العودة   منتديات احباب الحسين عليه السلام > القسم العام > احباب الحسين للتاريخ والحضارات > قسم الشخصيات اللامعه
قسم الشخصيات اللامعه يختص بالسير الذاتيه للشخصيات اللامعه القديمه والحديثه وبكل أصنافها


الامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر " أعلى الله مقامه"

قسم الشخصيات اللامعه


إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-04-2021, 04:16 PM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

سيد فاضل

الصورة الرمزية سيد فاضل


الملف الشخصي









سيد فاضل غير متواجد حالياً


افتراضي الامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر " أعلى الله مقامه"

محمّد باقر الصدر

ترجع الكثير من الخلافات الفكريّة إلى طبيعة الرؤية الكونيّة التي يتبنّاها الإنسان. إنّ تبنّي الإنسان لرؤية كونه وكيلًا في هذا الكون وأنّه ينفّذ إرادة مليكٍ مقتدرٍ لا يعني أنّه آلةٌ في هذا السياق، ولا يعني سدّ الباب أمام الاجتهاد في إطار استنباط شريعة هذا المليك، كيف! وصاحب هذه المقولة هو محمّد باقر الصدر، صاحب فقه النظريّة ومنطقة الفراغ، صاحب العناصر الثابتة والعناصر المتحرّكة...
لذلك، تارةً يناقشك امرؤٌ مسلمٌ في ما هو تشريعُ مالك الملك، أو أنّ طبيعة الشريعة تسمح لنا باجتراح هذا التشريع أو ذاك.. وأخرى يناقشك من منطلق أنّ الشيء الفلاني الذي يراه هو الصحيح، وأنّ به صلاح البشر، مهملًا أيّ موقعٍ لسلطان جبّار السماوات والأرض..
إنّ النقاش بين طرفين ينتمي أحدهما إلى هذا المعسكر وآخر إلى ذاك نقاشٌ عقيمٌ جزمًا، لكلا الطرفين، ما لم يستهدف أصل الرؤية الكونيّة..
يقول محمّد باقر الصدر:
(هناك منذ البدء نظرتان أساسيّتان للكون، ولموقف الإنسان في الكون :
أ ـ النظرة الاُولى : النظرة إلى الكون بوصفه مملكةَ مليكٍ مقتدر:
إحدى النظرتين الأساسيّتين للإنسان نحو الكون وموقفه من الكون : أنّه يرى أنّ الكون مملكةٌ لمليكٍ قديرٍ مراقبٍ من وراء الستار، مراقبٍ مراقبةً غيرَ منظورة . هذه هي النظرة الاُولى التي يتحدّد بها موقفُ الإنسان من الكون وطبيعة هذا الكون .
وهذه النظرة ـ النظرة إلى الكون بأنّه مملكةٌ كبيرةٌ لمليكٍ قديرٍ مراقبٍ من وراء الستار ـ تستبطن حتماً:
1 ـ استبطان النظرة الاُولى شعورَ الإنسان بكونه خليفة :
الشعورَ بأنّ وجود الإنسان في الكون هو وجود الأمين ووجود الخليفة ، لا وجود الأصيل ووجود المتحكِّم ؛ لأنّ هذه مملكةُ غيره بكلّ ما فيها من وجود وبما فيها نفسُ الإنسان ، هي مملكة ذلك المليك القدير المراقب من وراء الستار .
ولهذا يشعر بأنّه يقوم بأعباء الأمانة والخلافة ، هذه الخلافة التي قام بها آدم ، وقامت بها بعد ذلك الأجيالُ الصالحةُ من بني آدم ، هذه الخلافة والأمانة تُستبطن في هذه النظرة.
2 ـ استبطان النظرة الاُولى تصرّف الخليفة وفق رغبات المستخلِف:
حينما يشعر بأنّه أمينٌ وأنّه خليفة ، هذا أيضاً يستبطن معنىً آخر ، وهذا المعنى الآخر هو معنى ضرورة استيحاء الأمر والتدبير والتقرير والتقديم من قبل ذلك المليك القدير ؛ لأنّه هو خليفة وأمين ، والأمين لا بدّ له أن يطبِّقَ على الأمانة التي استؤمن إيّاها قراراتِ المالك ، فلا بدّ إذاً للإنسان أن يكون رهنَ أمر ذلك المليك القدير .
وهذا هو معنى الإقرار بالعبوديّة ، والإقرار بضرورة بناء الحياة الإنسانيّة في الأرض ، والتفاعل مع الكون في كلّ مجالات الإنسان والكون وفقاً للقرارات الإلهيّة المعطاة من قبل ذلك المليك القدير .
3 ـ استبطان النظرة الاُولى التصرّف بمسؤوليّة وترقّب يوم الحساب:
ثمّ إنّ الجزء الآخر من هذه النظرة الأساسيّة [هو]: المليك القدير المراقب من وراء ستار . ما معنى المراقب من وراء ستار ؟ يعني أنّه يراقب ويحاسب ويدقِّق . ولكنّ هذا المليك له طريقة خاصّة في المراقبة والتدقيق ؛ فإنّه يراقب من وراء ستار، لا يتجلّى للناس في مملكته جهاراً فكلُّ من عصاه يضربه آناً ويُنزل به العقوبات، بل يختفي عن مملكته بحسب المنطق الحسّي لأهل هذه المملكة ، ويراقب أهل هذه المملكة.
هذا المليك القدير، فكرة أنّه يراقب من وراء ستار تستبطن المسؤوليّة ، والمسؤوليّة تستبطن الحساب والعقاب ، والحساب والعقاب يستبطن وجود عالمٍ آخر وراء هذا العالم. وراء هذه الدنيا يوجد هناك عالمٌ آخر لتحقيق نتائج هذه المراقبة المستورة ـ غير المنظورة وغير السافرة ـ والعادلة من قِبل ذلك المليك القدير .
4 ـ استبطان النظرة الاُولى عيش الأهداف الكبيرة:
إذا جاءت فكرة عالمٍ آخر للجزاء وللحساب والثواب والعقاب تجيء فكرة الأهداف الكبيرة .
حينئذٍ، الإنسان لا يكون قيدَ عمره في الدنيا ، ولا يكون قيدَ هذا الشوط القصير في الدنيا ، بل يكون رهنَ خطٍّ طويلٍ طويلٍ يمتدّ مع ذلك العالم غير المنظور.
وحينئذٍ يكون الإنسان على مستوى الأهداف الكبيرة ، الأهداف التي هو لا يستطيع أن يمتصّها، لا يستطيع أن يستنزفها ، لا يستطيع أن يستفيد منها .أعظم الأهداف وأجلّ الأهداف وأسمى الأهداف هي تلك الأهداف التي تكون أوسع من عمر إنسانٍ واحد، أوسع من عمر موجود من الموجودات، هذه الأهداف كيف يمكن أن تُحمَل الإنسانيّة عليها ، وتحمل الإنسانيّة على تحقيقها إذا كانت الإنسانيّة لا ترى إلّا مرمى نظرها، إلّا هذا الشوط القصير ؟!
إذاً، هذا الهدف ليس هدفها ؛ لأنّها هي لا تستنزف عصارة هذا الهدف ، ولا تشرب نخب هذا الهدف ، فتكون هذه الأهداف معطّلة ، وتبقى الإنسانيّة رهن الأهداف القصيرة ، رهن الغايات الماديّة المحدودة . وهذه الغايات الماديّة المحدودة هي منطلق ألوانٍ كثيرةٍ من الصراع والكفاح والعراك ما بين الاُسرة البشريّة ، بين فردٍ وفرد ، بين مجتمعٍ ومجتمع ، بين قوميّةٍ وقوميّة ، بين اُمّةٍ واُمّة .
وأمّا إذا أصبحت البشريّة على مستوى الأهداف الكبيرة؛ لأنّها انطلقت في غاياتها وفي ثوابها وعقابها إلى أكثر من حدود هذه الدنيا ، حينئذٍ تستطيع أن تنهض لأجل تلك الأهداف الكبيرة.
من خرج من بيته مهاجراً في سبيل الله‏ فمات وقع أجره على الله‏ . هذا الهدف الكبير هو لم يستطع أن يحقّقه ، هو خرج من بيته ، هو خطا خطوةً في تحقيق هذا الهدف الكبير . كم من آلاف الناس درسوا وماتوا قبل أن يحقِّقوا النتيجة ! كم من آلاف المجاهدين خرجوا للحرب واستشهدوا قبل أن يذوقوا لذّة الانتصار ! كم من أجيال المجدِّدين والمصلحين طاقوا وتحمّلوا في سبيل صيحاتهم ما تحمّلوا من أذىً وظلمٍ وإهانةٍ وماتوا قبل أن يذوقوا لذّة الانتصار!
إلّا أنّ هؤلاء، حيث إنّهم خرجوا من بيتهم مهاجرين في سبيل الله‏ وماتوا في وسط الطريق، وقع أجرهم على الله‏ .
بالأجر الإلهي انفتح أمام هؤلاء طريق هذه الأهداف الكبيرة ، فلا يهمّ هذا الإنسان قصير العمر أن يموت خلال الخطوة الاُولى ، أو خلال الخطوة الثانية ، ما دام يسير في خطٍّ، في أيّ مرحلةٍ منه يموت يقع أجره على الله‏ تعالى .
5ـ استبطان النظرة الاُولى فتح باب القيم الخُلُقيّة:
هنا انفتح طريق هذه الأهداف الكبيرة . لمّا انفتح طريق هذه الأهداف الكبيرة انفتح باب القيم الخلقيّة ، هذه القيم الخلقيّة لا معنى لها ما لم تكن على مستوى الأهداف الكبيرة والجزاء الكبير غير المنظور . القيم الخلقيّة، من التضحية والفداء والحبّ والإيثار ونحو ذلك من الاُمور... كلّ هذه القيم الخلقيّة انفتح بابها ؛ لأنّها جميعا طرقٌ إلى الله‏ .
كلُّ من يمشي في طريقٍ من هذه الطرق ويموت ويخسر ويُبتلى بصدمة تجاهها يقع أجره على الله‏ . كلّ من يضحّي فلا يلاقي جزاء تضحيته يقع أجره على الله‏ تعالى . كلُّ من يقوم بخدمةٍ لآخر ثمّ لا يلاقي جزاءً من الآخر يقع أجره على الله‏ تعالى ؛ لأنّه يدخل في ملاك (من خرج من بيته مهاجراً في سبيل الله‏ فمات وقع أجره على الله‏ تعالى).
حينئذٍ، هذه النظرة الأساسيّة ـ إذاً ـ تشعّبت منها كلُّ هذه الشُعَب وكلُّ هذه الفروع التي بكاملها ـ بكامل اُخطبوطها ـ تشكّل الحضارةَ الإسلاميّة ؛ فالحضارة الإسلاميّة عبارة عن هذه النظرة الأساسيّة بكلّ شعبها وفروعها التي ترجع بالنهاية إلى تجسيدٍ كاملٍ للعلاقة مع الله‏ في تفاعل الإنسان مع كلّ مجالاته الحيويّة والكونيّة.
ب ـ النظرة الثانية : النظرة إلى الكون بوصف الإنسان أصيلاًَ فيه:
في مقابلها نظرة اُخرى، وهي النظرة غير الإسلاميّة .
هذه النظرة غير الإسلاميّة الإنسان ينظر [فيها] إلى الكون بأنّه أصيل في هذا الكون ، وحينما ينظر إلى نفسه [على] أنّه أصيلٌ في هذا الكون ، وأنّ هذا الكون مستقلٌّ وغير خاضعٍ لمليكٍ وراء الستار ، ولمراقبةٍ من وراء الستار ، حينما يتركّز في نظره الأصالةُ لنفسه ، والاستقلال لهذا الكون ، حينئذٍ تنعدم المسؤوليّة . وإذا انعدمت المسؤوليّة في المقام، بقي أن يتحمّل هو المسؤولية بنفسه ؛ يعني بدلاً عن أن يشعر بأنّه مسؤولٌ ومراقَبٌ أمام جهةٍ عليا تضع أمامَهُ الأهداف الكبيرة في سبيل الثواب الكبير والعقاب الكبير ، يضع هو المسؤوليّة .
وحينما يتحمّل هو وضع المسؤوليّة، تكون هذه المسؤوليّة نتاجَ نفسه ، فينعكس في ما يضعه تمامُ ما في نفسه ، تمامُ المحتوى الداخلي والروحي والفكري له بكلّ ما فيه من نقصٍ وشهوةٍ وخطأ .
وحينئذٍ، حينما يريد الإنسان أن يحدِّد لنفسه مسؤوليّاته، سوف يحدّدها على ضوء أهدافه ، وحينما يريد أن يحدّد أهدافه، سوف يحدّدها على ضوء طريقه، وعلى ضوء مدى طريقه . وحيث إنّ طريقه محدود ، وحيث إنّ طريقه منكمش في نطاق المادّة، فسوف تكون الأهداف على مستوى الطريق . وحينما تكون الأهداف على مستوى الطريق، سوف تكون المسؤوليّات أيضاً في نطاق هذه الأهداف ، وبعد هذا سوف تُخسر [الـ]قيمُ الخُلُقيّة ، وبعد هذا سوف يتولّد عن ذلك ألوانٌ من الصراع والنزاع بين البشريّة جماعاتٍ ووحداناً.
هذه [هي] النظرة الثانية في مقابل [تلك] النظرة.
)
أئمّة أهل البيت (ع) (النسخة الجامعة)، جمع وتحقيق أحمد أبو زيد العاملي، ص 129 - 135

أحمد أبو زيد العاملي


التوقيع :
من مواضيع سيد فاضل » ان الميت ليفرح
» المرتد سلمان رشدي يتعرض للطعن في نيويورك
» عزاء ركضة طويريج.. كيف نشأ ولماذا منع؟!
» مسجد الحنانة.. موضع رأس الإمام الحسين عليه السلام
» مختارات من رثاء لقتيل كربلاء الامام الحسين (عليه السلام) 2
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
محمد, أعلى, مقامه", الله, الامام, السيد, الشهيد, الصدر, باقر

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
في رحاب الأصولي المجدد السيد الامام الشهيد محمد باقر الصدر رضوان الله عليه سيد فاضل قسم الشخصيات اللامعه 4 03-05-2021 04:10 PM
ذكرى ولادة السيد الشهيد الامام محمد باقر الصدر رض سيد فاضل قسم الشخصيات اللامعه 8 18-07-2020 09:42 PM
الامام الشهيد محمد باقر الصدر كان "مفكراً إسلامياً وثورياً" سيد فاضل قسم الشخصيات اللامعه 2 10-04-2020 07:51 AM
في ذكرى شهادة الامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر أعلى الله مقامه الشريف سيد فاضل احباب الحسين لليوتيوب والمرئيات الاخرى YouTube 2 08-04-2020 06:20 PM
قصة استشهاد السيد محمد باقر الصدر "رض" وأخته بنت الهدى (رضوان الله عليهما) قاصف البنتاغون المنتدى الاسلامي العام 0 13-04-2009 12:39 AM


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات احباب الحسين