الطريق إلى الجنّة محفوف بالبلاء
الشيخ محمد مهدي الاصفي
ثمّ يذكِّر القرآن الإنسان أنّ لحظات المعاناة هي الذخيرة التي يدخرها الإنسان للقاء الله ، وهي التي تؤهله للقاء الله ؛ فليس يدخل الإنسان الجنّة دون أن يجتاز طريق ذات الشوكة ، ودون أن يتحمّل في الله الجهد والعناء ، ودون أن يُؤذى في الله ويضطهد في الله ، يصبر على الأذى والاضطهاد في الله ، فالطريق إلى رضوان الله في الجنّة ، وإلى لقاء الله ، محفوف بالعناء والفتنة والابتلاء .
الطريق إلى الله إذا كان قصيراً مُريحاً، آمناً، سهلاً، لن يحقّق الحقّ، ولن يقطع دابر الكافرين، ولن تتمّ السيادة والسلطان لدين الله على وجه الأرض إلاّ حينما يسلك الدعاة طريق ذات الشوكة إلى الله.
وليست هذه البأساء والضراء خاصّة بهذه الأمّة، فهي سنة الله في حياة العاملين جميعاً، لم يشذّ منهم أحدٌ عن هذه السنّة الإلهية الصعبة:( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنّةَ وَلَمّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ مَسّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضّرّاءُ ) ، [ البقرة: ٢١٤ ].
ولو كان أمر هذا الطريق يسير، والمسافة قريبة، لم يتخلّف عن الطريق أحدٌ من الناس، ولكن طول المسافة، وبُعد الشقّة، جعل الناس يتفرّقون من حول الدعوة، ويتخلّفون عن المسيرة:( لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لاتّبَعُوكَ وَلكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشّقّةُ ) ، [ التوبة: ٤٢ ].
الشيخ محمد مهدي الآصفي
من كتاب ميراثان في كتاب الله