق، وايجاد نوع من التراجع عن الجهاد المقدس في طريق الله. غير مدركة بأن الخوف من الموت يتسم به من جعل الدنيا لنفسه دار قرار، وقد غفل عن الدار الأبدية والقرب من الرحمة الإلهية. لشدة ما عميت قلوب هؤلاء إذ لا يبصرون المشاهد الملحمية لشعبنا العزيز والشجاع في كل حالة استشهاد وما بعدها وهي تتجلّى لأعينهم. (صمٌّ بكمٌ عميٌ فهم لا يعقلون).
إنهم يعرفون أنه مضى ألف وثلاثمائة عام على ملحمة كربلاء، لكن دماء شهدائنا تغلي وشعبنا يسطّر الملاحم. سماحة حجة الإسلام المفكر المحترم الشيخ مفتّح واثنان من حرس الإسلام الأعزاء رحمة الله عليهم نالوا الشهادة، والتحقوا بالرفيق الأعلى، وخلقوا ملحمة في قلب شعبنا وشبّاننا الواعين، وزادوا من حرارة جذوة نهضتنا الإسلامية، وأعطوا ثورة الشعب زخماً مضاعفاً. أسأل الله أن يقبلهم في جوار رحمته الواسعة، ويرفدهم بنور عظمته. كنا نأمل أن تتم الاستفادة من معرفة الأستاذ المحترم ومن لسانه وعلمه في طريق الإسلام ودفع عجلة الثورة؛ ونأمل أن نستفيد من شهادة أمثال هؤلاء. أبارك لرجال الإسلام الأبطال هؤلاء استشهادهم، وأقدم في الوقت نفسه التعازي لذويهم والشعب الايراني المسلم. والسلام على شهداء طريق الحق).
المواضيع المتشابهه
بمناسبة ذكرى استشهاده.. الشيخ محمد مفتح رمز للوحدة بين الحوزة والجامعة في ايران
العرض العادي
