العودة   منتديات احباب الحسين عليه السلام > القسم الاسلامي > المنتدى الاسلامي العام
المنتدى الاسلامي العام يختص بكل مواضيع الثقافة الإسلامية على مذهب أهل البيت (عليهم السلام)
روابط مفيدة مشاركات اليوم البحث


النفس وأنواعها

المنتدى الاسلامي العام


إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-04-2021, 08:42 PM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

سيد فاضل

الصورة الرمزية سيد فاضل


الملف الشخصي









سيد فاضل غير متواجد حالياً


افتراضي النفس وأنواعها

النفس وأنواعها؛ بقلم آية الله الشيخ محمد تقي المصباح اليزدي

شفقنا العراق-ثمة سؤال فيما يخص النفس وهو: هل النفس تختلف عن العقل؟ وهل هنالك في بواطننا وجودان مستقلان احدهما يسمى النفس والآخر يسمى العقل؟ وما معنى الحرب بين النفس والعقل؟

والسؤال الثاني حول النفس يعود الى تعدد النفس ذاتها، فهل نحن نمتلك نفسا واحدة أم عدة انفس؟ ماذا تعني النفس الأمارة بالسوء؟ وماذا تعني النفس اللوامة؟ وما هي النفس المطمئنة؟ هل انها ثلاثة وجودات مستقلة وكل منها يختلف عن العقل؟ وهل هنالك في داخلنا اربعة وجودات: ثلاث انفس و عقل واحد؟ ومع أي هذه الأنفس الثلاث يتصارع العقل؟

والسؤال الآخر هو: ما هي هذه النفس؟ هل النفس تختلف عن الذات؟ هل لنا وجود اسمه «نحن» وان «نفسنا» وجود آخر؟ وهل لنا «نفس إلهية»، واخرى «نفس شيطانية»؟ وما هو الفارق الطبيعي بين «النفس الالهية» و«النفس الشيطانية»؟

ان كلمة «النفس» كالتزكية مفردة عربية، وقد استخدمت في القرآن بانحاء مختلفة، ولا شك في ما يقال له «نفس» هو هوية الانسان وليس شيئا معزولا عنها، فليس لنا وجودات متعددة، بل لا نمتلك سوى هوية واحدة، والأمور الكثيرة التي تنسب للإنسان ابعاد مختلفة لهذه النفس الواحدة والهوية الواحدة. انها نفس واحدة ذات قوى ومیول ونزعات وحاجات متعددة ومختلفة. فنفس الانسان تمتلك قوة اسمها العقل تعود اليها مدركات الانسان وتمييز الصالح من الطالح، ولهذه النفس رغبات ونزعات ايضا، وهذان بعدان للهوية والنفس الواحدة لكل انسان. فبعد الرغبات والنزعات لدى الانسان ـ كما هو واضح من اسمها ـ يمثل امتلاك الرغبات والاهواء وهو لا يعرف حدا، أما المعرفة والادراك فهو يرتبط بالبعد الآخر للانسان وهو العقل. بناء على هذا ان التعارض بين العقل والنفس ليس سوى مواجهة بين بعدين الهوية الانسان الواحدة.

و على هذه الشاكلة تأتي مسألة «النفس الأمارة بالسوء»، «النفس اللوامة» و«النفس المطمئنة»، فنحن لا نمتلك اكثر من نفس واحدة وما يتغير هي زاوية الرؤية وتصوراتنا عن النفس، والحالات المتعددة لهذه النفس الواحدة. وتوضيح ذلك: أن نفس الانسان مفطورة على طلب الكمال والنزعة نحو التكامل، وان الانسان يصبو منذ طفولته لأن ينمي قابلياته وقدراته ويوسعها ويعمل على تكاملها، فالانسان يسعى ـ مثلا ـ من خلال السؤال الى ازالة جهله وتبديله الى کمال علمي.

لكن تكامل الانسان لا يحصل عن أي طریق کان، بل له مسار محدد اذا ما تجاوزه الانسان واخطأه لن يبلغ الكمال، وهنا اذا ما اخطأ الانسان في قطعه لمسيرة التكامل وشعر بخطئه فانه يندم ويتحسر ويأخذ بلوم نفسه: لماذا فعل هكذا، وهذا اللوم صفة وحالة جديدة تحصل النفس الإنسان وليست نفسا اخرى تتولد لديه عدى تلك النفس التي كانت تنشد الكمال، والنفس اللوامة الواردة في القرآن الكريم لیست سوى ذلك، وهذه حالة تتولد تحت تأثير القوة المدركة للانسان وهي العقل، أي عندما يدرك الانسان بفضل عقله انه قد اخطأ وزلّ في سلوكه لطريق الكمال تحصل لديه حالة من الندم والحسرة على الفرصة التي فاتته.

فاذا لم يرتب المرء أثرا على تشخيص عقله وأصر على خطأه رغم تشخیص العقل وتحذيره، هنا يقال ان النفس اصبحت أمارة بالسوء، فالنفس الأمارة بالسوء لا تعني سوى ان للانسان رغبات أن لم تكبح وتجرى السيطرة عليها فانها ستفضي إلى الطغيان والفساد، وربما لا يكون اصل تلك الرغبة أمرا سيئا، ولكن اذا ما فسح المجال امامها ولم تفرض على عملية ضبط فانها تؤدي إلى انحراف الانسان.

فعلى سبيل المثال، ان الرغبة بالاكل ليست أمرا سيئا بذاتها، لكنها ان لم تكبح اذ ذاك ستبرز حالة من الافراط والطغيان، فليس للانسان أن يتناول ما حلا له دون أن يفكر مم مصدره والى من يعود ومن أي طريق حصل؟ فاذا ما أصبح الأمر كذلك تقول ان النفس اصبحت أمارة بالسوء، وهكذا الحال بالنسبة لجميع افعال الانسان من مأكل وجماع وكلام وتنزه و… الخ اذا ما تجاوزت حدودها المعقولة فانها تتناقض والارادة الالهية والمعنوية ومع الكمال النهائي للانسان.

بناء على هذا فان مجرد دعوة النفس للاكل والتنزه واشباع الغريزة الجنسية … الخ ليست دليلا على كونها أمارة بالسوء، فالنفس انما تصبح أمارة بالسوء عندما لا ترعى حداً، وان تعيين الحد يأتي بتشخیص وحكم من العقل والشرع.

إن تصرف الانسان احيانا خلافا لحكم عقله و تشخیصه دليل على أنه يمتلك ارادة واختيارا، فلقد أودعت يد الخالق في وجود الانسان العقل والارادة والاختيار معا، أي أنه وبعد ان يدرك ويفهم الصالح من الطالح فان اختيار اي منهما منوط بارادته واختياره، وان مجرد تشخيص الصالح لا يرغم الانسان على المبادرة، مثلما أن مجرد تشخيص الطالح لا يدفعه للاحتراز والامتناع.

وعليه فان كمال الانسان رهن بان تخضع رغباته واهواؤه لقيادة وارشاد نور العقل، فاذا ما دأب الانسان على تجاهل تشخیص عقله ويسدر بانحرافه بالرغم من ارشاد عقله وتوجيهاته، فانه يوصف ـ كما قلنا ـ بالنفس الأمارة بالسوء». أما اذا استطاع أن يقوي في نفسه حالة من الالتزام بما يشخصه العقل والتذلل أمامه وكبح رغبات النفس يصبح بمقدوره ان ينال الكمال المنشود وذاك هو القرب من الله سبحانه وتعالی.

واذا ما تحولت هذه الحالة إلى «ملكة» وثبتت في ذات الانسان نتيجة التكرار والمواصلة اذ ذاك تنال النفس حالة الاطمئنان والسكينة ويستعهد الانسان للرحيل إلى الآخرة بقلب مطمئن خال من القلق، وتلك هي النفس المطمئنة التي يأتيها الخطاب: «يا أيها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية».

بناء على هذا، ان النفس المطمئنة ليست سوى «الأنا» وروح الانسان، التي تحظت كل تلك المراتب واجتازت الأخطار، وترسخت فيها الملكات الفاضلة ونالت حالة الثبات والاطمئنان بعد بلوغها الدرجات العليا من التكامل.

ان صاحب النفس المطمئنة هو من يلازم عقله ويتبعه على الدوام، من هنا فلا صراع ولا تناقض بين عقله ونفسه، فالصراع بين النفس والعقل هو من نصيب النفوس التي مازالت في بداية طريق التكامل، والنفس المتكاملة هي التي يحكمها العقل وتلتزم بتعاليم الوحي وارشاداته في كافة أفعالها واعمالها، فلا يحصل تناقض بين العقل والنفس فيها.

النفس الطبيعية (الحيوانية) والنفس القدسية (الالهية)

الأمر الآخر هو ما قد يقال بشأن النفس من أن هنالك نوعين من النفس هما: النفس الطبيعية والحيوانية، والنفس القدسية والالهية، أما النفس الطبيعية والحيوانية للانسان فهي التي تنزع نحو الماديات والمعصية والأمور الدنيئة والسلبية، ومن مواصفات هذه النفس الأنانية وحب الذات والحسد .. الخ، وفي المقابل فان النفس القدسية والالهية

التي تنسب اليها النوازع السامية من قبيل التقرب إلى الله والشعور بحب بني الانسان، والايثار والتضحية، وهذه النفس هي تلك الروح الالهية الطاهرة التي نفخت في كيان الانسان حيث يقول تعالى: «ونفخت فيه من روحي» وهاتان النفسان تعیشان صراعا وتناقضا داخل كيان الانسان على الدوام.

و في ضوء ما قدمنا من بحث تتضح محصلة هذا الكلام ایضا، فاستخدام لفظ «نفس» في النفس الحيوانية والنفس الالهية لا يعني بالضرورة اننا نمتلك نفسين داخلنا يعيشان صراعا مستمرا تتغلب احداهما على الاخرى بين الفينة والأخرى، وكما قلنا فاننا لسنا سوی موجود واحد وليس لنا سوى روح واحدة ونفس واحدة و«أنا» واحدة، ولا وجود داخلنا لاثنين أو ثلاث أو عدة «أنا»، والموجود هو «أنا» الواحدة ذات الأهواء والنزعات والأبعاد والحاجات المتعددة. وبما ان الانسان مرکب من جسم وروح فان بعض هذه الرغبات والحاجات يختص بالجسم وبعضها الآخر

يتعلق بالروح، وهذه الحاجات هي التي تتزاحم فيما بينها احيانا، فتارة تتعارض حاجتان جسميتان واخرى حاجتان معنویتان وروحيتان، وثالثة تتعارض حاجة جسمية مع حاجة روحية.

افترضوا انسانا جائعا ويطلب الطعام لا يمتلك مالا لشراء طعام، وهو في نفس الوقت يريد الحفاظ على كرامته وان لا يمد يد الحاجة لأحد، فاذا ما اراد اشباع بطنه فهو مضطر للتعبير عن حاجته وهدم شخصيته لعدم امتلاكه للمال، واذا حاول الحفاظ على كرامته فعليه أن يتجرع الجوع وفقدان الطعام. هذا صراع بين حاجة جسمية واخرى روحية، لكن هذا التعارض ليس دليلا على وجود اثنين «أنا» وروحين حيوانية والهية داخل الانسان، بل هي «أنا» و«روح» واحدة لها نوعان من النزعات والرغبات والحاجات، وهذه الرغبات والحاجات لا تعيش تلقائية وفي كثير من الظروف تناقضا وتزاحما فيما بينها، وان تزاحمت على الصعيد العملي احيانا.

اصبحت خلاصة البحث حول النفس هي: أن هذه الكلمة من قبيل المشتركات اللفظية فرغم ان اصل معناها اللغوي واحد لا غير، لكنها ذات مصادیق متعددة، فتارة يكون مصداقها البدن واخرى الروح وثالثة مجموع الروح والبدن، كما أن احد مصاديقها النفس الأمارة، والنفس اللوامة، ومصداقها الآخر النفس المطمئنة، والمراد من النفس الأمارة حالة يطلق الانسان فيها العنان لاهوائه دون ضبط ولا سيطرة، فيما تطلق النفس اللوامة على حالة من النفس تندم فيها وتأخذ بتأنيب ذاتها جراء الالتفات إلى الزلل والمعصية التي ارتكبتها، واخيرا تسمى النفس التي بلغت الكمال وترسخت فيها الملكات الفاضلة بـ «النفس المطمئنة».

ان المراد من تصارع النفس والعقل هو التناقض بين تشخيص العقل وبين نزعات الانسان المتهورة والمطلق عنانها تماما، فاهواء الانسان لا تعرف حدا وهي تريد ان تشبع باكثر واسرع ما يمكن، لكن ما يقتضيه تشخيص العقل وتوجيهه هو مراعاة بعض الحدود والمحافظة على جانب الحيطة وعدم التسرع، و هاهنا نقول ان العقل والنفس يتصارعان فيما بينهما، وهذا هو معنى العداء بين العقل والنفس وليس اننا نمتلك في دواخلنا وجودين مستقلين يشهران السيف بوجه بعضهما ويطيح أحدهما بالآخر.

ــــــــــــــــــــــــ

* اقتباس من كتاب (السير الى الله)، ص 30-35.


التوقيع :
من مواضيع سيد فاضل » ان الميت ليفرح
» المرتد سلمان رشدي يتعرض للطعن في نيويورك
» عزاء ركضة طويريج.. كيف نشأ ولماذا منع؟!
» مسجد الحنانة.. موضع رأس الإمام الحسين عليه السلام
» مختارات من رثاء لقتيل كربلاء الامام الحسين (عليه السلام) 2
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
وأنواعها, النفس

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أثر الذنوب وأنواعها العلوية ام موسى الاعرجي المنتدى الاسلامي العام 1 01-07-2016 03:56 PM
معنى الإمامة وأنواعها العلوية ام موسى الاعرجي المنتدى الاسلامي العام 1 26-12-2014 11:43 PM
ماهي الفوبيا ؟ وأنواعها دمعة الكرار احباب الحسين للطب والصحة العامه 2 10-01-2012 04:44 PM
النفس اللوّامه النفس الامـّارة حيدريه بحرانيه المنتدى الاسلامي العام 7 16-08-2010 05:39 PM
أسماء الرياح وأنواعها علويه حسينيه احباب الحسين للدراسات والبحوث 1 22-10-2009 11:12 AM



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات احباب الحسين