العودة   منتديات احباب الحسين عليه السلام > القسم الاسلامي > المنتدى الاسلامي العام > قسم الادعيه والزيارات والأذكار
روابط مفيدة مشاركات اليوم البحث


شرح دعاء العهد/ الحلقة السابعة

قسم الادعيه والزيارات والأذكار


إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-04-2021, 07:28 AM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي شرح دعاء العهد/ الحلقة السابعة




٦ - طلب الرجعة



اللَّهُمَّ إِنْ حالَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ الْمَوْتُ الَّذِي جَعَلْتَهُ عَلَى عِبَادِكَ حَتْمَاً مَقْضِيّاً، فَأَخْرِجْنِي مِنْ قَبْرِي، مُؤْتَزِراً كَفَنِي، شَاهِراً سَيْفِي، مُجَرِّداً قَنَاتِي، مُلَبِّياً دَعْوَةَ الدَّاعِي فِي الْحَاضِرِ وَالْبَادِي.
الرجعة تعني العودة مرّةً ثانيةً إلى الدنيا، وهي من معتقدات الشيعة.
وهذا المقطع من الدعاء يختصّ بالحديث عن الرجعة، حيث يطلب الداعي ذلك من الله تعالى.
وقد جاء طلب الرجعة في زيارات أخرى، ففي بعضها: "وإن حال بيني وبين لقائه الموت، الذي جعلته على عبادك حتماً، وأقدرت به خليقتك رغماً، فابعثني عند خروجه ظاهراً من حفرتي، مؤتزراً كفني، حتّى أجاهد بين يديه، في الصف الذي أثنيت على أهله في كتابك، فقلت: ﴿كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ﴾(١٨٠)"(١٨١).
ونقرأ - أيضاً - في بعض زيارات الإمام المهديّ (عجل الله تعالى فرجه الشريف): "وإن أدركني الموت قبل ظهورك، فأتوسل بك إلى الله سبحانه، أن يصلّي على محمّد وآل محمد، وأن يجعل لي كرّةً في ظهورك، ورجعةً في أيّامك"(١٨٢).
إن المنتظِر للإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) يجب أن يكون واقعيّاً في حياته، وأن لا يعتمد على الأحلام والمنامات والخيالات، فهو في الوقت الذي ينتظر ظهور وليّ العصر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ويدعو لتعجيل فرجه، يحتمل أن لا يدرك ظهوره خلال أيّام عمره.
نعم، المنتظِر يرى الموت أمراً واقعاً قريباً، وفي نظره - أيضاً - أنّ الظهور قريب، لكن مع ذلك، يمكن أن يتحقّق الموت بالنسبة إليه قبل تحقّق الفرج، فيدعو طلباً للرجعة في زمان الظهور.
فالنظرة إلى الموت في الحياة المهدويّة هي كرؤية أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي كان يرى الموت زائراً قريباً مقبلاً نحونا سريعاً، فالمسافة إليه قصيرة جدّاً، وعلينا أن نكون مستعدّين لاستقباله.
١- فَأَخْرِجْنِي مِنْ قَبْرِي:
الخروج من القبر في دولة إمام الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف) هي الرجعة.
ومن أعظم الآيات القرآنية التي تتحدّث عن الرجعة هي قوله تعالى:
﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾(١٨٣). وبما أنّ الناس جميعاً يحشرون يوم القيامة: ﴿وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا﴾(١٨٤), وآية الرجعة تقول إنّنا نحشر من كلّ أمة فوجاً, يتّضح - إذاً - أنّ هذه الآية لا ترتبط بيوم القيامة، بل بالرجعة التي هي قبل يوم القيامة، حيث يُعاد إحياء جماعة من الناس.
وقد جاءت في القرآن الكريم أمثلة عديدة للإحياء مرّة أخرى في الدنيا، منها ما جاء في سورة البقرة، كما في قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ﴾(١٨٥), وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾(١٨٦). ويقول سبحانه مخاطباً النبيّ عيسى (عليه السلام): ﴿وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي﴾(١٨٧)، ويقول - أيضاً - في حقّ أحد أوليائه: ﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِي هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ﴾(١٨٨).
وكذلك ورد في الروايات الكثيرة أنّ جماعة ممّن "محضوا الإيمان" أو "محضوا الكفر" يعودون بإذن الله إلى الدنيا، ويعيشون مدّة تحت ظلّ حاكميّة أهل الحقّ، وينال عندها أئمّة الكفر جزاءهم.
وعليه، فحينما يدعو المنتظِر طالباً منه سبحانه الرجعة، فهو يلمّح إلى طلبه أن يكون من بين "من محض الإيمان", لكونه يعلم أنّه في الرجعة لا يرجع إلّا "من محض الإيمان" أو "من محض الكفر". وهذه النظرة من شأنها أن تجعل الفرد المنتظِر يختار السير التكامليّ في حياته، ويتابع سلوكه جادّاً ومسرعاً(١٨٩).
٢- مُؤْتَزِراً كَفَنِي:
إحدى الحاجات العامّة والدائمة هي الحاجة إلى اللباس. والإسلام لاحظ لباساً خاصّاً لكلّ فصل أو زمان أو عمل، وجعل لذلك أحكاماً، كلباس الأطفال، ولباس العمل، ولباس الحرب، ولباس صلاة العيد، ولباس صلاة الاستسقاء، ولباس إحرام الحجّ، ولباس العروس، وكسوة المحتاجين إليه، ونظافة اللباس، ووصله، ولونه، وخياطته، وجنسه... وصولاً إلى آخر لباس وهو الكفن، الذي وردت فيه روايات كثيرة أيضاً.
هذه النظرة من شأنها أن تجعل الفرد المنتظِر يختار السير التكامليّ في حياته، ويتابع سلوكه جادّاً ومسرعاً
في الحديث عن الإمام الرضا (عليه السلام) أنّه قال: "إنّما أُمر أن يكفَّن الميّت, ليلقى ربّه (عزَّ وجلَّ) طاهر الجسد، ولئلّا تبدو عورته لمن يحمله أو يدفنه، ولئلّا ينظر (يظهر) الناس على بعض حاله وقبح منظره، ولئلّا يقسو القلب بالنظر إلى مثل ذلك, للعاهة والفساد، وليكون أطيب لأنفس الأحياء، ولئلّا يبغضه حميمه فيُلغي ذكره ومودّته، فلا يحفظه فيما خلّف، وأوصاه به، وأمره به، وأحبّ"(١٩٠).
وعن الإمام أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنّه قال: "مَن كان معه كفنه في بيته لم يُكتب من الغافلين، وكان مأجوراً كلّما نظر إليه"(١٩١).
وجاء في بعض الروايات فضل أن يكفَّن الميّت في لباس الإحرام الذي أحرم فيه أيّام حجّه، أو في ثوبٍ كان يصلّي فيه صلاة الجمعة، أو استفاد منه في سائر العبادات(١٩٢).
وكذلك يوصى الإنسان بأن يجهّز كفنه وينظر إليه أحياناً, ليخرج من الغفلة، وليكون بذلك مثاباً ومأجوراً.
كذلك يمكن القول: إنّ هذا المقطع من الدعاء، هو تلقينٌ لحقّانيّة الموت، التي هي أصلٌ لرشد المنتظِر وتكامله، ففي الحياة المهدويّة يتجلّى ذكر الله والمعاد بشكل واضح.



٣- شَاهِراً سَيْفِي:
إنّ الجهوزيّة الدائمة على كلّ حال تعدّ من امتيازات الحياة المهدويّة، فعلى سبيل المثال: في أيّام التدريب على المسائل العسكريّة، يُعطى الأمر للأفراد بأن يبقوا بكامل عتادهم أثناء الاستراحة، ليكونوا على جهوزيّة كاملة في جميع الأوقات.
وجاءت مثل هذه العبارة في بعض الروايات التي تصف خروج الشهيد من القبر، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: "إذا كان يوم القيامة يخرج من قبره شاهراً سيفه..."(١٩٣).
وفي هذه العبارة من الدعاء، نطلب من الله تعالى أن نكون جاهزين للقتال بعد خروجنا من قبورنا، حال كوننا شاهرين سيوفنا، مجرّدين قنواتنا (أي رماحنا).
وهذا التخطيط للحظة رجعة الفرد، هو مظهر من مظاهر التبرّي والاستعداد الكامل للمنتظِر. فالشخص الذي كان أثناء حياته في عداد: ﴿أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ﴾, مع معرفته بالإمام، في الرجعة - أيضاً - سيظهر تبرّيه من أعداء الدين بلا أدنى تردّد، وستؤتي معرفته أُكُلها، وسيكون لانتظاره معنى حينئذٍ.
المنتظِر الواقعيّ هو الذي يكون مستعدّاً لمواجهة أهل الباطل في جميع الأحوال.
٤- مُجَرِّداً قَنَاتِي:
في الحقيقة، إنّ ما يطلبه الداعي في هذه الفقرة، هو أن يكون حال الخروج من القبر، بحيث تُشاهَد على ظاهره جميع آثار الانتظار. وهذه المسألة مهمّة بالنسبة إلى الحياة المهدويّة، وأمراً ضروريّاً. فالمنتظِر لقيام القائم (عجل الله تعالى فرجه الشريف) هو على درجة من الاستعداد، بحيث إنّه بمجرد الخروج من القبر يكون حاضراً للقيام بخدمة مولاه، فهو يريد أن يكون لحظة خروجه من القبر شاهراً سيفه مجرِّداً قناته (أي رمحه).
المنتظِر لقيام القائم (عجل الله تعالى فرجه الشريف) هو على درجة من الاستعداد، بحيث إنّه بمجرد الخروج من القبر يكون حاضراً للقيام بخدمة مولاه ومع أنّ إخراج السيف من غلافه أو تجريد القناة لا يحتاج إلى وقت، لكنّ المنتظِر ليس مستعدّاً أن يتأخّر عن الوصول إلى خدمة سيّده بمقدار هذه المدّة، ولا يرى أدنى مسامحة في ذلك التأخير.
فهو يريد - إذاً - أن يكون حاضراً جاهزاً أثناء الرجعة، وأن يقوم بأداء تكليفه، بأقلّ زمان ممكن, وهذه هي حقيقة الانتظار.
٥- مُلَبِّياً دَعْوَةَ الدَّاعِي:
هذه العبارة توضِّح حال المنتظِر الحاضر والمستعدّ لقول: لبّيك، وإجابة الدعوة حتّى ولو كان في أبعد نقطة في هذا العالم, لأنّ رسالة الإمام مطابقة للفطرة، ويمكن دعوة الجميع إليها، وهي قابلة للفهم من قبل الجميع.
المنتظِر في الوقت الذي يجيب دعوة إمام الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فإن له تلبية أخرى -أيضاً- وراء ذلك وأينما كان، وهي أنّه يقوم بإيصال إجابة دعوته إلى مسامع الجميع.
٦- فِي الْحَاضِرِ وَالْبَادِي:
لا فرق في المنتظِر - بحسب هذه الفقرة من الدعاء - بين الحاضر ساكن المدينة، أو البادي ساكن القرية, فهو يستطيع أن يقول لوليّ الله: "لبّيك" في أيّ مكان من العالم، ويرى نفسه مسؤولاً أمام الجميع، وغير محدود في مكان خاصّ لأجل الخدمة، وحاضراً لتحقيق ذلك، وطائعاً لأمر إمامه في مواجهة الأعداء.

٧ - الدعاء للظهور
اللَّهُمَّ أَرِنِي الطَّلْعَةَ الرَّشِيدَةَ، وَالْغُرَّةَ الْحَمِيدَةَ، وَاكْحُلْ نَاظِرِي بِنَظْرَةٍ مِنِّي إِلَيْهِ، وَعَجِّلْ فَرَجَهُ، وَسَهِّلْ مَخْرَجَهُ، وَأَوْسِعْ مَنْهَجَهُ، وَاسْلُكْ بِي مَحَجَّتَهُ، وَأَنْفِذْ أَمْرَهُ، وَاشْدُدْ أَزْرَهُ.
يبيِّن هذا المقطع من الدعاء طلب المؤمن ظهورَ الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، وذلك من خلال ثلاث فقراتٍ وجمل لطيفة ودقيقة، نقوم بشرحها تباعاً:
١- اللَّهُمَّ أَرِنِي الطَّلْعَةَ الرَّشِيدَةَ:
عندما نطلب منه سبحانه: "اللهمّ أرني"، فمضافاً إلى طلب رؤية الإمام الغائب (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فإنّنا نطلب من الله تعالى -أيضاً- أن يُظهر تلك الشمس من خلف سحاب الغيبة، وأن يراه الجميع.
"الطلعة" بألف ولام المعرفة، سواء كانت المعرفة عهداً ذكرياً أو ذهنيّاً، هي إشارة إلى أمرٍ دقيق، وهو أنّ وليّ العصر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) معروف في فطرتنا، وليس مبهماً أو مجهولاً لدى الفطرة الإلهيّة المودعة فينا، فكما أنّ فطرتنا إلهيّة كذلك نحن نعرف بالفطرة خليفة الله، ووجه الله، وباب الله.
و"الرشيدة" صفة مشبّهة. وفي الحقيقة، إنّ اسم الفاعل يدلّ على الدوام, وعليه، فإنّ الرشيدة إشارة إلى الوجود الراشد والمرشد أيضاً، فهو يعطي الرشد ويوجده بالنسبة إلى الجميع وفي كلّ الأحوال.
في كتاب مكيال المكارم، في الباب الرابع، يذكر الجمال كإحدى خصائص الإمام المهديّ (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، ويقول:
"اعلم، أنّ مولانا صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف) أجمل الناس وأحسنهم وجهاً, لأنّه أشبه الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)"(١٩٤).
كذلك يستفاد من الروايات، ومن قصص مَن نالوا التوفيق لزيارة يوسف الزهراء (الإمام المهديّ (عجل الله تعالى فرجه الشريف))، أنّ قامة إمام العصر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وهيئته في غاية الجمال والاعتدال، وسيماءه جذّاب ومدهش.
والروايات التي وصفت الجمال الجاذب لآخر حجج الله الإمام المهديّ (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، يمكن تقسيمها من حيث المجموع إلى قسمين:
الأوّل: الروايات التي تتعلّق بوصف سيرته وصورته (عجل الله تعالى فرجه الشريف) بشكل عامّ، وتعرّفه بعنوان كونه أشبه الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
فعن جابر بن عبد الله الأنصاريّ أنّه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "المهديّ من ولدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خَلقاً وخُلُقاً"(١٩٥).
وفي حديث آخر عن أحمد بن إسحاق بن سعد (القمّيّ)، قال: سمعت أبا محمّد الحسن بن عليّ العسكري (عليهما السلام) يقول: "الحمد لله الذي لم يخرجني من الدنيا حتّى أراني الخلف من بعدي، أشبه الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خَلقاً وخُلُقاً"(١٩٦).
اعلم، أنّ مولانا صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف) أجمل الناس وأحسنهم وجهاً, لأنّه أشبه الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
وبملاحظة مثل هذه الروايات، فإنّ جميع الصفات والخصال التي نسبها القرآن الكريم والروايات إلى النبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، يمكن نسبتها إلى الإمام المهديّ (عجل الله تعالى فرجه الشريف).
والروايات التي تصف الخصائص الظاهرية للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كثيرة، نشير إلى واحدة منها فقط:
عن الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) في وصف النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: "كان نبيّ الله(عليه السلام) أبيضَ مُشْرَباً(١٩٧) حُمرة، أدعج(١٩٨) العينين، مقرون الحاجبين، شَثْنَ(١٩٩) الأطراف، كأنّ الذهب أُفرغ(٢٠٠) على براثنه(٢٠١)، عظيمَ مُشاشة(٢٠٢) المنكبين، إذا التفت يلتفت جميعاً من شدّة استرساله(٢٠٣)، سُربته(٢٠٤) سائلة من لُبَّته(٢٠٥) إلى سُرَّته، كأنّها وسط الفضّة المصفّاة، وكأنّ عنقه إلى كاهله(٢٠٦) إبريُق فضّة، يكاد أنفه إذا شرب أن يرد الماء، وإذا مشى تكفّأ(٢٠٧) كأنّه ينزل في صَبَب(٢٠٨)، لم يُرَ مثلُ نبيّ الله قبله ولا بعده (صلى الله عليه وآله وسلم)"(٢٠٩).
الثاني: الروايات التي تبيّن خصال الإمام المهديّ (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وسيماءه بشكلٍ مفصَّل، وتعدّ خصائصه واحدة واحدة. ومن تلك الروايات:
- ما جاء عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في تشبيهه الإمام المهديّ (عجل الله تعالى فرجه الشريف) به، حيث يقول في وصفه: "بأبي وأمّي سميّي وشبيه موسى بن عمران، عليه جيوب النور - أو قال جلابيب النور- يتوقّد من شعاع القدس"(٢١٠).
- وفي رواية أخرى عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) في وصف ولده الإمام المهديّ (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، يقول: "المهديّ من ولدي، وجهه كالقمر الدرّيّ"(٢١١).
- في رواية ثالثة عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) في وصفه (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، يقول: "المهديّ رجل من ولدي... على خدّه الأيمن خال، كأنّه كوكب درّيّ"(٢١٢).
إمام الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ليس وجوداً مجهولاً، لكن مع كلّ ما له من إشراق وجوده، فإنّ أعين قلوبنا لا تراه أمّا عليّ بن مهزيار الأهوازيّ، الذي حجّ عشرين مرّة شوقاً إلى لقاء الإمام المهديّ (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، ثمّ وفّق للقياه، فإنّه يذكر في توصيفه هيئةَ الإمام وصورته الجذّابة يقول: "ناصع(٢١٣) اللون، واضح(٢١٤) الجبين، أبلج(٢١٥) الحاجب، مسنون(٢١٦) الخدّين، أقنى(٢١٧) الأنف، أشمّ(٢١٨) أروع، كأنّه غصن بان، وكأنّ صفحة غرّته كوكب درّيّ، بخدّه الأيمن خال كأنّه فتاة مسك على بياض الفضّة، وإذا برأسه وفرة(٢١٩) سحماء(٢٢٠) سبطة(٢٢١) تطالع شحمة أذنه، له سمت(٢٢٢) ما رأت العيون أقصد منه، ولا أعرف حسناً وسكينةً وحياءً"(٢٢٣).
٢- وَالْغُرَّةَ الْحَمِيدَة:
يُطلق العرب على الهلال الذي يُرى في أوّل ليلة كلمة "غُرَّة". وإطلاق هذه الكلمة على الإمام يدلّ على جماله الجذّاب. كما تُطلق كلمة "غُرَّة" على البياض وسط جبهته، وهو بهذا المعنى يحكي عن كون الإمام معروفاً ومشخّصاً.
فإمام الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ليس وجوداً مجهولاً، لكن مع كلّ ما له من إشراق وجوده، فإنّ أعين قلوبنا لا تراه.
و"الحميدة" بمعنى المحمودة، فإمام العصر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وجود يُثنى عليه، وأهل ثنائه كثيرون، وقد بيّنت الآيات والروايات كثيراً من ثنائه وتمجيده وصفاته.
إمام الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ليس وجوداً مجهولاً، لكن مع كلّ ما له من إشراق وجوده، فإنّ أعين قلوبنا لا تراه
٣- وَاكْحُلْ نَاظِرِي:
التعبير بالكحل تعبير لطيف, لأنّ الكحل يقوي العين والنظر، وهو هنا علاوة على تقويته للبصر فإنّه يفتح البصيرة -أيضاً- وعين الانتظار على حجّة الله تعالى. وكما أنّ العين التي تكتحل، تظهر بشكل أجمل، وتصبح مختلفة عن سائر العيون، فكذلك عندما نطلب من الله تعالى أن تكتحل أعيننا برؤية الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فإنّنا في الحقيقة نطلب أن تكون أعيننا مختلفة عن الأعين الأخرى الموجودة في هذا العالم.
٤- بِنَظْرَةٍ مِنِّي إِلَيْهِ:
كما نعلم، إنّ الإسلام لم يرضَ بالأنانيّة، وإنّ إحدى بركات الصلاة أنّها تخرج الإنسان من الأنانية. لذا، فلو أنّ أحداً كان يصلّي وحده، فعليه أن يقول: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾، نقول: نعبد, أي نحن ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾, وكذلك نقول: ﴿اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ﴾, أي اهدنا جميعاً، فالمصلّي ينوب في عبادته عن جميع مَن في الكرة الأرضية.
وعليه، فالياء في كلمة "منّي" الواردة في فقرة "وَاكْحُلْ نَاظِرِي بِنَظْرَةٍ مِنِّي إِلَيْهِ" وأمثالها، ليس فيها ريح الأنانيّة، بل "الأنا" التي تشير إليها هي "أنا" المضطرّ، فالعاجز والمسكين الذي يودّ إظهار غاية فقره وحاجته في محضر إمام الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، لا بدّ له من القول: أنا محتاج، أنا مضطرّ، وأنت العالِم بفقري وحاجتي، فأعنّي.
في الفقرات السابقة (في السلام والصلوات على الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف))، كان هناك إشراك للآخرين، وكان الداعي يقول نيابةً عنهم: "عن جميع المؤمنين والمؤمنات"، كما أنّه في الفقرات اللاحقة يطلب للجميع: "فأَظْهِر اللهمّ لنا وليَّك".
اللَّهُمَّ أَرِنِي الطَّلْعَةَ الرَّشِيدَةَ، وَالْغُرَّةَ الْحَمِيدَةَ، وَاكْحُلْ نَاظِرِي بِنَظْرَةٍ مِنِّي إِلَيْهِ، وَعَجِّلْ فَرَجَهُ، وَسَهِّلْ مَخْرَجَهُ، وَأَوْسِعْ مَنْهَجَهُ، وَاسْلُكْ بِي مَحَجَّتَهُ، وَأَنْفِذْ أَمْرَهُ، وَاشْدُدْ أَزْرَهُ، وَاعْمُرِ اللَّهُمَّ بِهِ بِلَادَكَ، وَأَحْيِ بِهِ عِبَادَكَ الداعي العاشق لإمام الزمان يسأله تعالى أن يجعل خروجه سهلاً.
٥- وَعَجِّلْ فَرَجَهُ:
إنّ الدعاء بتعجيل الفرج هو إحدى علامات الحياة المهدويّة, ومن هنا، فإنّ هذا الطلب سيتكرّر في المقاطع اللاحقة.
٦- وَسَهِّلْ مَخْرَجَهُ:
بما أنّ خروج الإمام المهديّ (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وحاكميّته أمران عالميّان، فإنّ ما سيواجهه الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) من صعوباتٍ له مجاله الواسع، ويحتاج إلى بذلٍ للطاقة, ولهذا فإنّ الداعي العاشق لإمام الزمان يسأله تعالى أن يجعل خروجه سهلاً.
٧- وَأَوْسِعْ مَنْهَجَهُ:
إنّ الأمور في بداية ظهوره (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ستكون صعبة، ثمّ تأتي السهولة بعد ذلك، ومن ثمّ تنتشر ثقافته وطريقه ونهجه.
في هذه المقطع من الدعاء، نطلب من الله تعالى مطالب عدّة على الترتيب. وطريقة التعريج في الدعاء طريقة روعي فيها الشرافة والقداسة. فاحتراماً لإمام العصر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) نطلب بدايةً ظهوره، ثمّ نطلب أن تنتشر وتتّسع سيرته.
ويستفاد من هذه المقاطع الثلاثة، أنّ من علامات الحياة المهدويّة في هذه المرحلة توجّه المنتظِر إلى هموم إمام العصر واعتناءه بها.
٨- وَاسْلُكْ بِي مَحَجَّتَهُ:
طريق الإمام طريق طاهر. وسلوك الطريق المستقيم من أكثر البرامج أصالة في الحياة المهدويّة. ومن يقرأ دعاء العهد، يخطو خطوة على الطريق التي يريدها الإمام المهديّ (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، ولكنّ الداعي بذكره لهذه الجملة يطلب دوام الاستمرار في تلك الطريق، والعاقبة الحسنة.
في هذا المقطع، يقع المضيّ في طريق وليّ العصر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) في عصر ظهوره مورداً للتأكيد، كمن يسير في حياته بشكل مستقيم ويصلّي، ومع ذلك فإنّه يقول في صلاته: ﴿اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ﴾, والمراد دوام الهداية والعاقبة الحسنة.
إنّ المنتظِر لظهور وليّ العصر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) يعلن من خلال قراءة هذه الفقرة الاستعداد الكامل, لأنّ المنتظِر الواقعيّ هو الذي يكون مستعدّاً لمواجهة أهل الباطل في جميع الأحوال.
٩- وَأَنْفِذْ أَمْرَهُ:
قلب المنتظِر معلّق بإمام زمانه. لذا، يطلب من الله تعالى أن يكون عصر ظهوره عصر نفوذ أحكامه (عجل الله تعالى فرجه الشريف). ففي عصر أهل البيت (عليهم السلام) لمّا كانت الحاكمية بيد أهل الباطل، لم تكن تُنفَّذ أوامر هؤلاء العظماء وأحكامهم.
إنّ المنتظِر للإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) يطلب من الله قائلاً: اللهمّ اشدد أزره، لكي يقوم بما عليه تجاه هذه المسؤوليّة الاستثنائيّة وفي الحقيقة، هذه المقاطع من الدعاء فيها نوع من طلب الظهور, لأنّ المنتظِر يعلم أنّ الإمام المهديّ (عجل الله تعالى فرجه الشريف) لا يقبل بأيّ بيعةٍ لظالم، وسيزول بظهوره الطواغيت كلّهم، وستكون أوامره (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وحدها هي النافذة والحاكمة.
١٠- وَاشْدُدْ أَزْرَهُ:
في الآيتين (٣١-٣٢) من سورة طه، يقول تعالى حكايةً لطلب موسى (عليه السلام) منه سبحانه: ﴿اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي﴾.
الوزير من الوزر بمعنى الحمل الثقيل، ويُطلق على من يحمل ثقل مسؤوليّة غيره على ظهره.
وجاء في التفاسير، أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يقرأ - مراراً - هذه الآيات التي جاءت على لسان النبيّ موسى (عليه السلام)، ويدعو قائلاً: "اللهمّ، وأنا محمّد نبيّك وصفيّك، اللهمّ فاشرح صدري ويسّر لي أمري، واجعل لي وزيراً من أهلي عليّاً اشدد به ظهري"(٢٢٤).
إنّ موسى (عليه السلام) لم يكن يواجه مشكلة في تلقّي الوحي، وطلبه للوزير كان لأجل ثقل مسؤوليّة الرسالة وصعوبات التبليغ. وفي زمان ظهور الإمام المهديّ (عجل الله تعالى فرجه الشريف) – أيضاً - سيُلقى على عاتقه عملٌ ثقيلٌ، وعليه أن يبذل طاقة كبيرة في هذا المجال. لذا، فإنّ المنتظِر له (عجل الله تعالى فرجه الشريف) يطلب من الله قائلاً: اللهمّ اشدد أزره، لكي يقوم بما عليه تجاه هذه المسؤوليّة الاستثنائيّة.

من كتاب شرح دعاء العهد ( الشيخ محسن قرائتي )


من مواضيع صدى المهدي » إهداء نسخة مصورة من مخطوط قرآني نادر إلى خزانة العتبة العباسية
» الانتظار والصِّراع بين المستضعفين والمستكبرين
» الإستفتاءات … أسئلة بشأن البيع والشراء
» أنَّ الدين هو وسيلة اخترعها الأقوياء والأثرياء لتخدير الفقراء
» تحت شعار (من نهج الزهراء حجابي وبزينب اقتدائي)
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الحلقة, السابعة, العهد/, دعاء

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
شرح دعاء العهد/ الحلقة السادسة صدى المهدي قسم الادعيه والزيارات والأذكار 2 04-04-2021 08:26 AM
شرح دعاء العهد/ الحلقة الخامسة صدى المهدي قسم الادعيه والزيارات والأذكار 2 03-04-2021 08:07 PM
شرح دعاء العهد/ الحلقة الرابعة صدى المهدي قسم الادعيه والزيارات والأذكار 1 02-04-2021 08:44 AM
شرح دعاء العهد/ الحلقة الثانية صدى المهدي قسم الادعيه والزيارات والأذكار 3 01-04-2021 04:01 AM
شرح دعاء العهد/ الحلقة الثالثة صدى المهدي قسم الادعيه والزيارات والأذكار 2 01-04-2021 04:00 AM



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات احباب الحسين