العودة   منتديات احباب الحسين عليه السلام > القسم الاسلامي > منتدى الوصي المرتضى (سلام الله عليه)
منتدى الوصي المرتضى (سلام الله عليه) أمير المؤمنين - وصي الرسول - سيد البلغاء - قائد الغر المحجلين - امام الانس والجان - أبو الحسن - أبو الحسنين - امام المتقين - عليه السلام
روابط مفيدة مشاركات اليوم البحث


عَلـِــيٌّ ( عليه السلام ) أَوَّلُ مَــنْ ...

منتدى الوصي المرتضى (سلام الله عليه)


إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-02-2023, 07:49 AM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي عَلـِــيٌّ ( عليه السلام ) أَوَّلُ مَــنْ ...


... (1)



الحمد لله الذي يجزي المؤمنين؛ إذ قال فيهم: (( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ))([1]) ، والصلاة والسلام على نبيه وآله الذين قال فيهم(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ))([2]).

تحتلُّ أوَّليَّةُ الأمور ميزة السبق فتكون الفضيلة بحسب ثمرة موضوعها فتحدد أفضليتها ومكانتها في ممارسات الحياة الاجتماعية بصورة عامة، ولكن كيف إذا كانت ماهية هذه الأولية في تثبيت دعائم الدين وتشييد أسسه! لا جرم أنها أولية ما بعدها شيء، وقد خطَّ القرآن الكريم لهم منزلة بقوله: (( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ))([3]) ،

إذ هناك ثُلَّةٌ من أصحابِ الرسول صلى الله عليه وآله وأهل بيته قد جنوا ثمار هذه المنقبة بسبقهم في الإسلام والجهاد؛ ولكن لكلِّ ثُلَّةٍ هناك (أوَّل) يتقدَّمُهم بوصفه أسبقهم، وأثبتهم، وأعلمهم فيؤطر منزلة (الأول) بشهادة الجميع. لا شكَّ أنكم علمتم الشخصية التي نروم أن نطوف برياض فضلها، وعبق علمها، وريادة أسبقيتها في الإسلام حتى أصبحت الشخصية الأولى بكُلِّ شيءٍ، إنَّه أمير المؤمنين عليَّ بن أبي طالب عليه السلام، ونود أن نتحدث في هذا الموقف عن المناقب التي خُصَّ الإمام عليٌّ عليه السلام بها وحده فكانت له سمة يُعرف بها ولا يقوى على نكرانها أحد، على أنَّ هناك مناقب قد تفرَّدَ بها الإمام علي عليه السلام دون سواه فهي – المناقب- أختص بها فقط ولم تكن للذين سبقوه ولا الذين جاءوا بعده مذ خلق الله السماوات والأرض، ومن هذه المناقب معجزة ولادته عليه السلام الميمونة؛ إذ وُلِدَ الإمام عليٌّ عليه السلام في يوم الجمعة([4])

الثالث عشر من شهر رجب([5]) بعد ثلاثين سنة من عام الفيل([6]) في الكعبة المكرّمة([7]) . قال العلاّمة الأميني في مولد الإمام ( عليه السلام ) وفي فضيلته التي لا بديل لها: ((وهذه حقيقة ناصعة أصفق على إثباتها الفريقان ، وتضافرت بها الأحاديث ، وطفحت بها الكتب ، فلا نعبأ بجلبة رماة القول على عواهنه بعد نصّ جمع من أعلام الفريقين على تواتر حديث هذه الأثارة))([8]) وهذا توقيف إلهي لا يمكن أن يسوف لأمر آخر سوى الإشارة إلى أنَّ هذا المولود قد خُصَّ برعاية إلهية ليكون من المُخْلَصين الذين تجب طاعتهم؛ لأنهم من حماة الدين وبُنَاتِه؛ إذ (( إن الله تعالى قد شق جدار الكعبة لوالدته عليه السلام حين دخلت ، وحين خرجت ، بعد أن وضعته في جوف الكعبة - وقد جرى هذا الصنع الإلهي له - حيث كان عليه السلام لا يزال في طور الخلق والنشوء في هذا العالم الجديد . . ليدل دلالة واضحة على اصطفائه له ، وعلى عنايته به . .وذلك من شأنه أن يجعل أمر الاهتداء إلى نور ولايته أيسر ، وليكون الإنسان في إمامته أبصر))([9])، فكانت (( ولادته ( عليه السلام ) ، في الكعبة المشرفة ، إنما هي أمر صنعه الله تعالى له ، لأنه يريد أن تكون هذه الولادة رحمة للأمة ، وسبباً من أسباب هدايتها . . وليست أمراً صنعه الإمام علي ( عليه السلام ) لنفسه ، ولا هي مما سعى إليه الآخرون ، ليمكن اتهامهم بأنهم يدبرون لأمر قد لا يكون لهم الحق به ، أو التأييد لمفهوم اعتقادي ، أو لواقع سياسي ، أو الانتصار لجهة أو لفريق بعينه ، في صراع ديني ، أو اجتماعي ، أو غيره . ..))

([10]). وقد يتساءل بعضهم لماذا خُصَ الإمام عليٌّ عليه السلام بهذه الولادة، ولم تكن لرسول الله صلى الله عليه وآله؟. والجواب واضح؛ إذ جرت الحكمة الإلهية أن تقدم معادلة لطيفة المقال، خفيفة الكاهل على الأنام، فقد بعث الله سبحانه نبيَّه محمد صلى الله عليه وآله بالهدى والبينات ومعه الحجج الدامغة والمعجزة الكبرى وهو القرآن الكريم، وإن معجزته الظاهرة التي تهدي الناس إلى الله تعالى ، وصفاته ، وإلى النبوة والنبي ، وتدلهم عليه ، وتؤكد صدقه ، ولزوم الإيمان به ، وتأخذ بيدهم إلى الإيمان باليوم الآخر، وهو يهدي إلى الرشد من أراده، والذي لا بد أن يدخل هذه الحقائق إلى القلوب والعقول أولاً، من باب الاستدلال، والانجذاب الفطري إلى الحق بما هو حق . . من دون تأثر بالعاطفة، وبعيداً عن احتمالات الانبهار بأية مؤثرات أخرى مهما كانت . ..

أما ولادة الإمام علي عليه السلام ، في الكعبة المشرفة ، هي لطف ، بالأمة بأسرها ، حتى أولئك الذين وترهم الإسلام منها ، وسبيل هداية لهم ولها ، وهو سبب انضباط وجداني ، ومعدن خير وصلاح ، ينتج الإيمان ، والعمل الصالح ، ويكف من يستجيب لنداء الوجدان ، عن الامعان في الطغيان ، والعدوان ، وعن الانسياق وراء الأهواء ، والعواطف ، من دون تأمل وتدبر . . وغني عن البيان، أن مقام الإمام علي عليه السلام وفضله، أعظم وأجل من أن تكون ولادته عليه السلام، في الكعبة سبباً أو منشأ لإعطاء المقام والشرف له؛ بل الكعبة هي التي تتشرف به وتعتز، وتزيد في قداستها، وتتأكد حرمتها بولادته فيها صلوات الله وسلامه عليه، فالنبي والإمام (صلوات الله عليهم) طرفا المعادلة غير أن الأول قد قُدِّم بالمعجز، والآخر خصَّ بالعناية الإلهية والإشارات التي تند عن أهمية هذا الإمام ومكانته.


الهوامش:
([1]) سورة الأنبياء: 101- 103. ([2]) سورة الفتح: من الآية 29. ([3]) سورة الواقعة: 10- 11. ([4]) ينظر: تهذيب الأحكام: 6/ 19، والإرشاد : 1/ 5، والمقنعة: 461. ([5]) ينظر: تهذيب الأحكام : 6 / 19 ، الإرشاد : 1 / 5 ، المقنعة : 461 ، خصائص الأئمّة ( عليهم السلام ) : 39 ، مصباح المتهجّد : 805 ، كشف اليقين : 31 ، العمدة : 24 ، المصباح للكفعمي : 678 ، وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ، محمد الريشهري: 1/ 72. ([6]) ينظر: لكافي : 1 / 452 ، تهذيب الأحكام : 6 / 19 ، الإرشاد : 1 / 5 ، المقنعة : 461 ، خصائص الأئمّة ( عليهم السلام ) :39 ، وكشف اليقين : 31 ، والعمدة : 24 ، وتاج المواليد : 88 ، والمستجاد : 294 ، وروضة الواعظين : 87_ 92 ، والمناقب لابن شهر آشوب : 3 / 307 ، وعمدة الطالب : 58 ، وإعلام الورى : 1 / 306 ، وكشف الغمّة : 1 / 59 ، الفصول المهمّة : 29 ، كفاية الطالب : 407 ، وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ، محمد الريشهري: 1/ 72. ([7]) ينظر: تهذيب الأحكام : 6 / 19 ، المقنعة : 461 ، الإرشاد : 1 / 5 ، خصائص الأئمّة ( عليهم السلام ) : 39 ، مصباح المتهجّد : 805 ، الأمالي للطوسي : 707 / 1511 ، العمدة : 24 ، وكشف اليقين : 31 ، كنز الفوائد :1 / 255 ، والمصباح للكفعمي : 678 ، وروضة الواعظين : 87 ، وإرشاد القلوب : 211، المناقب لابن شهر آشوب : 2 / 175 و ج 3 / 307 ، عمدة الطالب : 58 ، وكشف الغمّة : 1 / 59 ، إعلام الورى : 1 / 306 ؛ مروج الذهب : 2 / 358 ، المناقب لابن المغازلي : 7 / 3 ، تذكرة الخواصّ : 10، الفصول المهمّة : 29 ، كفاية الطالب : 407 ، مطالب السؤول : 11 . ([8]) الغدير، الشيخ الأميني: 6/ 22. ([9]) مختصر المفيد، السيد جعفر مرتضى العاملي: 6/ 53. ([10]) مختصر المفيد، السيد جعفر مرتضى العاملي: 6/ 52.


الباحث: عماد طالب موسى


من مواضيع صدى المهدي » الإستفتاءات … أسئلة بشأن البيع والشراء
» أنَّ الدين هو وسيلة اخترعها الأقوياء والأثرياء لتخدير الفقراء
» تحت شعار (من نهج الزهراء حجابي وبزينب اقتدائي)
» زيارة حمزة بن عبد المطلب (ره) في أحد
» حمزة بن عبد المطلب .. وفاء وفداء
رد مع اقتباس
قديم 05-02-2023, 07:49 AM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي





عَلِـــيٌّ أَوَّلُ مَــنْ... (2)

الحمد لله الذي قال: (( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ))([1])،
والصلاة والسلام على نبيه المصطفى وأهل بيته الذين ((هُمْ أَسَاسُ الدِّينِ، وَعِمَادُ اليَقِينِ، إِلَيْهمْ يَفِيءُ الغَالي، وَبِهِمْ يَلْحَقُ التَّالي، وَلَهُمْ خَصَائِصُ حَقِّ الوِلايَةِ، وَفِيهِمُ الوَصِيَّةُ وَالوِرَاثَةُ، الاْنَ إِذْ رَجَعَ الحَقُّ إِلَى أَهْلِهِ، وَنُقِلَ إِلَى مُنْتَقَلِهِ))([2]). استكمالا للمقال السابق الذي نوهنا فيه ما نروم طرحه من ذكر ما تَمَيَّزَ به عليٌّ عليه السلام أو انفردَ به جاءَت هذه المقالةُ لتكشفَ عن جنبةٍ معينةٍ كان للإمامِ بها الأوَّلِيَّةُّ، وانطلاقا من قوله عليه السلام الذي يصف به أهل البيت عليهم السلام( هم أساس الدين، وعماد اليقين) إذ يكشفُ عن اشتغالاتٍ لغويةٍ متتابعةٍ تبيِّنُ عمليةَ بناءِ الدينِ الإسلامي، فلفظا (أساسٍ) و(عمادٍ) يعربان عن مقاصدَ أقل ما يكون منها الإشارة إلى السبق في الإسلام والدعوة له؛ لأنَّ مفردة (أساس) تطلق على (أس الْبناء وَالْجمع آساس: مَعْرُوف)([3])، و(عماد) من (تعمّد الشيء بعمادٍ يمسكه ويعتمد عليه)([4])،

و( عَمَدْتُ الشَّيْءَ: أَسْنَدْتُهُ. وَالشَّيْءُ الَّذِي يُسْنَدُ إِلَيْهِ عِمَادٌ)([5])، فهو عليه السلام (أَوَّلُ مَنْ) آمن بالرسول صلى الله عليه وآله وصدَّقه، ومع ذلك كان ابن عمه وتربى في حجره وأوصاه أبوه أبو طالب بنصره، وكان يُنِيمُه في حصار الشعب في فراشه فنشأ على حبِّ الرسولِ ونصرَهُ وبالغَ في نصرِ الإسلامِ مع ما أوتيه من قوة وشجاعة فائقة وصبر وجلد فـ( لم يكفر بالوحي طرفة عين)([6]). ويطيب لنا أن نعرج على حادثة تُعد مصداقا لقول أمير المؤمنين عليه السلام السابق نتغيا منها بيانَ أوَّليةِ عليٍّ عليه السلام في تأسيس الدين، وأنه لم يسبقه فيه أحدٌ بعد الملهم الأول صلى الله عليه وآله، وهذه الحادثة تعد أول اجتماع قرشي يُناقش فيه الدين الإسلامي ونبوة محمد صلى الله عليه وآله، إذ جمع الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) كبار قريش في بيته وأطلعهم على النبأ العظيم، فقال لهم: ((يا بني عبد المطلب ، إن الله بعثني إلى الخلق كافة، وبعثني إليكم خاصة، فقال عز وجلوانذر عشيرتك الأقربين)([7]) وأنا أدعوكم إلى كلمتين خفيفتين على اللسان ثقيلتين في الميزان، تملكون بهما العرب والعجم، وتنقاد لكم بهما الأمم، وتدخلون بهما الجنة، وتنجون بهما من النار: شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فمن يجيبني إلى هذا الأمر ويؤازرني عليه وعلى القيام به ، يكن أخي ووصي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي))([8])

، فلم يجب أحد منهم، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): فقمت بين يديه من بينهم – وأنا إذ ذاك أصغرهم سنا، وأحمشهم([9]) ساقا، وأرمضهم([10]) عينا- فقلت: أنا- يا رسول الله - أؤازرك على هذا الأمر. فقال: اجلس، ثم أعاد القول على القوم ثانية فاصمتوا، وقمت فقلت مثل مقالتي الأولى، فقال: اجلس. ثم أعاد على القوم مقالته ثالثة فلم ينطق أحد منهم بحرف، فقلت: أنا أؤازرك - يا رسول الله على هذا الأمر، فقال: اجلس، فأنت أخي ووصي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي. فنهض القوم وهم يقولون لأبي طالب: يا أبا طالب ، ليهنك، اليوم إن دخلت في دين ابن أخيك ، فقد جعل ابنك أميرا عليك([11]). ومن هذا الحديث يتبين: أنَّ المرحلة التأسيسية للدين بُنِيَت على أكتاف النبي وأهل بيته عليهم السلام وشيعتهم؛ لأن مرحلة التشيع لم تكن شيئاً مفصولا عن مرحلة تأسيس الدولة الإسلامية، التي باشرها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)؛إذ إنَّ أول عمل قام به الرسول خلال الدعوة السرية هو ربط الإسلام بالإمام علي (عليه السلام)، وعرف هذا الحديث بحديث الدار فجعل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الإمام عليًّا (عليه السلام) وصيًّا له وخليفة من بعده كما تقدم. والغريب في الأمر أصبح من كان عدوا للإسلام وقاتلَ على منع انتشاره يقدم نفسه للخلافة بعد الرسول وينازع من ( هُمْ أَسَاسُ الدِّينِ، وَعِمَادُ اليَقِينِ، إِلَيْهمْ يَفِيءُ الغَالي، وَبِهِمْ يَلْحَقُ التَّالي، وَلَهُمْ خَصَائِصُ حَقِّ الوِلايَةِ، وَفِيهِمُ الوَصِيَّةُ وَالوِرَاثَةُ، الاْنَ إِذْ رَجَعَ الحَقُّ إِلَى أَهْلِهِ، وَنُقِلَ إِلَى مُنْتَقَلِهِ)([12])، لذلك يقول الإمام علي عليه السلام( وَهَلُمَّ الْخَطْبَ فِي ابْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَلَقَدْ أَضْحَكَنِي الدَّهْرُ بَعْدَ إبْكَائِهِ، وَلاَ غَرْوَ وَاللهِ، فَيَا لَهُ خَطْباً يَسْتَفْرِغُ الْعَجَبَ، وَيُكْثِرُ الاَوَدَ، حَاوَلَ الْقَوْمُ إِطْفَاءَ نَورِ اللهِ مِنْ مِصْباحِهِ، وَسَدَّ فَوَّارِهِ مِنْ يَنْبُوعِهِ)([13])، فسلام عليك يا أبا الحسن من صابر عابد مجاهد قد قُرِحَ قلبك، وغُصِب حقك، ونُهب أرثك.


الهوامش:

([1]) سورة الأنبياء: 101- 103. ([2]) نهج البلاغة، تحقيق: الشيخ محمد عبده: 1/ 30. ([3]) العين: 2/ 57. ([4]) جمهرة اللغة: 1/ 238. ([5]) مقاييس اللغة: 4/ 137. ([6]) تاريخ بغداد: 14/ 155. ([7]) الشعراء: 214. ([8]) الإرشاد، الشيخ المفيد(ت: 413هـ): 1/ 49، وينظر: وعلام الورى بأعلام الهدى، الشيخ الطوسي(ت: 548هـ)، : 1/ 322، و كشف اليقين، العلامة الحلي(ت: 726هـ): 258، والغدير، الشيخ الأميني(ت: 1392هـ: 2/ 282. ([9]) حمش: رجلٌ أَحْمَشُ الساقين: دقيقهما. ينظر: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية: 3/ 1002. ([10]) الرمض : وسخ يجتمع في مجرى الدمع ، ينظر: الصحاح :3 / 1042 . ([11]) ينظر: الإرشاد: 1/ 50، وأعيان الشيعة: 1/ 231. ([12]) نهج البلاغة، تحقيق: الشيخ محمد عبده: 1/ 30. ([13]) نهج البلاغة، تحقيق: الشيخ محمد عبده:2/ 64.
​


من مواضيع صدى المهدي » الإستفتاءات … أسئلة بشأن البيع والشراء
» أنَّ الدين هو وسيلة اخترعها الأقوياء والأثرياء لتخدير الفقراء
» تحت شعار (من نهج الزهراء حجابي وبزينب اقتدائي)
» زيارة حمزة بن عبد المطلب (ره) في أحد
» حمزة بن عبد المطلب .. وفاء وفداء
رد مع اقتباس
قديم 05-02-2023, 07:50 AM   رقم المشاركة : 3
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي


عَلِيٌّ أَوَّلُ مَنْ... (3)


الْحَمْدُ للهِ غَيْرَ مَقْنُوط مِنْ رَحْمَتِهِ، وَلاَ مَخْلُوٍّ مِنْ نِعْمَتِهِ، وَلاَ مَأْيُوس مِنْ مَغْفِرَتِهِ، وَلاَ مُسْتَنْكَف عَنْ عِبَادَتِهِ، الَّذِي لاَ تَبْرَحُ مِنْهُ رَحْمَةٌ، وَلاَ تُفْقَدُ لَهُ نِعْمَةٌ([1]). والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وأهل بيته الطاهرين.

ما زلنا نسيح في بستان الفضائل و ترْعةُ الفداء، لنقطف فضيلة من الفضائل التي تفرد بها الإمام علي عليه السلام ولم يسبقه إليها أحد، والحق لم تكن لغيره ممن جاء بعده على مرِّ التاريخ وتقادم العصور. تلك الفضيلة التي نفستها ملائكة السماء وتعجبت منها قبل الصالحين في الأرض([2])،

ولكلِّ قولٍ مصداقٌ، ولكلِّ عملٍ أجرٌ، وما أروع من يذوب في ذات الله ورسوله موطنا نفسه على شدائد الأمور، وتفاقم المحن، وفيها لا يصح (( إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ))([3]). وليس ببعيد على من ((كان والله عَلَم الهدى، وكهف التقى، ومحل الحجا، وبحر الندى، وطَوْد النهى، وكهف العلا للورى، داعياً إلى المحجة العظمى، متمسكا بالعروة الوُثْقى، خير من آمن واتقى، وأفضل من تقمص وارتدى، وأبر من انتعل وسعى، وأفصح من تنفس وقرأ، وأكثر من شهد النجوى، سوى الأنبياء والنبي المصطفى، صاحب القبلتين فهل يوازيه أحد؟ وهو أبو السبطين فهل يقارنه بشر؟ وزوج خير النساء فهل يفوقه قاطن بلد؟ للاسُودِ قتال وفي الحروب ختال ، لم تر عيني مثله ولم تَرَ ، فعلى من انتقصه لعنة الله والعباد إلى يوم التناد))([4]).

فدعونا نلج في أحداث التأسيس الإسلامي لنقف عند هجرة الرسول صلى الله عليه وآله إلى المدينة، وهو صلى الله عليه وآله يتقاسم أعباء التبليغ مع ابن عمه عليه السلام ويشقّا بنور الإسلام دياجي الكفر، إذ أخذت قريش تكثر من اجتماعاتها بأعضائها الأربعين البالغين من العمر فوق الأربعين، ويتآمرون على المكر برسول الله ( صلى الله عليه وآله) ويتخيرون أيسر السبل وانجحها للفتك به، إلى أن شاركهم في أحد اجتماعاتهم جماعة ((فلما صاروا إلى باب دار الندوة نظروا إلى شيخ لا يعرفونه في جماعتهم، فأنكروه وسألوه ! ، ممن هو ؟ ، فقال : رجل من أهل نجد، بلغني ما اجتمعتم له فأردت أن أكون معكم فيه، وعسى أن لا تعدموني رأيا ونصحا، فقالوا: ادخل، فكان ذلك الشيخ - فيما ذكروا - إبليس اللعين لعنه الله تصور لهم))([5])، وأخذوا يتحاورون ويقترحون طرقا للخلاص من الدين الإسلامي والنبي (صلى الله عليه وآله) إلى أن أشار عليهم بأن يجتمع من كل بطن من بطون قريش رجل شريف، ويكون معكم من بني هاشم واحد، فيأخذون حديدة أو سيفا ويدخلون عليه فيضربوه كلهم ضربة واحدة، فيتفرق دمه في قريش كلها، فلا يستطيع بنو هاشم أن يطلبوا بدمه وقد شاركوا فيه، فما بقي لهم إلا أن تعطوهم الدية، فأعطوهم ثلاث ديات، قالوا: نعم وعشر ديات([6]). وقالوا بأجمعهم: الرأي رأي الشيخ النجدي - وهي الهيأة التي تمظهر بها إبليس- فاختاروا خمسة عشر رجلا فيهم أبو لهب على أن يدخلوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويقتلوه، ثم تفرقوا على هذا وأجمعوا أن يدخلوا عليه ليلا وكتموا أمرهم، فقال أبو لهب: بل نحرسه فإذا أصبحنا دخلنا عليه، فباتوا حول حجرة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأنزل الله سبحانه وتعالى على رسوله: (( وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ))([7]).

فقال الرسول ( صلى الله عليه وآله) : يا علي إن الروح هبط علي بهذه الآية آنفا، يخبرني أن قريشا اجتمعت على المكر بي وقتلي، وإنه أوحى إلي عن ربي عز وجل أن أهجر دار قومي، وأن أنطلق إلى غار ثور تحت ليلتي وأنه آمرني أن آمرك بالمبيت على ضجاعي - أو قال: مضجعي - لتخفي بمبيتك عليه أثري، فما أنت قائل وصانع ؟ فقال علي (عليه السلام) : أو تسلمن بمبيتي هناك يا نبي الله ؟ قال: نعم، فتبسم علي (عليه السلام) ضاحكا، وأهوى إلى الأرض ساجدا، شكرا لما أنبأه به رسول الله (صلى الله عليه وآله) من سلامته، فكان علي (عليه السلام) أول من سجد لله شكرا، وأول من وضع وجهه على الأرض بعد سجدته من هذه الأمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما رفع رأسه قال له: امض لما أمرت، فداك سمعي وبصري وسويداء قلبي، ومرني بما شئت أكن فيه كمسرتك(*) واقع منه بحيث مرادك، وإن توفيقي إلا بالله، وقال: وأن القي عليك شبه مني، أو قال : شبهي، قال : إن يمنعني نعم، قال : فارقد على فراشي، واشتمل ببردي الحضرمي، ثم إني أخبرك يا علي أن الله تعالى يمتحن أولياءه على قدر إيمانهم ومنازلهم من دينه، فأشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، وقد امتحنك يا بن أم وامتحنني فيك بمثل ما امتحن به خليله إبراهيم (عليه السلام) والذبيح إسماعيل (عليه السلام)، فصبرا صبرا، فإن رحمة الله قريب من المحسنين، ثم ضمه النبي (صلى الله عليه وآله) إلى صدره وبكى إليه وجدا به، وبكى علي (عليه السلام) جشعا لفراق رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يفرش له([8]).

فنام (عليه السلام) على فراش رسول الله والتحف ببردته، وجاء جبرئيل (عليه السلام) إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له: اخرج والقوم يشرفون على الحجرة فيرون فراشه وعلي (عليه السلام) نائم عليه، فيتوهمون أنه رسول الله (صلى الله عليه وآله)([9]). فقال له جبرئيل (عليه السلام): ( يا محمد، خذ ناحية ثور ) وهو جبل على طريق منى له سنام كسنام الثور، فلما انتهى إلى ثور دخل الغار، فلما أصبحت قريش وأضاء الصبح وثبوا في الحجرة وقصدوا الفراش، فوثب علي (عليه السلام) إليهم وقام في وجوههم فقال لهم: (ما لكم؟) . قالوا : أين ابن عمك محمد؟ قال علي (عليه السلام) : ( جعلتموني عليه رقيبا ؟ ألستم قلتم له : اخرج عنا، فقد خرج عنكم، فما تريدون؟ )([10]) . فأقبلوا عليه يضربونه، فمنعهم أبو لهب، وقالوا: أنت كنت تخدعنا منذ الليلة([11]).

وما هذا الموقف إلا تجسيدا لفداء الرسول (صلى الله عليه وآله) وحماية الدين، فالإمام عَلِيٌّ أَوَّلُ مَنْ فدى رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ بات على فراشه مع علم أمير المؤمنين (عليه السلام) أن قريشا أغلظ الناس على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأقساهم قلبا، ولا يخفى على كل عاقل أن الاستسلام للعدو المناصب والمبغض المعاند الذي يريد أن يشفي نفسه ولا يبلغ الغاية في شفائها إلا بنهاية التنكيل وغاية الأذى بضروب الآلام وبذلك ثبت أن الفضيلة التي حصل عليها أمير المؤمنين عليه السلام ترجح على كل فضيلة، وبطل قول من رام المفاضلة بينه وبين أبي بكر من العامة والمعتزلة الناصبة له (عليه السلام). وبعد فإن الحجة إذا قامت على فضل أمير المؤمنين (عليه السلام) على غيره، ولاح على ذلك البرهان وجب علينا القول به وترك الخلاف فيه ولم يوحشنا منه خلاف العامة الجهال، وليس في تفضيل سيد الوصيين وإمام المتقين وأخي رسول رب العالمين سيد المرسلين ونفسه بحكم التنزيل وناصره في الدين وأبي ذريته الأئمة الراشدين الميامين على غيره من المتقدمين من الصحابة أمر يحيله العقل، ولا يمنع منه السنة، ولا يرده القياس ولا يبطله الاجماع، إذا عليه جمهور شيعته، وقد نقلوا ذلك عن الأئمة من ذريته، وإذا لم يكن فيه إلا خلاف الناصبة له أو المستضعفين ممن يتولاه لم يمنع من القول به([12]). فما زال أمير المؤمنين عليه السلام بحر العلم والفضائل يُغتَرف منه النهج القويم لبناء الإنسانية، والتأسيس الرصين لمعنى الحرية.

الهوامش:

([1]) نهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: ([2]) ينظر: المسترشد، محمد بن جرير الطبري ( الشيعي ): 312، و كنز الفوائد، أبي الفتح الكراجكي: 208. ([3]) سورة الشعراء: 89. ([4]) روج الذهب ومعادن الجوهر، المسعودي: 3/ 52. ([5]) تاريخ الطبري: 2/ 98، وينظر: شرح الاخبار، القاضي النعمان المغربي( ت: 363هـ) ، تحقيق: السيد محمد الحسيني الجلالي، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدسة، مطبعة مؤسسة النشر الاسلامي، ط2، 1414ه: 1/ 257، والمنتظم في تاريخ الملوك والأمم، ابن الجوزي( 597هـ)، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، ومصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، ط1، 1412- 1992م: 3/ 46. ([6]) بحار الأنوار، العلامة المجلسي(1111هـ)، مؤسسة الوفاء، بيروت- لبنان، ط2،1403ه- 1983م: 19/ 31. ([7] الأنفال: 30. (* ) مسر : قَالَ اللّيث: الْمَسْرُ: فعل الماسِر، يُقَال: هُوَ يَمْسُرُ النَّاس، أَي: يُغْرِيهم. وَقَالَ غيرُه: مَسَرْتُ بهِ ومَحَلْتُ بِه، أَي: سَعَيْتُ بِهِ. الماسِرُ: السَّاعِي، وهنا لربما أراد الإمام (عليه السلام) اسعى فيما تأمرني به كسعيك لانجازه. تهذيب اللغة، محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبو منصور (المتوفى: 370هـ)، تحقيق: محمد عوض مرعب، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط1، 2001م: 12/ 294. ([8]) ينظر: بحار الأنوار: 19/ 60. ([9]) ينظر: إعلام الورى بأعلام الهدى، الشيخ الطوسي(ت: 548هـ)، مؤسسة آل البيت(ع) لإحياء التراث، مطبعة ستارة- بقم، ط1، 1417هـ:146- 147. ([10]) قصص الأنبياء، قطب الدين الراوندي (ت: 573هـ)، تحقيق: الميرزا غلام رضا عرفانيات اليزدي الخرساني، مؤسسة الهادي للطباعة والنشر، ط1، 1418هـ: 334. ([11]) ينظر: إعلام الورى بأعلام الهدى: 147. ([12]) ينظر: بحار الأنوار: 36/ 49.


من مواضيع صدى المهدي » الإستفتاءات … أسئلة بشأن البيع والشراء
» أنَّ الدين هو وسيلة اخترعها الأقوياء والأثرياء لتخدير الفقراء
» تحت شعار (من نهج الزهراء حجابي وبزينب اقتدائي)
» زيارة حمزة بن عبد المطلب (ره) في أحد
» حمزة بن عبد المطلب .. وفاء وفداء
رد مع اقتباس
قديم 05-02-2023, 07:51 AM   رقم المشاركة : 4
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي


لام

عَلِــيٌّ أَوَّلُ مَــــنْ... (4)



الباحث: عماد طالب موسى

الْحَمْدُ للهِ الَّذِي بَطَنَ خَفِيَّاتِ الاْمُورِ، وَدَلَّتْ عَلَيْهِ أَعْلاَمُ الظُّهُورِ، وَامْتَنَعَ عَلَى عَيْنِ الْبَصِيرِ، فَلاَ عَيْنُ مَنْ لَمْ يَرَهُ تُنْكِرُهُ، وَلاَ قَلْبُ مَنْ أَثْبَتَهُ يُبْصِرُهُ، والصلاة والسلام على نبيه وآله أجمعين.

لا ينضب معين الفضل مادام مصدره عليًّا عليه السلام، كلمة غير ناقصة البرهان، وغنية عن البحث والبيان، فهو الشعاع الذي انبلج من جوف الكعبة نورا هاديا، بعد أن شقَّ جدارها وليدا زكيًّا، عندها امتزجت مراسيم ولادته بطقوس الاعجاز لغاية هي من سرِّ الله قبل أن يصدع نبيه بدينه. كثيرة هي الروايات التي حفظتها بطون أمَّات الكتب التاريخية والسير تتحدث عن معجزة ولادة وليِّ الله أمير المؤمنين علي عليه السلام، وقد ذكرنا سابقا ملمحا من هذه الولادة؛ إذ كرَّمه الله سبحانه بأن يولد في بيته المطهر، وهنا نود ذكر ما فعله هذا الوليد المبارك بعد ولادته في الكعبة مباشرة ليتبين لنا أولِّية من أوائل فضائل ومناقب علي عليه السلام التي انفرد بها عن الأنام. إذ تشير الروايات إلى أنَّ الإمام عليًّا عليه السلام أَوَّلُ مَــــنْ سجد على الأرض لله سبحانه لحظة ولادته ونطق بالشهادتين، وأخبر بأنه وصي نبيه وأمير المؤمنين، ثم قرأ بعض الآيات القرآنية، فكان عليٌّ عليه السلام أولَّ من رتّل القرآن، وذلك عندما قربت ولادته أتت فاطمة إلى بيت الله وقالت: ربِّ إنِّي مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب مصدقة بكلام جدي إبراهيم فبحق الذي بنى هذا البيت، وبحق المولود الذي في بطني لما يسرت عليَّ ولادتي، فانفتح البيت ودخلت فيه فإذا هي بحوراء ومريم وآسية وأم موسى وغيرهن فصنعن مثل ما صنعن برسول الله وقت ولادته، فلما ولد سجد على الأرض، وهو يقول : اشهد ان لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله واشهد ان عليا وصي محمد رسول الله بمحمد يختم الله النبوة وبي تتم الوصية وانا أمير المؤمنين، فسلم على النساء وسأل عن أحوالهن وأشرقت السماء بضيائه ، فخرج أبو طالب يقول أبشروا فقد ظهر ولي الله يختم به الوصيين وهو وصي نبي رب العالمين ، ثم أخذ عليًا فسلم علي عليه فسأله عن النسوة فذكر له([1]).


قال أبو طالب: ثم أخذه محمد بن عبد الله ابن أخي ووضع يده في يده وتكلم معه ، وسأله عن كل شيء ، فخاطب محمد صلى الله عليه وآله عليا بأسرار كانت بينهما([2]).

ومن أغرب ما يقال هنا: ما أشكل به بعض الناس على الروايات التي تذكر سجود علي عليه السلام في جوف الكعبة حين ولادته. بحجة أنَّ الأصنام كانت في جوف الكعبة، فيكون سجود علي عليه السلام لها. وقد رُدَّ هذا القول – على سذاجته- بلحاظ أمور نذكر منها: أولاً: إن الله عز وجل لم يطلع هذا القائل الغريب الأطوار على غيبه هذا، ولا أخبره به نبي، ولا وصي. . وإذا كان السجود من هذا الطفل لا يكون إلا بتدخل إلهي ، يهدف إلى إظهار الكرامة له عليه السلام، فالله لا يصنع الكرامة لعلي ، لكي يعظم الأصنام! بل ليكون تعظيمه له تبارك وتعالى دون سواه . ثانياً: يضاف إلى ذلك: أن النية هي التي تعين من يكون السجود له، ولم يطلع الله أحد على تفصيل نية علي عليه السلام في سجوده آنئذ . . ثالثاً: إن النص التاريخي يقول: إنه سجد لله، وشهد بالوحدانية ، وبالرسالة([3]) .

وفي نص آخر : سجد على الأرض ، وهو يقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، وأشهد أن علياً وصي محمد رسول الله ، وبمحمد ختم الله النبوة ، وبي تتم الوصية ، وأنا أمير المؤمنين([4]) ، وفي نص آخر: أنه عليه السلام لما ولد سجد لله على الأرض ، وحمده([5])،

فلا معنى للاجتهاد في مقابل النص ، بادِّعاء : أنه عليه السلام قد سجد للأصنام ! ! رابعاً: إن قول هذا القائل حجة عليه، فهل يستجيز لنفسه أن يغير دينه، ويعبد الأصنام، والعياذ بالله، استناداً إلى وهمه هذا بأن المعجزة قد ظهرت له فيها؟ ! . . وهل يمكن أن يظهر الله أمراً يوجب التغرير بعباده، ويوقعهم في الشبهة والباطل؟! تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، وإن كل من يسمع منه هذا القول لا بد أن يعلن تكذيبه له، وسخريته به، ويعتقد أن الله لا يصنع للأصنام أي شيء يدل على علو شأنها، وبذلك يحقق توحيد الله، وتنزيهه تبارك وتعالى.. وأخيراً: فإنني لا أدري ماذا يقول هذا الرجل عن أهل نحلته، الذين ما زالوا يقولون عن علي عليه السلام إذا ذكروه: كرم الله وجهه، وحجتهم في ذلك أنه عليه السلام لم يسجد لصنم قط([6]). فسلام عليك يا أمير المؤمنين يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيَّا.

الهوامش

: ([1]) ينظر: مناقب آل أبي طالب، ابن شهرآشوب: 2/ 22. ([2]) ينظر: بحار الأنوار: 35/ 15. ([3]) ينظر: مستدرك سفينة البحار: 6/ 282، والصحيح من سيرة الإمام علي ع: 82. ([4]) ينظر: روضة الواعظين: 79، مناقب آل أبي طالب : 2/ 173، بحار الأنوار: 35/ 11و14و104، والدر النظيم: 232، والفضائل، ابن شاذان: 136. ([5]) ينظر: مناقب آل أبي طالب:3/ 38، وبحار الأنوار: 39/ 48. ([6]) ينظر: الصحيح من سيرة الإمام علي عليه السلام: 82.


من مواضيع صدى المهدي » الإستفتاءات … أسئلة بشأن البيع والشراء
» أنَّ الدين هو وسيلة اخترعها الأقوياء والأثرياء لتخدير الفقراء
» تحت شعار (من نهج الزهراء حجابي وبزينب اقتدائي)
» زيارة حمزة بن عبد المطلب (ره) في أحد
» حمزة بن عبد المطلب .. وفاء وفداء
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أَوَّلُ, مَــنْ, السلام, عليه, عَلـِــيٌّ

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
بيان عظمة الإمام علي عليه السلام وكشف النواصب في حديث سد الأبواب إلا باب علي عليه السلام أسد الله الغالب منتدى الوصي المرتضى (سلام الله عليه) 8 19-09-2020 08:48 AM
تجلّيات سنن الأنبياء عليهم السلام في خاتم الأوصياء عليه السلام خليفة الله آدم والإمام المهدي عليه ال العلوية ام موسى الاعرجي منتدى أهل البيت (عليهم السلام) 0 26-12-2014 05:59 PM
هل سلط الله تعالى على قتلة الإمام الحسين عليه السلام سنين كسني يوسف عليه السلام؟ دمعة الكرار منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه) 10 09-06-2012 04:42 PM
بشارة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام لزوار الحسين عليه السلام علويه حسينيه منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه) 4 18-02-2010 01:57 PM
تمهيد النبي(صلى الله عليه وآله) والائمة(عليهم السلام) لغيبة الإمام المهدي(عليه السلام احمد العراقي منتدى الامام الحجه (عجّل الله فرجه الشريف) 0 29-03-2009 07:46 PM



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات احباب الحسين