العودة   منتديات احباب الحسين عليه السلام > القسم الاسلامي > المنتدى الاسلامي العام
المنتدى الاسلامي العام يختص بكل مواضيع الثقافة الإسلامية على مذهب أهل البيت (عليهم السلام)
روابط مفيدة مشاركات اليوم البحث


حال الأمة الإسلامية في القرون التي أعقبت وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله

المنتدى الاسلامي العام


إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-03-2021, 05:08 PM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

سيد فاضل

الصورة الرمزية سيد فاضل


الملف الشخصي









سيد فاضل غير متواجد حالياً


افتراضي حال الأمة الإسلامية في القرون التي أعقبت وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله

حال الأمة الإسلامية في القرون التي أعقبت وفاة رسول الله؛ لسماحة آية الله الشيخ جعفر السبحاني

شفقنا العراق-فيما يلي مقال لسماحة المرجع الديني آية الله الشيخ جعفر السبحاني، تناول فيه تأثيرات إبعاد أهل البيت عن القيادة الإسلامية الحقة، والابتعاد عنها وما تلاهما من شقاق واختلاف بين المسلمين في شتى المجالات.

كان المسلمون في عصر الرسول أمة متراصة الصفوف ذات أهداف واحدة، وكان النبي الكريم هو القطب الذي تدور عليه رحى الإسلام وتلتف حوله الأمة، كلما نجم شقاق بين المسلمين أو فصائلهم، عالجه بحكمته السديدة وقيادته الرشيدة.

ولقد كان الحفاظ على العقيدة والشريعة، يتطلب وجود قيادة رشيدة، ومرجعية حكيمة، تنطق بالكتاب والسنة بعد رسول الله حتى تلتفت حولها الأمة، وتقوم بدورها في معالجة كل مشكلة تحدث، ورأب كل صدع يطرأ على حياتهم في ضوء الكتاب والسنة.

وكان رسول الله قد عالج بالفعل هذه الناحية الهامة في حياة المسلمين المستقبلية، برسم خط القيادة من بعده، وذلك من خلال التعريف بأهل بيته المطهرين، والفات نظر الأمة إليهم في مواضع عديدة، وبأساليب متنوعة، واضحة وقاطعة.

غير أن الأمة تجاهلت ـ ولشديد الأسف هذا الأمر وأقصت أهل البيت عن الحكم، وعزلتهم عن الدور المهم المرسوم لهم في قيادة وهداية الأمة بعد النبي ولم شعثهم، وقيادة سفينتهم في خضم الأمواج العاتية، على غرار ما كان يفعله رسول الله و في عهده المبارك.

ولأجل هذا الانحراف في خط القيادة، نجم الخلاف الحاد بين المسلمين، في شتى النواحي السياسية والعقائدية والتشريعية.

فالشقاق المستمر بين الأمة وعمال الخلفاء، والحروب الدامية بين صفوف الأمة كان من نتائج الابتعاد عن قيادة أهل البيت الرشيدة التي رسمها النبي في حياته الشريفة وعهده المبارك، إلى أن آل أمر الخلافة إلى ملك عضوض يرث فيه الملك واحد بعد واحد، وفاسد تلو فاسد، ويتلقفه ولد بعد والد!!

إن السنة النبوية هي الحجة الثانية بعد الكتاب العزيز، وكان المسلمون في أمس الحاجة إليها، ولكن صارت كتابتها والتحدث بها أمرا ممنوع قرابة قرن ونصف القرن، بينما كان التحدث بالأساطير من قبل مسلمة أهل الكتاب (من أحبار اليهود وقساوسة النصارى) أمراً مسموحاً به!!

لقد أنتج هذا الإبعاد للقيادة الإسلامية الحقة، والابتعاد عنها وما تلاهما من أمور، ظهور شقاق، واختلاف بين المسلمين في شتى المجالات.

أما في السياسة فقد عرفت.

وأما في مجال العقيدة، فقد ظهرت فيهم آراء وأفكار خطيرة مستلهمة ـ أغلبها ـ من اليهود والنصارى.

فمن محدث يثبت لله سبحانه الجسم والصورة، والأعضاء والجوارح، والزمان والمكان، والحركة والانتقال، والجهة والرؤية غير مكترث بقداسة الذات الإلهية، وتنزهها عن مشابهة المخلوقين، ويرى أن هذه هي العقيدة الإسلامية التي جاء بها القرآن الكريم وصدع بها الرسول العظيم.

إلى جهمي يرفع عقيرته بالجبر، وسلب الاختيار عن الإنسان، وينكر ـ في المآل ـ ضرورة بعث الأنبياء، كما يصرح بفناء النار في الآخرة مؤولاً خلود الكفار فيها، والذي صرح به القرآن الكريم.

إلى قدري يفسر القدر ـ في مجال أفعال البشر ـ كعامل قهري يرسم حياة الإنسان، ويفرض عليه أفعاله، بحيث لا يكون الإنسان قادراً على أن يحيد عن ذلك قيد شعرة، بل لهذا القدر الذي هو فعل الله، من السيادة على الله تعالى، بحيث لا يقدر هو سبحانه على تغييره.

إلى متفقه يرى الكتاب والسنة، غير وافيين بالتشريع، وبيان الحلال والحرام، فعاد يلتجئ إلى مقاييس ظنية ومعايير استحسانية ما أنزل الله بها من سلطان، فصار التشريع حلبة الاختلاف، ومضار الشقاق، حتى أنك لا ترى فرعاً عملياً من الفروع اتفقت عليه أئمة المذاهب الفقهية إلا الشاذ النادر.

إلى داع إلى الثنوية بشكل غير مباشر حيث يرى للإنسان إرادة مطلقة، واختيارا مستقلا، كأنه في غنى ـ في أفعاله ـ عن الله سبحانه، وهو بهذا يشبه إله الأرض.

إلى متفلسف يخضع لتيارات وآراء فلسفية مستوردة، من دون أن يقيم مفاهيمها في ضوء الكتاب والسنة والعقل السليم.

إلى ملاحدة ظهروا بين المسلمين، وأعطيت لهم حرية واسعة في العمل والدعوة، فراحوا يضللون الناس، ويسفهون أقوال الإلهيين وينكرون الشرائع والأديان من الأساس.

إلى غير ذلك من الفرق والطوائف والاتجاهات والتيارات المعكرة لصفو العقيدة الإسلامية والكدرة لنقاء النظام الإسلامي.

لكن كيف كانت تلك اللحظات الأخيرة التي قضاها أبو طالب عليه السلام وهو يودع هذه الحياة بعد أن أبلى بلاء حسنا في نصرة دين الإسلام؟

وكيف كان أثرها على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ لا شك أنها لحظات ملؤها الألم والحزن والوحشة ضاق معها الفسيح في عين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو ينظر إلى ذلك الوجه الذي امتزج فيه النور مع الشيب فكان كالبلور الوهاج، بنظرة ملؤها الرقة والرحمة، فها هو الحصن المنيع راحل عنه إلى جوار ربه، ثم يأتي هدير صوت أبي طالب عليه السلام کشلال تتصدع تحته الصخور وهو يخاطب الجالسين من حوله وقد جاؤوا ملبين طلبه في حضورهم يستمعون إلى كلماته الأخيرة قائلا:

«يا معشر قريش: أنتم صفوة الله من خلقه وقلب العرب، فيكم السيد المطاع، وفيكم المقدام الشجاع، الواسع الباع، واعلموا أنكم لم تتركوا للعرب في المآثر نصيبا إلا أحرزتموه، ولا شرفا إلا أدركتموه، فلكم بذلك على الناس الفضيلة، ولهم به إليكم الوسيلة، والناس لكم حرب وعلى حربكم إلب؛ وإني أوصيكم بتعظيم هذه البنية ـ أي الكعبة ـ فان فيها مرضاة للرب، وقواما للمعاش، وثباتا للوطأة، صلوا أرحامكم ولا تقطعوها، فإن صلة الرحم مسناة في الأجل، وزيادة في العدد، واتركوا البغي والعقوق ففيها هلكة القرون قبلكم، أجيبوا الداعي، وأعطوا السائل فان فيها شرف الحياة والممات، وعليكم بصدق الحديث، وأداء الأمانة فان فيها محبة في الخاص ومكرمة في العام. وأني أوصيكم بمحمد خيرا فإنه الأمين في قريش، والصديق في العرب، وهو الجامع لكل ما أوصيكم به وقد جاءنا بأمر قبله الجنان وأنكره اللسان مخافة الشنآن، وأيم الله كأني أنظر إلى صعاليك العرب وأهل الأطراف والمستضعفين من الناس قد أجابوا دعوته، وصدقوا كلمته، وعظموا أمره، فخاض بهم غمرات الموت وصارت رؤساء قريش وصناديدها أذنابا، ودورها خرابا، وضعفاؤها أربابا وإذا أعظمهم عليه أحوجهم إليه، وأبعدهم منه أحظاهم عنده، قد محضته العرب ودادها، واصفة له فؤادها وأعطته قيادها، دونكم يا معشر قريش! ابن أبيكم كونوا له ولاة ولحزبه حماة.
والله لا يسلك سيبله أحد إلا رشد، ولا يأخذ احد بهديه إلا سعد.
ولو كان لنفسي مدة، وفي أجلي تأخير، لكففت عنه الهزاهز، ولدافعت عنه الدواهي».

ثم قال لبني هاشم خاصة وأحلافهم من قريش: «إن محمد نبي صادق، وأمين ناطق، وان شأنه أعظم شأن، ومكانه من ربه أعلى مكان، فأجيبوا دعوته، واجتمعوا على نصرته، وراموا عدوه من وراء موضته، فانه الشرف الباقي لكم طول الدهر».

ثم أنشأ يقول:

أوصي بنصر النبي الخير مشهده
عليا ابني وعم الخير عباس
وحمزة الأسد المعشي صولته
وجعفراً ان يذودا دونه الناس
وهاشما كلها أوصي بنصرته
أن يأخذوا دون حرب القوم امراسا
كونوا فداء لكم أمي وما ولدت
من دون أحمد عند الروع اتراسا
بكل أبيض مصقول عوارضه
تخاله في سواد الليل مقباسا

وهذه الأبيات توحي بما خالج قلب أبي طالب عليه السلام من الخوف والقلق على سلامة حبيبه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، ولذا توجه بكلامه إلى بنيه على وجعفر، وأخوته حمزة والعباس لكي يقوموا بمهمة الدفاع عن خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم ولكي تكون هذه اللحظات الأخيرة من حياة أبي طالب صفحة يسجل فيها أسمى درجات الإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يتركها تمر دون أن تشهد بعضا من الكلمات المعبرة عن الإيمان الصادق، واليقين الراسخ بما جاء به النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.

ولكي يعلم الحاضرون ومن يأتي بعدهم من الأجيال أن أبا طالب كان يدافع عن إيمانه بالله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ويجاهد في سبيلهما حتى النفس الأخير.

وهو في الوقت نفسه لم يجعل تلك اللحظات الأخيرة تذهب من يديه دون أن يؤكد على ولديه وأخوته أن يقوموا بحماية النبي صلى الله عليه وآله وسلم والدفاع عنه.


التوقيع :
من مواضيع سيد فاضل » ان الميت ليفرح
» المرتد سلمان رشدي يتعرض للطعن في نيويورك
» عزاء ركضة طويريج.. كيف نشأ ولماذا منع؟!
» مسجد الحنانة.. موضع رأس الإمام الحسين عليه السلام
» مختارات من رثاء لقتيل كربلاء الامام الحسين (عليه السلام) 2
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أعقبت, وآله, وفاة, الله, الأمة, الإسلامية, التي, القرون, رسول, عليه

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
18 رجب وفاة إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله سيد فاضل أفراح وأحزان أهل البيت(عليهم السلام) 2 03-03-2021 09:09 PM
10 ربيع الأول وفاة إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله سيد فاضل أفراح وأحزان أهل البيت(عليهم السلام) 4 28-10-2020 09:51 AM
تعزية بذكرى وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محـب الحسين أفراح وأحزان أهل البيت(عليهم السلام) 6 24-12-2014 11:07 PM
[style]ستايل وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) محـب الحسين ستايلات vb 3.0.0 وأعلى 28 30-12-2013 01:06 PM
وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) محب العباس منتدى النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) 2 20-01-2012 12:33 AM



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات احباب الحسين