العودة   منتديات احباب الحسين عليه السلام > القسم الاسلامي > المنتدى الاسلامي العام > قسم القرآن الكريم
روابط مفيدة مشاركات اليوم البحث


كيف أسند جبرئيلُ الهبةَ لنفسه؟!

قسم القرآن الكريم


إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31-12-2021, 11:37 AM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

سيد فاضل

الصورة الرمزية سيد فاضل


الملف الشخصي









سيد فاضل غير متواجد حالياً


افتراضي كيف أسند جبرئيلُ الهبةَ لنفسه؟!

كيف أسند جبرئيلُ الهبةَ لنفسه؟!



بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد



المسألة:

السؤال حول قول جبرائيل لمريم(ع): ﴿لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا﴾([1]) ألا يوجد إشكال من ناحية عقديَّة؟



يعني هل يصحُّ أنْ يقول أحدٌ لامرأته مثلا: سوف أهبُكِ غلامًا بمعنى أن أجعلك تحبلين بغلام؟ بغض النظر عن الفرق في الطريقة، مع العلم بوجود قراءة: ليهب لك؛ أي الله جلَّ وعلا.





الجواب:

يكون للإشكال وجهٌ لو كان قوله: ﴿لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا﴾ هو تمام الآية الشريفة، فإنَّ إسناد جبرئيل هبة الغلام لنفسه -رغم العلم بغرضه- قد يكون مستوحَشًا إلا أنَّ هذا الإشكال وهذا الاستيحاش ينتفي عند ملاحظة تمام الآية: ﴿قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا﴾ فابتداءُ الآية بقوله: ﴿قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ﴾ أغنى عن قول: لأهب لكِ من عند الله غلامًا زكيَّا، فهو قد بدأ قوله بأداة الحصر فأفاد إنَّه مجرَّد رسولٌ من الربِّ جلَّ وعلا، فيكون مقتضى ذلك أنَّ الهبة التي أسندها لنفسِه إنَّما اسندها باعتباره مكلَّفًا بإيصالها ليس أكثر، فمفاد الآية إنَّي رسولٌ من الله لأُعطيك غلامًا من عنده. فاستغنى عن قوله من عند الله بما بدأه من قوله: ﴿إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ﴾ ثم حين عبَّرت مريم (ع) عن استغرابها كان جواب جبرئيل (ع) ﴿قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ﴾([2]) فهو قد أسند الفعلَ والهبة إلى الله تعالى ووصفها بالهيِّنة عليه جلَّ وعلا، فالهبةُ من الله تعالى لذلك أفادت الآية أنَّها هيِّنة على الله جلَّ وعلا، وليست على جبرئيل (ع).



والملاحَظ أن جبرئيل (ع) حتى في جوابه كان مجرد ناقلٍ لقول الله، فالذي قال: هو عليَّ هيِّن هو الله تعالى، وأمَّا جبرئيل فهو ينقل ذلك عنه بقوله: ﴿قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ﴾ وقال ربُّك: ﴿وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا﴾ فهذه الهبة الإلهيَّة سيجعلها الله آيةً للناس ورحمةً منه تعالى، وقد قضى بذلك وكان أمره مقضيًّا لا رادَّ لأمره.



ثم إنَّ الآيات الأخرى قد أسندت خلقَ عيسى (ع) لله تعالى كما في سورة آل عمران: ﴿يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ... قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾([3]) وقال تعالى من سورة النساء: ﴿إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ﴾([4]) فهذه الآية والتي قبلها تُبيِّن - بما لا يدع مجالًا للشك - أنَّ الهبة التي أسندها جبرئيل لنفسه إنَّما أسندها لنفسه باعتباره رسولًا مكلَّفًا بإيصالها ليس أكثر. تمامًا كما يقول رسول الملك لأحدِهم: أنا رسول الملك إليك لأهبك هذه الجائزة، فأنَّ أحدًا لا يتوهم أن الجائزة من الرسول وإنَّما أسند الهبة لنفسه باعتباره المكلَّف بإيصالها.



وجهٌ آخر للجواب:

وهنا وجهٌ آخر للجواب عن الإشكال ذكره العديد من المفسِّرين(5) وحاصله: إنَّ قوله تعالى: ﴿لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا﴾ هو محكي كلام الله تعالى، فالمُسند إليه الفعل " أهب" هو الله تعالى، فهو الفاعل الذي يعودُ عليه ضمير المتكلِّم للفعل المضارع " أهب" فمفاد الآية هو: إنَّما أنا رسول ربِّك وقد أرسلني إليك بقوله: أرسلتُه﴿لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا﴾ فالمُسند إليه الهبة هو الله تعالى وإنَّما كان جبرئيل في مقام الحكاية لقول الله تعالى، والوجه الأول أبعد عن التكلُّف.



التعليق على قراءة أبي عمرو بن العلاء:

هذا وثمة قراءة بالياء بدلاً من الهمزة نُسبتْ إلى أبي عمرو بن العلاء، ونافع في رواية ورش وقالون عنه (6) فتكون الآية – بناءً على هذه القراءة : ليهب لك غلاماً زكيَّا أي أرسلني الله ليهبَ لك، فالمُسند إليه الهبة هو الله تعالى، فلو صحَّت هذه القراءة لكان مؤدَّاها مطابقاً في المآل للقراءة المعروفة والمُثبتة في المصاحف الشريفة ، فسواءً كان الفاعل للفعل المضارع هو جبرئيل كما هو مقتضى الوجه الأول من القراءة المعروفة أو كان الفاعل يعودُ على الله تعالى كما في القراءة الثانية غير المعروفة فإنَّ مؤدَّى الآية هو أنَّ فاعل الهبة - حقيقةً - هو الله تعالى، وإسنادُها لجبرئيل بناءً على القراءة المعروفة إنَّما هو باعتباره الرسول المكلَّف من الله تعالى بإيصالها أو المكلَّف بالإخبار لمريم عنها.



وقيل إنَّ القراءة بالياء ليست قراءة ثانية بل إنَّ من قرأها بالياء أراد الهمزة وإنَّما قرأها ياءً تخفيفاً كما هو مذهب البعض القاضي بجواز قلب الهمزة ياءً لانكسار ما قبلها أو أنَّها تُقرأ ما بين الياء والهمزة كما هو قول الخليل (7).



والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور

25 جادى الاولى 1443هـ

30 ديسمبر 2021م



[1]- مريم/19.

[2]- مريم/21.

[3]- آل عمران/45-47.

[4]- النساء/171.

[5] -تفسير البيضاوي - البيضاوي- ج4/ 9 ،جامع البيان عن تأويل آي القرآن - الطبري- ج16/ 77، تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي- ج2/ 371.

[6] - التبيان في تفسير القرآن - الطوسي- ج7/ 113، جامع البيان عن تأويل آي القرآن - الطبري- ج16/ 77، تفسير البيضاوي - البيضاوي- ج4/ 9 . الجامع لأحكام القرآن - القرطبي- ج11/ 91.

[7] - التبيان في تفسير القرآن - الطوسي- ج7/ 113، تفسير مجمع البيان - الطبرسي- ج6/ 410، تفسير الآلوسي - الآلوسي- ج16/ 77 .


التوقيع :
من مواضيع سيد فاضل » ان الميت ليفرح
» المرتد سلمان رشدي يتعرض للطعن في نيويورك
» عزاء ركضة طويريج.. كيف نشأ ولماذا منع؟!
» مسجد الحنانة.. موضع رأس الإمام الحسين عليه السلام
» مختارات من رثاء لقتيل كربلاء الامام الحسين (عليه السلام) 2
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
لنفسه؟!, أسند, الهبةَ, جبرئيلُ

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
شهادةٌ للتأريخ: همُّ العراقيّين والدعاء للعراق أنساه الدعاءَ لنفسه صدى المهدي قسم الشخصيات اللامعه 3 19-01-2020 12:38 PM
معرفة الإنسان لنفسه العلوية ام موسى الاعرجي المنتدى الاسلامي العام 1 27-11-2018 11:00 AM
شرح ( دعائه (عليه السلام) لنفسه ولأهل ولايته) الصحيفة السجادية صدى المهدي قسم الادعيه والزيارات والأذكار 1 20-10-2018 07:04 PM
رسالة من مجاهد لنفسه! محب الرسول المنتدى الاسلامي العام 7 03-12-2013 03:48 AM
أن أشكرالله ومن يشكر لنفسه دمعة الكرار المنتدى الاسلامي العام 6 06-01-2012 06:11 PM



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات احباب الحسين