أمير المؤمنين : أذانّ الكوفةِ الأخير
تَجَلَّى أبو الأيتامِ ..
يَستَبِقُ الفَجْرا
يُضيئُ بِنورِ اللهِ .. داجيَةَ المسرَى
وأقبلَ .. كالظمآنِ
تِلقاءَ مَسجِدٍ
بِمحرابِهِ المَحزونِ .. يَعتنِقُ القَدْرا
يُقلِّبُ في الآفاقِ طَرفًا
مُوَدِّعًا
ويَنثُرُ في الأنجاءِ أنفاسَهُ الحَرَّى
ويَلهَجُ ..
بالتسبيحِ دأبًا .. لِسانُهُ
وأدمُعُهُ من خَشيةٍ .. لم تزلْ حَمرا
هي الليلةُ المِيعادُ ..
يا سيّدَ الوَرى
تَعيشُكَ مُشتاقًا إلى الرِحلةِ الأخرَى
وها أنتَ
والدُنيا .. سُكونٌ ووَحشةٌ
وثوبُ الدُجَى أرْخَى علَى وجهِها سِترا
وتَخطُرُ مَسكونًا
بأطرافِ مَسجِدٍ
تراهُ بما يُوحاهُ .. مُمتلِئًا ذُعْرا
وتُوقِظُ من أغُفَى
ومن عانقَ الكَرَى
تَكادُ مع الغافينَ .. أن تُوقِظَ الفَجرا
وتَستقبلُ الأفاقَ - حُزنًا -
مُؤذِّنًا
فترتدُّ أنفاسُ الصَدَى لَوعةً حَسرَى
وتَنعاكَ
يا صَوتَ السماواتِ .. قِبلةٌ
فلنْ تسمعَ الأرواحُ تكبيرةً أُخرى
وتمشي إلى المحرابِ
مِشيَةَ والِهٍ
بأنفاسِ مُشتاقٍ .. وكنتَ بها أحْرَى
وخلفكَ
سَلَّ البغيُ سَيفًا .. وغَدرةً
وقد كادَ وجهُ الصُبحِ أن يفضحَ الغَدرا
وكَبَّرتَ لم تَرهَبْ ..
وهَل يَرهبُ الرَدَى
فتًى كانَ غِبَّ الموتِ يَعتنِقُ الكَرَّا
ويَحملُ في جَنبَيهِ ..
رُوحًا أبيَّةً
وروحُ " عليٍّ " ما أحيطَ بها خُبرا
وما كانَ إلّا أن سَجدتَ
مُعفِّرا
جَبينًا .. رسولُ اللهِ باركَهُ طُهرا
ليَهوي عَليكَ السيفُ
حِقدًا وخِسّةً
ويَخضِبَ في المحرابِ سَجدتَكَ الحَمرا
وتَهوي
كما يَهوي من الأفْقِ .. غارقًا
شِهابٌ .. وفي المحرابِ سُبحانَ من أسْرَى
وذا صَوتُ " جِبريلٍ "
وقد رَوّعَ المَدَى
فأصبحَ من هَولِ النداءاتِ .. مُحمَرَّا
فيا ليتَ قبلَ السيفِ ..
شُلَّ ابنُ مُلجَمٍ
وما فَتكتَ في الهامِ ضَربتُهُ النَكرا
..........
حسين بن ملّا حسن آل جامع
شهادة الإمام أمير المؤمنين ١٤٤٢هـ